فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 05:40 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
08-17-2006, 06:25 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة

    بسم الله الرحمن الرحيم


    موجز حياته
    عاش سعيد بن المسيب في عنق الزجاجه في الفترة الانتقالية بين الخلافة الرشيدة والملك الاموي العضوض، حيث ولد في المدينة قبيل وفاة عمر بن الخطاب بعامين ومات سنة 94هـ، في خلافة الوليد بن عبد الملك بعد استقرار الحكم الاستبدادي في ذرية عبد الملك بن مروان.
    أي ان سعيد بن المسيب ادرك من حيث الفترة الزمنية اخطر احداث التاريخ الاسلامي التي لا تزال تؤرق الضمير المسلم حتي الان، شهد اغتيال عمر بن الخطاب،وشهد الاختلاف علي عثمان، وشهد مصرعه، وعاش الفتنة الكبرى من مواقع الجمل وصفين و النهروان، وشهد انتقال الخلافة الي معاوية، وتحولها الي ملك وراثي يستبد بها يزيد بن معاوية، وشهد في عصر يزيد مقتل الحسين وآله في كربلاء، ثم في العام التالي شهد موقعة الحرة وثورة المدينة، وهزيمتها واقتحامها واستباحتها وقتل اهلها وانتهاك حرمتها، وشهد حصار الامويين للكعبة وضربها بالمجانيق، واعلان ابن الزبير خلافته، والصراع بين ابن الزبير والامويين، ومقتل ابن الزبير، وانفراد عبد الملك بن مروان بالحكم، ثم غدر عبد الملك بأبناء عمه الامويين بعد اتفاقية الجابية، واسناده ولاية العهد لابنيه الوليد ثم سليمان، ومات سعيد في خلافة الوليد بن عبد الملك.
    عاش سعيد كل هذه الاحداث الجسام وهو في المدينة، لم يبرحها الا الي مكة للحج، او بمعني اخر شهد سعيد بن المسيب عظمة المدينة المنورة كعاصمة للمسلمين، ثم شهد انتقال الاضواء عنها الي الكوفة ثم الي دمشق.. أي انه شهد المدينة وهي تداوي جراحها السياسية بعد ان عجزت عن استعادة دورها السياسي بعد هزيمتها في موقعة الحرة، وتحولها الي مدرسة علمية تحاول ان تنافس العراق في الفقه والتاريخ والتفسير والحديث.
    ان سعيد بن المسيب الذي ولد سنة 31هـ قد فتح عينيه علي كل تلك المصائب من قتل عمر وعثمان وعلي والفتنة الكبري، ثم كان رجلا مكتمل الرجولة وهو يشهد قتل اهل المدينة واستباحة نسائها على يد الجيش الأموى فى موقعة الحرة سنة 62 هـ، ثم عاش في ظل القمع الاموي الي ان مات سنة 94هـ، وناله من هذه الفتن الكثير من المحن، حيث كان مطلوبا منه ان يبايع للحاكم المستبد فيرفض، فيتعرض للضرب والاهانة، مع مكانته الاجتماعية والدينية.
    وبعد هذه الصورة العامة لعصر سعيد بن المسيب، نتوقف مع تحليل لشخصيته مبني علي ما جاء في سيرته في الطبقات الكبري لابن سعد، اقدم مصدر تاريخي لدينا فى السير والتراجم.

    محنة سعيد بن المسيب:
    لقد كان سعيد بن المسيب من بني مخزوم اشراف قريش وكانوا من المتحالفين مع الأمويين ضد الاسلام، ولكن كان جده من أصحاب النبى محمد. وقد اصبح سعيد في شبابه افقه اهل المدينة وصار في شيخوخته رمزا للمدينة، وكبيرا للتابعين في عصره والتابعون هم الجيل التالى للصحابة والذى عايش الصحابة. وبسبب مكانته العائلية والفقهية والمعنوية، فقد كان هدفا مناسبا للمتصارعين علي الحكم، اذ لابد من ارغامه علي البيعة حتي يبايع الاخرون، فاذا رفض عوقب حتي يكون عبرة للاخرين.وكالعادة يقوم والي المدينة بعقابه، ثم يكتفي الخليفة بعتاب رقيق للوالي علي ما فعله بسعيد مع استمرار وقوع الظلم علي سعيد.
    بدأت هذه اللعبة، حين اعلن عبد الله بن الزبير نفسه خليفة في مكة، وعين جابر بن الاسود الزهري واليا علي المدينة، ودعا الوالي اهل المدينة لبيعة ابن الزبير، فرفض سعيد بن المسيب قائلا (حتي يجتمع الناس) أي حتي يكون هناك اجماع واتفاق بين اهل الشام والعراق ومصر والحجاز، او بمعني اصح رفض سعيد ان ينحاز الي الحزب الزبيري في صراعه مع الحزب الاموي. ولخطورة هذا الموقف علي اهل المدينة واهل الحجاز فقد ضرب الوالي سعيد ستين سوطا.. وبلغ ذلك عبد الله بن الزبير، فكتب الي جابر يلومه ويقول (مالنا ولسعيد دعه) وبذلك استمال ابن الزبير اهل المدينة، وحقق ما اراد، ودفع سعيد الثمن.
    وتغلب الامويون على ابن الزبير وقتلوه، وتمهد الامر لعبد الملك بن مروان،وقد كان عبد الملك من قبل رفيقا لسعيد بن المسيب فى طلب العلم، وبعد توليه السلطة وسفكه الدماء جاء عبد الملك وخطب في اهل المدينة عام 75 قائلا: (.. والله لا يأمرني احد بتقوي الله بعد هذا الا ضربت عنقه) وكانت هذه اللغة موجهة لسعيد واصحابه الذين كان مفترضا منهم ان يأمروا الحاكم بتقوى الله،حسبما كان متبعا في المدينة في عصر الراشدين.
    وبعدها ـ وبناء على طلب الخليفة عبد الملك ـ طلب الوالي هشام بن اسماعيل المخرومي ابن عم سعيد مبايعة اهل المدينة لابني عبد الملك، الوليد ثم سليمان، فبايع الناس، وابي سعيد بن المسيب كالعادة،فضرب الوالى هشام بن اسماعيل المخزومي ابن عمه سعيد بن المسيب ستين سوطا، وامر فطيف به في المدينة في هيئة مزرية، وسجنه، وكتب بما فعل للخليفة، فقال عبد الملك له (سعيد كان والله احوج الي ان تصل رحمه من ان تضربه، وانا لنعلم ما عند سعيد من شقاق ولا خلاف) ومع ذلك ظل في السجن، ثم افرجوا عنه و منعوا ان يجالسه احد في المسجد، وحين قيل لهم ان سعيد بن المسيب ينوي ان يدعوا عليهم في الحج منعوه من الذهاب للحج.

