...........انى جاعل فى الارض خليفة

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 03-29-2024, 05:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-29-2005, 05:55 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
...........انى جاعل فى الارض خليفة

    دائما الحوار هو سلوك الانسان الناضج..ونحن مرجعيتنا القران الكريم عندما تحاور الله مع الملائكة فى امر خلق الانسان..كانت نظرة الملائكة للانسان ككائن فوضوى يفسد ويقتل ويسفك الدماء..ولكن الله عندما قال انى اعلم ما لا تعلمون..فقد زود هذا الكائن الطينى بروحه/علمه..وجعله دئما يجنح للخير والنظام..لذلك من يراهن على الفوضى سيصل الى طريق مسدود ومن يراهن على النظام يكسب آخيرا..ونرجع لنقول فى الاصل كان الحوار وبالحوار يصل الناس ما لا يصلوه بالحروب..لذلك كانت الحروب والنزاعات امر استثنائى والسلام امر دائم
    نحن الان فى السودان وفى هذه المرحلة بالذات مرحلة تكوين وطن يتسع للجميع والدستور مكتسب حضارى تعمل به كل دول العالم..وهو فى معناه البسيط ..عقد اجتماعى بين جهات وافراد يقيمون فى منطقة جغرافية محددة لتنظيم امور وشئون حياتهم وفقا لما يحملوه من تصورات دينية او تراث او اعراف..ويجب ا ن نبدا حيث انتهى الاخرون..ومثال امريكا لا احد ينكر انها قوة فكرية اقتصادية سياسية عسكرية ثقافية تكنلوجية علمية عالمية..وان الحاضن لكل هذه المظاهر هو النظام السياسى الذى تنتهجه..وهذا النظام..هو نظام فدرالى ديموقراطى.. ودستور مدنى مبنى على المواطنة والحريات الفردية دون وصاية من جهة كهنوتية او اوكليروس دينى..لان المجتمع الحر يحميه الدستور والقانون والوعى الدستورى والقانونى للمواطن وليس الدولة البوليسية والثيوقراطية ..لماذا كانت امريكا قوية ونحن ضعفاء ؟..لانها اخذت روح الافكار الموجودة فى اصول القران(القران المكى) *القائم عل الحريات(فذكر انما انت مذكر* لست عليهم بمسيطر)..ونحن تركنا الاصول واتجهنا الى الفروع (القران المدنى ) او ما نسميه الشريعة القائم على الوصاية وصاية رجال الدين والقشور وتفسير العلماء القديم واخرجنا ذلك من العصر..اليوم تسعى كل الفضائيات الاخوانية الجزيرة والمستقلة والمنار لاعادة تقييم الفكر الاخوانى والوهابى وولاية الفقيه حيث لم تعد تجدى عمليات التجميل وشد الجلد لهذه الانظمة الشمولية التى تبنت هذه الايدولجيات من افغانستان وايران السعودية والسودان ومارست اقبح ما فى النفس البشرية تحت ستار الدين والدولةالدينية ..الخ
                  

03-29-2005, 06:01 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    أزمة الحركة الاسلامية المعاصرة: السودان نموذجا
    2005/03/28

    د. عبدالوهاب الافندي
    قبل حوالي الاسبوع عقدت هيئة الاعمال الفكرية في الخرطوم حلقة نقاشية بعنوان معالم في طريق الاحياء: دعوة لاحياء العمل الاسلامي الوطني وكان هذا هو عنوان ورقة قدمها الدكتور غازي صلاح الدين، الوزير السابق، والمستشار (السابق ايضا) لرئيس الجمهورية لتكون محور النقاش.
    ولعله من المفيد ان نذكر بأن هيئة الاعمال الفكرية كانت مؤسسة انشأها الدكتور حسن الترابي في مطلع التسعينات كمنبر لطرح اسهاماته الفكرية، وخاصة تفسيره الجديد للقرآن، وكان يتولي ادارتها مساعده المقرب المحبوب عبد السلام. ولهذا فان اتخاذها منبرا لهذا الحوار حول واقع ومصير الحركة الاسلامية يعتبر امرا له دلالاته العميقة، خاصة علي خلفية وجود مؤسسها خلف جدران السجن.
    ولكن الدلالة الابلغ هي لعقد ندوة تتحدث عن الاحياء الاسلامي في دولة من المفترض فيها ان تكون قد بلغت من الاحياء الاسلامي غايته، وهي اقامة الدولة الاسلامية، فلو ان ندوة اقيمت لمناقشة الاحياء الاسلامي في دول آسيا الوسطي بعد خروجها من تحت وطأة القهر الشيوعي، او في تركيا ونظيراتها من الدول العربية المتطرفة علمانيا، لكان هذا الامر مفهوما. اما ان يجتمع حشد كبير من الناشطين الاسلاميين للتداول بمشروع احياء اسلامي في دولة تتصدي لنشر الاسلام عالميا فهو امر يدعو لكثير من التدبر.
    أحد الحاضرين اثار هذه النقطة من منطلق مختلف تماما، حين رد علي شكوي الحاضرين من تصدع وتراجع الحركة الاسلامية بالقول بأنه بعد قيام الدولة الاسلامية لم يعد هناك مبرر لوجود حركة اسلامية، فالمرجعية الان هي الدولة الاسلامية، واذا كانت هناك حاجة لحركة اسلامية فان هذه الحركة يجب ان تكون اداة للدولة وليس العكس.
    وهذا يبدو لاول وهلة حلا منطقيا وبسيطا في نفس الوقت. ذلك ان غاية الحركات الاسلامية هو اقامة دولة الشرع، وبمجرد قيام هذه الدولة فان المعادلة تتغير، وتصبح الدولة هي الاداة الرئيسية للعمل السياسي الاسلامي، والمبرر لقيام الحركات الاسلامية هو الاعتقاد بأن المجتمع والدولة معا قد ابتعدا عن المرجعية الاسلامية، مما يتطلب استنفار المتطوعين وتنظيمهم وحشدهم لتحقيق مهمة استعادة الاسلام الي صدارة الحياة السياسية والاجتماعية، فاذا نجح هذا الاستنفار، وقامت الدولة، لم تعد هناك اي حاجة ككيان نشأ في ظروف مختلفة تماما.
    وكما المح ذلك المتحدث فانه لم يكن يتصور وجود شيء اسمه الحركة الاسلامية في دولة النبوة او دولة الخلافة الراشدة ذلك لان كل الامة ومعها الدولة كانت حينها حركة اسلامية.
    هذا المنطق، كما اسلفنا، يبدو غير قابل للنقض، وقد يصلح كحجة ومبرر للقرار الذي اتخذته قيادات الحركة بعد انقلاب الثلاثين من حزيران (يونيو) مباشرة بحل كل هياكل التنظيم. سوي ان هناك ثلاث نقاط رئيسية لا تهز الصلابة البادية لهذا المنطق، بل تقوض كل الاسس التي تقوم عليها.
    واول هذه النقاط فهي ان هذه الدولة الاسلامية المفترضة تبدو بعيدة جدا عن المثال الاسلامي، بحيث لا تصلح لان تكون مرجعية اسلامية بل تحتاج هي نفسها الي مرجعية تقوم من شأنها. ورغم ان د. غازي ومتحدثين آخرين اجتهدوا في تعداد ما حسبوه انجازات اسلامية يعود الفضل فيها للحركة، ومنها اقامة الدولة الاسلامية والتحولات الاجتماعية المتمثلة في التدين الواسع الانتشار في المجتمع، الا ان الصورة العامة التي طرحت كانت تشير الي ازمة عميقة في اوساط الاسلاميين واحساس بالفشل اكثر منه بالانجاز.
    هذه الازمة تمثلت في احباط واسع، وتشكك في مشروعية واسس التوجه الاسلامي الحركي، وانفراط في عقد الجماعة، وانتكاس في صفوف الاسلاميين الي القبلية والانتماء العرقي. وبحسب غازي فان بعض ما اصاب الاسلاميين في السودان كان احساسا متداخلا بتآكل المشروع، وفقدان المصداقية الذاتية . وانعكس ذلك في تراجع نفوذ الاسلاميين داخل الاوساط الطلابية والنقابية والمهنية والجماهيرية واهم من ذلك في تخلف الانتاج الفكري الاسلامي بصورة مزعجة وتراجعه كما وكيفا .
    اضافة الي ذلك فان الاسلاميين فقدوا الثقة في انفسهم وفي مشروعهم، بل في بعضهم البعض، حيث نجد ان سوء الظن تعمق بين كثيرين من ابناء الحركة في ذواتهم، فلا تكاد تجد اكثرهم الا متحاربين . اما الحركة نفسها فقـــــد انهــــار بنيانها واصبحت هياكل فارغة وتراجع العــــمل الاسلامي الي اضيق مما كان عليه قبل خمسين عاما.. بحيث اختزلت هياكل التنظيم في التذكــــرة و التنوير هياكل مفرغة من الرسالة والقصد، خالية من الاهداف العظام .
    واذا كانت هذه صورة الدولة الاسلامية التي تغني عن مرجعية الحركة فانها بالقطع لم تكن تستحق عناء التعب في اقامتها. ولكن اذا كان هذا لا يكفي، فان الدولة نفسها الان في طريقها لان تصبح اثرا بعد عين، فالدولة الاسلامية السودانية، بحسب د. غازي بعدت من ان تحسب كما ذا مغزي في اي تشكيل اقليمي او عالمي فاعل، وبدلا من ذلك اصبح السودان هو الحالة النموذجية للأزمة يسعي كل من يؤبه له ومن لا يؤبه له من الدول والمنظمات للتدخل في شؤونه بدعوي الوساطة والمبادرة لحل ازماته .
    وهذا يقودنا الي النقطة الثانية، وهي ان الزعم بان الدولة اصبحت مرجعية بدل الحركة، لا يلغي سؤال المرجعية بل يحيله الي الدولة وهياكلها. فالدولة السودانية كيان يقوم في محيط دولي وداخلي معقد، وهي علي كل تظهر بأكثر من وجه وتشكل مرجعية لاكثر من جهة. فالمسؤولون عن الدولة يحتجون حين يواجهون بطلبات المحاسبة والمساءلة من انصارهم الاسلاميين بأنهم يمثلون الآن دولة الخلافة الاسلامية، المرجعية الاسمي لكل المؤمنين. ولكنهم في نفس الوقت يزعمون في مقامات اخري ان هذه دولة وطنية تتساوي فيها حقوق المسلمين مع غيرهم. ونفس الدعاوي تتضارب في داخل حزبهم الافتراضي متعدد الوجوه، فارغ المحتوي.
    ومهما يكن الامر فان كل حالة تتطلب آليات مساءلة تتناسب مع الدعوي، فاذا كانت هذه الدولة اسلامية فلا بد من وجود آليات تحاكمها الي الشريعة، والي اهل الحل والعقد في الامة، واذا كانت دولة وطنية فانها مطالبة باقامة آليات تستند الي مرجعية الشعب ومؤسساته وهي في الحالين تقف امام مرجعية المجتمع الدولي الذي نصب نفسه وصيا عليها بصورة سلبتها معظم مقومات السيادة. وبحسب د. غازي فان ممثل الامم المتحدة المقيم اصبح اليوم سلطة قائمة بذاتها، لعله يضاهي المندوب السامي في ايام الاستعمار، وقد رد عليه متحدث اخر بأن هذا اهون الشرين، واخف من مصير العراق، وكأن الاستسلام بدون قتال افضل واشرف من الاستسلام بعد الحرب والنزال!
    وهناك نقطة ثالثة وهي ان كل المزاعم حول الدولة الاسلامية ـ المرجع لا تصطدم فقط بغياب آليات تحدد كيفية اختيار القيادة في هذه الدولة ومحاسبتها وتقويمها، بل كذلك بواقع وجود آليات ومؤسسات اخري داخلية وخارجية، فبخلاف المندوب السامي الاممي توجد في البلاد احزاب سياسية مسلمة وغير مسلمة، ومنظمات مجتمع مدني وحقوق انسان محلية واجنبية ودستور واتفاقيات سلام وتعهدات، ومؤسسات سياسية رسمية من برلمانات ولجان قومية ومؤسسات اخري لا حصر لها. الكيان الوحيد الغائب في كل هذه الزفة هو التنظيم السياسي الاسلامي.
    وبحسب علمنا فان دولة الخلافة لم تكن فيها احزاب علمانية ولم تكن عضوا في الامم المتحدة ولم يكن دستورها يشتمل علي اتفاقيات سلام تتعهد المساواة الكاملة من اهل الذمة، واهل الملة، ولم تكن فيها برلمانات ولا محاكم مستقلة ولا حكم فيدرالي ولا قوات حفظ سلام بيزنطية. اذن فالتحجج بوجود مرجعية اسلامية في شكل الدولة ما هو الا حيلة قصد بها خداع انصار الحكومة من الاسلاميين حتي لا يطالبوا بان يكون لهم حزب سياسي حقيقي مثل الاخرين وهو ايضا تعبير عن افتقاد القيادة الحالية للثقة بشعبيتها وسط الاسلاميين. وهذا حكم صائب من هذه القيادة لانها لو سمحت بقيام كيان ديمقراطي يضم الاسلاميين فان اول ما سيقوم به هذا الكيان هو اطاحة هذه القيادة.
    وهذا يعيدنا الي السؤال الاول حول مهمة الاحياء الاسلامي المفترض وهو يحيل الي سؤال آخر: من اين جاء الموت حتي اصبح الاحياء ضروريا؟ ومن المسؤول عن تراجع العمل الاسلامي الي ما دون مستوي ما قبل نصف قرن؟ وكيف يتم الاحياء ما لم يتم تحديد هوية القاتل وكف يده عن مزيد من القتل والتدمير؟
    وهناك سؤال اخر: ما هو تصور القيادة الحالية للدولة السودانية عن مستقبلها هي وعن مستقبل البلاد؟ فاذا كانت هذه القيادة تزعم انها علي رأس دولة اسلامية ولكنها تعادي الحركة الاسلامية وتصر علي وأدها، وتعارض احياءها واذا كانت هذه القيادة وقعت اتفاقيات داخلية وقبلت بقرارات دولية تصب كلها في اتجاه اخضاع الدولة لعملية ديمقراطية تحت مراقبة دولية فما هي خطة هذه المجموعة للبقاء في السلطة والاحتفاظ بمشروع الدولة الاسلامية في نفس الوقت؟
    يبدو ان هذه المجموعة تود الاقتباس من عبارة غسان سلامة المشهورة في عنوان كتابه عن ديمقراطية بدون ديمقراطية وتريد ان تقيم نظاما اسلاميا من دون اسلاميين. ويبدو ان الجماعة يؤمنون حقا بالتدخل السماوي المباشر، وان هناك ملائكة ستهبط من السماء للتصويت لصالحهم في الانتخابات القادمة، واذا كانوا بهذا القدر من التوكل، فلا شك ان استقالتهم بصورة جماعة وفورية لن تؤثر في مجريات الامور كذلك.
    مهما يكن فان التجربة الاسلامية السودانية تستحق الدراسة المتأنية، ليس من قبل الاسلاميين فقط، بل من قبل خصومهم ايضا. رئيس الوزراء السابق السيد الصادق المهدي وصف التجربة بأنها نموذج يخدم خطة الغرب في ابعاد الناس عن الاسلام . وقد ظل خصوم الاسلاميين يتهمونهم بأن مجيئهم الي السلطة سيؤدي الي اقصاء الاخرين من الساحة السياسية. ولكن الذي كشفت عنه التجربة السودانية هو ان الاسلاميين سيكونون اول من يواجه الاقصاء والاحباط حين تقوم الدولة الاسلامية وقد اكتشف ذلك مهدي بازركان وابراهيم يازدي وآية الله منتظري، كما اكتشفه حسن الترابي ومئات غيرهم.
    من هنا لعلها تكون خطة ماكرة تخدم مصلحة الادارة الامريكية ان تساعد الاسلاميين للوصول الي السلطة في البلدان التي لهم فيها نفوذ قوي لان النتيجة اذا كانت التجارب السودانية والايرانية مما يعتبر به، هي ان الاسلاميين قبل غيرهم سيكفرون فكرة ومبدأ الدولة الاسلامية، ويفقدون الثقة بالكامل في المشروع الاسلامي وقياداته.
    اما بالنسبة لدعاة الاحياء الاسلامي فان العبرة يجب ان تبدأ من عدم الثقة في القيادات التي تزين لهم تفويضها للانفراد بالسلطة في الحركة من اجل تحقيق هدف اقامة الدولة، ثم بالانفراد بالسلطة داخل الدولة بدعوي الدفاع عن الحركة. وهذا يعني العمل علي بناء تصور ديمقراطي للحركة الاسلامية والدولة الاسلامية معا، لان هذا هو الطريق الحقيقي لاحياء الامة.
    صحيفة القدس العربى

