الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 07:45 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الثاني للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
05-24-2006, 11:58 AM

فرحات عباس
<aفرحات عباس
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 500

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال



    وداعاً أيتها الصفحات أيها الليل
    أيتها الشبابيكُ الارجوانية
    انصبوا مشنقتي عالية عند الغروب
    عندما يكون قلبي هادئاً كالحمامة
    جميلاً كوردةٍ زرقاء على رابية


    ودعنا الماغوط .. آخر الشعراء الصعاليك اللذيذين .. كتب الشعر كما يعرفه هو وعاشه هو دونما قواعد أو ضوابط ...
    وما من نفس شاعرة ولجت ما اجترحته شاعرية الرجل .. إلا وأيقن أن هذا هو الشعر ..
    والآن أنظروا إليه وهو على سجيته وتذوقوه هو كما هو في سرديته تلك الرائعة .. وسأعود له مرة أخرى ..
    فرحات

    أنا لا أكره أحدا، لا أحب أحداً لم أكره، لم أحب في حياتي سوى الشعراء.
    ليس هناك في الكراهية أنواع، كما ليس في الشر أنواع. ليس هناك أسهل من الاحتيال على. عندما ا يبكي أحدهم أمامي، أصدقه فورا... أنا لا أجدد في صداقاتي او في عداواتي. الأعداء يأتون بأنفسهم، بشكل عفوي. أصدقائي منذ أيام السجن لا يزالون أصدقائي. اشعر بحنين الى أصدقائي القدامى في بيروت. أنا لا أكره أدونيس. ان أدونيس مجلة "شعر" ليس أدونيس اليوم.، ( رغم ان أدونيس هو من قدمني لمجلة
    "شعر"، لكنه لم يكن يدرك من يقدم. أدونيس يريد من حوله مريدين لا أندادا. خالدة سعيد كانت أهم امرأة في سوريا، في النضال، في الكتابة، لكنه غطى عليها. كانت يجب أن تكون أهم من ناقدة: روائية او مسرحية أنا أحب أنسي، لا أفصل في علاقتي مع الشعراء بين الإنسان و شعره. أنسي قريب من الذي يكتبه، وهو يشبه شعره. لم أره مند سنوات. زمن بعيد. مشتاق إليه. أجمل مقابلة لي، أجراها أنسي، نشرها في "الملحق". كنا في دمشق برفقة فيروز، تمشينا في الطريق، لم يسجل شيء!، كتبها من ذاكرته. لم أعد للعيش في بيروت بعد إلغاء أمر إبعادي عنها في بداية السبعينات، بقيت في الشام. هنا أشعر نفسي أقوى، لأنني أكتب، أنتقد من داخل بلدي أحن الى الشام التي عرفتها، لا الى شام السلطة. كتبت مرة: كل ما أريده من مدينتي الحديثة، هو أرصفتها القديمة. أغلق مقهى أبوشفيق في مدخل دمشق. لم تعد قدماي تسمحان لي بالمشي الطويل. أحن آ الى المشي كما أحن الى مقهى أبو شفيق. ثلاثون سنة من عمري، أنا أمشي كل صباح الى هذا المقهى، أكتب فيه. الشام تحب دائما الغريب.
    نعم أشعر بنفسي غريباً في الشام. الشام لا تحب أحدا. كتبت عن المرة: المدينة التي أعطيتها صدري أربعين عاما، لا أجرؤ أن أعطيها ظهري ثانية واحدة. حتى في السلمية أشعر بنفسي غريبا، فالناس تبدلت أكثر من تبدل الأمكنة. كل القضايا الكبرى انتصرت عليها، وهزمتني القضايا الصغرى كتسديد فاتورة الكهرباء. علاقتي بالشام قضية كبرى.، أنا أثبت وجودي. الشام مثل البنت التي أحببتها في صغري ورأيتها بعد خمسين عاما. أصبحت مرعبة. فجري كان في لبنان، غروبي في دمشق.
    أحن كثيرا الى بيروت الخمسينات، بيروت- صور السياسيين في كل مكان، ليست بيروت التي أعرفها. بيروت السابقة لن تعود قطعا. دورها انتهى، لأنه كان مؤثرا على إسرائيل وهذا ممنوع.
