قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593 بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 04:07 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
04-08-2005, 02:11 AM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593 بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية !





    --------------------------------------------------------------------------------

    قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593
    بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدولية

    أحمد كمال الدين*
    [email protected]

    بسم الله الرحمن الرحيم

    يأتي قرار مجلس الأمن بمنظمة الأمم المتحدة رقم 1593 بإحالة المشتبه في ارتكابهم فظائع إنسانية في دارفور، كنتيجة أخرى حتمية لفصل آخر من فصول الأداء التنفيذي السيئ للحكومة القائمة في السودان. و لنبدأ بقراءة القرار و من ثم تداعياته ..

    صدر القرار، الموطأ له بقرار اللجنة الدولية للتحقيق في جرائم دارفور، في الساعة 11:55 من مساء يوم الخميس 31 أبريل 2005م بموافقة 11 عضوا وامتناع 4 أعضاء عن التصويت (الجزائر والبرازيل والصين وأمريكا) دون رفض للقرار من أي عضو، بتقديم 51 شخصا للمحاكمة أمام المحكمة الجنائية الدولية لما اقترفوه من جرائم ضد الإنسانية والقانون الدولي والإنساني في دارفور .. وكان ذلك هو موضوع الفقرة الأولى من ديباجة القرار.

    و يؤكد مجلس الأمن في فقرات أخرى من الديباجة، بعكس ما توهمه البعض، أن المجلس متنبه لمواد النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية Rome Statute بما يعني صدور قرار مجلس الأمن رقم 1593 على الرغم من أي نص قد يبدو متعارضا مع هذا القرار، حيث أن قرارات الأمم المتحدة الصادرة بموجب الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة (كما هو الحال مع هذا القرار) تسود على بنود الاتفاقيات الدولية الأخرى و سائر قواعد القانون الدولي .. لكن الله لم يفتح على بعض قانونيي الحكومة السودانية بهذه الحقيقة البسيطة الواضحة، فظلوا يضللون ساستهم للتمسك بوهم الخطأ القانوني في القرار و هو صحيح كامل الصحة من الوجهة القانونية..

    أما من الوجهة السياسية فلكل شخص أو جهة أن تختلف مع أي من آراء الدول الأعضاء في مجلس الآمن، أو مع نتائج التصويت على الآراء السياسية في مجلس الأمن، لكن الحقيقة الدامغة هي أن جميع أعضاء المجلس ليس بينهم عضو واحد يرى ضرورة الاعتراض على القرار 1593 الذي صوت لصالحه بالإيجاب 11 دولة من بين 15 دولة و امتنعت أربع دول عن التصويت متحفظة لأسباب مختلفة .. ليكون بذلك القرار ملزما قانونا على جمهورية السودان الدولة العضو في المنظمة الدولية لكي تتعاون "تعاونا كاملا" مع قرار المجلس باحالة الأشخاص المتهمين للمحاكمة الدولية ... و بذلك يكون المتهمون الـ 51 قد خسروا المعركة السياسية .. ليصبح القرار بذلك واجب التنفيذ قانونا و سياسة في آن واحد.

    لكن الغريب في الأمر أن سلوك الحكومة السودانية يوحي بأنها تقدر أن يكون الـ 51 شخصا كلهم أو جلهم من أعضاء الحكومة، و هذا التقدير يجوز أن يصدر عن أي شخص دونما أي حرج و نتيجة لقراءة الواقع الذي يجري في السودان .. أما أن يتصرف أعضاء الحكومة كما لو كانوا هم المطلوبون للمحاكمة ففي هذا اعتراف ضمني، يعتبر أقوى من أي اتهام صادر عن جهة أخرى ..

    إن قوة فزع الحكومة وحزبها حيال القرار 1593 والاضطرار للخروج للمرة الألف في تاريخها من كل قواعد المخاطبة الدولية الموزونة التي حاول الصحافي المتزن الأستاذ أحمد محمد شاموق أن يشجع الرئيس عليها في أحد أعمدته الصحافية الأخيرة معلقا على خطاب مكتوب أمام إحدى المؤسسات .. والاتجاه إلى القسم المغلظ برفض قرار مجلس الأمن وعدم تسليم أي من المتهمين للمحاكمة دوليا .. هذا الفزع وهذا الانفعال من قبل الحكومة إنما هو تعبير ضمني قوي ومعزز أنها متأكدة من وجود أسماء أعضائها في هذه القائمة التي لا تزال مختومة وسرية... وهذا هو المبرر لمخاطبة الشعب بأن هنالك خطرا (على البلاد) .. بينما لو كانت متأكدة من نظافة يدها وبالتالي يكون كل الـ 51 أو جلهم من ثوار دارفور المتمردين على الحكومة فهل كانت الحكومة ستفزع كل ذلك الفزع؟ و هل كان الرئيس سيقسم بعدم تسليم أي من أعضاء حركتي العدل و المساواة و تحرير السودان للمحاكمة في الخارج؟ أليس في هذه المفارقة انفضاح لضعف الوضع الحكومي؟