                  

04-02-2005, 06:30 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    ونحن نتساءل ايضا ونسال الدكتور عبد الوهاب الافندى والذى ابعد ما يكون عن الاكاديمية..وهل هناك فى الاصل دولة اسلامية/دينية...حتى تكون هناك احزاب اسلامية..والاسلام عقيدة مركزها الفرد وحدودها العالم...وهل من العجز ام من التجاهل ان يتجاوز الدكتور الذى يفترض ان يكون اكاديمي الفكر السودانى الجبار والمفكرين..الاستاذ محمود محمد طه..ومحمد ابوالقاسم. ومنصور خالد .والسيد الصادق المهدى...ويصر على ان ما يعرف بالحركة الاسلامية القائمة على افكار الاخوان المسلمين المصرية المنشا..ناجحة فى الدول العربية..فى زمن لا يصلح العطار ما افسده الدهر وفشلها طفح من افغانستان وطالبان ونظامها ذو القوة الثلاثية للابادة الذىيضم ولاية الفقيه /الملا عمر والسلفية الجهادية/بن لادن والاخوانجية/ايمن الظواهري) مرورا بالدول العربية وممارسات الاسلاميين المعيبة وغير الديموقراطية على كافة الاصعدة و المستويات..الدكتور المبجل الذى يكتب فى صحيفة القدس باستمرار ويطل علينا من فضائية الجزيرة احيانا..كان يوما من الرموز فى التجربة الثانية لاسلاميين فى السودان(ثورة الانقاذ)..الم يكتفى بالفشل الاول فى التجربة الاولى (الوعد الحق والفجر الكاذب) فى زمن الرئيس الاسبق نميرى..وهل انتفض الشعب علىنميرى شخصيا ام على البرنامج الدينى المزيف الذى تبناه والذى ازل الشعب السودانى واهان الفكر والمفكرين؟ كم ذكر العزيز الافندى فى مقال اخر بعنوان (غيبة الوعى فى الخرطوم القدس العربى عدد 19 مارس 2005 صفحة راى) معرضا بانضمام نميرى للحزب
    وحتى نؤكد للدكتور اننا نكتب بتجرد وباكاديمية دون راؤى ايدولجية نعيد نشر هذا المقال ادناه..ويعذرونا رواد المنبر الحر للرد هنا لان صحيفة القدس العربى توصد فى وجهنا كل منابرها فى التعقيب على ما يكتبه السودانيين فيها رغم ان جله يسمم وعى الاخوان العرب وقراء الصحيفة العالمية عن قضايا السودان الجوهرية.. و(المعارطة) السودانية لا تهتم بامر الاعلام الدولى فى ابراز قضايا السودان ولا ارى لهم هذا ولا ركزا لا فىفضائيات معتبرة او صحف او دوريات متخصصة..

    ***************

    الدولة الدينية يختار رأسها الله جل جلاله ، بينما الدولة السياسية ينتخب الشعب أو الحزب رئيسها او " أهل الحل والعقد بلغة السلف " .. أو يرث الملك عن أبيه أو عمه أو أحد قرابته ، أو يستولي على السلطة بانقلاب دموي أو أبيض .
    2- الدولة الدينية يقف على قمتها رسول يوحى إلية من قبل الله تعالى والدولة السياسية يحكمها بشر عاديون .
    3- الدولة الدينية يظل رئيسها طيلة حياته على اتصال بالسماء في كل وقت بالنهار والليل ، في السفر أو الحضر ، بينما علاقة رأس الدولة السياسية بالسماء منقطعة فلا وحي ينزل علية ، وصلته بالله ارتفع ذكره كأي مخلوق أخر بخالقه .
    4- في الدولة الدينية رأس الدولة يبقى محروساً من السماء بواسطة جنود ربه – الذين لا يعلمهم إلا هو ولذلك لما نزلت أية " والله يعصمك من الناس " 67/5 صرف الرسول الأعظم محمد "ص" حرسه مكتفياً بحراسة جند الله وقال : لمن كان يحرسه من الصحابة " انصرفوا ايها الناس فقد عصمني الله " تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن الإمام القرطبي المجلد الرابع ص 2241 كتاب الشعب طبعة دار الريان للتراث / القاهرة .. أما رأس الدولة السياسية فلا يستغني عن حرسه . وإذا غفل عن ذلك تعرض للاغتيال من أحد المحكومين كما فعل ابو لؤلؤة المجوسي مع الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وعبد الرحمن بن ملجم مع علي بن ابي طالب كرم الله وجهه .
    5- في الدولة الدينية توالى السماء رئيسها بالمشورة في كل معظلة صغيرة أو كبيرة ، والذكر الحكيم يقص علينا العديد من ذلك نكتفي بمثلين اولهما ورد في سورة المجادلة عندما جاءت خوله بنت ثعلبة إلى الرسول الأعظم محمد "ص" تسأل عن الظهار وتشتكي ما فعلة زوجها بها ، تقول أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها فما برحت " خوله أن غادرت حجرة عائشة " حتى نزل جبريل بهذه الآيات " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله " 1/58/"ب" .. والآخر روي ابن حرير وابن ابي حاتم عن ابن عباس " رضي الله عنه " أن رجلين تداعيا إلى نبي الله داؤد "ص" في بقر ، ادعى احدهما على الآخر أنه اغتصب منه فانكر المدعي علية ، فأرجا أمرهما إلى الليل ، فلما كان الليل أوحى الله إلية أن يقتل المدعي ، فلما أصبح قال له داؤد : ( إن الله قد أوحى إلى أن أقتلك فأنا قاتلك لا محالة فما خبرك فيما ادعيته على هذا ؟) قال : والله يا نبي الله إني محق فيما أدعيت علية ، ولكنني كنت قتلت أباة قبل هذا . فأمر به داؤد " س " فقتل فعظم امر داؤد في بني إسرائيل جداً وخضعوا له خضوعاً عظيماً ، وذلك قول الله تقدست أسماؤه في شأن داؤد "س" : " وشددنا ملكة وآتيناه الحكمة وفصل الخطاب " 20/38 "ج" .. إذن وحي السماء مع رأس الدولة الدينية في كل نازلة تعرض له سواء اجتماعية أو مسألة أحوال شخصية " كالظهار " أو قضية مدنية / جنائية " الاختلاف على ملكية البقر ، القتل " .. أما رأس الدولة السياسية فهو يعتمد في حل ما يصادفه من مشكلات على عقله وتفكيره وعلى الوزراء والمستشارين والخبراء ذوي الاختصاص المحيطين به .
    6- في الدولة الدينية مدد السماء لا ينقطع عن رئيسها فنرى الله جل شأنه يسخر له الجبال والطير ويلين له الحديد " داؤود س " ويعلمه منطق " لغة " الطير ويسخر له الجن والإنس ويسخر له الرياح العاصفة والشياطين والغواصين " " سليمان – س " وأرسل الله كتيبة مسلحة من الملائكة بقيادة جبريل "س" في غزوة بدر الكبرى لتحارب مع رسوله الأعظم محمد "ص" ومع المسلمين " ألن يكفيكم أن يمدكم ربكم بثلاثة آلاف من الملائكة مسومين " 124/3 " واخرج ابن أبي شيبه في المنصف وابن ابي حاتم عن الشعبي : أن المسلمين بلغهم يوم بدر أن كرز بن جابر المحاربي يمد المشركين فشق عليهم فانزل الله : إذ نقول للمؤمنين ألن يكفيكم أن يمدكم ، إلى آخر الآية فبلغت كرزاً الهزيمة ، فلم يمد المشركين ولم يمد المسلمين بالخمسة "د" .. في حين أن رأس الدولة السياسية لا تقدم السماء له آية مساعدة : مثل الملائكة أو الجن أو الشياطين أو الرياح أو الطير .. الخ إنما علية أن يعتمد على ملكاته وقدرات شعبة .
    7- طاعة رأس الدينية فرض ديني " وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " 7/59 ، بل إن هذه الطاعة هي محك الإيمان " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليماً " 65/4 وليس الأمر كذلك في الدولة السياسية إذ لا صلة بين ظلمة المحكوم للـحاكم فبها وبين إيمانه وعصيانه إياه لا يقدح في دينه .
    8- المعارضون لرأس الدولة الدينية إما كفار مصيرهم جهنم وإما منافقون في الدرك الأسفل من النار ، أما المعارضون في الدولة السياسية فقد يعرضون أنفسهم لعقاب دنيوي فحسب يصل أحياناً إلى حد التصفية الجسدية ؛ إنما لا شأن له " العقاب والجزاء " بعقيدتهم " الدينية " فعلى سبيل المثال الصحابي الجليل سعد بن عبادة سيد الخزرج "ض" لم يبايع أبا بكر ولا الفاروق عمر بن الخطاب "رضي الله عنهما " واستمر طوال حياته معارضاً لهما لا يصلي بصلاتهما ولا يجمع بجمعيتهما ولا يفض بإفاضتهما "د" وظل كذلك إلى أن قتلة الجن في الشام ولم يجرأ أحد على إن يدعي بأنة كفر أو نافق .
    9- رأس الدولة الدينية معه كتاب أوحى به إلية فقد أنزل على الرسول الأعظم محمد "ص" القرآن وقال الحق تبارك وتعالى " وأتينا داؤود زبور " 55/17 " وورث سليمان داؤود " 16/27 ومن بين ما ورثة " الزبور " وما به من حكمة وعلم " ولقد أتينا داؤود وسليمان علما " 15/17 وفي " الكتاب المقدس " توجد " أمثال سليمان " " ملك إسرائيل " بلغت واحد وثلاثين اصحاحا " ونشيد الإنشاد الذي لسليمان " واصحاحاته ثمانية وهذه الكتب المنزلة تشد من أزر رأس الدولة الدينية وتعززه وتمنحه القداسة وتوقع في نفوس محكوميه ..والاذعان له..وآخر كتاب مقدس هو المصحف الشريف الذى نزل على نبينا محمد (ص)
    10- ختاما ان الدولة الدينية ارتبطت بفترة زمنية محددة كان مسك ختامها الرسول الكريم وان ما تلى ذلك منذ سقيفة بني ساعدة الى اليوم هو الدولة السياسية...وترك امر النظام السياسى مفتوح يتطور مع تطور الزمن مع تحديد اطر عامة للحكم العادل يضمنها القرآن المكي ..ونجد فيه كثير من روح القيم الحديثة من توزيع عادل للسلطة(الديموقراطية وتوزيع عادل للثروة (الاشتراكية) واللامركزية الفدرالية والقضاء المستقل والاعلام الحر..بينما المذاهب الدينية المنتشرة فى المنطقة نجمت لظروف تاريخية وليس ظروف عقائدية وقدا شار لذلك ابو العلاء المعرى:
    انما هذه المذاهب اسباب لجلب الدنيا الى الرؤساء
    كالذى يقوم بجمع الزنج فى البصرة والقرمطى بالاحساء