    الهجران والاعتزال:
    ومن ناحيته كانت لسعيد سياسته الخاصة، وتتمثل في الاستقلالية عن الامويين والابتعاد عنهم وعن الفتن والمشاكل ما امكنه، ومن اجل ذلك كان يتاجر في الحرير ويذهب للسوق، وحين دخل السجن صنعت له ابنته طعاما كثيرا فأرسل لها يقول: (لا تعودي لمثل هذا حتي لا يذهب مالي واحتاج الي اموالهم، وهذا ما يريدون، ولكن ابعثي لي ما كنت اكله في بيتي) وكان سعيد يصوم كل يوم، أي كفي مؤونة نفسه تقريبا في الطعام، وفي نفس الوقت رفض ان يأخذه راتبه من الامويين، ويقول (لا حاجة لي فيه حتي يحكم الله بيني وبين بني مروان).
    وفي اجتنابه للسلطة الاموية (كان لا يخاصم احدا من الناس، ولو اراد انسان ان يأخذ رداءه رمي به اليه) وسئل في السكران، هل يذهبون به الي السلطان ليعاقبه ؟ فقالان استطعت ان تستره بثوبك فافعل)، وبسبب تطرف الامويين في القمع والقتل كان يكثر من قوله (اللهم سلم سلم).
    ومع ذلك لم يكن جبانا، بل واجه طغاة الأمويين بشجاعة وكرامة، فقد رفض ان يأتي لمقابلة الخليفة عبد الملك حين زار الخليفة مسجد المدينة، اذ ارسل الخليفة حاجبه الي سعيد يستدعيه وامر الحاجب ان يترفق بسعيد، فرفض سعيد ان يقوم من مكانه، فازداد عجب الحاجب وتمني لو لم يأمره الخليفة بالترفق به، اذ كان سيأتي للخليفة برأس سعيد. وتكرر نفس الموقف حين جاء عبد الملك الي المدينة واراد ان يتسامر مع سعيد ويستعيد معه ذكرياتهما المشتركة حيث كان عبد الملك من قبل من فقهاء المدينة ومن زملاء سعيد واصدقائه، فرفض سعيد ان يذهب اليه، فتحمل عبد الملك ذلك ولم يؤذه، أي ان اعتزال سعيد ارتبط بشجاعة وثبات.
    ثم مات عبد الملك وتولي ابنه الوليد الخلافة، وبالطبع لم يبايعه سعيد ولم يعترف به حاكما.
    وزار الخليفة الشاب مسجد المدينة فوجد الناس يجتمعون حول سعيد يتعلمون منه، فأرسل اليه يستدعيه، فرفض المثول امامه، فغضب وامر الحاجب أن يذهب اليه ويقتله ويأتى له برأسه، فقال الناس للخليفة (انه شيخ المدينة وشيخ قريش وصديق ابيك) وما زالوا به حتي سكت عنه..
    وقبل ذلك في موقعة الحرة فى خلافة يزيد بن معاوية بين اهل المدينة وجنود الشام الامويين كان القتال يدور في طرقات المدينة، وسعيد قد اعتزل الناس، يظل نهاره وليله في المسجد لا يبرحه الا (ليلا من الليل) ويقوم يصلي في المسجد العشاء والفجر وحده.. ويدخل عليه جنود الشام فيقولون: انظروا الي هذا الشيخ المجنون ؟.
    وبسبب لزومه المسجد رفض اقتراحا (بالتبدي) أي العيش في بادية الصحراء مفارقا الحضر بعيدا عن السلطة الاموية وقهرها، اذ قيل له (" لو تبديت ؟ فقال: فكيف بشهود العتمة) أي صلاة العشاء وصلاة الفجر في المسجد.. وهكذا ظل يلازم المسجد وصوم الدهر وهجر الظالمين الي ان توفي سنة 94هـ.