    ثم دعونا نسأل .. من قال عن مصير السودان أنه إلى زوال بتسليم الـ 51 مشتبه فيهم للمحاكمة الدولية؟ لماذا يعتبر هذا من موارد الهلاك (للسودان) هذا الذي لا يعتبر هذا بأي حال من الأحوال من أكبر المحن التي مرت به .. وقد تعرض سودانيون للاعتقال ظلما في الخارج ولم نسمع بمثل هذا الضجة إلا قليلا جدا ومتأخرا جدا للنذر اليسير جدا من هؤلاء !! ولو كان أعضاء الحكومة متأكدين من براءتهم لماذا لم يلوح أي منهم وهم كثر باستعداده للمثول أمام المحكمة الدولية تحديا بناء على الثقة في البراءة من دماء أهل دارفور؟ أليس في الـ 26 حكومة ولائية و الحكومة المركزية الثلاثينية فضلا عن وزراء الدولة و كبار المسؤولين رجل واحد يعلن استعداده للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، تأكيدا لبراءته أمام العالم؟ أليس من الشجاعة والمنطق السليم في آن واحد أن يعلن قادة الحركات المسلحة استعدادهم للمثول أمام المحكمة الدولية والثبات على ذلك برغم وقوعهم تحت طائلة ذات القرار؟

    لقد كان البعض يظن أن معارضة الولايات المتحدة الأمريكية لمبدأ المحاكمة الجنائية لرعايا الدول أمام المحكمة الدولية قد يشكل درءا و حماية للمشتبه فيهم من الوصول إلى تلك المحكمة عبر بوابة الأمم المتحدة التي يحق فيها لأمريكا استخدام حق النقض (الفيتو) ضد ما لا يروقها من قرارات. كما ظنوا أن الصين ذات الاستثمارات النفطية في السودان قد تستخدم ذات الحق لحماية المشتبه فيهم من تبعات القرار الأممي، و هو تقدير لا يقول به أي مبتدئ في السياسة الدولية.. فالولايات المتحدة مهما كانت عيوبها في القدرة على التفكير لا يمكن أن تستخدم هذا السلاح الممنوع (عرفا) بين الدول الدائمة الخمس في مجلس الأمن، و تضرب عرض الحائط بذلك العرف، من أجل حماية مجرد أفراد في حكومة مثل تلك التي في الخرطوم، بل حكومة تناصبها هي نفسها العداء و تريد لها الويل و الثبور..

    كما أن الصين لا يمكنها بالمثل استخدام حق النقض ضد استصدار قرار لمحاكمة متهمين بارتكاب فظائع ضد الإنسانية في السودان فقط لأنها تستثمر في السودان بضعة عشرات من المليارات في السودان.. بينما هي تتعامل بأضعاف أضعاف ذلك مع الدول الأخرى دائمة العضوية في مجلس الأمن، فضلا عن ضرورة إرساء المبادئ الإنسانية لتحسين وجه الصين أمام المجتمع الدولي و هي المتهمة كما السودان، و للاحتفاظ بقرش العلاقات الدولية الأبيض ليوم (تيوان) الأسود في المحافل الدولية. و لم يكن غريبا أن يمتنع الصين عن الاعتراض على القرار، على الرغم من أن هذا الاعتراض لم يكن (في غياب استخدام الفيتو) ليؤثر على النتيجة النهائية ..

    لقد كان البند الأول في القرار موجزا و واضح المعالم و الغرض، حيث أفاد بأن المجلس "1- يقرر إحالة الوضع في دارفور منذ 1 يوليو 2002 إلى المدعي الجنائي بالمحكمة الجنائية الدولية"، كما جاء في الأصل الانجليزي:

    "1. Decides to refer the situation in Darfur since 1 July 2002 to the Prosecutor of the International Criminal Court"

    و يتضح من هذا النص أن المجال الزمني للتحريات الجنائية في جرائم دارفور وفقا للقرار يمتد منذ الأول من شهر يوليو عام 2002م حتى يشمل كل العناصر التحضيرية لأي جريمة ارتكبت في دارفور و لو كان ذلك التحضير قد وقع قبل سبعة أشهر من بداية الثورة و التمرد على سلطان الحكومة في دارفور في فبراير من عام 2003م.

    في البند الثاني يقرر المجلس أن على حكومة السودان و كل الأطراف الأخرى في النزاع بدارفور التعاون الكامل مع المحكمة و المدعي الجنائي و تقديم أي مساعدة ضرورية لهما بموجب هذا القرار..." و هو نص موجه للحكومة و أطراف النزاع المسلح .. لكن البند مضى ليفصح عما لا يزال مبهما لبعض قانونيي الحكومة، حيث نص على أن المجلس "... بينما يقر بأن الدول غير الأعضاء في اتفاقية روما ليست عليها أي التزامات بموجب الاتفاقية، يدعو بشدة كل الدول و المنظمات المعنية الاقليمية و الأخرى الدولية بالتعاون الكامل".

