|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: elham ahmed)
|
ياسـلام عليكـم ياحـمـيد والهام..يا سـلاااااام
وقتمـا اراكـم يطمئـن القـلب
(يطـل مطـر الفرح عيـدك
تقش دمعة حـزين هـدّاهـو سفر الليل فرح،ايدك
تصـب جـوة في جفاف قلبا مفرهـرد عمـرو بريدك
وجـواك انتي في وريدك
يدق قلبي المشـلهت بيك
متين ترجع..متين نرجـع..متين ترجـع ...متين نرجـع
وافتش فيـك لا تعب الحـرف مني
ولا هـداه يوما وجعا عشـان يركـع)
من دفتر قـديم
اهـديها لكليكما وكليكما واحـد
حبي المـمـــــــــدود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: حاتم الياس)
|
أم العيال الحبيبة:
لابد أن الملكة أليزابيث الثانية تعني الكثير لهؤلاء. ذلك ما أدركته على وجه الخصوص من الطريقة التي ظلت تحكي بها مديرة الموارد البشرية عن زيارة الملكة العام الماضي إلى المدينة قبل أن أدرك بقليل من الدهشة بينما نتوغل داخل الجناح الملكي أكثر فأكثر أنها كانت تسترجع بأنفاسها المبهورة لا ذكرياتها الشخصية الحميمة مع إنسان عزيز بل كل تلك المراسم ومظاهر الفخامة التي يمكن أن تحيط بإنسان مهم في عرف أهل الدنيا. ولسبب ما خطر لي أن ألمس السرير الذي كانت تنام عليه الملكة فجأة. ويبدو أن أحدهم لم يلحظ ما قمت به للتو. لقد كانوا واقعين وببساطة تحت الجاذبية الشديدة للسلطة في حضورها الرمزي!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
صديقنا الخير محمد عوض:
أسعدنا مرورك الجميل من هنا كثيرا..
بعد أيام, أمام بوابة جانبية للفندق, وجدت ذات المديرة جالسة في طرف كنبة خشبية تدخن أثناء احدى الاستراحات, كانت مرتبكة بشأن الورود التي أرسلها إليها طليقها حديثا, تفكر في الإجازة وحنين العودة إلى مسقط رأسها في هيلفاكس في أقصى الشرق من كندا يشملها, كانت تحكي عن أشياء راسخة منذ طفولتها البعيدة مثل جلسة قبالة المحيط حيث الأبدية بحضورها الدائم القوي والصيد مطلق الأفكار من عقالها وباعث الأحلام من مكامنها, "لماذا نغادر أرض أجدادنا", تساءلت في سري, والأشياء حين نعود إليها بعد غياب لا تكون ذات الأشياء. كنت ولا أزال ممتلئا بحب إلهام, وربما لهذا لم أكن قادرا وقتها لتقديم العزاء كما ينبغي لعلاقة آلت إلى السقوط كان من الممكن لباقة ورد أن تنقذها قبل عام كما قدرت أويزيد.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
مساء/صباح الخير يا أمير
Quote: "لماذا نغادر أرض أجدادنا" |
أشد لحظات فى الجبن فى داخلى يا حميد هى لحظة وقوفى، أو وقوف هذا السؤال أمامى
أحس بأنى خائر العزم ومتفتت الحشايا
هذا ما أخشى منه عليك/علىّ
أرق الأسئلة ولؤم النوستالجيا المكين
ولا مجال للتحايل عليه ابدا
فهو حين يطل بوجهه الصخرى، يمسك بعنق اللحظة ويستعمر أمكنة الطمأنينة فلا تستطيع معه فكاكا
الأسئلة، الأسئلة يا حميد
كم هى مرهقة ومتعبة
حدثنا عن حكايات الفندق الملكى وما حوله
ففيك لنا عزاء وسكن
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: أبوذر بابكر)
|
صديقنا ذا الحس الإنساني العال "أبوجهينة":
كنت بعيدا لزحام وظيفتين من الإنترنت خلال الفترة الماضية. ولقد علمت بالأمس فقط بزفاف كريمتكم. ألف مبروك وأكثر الله من الأفراح في حياة مبدع أصيل مثلك.