    وان فصل الدين عن السياسة لا يعنى تغييب الدين عن المجتمع كما فعلت العلمانية الغربية بل عدم استغلال الدين كمطية للسلطة كما يفعل ما يعرف بالاسلاميين الان..لان الاسلام عقيدة عالمية مركزه الفرد وحدوده العالم.ويمتد مع حياة الفرد بين دارين بينما السياسة علم يدرس فى الجامعات فى الكليات ذات الاختصاص وتعتمد على مواهب الانسان فى ادارةشئون البلد فى مستوى القطر وحدوده المحدودة..لذلك يكون بالتالى الحزب اطار سياسى وليس دينى ولا يقدح ذلك فى عقائد من لا ينتسبون اليه..

    (عدل بواسطة adil amin on 04-03-2005, 05:06 AM)

                  

04-03-2005, 04:49 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    نعود الى مقال غيبة الوعى فى الخرطوم للدكتور عبد الوهاب الافندى والمنشور فى عدد السبت/الاحد 20 مارس 2005 من صحيفة القدس العربى

    وموجود فى اللنك ادناه وليس لدينا تعليق سوى ان ثورة مايو الاشتراكية كانت سبع بقرات سمان اكلنهن سبع بقرات عجاف..والشعب السودانى فى 6 ابريل رفض المشروع الاسلامى الترابى وثم عادوا وفرضوه فى 30 يونيو 1989
    http://www.alquds.co.uk:8080/archives/pdf/2005/03Mar/19MarSat/Quds19.pdf
                  

04-03-2005, 05:21 AM

Imad Khalifa
<aImad Khalifa
تاريخ التسجيل: 11-26-2004
مجموع المشاركات: 4394

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    تعقيب على ورقة د. غازي صلاح الدين "دعوة لإحياء العمل الاسلامي"
    فاقد الشئ لا يعطيه!!

    د. عمر القراي
    [email protected]