    التحريف في سيرته وفقهه:
    وازداد الظلم الاموي فيما عدا ثلاث سنوات في خلافة عمر بن عبد العزيز.. الي ان سقطت الدولة الاموية سنة 132 هـ، وجاءت الدولة العباسية بظلم افظع، وشهدت المدينة محنة اخري حين ثار فيها محمد النفس الزكية في خلافة ابي جعفر المنصور. وتركت تلك الملامح السياسية بصماتها علي الحياة العلمية في المدينة وعلى تلامذة سعيد بن المسيب في الاجيال اللاحقة. وبدأ التدوين في العصر العباسي وقد تأثر بما اشاعه الجيل الاول من تلامذة سعيد بن المسيب، وتلون بذلك الفقه المكتوب في كتاب الامام مالك (الموطأ) المروي عن سعيد بن المسيب، كما تحولت سيرة سعيد في بعض هوامشها الي ما يشبه المعجزات التي لم يعرفها عصر سعيد..
    ونوجز توضيح هذه الملامح في العناصر الاتية:
    ان القهر السياسي للامويين في القرن الثاني الهجري نال الفقهاء والمثقفين المعارضين، بينما عمل الامويون ثم العباسيون علي تحويل المدينة الي سوق رائجة للجواري والمتع الحسية من الغناء والمجون – وكتاب (الاغاني) للاصفهاني اصدق تعبير عن هذه الحالة – وكان الغرض من ذلك اغراق شباب المدينة باللهو حتي ينصرفوا عن المعارضة السياسية، وبالتالي عرفت المدينة وقتها حياة المجون والعربدة جنبا الي جنب مع حياة الزهد و التشدد الفقهي، وبينما يتمتع الشعراء و اهل المجون برضى السلطان فان القمع كان من نصيب الفقهاء.
    وكان من الطبيعي ان يصل التشدد الفقهي في رد فعله الي الافتاء برجم الزاني المحصن والزانية المحصنة حتى الموت، والمحصن يعنى الذى تزوج أو سبق له الزواج.والقتل رجما هو من العقوبات التى اخترعها فقهاء الدين الأرضى السنى والشيعى. وسبق الامام مالك بتقرير هذه العقوبة الوحشية فى كتابه (الموطأ) ونسب القول بها الى حديث زعم أن عمر بن الخطاب قد قاله، وجعل الراى عن عمر هو سعيد بن المسيب الذي شهدنا شخصيته المسالمة وطرفا من آرائه المتسامحة ومنها رفضه لعقوبة السكران والترفق به (ان استطعت ان تستره بثوبك فلتفعل). هذا مع أن الفقه السنى جعل عقوبة لشرب الخمر تقل عن أربعين جلدة، وبعضهم غالى فيها فيما بعد.
    المؤسف أن المدارس الفقهية الأخرى السنية والشيعية أخذت عن مالك هذا الافتراء فأصبح الرجم من أهم العقوبات فى شرائعهم خلافا لما جاء فى القرآن، وقد أثبتنا فى بحث خاص تعارض هذه العقوبة مع القرآن الكريم.
    2- وانتهز هؤلاء الفقهاء اللاحقون الفرصة في ان عصر سعيد بن المسيب لم يعرف التدوين، وحين عرفوا التدوين كتبوا ما شاءوا ونسبوه لسعيد، يقول يحيى بن سعيد، وهو تلميذ متأخر لسعيد بن المسيب (ادركت الناس يهابون الكتب، ولو كنا نكتب يومئذ لكتبنا من علم سعيد ورأيه شيئا كثيرا).
    وتلك الروايات الفقهية عن الرجم التي اسندوها لسعيد بن المسيب قالوا عنه انه رواها عن عمر بن الخطاب، أي انه عاش شابا فى عصر عمر بن الخطاب وتعلم منه، مع ان سعيد قد ولد قبيل مقتل عمر بعامين فقط، فكيف يروى طفل رضيع عن عمر؟ ومحمد بن سعد صاحب الطبقات الكبرى يؤكد علي هذه الحقيقة حين يقول (روي انه سمع من عمر، ولم ار اهل العلم يصححون ذلك، وان كانوا قد رددوه) وهو يشير الي مالك في الموطأ، والمعني ان اهل العلم يرفضون ان يكون سعيد بن المسيب وهو يحبو في طفولته المبكرة قد روي عن عمر، ومع ذلك يروون تلك الروايات،أي كان هناك دافع في نسبة تلك الروايات الي عمر عبر سعيد بن المسيب.
    والملاحظ ان محمد بن سعد قد كتب سيرة سعيد بن المسيب في طبقاته الكبرى في 18 صفحة من القطع الكبير (5 / 88: 106) وذكر فتاويه، ولكن تجاهل منها ما يخص موضوع الرجم،أي انه لا يرى صحة حديث الرجم الذي نسبوا لسعيد بن المسيب روايته عن عمر..