كان قد تقرر في أعقاب الاجتماع التنويري أن تصحبنا مديرة الموارد البشرية في جولة تفقدية لأرجاء الفندق الماسي ذي الأنجم الخمس الذي تكلف بناؤه نحو المليونين عند بدايات القرن العشرين. كنا مجموعة من العاملات والعاملين الجدد من مختلف التخصصات. أذكر من بينها سيدة صينية ضيئلة الجرم تسمى "يانيينج" ورجلا من الكونغو ضخم الجثة يدعى "كلمنت" كلاهما تم تعيينه معي في قسم نظافة الغرف. كانت "يانيينج" حيية صامتة أغلب الوقت لحاجز اللغة تقريبا بينما ظلت فصاحة كلمات "كلمنت" المتقعرة تذكرني على الدوام بهيئة سياسي سابق قادم من منفى وسيط مثل القاهرة للتو. وقدرت في نفسي لسبب ما أنه لن يعمر داخل الفندق كثيرا. وقد كان.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الله عقيد)
|
طموحات كبيرة.. ووسائل محدودة.
هكذا بدت لي شخصية "كلمنت". سياسي محنك من الكونغو آل به المطاف إلى وظيفة صغيرة في كندا وهو على مشارف الخمسين. ولم يكن من السهل التخلص من العادات القديمة الراسخة تماما. حركة اليدين المصاحبة للكلام.. تقطيبة الجبين.. إمالة الرأس.. وضع البنصر أعلى الصدغ.. إطلاق البصر في الفضاء بحثا عن الكلمات العجيبة مثل الخبز والحرية والحرب أوالسلام والتي يمكن أن تستخدم حتى في حل شفرة الكلمات المتقاطعة اللهم إلا خلال اجتماع تنويري لعاملين صغار في فندق. ولقد صدقت توقعاتي. قامت تلك المديرة بتقسيمنا إلى مجموعات صغيرة عليها أن تضع نفسها في مقام نزيل مهم من نزلاء الفندق. كنت أرخي أذني لما يدور في مجموعة "كلمنت" القريبة التي كانت تضمه إلى جانب مهندس ورجل انجليزي في حدود الثلاثين جاء من ضواحي لندن للتو كان يعلن عن دهشته كما لو أنه لم ير في الحياة شيئا من قبل. الاجتماع في قاعة فخمة. المنضدة بمفرشها الأبيض الناصع تزدان بما لذا وطاب من المأكولات والمشروبات الخفيفة فإذا "كلمنت" يضع نفسه في مقام "بيل جيتس" مرة واحدة. آنذاك, ألقيت نظرة على وجه الانجليزي الذي بدا ميتا من الدهشة.. تماما.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: msd)
|
صباح/ مساء الخير (يا مطر):
نعم, "كم هى مرهقة ومتعبة".. الأسئلة.. التساؤلات.. وضع البديهي موضع نقد. لكن ميلادنا الحقيقي يتم غالبا عبر بوابة "الوعي الشقي". ربما لهذا صدر دوستوفيسكي "الأخوة كارمازوف" بتلك الآية من الأنجيل. الأسئلة (يا مطر) هي الحياة.. نقيض الطمأنينة أوالموت. أما "النوستالجيا" فهي لعنة الخارجين الأبدية من الوطن!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
صديقي حاتم الياس..
حياك الله أينما كنت وشوق لا يحد.