    و هنا يسجل المجلس سابقة بفرض سلطان المحكمة الجنائية الدولية على الدول الأعضاء في منظمة الأمم المتحدة من خلال الفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، حتى و لو لم توقع هذه الدول على اتفاقية روما المنشئة للمحكمة والتي تفرض ولاية اختصاص المحكمة على الموقعين في الاتفاقية دون غيرهم. و بعبارة أخرى فان غير الموقعين على اتفاقية روما لن يكونوا منذ تاريخ القرار 1593 مبرئين من سلطان المحكمة الجنائية الدولية، ومن امتنع عن التوقيع على الاتفاقية و اكمال التصديق عليها و ايداعها حسب الاجراءات الدولية من أجل الافلات من العقاب فقد خاب ظنه في ضوء هذه السابقة الجديدة في القانون الدولي، الذي ينمو كل يوم وفقا للأعراف و الممارسات التي تجري في المنظمة الدولية وفقا لاجراءاتها و نظمها. و في ما يلي النص الانجليزي لهذا الجزء من البند الثاني:

    "…while recognizing that States not party to the Rome Statute have no obligation under the Statute, urges all States and concerned regional and other international organizations to cooperate fully".

    البند الثالث: "3- يدعو (المجلس) المحكمة و الاتحاد الأفريقي للتباحث حول التدابير العملية التي من شأنها تيسير عمل المدعي الجنائي و المحكمة، بما في ذلك احتمال عقد الاجراءات في الإقليم، الأمر الذي سوف يساهم في الجهود الإقليمية لمحاربة الافلات من العقاب".

    البند الرابع: "4- كما يشجع المحكمة، كلما كان ذلك مناسبا و متفقا مع اتفاقية روما، على دعم التعاون الدولي مع الجهود المحلية لترقية سيادة القانون و حماية حقوق الانسان و محاربة الافلات من العقاب في دارفور" .

    البند الخامس: "5- كما يركز على الحاجة لتطوير تضميد الجراحات و المصالحة، و يشجع في هذا الشأن إنشاء مؤسسات تتضمن كل قطاعات المجتمع السوداني، مثل لجان الحقيقة و/أو المصالحة لاستكمال الإجراءات القضائية و من ثم تقوية الجهود المبذولة لاستعادة السلام المستدام، بمساعدة الاتحاد الإفريقي و العالم متى ما كان ذلك ضروريا".

    بعدها تأتي المادة التي دعت إلى تحفظ بعض الدول و التي تعتبر تسجيلا للهيمنة الأمريكية على منظمة الأمم الدولية، و هي المادة السادسة من القرار 1593، التي تستثنى الدول غير الموقعة على اتفاقية روما استثناء صريحا من تطبيق بنود هذا القرار على رعاياها الموجودين في السودان حتى و لو شاركوا في ارتكاب فظائع مما يدخل في نطاق القرار و سلطان المحكمة الجنائية الدولية، مع قصر الولاية الجنائية على المحاكم الوطنية الخاصة بتلك الدول. و على الرغم من تعميم الأمر على كل الدول وعدم قصره على الولايات المتحدة أو ذكرها في صلب القرار بالاسم فقد كان المقصود هو أمريكا، و إن شملت الحماية الاستثنائية نتيجة لذلك كل رعايا الدول الإفريقية و الدول الأخرى المشاركة في أي من أنشطة الأمم المتحدة أو الاتحاد الإفريقي الساعية لاستتباب الأمن و السلام في السودان، سواء كان ذلك الثلاثة آلاف عسكري في دارفور أو العشرة آلاف في الجنوب أو السبعمائة شرطي مدني أو أي رعايا عسكريين أو مدنيين آخرين. و قد كان هذا الاستثناء هو السبب الرئيس الذي منع دولة مثل البرازيل من التصويت بالإيجاب لصالح القرار، على الرغم من أن ممثلها في المجلس صرح بتأييد كل البنود الأخرى بما فيها البند الأول القاضي بإحالة المتورطين للمحاكمة الدولية.

    لقد أصبح السودان نتيجة لسلوك الحكومة السودانية العاجزة عن الإدارة السياسية الوطنية و الجاهلة بمجريات التفكير الدولي مسرحا لتطوير القانون الدولي في اتجاه التدخل الأجنبي المحروس بالنصوص القانونية و السوابق الدولية في مجال القانون الدولي، و خمارة لتطوير ذلك القانون على أرض الواقع، وصولا إلى تعزيز العناصر اللازمة لإنشاء ما يسمى بالحكومة الدولية .. و هي حكومة لا تحتاج لاسم و لا تفاصيل إجرائية ما دامت تعمل في واقع الأمر و لها آثارها العملية .. و يكون السودان بذلك قد وفر الأرضية اللازمة بسبب جهل حكامه لتغيير معالم العالم النامي كله و وضعه بين يدي المجتمع الدولي ليدار من مقر المنظمة الدولية في نيويورك تحت تأثير الولايات المتحدة الأمريكية و من ورائها الكيان الصهيوني. و إذا خطر بذهن أي من المتنفذين في السودان مجرد خاطر أن هذا سيمر دون أن يحاسبهم التاريخ قبل محاسبة الله على الإسهام في هذه السنة السيئة فليراجعوا ما تبقى لهم من عقيدة و دين.