    3- وقد ولد الامام مالك سنة 93، أي قبيل سنة من وفاة سعيد بن المسيب، ثم اصبح مالك في المدينة يحتل مكانه سعيد بن المسيب فيها، ويلقي نفس العنت من العباسيين حين رفض مثله البيعة لابي جعفر المنصور، وفي هذا المناخ الملئ بالسخط علي الانحلال الذي تشجعه السياسة تناثرت الروايات الفقهية، ورواها مالك شفهيا دون أن يكتبها بنفسه فى كتابه (الموطأ)، ثم كتبها علي لسانه الرواة اللاحقون فيما بعد، وهم الذين كتبوا (/وطأ مالك) بأيديهم بعد موت مالك، واشهرهم محمد بن الحسن الشيباني المتوفي سنة 198 في خلافة الرشيد،أي ان مالك لم يكتب الموطأ بنفسه ولم يكتبوا الموطأ في حياة مالك وانما بعد وفاته. نريد أن نقول أنهم كذبوا بالتأكيد على سعيد بن المسيب، ونسبول له رواية تشرع عقوبة القتل رجما فى الزنا بالاحصان، وهذا ما لم يروه سعيد ولم يقله. وربما يكون مالك بريئا هو الآخر، وربما لا يكون.
    4 ـ هم أيضا زيفوا بعض سيرة سعيد الشخصية، وبينما إنتبه المؤرخ محمد بن سعد لكذبهم فى القول بأن سعيد روى عن عمر بن الخطاب، فإن إبن سعد غفل عن أكاذيب أخرى فرواها مصدقا لها.
    ففي سيرته جعلوا سعيد بن المسيب شخصا أسطوريا مستجاب الدعوة وينبىء بالغيب.
    فهناك رواية تزعم ان احدهم سب طلحة والزبير وعليا فنهاه سعيد بن المسيب فلم يرتدع فدعا عليه بان يسود الله وجهه فخرجت في وجهه قرحة سوداء فأسود وجهه. ولو كان سعيد مستجاب الدعوة فلماذا عجز عن حماية نفسه من الضرب ولماذا صبر علي كل هذا الظلم والقهر من الامويين. وهناك روايات اخري تزعم انه تنبأ بما سيحدث لابن الزبير وواليه حين كانوا يضربونه.. ورؤى اخري تزعم انه تنبأ باستقرارا ملك عبد الملك في ذريته اثناء صراع عبد الملك مع عبد الله بن الزبير. وانتهز الرواة المزورون الفرصة فاسندوا لسعيد القدرة علي تفسير الاحلام …
    ثم التفتوا الي ناحية اخري تأثروا فيها باعتكاف سعيد في مسجد المدينة، فاسندوا له رواية تقول انه كان في ليالي موقعة الحرة يصلي وحيدا في المسجد فيسمع الاذان آتيا من قبر النبى محمد فى المسجد.يقول ابن سعدلبث سعيد بن المسيب أيام الحرة فى المسجد لم يبايع ولم يبرح ... وكان الناس يقتتلون وينهبون وهو فى المسجد لا يبرح الا ليلا من الليل، قال: فكنت اذا جاءت الصلاة أسمع آذانا يخرج من قبل القبر) (الطبقات الكبري لابن سعد 5/ 9
    ويروى ابن سعد (قال سعيد بن المسيب:لقد رأيتنى ليالى الحرة وما فى المسجد احد من خلق الله غيري، وان اهل الشام – اى جنود الأموين- ليدخلوا زمرا زمرا – اى جماعات جماعات – يقولون: انظروا الى هذا الشيخ المجنون. وما يأت وقت صلاة الا سمعت آذانا فى القبر، ثم تقدمت فأقمت فصليت، وما فى المسجد أحد غيري) (الطبقات الكبري 5 / 97: 9.
    قد يقال إن سعيد ابن المسيب فى حالته النفسية تلك كان يتخيل آذانا يأت له من موضع قبر النبي محمد فى المسجد، والمعنى ان القبر المنسوب للنبي كان موجودا فى مسجد المدينة وقتها، وأنه كان معروفا وقت معركة الحرة. وهذا خطأ فاحش ودليل على ان تلك الرواية قد صيغت فى العصر العباسي و اسندت الى سعيد ابن المسيب الذى مات دون علم بها.
    دليلنا ان موقعة الحرة كانت يوم الأربعاء الثاني من ذى الحجة سنة 63 من الهجرة فى خلافة يزيد بن معاوية، وفى هذا الوقت كان مسجد المدينة على حاله منذ أن قام عمر بن الخطاب بتجديده، وكانت بيوت نساء النبى بعد موتهن خالية وقريبة من المسجد ولكن ليست داخلة فيه، وكان من بينها حجرة السيدة عائشة التى كان مدفونا فيها جثمان النبى محمد. أى أنه فى وقت معركة الحرة واقتحام المدينة واعتكاف سعيد بن المسيب فى المسجد لم يكن هناك قبر لأحد فى المسجد وقتها، بل لم يكن هناك وقتها إهتمام بحجرة عائشة أو ما فيها من قبور مغطاة للنبى محمد وصاحبيه أبى بكر وعمر.
    بعدها بربع قرن أمر الخليفة الوليد بن عبد الملك فى شهر ربيع الأول عام 88 بهدم مسجد المدينة لتوسيعه وجعله تحفة معمارية فى عصره. إستلزم التوسيع هدم بيوت ازواج النبي القريبة من المسجد القديم وادخالها فى بناء المسجد الجديد (المنتظم 6، 283: 285) وكان جثمان النبى محمد مدفونا فى حجرة زوجته عائشة، وكانت قد توفت قبل ذلك بأكثر من ثلاثين عاما. وبالتالى فلم تكن حجرة عائشة ومكان دفن النبى محمد داخل مسجد المدينة القديم سنة 63 حين وقعت معركة الحرة. وبالتالى ـ أيضا ـ فتلك روايات كاذبة، وقد صيغت أساسا لتعكس تقديسا لقبر النبي استشرى فى العصر العباسي وعكسه ابن سعد المتوفى سنة 222 فى هذه الرواية. ‏