    (قالوا سبحان ربنا إنا كنا ظالمين * فأقبل بعضهم على بعض يتلاومون * قالوا يا ويلنا إناكنا طاغين)!!
    صدق الله العظيم
    في محاولة تتسم بقدر كبير من التضليل ، ونذر يسير من الصدق ، سعى د. غازي صلاح الدين العتباني عضو المكتب القيادي للمؤتمر الوطني، لرأب التصدع ، وتهدئة التناحر ، ومحاولة لم الشمل ، بين اعضاء الجبهة الاسلامية ،استعداداً للمرحلة القادمة. ولقد تعرضت الورقة ، التي قدمها في حلقة النقاش ، التي نظمتها هيئة الأعمال الفكرية ، وعقدت بقاعة الزبير للمؤتمرات ، لنقد للتيار الحاكم من الجبهة ، والتيار المعارض ، بصفة عامة ، مما جعلها تعبر عن راي قطاع واسع ، وسط اعضاء الجبهة ، يرى ان ما حدث من شقاق ، وتراشق ، واعترافات على انفسهم بظلمهم لبعضهم ، ولغيرهم ، ما كان ينبغي ان يحدث ، بين جماعة تزعم انها قد اتت بالاسلام الصحيح ، وتريد تطبيقه على المجتمع .
    على ان من يقرأ بتعمق ، يرى بوضوح، انما حرك د. غازي في هذا الوقت ، بالذات ، ليست دواعي الاخاء الديني، وروح المحبة الاسلامية الخالصة ، وانما هو التحولات الكبيرة ، التي فرضت على حكومة الجبهة بارادة دولية ، وهي لا تملك لها دفعاً . ذلك ان دخول اطراف أخرى في السلطة ، انما يحرم الجبهة من استغلال كافة طاقات ، وامكانات البلاد لخدمة اغراض تنظيمها السياسي، كما كانت تفعل من قبل ، وضياع المكاسب المادية ، التي كانت المحرك الاساسي ، انما يزيد من تفكك الجماعة ، ويهددها بالفناء!!
    يقول د. غازي (فاتفاقيات السلام تعيد تشكيل البلاد بصورة جذرية والعلاقات والتحالفات التي تنشأ في ظل الواقع الجديد ليست بواضحة المعالم ولا مؤكدة الخواتيم . ويجري هذا في وقت طغت فيه رؤية مستفردة للنظام الدولي تنحو باستمرار الى فرض صيغها ووصفاتها العلاجية بأسلوب يلغي مفاهيم السيادة الوطنية التي سادت النظام الدولي القديم . وليس السودان بمفازة من هذه الإرادة الجديدة ، ومساحات العمل والمبادرة تتقلص امام الدولة بسبب تلك التحولات الجذرية)[1] .. فلو لم تكن الدولة مضطرة ، لما سمحت للنظام الدولي ، ان يفرض عليها وصفاته العلاجية ، التي من ضمنها ، اتفاقية السلام .. هذا ما اراد د. غازي ان يوصله لشباب الجبهة الذين كانوا يستمعون له!!
    ولعل خطورة مثل هذا الاتجاه ، تكمن في انه ينطوي على تحريض مستتر، للتنصل عن الاتفاقية ، متى ما سمحت الظروف ، بحجة انها لم تكن في الاساس ، متفقة مع مبادئ الجماعة الاسلامية ، وانما اضطرت لقبولها اضطراراً.. وهو في نفس الوقت ، محاولة لتبرير الاتفاقية ، بفقه الضرورة ، امام الجناح المتطرف من الجبهة الذي يرى فيها تنازلاً عن الجهاد ، وخيانة لأرواح القتلى ، الذين كانت الجبهة تعتبرهم شهداء ، وتملأ الاعلام ، والمآتم ضجيجاً ، بالحديث عن الحور العين ، اللائي ينتظرنهم!!
    و د. غازي نفسه ، لا يؤمن في دخيلة نفسه ، بالسلام!! رغم انه كان مستشار الحكومة للسلام ، و ممثلها في مفاوضات السلام .. ولعل هذا ما كان يعوق محادثات السلام ، فلم تنجح الا بعد ابعاده منها. فهو قد كان يعتقد ان د. جون قرنق عدو للمسلمين ، يتربص بهم الدوائر. وانه حين وقع إعلان القاهرة مع الحزبين الكبيرين ، ووقع اتفاقاً مع حزب المؤتمر الشعبي ، انما فعل ذلك ليفرق بين المسلمين!! ولذلك قال (خلو زعيم الحركة من مشاعر الغضب أو الدهشة ناشئ من ان نظرته للاعلان أصلاً لم تتجاوز الانتهازية السياسية طلباً لتسجيل نقطة على الحكومة واحراجها في المفاوضات واحداث مزيد من الانقسام في الصف الاسلامي)!![2]
    وحتى يجد حديثه قبولاً، وسط جماهير الجبهة ، كان لا بد لدكتور غازي ان يبدأه بالاشادة بالجبهة .. وكيف انها هي التي قدمت رؤية شاملة للاسلام ، تتجاوز الرؤية التقليدية ، وانها ارجعت المجتمع السوداني الى صحيح العقيدة ، والسلوك ، والعبادات ، وطرحت مفاهيم متقدمة ، نافحت بها المناهج الغربية والماركسية!! أسمعه يقول (واختصت المجموعات التي نشطت في هذه المجال واستحقت وصف الحركة الاسلامية المعاصرة أو الحديثة برؤية شاملة للاسلام تتجاوز الرؤية التقليدية التي تجعله محصوراً في بعض جوانب الحياة ... وبرغم ان خصوم الحركة الاسلامية المعاصرة ظلوا يلحون في تلخيص منهجها بتعبير الاسلام السياسي ، الا ان مكتسبات الحركة تجاوزت بعيداً محض السياسة . صحيح ان الرؤية السياسية والمدافعة بمقتضاها ظلت مكوناً جوهرياً في فكر الحركة ، لكن كسبها طرز رقعة كبيرة ومتوسعة من نسيج الحياة المعاصرة ، تمتد من مسائل العقيدة والمفاهيم الى مسائل السلوك والعبادات... كما انها مضت في نهجها سباقة ومبادرة نحو تجديد المفاهيم والفقه لمقابلة الحوادث والاقضية . وقدمت في هذا الصدد بدائل لاساليب الحياة المعاصرة في السياسة والاقتصاد وحركة المجتمع نافحت بها الاساليب والمناهج الغربية الحديثة والماركسية)[3]!!
    ونحن لا نعرف للجبهة الاسلامية ، منذ ان كان اسمها جبهة الميثاق الاسلامي ، وحتى اليوم ، اجتهادات تطور بها المفهوم العام للمسلمين، لا في مجال العقيدة ، ولا في مجال السلوك ، ولا في مجال العبادات .. ولوكان د. غازي يملك نماذج لما تردد في ان يدعم وجهة نظره .. هنالك بعض الفتاوي المتطرفة ، قام بها د. الترابي ، ولكنه لم يلبث ان تراجع عنها ، بغرض المصالح السياسية . ومن ذلك مثلاً ، فتواه بان من يموت في الحرب بين الشمال والجنوب ، من الشماليين ، يعتبر شهيداً، وعلى اثر هذه الفتوى ، حرك التنظيم والسلطة الحاكمة لتسخير الاعلام ، واقامة عرس الشهيد ، في بيوت ضحايا الحرب ، وحين اختلف مع الحكومة ، افتى فتوى مضادة ، مفادها ان الحرب جائرة ، وان القتلى فيها ليسوا شهداء!!
    ولم تنافح الجبهة الاسلامية الفكر الغربي ، بل كانت على طول المدى معجبة به ، ومفتونة بحضارته.. وظلت قياداتها هي التي ترسل ابناءها للدراسة في الخارج .. وحين وصلت الجبهة للسلطة ، وسخرت كل امكانية البلاد لافرادها، عاشوا داخل السودان ، في العمارات العالية ، والفرش الفاخر الوثير، والسيارات الفارهة ، التي يتشبهون فيها بالغربيين ، ويترسمون حياتهم .. ولم تستطع الجبهة الاسلامية ، مواجهة الماركسية ، كما زعم د. غازي ، بل انهم لعجزهم الفكري ، سعوا لاسكات الشيوعيين، بحل حزبهم وطرد نوابهم ، في مؤامرة حل الحزب الشيوعي السوداني المعروفة ، والتي ساقوا فيها الطائفية في ركابهم ، تنفذ لهم مخططهم ، حين عجزوا من المنازلة ، في ميدان الحوار الفكري ، في ظل النظام ، الذي يفترض ان يكون ديمقراطياً!!
    ولما كان د. غازي يهدف أصلاً ، الى إرضاء الجناح المنشق ، بحكومة الانقاذ ، فقد ركز على الثناء عليها ، فقال: (فترة الانقاذ ايضاً اتسمت بمكتسبات كبيرة لا يمكن تجاوزها ... ومهما أسرف المنتقدون في الحديث عما رافق تجربة الاسلاميين من إخفاقات ، بل حتى من خيبات ، لا يمكن لأحد ان ينكر ما في حقيبة التجربة من حصاد وفير من المكاسب والانجازات)[4] ومن تلك المكاسب التي ذكرها: (المشروع الجهادي الذي تصدت له بفلذات أكبادها من بين أكثر ابناء السودان نضجاً ، واميزهم عطاء وافضلهم استعداداً للفداء والتضحية . فما انثنى عود الإنقاذ أمام حرب الاهل والقوى الدولية ، وقاتلت حتى أوصل ميزان القوة المتقاتلين حد التراضي على الدخول في السلم . وقد قدمت الانقاذ ههنا تجربة حية في تعبئة المجتمع وتعبيره عن استقلاله ، فكراً وخطاباً وسياسة عملية ، واستفرغت طاقتها وطاقة ابنائها في المدافعة عن أرض السودان ومصالحه من خلال مسيرة جهادية متميزة تجاوب معها السودانيون جمعياً وابرزوا استعدادات مذهلة للتضحية بالنفس والمال والولد)[5]!!
    الذي يسمع مثل هذا الكلام الانشائي ، الفارغ ، يظن ان حكومة الانقاذ ، كانت تحارب دولة معتدية على السودان، لا جزء من شعبها ، ظلم عبر التاريخ ، وحين نهض يطلب حقوقه ، فلم يجد من الحكومة الا الحرب!! ومع ان بعض المضللين من اعضاء الجبهة ، كانوا فعلاً يعتقدون ان هذه الحرب جهاداً في سبيل الله ، الا ان القادة المرفهين ، المترفين ، من أمثال د. غازي ، لم يؤمنوا في اي وقت بانه جهاد ، وان عاقبته الجنة ، والا لما تاخروا عنه ، وتركوا فضله لمن هم دونهم في قيادة التنظيم!!
    وحكومة الانقاذ ، لم تعتمد على التعبئة ، أو الخطاب الفكري ، كما اشار غازي . ولو كان كان ذلك شأنها ، ما وجدت من يحارب معها ، من الشعب .. ولكنها اجبرت السودانيين ، على المشاركة ، في هذه الحرب الغادرة ، فباءت باوزارهم .. ألم تجمع الشباب من الشوارع ، وتسجنهم في المعسكرات وتقتلهم حين حاولوا الفرار منها، كما حدث في العيلفون؟! ألم ترسل هؤلاء الشباب ، المجبرين الى جبهة القتال ، دون تدريب كاف ، وتجعلهم دروعاً بشرية ، تفجر بهم الالغام؟!
    فاذا توصلت الحكومة أخيراً، لقبول السلام ، فهذا يعني انها اقتنعت بانه الخيار الافضل . ويعني في نفس الوقت، ان الحرب قد كانت الخيار الخاطئ .. ولن يستطيع د. غازي ، ان يقنع الشعب السوداني ، ولا حتى عناصر الجبهة انفسهم ، بان الحكومة محقة ، وحكيمة ، وهي تختار السلام ، وقد كانت أيضاً محقة ، ومجاهدة ، حين رفضت السلام ، واختارت الحرب!!
    ومن الايجابيات ، التي ذكرها د. غازي لحكومة الانقاذ ، إنجازاتها الإقتصادية .. فقال (فقادت نهضة في البناء والنماء أثبتت بها صحة رؤاها الإقتصادية ، وفتقت موارد البلاد الكامنة مما استعصى على مختلف حقب الحكم الوطني السابقة فعله . ما تركت حجراً حسبت ان اسفله ثروة الا قلبته ، ثم توجت ذلك بانتاج البترول في ظل ظروف داخلية وعالمية معوقة)[6] .
    وانه لحق ان السودان ، شهد تطوراً عمرانياً ، وتجارياً طفيلياً ضخماً، أدى الى زيادة الاموال ، وانفتاح الاسواق، وكثرتها، وتبع ذلك اصلاحات في المواصلات ، وبعض المرافق خاصة في العاصمة .. ولكن هذه التحولات المالية على ضخامتها ، لا تعتبر انجازات اقتصادية . فمشاريع البنية التحتية ، كالطرق ، والسكة حديد ، والطائرات ، ومحطات الكهرباء ، ومياه الشرب النظيفة في الريف ، لا تزال بعيدة عن الاصلاح والكفاءة. والتعليم العام ، والمستشفيات العامة ، خالية من الدواء والخدمات . بينما انتشر العلاج الخاص ، والتعليم الخاص ، الذي يملكه غالباً اعضاء الجبهة انفسهم ، ثم لا يطوله الفقراء من عامة الشعب . ولقد قلبت حكومة الجبهة ، كل حجر، كما ذكر متحدثها ، وجمعت كل ثروة ، واخذت من التجار الضرائب الخرافية ، حتى اخرجتهم من السوق . وفرضت على المواطنين الزكاة ، فيما لا تجب فيه الزكاة .. ولكنها لم توظف كل هذه الاموال ، لمصلحة الشعب ، الذي ما زال يعاني الفقر، والفاقة . وانما وزعتها على أفرادها ، فصار من تزوج منهم بامراتين ، يبني لكل واحدة منهن عمارة!! بينما يعيش آلاف النازحين ، من مناطق الحروب، ومواطن المجاعات ، في اصقاع السودان المختلفة ، حول العاصمة ، في مساكن من الكرتون ، والصفيح ، لا يجدون تحت هجيرها ما يسد الرمق.
    ولقد تم انتاج البترول ، على يد حكومة الجبهة ، بكميات اكبر، فرفع ذلك من معدل النمو الاقتصادي عموماً، ولكن لم يرفع من معاناة الشعب!! وذلك لأن الحكومة ، وظفته لشراء السلاح ، حين ظنت انها بهذه الاسلحة ستقضي تماماً على حركة الجيش الشعبي ، ومن ثم يقع البترول ، لقمة أخرى سائغة لافرادها ، فيزيد من تخمتهم ، على حساب جوع الشعب .. ولكن السحر قد انقلب على الساحر، واصبح وجود البترول ، هو دافع الدول الكبرى للحرص على السلام والاستقرار، مما حدا بها لفرضه على حكومة الانقاذ ، من خلال المؤسسة الدولية ، رغم تضجر افراد الجبهة من ذلك ، بما فيهم د. غازي ، الذي اصبح الآن يتحدث عن الظروف العالمية ، ويريد للجماعة ان تتجاوب معها!!
    مشكلة الجبهة الاسلامية ، على حسب رأي غازي ، هو ان آلياتها القديمة ، ومؤسساتها التقليدية ، لم تستطع استيعاب الدولة الاسلامية الجديدة ، بكل مشاكلها ، وتعقيداتها .. فكأن المشكلة في رأيه ، مشكلة تخطيط ، وتنسيق ، بين الحكومة ، والتنظيم السياسي ، الذي يفترض انها تعبر عنه ، وتحاول تحقيق ما ظل يطرحه .. يقول غازي (فما كان للمهمات الجديدة التي جلبتها الدولة بكل تعقيداتها ان تتصدى لها الآليات والمؤسسات الحركية القديمة. بتلك النقلة انقطع التواتر التاريخي للحركة ومؤسساتها وحلت محلها تماماً الدولة بجميع همومها وحاجاتها العاجلة والملحة)[7] وليس هناك تقرير، ابعد من الصواب من هذا!! لانه يتجاوز جوهر المشكلة ، الى مظاهرها السطحية ، فان ما جعل التنظيم ، عاجز عن استيعاب الواقع الجديد ، ليس أمراً تنسيقياً ، وانما هو امر جوهري ، هو غياب التربية الدينية ، عن قاعدة التنظيم ، وعن قمته . فقد ضحى افراد التنظيم بقيم الاسلام ، التي تقوم على الاخاء ، والمحبة ، والادب ، في سبيل الحصول على مواقع في السلطة ، لكبر الدنيا في نفوسهم ، وصغر المعاني الدينية في صدورهم ، رغم جعجعتهم بها ، وتضليلهم للبسطاء بشعاراتها!!
    يقول د. غازي (كان الحدث التالي زماناً لقيام الانقاذ ولكنه الابعد اثراً في تطور الحركة ، هو انشقاقها واحترابها حول السلطة ... لقد تضافرت فتنة الشقاق ، والارتباك في الرؤية الى دور الحركة ووظائفها بين من يرى بقاءها ولو لاداء وظائف مرجعية محدودة ومن يرى ذوبانها في المؤسسات التي انشاتها المرحلة الجديدة ، وقد توافقت تلك العوامل لتحدث اكبر عملية تعرية وإضعاف في بنائها . لقد افقدتها الصدمات المتتابعة تماسكها ووحدة صفها وفاعلية قيادتها ومقدرتها على المبادرة . ومن ثم فقدت التكافل التاريخي المتين بين افرادها ، الذي قام على الإخاء في الدين . وفي احيان كثيرة انقلب التكافل مقاطعة وتحارباً بين اخلاء الأمس).[8]
    ان افادة د. غازي هذه ، لا تثبت مفارقة الجبهة لقيم الدين ، واحترابها على السلطة فحسب ، بل تؤكد ان التنظيم سعى لاستيعاب السلطة، وذاب فيها ، حتى اختلط الامر على افراده .. ولم يتم هذا الأمر عفوياً ، وانما خطط له بدقة ، فيما سمي ببرنامج "التمكين"!! فقد تخلصت الجبهة من العاملين في القطاع العام ، بفصلهم ، وسمت ذلك الاحالة للصالح العام . وغيرت لجنة الخدمة العامة ، لتمنع قبول الخريجين ممن ليسوا من اعضاء الجبهة ، حتى تضمن المواقع لاعضاء التنظيم من ناحية ، وتامن الاضرابات من الناحية الأخرى .. ثم بعد الاستيلاء على القطاع العام ، اتجهت للقطاع الخاص ، فحاربت التجار التقليديين ، بعناصر الجبهة . ففرضت الضرائب العالية على منافسي عناصرها ، واحتكرت لعناصرها الاستيراد ، والتصدير، واعفتهم من الجمارك ، في الوقت الذي حجزت بضائع غيرهم في الميناء حتى تلفت ، ووجهت المصانع المحلية ، لتعطي عناصر الجبهة ، وتمنع غيرهم ، حتى خرج كبار التجار من السوق ، وحل محلهم في وقت وجيز، شباب الجبهة ، الاقل خبرة ، وتجربة ، والمدعوم من الحكومة .