بعد يوم واحد أويومين من إنتهاء ذلك الاجتماع, دلفت إلى قاعة الطعام المخصصة للعاملين في الفندق, وجبات غنية متكاملة بسعر رمزي ومشروبات باردة وساخنة متعددة ومتنوعة بتعدد وتنوع المجموعات العرقية والثقافية في السودان ولكن في تناغم كما لو أنها أجزاء متناسقة من سمفونية "الربيع" لموتسارت. وفجأة رأيت "كلمنت". كان يجلس منعزلا في منضدة قريبة من التلفاز منكفئا على طعامه كتلميذ في داخلية مدرسة إبتدائية في احدى قرى النيل الأبيض يخشى من خطف طعامه في أية لحظة. هكذا اجتاحني شعور جارف بالعاطفة تجاهه. لم يكن "كلمنت" يأكل كما بدا لي وقتها. لقد كان يصفي وببساطة بعض الحسابات التاريخية المؤجلة. كان يقدم اللقمة إلى فمه وينظر إلى التلفاز في سهوم شديد. وخيل لي في تلك اللحظة أنه يدير في داخله حوارا من نوع ما. "أخي الطعام.. لقد ولدت بكل هذا الشوق إليك.. بحثت عنك في الماضي طويلا.. وها أنت تقبل نحوي بعد رحيل سنوات عمري الجميلة". ولم يكن ولع "كلمنت" بالطعام خافيا. أتذكره جيدا أثناء ذلك الاجتماع الذي استمر ليومين. كان يجلس في المرتين غير بعيد مني. يمضغ قطع "المافن" وغيرها من المخبوزات المحلاة بصوت مسموع وأنفاس رجل بين يديه حسناء ذات أريج مطواعة مغناج كما لو أنه يؤكد على حقيقة معاشة لا على حلم طال أمد تحققه ونأى مع تقدم السنوات أوالعمر.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
في غرفة تغيير الملابس المخصصة للعاملين, سألني "كفلو":
- "كيف تسير الأحوال"؟!.
كان قد مضى على وجوده في كندا ستة عشر عاما قضاها عاملا في خدمة المغسلة الضخمة للفندق. قلت له إنني حلمت بالأمس فرأيتني أقف وسط أكوام جبلية ضخمة من الملابس البيضاء. قال في جدية تامة: "هذا ليس حلما بل كابوسا". الصيني "هامان" الذي كان يقف على مقربة غارقا في إعيائه عند نهاية ذلك اليوم أطلق ضحكة مجلجلة كاد أن يهتز لها المكان لولا مشاركتنا له الضحك فجأة. وكنت قد حللت في مكان "كفلو" العائد للتو من إجازة دامت ثلاثة أيام متصلة كان علي أن أدير خلالها مغسلتين ضخمتين وثلاث نشافات كبيرة. كانت الملاءت وأكياس المخدات والأرواب والبشاكير والفوط المتسخة تنحدر إلى خلفية المغسلة عبر أسطوانة معدنية متصلة بطوابق الفندق الثمانية محدثة جلبة مكتومة.
في أعقاب ذلك الضحك, حل صمت حزين أمكننا خلاله التخلص من "اليونيفورم" قبل أن يمضي كل منا في طريق. وقد رسخ في داخلي شعوران: تقدير "كفلو" كإنسان ظل محتفظا بسلامته النفسية برغم من مرور ملايين القطع البيضاء من بين يديه حتى الآن والخوف من أن يطابق مصيري مصيره حتى الممات!.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: فيصل نوبي)
|
المبدع أبي:
بعد تحية حارة للصديقين العزيزين زول إبن زول وفيصل نوبي..
