مستشفى القضارف السراير عناقريب والممرضين حانوتية!

Quote: في القضارف الصحة تحتضر: معدل الاصابة بالاسهالات يمضي في تصاعد وتسجيل 100 حالة حتى امس الاول لم اندهش كثيراً عندما أعلنت منظمة الصحة العالمية عن وجود 2007 حالة اصابة بالاسهالات المائية الحادة بالولايات الشمالية، كما لم اتعجب من الكيفية التي ازاح بها دكتور الصادق المحجوب الاستشاري بالصحة الاتحادية التهمة في انتشار المرض عن وزارة الصحة وتحميله لاطراف اخرى (هيئة المياه - المحليات)، غير انني توفقت كثيراً عند التعتيم الذي فرضته وزارة الصحة الاتحادية على حقيقة المرض والذي عزاه المحجوب الى المردود الاقتصادي السلبي الذي قد يحدث، وهذا ما يوضح حقيقة تكتم وزارة الصحة بولاية القضارف وصمتها عن الاسهالات المائية لاكثر من اسبوع من ظهور الحالات المرضية، ففي الوقت الذي كانت فيه حكومة القضارف ترقص طرباً بقدوم ملكة الذهب الزائرة للولاية تزف مستشفى الولاية خمسة من شهدائها الى رحمة الله عز وجل، ثم يأتي وزير الصحة في الرابع من يوليو ويعلن امام مجلس وزراء الحكومة عن تسجيل 30 حالة اصابة ووفاة واحدة، غير ان تقارير المستشفى والتي اخذناه مباشرة من دفتر التسجيل تقول انه ومنذ يوم الجمعة 30 يونيو وحتى الثلاثاء 4 يوليو تم رصد 45 حالة من بينها خمس حالات وفاة.. هذه هي الحالة الصحية في دفاتر المستشفى، إذاً كيف تكون داخل العنابر؟؟ تحقيق: أسعد ابو قزاز/تصوير: عباس عزت في سوق السحارين: فضلات حيوانية وبرك للمياه الراكدة بالقرب من الاطعمة المعروضة للبيع صورة وموقف توغلنا والأخ الزميل عباس عزت الى داخل عنبر المرض وقد سمحت لنا الممرضة بكل ادب بالدخول عندما علمت اننا صحافيون، في عنبر الباطنية 4 الذي كان في الماضي خاصاً لمرض الكلزار خصص لاستقبال حالات الاسهالات المائية التي اصبحت في تزايد يومي، غير ان الواقع الموجود قد صور نفسه ولم يدع لنا سؤالاً نوجهه للمسؤولين، إذ تبدأ الصورة بوجود عدد 25 عنقريبا بها نفس العدد للمرضى في حالة ذهول تام واستسلام كامل للمرض، تبدو عليهم آثار الضعف الجسدي والمعنوي، ينظرون الينا ولسان حالهم يقول ماذا انتم فاعلون لنا؟ اسفل هذه العناقريب توجد آنية بلاستيكية وضعت خصيصاً لفضلات المرض (الاسهال المائي) ونتيحة لهذه الحالة لم تفارقنا الدهشة عندما وحدنا جثة مغطاة وقد علمنا فيما بعد انها للمواطن رضوان عبد الله من حي الحنينة، وهو المتوفى رغم 7 حتى ظهر الثلاثاء 4 يوليو 2006م، كما رصدت كاميرا الاخ عزت صورة لمواطن يحتضر، جمعنا كل هذه المعلومات بالمشاهدة الميدانية والتقينا مدير عام وزارة الصحة الدكتور ابن عمر مكي سيد احمد الذي اكد انه وحتى صباح الاحد 9 يوليو بلغت جملة الاصابات 90 حالة بينها 4 حالات لطالبات بجامعة القضارف وقد تمت السيطرة عليها وقد تبين لنا وجبات الطلاب تعاني من تردي الرعاية الصحية وقد طالب بعض الطالبات باغلاق الجامعة لاسبوع خوفاً من انتشار المرض، وفي منطقة الكيلو 6 اصيب 16 شخصا ما بين كبير وصغير مما ادى الى ارتفاع عدد الوفيات لاكثر من 10 بجانب اصابات الاطفال. أخذنا هذه الحزمة من المعلومات وخرجنا لنبحث عن حقيقة اسباب المرض. اسباب انتشار المرض يقول الدكتور ابن عمر مكي سيد مدير عام وزارة الصحة ان المياه الملوثة هي احد الاسباب الرئيسية، كما يذهب الى ان وزارته قد اخذت عينة مياه من مصادر جوفية لفحصها ومعرفة درجة سلامتها والتأكد منها وتبين ان بعض الاحياء مثل التفاسنن وغيرها. لديها مشكلة في مياه الشرب النقية او النظيفة التي لا تتوافر في معظم الاحيان، غير ان الواقع اليوم يقول ان ما تضخه هيئة مياه القضارف عبر شبكتها لا يكفي لنصف سكان المدينة، بل ان عددا من الاحياء داخل القضارف لم يصلهم المد المائي منذ 4 اشهر، ولذلك يعتمدون بصورة مباشرة على مياه الآبار التي تكون في حالات الطبيعة كاشفة وغير مكلورة، فقط تكون ما بها من مياه عذبة (حلوة) تجلب هذه المياه بعربات الكارو وتباع للمواطن الذي يقبل عليها وبسعر 100 دينار للجوز دون ادنى تردد، وفي بعض المناطق كالتضامن تأخذ هذه المياه من الخيران وتباع وقد تم خلطها بمياه المواسير دون ادنى مراقبة او متابعة صحية خاصة في هذه الايام وقد شكلت هذه الصورة تفسيراً لكل الحالات المصابة القادمة من هذه الاحياء والتي تجاوزت الـ 12 اصابة توفي منها 4 فمتى كانت الامطار مصدراً للشر؟ الغذاء والتلوث البيئي لم تكن المياه وحدها صاحبة السبق في انتشار المرض بالقضارف، فالوضع الصحي بسوق الولاية يفسر بوضوح غياب المتابعة الصحية، فبرغم من المبنى الجميل لمجمع الخضر والفاكهة الا ان سلطات المحلية مازالت تحافظ على ظاهرة بيع الفراشين وهم مجموعة من (الخضرجية) يعرضون سلعهم على قارعة الطريق وربما هذه الظاهرة اصبحت مؤخراً واحدة من السمات المميزة لسوق القضارف، وليس غريبا ان تجد اكواماً من الطماطم وربط الجرجير والبطاطس وكل ما يأكله الانسان بالقرب من ارجل المارة، بل قد يناديك احد الباعة (الدستة باربعة بس) وهو يعرض برتقالاً او عنباً او حتى تفاحاً على ظهر عربة نفايات صغيرة ومتحركة (درداقة) ولا ندري ما اذا كان قد اصبحت هذه الوسيلة واحدة من ضمن خطة تجميل المدينة ام لا خاصة في ظل انتشارها بصورة واضحة، في الجانب الشرقي للسوق تجد الجزر واسواق (الكمونية) التي اصبحت مرتعاً جيداً للذباب بحمد الله بعد ان ضاق به المكان، اما في الجانب الجنوبي لهذه الجزر وعلى ضفة مجرى الصرف الصحي الرئيسي تعرض التمور والطعمية والكسرة والدكوة والعجين المطحون وهلمجرا، وقد تزدحم الصورة امام عينيك لترى الابقار والحمير تسير جنبا الى جنب مع البشر والكل يبحث عن رزقه في منظر اصبح مألوفا ومكررا، في اقصى شرق السوق الرئيسي تجد ما يسمى بسوق السحارين وهو عبارة عن مساحة لا تزيد عن 400 متر مربع تباع فيها اللحوم المحمرة والاسماك وبعض السلطات. هذا السوق يرتاده بعض الاطفال المشردين واصحاب الفاقة، اذ يمكنك الحصول على الطعام باقل ما تملكه من سند نقدي ولكن ليس عليك او من حقك ان تسأل عن نوعية اللحوم او من اين تأتي لانك قطعاً لن تجد اجابة حتى من البائعة التي تدفع رسوم نفايات وليس عليها رسوم صحة وهي قطعاً لا تعرفها، اما عن النظافة فهي صفر على الشمال، اذ تجد فضلات حيوانية وذبابا وبركا للمياه الراكضة بجانب آنية سوداء لامعة، يقول المواطن ع.أ بائع السمك ان هناك من يأتيه ويأخذ منه 100 دينار يومياً كرسوم نفايات دون اعطائه ايصالا او سندا واذا لم يدفع يتم حرمانه من البيع. اسئلة مشروعة بعد هذا التطواف وهذا المشهد الماثل لا بد ان نوجه عددا من الاسئلة لأهل الشأن الذين يحرصون على صحة المواطن كما يقولون، اولاً؛ على من تقع مسؤولة الصحة بالأسواق؛ هل هي للوزارة ام المحلية ام ان توزيع الدور قد اضاع صحة المواطن والبيئة المحيطة؟ وهل تعلم المحلية ويرى معتمدها هؤلاء الباعة؟ واذا كانت المحلية تأخذ منهم رسوم نفايات فما هي الخدمة التي تقدمها حماية لصحة هذا المواطن؟ اين اتيام المتابعة الصحية من المطاعم التي يلبس فيها العمال ملابس متسخة حتى انك لتسد انفك من رائحتها؟ بل هل دعوة للسلطات لزيارة المطاعم والكافتيريات والوقوف فيها على اماكن غسل الصحون وفحص نوعية المياه المستخدمة التي تعتبرها وزارة الصحة واحدة من الملوثات. مفارقات واحدة من المفارقات بمستشفى القضارف ان بالمستشفى خمسة ابواب لتذاكر الدخول و1077 موظفا ويعاني من نقص في الاطباء المتخصصين والممرضين المؤهلين، اذا كان هذا هو الوضع القائم الآن وبداخل هذا المستشفى العريق ورغم وجود ابنية حديثة فان حالات الاسهالات المائية تصبح أمراً واقعاً في ظل التردي البيئي وغياب المتابعة الصحية وانقسام المسؤوليات بين الوزارة والمحليات وإزاء هذا علينا ان نتوقع ونتنظر الأسوأ.

Quote: ثم يأتي وزير الصحة في الرابع من يوليو ويعلن امام مجلس وزراء الحكومة عن تسجيل 30 حالة اصابة ووفاة واحدة، غير ان تقارير المستشفى والتي اخذناه مباشرة من دفتر التسجيل تقول انه ومنذ يوم الجمعة 30 يونيو وحتى الثلاثاء 4 يوليو تم رصد 45 حالة من بينها خمس حالات وفاة

Quote: ماذا أصاب القضارف ســلة غذاء الســودان التي كانت أغني مدن السودان و كان "أسدقاء المرضي" فيها - من كبار التجار و المزارعين - يبنون العنابر و يدعمون المستشفي و كل المرافق الصحية ؟؟؟