    وحين قضت الجبهة ، على خصومها تماماً ، وتم لها "التمكين" ، أتاها أمر الله من حيث لا تحتسب . فقد توزع افرادها ما سلبوا من الشعب ، بصورة غير عادلة ، استاثر فيها طامعيهم باكثر من الآخرين .. ولما كان الأمر كله ، امر دنيا ، فقد حنقوا على اخوانهم ،الذين ظلموهم ، وحاربوهم بضراوة ، واخذ اصحاب المصالح ، يدافعون عن مصالحهم ويتشبثون بها اكثر ، حتى وصل الحال ، الى ما وصفه د. غازي في عباراته السابقة .
    يقول د. غازي (وعندما ضعفت الثقة بالنفس وبالجماعة ، وانبهم النظر الى طرائق الخلاص ذوت المبادرة الى العمل وتراجع روح المدافعة والمناجزة ، وتخلخلت الارادة الجماعية والذهنية الموحدة ، فتفرقت بالناس السبل بين باحث عن نجاة في مذهب جديد ياوي الى فيئه ، او آبق الى جماعة أخرى تحتضنه وتهبه نصرتها. ولكن اشد الادواء مضاضة وابلغها اثراً كان احساساً مداخلاً بتآكل المشروعية وفقدان المصداقية الذاتية ، ذلك الاحساس الذي يضعف الإيمان بالنفس وباحقية المطلب الذي اجتمع عليه من اجتمعوا وتواثقوا على نصرته. ومعلوم انه عندما يضيع إيمان صاحب الحق بحقه فمن المحال ان ينيب عنه من يقتضيه له مجاناً. وكان من نتائج أزمات العمل الاسلامي ضموره في التيارات الحية والمتجددة التي كانت له فيها الصدارة على من عداه . وهذه حقيقة تشهد بصحتها انتخابات الاتحادات الجامعية ونسب العضوية في القطاعات الطلابية والشبابية عامة)[9]
    ان اعضاء الجبهة لم يفقدوا الايمان بفكرتهم ، وفي قادتهم ، دون سبب ، أو لمجرد طمع افراد منهم في السلطة .. وانما لأنهم رأوا باعينهم ، مبلغ المفارقات ، التي تورط فيها بعضهم ، ولم يستطيعوا ان يجدوا لها مبرراً من الدين!! فلقد كلفهم التنظيم ، بالتجسس على أهلهم وذويهم ، وبالتآمروالاعتداء على الابرياء ، وتعذيبهم في بيوت الاشباح ، بالضرب ، وهم مكتوفي الايدي ، ومعصوبي الأعين ، مما يتنافى مع قيم الرجولة ، والمروءة ، التي تربى عليها السودانيون ، في البيوت الكريمة .. وبلغ بهم التناقض ، ان الشخص الذي يعتدي على المعتقلين بالضرب ، والايذاء، والسب ، بأقذع الالفاظ ، هو نفسه ، الذي يجمعهم ليصلي بهم إماماً!! وكان لابد لمثل هؤلاء ، ان تلم بهم ، ولو للحظة ، يقظة ضمير ، يسألون فيها انفسهم ، هل يمكن ان يكون هذا العمل من الدين؟! ولأن التنظيم في الجامعات ، صورة مصغرة للتنظيم في الخارج ، فقد درج زعماء الطلاب ، من اعضاء الجبهة ، على الظهور بافخر البدل، لتقديم الخطب السياسية ، والترشح لمقاعد الاتحاد، بينما يكلف من هم في قاعدة التنظيم ، ممن يؤمون الصلاة الجماعية ، بكل اعمال العنف ، ضد خصومهم ، وتحمل تبعاتها .. فكان طبيعياً ان يحاسب الطلاب تنظيم الجبهة ، بفشل حكومته ، وان يتزمر اعضاؤه ، على التمييز التنظمي ، في محيطهم الطلابي ، وهكذا سقطت الجبهة ، في مؤسسات التعليم ، ولم يشفع لها، عنفها بالطلاب وارهابها لهم ..
    وحين اعلن التنظيم ، ان حرب الجنوب تعتبر جهاداً في سبيل الله ، وان من يقتل فيها ، يعتبر شهيداً ، دفع بعض المتحمسين من اعضاء الجبهة بابنائهم ،الى اتون الحرب .. ولكنهم بعد ان فقدوهم ، نظروا فاذا بابناء قادتهم ، يتمتعون بكل الاموال ، والاوضاع التي حصلها التنظيم باستيلائه على السلطة ، دون ان يغادروا العاصمة ، الى ميدان القتال!! ولما كان هؤلاء المتدينين الصادقين ، يقرأون السيرة الاسلامية ، التي حدثهم عنها زعماؤهم ، ويقرأون فيها، وصف علي بن ابي طالب رضي الله عنه ، للنبي صلى الله عليه وسلم ، في قوله (كنا اذا اشتد الباس وحمي الوطيس إتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أقربنا الى العدو) وقوله في خطابه لمعاوية (فكان اذا حضر البأس ودعيت نزال قدم أهل بيته فوقى بهم اصحابه . فقتل عبيدة يوم بدر ، وحمزة يوم أحد ، وجعفر يوم مؤته)[10] ، فقد شعروا بان زعماءهم ، لا يلتزمون بالنهج الديني ، الذي يدعونهم اليه ، ويعظونهم به ، وانهم انما يستغلونهم باسم الدين ، لتحقيق مصالحهم الدنيوية الضيقة ، لا أكثر ولا اقل!! من هنا جاء فقدان المصداقية ، الذي تحدث عنه د. غازي ، ولم يقف على حقيقته ..
    ورغم ان اعضاء الجبهة ، يؤمون المساجد ، ويستمعون الى خطب زعمائهم ، وائمتهم فيها ، الا انهم نظروا لهم في السوق ، فرأوهم يحتكرون البضائع ، وينشئون الشركات الضخمة ، ويسخرون الاموال لافساد من يعملون معهم ، في وقت يعاني فيه غيرهم ، من المواطنين ، ضنك الحياة .. ولان النسيج الاجتماعي في السودان ، لازال متماسكاً ، فان أعضاء الجبهة ، يرون الفقر، والحاجة ، والذل، والاستغلال المفسد ، يقع على اقاربهم ، ممن ليسوا من اعضاء الجبهة ، فلا تقبله نفوسهم ، ويتساءلون لماذا لا تعود الحكومة الاسلامية ، بالخير والامن والرخاء على كل الناس؟! وحين وقع الخلاف بين الوطني والشعبي ، رأى اعضاء الجبهة الاسلامية ، حكومتهم الاسلامية ، تعتقل مرشدهم الديني ، وتلاميذه بالأمس ، يكيلون عليه الهجوم اليوم ، فانهار في نفوسهم ، بنيان التنظيم ، الذي لم يؤسس أصلاً ، الا على شفا جرف هار!!
    وحتى يستفز د. غازي اعضاء الجبهة ، ويدفعهم الى التوحد مرة أخرى ، حاول ان يقنعهم بان خلافهم هذا، أدى الى تضرر الاسلام نفسه!! فقال (لقد تضررت صورة العمل الاسلامي كثيراً بسبب المشكلات الموصوفة ووهنت وحدته واصبح تاثيره محدوداً فيما يجري . ويتنامى لدى ابناء الصف الاسلامي عامة الاحساس بتراجع العمل الاسلامي ومحاصرته مضموناً ومظهراً وخطاباً ، وظهور الجرأة على الدولة ، وعلى قيم المجتمع ، بل وعلى الاسلام في أصله)!![11] والحق ان ما حدث لا يضر الاسلام ، بل لعله لم يحدث الا لمصلحة الاسلام .. فلقد ضللت الجبهة الناس، ردحاً من الزمان ، باسم الاسلام ، ولما وصلت الى السلطة ، انكشف أمرها للناس اولاً، ثم لاعضائها أخيراً.. وهو ما لن يستطيع د. غازي تداركه ، لأنه هو نفسه ، من النماذج المنتفعة ، داخل الجبهة، والتي شكلت الطبقة العليا، التي دفعت بالبسطاء الى كافة التضحيات ، وجنت ثمرة تضحياتهم .. فهو يفقد المصداقية ، ويفقد الايمان ، فلن يستطيع ان يعطي هذه القيم للآخرين!! ولقد تنامى الوعي بالسودانيين ، بسبب كل هذه التجارب ، واستطاعوا ان يبرءوا الاسلام ، من سوءات الجبهة ، ثم يبحثوا عنه في مصادر أخرى ، وهذا ما يزعج أمثال د. غازي من المنتفعين ، من الوضع القديم!!
    ورغم ان د. غازي حاول كثيراً خلال ورقته هذه ، الا انه لم يستطع ان يخفي الدافع الاساسي وراءها ، وهو الخوف من الرقابة الدولية ، وعدم امكانية ان تنفرد الجبهة بالسلطة بعد الآن ، وان بعض عناصر الجبهة قد تقدم لمحاكمة دولية ، وفي ظل الشقاق ، ربما قدم بعضهم ، افادات ضد الآخرين .. لذلك قال (فاتفاقيات السلام تفتح مجالاً للرقابة الدولية من خلال وحدات نظامية تتجاوز عشرة الآف ومئات من الشرطة المدنية والموظفين الدوليين ومراقبي حقوق الانسان. ويقيم بالخرطوم ممثل للأمين العام يخدمه جيش من الموظفين ويرفع تقاريره لمجلس الأمن مباشرة . ومجلس الأمن قد أصدر فعلاُ من القرارات ما يقيد به الإرادة الوطنية وهو الآن بصدد النظر في مشروع قرار يشكل به لجنة دولية من أعضائه لمتابعة تنفيذ اتفاقية السلام والاوضاع في دارفور ، مع احتمال توقيع عقوبات جديدة على الحكومة والمطالبة بمثول مواطنين سودانيين وربما بعض المسؤولين امام المساءلة الدولية . وهذه هي الاعتبارات التي تبرر الدعوة الى النقاش الحر البناء لمشكلات الساعة وتحدياتها وصولاً الى صيغة قومية لمواجهتها)!![12]
    أقرأ مرة اخرى قوله (وهذه هي الاعتبارات التي تبرر الدعوة الى النقاش الحر البناء لمشكلات الساعة وتحدياتها وصولاً الى صيغة قومية لمواجهتها) اذن النقاش لم يحدث بسبب دواعي الاخوة الدينية ، واصلاح ذات البين ، والامر بالمعروف؟! ألم نقل ان د. غازي ليس مؤهل دينياً ليقود أي إصلاح؟!
    ولماذا يخشى د. غازي من المساءلة الدولية ، لمرتكبي فظائع دارفور، ألم يشر في ورقته هذه ، الى عناصر الجبهة ، ويحملها ولو ضمناً ، المسؤولية عما حدث هناك؟! يقول د. غازي (وعندما أدرك كثيرون انكشاف ظهورهم وزوال الحصن المتين من جدار الإخاء ورابطة الجماعة وحصانة الفكرة الرفيعة ، مما كان يمنحهم أقوى مبررات الوجود وأجدى وسائل التضامن والحماية ، هربوا الى قبائلهم وتفرقوا الى جهاتهم نجاة وطلباً للنصرة والعدالة . وبلغ ذلك أحياناً الخروج الصريح بالقوة المسلحة والى موالاة المحاربين الناصبين من أعداء البلاد . وألجاتهم بذلك الفتنة الى نكارة منهي عنها طمعاً في انتصار زائف أو مكسب قصير الاجل)[13].. هذا هو المنطق الذي بررت به الحكومة تسليحها للقبائل الموالية لها ، من مليشيات الجنجويد ، ومشاركتها لها ، فيما ارتكبت من جرائم ضد مواطني دارفور!! وهو تبرير لن يقنع به د. غازي ، جماهير الجبهة من جناح الشعبي ، ولن يقنع به ممثلي المحاسبة الدولية ، حين يحين حينها.. ولما كان هنا يتبنى دور المصلح ، الموفق بين اطراف الجبهة المتنازعة ، فان تبنيه الكامل لوجهة نظر الحكومة ، انما يشكك في مصداقيته ، وامانته ، وحياده .. وابناء دارفور ممن كانوا من اعضاء الجبهة ، وقد رأوا بأعينهم قراهم تدمر، واهلهم يقتلون على ايدي قوات الجنجويد، المواليه للحكومة ، ويضطرون الى النزوح من وطنهم، والعيش في معسكرات اللاجئين ، لا يغنيهم دفاع غازي عن الحكومة ، ولا محاولته لجمع اطراف التنظيم المتنازعة ، عن الحقيقة السافرة ، وهي ان الجبهة بشقيها ، لا تهتم بارواحهم ، ولا ترعى فيهم دينا ولا ذمة ، وانما تحرص على مكاسب قادتها السياسية ، على حساب دماء ابناء دارفور.. وهذا هو ما جرد الجبهة الاسلامية ، من مثقال ذرة من دين ..
    وكعادة جماعة الجبهة ، في وقت الازمات ، يلجأ د. غازي الى التنظيمات الأخرى ، ويحاول ان يجد السند منها ، بحجة ان التكاتف بين جميع الاطراف ، هو الحل للازمة!! فيقول (في ظل هذه الاوضاع تتعرض الوحدة الوطنية ، التي هي العاصم الأقوى من المطامع الاجنبية ، لامتحان عسير. وربما لم تمر البلاد باوضاع أجدر بالتوقف والاعتبار ، ثم باجهاد الفكر طلباً للراي والحكمة المنقذة مما نحن بصدده تناصراً نحو عمل وطني شامل يتعاضد فيه السودانيون جميعاً).[14] وهو حين يدعو للعمل المشترك ، ويطلب التحالفات ، يرمي ببصره في استحياء ، الى حزب الامة ، ويقول (فالعمل الاسلامي ، باعتبار أن التجربة القائمة تسود باسمه يمتلك مسؤولية خاصة تجاه كل السودانين أفراداً وتنظيمات. كما ان كثيراً من القوى السياسية والاجتماعية التي يتشكل منها السودان اليوم لها تحالفات تاريخية مع الحركة الإسلامية وتراث جهاد وكفاح مشترك وهي لذلك لا يمكن تجاهلها أو التنكر لها ، بل الواجب ان تستدرك أي تقصيرات صدرت تجاهها منذ قيام الثورة باي ذريعة)!!
    واذا كانت الجبهة جناح الحكومة ، لا تستطيع ان تغفر للجبهة جناح الترابي ، فلماذا يريد غازي للآخرين ، ان ينسوا ما فعلت بهم حكومة الجبهة؟! لماذا احالت حكومة الجبهة المواطنين الى الصالح العام ، وطردت خصومها من مواقعهم في القوات المسلحة ، واعتقلت اعضاء الاحزاب الاخرى ، وعذبتهم الى حد الإعاقة ، وقتلتهم ، ثم جاءت تحدثهم اليوم ، عن عمل وطني يتعاضد فيه السودانيون جميعاً ، وهي تمد اليهم يداً ملطخة بدماء ابنائهم؟!
    ولئن دفعت المطامع في السلطة ، السيد الصادق لأن يتناسى ما فعلته الجبهة به ، وباتباعه ، فيتحالف معها ، بعد كل هذا، حتى تصعد مرة أخرى على كتفه ، الى سدة الحكم ، ثم تركله ، كما فعلت من قبل ، فان من اعضاء حزب الأمة، من لن يقبل بتكرار هذه المشاهد السخيفة ، على حساب مصلحة الوطن .. ولو لم يسمع صوت هؤلاء، داخل الحزب ، وانساق السيد الصادق وراء حلفائه القدامى ، وقبل اعتذارهم عن سوء معاملته ، كما يريد له د. غازي، فان هذا التحالف الجديد ، سيقضي ايضاً على حزب الامة ، او على زعامة السيد الصادق له ، ولكنه لن يرفع من شان الجبهة مرة أخرى ..
    ورغم ان د. غازي قد اشاد بحكومة الجبهة ، في حربها مع الجنوب ، وسماها جهاداً ، إلا انه يحاول أيضاً ، في خطوة عكسية في نفس الورقة ، ان يطمئن الجهات الدولية ، بانه كقيادي في حكومة الجبهة ، يؤمن بكل الاطروحات المقدمة ، لخلق السودان الجديد ، فيقول (إن الوحدة المطلوبة في صعيدها الارفع هي الوحدة الوطنية الشاملة المؤسسة على ركائز المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين ، المتجذرة في قيم العدالة والحرية للجميع ، بلا مداهنة ولا تردد في إعلان ذلك والالتزام به ... فلن تتحقق وحدة وطنية دون التزام صريح بمطلوباتها المتمثلة في توفير الحريات السياسية للجميع ، والقبول بالتداول السلمي للسلطة ، والقسمة العادلة لمصادر القوة والثروة ، واللامركزية الحقيقة التي تتيح لمجتمعات الريف والاطراف ان تلتحق بركب المدنية وتتساوى مع غيرها في الحقوق. وان التسويف في هذه المبادئ لن يورث البلاد سوى مزيد من الانقسام ويدفع بالقوى الطرفية الى التمرد المسلح ، كما يدفع بالقوى الوطنية والفاعليات الاجتماعية المتنامية الى الانعزال)!![15] ولو كانت الجبهة تؤمن بكل هذا، وتفعله ، لما كانت هناك مشكلة بينها وبين الشعب السوداني ، ولا بينها وبين مواطني الاطراف المهمشة ، أو المجتمع الدولي بأسره .. فاذا كانت الجبهة فاقدة لكل هذه الاشياء ، ود. غازي يحاول ان يقنعها بها ، لتخرج من مأزقها ، لينعم السودان بالاستقرار، فان مجرد العبارات ، لا تكفي لهذا الاقناع .. وانما لابد من تغيير مفهوم اعضاء الجبهة للاسلام نفسه . ذلك ان هذه القيم هي جوهر الدين الاسلامي ، ولكنها لم تظهر في الشريعة ، لأن الشريعة مقيدة بظروف الواقع ، الذي نزل عليه الدين، ومن هنا ، كانت احكامها مرحلية . فاذا لم ير المسلمون جميعاً ، بما فيهم أعضاء الجبهة ، الفرق بين الدين والشريعة، فانهم لن يملكوا الفهم النظري، الذي يجعلهم يتقبلون هذه المفاهيم ، وان اضطروا للحديث عنها ، خوفاً من عواقب مخالفة المجتمع الدولي ، كما يفعل د. غازي الآن!!
    يختم د. غازي ورقته بقوله (إن المشكلات الراهنة التي تواجه التجربة الاسلامية لا يمكن تلخيصها في انها مشكلة قيادات . إنها تسري في أغوار أعمق من ذلك ، تسري في البنيات التنظيمية وفي الأفكار والنظريات التي تشكلها ، وفي سلوك القاعدة والؤسسات الشورية والقيادية والتنفيذية وتقاليدها الموجهة . لذا فإن مقصود الاحياء ينبغي أن يتجاوز المعالجات السطحية وينفذ الى المحركات الروحية والوجدانية والثقافة الموجهة للجماعة والعمل)!![16]
    ونحن نتفق مع د. غازي في عمق المشكلة ولكن هل استطاعت ورقته هذه ان تقدم حلاً لهذه المشكلة؟! أو تطرح وسيلة عملية لهذا الاحياء الذي يتحدث عنه؟! اللهم لا!!
    فان اراد غازي ان يعرف لماذا لم تستطع ورقته تقديم الحل فان الجواب عتيد: فاقد الشئ لا يعطيه!!
    د. عمر القراي
    ________________________________________