    وفي ما يلي النص العربي (ترجمة الكاتب) لقرار الاستثناء للدول غير الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية المعروفة باتفاقية روما:



    "6- يقرر أن الرعايا، و الموظفين الحاليين أو السابقين، أو أي من العاملين لدى أي دولة مساهمة من خارج السودان ممن ليسو أعضاء في اتفاقية روما بشأن المحكمة الجنائية الدولية، يجب أن يخضعوا للاختصاص الحصري لتلك الدولة المساهمة بالنسبة لكل فعل أو امتناع مدعى به ينشأ عن أو على صلة بعمليات داخل السودان مؤسسة أو مرخصة من قبل المجلس أو الاتحاد الإفريقي، إلا إذا قامت الدولة المساهمة بالتنازل عن هذا الاختصاص الحصري".

    و يتضح من النص أن الدول المستثناة هي كل الدول التي دخلت قواتها أو رعاياها ضمن مهمات مرخصة من قبل مجلس الأمن بموجب أي من قراراتها التسع الأخيرة أو من قبل الاتحاد الافريقي فيما يتعلق بدارفور. فهو استثناء و ان كان الدافع الأساسي له حماية الرعايا الأمريكيين إلا أنه شمل كل رعايا الدول الأخرى ممن يدخلون في نطاق النص بشروطه المبينة.

    البند السابع: يتعلق البند السابع بمنع تمويل مصاريف المحاكمة الجنائية بموجب القرار بواسطة الأمم المتحدة، بل يكون ذلك على حساب الدول الموقعة على اتفاقية روما المنشة للمحكمة الجنائية الدولية، و من الدول التي تتبرع طوعا لذلك الغرض.

    أما المادة الثامنة فتعكس مدى اهتمام مجلس الأمن بمتابعة الأمر، حيث نص على أن يخاطب المدعي الجنائي للمحكمة الدولية مجلس الأمن خلال ثلاثة أشهر من تاريخ القرار، ثم يخاطبه كل ستة أشهر من بعد ذلك حول الاجراءات التي تم اتخاذها بموجب القرار.

    والأشهر الثلاثة الأولى تضع الاطار الزمني للبدء في التحريات الجنائية أو على الأقل اكمال التحضيرات الأولية بما في ذلك استصدار طلبات التسليم بالنسبة للـ 51 شخصا المضمنين في المظروف المغلق حتى كتابة هذه الأسطر ممن يشتبه ضلوعهم في ارتكاب فظائع دارفور الدامية.

    و كعادة مجلس الأمن فقد قرر في البند التاسع و الأخير من القرار استمرار بقاء موضوع القرار على منضدة المجلس، و ذلك تسهيلا لتحريك الأمر في أي لحظة.



    و من خلال المداخلات التي تلت إجازة القرار ظهرت وجهات نظر بعض الدول الـ 15 الأعضاء في هذه الدورة من دورات مجلس الأمن، وهي آراء تفيد في فهم نص القرار و تفسيره من خلال معرفة اتجاهات الرأي و الدوافع وراء بنود القرار.

    رددت السفيرة آن وودز بيترسون مندوبة الولايات المتحدة الأمريكية الموقف المبدئي لبلادها من المحكمة الجنائية الدولية التي ترى ألا تمتد صلاحياتها لرعايا البلاد غير الموقعة على اتفاقيتها، لكنها قالت أن بلادها تفضل المحاكمة أمام محكمة متعددة العناصر تعقد في إفريقيا، لكنها راعت ضرورة وحدة الكلمة في المحفل الدولي من أجل التوصل لنتيجة فعالة بشأن تقديم المتورطين أمام العدالة، و لتأكيد ضرورة إنهاء بيئة الإفلات من المساءلة و العقاب على الجرائم في السودان، مما جعلها لا تعترض على القرار و لكن في نفس الوقت دون أن تصوت لصالحه، لعدم موافقة بلادها على مبدأ الإحالة للمحكمة الدولية. كما عللت الاستثناء الوارد في البند السادس من القرار بضرورة حماية الدول المساهمة التي استجابت لدعوة الاتحاد الإفريقي و الأمم المتحدة بتقديم العون العسكري في دارفور و السودان، و أن من بين أولئك رعايا الولايات المتحدة الأمريكية، الذين سيخضعون لمحاسبة المحاكم في بلادهم.

    وأضافت أن اللغة المستخدمة في القرار لتوفير الحماية لرعايا الولايات المتحدة الأمريكية و الدول الأخرى المساهمة من غير الموقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية إنما وضعت لإرساء سابقة في هذا الشأن، لما تسجله من اعتراف بتحفظات الدول غير الموقعة على اتفاقية روما.