    سعيد بن المسيب: الفقيه الناقم ////د أحمد صبحي منصور
                  

08-17-2006, 07:29 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    الي الاعلي ولنفتح نوافذ علي التاريخ القديم والحديث
                  

08-18-2006, 09:19 AM

sharnobi
<asharnobi
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 4414

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    شكرا صبرى

    عندى مشروع للكنابة عن المبررات الدينية لاستباحة المال العام مشروع
    مقارنة بين بيت المال الاسلامى فى صدر الاسلام وممارسات الحكومات
    الاسلاموية فى هذا الزمن... مع شح المصادر يورقنى الاستمرار ولكن قطعا
    ساجد مخارج
                  

08-18-2006, 11:05 AM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    شرنوبي لك الشكر وواصل لان صراع المال في صدر الاسلام تحمله ابوذر

    الغفاري وتجد فهمين مختلفين هل المال مال المسلمين وهم احق به

    ام المال مال الله وخليفة المسلمين هو الذي بيده توزيعه

    اكيد ما بدر من سلف لنا حق ان نعلم ونعرف بدلا من الغطغطة طويلة

    المدي وانا في انتظار مشاركتك
                  

08-18-2006, 05:27 PM

hanadi yousif
<ahanadi yousif
تاريخ التسجيل: 06-03-2005
مجموع المشاركات: 2743

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    صبري
    تحيات وسلامات
    نسجل حضور ومتابعة
                  

08-18-2006, 06:07 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    ان القهر السياسي للامويين في القرن الثاني الهجري نال الفقهاء والمثقفين المعارضين، بينما عمل الامويون ثم العباسيون علي تحويل المدينة الي سوق رائجة للجواري والمتع الحسية من الغناء والمجون – وكتاب (الاغاني) للاصفهاني اصدق تعبير عن هذه الحالة
                  

08-19-2006, 05:39 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    *******
                  

08-25-2006, 10:02 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    تلك الدولة التي لا يجوز أن نتحدث عنها دون أن نتوقف أمام ثلاثة خلفاء هم اليزيدان ( يزيد بن معاوية ويزيد بن عبد الملك ) والوليد بن يزيد .

    أما يزيد بن معاوية ، فقتله للحسين معروف ، وقد أفاض فيه الرواة بما لا حاجة فيه لمزيد، غير أن هناك حادثة يعبرها الرواة في عجالة ، بينما نراها أكثر خطراً من قتل الحسين ، لأنها تمس العقيدة في الصميم ، وتضع نقاطاً على الحروف إن لم تكن النقاط قد وضعت على الحروف بعد ، وتستحق أن يذكرها الرواة ، وإن يتدارسها القارئ في أناة ، وأن يتذكر أنها حدثت بعد نصف قرن من وفاة الرسول ، فقط .. نصف قرن ..

    لقد هاجم جيش يزيد المدينة ، حين خلع أهلها بيعته وقاتل أهلها قليلاً ثم انهزموا فيما سمى بموقعة ( الحرة ) فأصدر قائد الجيش أوامره باستباحة المدينة ثلاثة أيام قيل أنه قتل فيها أربعة آلاف وخمسمائة ، وأنه قد فضت فيها بكارة ألف بكر ، وقد كان ذلك كله بأمر يزيد إلى قائد جيشه ( مسلم بن عقبة ) :

    ادع القوم ثلاثا فأن أجابوك وإلا فقاتلهم ، فإذا ظهرت عليها فأبحها ثلاثاً ، فكل ما فيها من مال أو دابة أو سلاح أو طعام فهو للجند ، فإذا مضت الثلاث فاكفف عن الناس )

    ولم يكتف مسلم باستباحة المدينة بل طلب من أهلها أن يبايعوا يزيد على أنهم ( عبيد ) له ، يفعل فيهم وفي أموالهم وفي أولادهم ما يشاء ، وهنا يبدأ مسلسل المفاجآت في الإثارة ، فالبعض ما زال في ذهنه ( وهم ) أنه في دولة الإسلام ، وأنه قادر على إلزام مسلم ويزيد بالحجة ، بما لا سبيل إلى مقاومته أو حتى مناقشته ، وهو لا يقبل شروط مسلم ، ويرد عليه كأنه يلقمه حجراً : ( أبايع على كتاب الله وسنة رسوله ) .
                  