    1 - د. غازي صلاح الدين: دعوة لاحياء العمل الاسلامي الوطني . سودانايل 18 مارس 2005
    2 - د. غازي صلاح الدين : عبقرية الاخفاق في معالجة قضية الشريعة . الصحافة 5 يوليو 2003
    3 - د. غازي صلاح الدين: دعوة لاحياء العمل الاسلامي الوطني . سودانايل 18 مارس 2005
    4 - المصدر السابق.
    5 - المصدر السابق.
    6 - المصدر السابق
    7 - المصدر السابق
    8 - المصدر السابق
    9 - المصدر السابق .
    10 - طه حسين : الفتنة الكبرى 2 ص 67
    11 - د. غازي صلاح الدين: دعوة لاحياء العمل الاسلامي الوطني . سودانايل 18 مارس 2005-
    12 - المصدر السابق .
    13 - المصدر السابق
    14 - المصدر السابق
    15 - المصدر السابق
    16 - المصدر السابق
                  

04-04-2005, 05:50 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: Imad Khalifa)

    الاخ العزيز عماد خليفة
    تحية طيبة
    نشكرك على المداخلة الثرة للاخ عمر القراى والاخوان الجمهوريين لعم باع كبير فى تفكيك الخطاب الاخوانى خصوصا فى السودان
    ولدى تعقيب بسيط على نقطة مهمة فى معرض المقال..وهل دارفور وتداعياتها المؤلمة والبشعة كانت الازمة الوحيدة التى ادخلنا فيها نظام ثورة الانقاذ الوطنى 1989-2005..ام كانت القشة التى قصمت ظهر البعير؟؟

    وللاسف لازلنا نتعامل فى السياسة السودانية فى مستوى الاشخاص..وليس الاوضاع..وتفوت علينا الحكمة البالغة وما تغنى النذر التى قالها د. جون قرنق..التحرير من شنو وليس من منو
    لذلك ترى ان صراع انقاذيين العهد القديم(المؤتمر الشعبى) يصارعون انقاذيين العهد الجديد(المؤتمر الوطنى )فى مرحلة الفجور فى الخصومة ودفع انسان دارفور الثمن الفادح..اما الشعب والوطن فالوارث يرث الحجر...والحديث ذو شجون
                  

04-05-2005, 06:35 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    عن التقرير والاستعمار وأزمة النخبة العربية
    2005/04/04