لي مهنتان. ومع ذلك.. أسترق الزمن لمتابعة سردك الجميل المدهش وتلك الحكايات الآسرة عن الدويم. ومداخلتك هنا تفتح لي أفقا طيبا لحوار حقيقي عن الكتابة قبل متابعة الحكي عن عالم هذا الفندق:
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أكتب لخلاصي الروحي أوسلامتي النفسية أولا. هنا قد يكمن معنى الكتابة بالنسبة لي كموقف من العدم أوكمحاولة لعقل معنى العالم والتعايش مع ثقله الذي لا يحتمل. ولعلني أقترب هنا مما أعلنه بورخيس في السابق بقوله: (أكتب كي يخف مرور الزمن فقط). هكذا لا يكون ثمة سرد جاد من غير حساسية حادة تجاه (الزمن). وهي حساسية على أية حال لا تميز فحسب كتابا وجوديين من شاكلة ألبير كامي كما يعكس جوهر أوخلاصة بحثه العميق في (أسطورة سيزيف). وأعني عبارته (إن الإنسان ولد ليحيا, ولم يولد ليموت, ولذلك فإن أجمل ما في الحياة هي الحياة). بل نجدها حساسية متجذرة كخيط سوداوي متوار حتى في أعمال ساردين عظام من شاكلة تشيخوف سبق لهم وأن أعلنوا أن لقصصهم أورواياتهم مهمة مجتمعية أوإصلاحية أوحتى ثورية. إن عزلة الإنسان في شرطية المحدودين زمانيا ومكانيا وحيرته الكبرى أمام التساؤلات الكبرى ظلت تشكل في زعمي تيارا باطنيا تتفاوت قوته وتجلياته الظاهرية من كاتب لآخر...
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
لعله جورج لوكاتش من قام بتعريف الرواية كبحث متفسخ في عالم متفسخ. ولعل ذلك ما دفع الطيب صالح بدوره إلى الإقتراب من مفهوم "الأطروحة" في نظرته للحكي. وتساؤلي هنا لماذا نبحث كساردين في ركام التأملات والقصص المنحدرة إلينا وجملة تجاربنا مستعينيين بالخيال وغيره قبل كتابة شيء ما لولا تلك التشوقات الإنسانية العميقة للمعرفة وعقل وجودنا على نحو من الأنحاء.
أحيانا يخيل لي برغم كثافة اللحظة الآنية وثقلها المادي المحسوس أننا لا نوجد سوى في الحكاية. ربما لأنها (حسب علمي) القالب الأكثر قابلية لحمل "الحكمة". " نحن نقص عليك أحسن القصص.. ". "لقد كان في يوسف وإخوته آيات للسائلين.. ". كذلك تبدو أناجيل "يوحنا" و"متى" و"لوقا" و"مرقس" كأوعية حكائية لرسم طريق أوآخر للحياة. لكأن الإنسان في سماعه للحكاية في حاجة ماسة لرؤية صورته في أسلافه لتجنب شيء ما أولتحقيق شيء عجز أولئك الأسلاف عنه. لكأن الإنسان لحظة تفوهه بالحكاية في حاجة ماسة لتأكيد وجوده كمركز للعالم. حين نتكلم يصغي لنا ما حولنا غالبا. الإنسان يستميت أحيانا كيما يصغى إليه لأطول فترة ممكنة. هنا تبرز قوة الحكي وتتفاوت جماليته أوبراعته من إنسان لآخر..
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الفقد.. شدة الحنين.. النسيم يداعب رؤوس الأشجار الصغيرة.. الظلال المخملية وهي ترتمي في الأصيل أوالضحى على ملاءة الحشائش الخضراء الطرية في حنو.. ملمس الأحجار الصغيرة المتناثرة في العراء أوالشوارع الخالية آخر الليل.. الأضواء الشاحبة البعيدة المنعكسة على سطح زجاجة ملساء فارغة.. الأسى الغامض في نظرة الغرباء.. كل ذلك وغيره ظل لسبب ما يدفعني للحكي أوالكتابة كبديل للموت أوالفناء. ولا أدري حتى الآن لماذا تصاحبني عادة التأمل لساعات في المباني القديمة أوالسفن الصدئة الجانحة في ميناء أوآخر..