    رجلاي تؤلمانني جدا، لم اعد قادرا على المشي. وأنا أحب بيروت لأمشي في شوارعها لا لأركب التاكسي. ا حدود بيروت التي أعرفها هي شارع الحمراء شارع بلس والروشة. مركز المدينة الحالي: أنا أكره المال ورأس المال. في الحمراء كان هناك مقهى واحد على الزاوية أسمه النغرسكو، نجلس فيه أنا، ليلى بعلبكي، و دائما كان هناك عتمة. شارع الحمراء كان بالنسبة لي أجمل من الشانزليزيه، لكنه الآن صار مثل شارع الشانزليزيه: كله عرب. كانت أجمل السهرات في بيروت تلك السهرة التي جمعتنا بفيروز، الرحابنة ويوسف الخال، نازك الملائكة، وكان يومها، أنا صديق للرحابنة وفيروز. في بداية الستينات أجبرت على مغادرة بيروت، وبقيت عشر سنين مبعدا. كانت فترة مرة في حياتي، لليوم أرى بيروت في منامي. أحلم أنني دائما بعيد عن مكان إقامتي. لكن لا اعرف ما هو مكان إقامتي: بيروت... الشام. أرى أحياء وأرى نفسي بعيدا عن بيتي، ضائعا، أحاول أن أصل إليه، لا أستطيع. بعيد. بضائع ومستنقعات وأنهر وسلالم وقطط وكلاب وشرطة، وأنا حفيان. دائما حفيان. بيروت لم تنتزع الشام من قلبي. ان جيلي غير جيلك، أنت من جيل الشعارات، صعب عليك أن تفهم. أكره جو الأدباء، المثقفين،، أكره جلساتهم ، نقاشاتهم،، أحاول دائما أن أبقى بعيدا عنهم. أيام مجلة "شعر" كنت أكثر الموجودين صمتا، لم أوقع في عمري، لن أوقع أي بيان، او عريضة. عندي رأي أكتبه باسمي الصريح.
    غالبا ما يكون موقعو هذه البيانات، ثلاثة أرباعهم ملغومون، الربع الباقي مرشح في مرحلة الاختبار. في داخلي رقيب ذاتي، لكن أصبح عندي حرفة وأستطيع ان أتحايل عليه. الجمال يقتل الرقيب. أنت قوي، لا أستطيع عليك، أحاول كرسام الكاريكاتور أن أجد لك عقب أخيل. صحيح ان مسرحياتي أضحكت السلطة، لكن هذا لا يعني شيءاً ما دام المعيار هو شعبيتها لدى الناس كافة. حتى الجلاد عندما يجلد، يرتاع قليلا، يقرفص، يدخن سيكارة. حاولت ان اعمل بعد ذلك في المسرح مع الجيل الجديد، لكنهم سرقوني، سرقوا ثيابي، سرقوا الغلة. مستحيل ان اكتب زاوية دون ذكر الحرية او السجون. إما لماذا لا أذكر أسماء السجون والسجناء، فلأنه ممنوع ان تذكر. يجب ان تعمم، هذه خبرة. أنا أحيانا لا أجرؤ على ذكر اسم الشام. أنا مسكون بالذعر، أي شيء يخيفني. الصديق يخيفني، الجار يخيفني، فاتورة الكهرباء تخيفني. أين سأذهب، كيف سأدفعها. أنا محمد الماغوط أينما كنت، في الشام، في بيروت، في الحمراء، في أبو رمانة، في الشانزليزيه، في السجن، في المرحاض. أنا أنا محمد الماغوط. أنا الوحيد الذي لم يتغير، لا يتقولب. كبرت وصرت على أبواب السبعين: مرض، غم، حياة، وأنا أنا.
    إذا كان هناك بعض الناس التي لا تزال تكن لي الاحترام، فلأنني لم أبدل من موقف الى آخر، من اليمين الى اليسار، من الشرق الى الغرب. نعم تكفلت الدولة علاجي عندما مرضت. لم اشعر بالحرج، أحسست أنه لا يزال هناك خير في البلد. أنا اسم أدبي، هم يهتمون بالأسماء الأدبية. أنا لا أباع ولا أشترى، منذ الخمسينات الجميع يعرف ذلك بدءا من اصفر ضابط مخابرات. أنا أتنازل عن مليون شيء، لكن لا أتنازل عن قلمي. لا مال، لا سلطة، لا امرأة تعوضني عن الكلمة. كلما تقدم الانسان في العمر تصير المسؤولية اكبر في الحفاظ على المكانة التي وصل اليها. الصعود صعب، لكن السقوط، لا أسهل، خير مثال هو دريد لحام.