08-25-2006, 10:05 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    وننتقل إلى يزيد بن عبد الملك ، التاسع في الترتيب بين خلفاء بني أمية ، وأحد أربعة تولوا الخلافة من أبناء عبد الملك بن مروان هم على الترتيب ، الوليد وسليمان ويزيد وهشام ، ونحن نخص منهم يزيد بالحديث ، لأنه أتى في أعقاب عمر بن عبد العزيز ، الذي قيل عنه أنه ملأ الدنيا عدلاً طوال عامين ، فإذا بيزيد يأتي بعده لكي يملأها مغاني وشراباً ومجوناً وخلاعة ، طوال أربعة أعوام ، ويذكر السيوطي ( تاريخ الخلفاء ص 246. ) :

    أنه ما أن ولي ( حتى أتى بأربعين شيخاً فشهدوا له ما على الخليفة حساب ولا عذاب ) .

    وهنا يدرك القارئ أن العلة لم تقتصر على الخلفاء ، وإنما امتدت أيضاً إلى العلماء والفقهاء ، وأنه ما دام هؤلاء يفتون أنه لا حساب على يزيد ولا عذاب ولا عقاب ، فليفعل يزيد ما يشاء ، وليتفوق على خلفاء الدولة الإسلامية كلها في بابين لا يطاوله فيهما أحد وهما العشق والغناء ، فقد بدأ خلافته بعشق ( سلامة ) وانتهت خلافته ، بل وحياته بسبب عشقه لجارية أخرى اسمها ( حبابة ) .

    وقبل أن نتحدث عن بعض من ذلك ، نذكر له أيضاً رغبة تفرد بها بين الخلفاء ، وذكرت له ، ونقلت عنه ، وهي رغبته في أن ( يطير ) ..

    وقصة ذلك أنه كان يوماً في مجلسه ، فغنته حبابة ثم غنته سلامه ( فطرب طرباً شديداً ثم قال : أريد أن أطير ، فقالت له حبابة : يا مولاي ، فعلى من تدع الأمة وتدعنا ) ..

    طبعاً ، ماذا يفعل المسلمون لو طار الخليفة ، من يملأ أنحاء الدولة الإسلامية طرباً وغناء ، وعشقاً واشتهاء ، ويذكر المسعودي ( أن أبا حمزه الخارجي قال : اقعد يزيد حبابة عن يمينه وسلامه عن يساره ، وقال أريد أن أطير ، فطار إلى لعنة الله وأليم عذابه .

    ويروي ابن كثير قصة وفاة يزيد على النحو التالي ( البداية والنهاية لابن كثير – مجلد 5 جزء 9 ص 242 ويذكر المسعودي نفس الرواية في مروج الذهب ج 3 ص 207) :

    ( وقد كان يزيد هذا يحب حظية من حظاياه يقال لها حبّابة – بتشديد الباء الأولى وكانت جميلة جداً ، وكان قد اشتراها في زمن أخيه بأربعة آلاف دينار ، من عثمان بن سهل بن حنيف ، فقال له أخوه سليمان : لقد هممت أن أحجر على يديك ، فباعها ، فلما بقى أفضت إليه الخلافة قالت امرأته سعدة يوماً : يا أمير المؤمنين ، هل بقى في نفسك من أمر الدنيا شيء ؟ قال نعم ، حبابة ، فبعثت امرأته فاشترتها له ولبستها وصنعتها وأجلستها من وراء الستارة ، وقالت له أيضاً : يا أمير المؤمنين ، هل بقى في نفسك من أمر الدنيا شيء ؟ ، قال : أو ما أخبرتك ؟ فقالت هذه حبابة – وأبرزتها وأخلته بها وتركته وإياها – فحظيت الجارية عنده وكذلك زوجته أيضاً ، فقال يوماً أشتهي أن أخلو بحبابة في قصر مدة من الدهر ، لا يكون عندنا أحد ، ففعل ذلك ، وجمع إليه في قصره ذلك حبابة ، وليس عنده فيه أحد ، وقد فرش له بأنواع الفرش والبسط الهائلة ، والنعمة الكثيرة السابغة ، فبينما هو معها في ذلك القصر ، على أسر حال وأنعم بال ، وبين أيديهما عنب يأكلان منه ، إذ رماها بحبة عنب وهي تضحك ، فشرقت بها وماتت ، فمكث أياماً يقبلها ويرشفها وهي ميتة حتى أنتنت وجيفت فأمر بدفنها ، فلما دفنها أقام أياماً عندها على قبرها هائماً ثم رجع فما خرج من منزله حتى خرج بنعشه )

    والقصة كما يذكرها ابن كثير ، نموذج فريد لصحيح العشق ، وأصيل الغرام ، ولا بأس أن تذوب لها قلوب الصبية ، وتنفطر لها قلوب الصبايا ، وتسيل من أجلها قلوب المحبين ، لكنها – في تقديرنا – شاذة أشد ما يكون الشذوذ ، بعيدة أكثر ما يكون البعد ، عندما يتعلق الأمر بأمير المؤمنين ، وإمام المسلمين ، وخادم الحرمين ، وحامي حمى الإيمان ، والملتزم بأحكام القرآن ، وبسنة نبي الرحمن .