    د. عبدالوهاب الافندي
    كنت علي اطلاع لا بأس به علي الجدل الذي اثاره تقرير التنمية الانسانية في الوطن العربي حين دعيت لان اكون من المشاركين في كتابة التقرير الحالي الذي سيصدر اليوم في عمان متأخرا ستة اشهر عن موعده المفترض. وفي تلك الفترة ـ اي قبل حوالي عام ونصف من الان ـ كانت حملة الانتقادات ضد التقرير تتركز علي اتهامات بأنه يمثل رؤية اجنبية وينفذ اجندة خارجية تسعي لتشكيل الواقع العربي بأيد اجنبية معادية.
    وقبل ان نفرغ من اعداد التقرير، وجدنا انفسنا ندافع عنه ضد اتهامات بأنه يمثل وجهة نظر قومية متشددة تتحامل اكثر من اللازم علي الولايات المتحدة واسرائيل، وتحمل عبارات واحكاما يعتقد بعض كبار مسؤولي برنامج الامم المتحدة الانمائي ـ الذي يصدر عنه التقرير ـ انها لا تصلح لان تكون متضمنة في تقرير تتبناه الامم المتحدة.
    ويجب ابتداء ان ابرئ نفسي هنا من اي تهمة فانه كانت لي اي مساهمة ـ رغم اتهامات الاخ الصديق د. زياد فريز ـ في تحول تقرير استعماري الي منشور ثوري يغضب الولايات المتحدة وحلفاءها، وليس ذلك فقط لان التقرير هو جهد جماعي شارك فيه اكثر من مئة مفكر عربي، ولكن لان التهمة التي وجهت للتقرير بأنه كان اجنبي المنشأ والتوجه والهوي كانت تهمة باطلة من الاساس. ولعل مجرد اصدار هذه التهمة بدون بينة او اساس هو في حد ذاته تعبير عن مرض عضال اصاب النخبة العربية وجعلها تفقد الثقة في نفسها، بل تفقد العقل احيانا.
    لقد سمعت علي سبيل المثال اتهامات تقول بأن التقرير تم اعداده بالكامل في اروقة وزارة الخارجية، ثم ترجم الي العربية، وان المفكرين العرب الذين ظهرت اسماؤهم فيه لم تكن لهم صلة به، وهناك اقاويل اخري بأن برنامج الامم المتحدة يدفع مبالغ تصل الي عشرة الاف دولار لأوراق يعدها خبراء عرب ثم لا تستخدم الي ما غير ذلك من الاقاويل التي ما انزل الله بها من سلطان، علما ان الغالبية العظمي من فريق التقرير متطوعون او يتقاضون اجورا ادني بكثير من المعدل المعهود لمن هو في وضعهم.
    ولعل اول تساؤل هو كيف تنتشر مثل هذه الاكاذيب التي لا تنطلي حتي علي العامة بين قادة الفكر والرأي في العالم العربي. اذا لم تكن هناك ازمة حقيقية في العقول والضمائر ايضا. لان من يروج لهذه الاقاويل بالقطع لم يشهد عملية التزوير المعقدة المزعومة ولا يمكن ان يكون تبلغ امرها من مصدر ذي ثقة.
    واذا عدنا الي محتوي تقارير التنمية الانسانية العربية فان التعجب من هذا المسلك يزداد. التقارير هي جزء من سجل عربي عمره اكثر من قرنين من الزمان حول اسباب التخلف، ومحاولة للاجابة علي سؤال لخصه الامير شكيب ارسلان في اوائل القرن الماضي في عنوان كتاب لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم؟ . التقرير لم يزد علي انه حاول اعطاء اجابة ماهرة علي هذا السؤال، وربط لاول مرة بين متغيرات عدة علي رأسها الحريات والتعليم وحقوق المرأة.
    منتقدو التقرير اعترضوا علي عدة نقاط فيه، ولكن موضع الاستغراب الأكبر في اعتراضاتهم انها ركزت اولا علي توصيف المشكلة، لا علي الحلول المقترحة فهناك اكثر من مفكر عربي اتهم التقرير بانه يرسم صورة سوداوية للواقع العربي اكثر من اللازم، وان وضعنا العربي ــ معاذ الله ـ ليس بهذا السوء الذي يصوره التقرير!
    ولن اضيع اي جهد في الرد علي هذه النقطة، لان اي قاريء عربي يعرف انه من المستحيل تحقيق مثل هذا الانجاز العظيم ورسم صورة اسوأ من اللازم للواقع العربي. ولكننا ننتقل الي وجه الاعتراض الاخر، وهو الترحيب الذي وجده التقرير في الاوساط الغربية، والذي بلغ استناد الولايات المتحدة عليه في تبريرها لمشروع الشرق الاوسط الكبير.
    ولا بد ان نذكر هنا ان هذا الترحيب الغربي بالتقرير كان مصدر احراج لمعدي التقرير ـ وما كان ينبغي له ان يكون ـ منذ البداية. وقد كان الامر موضوع نقاش حادث داخل فريق التقرير لدرجة ان البعض اقترح، كما ذكرت رئيسة فريق التقرير د. ريما خلف هندي في مقدمتها للتقرير الثاني، ان يتم التخلي عن المشروع اساسا حتي لا يستخدم ذريعة من قبل من يسعي لاساءة استخدام التقرير! ولكن الرأي استقر في النهاية علي ان مثل هذا التصرف سيكون هو الوقوع في فخ من لا يريد للامة خيرا لان تحليل ادوار الامة ووصف العلاح لها هو مهمة لا يجب التخلي عنها بذرائع مثل هذه.
    وفي احد اجتماعات فريق التقرير الحالي الذي انعقد بعد يوم واحد من تسريب مشروع الشرق الاوسط الكبير الي صحيفة الحياة العام الماضي واستناد المشروع الي التقرير الثاني في حججه، دار جدل عنيف وهدد بعض الفريق الاستشاري بالأستقالة، وطالب اخرون بتأجيل اصدار التقرير او القائه حتي لا تعطي حجة محددة للدول الغربية للتدخل في الشؤون العربية. ولحسن الحظ فان منطق العقل تغلب هنا ايضا، لانه لا يوجد مبرر لان يمارس المفكرون العرب الصمت والانتماء الفكري والاخلاقي لمجرد ان البعض يستخدم كلماتهم لاغراض اخري. فهناك من يستخدم القرآن والانجيل لتبرير جرائمه ولا يمكن ان تكون هذه حجة لمصادرة كل المصاحف في الدنيا!
    الاعتراضات علي الحلول المقترحة بدورها كانت اضعف شأنا وتلحقت حسب مقولات منير شفيق وجلال امين وجورج قرم واخرين في ان الربط بين الديمقراطية والتنمية لا تسنده الدلائل، لان معظم تجارب التنمية الناجحة نمت في دول غير ديمقراطية، وبنفس القدر اكد البعض ان حقوق المرأة جاءت نتيجة للثورة الصناعية وليس العكس. وقد يكون في هذه الاراء شيء من الصحة، ولكن العكس صحيح ايضا، فدول جنوب اوروبا (اليونان وايطاليا واسبانيا والبرتغال) ودول اوروبا الشرقية كلها حققت انطلاقاتها التنموية بعد حلول الديمقراطية فيها ونفس الشيء حدث في امريكا اللاتينية.
    ومهما يكن فان تطاول الدكتاتورية في الدول العربية لم يحقق التنمية ولا التحرير، بل دمر البنية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والاخلاقية للمجتمعات، اذ فأضعف الايمان هو الا يجمع علينا الطاعون والمتصور بحسب الواقعة المشهورة، فنصاب ببلاء التخلف وبلوي الدكتاتورية في نفس الوقت!
    تقارير التنمية الانسانية العربية هي بالقطع جهد بشري لا يدعي العصمة، وهي مساهمة تضاف الي مساهمات كثيرة اخري تسعي لمعالجة الخلل المزمن في الاوضاع العربية. الذي يميز التقرير اولا هو اعتماده علي منظور التنمية الانسانية كمنظور شامل لا يكتفي بتسجيل معدلات النمو الاقتصادي بل يصر علي مفهوم توسيع خيارات الانسان كمؤشر اساسي للتنمية. وهو ثانيا جهد جماعي يشارك فيه اكثر من مئة مفكر عربي من مختلف التخصصات والتوجهات ومن الرجال والنساء، وهو ثالثا ينطلق من نظرة شاملة للوطن العربي ككل، ولا يكتفي بدولة او دول عربية بعينها، مما يؤكد الالتزام بتنمية الوطن العربي ككل. وهو اخيرا لا ينطلق من موقف ايديولوجي مسبق ـ شأن اكثر منتقديه ـ يعميه عن رؤية الحقائق او يدفعه لتشويهها حتي ينسجم داخل قالب معين.
    الانتقادات التي تعرض لها التقرير الثاني الذي صدر عام 2003 وركز علي قضية المعرفة كانت بصدد استغراب اضافي. لان هذه المسألة ليست من المسائل الخلافية، فالذي يجمع بين انصار الدكتاتورية ومحبي الديمقراطية، وبين الاسلاميين والعلمانيين واليسار واليمين، في الوطن العربي، هو اجماعهم ان العالم العربي متخلف في مجال المعرفة ويحتاج لان يمتلك ناصية التكنولوجيا ـ وعليه فان اي بحث جاد يحدد يالحقائق والاحصاءات مجالات التخلف ويقترح اوجه العلاج يجب ان يكون موضع ترحيب من الجميع.
    ولكن يبدو ان البعض يريد ان يكابر حتي في هذه النقطة، حيث يجادل المنتقدون بان التخلف العربي ليس بالفداحة التي صورها التقرير، وهي نقطة لا نريد ايضا ان نجادل فيها، وبالمناسبة فان ديباجة مشروع الشرق الاوسط الكبير لم تزد علي ايراد الاحصائيات التي جاءت في التقرير حول التخلف التعليمي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي، وهي احصائيات موجودة في اكثر من مصدر.
    الانجاز الذي يحمد للتقرير كان جمع وتحليل هذه الاحصائيات واستخلاص النتائج منها، وطرح حلول غير خلافية تتلخص في المطالبة باتاحة حرية البحث العلمي وتبادل المعلومات ورفع مستوي التعليم وعدم وتشجيع البحث العلمي وتأصيله وربط الانتاج بالتكنولوجيا والعلم، وتأصيل وتوطين البحث العلمي الاصيل ودعم الابداع التكنولوجي من اجل اقامة مجتمع المعرفة الذي يعتبر انتاج وتداول المعرفة فيه المحور الذي تقوم عليه العملية الانتاجية، فاذا كانت هذه التوصيات تمثل مؤامرة صهيونية امريكية ضد العالم العربي فان من واجب كل عربي مخلص ان يطالب بالمزيد من مثل هذه المؤامرات!
    التقرير الحالي الذي سيصـدر اليوم سيكون ـ وبحق هذه المرة ـ موضع جدل كبير لانه يتناول المسألة السياسية، وتحديدا قضية الحرية والحكم الصالح. التقرير يرسم صورة قاتمة ايضا للواقع العربي في مجال الحريات، حيث سيؤكد ما يعرفه الجميع عن غياب الحريات وتركيز السلطات في يد الحكام الافراد، والتضييق علي حريات التعبير والتنظيم واختيار الحكومات، ومع ان التقرير يشير الي بعض محاولات الاصلاح القائمة، الي انه يخلص الي انها ما تزال بعيدة كل البعد عن تحقيق الحد الادني من مطامح الشعوب، ويتناول التقرير محاولات التغيير من الخارج بالانتقاد ولكنه يري الاستفادة منها ـ بشروط معينة ـ لاعطاء دفعة لمسيرة الاصلاح ويشيد التقرير بنضالات المجتمع المدني العربي والقوي الداعمة للاصلاح، ويري ان عليها المعول في انجاز واجب الاصلاح، ويطالب التقرير الحكومات بالاحترام غير المشروط لحقوق الانسان، ونجاحه في اتاحة الحرية الكاملة للرأي والتعبير والتنظيم باعتبارها الاساس لاي اصلاح مرتقب.
    التقرير واجه، كما هو معروف، تحفظات من جهات غربية وعربية اخرت صدوره لستة اشهر، وقد تلخصت هذه في تحفظات امريكية علي مقدمة التقرير التي تناولت الاحتلال الامريكي للعراق والاحتلال الاسرائيلي ايضا، وتحفظات عربية علي باقي التقرير، هذه التحفظات تزامنت مع حملة امريكية شرسة علي الامم المتحدة وامينها العام، ودفعت بالمسؤولين في برنامج الامم المتحدة الانمائي لتوخي الحذر تجاه التقرير. ولكن رد الفعل الاعلامي الحاد دفع بالبرنامج في نهاية الامر لاعادة النظر في موقفه، وهو امر احتاج الي الكثير من الشجاعة ويرجع الفضل فيه الي حد كبير الي صلابة موقف ريما خلف المديرة الاقليمية لمكتب البرنامج في العالم العربي وانحيازها الي فريق التقرير، والي هموم العالم العربي ومصالحه.
    كما اسلفنا فان التقرير سيثير جدلا كثيرا وهذا هدفه، ولكن الجدل يجب ان يتجه الي تناول اطروحات التقرير بالنقد والتحليل، بعيدا عن التخيلات المرضية، وبعيدا عن التشكيك في دوافع وتوجهات معدي التقرير وفريقه الذين يسعدني ان اقول انه لايستطيع احد ان يزايد علي انتمائهم العربي وانحيازهم للامة ومصالحها، الفريق كما ذكرنا هو فريق متعدد الاراء والتوجهات والاصول، وقد كان لي شخصيا بعض التحفظات علي بعض اطروحات الفريق، ولكن لم يكن اي منها علي موقف يمكن تفسيره بأي منطق بأنه انحياز الي موقف او رؤية اجنبية بل بالعكس، كان هناك احيانا ما يشبه التطرف في المواقف ضد اي شبهة وتدخلات اجنبية.
    من هنا نعود مرة اخري الي ردود الفعل وسط النخبة وتعبيرها عن ازمة عميقة تحتاج الي علاج لا يستوعب التقرير الحالي وصفاته، الحالة المرضية التي تعاني منها النخبة تشبه الي حد كبير حالة مدمن المخدرات الذي يريد تناول المزيد مما يغيبه عن الوعي، بينما تصبح العودة الي الوعي مؤلمة له الي ابعد الحدود، هذه الحالة ينفع معها احيانا العلاج بالصدمة. ولكن يبدو ان المرض عند البعض استفحل لدرجة ان الصدمات الكهربائية القوية التي تعرضنا لها في السنوات الاخيرة لم تفلح في ان تفيق البعض من ادمان اجترار المقولات المكرورة التي تعزي النفس بلوم الغير علي التقصير الذاتي، ولله الامر من قبل ومن بعد.
    صحيفة القدس العربى

    .....................................
    تعقيب على المقال

    الاخ رئيس التحرير عبدالبارى عطوان
    تحية طيبة
    بالتاكيد صفحة المنبر الحر فى صحيفتنا الغراء القدس العربى مفتوحة للجمهور للتعقيب على ما يكتب فى الصحيفة..وعملا بمبدا الراى والراى الاخر ارجونشر هذا التعقيب كاملا

    ........................................................
    تعقيب على مقال الدكتور عبد الوهاب الافندى(عن التقرير والاستعمار وأزمة النخبة العربية
    المنشور فى عدد 4 ابريل 2005

    فى الحقيقة فى المقال الطويل والعريض لفت نظرى ان هناك مائة مفكر عربى ومن ضمنهم كاتب المقال هم اللذين وضعو هذا التقرير الذى اثار حفيظة كتاب اخرين وسياسيين فى المنطقة...فى الحقيقة مع احترامنا لهؤلاء المفكرين حسب زعم الكاتب..الا اننا ايضا نعترض ان ياتو بمخلفات الزمن الايدولجى ليفتوا فى التنمية والديموقراطية وهم كانو جزء من انظمة فاشية فى المنطقة..واذا كنتم فى حاجة الى تقرير صادق فدونكم والمفكر العربى الكبير احمد مطر الذى يصيغ فكره شعرا وانظرو الى هذه الدارونية السياسية الفذة التى
    افرزتها الانظمة الايدولجية النافقة والمريضة..ونرجو من الكاتب ان بفرق تماما بين مصطلح مفكر ودكتور اكاديمى


    ينقلب الغصن الى عودحطب
    يسبح قرص الشمس فى دمائه
    مجرد من الضياء واللهب
    ********
    تصبح حبة الرطب
    نعشا من السوس لميت
    من خشب
    *****
    تنتبذ النعجة اذا
    لا الصوف منها يجتنى
    ولا الضروع تحتلب
    فتنتهى من سغب المراعى
    طعاما للسغب
    ********
    تنقلب الريح بلا اجنحة
    طاوية نحيبها فى نحبها
    عاثرة من شدة الضعف بذيل ثوبها
    تائهة عن المهب
    ********
    ينطفئ النهر
    فيحسوا نفسه من الظمأ
    فوق مواقد الجدب
    معوقا بضعفه
    من عودة لمنبع
    او غدوة الى مصب
    ********
    يجرجر الكلب بقايا نفسه
    كأنه يجتر ذكرى امسه
    وسط موائد الصخب
    لا يذكر النباح ولا يدرى متى
    كشر او هز الذنب
    يقعى فى اقعائه
    يأن من فرط التعب
    وباللهاث وحده
    يأسو مواضح الجرب
    تنزل فوقه العصا
    فلا يحاول الهرب
    ويعبث القط به
    فلا يحس بالغضب
    لكنه
    بين انحسار غفوة وغفوة
    يهر دونما سبب
    *******
    الكائنات كلها
    فى منتهى انحطاطها
    تشبه"امة العرب"*
                  

04-15-2005, 09:11 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    ونواصل
    وطبعا لم يتعظ الدكتورين من التجربةالفاشلة بعد المصالحة الوطنية فى زمن الامام نميري(1978-1985 وانضما الى ما يعرف بثورة الانقاذ 1989. وفى اسوا مراحلها على الاطلاق .والتى كانت ملامحها تحمل اقبح ما فى المنظومةالشيوعية الدولة البوليسية التى تهدر حريةوكرامةالانسان..واقبح ما فى المنظومة الامريكية الراسمالية الطفيلية المتوحشة التى دفعت ب90% من الشعب السودانى الىادنى مستويات الفقر بالضرائب الباهظة وعلاقات الانتاج الرديئة..ونالت هذه التجربةالمشوهة الدعم من كل الاسلاميين فى العالم الاخوانجية(مصر) والسفليين(السعودية) واصحاب ولاية الفقيه(ايران)..وصحيفة /فضائيةالمستقلة والجزيرة..وبعد ان انشقت المنظومة الايدولجية ومارست الفجور فى الخصومة المدمر فى السودان..بدانا نسمع اصوات اسلامية تتحدث عن الوسطية بل عن الديموقراطية..
    ونحن بكل تجرد واكاديمية نقول للدكتورين المبجلين(لا يصلح العطار ما افسده الدهر..)..والقضيةفى السودان اضحت قضية اوضاع وليس اشخاص..لابد من تجاوز كل اخفاقات الماضى والممتد من 1956 الى السودان الجديد وهذا لن يتم الا بالاتزام بتنفيذ بنود نيفاشا حرفيا دون لف او دوران..وعند جهينة الخبراليقين
                  