    عندي حنين الى فكرة القومية السورية، هي أصفى فكرة على الإطلاق، من اجل ذلك قتلوا أنطون سعادة هذا القتل المبكر. الانتماءات لا تشغلني،، ما في بطاقتي لا يعني
    بالنسبة لي شيئآ، على عكس ما في دفاتري. لست فخورا بكوني عربيا، ولا حتى بكوني سوريا. أنا لست لمنطقة، سخرت من البترول مليون مرة. اليوم هو زمنهم، مرحلتهم. إنهم يمسكون الوطن العربي من رقبته، من معدته، يمنعون عنه الحراك. إننا نعيش في مرحلة انحطاط، الآن هو العصر الذهبي لما سيأتي بعد. كتاباتي في "الوسط" مزحة سوداء، قاتمة بشكل مرعب، سخريتي تقطر مرارة. أنا في طبعي لست سياسيا، عندي هموم اكبر من السياسة. عرضوا علي العمل في "الوسط" قلت لهم سأكتب. لو لم يكن عندي شيء لأقوله ما كنت كتبت. أنا لا أكتب من اجل الفلوس. كنت أريد أن أضع عنوانا لكتابي الجديد: "شرق عدن، غرب الله"، لكن الصحف رفضت نشر العنوان، فوضعت عنوان "سياف الزهور". كلما سافرت الى اوروبا، اذهب وأنا عم أشتم، أعود، أنا عم أشتم. لا أطيق أن أبقى هناك، فالتدخين ممنوع في كل مكان، في الطائرة، في المقهى، في الفراش. في سجن المزة كنت أدخن بسهولة، حرية اكبر من اوروبا. أكره أميركا بشدة. في حرب البلقان وقفت الى جانب يوغوسلافيا،، صادف وجودي في فيينا خلال تلك الفترة ورأيت مظاهرات بالأحمر و بالأزرق،، بالاخضر في كل مكان. أردت أن أتظاهر ضد أميركا، رفعت عكازي ملوحا، دخلت إحدى المظاهرات، فاستوقفني بعض الأصدقاء، قالوا لي: وين رايح، هذه مظاهرة تأييد لأميركا.
    لا أخرج في مظاهرات في بلدي، لان كل شيئ هنا مرتب. أنا أكره الترتيب، حتى الرجل الأنيق أكرهه. وطني هو دفتري، وأنا أتظاهر في دفتري فقط. إذا صار في بلادنا مظاهرات غير مرتبة، يومها
    سنحن لتلك المرتبة. الناس فارغة،، ليس هناك من شيء. الرأسمال يحرك العالم. أنه زمن أميركا، زمن قضي فيه على كل شيء جميل. زرت روسيا، أحببت شعبها. شعب سوداوي يحب الشرب. لكن أين هو ذلك الزمن الذي كنت تجد فيه في كل أنحاء روسيا عند الساعة السادسة صباحا الخبز والبيض والحليب؟ أين طغاة ذلك الزمن، أين ستالين من طغاة اليوم، ب!دلتهم؟ ا
    الذي فتحني على الحياة وصنع مني شاعرا هو سجن المزة. عندما دخلته أحسست ان شيئا في أعماقي تحطم، الى اليوم لا أزال أحاول أن أرممه. كنت أريد الدراسة في الكلية الزراعية، لكن بعد السجن أدركت ان اتجاه حياتي تغير. أمضيت فيه 9 شهور في العام 1955. 3 شهور في العام 1961. أنا وأدونيس دشن فينا عصر الإرهاب كنا في زنزانتين منفصلتين، كنت أراه من بعيد. ألفت بعض المسرحيات في السجن، مثلتها بمشاركة بعض المسجونين. لم أكن قابضا الحزب القومي السوري، ولم أصمد من اجله، ولكن لان طبعي عنيد. كنت أول من يبكي ويصرخ أثناء التحقيق. أنا إنسان مذعور لا أخاف السجن فقط، ولكن أشمئز منه وأحتقره.
    أريد أن ألغي المسافة بين هذه التصنيفات: النثر، الشعر، المقالة. كلها عندي نصوص. إذا قلت عني لست بشاعر، لن أزعل، لن تهتز بي شعرة. الموسيقى في أشعاري موجودة ضمن النص. علاقة الكلمات بعضها ببعض في النص مثل علاقة الأخ بأخته، هما نائمان على فراشى واحد، أي حركة منه او منها لها تفسير. علاقة الكلمات بعضها ببعض كالحب الحرام، في القصيدة يجب أن لا يكون هناك أي إشارة خاطئة من هذا النوع.، هذه هي الموسيقى. كل كلمة في اللغة العربية هي كلمة شعرية، حتى الجيفة، حتى البراز، المهم ان تعرف كيف تضعها في النص. المهم ان أكون صادقا، أن يكون ما أكتبه جميلا. كل قطعة أكتبها، أبيضها عشرات المرات قبل النشر مدققا في كل حرف. أحيانا أبقى يومين اسأل نفسي أيهما أفضل وأقوى وأصح في هذه الجملة.