    ولعلنا نتساءل ومعنا كل الحق ، ما بال المطالبين بعودة الخلافة يستنكرون الحانات ، ويفسقون المغنيات ويكفرون الراقصات ، بينما هذا من ذاك بل هذا بعض ذاك ، ولقد عاصر يزيد أئمة كباراً ، وفقهاء عظاماً من أمثال الحسن البصري وعمرو بن عبيد وواصل بن عطاء وغيرهم ، وكانوا أقرب ما يكونون إلى التقية ، وكانوا يوصلون بالعطايا ويتحفون بالهدايا ، ويؤدون أحياناً دوراً مرسوماً بدقة ، محدداً بحنكة ، يظهر فيه الخليفة مسبل العينين ، يسألهم فيجيبون ، ويطلب منهم الموعظة فيعظون ، وربما خوفوه من النار ، وعذاب الجبار، ووحدة القبر ، وموقف الحشر، وهو منصت خاشع ، تسيل دموعه مدراراً ، بينما هم مدركون لحدود الحديث ، ومدى الموعظة ، لا يتجاوزون إلى التعريض بالخلافة ، أو التهديد بتأليب الرعية ، أو الحكم بالكفر ، ذلك كله خارج السيناريو المرسوم والمعلوم ، والذي ينتهي دائماً بصراخ الخليفة ونحيبه ، حتى يخشى عليه أو يغشى عليه ، أيهما أقرب إلى قدراته ، وأنسب لملكاته ، وما أسرع ما ينتقل الأمر إلى الرعية بسرعة البرق، فيتداولونه في خشوع وإيمان ، وينقله إلينا كتاب الديوان ، فنشربه كما شربته رعية يزيد وغير يزيد ، ونشرب معه المزيد ، مما تسطره أقلام المحترفين ، وتردده على مسامعنا ألسنة المكفرين والجهاديين ، ما علينا ، ففي الجعبة مزيد .

    غير أنا نتوقع أن يعترض علينا معترض ، رافعاً في وجهنا ما يراه حجة ، منكراً علينا ما أنكرناه على يزيد ، مؤكداً لنا أن يزيد لم يرتكب منكراً ، ولم يقترف إثماً ، فالتسري بالجواري والتمتع بما ملكت الأيمان أمر لا ينكره الشرع ، ولا يشترط فيه القران ، ولا ينهى عنه القرآن ، وهو رخصة ترخص بها يزيد ، وترخص بها كبار الصحابة قبل يزيد ، والله يحب أن تؤتي رخصة كما تؤتي عزائمه .

    وقد كان يزيد ككثيرين في عصرنا ، يتعشقون الرخص ، ويسبقون بها العزائم ، وهنا نقول له قف ، وحاذر فأنك تركب صعباً ، فنحن وأن وافقناك على أن التسري بالجواري والتمتع بها ملكت الأيمان ، لا يتناقض مع روح عصر يزيد ، ولا يخالف أحكام القرآن ، إلا أنك يجب أن تدرك أن للإسلام روحاً ، وللدين جوهراً ، وللرخص حدوداً .

    وليس منطقياً أن تكون إباحة التسري سبيلاً إلى التهتك ، أو التمتع بما ملكت الأيمان وسيلة لهجر الإيمان ، أو الحلال سبيلاً إلى التحلل ، وإذا كنا نناشد الرعية غض البصر ، ونتوعدهم بالعذاب إذا زنى النظر، فلا أقل من أن ننهى الخليفة عن التفرغ للخلوة على أسر حال وأهنأ بال ، لاثماً راشفاً متمنياً أن يطير، لا لشيء إلا لأن الله أعطاه جناحين ، من مال وسلطان ، فتوسع فيما ملكت الأيمان .

    ولعل يزيد لم يكن في ذلك فلتة ، فقد روي عن الخليفة المتوكل – العباسي أنه : ( كان منهمكاً في اللذات والشراب ، وكان له أربعة آلاف سرية ، ووطىء الجميع ) ( تاريخ الخلفاء للسيوطي ص 349 – 350 ) .
                  

08-25-2006, 10:07 PM

Sabri Elshareef

تاريخ التسجيل: 12-30-2004
مجموع المشاركات: 21142

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فترة اغتيال عمر وعثمان وعلي والصراع حول السلطة (Re: Sabri Elshareef)

    وقد تثير هذه القدرات الخارقة لعاب منتجي أفلام ( البورنو ) في عصرنا الحديث ، لكنها ممجوجة مكروهة إن كان الحديث عن الحكام، في الإسلام أو حتى في غير الإسلام ، ولعل هذا كاف حتى يلزم المعترض علينا حده ، ويثوب إلى رشده ، ويتركنا ننتقل من حديث يزيد إلى حديث ولده ، الوليد بن يزيد الذي أوصى له يزيد بالخلافة بعد أخيه هشام ، ووفى هشام بعهده لأخيه ، رغم ما كان يسمعه ويأتيه ، من أخبار فسق الوليد ومجونه ، وهي أخبار تأكدت بعد ولايته ، حين فاق الوليد أباه بل فاق ما عداه ، وفعل ما لم يفعله أحد في الأولين والآخرين ، حيث يروي عنه أنه قد اشتهر بالمجون وبالشراب وباللواط وصدق أو لا تصدق ، برشق المصحف بالسهام ، وكان إلى جانب ذلك شاعراً مطبوعاً ، سهل العبارة ، يحسن اختيار الألفاظ ورويه .