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
أثناء قرائتي قرر مارد الفجور الذي يأتيني بغتة أن أخط شئ بهذا البوست لا أدري لماذا يتملكني الإحساس و كأنك تكتب لي منفردا الان أنا أتخيل ذلك الفندق و كأني هناك أما ما تخطه بين السطور أجده يتحسس مواقع الفرحة و الألم بداخلي سلامات يا زول يا رائع
خودك دي :
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: elham ahmed)
|
صديقي الإنسان الجميل ناصر:
أسعد لحضورك الجميل هنا مصحوبا ب"مارد" التعليق كتابة على حد قولك. والسلام أوالتحايا قد تكون أحيانا مفاتيح هامة للدخول إلى عالم الآخر. هكذا يبدأ السرد في جانب منه من هذه النقطة التقليدية المتمثلة في إلقاء تحية ما. غريبان مثلا جمعت بينهما رحلة بالقطار إلى الأبيض أوحلفا. التحية: الطعم الذي تلقيه الذات لمعرفة الآخر. الآخر والمكان ذوالمشاهد المتغيرة هما الغربة أوالمرآة التي نتعرف على أنفسنا خلالها. هنا قد تكشف ثنايا المحادثة عن حنين أوآمال غير مكتشفة لنمطية الحياة أورتابة أولغياب المقارنة في السابق على نحو يمكننا من معرفة قيمة ما نملكه أوكنا نمتلكه. لاشك أن تلك المرآة تكون مصقولة بقدر قوة التحية وشدة حرارتها كعلامة على إستعدادنا أوإعلان رغبتنا في الحفر نحو أعماق الذات والآخر معا. أنا أتحدث هنا عن تفاصيل مصاحبة أحيانا لحكي شيء ما ولكنها لا تنتمي لبنيته المنجزة في شكل قالب جمالي أوإبداعي. وإن شئت سمها "الكواليس"..
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: ابي عزالدين البشري)
|
أم العيال:
سواء أقلنا "فلسفة الكتابة", أو"الرؤية للعالم" على حد تعبير لوسيان غولدمان, ومهما كانت التسميات, فإن ما يميز كاتبا عن آخر ويضع له بصمته الخاصة في مجال السرد على نحو حاسم ليس في ظني قدرته التعبيرية بقدر ما هي طريقته في النظر إلى الناس والأشياء, وهي ذات الطريقة التي وصفها تشيخوف من قبل بمرور العالم ب"مصفاة العقل". هنا تبرز أمام السارد تساؤلات مهمة فيما هو يحاول تنظيم الفضاء المكون للكتابة من شاكلة: ما هو الجوهري في حكاية من الحكايات, والجوهري هنا كل ما من شأنه أن يكون (بضم الياء وتشديد الواو وكسرها) على مستوى الحدث والشخصيات نمطا دالا على القيم الإنسانية العليا المشتركة مثل الحق والعدل والجمال. إن مفهوم "مصفاة العقل" هنا يعكس ببساطة أن الإبداع لم يعد منذ وقت بعيد مشروطا بالموهبة أوالإستعداد الفطري لعمل شيء متفرد فحسب. هكذا يبدو من الأهمية بمكان أن نتخلص كساردين لحظة الحكي مما هو عارض أوثانوي أوآني أوغير ذلك من الشوائب. ولعل الحديث عن "تقنية الكتابة" تاليا يوضح الكثير مما أشرت إليه سابقا. لكن مفهوم "مصفاة العقل", أو"الرؤية للعالم", بما ينطوي عليه من عمليات نقدية ونقضية في آن, يدرج السرد في باب "الوعي البديل", سواء من حيث إعادة تنظيم العالم أورفده بالخيال على نحو يعمل على توسيع أبعاده الضيقة ويجعله أكثر قابلية للعيش أوالتواصل الإنساني العميق..
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
الكاتب الجميل عبد المنعم ابراهيم الحاج:
بارك الله في أيامك. سلامة العودة القوية. ويؤسفني أنني لم أكمل قراءة الفصل الأول من روايتك المطروحة أخيرا لظروف معيشية ضاغطة متمثلة في الجمع بين وظيفتين. محبتي.
"كان سؤال الأدب الأساسي ولا يزال: ما هو الإنسان".
هكذا يقرر جورج لوكاتش.