    أحب واو العطف، لكني أحب كاف التشبيه أكثر، خصوصا في المقالة. منذ أيام بيروت جعلت من صور كاف التشبيه مرآوية على عكس المتعارف عليه: كامرأتين دافئتين كليلة طويلة على صدر أنثى أنت ياوطني. عدم معرفتي باللغات الأجنبية أراحني من الثقافة.
    تعرفت على سنية لأول مرة عند أدونيس، خالدة في بيروت. هي الحب الوحيد. نقيض الارهاب، نقيض الكراهية. عاشت معي الفترة الصعبة.، أحملها في داخلي دائما. عاطفتي شموس، هي ليست مطواعة. كل ما أكتبه فيه شييء من السلمية، فيه شييء من الشام، فيه شييء من بيروت، فيه شييء من سنية. سنية أكبر من مدينة، إنها كون. بعد موتها صار حبها يشبه حب السلمية، ثمرة عشر سنين، لا تراها لكنك تظل تتذكرها. يستحيل أن يمضي يوم دون أن أذكر السلمية أو أذكر بيروت.
    سنية شاعرة كبيرة لم تأخذ حقها. أنا أذيتها، اسمي طغى عليها، وهذا الذي لا يزال يؤلمني جدا. بعد موتها قررت أن لا أتزوج ثانية. فهى قدمت لي أجمل ابنتين في العالم: شام وسلافة. أن الحب لم يكن ابدآ مشكلة بالنسبة لي، الحرية هي هاجسي الأوحد. كل النساء من بعدها نجوم تمر وتنطفىء، هي وحدها السماء. كانت حياتنا جميلة، لكننا كنا دائما على خلاف. لم نتفق مرة على رأي. نسهر الى الصباح، نبقى مختلفين. جلست بقربها، هي على فراش الموت أقتلى قدميها المثقوبتين من كثرة الابر، فقالت لي عبارة لن أنساها: أنت أنبل إنسان في العالم. لا أحب الغيبيات. تسألني إذا كنت سأراها بعد الموت، كيف هذا وأنا في حياتنا المشتركة لم أكن أراها كما يجب.
    لم أزر قبرها في مقبرة "الست زينب" إلا مرة واحدة. خالدة سعيد قالت للبنات عندما سألوها لماذا لا نذهب لزيارة قبر ماما: ماما فيكم، أنتم لجه ماما. أنا عاطفي جدا. كلمة، احدة في حوار، أغنية جميله قد تبكيني. لكن عشرين جنازة لا تحرك في شيئآ. أشعر أن جسدي في غروب. أكره الشيخوخة، أكره جسدي. إنه حقير، تافه. عندي الكثير لأعطيه لكن جسدي لا يلبيني، أما العقل فصاف. لم يعد هناك من علاقة حميمية بين جسدي و عقلي. لم أراع جسدي، كل ما يمكن أن يمارسه الشاب شط من سكر، جنس، عربدة مارسته باكرا، بغزارة، ها هو جسدي ينتقم مني رويدا رويدا. يدي التي أكتب بها القصائد، قد يمر شهران دون أن أتنبه لاستطالة أظافرها، أو لورم فيها. الويسكي كالشاعر، لا هوية له ولا وطن. زجاجة الويسكي حبيبتي. أدخن منذ كان عمري سبع سنوات. كنت أدخن في البداية أعقاب السكائر الملقاة على الطرق. السيكارة قاتلة بالنسبة لي بسبب مرض نقص التروية، لكنني لا أستطيع مفارقتها. استيقظ في الليل من اجل أن أدخن سيكارة.
    أتعاطف مع الشيعة لان عندهم اجتهادا في الدين. أحب الله، أخاف منه، لكنني لا أحب أن أتكلم في الغيبيات. أخاف الموت أحيانا، أو بالأحرى أخاف ما يسبق الموت... المرض، أن لا أستطيع!المشي او الجلوس. لم اذهب الى السلمية منذ 13 عاما. قد أعود إذا مرضت كثيرا، تعبت. مكان الدفن، شكليات الموت لا تعني لى شيئآ، كذلك هي شكليات الحياة. كتبت على قبر سنية "هنا ترقد الشاعرة سنية صالح آخر طفلة في العالم"، لأميز قبرها عن الآخرين. وكيف سنميز قبرك، شاعرنا الكبير، ! محمد الماغوط؟
    شخوا عليه.@
                  