    وقد شاء الله أن يروقه هذه الموهبة حتى يخلد لنا آثاره شعراً يتناقله الرواة ، ويتبعونه بالعياذ بالله ، وبلا حول ولا قوة إلا بالله ، وربما بشهادة أن لا إله إلا الله ، ومن حسن حظ الوليد ، وسوء حظ القارئ أن كثيراً من شعره وبعضاً من قصصه ، لا نستطيع روايته لوقاحة ألفاظه ، وشذوذ أفعاله ، لكن لا بأس أن نبدأ حديث الوليد بالمدافعين عنه :

    فقد ( قال الذهبي : لم يصح عن الوليد كفر ولا زندقة ، بل اشتهر بالخمر والتلوط ، فخرجوا عليه لذلك ، وذكر الوليد مرة عند المهتدي فقال رجل : كان زنديقاً ، فقال المهتدي : مه ، خلافة الله عنده أجل من أن يجعلها في زنديق )

    هذا حديث المدافعين عن الوليد ، المنكرين أن يتهم بالكفر، أو أن يوصف بالزندقة ، وهم في دفاعهم يسوقون حججاً هشة ، فمن قائل أنه لم يتجاوز التلوط أو شرب الخمر، وكأن ذلك هين ويسير، ومن قائل أن الله أرحم من أن يجعل خلافته في زنديق ، بينما نرى أن الله قد رحمنا بخلافة الزنادقة ، من أمثال الوليد ، حتى يعطي أمثالنا حجة نفحم بها المزايدين ، المدعين أن الدولة لا تنفصل عن الدين ، وأنهما معاً حبل الإسلام المتين ، بينما حقيقة الأمر أن الإسلام في أعلى عليين ، وأنه لا يضار إلا بالمسلمين ، وعلى رأسهم الحكام باسم الإسلام ، وإنه لا ضمان للمحكومين إن جار الحكام وأفسدوا ، فبيعتهم مؤبدة ، والشورى – إن وجدت – غير مُلزِمة ، أو إن شئنا الدقة مقيدة .

    وأقرأ معي ما فعل الوليد حين (قرأ ذات يوم – " واستفتحوا وخاب كل جبار عنيد ، من ورائه جهنم ويسقى من ماء صديد " – فدعا بالمصحف فنصبه غرضاً للنشاب " السهام " وأقبل يرميه وهو يقول:

    أتوعد كل جبار عنيد فها أنا ذاك جبار عنيد

    إذا ما جئت ربك يوم الحشر فقل يارب خرقني الوليد

    وذكر محمد بن يزيد المبرد " النحوي " أن الوليد ألحد في شعر له ذكر فيه النبي وأن الوحي لم يأته عن ربه ، ومن ذلك الشعر:

    تلعب بالخلافة هاشمي بلا وحي أتاه ولا كتاب

    فقل لله يمنعني طعامي وقل لله يمنعني شرابي

    ولعل القارئ بعد قراءة ما سبق لا يذهل كما ذهلنا ، ولا ينزعج كما حدث لنا ، ونحن نذكر له أن الوليد حاول نصب قبة فوق الكعبة ليشرب فيها عام حج هو ورفاقه وأن حاشيته نجحت في إقناعه أن لا يفعل بعد لأى ، وأنه في ( تلوطه ) راود أخاه عن نفسه ، فالواضح من سيرته أنه أطلق لغرائزه العنان ، حتى غلبت شهوة الغناء والشراب على الخاصة والعامة في أيامه كما يذكر المسعودي ، وتألق نجوم الغناء في عصره ، فكان منهم ابن سريج ومعبد والغريض وابن عائشة وابن محرز وطويس ودحمان ، ولعله أدرك أنه تجاوز الحد ، فلم يعد يعنيه أن يضيف إلى ذنوبه ذنباً ، أو إلى سيرته مثلباً ، شأنه في ذلك شأن ضعاف الإيمان ، حين يقنطون من رحمة الله ، فيضاعفون من معاصيهم ، ونحن في هذا لا نلتمس له عذراً ، وإنما نعبر عن رأيه هو في نفسه ، حين أطلقه شعراً فقال :

    اسقني يا يزيد بالقرقارة قد طربنا وحنت الزمارة

    اسقني اسقني، فإن ذنوبي قد أحاطت فما لها كفارة

    وبالفعل ، فقد أحاطت به الذنوب ، وتألب عليه الصالحون ، وانتهى الأمر بخروج ابن عمه يزيد بن الوليد عليه ، وقتله ، بعد خلافة قصيرة استمرت عاماً وثلاثة أشهر وشاء القدر أن تكون خلافة يزيد أقصر، فلا تستمر إلا خمسة شهور يموت بعدها ليتولاها بعده شقيقه إبراهيم لمدة سبعين يوماً فقط ثم يعزل على يد مروان بن محمد ، انتقاماً لمصرع الوليد بن يزيد ، ثم ينتهي عصر الدولة الأموية بمصرع مروان على يدي العباسيين ، بعد خلافة استمرت حوالي خمس سنوات .
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de