أجل: الإنسان في أفراحه وأحزانه, في تخوفاته وآماله, في عزلته الأبدية, في قمة اندماجه مع الجماعة, أوفي كافة أحواله وتقلباته, فمن غيره لا يكون ثمة شيء يذكر.
ولعل ذلك المأزق لازم الكثير من الساردين الأمريكيين أمثال سول بيلو" الذين أتوا في أعقاب "وليم سارويان" و"فوكنر" و"همنغوي" ممن إهتموا بالتقنيات أوالبناء المعماري للرواية والقصة في حد ذاتها كما يلاحظ "مالكوم برادبري" في "الرواية اليوم" متجاهلين في ولعهم المرضي بالحرفية أن الأدوات تأخذ جاذبيتها وقدرتها على الإبهار بقدر ما تظل أدوات غايتها إبراز أوتقديم وضعية إنسانية ما...
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: من حكايات الفندق الملكي.. (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عزيزي ابي عزالدين البشري:
لعله لوسيان غولدمان, أوجورج لوكاتش, الذي أشار أوجاء بفرضية أن الأدب الجيد يولد غالبا في فترات التحولات الاجتماعية الكبرى لما تطرحه أمام الإنسان من تحديات إستثنائية على المستويين العام والخاص. وهي فترة بالفعل قدمت للرواية نماذج في قمة البهاء عكست في جوهرها تلك التناقضات العميقة المصطرعة داخل ذات بشرية تكابد على نحو بطولي موت نسق قيمي سائد وولادة نسق قيمي جديد لم يتبلور بعد. ولعل الأمثلة الأكثر دلالة وحضورا في ذهني الآن روايتا "الدون الهادي" للروسي "ميخائيل شولوخوف" ورائعة الطيب صالح "موسم الهجرة إلى الشمال". وعلى ذكر الأخير, أدعو الساردين في السودان بكل تواضع إلى أن يعملوا على تعميق فكرة البحث عن مصادر جديدة للجمال أوالكتابة, فالطيب صالح كما تعكس مجموعة أبطاله مثل "ضو البيت" و"مريود" و"الزين" و"مصطفى سعيد" وحتى "منسي" ظل يقدم ببراعة ذلك الجانب (((الإستثنائي))) أو(((الخارق))) من البشر, بينما ظلت هناك مساحات شاسعة أخرى من الحياة أوالنفس البشرية لم تكتشف بعد كما ينبغي, وبالنسبة لي أحاول ما سمحت ظروف مكابدة العيش ما أمكن هنا أوهناك أن أكتشف الجمال داخل (((العادي))) أو(((اليومي))) أو(((الهامشي))) أو(((المهمل))), وتلك قصة أخرى عل حد تعبير الطيب صالح نفسه...
نواصل
| |
|
|
|
|
|
|
Re: هموم الكتابة (Re: عبد الحميد البرنس)
|
عبد الحميد سلامات في ذات السياق كنت قد طرحت بعض التساؤلات علي محسن خالد في بوست أسميته:عفوا محسن خالد..و لكن ما هي الحياة السرية للأشياء؟ هل يمكن أن تسهم في النقاش هناك؟
| |
|
|
|
|
|
|
Re: هموم الكتابة (Re: سيف النصر محي الدين محمد أحمد)
|
سيف العزيز:
بصدق شديد, أتابع بوستك المعنون "عفوا محسن خالد ...و لكن ما هي الحياة السرية للأشياء؟" بدقة وشوق أوتطلع إلى رؤية محسن خالد كطرف مفترض (على الأقل) من أطراف حوار أرى أن التساؤلات الأساسية فيه تم طرحها من جانبك بقدر عال من الموضوعية أوالعمق. وهي تساؤلات ولا شك سيزيدها وجود محسن توهجا. لدي بالطبع تصورات نظرية متواضعة حول المسألة على مستواها العام. وربما لعدم قراءتي لعمل محسن المشار إليه لظروف منها موقعي في كندا قد رضيت حتى الآن بقراءة سلبية أوغير مكتوبة. دمت.
| |
|
|
|
|
|
|
|