05-24-2006, 01:07 PM

حامد بدوي بشير
<aحامد بدوي بشير
تاريخ التسجيل: 07-04-2005
مجموع المشاركات: 3669

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال (Re: فرحات عباس)

    فرحات عباس،

    شكرا على هذا التدفق المفرح المبكي للعظيم الماغوط.
                  

05-25-2006, 01:48 AM

الجندرية
<aالجندرية
تاريخ التسجيل: 10-02-2002
مجموع المشاركات: 9450

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال (Re: فرحات عباس)

    الف شكر يا اخ فرحات
    صنعت يومي ، كما يقولون

    وللماغوط سلام في مقامه السامي
                  

05-25-2006, 03:12 AM

نهال كرار

تاريخ التسجيل: 01-16-2005
مجموع المشاركات: 3337

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال (Re: فرحات عباس)

    الأخ فرحات
    تحياتي



    Quote: مستحيل ان اكتب زاوية دون ذكر الحرية او السجون. إما لماذا لا أذكر أسماء السجون والسجناء، فلأنه ممنوع ان تذكر. يجب ان تعمم، هذه خبرة. أنا أحيانا لا أجرؤ على ذكر اسم الشام. أنا مسكون بالذعر، أي شيء يخيفني. الصديق يخيفني، الجار يخيفني، فاتورة الكهرباء تخيفني. أين سأذهب، كيف سأدفعها. أنا محمد الماغوط أينما كنت، في الشام، في بيروت، في الحمراء، في أبو رمانة، في الشانزليزيه، في السجن، في المرحاض. أنا أنا محمد الماغوط. أنا الوحيد الذي لم يتغير، لا يتقولب. كبرت وصرت على أبواب السبعين: مرض، غم، حياة، وأنا أنا.



    رحم الله الماغوط الإنسان والشاعر المبدع


    آخر لقاء صحفي للمـــاغوط
                  

05-25-2006, 03:28 AM

فرحات عباس
<aفرحات عباس
تاريخ التسجيل: 09-20-2005
مجموع المشاركات: 500

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الماغوط .. سردية التبغ والوحل والأسمال (Re: فرحات عباس)

    في حضرة الكلام الشعر ، لا نملك إلا أن ننصت طويلاً ... حتى تخوم الاكتفاء المستحيل ...
    تلك كلمات محمود درويش ..وروداً حزينة على ظلال الراحل الماغوط .. تضج بالحياة جميلة برائحته وطعمه ولونه ..

    * * *
    في أمسية غياب كهذه، وفي المكان هذا، كنا في العام الماضي ننثر ورد الحب على اسم الراحل ممدوح عدوان. لم يحضر محمد الماغوط كاملا، لعجز عكازه عن اسناد جبل. لكنه حضر صورة شاحبة وصوتاً متهدجاً ليذكّرنا بأن للوداع بقية.

    ذهبنا اليه في صباح اليوم التالي. كانت العاصفة مسترخية على أريكة، تشرب وتضحك وتدخن وتعانق زوارها. كانت العاصفة مرحة فرحة بما تبقى فيها من هواء وضيوف، ولا تأسف على ما فعلت باللغة وبالنظام الشعري. فهي لا تُعرَّف الا من آثارها عندما تهدأ. هدأ الماغوط ونظر الى آثاره برضا الفاتح المرهق.

    قلنا له وقال لنا ما يقول العارفون بأن اللقاء وداع. وضحكنا كثيراً لنخفي خوفاً أثاره فينا انكبابه على ترتيب الموعد القاسي مع سلامه الداخلي، فمثل هذا المحارب لا تليق به السكينة.

    لكنه لم يكن حزيناً ولا خائفاً مما يتربص به. وضَع الماضي كله على المائدة، ووزع على كل واحد منا حصته من الذكريات والمودة، قرأ لنا ما يدون من خواطر يومية عاجلة، فهو في سباق مع معلوم يشاغله بالطرق على فولاذ المجهول. وحياني بقصيدة، فخجلت، وقلت في نفسي: لماذا لم يصدِّقني من قبل؟

    وهو، الذي لا يحب الإعلام، ابتهج بوصول فريق اذاعي، ربما ليعلن وصيته الأخيرة على الملأ: أوصيكم بالحب... فهذا الغاضب من كل شيء لم يغضب إلا لأن الحب في هذا العالم قد نضب. ولم يغضب الا لأن زنزانة هذا العالم ما زالت تتسع لسجين رأي مختلف. ولأن أرصفة هذا العالم ما زالت تزدحم بالفقراء والمشردين. ولم يغضب إلا لأن لفظة الحرية، بمعناها الشخصي والعام، ما زالت مستعصية على العرب والعاربة والمستعربة... والإعراب!

    فوجئنا بصحافي يسألنا بلا رحمة: هل جئتم الى الماغوط لحضور جنازة مبكرة؟

    تحسس كل واحد منا قلبه وتلعثم، الا هو، هو النسر الوحيد في ذروته، ملتفاً بكبرياء الأعالي وبمصاهرة البعيد. لم يكن سؤال الموت سؤاله ما دام يكتب... ففي كل كتابة ابداعية نصر صغير على الموت، وهزيمة صغرى أمام إغواء الحياة التي تقول للشاعر: هذا لا يكفي، فما زالت القصيدة ناقصة!

    وكنا نعلم اننا جئنا للقائه لنتدرب على وداعه.

    رحل الماغوط، ونقص الشعر. لكنه لم يأخذ شعره معه كما فعل الكثيرون من مجايليه الذين صانوا سلطتهم الشعرية في حياتهم بحرّاس النقد والأحزاب. فهذا الوحيد الخالي من أية حراسة نظرية وتنظيم إعلامي، لم يراهن الا على شعريته وحريته، وعلى قارئه المجهول الذي وجد في قصيدته صدى صوته وملامح صورته، بعدما أقامت كلماته المكتوبة بالجمر جسر اللقاء بين الذات والموضوع، وبين الذات وما تزدحم به من آخرين.

    وهو، هو الذي جاء من الهامش واختار هامش الصعلوك، كان نجماً دون أن يدري ويريد. فالنجومية هي ما يحيط بالاسم من فضائح. وشعره هو فضيحتنا العامة، فضيحة الزمن العربي الذي يهرب منه الحاضر كحفنة رمل في قبضة يد ترتجف خوفاً من الحاكم ومن التاريخ. حاضر يقضمه ماض لا يمضي وغد لا يصل. كم أخشى القول ان الزمن الذي هجاه الماغوط ربما كان أفضل من الزمن الذي ودّعه. فقد كنا ذاهبين، على الأقل، الى موعد مرجأ مع أمل مخترع. لا بأس من أن يكون ماضينا أفضل من حاضرنا. ولكن الشقاء الكامل هو أن يكون حاضرنا أفضل من غدنا. يا لهاويتنا كم هي واسعة!

    رأى الماغوط الهاوية فخاف. خاف بشجاعة المقاوم. فنظر الى الأفق بعيون الشاعر الطائر، فخاف ثانية، وقاوم الخوف برؤيا الشاعر الحالم، فماذا على الشاعر أن يفعل غير أن يخلص مرتين: مرة لانتمائه الى الواقع، ومرة لتجاوز الواقع بالخيال وبصناعة الجمال؟

    لكن هذا الخائف على عفوية الحياة، وعلى العلاقة السرية بين الأشياء والكلمات، رأى الخوف كما تُرى المواد الأولية لبناء الكابوس، فقاومه بحرية الكلمات في تحرير صاحبها وقارئها، وقاومه بالتخلي عن حنين اللغة الى ماضي أطلالها وقصورها معاً، وبفروسية من لا يملك شيئاً ليخسره، وأكاد أقول: بمغامرة يأسه اشتق الأمل لغيره، فأخاف ما يخيفه، كما تُخيف الملحمة الشعرية الموت المتربص بأبطالها وقرائها الخالدين. لقد أخافت لغة الماغوط الساخنة الساخرة الجميع من فرط قوة الهشاشة في أعشابها، ومن فرط دفاعها عن حق الوردة في حماية خصائصها.

    وهو فضيحة شعرنا. فعندما كانت الريادة الشعرية العربية تخوض معركتها حول الوزن، وتقطعه الى وحدات ايقاعية تقليدية المرجعية، وتبحث عن موقع جديد لقيلولة القافية: في آخر السطر أم في أوله... في منتصف المقطع أم في مقعد على الرصيف، وتستنجد بالأساطير وتحار بين التصوير والتعبير، كان محمد الماغوط يعثر على الشعر في مكان آخر. كان يتشظى ويجمع الشظايا بأصابع محترقة، ويسوق الأضداد الى لقاءات متوترة. كان يدرك العالم بحواسه، ويصغي الى حواسه وهي تملي على لغته عفويتها المحنكة فتقول المدهش والمفاجئ. كانت حسيته المرهفة هي دليله الى معرفة الشعر... هذا الحدث الغامض الذي لا نعرف كيف يحدث ومتى.

    انقضَّ على المشهد الشعري بحياء عذراء وقوة طاغية، بلا نظرية وبلا وزن وقافية. جاء بنص ساخن ومختلف لا يسميه نثراً ولا شعراً، فشهق الجميع: هذا شعر. لأن قوة الشعرية فيه وغرائبية الصور المشعة فيه، وعناق الخاص والعام فيه، وفرادة الهامشي فيه، وخلوه من تقاليد النظم المتأصلة فينا، قد أرغمنا على اعادة النظر في مفهوم الشعر الذي لا يستقر على حال، لأن جدة الإبداع تدفع النظرية الى الشك بيقينها الجامد.

    لم يختلف اثنان على شاعرية الماغوط، لا التقليدي ولا الحداثي، ولا من يود القفز الى ما بعد الحداثة. حجتهم هي ان الماغوط استثناء، استثناء لا يُدرج في سياق الخلاف حول الخيارات الشعرية. لكنها حجة قد تكون مخاتلة، فما هي قيمة الشاعر إذا لم يكن استثناء دائماً وخروجاً عن السائد والمألوف؟ لذلك، فنحن لا نستطيع ان نحب قصيدة الماغوط ونرفض قصيدة النثر التي كان أحد مؤسسيها الأكثر موهبة. وإذا كانت تعاني من شيوع الفوضى والركاكة وتشابه الرمال، على ايدي الكثيرين من كتابها، فإن قصيدة الوزن تعاني ايضاً من هذه الأعراض، الأزمة إذاً ليست أزمة الخيار الشعري، بل هي أزمة الموهبة، أزمة الذات الكاتبة. فنحن القراء لا نبحث في القصيدة إلا عن الشعر، عن تحقق الشعرية في القصيدة.

    سر الماغوط هو سر الموهبة الفطرية. لقد عثر على كنوز الشعر في طين الحياة. جعل من تجربته في السجن تجربة وجودية. وصاغ من قسوة البؤس والحرمان جماليات شعرية، وآلية دفاع شعري عن الحياة في وجه ما يجعلها عبئاً على الأحياء.

    وهو الآن في غيابه، أقل موتاً منا، وأكثر منا حياة!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de