    لكنها مضت لتضع تلك السابقة المرجوة من قبل بلادها في شكل كلمات بعينها إمعانا في تأكيد السابقة لتعبر عن اعتقادها بأنه "في المستقبل و في غياب موافقة الدولة المعنية فإن أي تحريات أو ادعاءات جنائية بشأن رعايا أي دولة غير موقعة على اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لا يمكن أن تتم إلا بواسطة قرار من مجلس الأمن"، أو كما جاء في النص الإنجليزي لتقرير المجلس حول القرار:

    In the future, she believed that, absent consent of the State involved, any investigations or prosecutions of nationals of non-party States should come only pursuant to a decision by the Council.

    و بهذا تكون ولاية اختصاص المحكمة الجنائية الدولية قد أضيف إليها مدخل جديد عبر هذه السابقة القانونية المأمولة، و حصول الاختصاص متى ما قرر مجلس الأمن ذلك، و أمريكا مطمئنة على هذا المدخل الذي تملك حق نقضه بموجب ميثاق الأمم المتحدة الذي يمنحها باعتبارها عضوا دائما ذلك الحق.

    و بكلمات أخرى فثمة سابقة قانونية جديدة في حق كل دول العالم باستثناء الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي، و التي يرجو الكثيرون زيادة عددها ضمن حركة الإصلاح التي تخضع للتدافع بين الأمم هذه الأيام.

    أما دولة الجزائر و التي امتنعت عن التصويت لكنها لم تعترض على اجازة القرار بالتصويت الايجابي فقد قال مندوبها السفير عبد الله باعلي أن بلاده تؤمن بقوة بضرورة محاربة ظاهرة الافلات من العقاب و المساءلة من أجل ترسيخ السلام و الأمن، و هو أمر صار أكثر ضرورة في حالة دارفور، كما سوى مندوب الجزائر بين هدف السلام و هدف العدالة في دارفور.

    أما مندوب الصين السفير وانغ كوانغ يا فقد أكد متابعة بلاده اللصيقة لما يجري في دارفور و إيمانها بضرورة محاكمة المتورطين في الجرائم المرتكبة ضد القانون الانساني الدولي و قانون حقوق الانسان، و أن السؤال أمام مجلس الأمن هو ما هو السبيل الأمثل لتحقيق تلك المحاكمة؟ و أضاف أن بلاده كانت تفضل المحاكمة أمام المحاكم السودانية و عدم إحالة المتورطين إلى المحكمة الجنائية الدولية بدون موافقة الحكومة السودانية... سيما و أن الصين، مثل أمريكا، ليست طرفا في المحكمة الجنائية الدولية، مما منعها من دعم القرار بالتصويت الايجابي لصالحه و اكتفت بالامتناع عن التصويت. و بذلك تكون الصين بذكاء دبلوماسي قد برأت ساحتها (الاستثمارية) من كل جريرة أمام الحكومة السودانية!!

    أما مندوبة الدنمارك، السفيرة إيلين مارغريت لوي فقد ركزت على ضرورة دعم بلادها لمجلس الأمن "و هو يتخذ الخطوة الاولى في سبيل انهاء ثقافة الافلات من العقاب في دارفور" حسب تقرير المركز الاعلامي للأمم المتحدة حول القرار.

    كما ركز مندوب الفلبين السفير لورو باجا، برغم دعم بلاده للقرار بالتصويت الايجابي لصالحه، على واحدة من الحجج المثارة ضد القرار، حيث وضع ذلك في شكل سؤال: "هل يمتلك مجلس الأمن صلاحية تحديد ولاية اختصاص المحكمة الجنائية الدولية؟" لكن كما تقدم فان قرارات مجلس الأمن الصادرة بموجب الفصل السابع لها من قوة النفاذ ما يجعلها تسود على سائر القواعد الأخرى في القانون الدولي، بل يمكن للمجلس استخدام القوة العسكرية لاجبار الدول على الانصياع لمثل تلك القرارات إذا لزم الأمر، مما يجعل الحديث المنسوب إلى القانون عن السيادة الوطنية حيال قرارات الفصل السابع من قبل دولة موقعة على ميثاق الأمم المتحدة، و بالدارجية السودانية، مجرد (كلام فارغ) و لغو لا طائل تحته. أما في مجال السياسة فللمرء أن يتحدث كما يشاء، لكن ميدان السياسة تحكمه القوة لا المنطق، و هو ذات المبدأ الذي أعلنته الحكومة القائمة عندما صرحت بعدم التفاوض إلا مع من يحمل السلاح، واليوم تجد نفسها على مشارف أن يتجرع بعض أفرادها من ذات الكأس.

    و لعل الخلط ما بين (القانون) و (السياسة) في التعامل مع المجتمع الدولي هو السبب وراء الأوهام التي أناخت على عقول الحاكمين في السودان، و أعمتهم عن رؤية الجادة و اتباع الحق، بينما كان الأولى الرجوع إلى الحق من تلقاء النفس و اتباعا لذات الشعارات التي في ظلها وجدت شعبية النصف الأول من التسعينيات برغم ما فيها من المحن الدولية ..

    لكن الجديد اليوم هو أن هذه التحديات تأتي بشكل جديد و في بيئة جديدة:

    أولا: الحكومة قد فقدت أي شرعية لها في الحكم، بعد انتهاء الشرعية الثورية في السنوات الأولى كما هو الحال مع أي ثورة، و رفضها التحول إلى الشرعية الدستورية بالسرعة المطلوبة حتى من قبل المشاركين معها في الحكم فأقصتهم بأبشع الطرق و أكثرها سفورا و تعسفا، تستعين في ذلك و تتقوى بشماتة الشامتين على النظام الإسلامي كله في السودان و خارج السودان، على الرغم من أنه ذات الشعار الذي تستر وراءها كل سوءاتها في الحكم و الإدارة و على رأسها غياب العدل بين الناس، و هي استعانة و استقواء ستدفع هذه الحكومة ثمنها أمام الله و التاريخ غاليا. و بغياب الشرعية الوطنية في الحكم، و غياب الشرعية في الدائرة الأصغر و هي الحركة الاسلامية، يكون ظهر الحكومة مكشوفا للضربات الخارجية و هي أضعف ما تكون، مهما ألقت بمهمة الدفاع عنها على الشباب والطلاب في إطار التهميش المعلوماتي و تغييب الحقيقة.

    ثانيا: أن المجتمع الدولي الذي نقر بظلمه قد أخذ يغير من بعض سياساته و على رأسها سياسة العقوبات الجماعية، على الأقل في ما يتعلق بالقرار 1593 ، حيث تغير الأمر من محاصرة و معاقبة الشعوب إلى محاصرة (أفراد) في حكومات تكون دائما محصنة تماما من أي عقوبات دولية على أي بلد، و من التطويق السياسي الفضفاض إلى التصويب القانوني الصارم أمام محكمة بعينها تستند لا على السياسة بل على القانون في محاكمات علنية و فرص للدفاع و احترام لحقوق الإنسان أمام القضاء.

    و في ظل هاتين النقطتين فأين الخطر على (السودان) الكبير هذا (جمل الشيل)؟ أين الخطر على السودان من مجرد (محاكمة) عادلة لمشتبه فيهم بارتكاب أفظع الكوارث الانسانية في حاضر العالم؟ أين الخطر على السودان من المثول أمام محكمة تحاكم على كل تلك الدماء المراقة في دارفور دون أن يكون بين عقوباتها الاعدام و لا القطع من خلاف؟ أين الخطر على السودان من محاكمة 51 سودانيا يتاح لهم إثبات براءتهم أمام المحكمة بكل الوسائل من بين أفراد حكومة فقدت شرعية الحكم و فقدت (بممارساتها و إصرارها و استعصائها على النصح) شرعية الانتماء للتوجه الفكري الذي حصلت به صبر الشعب لحين من الزمان؟ و هل تتوقع الحكومة من الشارع السوداني أن ينبري للتضحية من أجل 51 شخصا مشتبه في ارتكابهم أو مشاركتهم أو إعطاء الأوامر أو السكوت و التستر على القتل والتعذيب والاغتصاب والتشريد و إثارة الفتنة في غرب البلاد و شرقها؟



    و أما سفير اليابان كينزو أوشيما فقد مثل بلاده بالتصويت الايجابي لصالح القرار، على الرغم من أن اليابان ليست طرفا في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية، لكن من أجل منع الافلات من العقاب على الجرائم ضد الانسانية على حد قول سفيرها.. و يبدو أن القرار 1593 يمكن أن يسمى، من واقع التركيز على هذا الدافع الرئيس وراء القرار، باسم قرار منع الافلات من المساءلة و العقاب .. و سيسجل التاريخ هذا المنعطف من تطور القانون الدولي من هذه الوجهة، بما يهون حتى من تلك الاستثناءات للدول غير الأطراف في اتفاقية المحكمة الجنائية الدولية .. بسبب عظم و خطورة هذا الظاهرة المسيئة للعدالة في أي مكان في العالم. لقد أدى الشعور القوي لكل عناصر المجتمع الدولي بخطورة ترك مجرمي الحرب و مرتكبي الفظائع ضد الانسانية يفلتون من المحاكمة، و الشعور بضرورة إيقاع العقاب، إلى تجاوز كل الصعوبات التي كانت تلوح في وجه إصدار القرار 1593 حتى انهارت الواحدة تلو الأخرى، و تم حل أسباب الخلاف بين أعضاء المجلس من خلال موازنات نصية و صياغية مكنت من صدور القرار في نهاية المطاف ..

    وعن أسباب التصويت الايجابي لصالح القرار بواسطة مندوب بريطانيا السفير إيمري جونز باري فقد قال السفير البريطاني أن موقف بلاده جاء "لتأكيد المحاسبة على الجرائم التي ارتكبت في دارفور". و أضاف أن بريطانيا أرادت بذلك "إرسال رسالة لأطراف أخرى ربما تكون قد حدثت نفسها بارتكاب مخالفات مشابهة لحقوق الانسان"، و هي نقطة تدعم الاتجاه نحو إرساء سابقة قوية في مجال محاربة ثقافة الافلات من العقاب على الجرائم الإنسانية و الدولية، و هو ما كان في ذهن سفير الارجنتين قيصر ميورال الذي أكد على ضرورة تقوية فاعلية النظام الدولي من خلال تفعيل المحكمة الدولية و أبدى أسفه لصدور الاستثناء في البند السادس من القرار.

    أما السفير الفرنسي جان مارك دي لا سابليير فقد ركز في تبريره لتبني بلاده للقرار و التصويت الايجابي لصالحه على فظاعة الوضع و معاناة الانسان في دارفور باعتبار ذلك دافعا رئيسا للقرار بالنسبة لفرنسا، مستعرضا قصة القرارات الثلاثة، 1590 لتعزيز قدرات الاتحاد الافريقي في تحقيق مهمتي الحماية و الرقابة، و القرار 1591 للضغط على أطراف النزاع لتنفيذ التزاماتهم الاتفاقية و السعي للحل السياسي السلمي، و القرار 1593 من أجل وضع حد للافلات من العقاب. ثم أضاف أن بلاده ارتضت الاستثناء للدول غير المنضمة لاتفاقية المحكمة الجنائية الدولية لكنها تأمل في أن يتم إلغاء ذلك في اقرب وقت ممكن.

    كما لخص سفير اليونان آدمانتيوس فاسيلاكيس سبب دعم بلاده للقرار في أنها كانت تفضل لو صدر القرار بغير استثناءات لكنها تدرك في الوقت نفسه أن وجود تلك الاستثناءات أفضل من ترك مرتكبي المخالفات في دارفور يفلتون من العقاب.

    و قد مضى في ذات الخط سفراء الدول الأخرى مثل تنزانيا و روسيا مركزين على ضرورة منع الافلات من العقاب، و شمل ذلك حتى البرازيل التي امتنعت عن التصويت على القرار بسبب البند السادس منه (استثناء الدول غير الأعضاء في المحكمة الجنائية الدولية)، واعدة بالتعاون الكامل مع المحكمة.

    لقد كان غريبا جدا ألا نسمع إجابة على سؤال الاستاذ أحمد البلال الطيب في المؤتمر الصحافي لمجلس شورى المؤتمر الوطني مساء الجمعة 1 أبريل 2005م عندما سأل عما إذا تحسب مجلس الشورى لنتائج القرار الذي اتخذه برفض قرار مجلس الأمن، وأنه بذلك قد وضع الشعب السوداني في مواجهة صريحة أمام المجتمع الدولي؟ لقد كان سؤالا جوهريا بل كان أهم الأسئلة التي قدمت في ذلك المؤتمر الصحافي، و لم تكن إجابة البروفيسور إبراهيم أحمد عمر مقنعة أبدا .. حيث ألقى باللائمة على مجلس الأمن .. لم نكن نتوقع من أستاذ الفلسفة الضليع في أكاديمياته أن يعتد بهذا العذر التاريخي في تبرير أعمال مجلس الشورى .. إذ هل يعني ذلك إعترافا بأن مجلس الشورى يتصرف بغير تفكير أو عقل؟ أو أنه إعتراف بأن المجلس يتصرف ردا للأفعال، و تكون هذه الأفعال هي المسؤولة عما يصدر ردا عليها من مجلس الشورى؟

    كما كان غريبا أيضا أن إهتمام الحكومة و الحزب الحاكم في السودان بالقرار 1593 كان إهتماما غير مسبوغ .. إجتمع بشأنه الحزب خلال ساعات و خاطب الناس عبر اجهزة الاعلام و اتخذ قرارا بلا حيثيات عندما جاء البند الأول من قرار مجلس الشورى في كلمات قليلة تؤكد رفض القرار و توجه بما يجب أن يحدث دونما تلخيص للقرار و ما وجده و فهمه المجلس حتى يفهم الشعب المسكين لماذا عليه أن يستجيب؟ و إذا كانت بعض الجوانب القانونية استعصت حتى على دهاقنة الحكم من القانونيين فكيف بالمواطن العادي المراد منه أن يتظاهر و يقاتل من أجل الـ 51 متهما؟

    أما إذا كان الزعم بأن المسألة ليست في الـ 51 و لكنها في التنازل عن السيادة و (هيبة الدولة) و هي الشماعة التي بذريعتها فرضت على البلاد قانون الطوارئ وحبس الأحرار و أثيرت الفتن شرقا و غربا .. فأين نتائج تلك الأثمان الغالية؟ هل حكومة السودان اليوم أفضل هيبة و أعز مكانة منها بالأمس قبل استفحال أمر الحريات العامة؟ هل أفراد الحكومة اليوم محاطون بأكاليل الهيبة؟ ألم يكن الانقلاب الأبيض على الحزب الحاكم الأصلي كان بسبب الاختلاف على بسط الحريات السياسية والصحافية؟ ألم تكن قاصمة الظهر للشق المنقلب على الآخر دعوة المجلس الوطني (البرلمان) لاجراء تعديل يضمن الانتخاب الحر المباشر للولاة في كل إقليم، و تجاهل طلبات الرئيس (و هو رأس الجهاز التنفيذي) للمجلس الوطني (الجهاز التشريعي) بعدم المضي في تلك الخطوة الباسطة للحرية على المستوى الاقليمي؟ ألم تكن الحجة المعلنة في قرار حل المجلس الوطني و إعلان حالة الطوارئ برغم أنف الدستور و تجميد الأمانة العامة للحزب و أجهزته و مسؤوليه و مصادرة الحقوق السياسية و المدنية للمختلف معهم من قياداته .. ألم تكن الحجة هي الحفاظ على هيبة الدولة؟

    هل تعلمت الحكومة اليوم، و قبل ولوج المسؤولين من أفرادها أبواب المحكمة الجنائية الدولية، أن أمريكا ليست إلا ثمنا رخيصا لا يستحق لبيع رفاق الأمس ومن بينهم أساتذة الجيل في الفكر والسياسة، مهما كانت درجة الاختلاف ومهما كان بريق الكراسي ورنين الدراهم؟

    هل وعت الحكومة الدرس أن فتح أبواب البلاد للاستخبارات الأجنبية التي دست أنوفها حتى بين اضبارات المصارف و الحسابات الشخصية، المقدسة عندهم في الغرب، للأجنبي ناهيك عن الوطني .. أن هذا التساهل كان ثمنا غاليا مقابل سواد عيون الولايات المتحدة الأمريكية؟

    هل استبان للحكومة أن استباحة تسليم الأتقياء الأنقياء للمحاكمات عبر الحدود قد يجر عليها غضب الخالق و يعرضها لذات المحنة؟

    إن حرص المخالفين للحكومة على حفظ الأسرار التفصيلية لن يفيد الحكومة في شئ، لأن لجنة المحكمة الكبرى التي تنتظر الناس جميعا يوم ترى الناس سكارى و ما هم بسكارى أخطر بكثير من المحكمة الجنائية الدولية، فهي محكمة قاضيها (جبار) لا جبار مثله، و شهودها الملائكة و من بينهم رقيب و عتيد، بل من بين شهودها الأطراف و الأعضاء البشرية تنبئ عن أفعالها و أفعال صاحبها في يوم الدين...

    أما مندوب السودان في الأمم المتحدة السفير الفاتح عروة فقد استمات في الدفاع عن الحكومة السودانية، والحق يقال أنه استخدم كل قدراته في ذلك، من خلال متابعة التقارير والنصوص، وهو يعلم في تقديرنا صعوبة الدور الذي يقوم به في ظل حكومة بهذا المستوى من الأداء .. لهذا لم يثمر ذكاء الرجل فطنته السياسية شيئا حيال صدور القرار... فالمعركة ليست معركة منطق أو قانون عندما يكون الأمر اقتراعا على قرار، بل يستند الأمر على المواقف السياسية للدول، و هو وضع لا ينفع معه إلا رصيد من الممارسة السياسية النظيفة للحكومة التي يمثلها المندوب، و هو عكس ما جرى بالنسبة للسفير الفاتح عروة أو أي سفير آخر في محله، مهما كانت قدراته، فلن يتمكن كما تقول العامة من تحويل (الفسيخ) إلى (شربات)، مع الاعتذار بالطبع (للفسيخ)!!

    خاتمة:

    إن على الحكومة السودانية التكفير عن أخطائها بعدم المضي في خط السياسية المهلكة لمستقبل السودان، و أن تكف عن مواجهة المجتمع الدولي و هي عارية من سلاح الحجة أو سلاح المادة أو حتى سلاح الشرعية الوطنية و الشرعية الإسلامية، و عليها أن تؤوب إلى الله و تتوب إليه عسى أن تشملها رحمة الله التي وسعت كل (شئ) بدلا من أن ترد إلى ما هو دون ذلك .. و هي في قرار مجلس شورى حزبها لم توفق في ظاهر الأمر إلى أكثر من البندين الثاني والسادس، بغض النظر عن النوايا، و عليها أن تكف عن النفاق السياسي و تبسط الحريات العامة و لو كان في ذلك إنهاء لسلطانها في البلاد .. و إذا كان لابد من النهاية فهذه النهاية أمام المد الشعبي في ميدان التنافس السياسي الحر ربما وفر لها ما هو أفضل و لو يسيرا من لعنة الله و الناس والتاريخ ..

    و على الوطنيين الغيورين التقدم بالرأي و العمل الجاد ببصيرة نافذة و التعاون على إنقاذ البلاد من هذا السلوك المهلك الشائن، و إيقاف نزيف الدماء في الغرب والشرق و بناء سودان يقوم على التعايش السلمي و العدالة و الاحترام المتبادل بين العناصر والفئات و القبائل والعشائر و تقديم العقل على العاطفة في إدارة الشأن العام ...



    --------------------------------------------------------------------------------



                  

04-08-2005, 09:39 PM

Kamel mohamad
<aKamel mohamad
تاريخ التسجيل: 01-27-2005
مجموع المشاركات: 3181

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593 بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية الدول (Re: Kamel mohamad)

    قراءة للنص وتداعيات القرار رقم 1593 بإحالة المتورطين في جرائم دارفور للمحكمة الجنائية
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de