|
|
 خلاف الرأي أفسد واقعنا
|
خلاف الرأي أفسد واقعنا
حين وقعت الفتنة الكبرى وحدث ماحدث بين الصحابة، لأمور الله وحده العالم بكل
أسبابها والمحيط بها فوقع السيف بينهم، مانسي أصحاب رسول الله صلى الله عليه
وسلم فضائل أهل الفضل بينهم. وأنظروا إن شئتم لعلي ابن أبي طالب وهو يقول
لعمران بن طلحة ( إني لأرجو أن يجعلني الله وأباك من الذين قال الله فيهم
(ونزعنا مافي صدورهم من غلٍ إخواناً على سرر متقابلين) صدق الله العظيم.
الأمر البديهي أن الخلاف والتعدد من سنن الكون، وفي كثيراً من بلدان العالم
يكون الإختلاف رياضة للأذهان ومجال للوصول لدفع وخدمة القضايا المصيرية، مما
يثري حال الأمم، إلا أن واقعنا يقول إن خلافنا في أعمه معول هدم وحتى في أبسط
الأمور، ويقودنا إلى الشقاق والتناحر، و تجاوز الخطوط الحمراء بكيدٍ عظيم. وإن
مقولة الخلاف في الرأي لايفسد قضية لا ينطبق علينا بأي حال من الأحوال، بل أفسد
كل قضايانا.
إن تجربة حكومة الإنقاذ بسنواتها الطوال، أوجدت واقعاً سيئاً لازم مؤيدو الحكم
ومعارضيه، ناهيك عن إفرازه أموراً لا تشبه الخلق السوداني القويم. الذي ألفه كل
من عرف السودان وأهله، وفي أحيان كثيرة تجاوزت خلافاتنا في الرأي إلى أمور يعف
كل إنسان سوي أن ينزلق فيها، ما جعل التشهير والتبخيس علاوة على التجريح ديدن
الأمور. الأمر الذي تضرر منه كثيرُ من شرفاء أمتي و اهدرت حقوقهم، واوحلو في
الطين. إن الكلمة المكتوبة والرأي المطروح أمانة وخلق، نسأل عنها يوم تعرض
الأعمال.
وأجد لزاماً علي أن أشير إلى مايكتبه الأستاذ هشام هباني، في منبر سودانيزأون
لاين، دون شكٍ في أصله الطيب وحسن خلقه، إلا أن ملكته الشعرية وبلاغته أساءت
وبقصدٍ شديد إلى شهيد الأمة علي عبدالفتاح وعبيد ختم وهنا ليسمح لي أخي هباني
أن أقول له لماذا لايحترم خيار فتى الجعليين الأسمر حينما رأى الدبابات
اليوغندية الموجهة بالليزر تتجه صوب جوبا ولم تفلح معها كل المضادات، فكانت
ملحمة الميل أربعين. والتي أشاد ياسر عرمان فيها ببطولة هؤلاء الفتية وهو أمر
أكبرناه له، رغم خلافنا معه. ولا أشك لحظةً واحدة لو أن هباني رأى تلك الدبابات
الأجنبية تدوس تراب أرضنا الطاهرة، لما تردد لحظةً واحدة ليقفز داخل إحداها،
فيخرج الجندي اليوغندي حياً. ولا بد أن أؤكد هنا أن علي عبدالفتاح وصحبه لم
يلوثو دنياهم بمتاع زائل ولا مناصب تغري، فإن عشمنا في الله قوي ولا نشك في
ذلك، أنهم في حواصل طيرٍ خضر.
أما في الجانب الأخر فإن أهل الإنقاذ وأحباؤها لم يقصروا أبداً في خصومهم،
واعتبروا أن من لم يكن معهم فهو عليهم، وتعنتوا أيما تعنت. هذا أمر يعرفه
القاصي والداني. وهذا شيءُ مؤسف بأن الكثير من خلافاتنا أملاها الهوى والغرض
وعلاها كيدُ سياسي. بل أصبح التأويل مرتبطاً بسوء الظن، مما أفقد الكثير منا
المصداقية وحسن الطرح.
متى يكون شعور كل منا بأن ما ذهب إليه غيره يحتمل الصواب، وهذا الأمر وحده كفيل
بالحفاظ على إحترام الأخرين، ولا أجد في نفسي حاجةً لكي أنبه بأداب الإسلام
في إنتقاء أطايب الكلام والإبتعاد عن الشطط والغلو، وإستخدام الألفاظ الجارحة
والنابية. ولابد أن أختم بالقول أن المتعصبون لارائهم دوماً تتحجر عقولهم
وقلوبهم، فيفقدوا القدرة على التركيز والإبداع مما يصيب غير أهل السودان الذين
يعرفوننا بالحيرة والإرباك لفهم وسبر أغوار الواقع السوداني.
هجو الأقرع
[email protected]
|
|
 
|
|
|
|
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست