|
تفاصيل حوارات الإسلاميين في إجتماع الشوري بهيئة الأعمال الفكرية - (الحلقة الأولي)
|
حوارات الإسلاميين «1
د. الطيب زين العابدين شهدت قاعة الشهيد الزبير مساء الأربعاء الماضى (16/3/2005) حشداً كبيراً من الاسلاميين المنتظمين فى الحركة الاسلامية (كانت تسمى فى وقت مضى بالاخوان المسلمون، ثم بجبهة الميثاق الاسلامى، وأخيراً باسم الجبهة الاسلامية القومية وعارضت بشدة الدعوى الفوقية التى تقول إن المؤتمر الوطنى هو الحركة الاسلامية،
ولعله الانتصار الوحيد الذى كسبته ضد الهيمنة الحكومية ببركات الانشقاق!)، تقاطروا شيباً وشباباً ونساءً من أطراف العاصمة المثلثة حتى قال فيهم عبد الرحيم على: هؤلاء هم أعضاء الحركة الاسلامية الذين أعرفهم طيلة حياتى ولكنى لا أجدهم فى مجالس الشورى الرسمية التى أرتادها،
وهذه بعض مظاهر الأزمة يا شيخ عبد الرحيم! تقاطر بعض المسئولين فى الحكومة أمثال د. أحمد المجذوب وأزهرى التجانى وحسن رزق، وبعض الشيوخ مثل محمد يوسف محمد وعبد الوهاب عثمان وصلاح أبو النجا، وبعض الكهول أمثال عبد الله حسن زروق والطيب زين العابدين وعبد الجليل الكارورى وابراهيم النص وعبد الله حميدة وسامى خليفة، وكثير من الشباب والنساء من أعمار متفاوتة لا أكاد أعرف أسماء قلة منهم ومن بينهم رئيس الندوة الأستاذ كمال حسن على الذى عمل منسقاً للخدمة الوطنية ثم أميناً لقطاع
الطلاب، ورغم هذه المناصب المهمة التى تسنمها الا أننى احتجت أن أسأل جارى فى القاعة عن اسمه مما يدل على الفجوة البائنة بين الأجيال وتذكرت عهداً مضى كان كل قادة العمل الطلابى معروفين تماماً لجميع أعضاء المكتب التنفيذى، ولا يفسر هذه الفجوة أن عدد الطلاب الاسلاميين قد زاد (أشك فى ذلك فقد قال أحد كبار رجالات الدولة قبل سنتين أو ثلاث ان عدد الطلاب الاسلاميين لا يزيد على خمسة آلاف بما فى ذلك أعضاء المؤتمر الشعبى، وكان العدد أكبر من ذلك بكثير فى منتصف الثمانينات) أو أن العمل التنفيذى والسياسى قد شغل الناس، وهذا صحيح الى حد ما ولكن ما بال الكثرة من أمثالى من الشيوخ والكهول الذين لا يرتبطون بعمل تنفيذى أو سياسى؟ لقد تجمد عن قصد العمل الاسلامى الحركى الذى كان يربط بين الأعضاء كبيرهم وصغيرهم فيتعرف بعضهم على بعض، ويكتشف الكبار مقدرات الشباب ويستفيد الصغار من خبرات من سبقوهم فتتواصل الحلقات ويتم التآلف وتتوحد الرؤى حتى تكاد تتلاشى الفوارق العمرية والطبقية والتعليمية ودون شك العرقية. وقد صدق أحمد المجذوب حين قال فى الندوة ان سياسات الانقاذ قد شجعت النعرة القبلية والجهوية حتى أصبحت احدى المعايير المهمة فى توزيع المناصب الدستورية فى المركز والأقاليم، وحصدت الانقاذ ما زرعت حين اعتمدت كل حركات التمرد المسلح المشتعلة فى أطراف السودان على التأييد القبلى والجهوى. فمن يستطيع أن يعيد الشيطان الذى أخرجته حكومة الانقاذ الى القمقم مرة أخرى؟ تقاطر ذلك الحشد الكبير الى قاعة الشهيد الزبير بدعوة من هيئة الأعمال الفكرية التى أنشأها فى أول التسعينات حسن الترابى وادريس سليمان وأمين حسن عمر والمحبوب عبد السلام الذى عمل مديراً تنفيذياً لها الى أن غادر السودان. وقد ترددت الهيئة، التى استعادت نشاطها بقوة تحت الادارة المقتدرة للأستاذ عبد الحافظ عبد الرؤوف، شيئاً ما فى تبنى فكرة الندوة التى قد تضر بدعمها المادى والمعنوى من بعض المتنفذين فى الدولة والحركة، ولعلها استشارت بعض أولئك قبل أن توافق على الفكرة فى طبعة منقحة شملت المقدمين والمناقشين ورئيس الجلسة! ومع ذلك فهى جرأة تحمد لهم مما يطمئن النفس أن تيار الحرية غالب ان شاء الله مهما اعترضته من عقبات. كان السبب الرئيسى من وراء الحشد الكبير الذى جمع أشتاتاً من الاسلاميين فى تلك الندوة هو موضوعها: إحياء العمل الاسلامى، مما يعنى التسليم بأنه يعانى مواتاً أو أزمة حادة، الأمر الذى تتفق عليه الأغلبية الساحقة منهم والسبب الثانى هو مقدم الورقة (غازى صلاح الدين) الذى عرف بجهاده وصدقه وعمق تفكيره. وقد علق الأستاذ محمد يوسف بأن مجئ هذا العدد الكبير من الاسلاميين فى هذه القاعة يعنى فى حد ذاته أن هناك أزمة حقيقية تحتاج الى أن تناقش ويتفاكر حولها الناس. وتحدثت الورقة بلغة دبلوماسية لا تجرح أحاسيس أولى الأمر أن هناك أزمة على مستوى الوطن وعلى مستوى الدولة وعلى مستوى الحزب الحاكم ثم على مستوى الحركة الاسلامية، وحاولت أن تتعرض لأسباب الأزمة ومعالجتها بصورة عامة فى كل تلك المستويات ولكنها ركزت على الحركة الاسلامية لأنها هى التى جاءت بالانقاذ التى ظلت تحكم منذ ست عشرة سنة فهى اذن مسئولة عن مشكلات الوطن والدولة وأحرى أن تكون مسئولة عن ضعف الحزب الحاكم. وقدمت الورقة بين يديها صدقة فتحدثت بتفاؤل عن «المكتسبات الكبرى» التى حققتها الحركة الاسلامية الحديثة منذ نشأتها فى مجال تصحيح المفاهيم الاسلامية ومجال السلوك والعبادات وتثبيت مفهوم شمولية الاسلام بجوانب الحياة المختلفة بما فيها السياسة والاقتصاد حتى غدت محل قبول واسع بين المسلمين، وما تبع ذلك من مجاهدة ومدافعة فى غرس تلك القيم والدفاع عنها لتحدث التغيير الاجتماعى المنشود. وتقول الورقة إن معظم تلك المكاسب تكرست قبل قيام حكومة الانقاذ ولكن فترة الانقاذ أيضا شهدت مكتسبات كبيرة لا يمكن تجاوزها رغم أزمتها التنظيمية الداخلية التى جعلتها تمضى نحو غاياتها بقدر أقل من طاقتها القصوى، ورغم الاخفاقات، بل الخيبات، التى صاحبتها فان حقيبة التجربة اشتملت على حصاد وفير من المكاسب والانجازات. ونواصل فى الحلقة القادمة بتركيز على أزمة الحركة الاسلامية وما طرح لها من حلول
|
|
|
|
|
|