04-26-2005, 06:06 AM

adil amin
<aadil amin
تاريخ التسجيل: 08-01-2002
مجموع المشاركات: 36592

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: ...........انى جاعل فى الارض خليفة (Re: adil amin)

    عن عدوان مجلس الامن علي السودان ونية استهداف الاسلام
    القدس العربى 2005/04/25

    د. عبدالوهاب الافندي
    عقب صدور قرارات مجلس الامن المتعلقة بالشأن السوداني في نهاية آذار (ماس) الماضي اصدرت جماعة الاخوان المسلمين في السودان بيانا دعت فيه لمواجهة عدوان مجلس الامن الذي يستهدف بنظر الجماعة السودان اولا والاسلام عموما. ودعت الجماعة الي توحيد الصف السوداني والصمود في وجه كيد اعداء الاسلام وعدم تقديم اي تنازلات حتي ينهزم الطغيان وينحسر.
    وجماعة الاخوان المسلمين هذه هي غير الجبهة الاسلامية القومية التي كان يتزعمها الدكتور حسن الترابي والمسؤولة عن انقلاب حزيران (يونيو) 1989 الذي جاء بالرئيس محمد حسن البشير للحكم، بل هي مجموعة انشقت عن تلك الحركة (حين كانت تتسمي ايضا بحركة الاخوان المسلمين) في عام 1980. وقد وقع ذلك الانشقاق الذي قاده الاستاذ صادق عبد الله عبد الماجد بسبب خلافات حول زعامة الترابي للحركة، وتحفظات علي مواقفه الايديولوجية والسياسية، وخاصة قرار المصالحة مع نظام النميري ورفض الترابي الانضمام الي التنظيم الدولي للاخوان المسلمين تحت قيادة الحركة المصرية.
    وعلي هذه الخلفية اتخذت حركة الاخوان المسلمين موقفا متحفظا، بل ومناوئا في بعض الاحيان، لحكومة البشير في اول عهدها، ولكن هذا التحفظ تحول الي تقارب ثم تحالف بعد اقصاء الترابي عن السلطة في اواخر عام 1999. والحركة الان ممثلة في الحكومة بعدة وزراء ابرزهم الدكتور عصام البشير وزير الاوقاف والشؤون الاسلامية في الحكومة الحالية.
    من هذا المنطلق يمكننا ان نفهم بيان الحركة علي انه مساهمة من جانبها في دعم التحالف الحكومي، ومحاولة لتعبئة الرأي العام الاسلامي داخل وخارج السودان خلف الموقف الحكومي الرافض لقرارات مجلس الامن، خاصة وان جماعة الترابي ممثلة في حزبه الجديد، المؤتمر الوطني الشعبي، كانت تدعم الحملة الدولية ضد النظام.
    وقد جاء في البيان بعد استنفار الأمة للجهاد ان عدوان مجلس الامن علي السودان لا يتعلق بالحكومة الحاضرة ولا بأي حكومة في السودان ولا بالحرب في دارفور، ولكن كل تلك الاسباب مفتعلة ليصلوا الي هذه الامة في عقر دارها فيزيلوها عن مكانها ان استطاعوا ويشتتوها ويمزقوا اطرافها .
    واضاف البيان:
    المستهدف هو الاسلام واهل الاسلام، وليس الامر قاصرا علي السودان، بل بدأ بافغانستان فالعراق فسورية ولبنان وايران والسودان وغدا مصر والسعودية واليمن وبقية البلدان التي يرتفع فيها الاذان، هذه هي القضية ضمن جهلها وتجاهلها ماتت ميتة رخيصة يرزح في أصفاد الذل والهوان ثم واجه الحساب في الاخري .
    ويدعو البيان جماهير الشعب والقوي السياسية الي الاصطفاف وراء الحكومة في تصديها لهذا العدوان، وإلي تناسي الخلافات معها، وعدم الاصرار علي رفع ظلمها عنهم. كما يطالب البيان الزعماء السياسيين بالتضحية بمصالحهم الضيقة في سبيل انقاذ الوطن. ويضيف:
    اننا قد استنفدنا ما يجوز ان يبذل لارضاء هؤلاء المستكبرين وفوق ما يجوز ان يبذل طلبا ان يكفوا عنا عدوانهم، ظنا منا ان هذا من حسن السياسة والكياسة. ولكن بان الان ان الامر غير ما توهمنا وان طلب استرضائهم مطلب عزيز ولن ترضي عنك اليهود ولا النصاري حتي تتبع ملتهم .
    ودعت الحركة في نهاية بيانها الي التوكل علي الله ومقارعة العدوان بدون هوادة او تنازلات، كما استنصرت المسلمين في الخارج وانصار الحرية في كل مكان ان يقفوا مع اخوتهم في السودان لرد الظلم والعدوان لانهم ايضا مستهدفون بهذه الحملة التي تريد ان تجهز علي بلاد الاسلام واحدا بعد آخر.
    ولا شك انه لو صح ما جاء في هذا البيان من وجود حملة مدبرة لاستئصال الاسلام والمسلمين، ورد المسلمين عن دينهم فانه لا خيار امام اهل الملة سوي الجهاد دفاعا عن عقيدتهم. ولا نريد هنا ان نجادل في هذه المسألة، بل نترك للقراء الكرام ان يحكموا علي هذه المقولة ـ ولكننا نريد ان نقف عند عدة نقاط. اولي هذه النقاط هي ما ورد في البيان من ان الحكومة السودانية وحلفاءها الاسلاميين قد قدموا من التنازلات ما يجوز وما لا يجوز دون ان يغني عنهم ذلك شيئا. ولا شك انه لو كان الامر يتعلق بحرب استئصال تستهدف الاسلام في كل انحاء العالم فلا يجوز اصلا تقديم تنازلات ـ والسؤال هو من الذي اجاز تقديم هذه التنازلات، ومن الذي يحدد ما يجوز وما لا يجوز منها؟ وهل تمت استشارة الامة في تقديم هذه التنازلات؟ وهل تتم استشارتها اليوم في الحرب المقترحة ضد مجلس الامن وكل القوي الواقفة وراءه، وهي حرب كما يشير البيان بلا نهاية ولا تنازلات ولا ترضيات، فاما النصر واما الشهادة؟
    ولنفترض هنا جدلا صواب كل ما سبق من وجود حرب لا هوادة فيها علي الاسلام، ولا مناص من خوضها، فهل الخندق الذي قررت الحكومة ان تخوض منه هذه الحرب هو منزل انزلها اياه الله تعالي ام هي الحرب والمكيدة كما جاء في الاثر؟
    الحكومة السودانية اعلنت الجهاد علي مجلس الامن والعالم حول قضية المطلوبين بتهمة ارتكاب جرائم الحرب في دارفور، وهم حفنة من الافراد لا يتجاوز عددهم الخمسين. واذا كانت الحكومة ستتبع نصيحة الاخوان المسلمين وتعلن الجهاد علي العالم الي ما لا نهاية، فمن القطع ان ضحايا هذا الجهاد سيكونون اكثر بكثير من هؤلاء الخمسين. وبما ان البيان نصح الجميع بالتضحية ونكران الذات قائلا ان الزعيم والقائد هو من يضحي بمرغوباته في سبيل الاهداف العليا، ويكبر عند الله ثم في أعين الناس بقدر ما ضحي به من حظوظ النفس في سبيل الله ثم الاهل والوطن . اذا كان البيان نصح بذلك وكان الامر كما اكد قضية تهدد باستئصال الاسلام من جذوره، ألا يكون ثمنا قليلا ان يقرر المسؤولون من بين هؤلاء المتهمين التنحي عن مناصبهم وعرض نفسهم علي القضاء السوداني في حضور شهود دوليين ليحكم ببراءتهم من عدمها؟
    من جهة اخري فان قضية دارفور ليست بالقطع الخندق الذي يجب ان يتمترس خلفه المدافعون عن الاسلام ضد خطر اعدائه، لان ما وقع في دارفور كان باعتراف الحكومة وشهادة العالم كله عدوانا سافرا علي مسلمين آمنين نالهم القتل والتشريد بدون وجه حق. ولا يمكن بأي تفسير بعيد ان يقول عاقل بان استنكار هذا العدوان وشجبه والمطالبة بمعاقبة الجناة فيه هو محاولة لاستئصال الدين الاسلامي من العالم. اللهم الا اذا كان الاسلام عند البعض هو حق العدوان علي المؤمنين والمؤمنات من حفظة القرآن.
    وفضلا عن ان تكون النصرة للدفاع عن من ارتكبوا جرائم دارفور دفاعا عن الاسلام واقرب الي الله، فان الاقرب الي العقل هو ان الانكار علي هؤلاء القوم هو ما يرضاه الله ورسوله، بل ما لا يرضي الله تعالي اقل منه. وآخر شيء يريده المرء وهو يتأهب لخوض جهاد يأمل ان يلقي فيه ربه ان يكون في الصف معه قوم تلوثت ايديهم بدماء المسلمين واعراضهم، والاولي هو تطهير صفوف المجاهدين من هؤلاء قبل كل شيء، ولا شك ان تعريض مقدرات السودان ومصالح شعبه للخطر دفاعا عن الاجرام والمجرمين هو جريمة مزدوجة في حق البلاد، وهو اشبه بما فعله صدام حسين حين اضاف الي جرائمه في حق الشعبين الكويتي والعراقي جريمة تعريض العراق للتدمير وشعبه للهلاك.
    كما قلنا اننا لا نريد ان نجادل هنا في وجود متربصين بالأمة الاسلامية، واعداء يسعدهم تدمير بلاد الاسلام واضعافها وتمزيقها. ولكن مقتضي العقل يقول انه من الحكمة عدم اتاحة الفرصة للاعداء بارتكاب الاخطاء الفادحة كما فعلت الحكومة السودانية في دارفور وسورية في لبنان (وسورية ايضا) والعراق في الكويت والعراق وايران.
    ومهما يكن فانه لو كان هدف اعداء الامة حقا هو استئصال الاسلام واضعافه فانه لن تكون لهم اي حاجة لمهاجمة حكوماتنا الرشيدة التي تقوم بالواجب بصورة افضل بكثير من الاعداء الخارجيين ـ فهل يكون اسقاط النظام السوري مثلا حربا علي الاسلام في حين ان هذا النظام هو الوحيد في العالم الذي يحكم بالاعدام علي دعاة الاسلام وناشطيه؟ وهل كان اسقاط صدام حسين الذي اعدم محمد باقر الصدر والعديد من مفكري الاسلام وشن الحرب علي ايران ضربة للاسلام ام انقاذا له؟
    نحن لا نريد ان نقول هنا ان الولايات المتحدة واسرائيل هما من انصار الاسلام، ولكننا نسجل حقيقة اساسية، هي ان انظمتنا اكثر عداء للاسلام وقيمه من التتار المغيرين علينا. والذي يريد بالاسلام شرا لا حاجة له الي غزو دار الاسلام، بل يكفيه ان يزيد المعونات لاجهزة المخابرات اياها وهي تقوم بالواجب واكثر.
    وحتي تلك الانظمة التي تدعي بالاسلام وصلا، مثل الحكومات السودانية والسعودية والايرانية، فانها قد اساءت للاسلام بسياساتها أكثر بكثير مما كانت تحلم به الجهات التي تتمني استئصال الاسلام من علي وجه الكرة الارضية. فقد ارتكب القوم من المظالم واجترحوا من الفساد والنهب المقترن بشعارات اسلامية ما جعل غالبية اهل البلاد تنفر من كل من دعا بدعوة الاسلام.
    وحري بحركة الاخوان المسلمين السودانية، وقد اصبحت شريكة في هذا الجرم المرتكب باسم الاسلام وفي حقه، ان تبدأ بنفسها وشركائها، فتتبرأ من الظلم واهله، وتتنازل عن نصيبها من المغانم في بلد يكثر فيه الجياع. وبدلا من ان تدعو العامة الي نسيان مظالمهم لدي الحكومة، عليها ان تطالب الحكومة بان ترعوي عن الظلم، وتقتص ممن اجترحوه.
    ان التدهور الذي وقع في اقليم دارفور كان نتيجة لسلسلة اخطاء مميتة، بدأت باساءة ادارة الوضع السياسي وممارسة الاقصاء في حق اهل دارفور ومرت عبر العجز عن التصدي للتمرد المسلح، ومحاولة مداراة هذا العجز او تداركه عبر تشجيع الفوضي والاجرام، واخيرا العجز والتخبط في ادارة الكارثة التي نتجت وذيولها الدولية. ولا شك ان محاولة تصوير هذه السلسلة المتتابعة من الكوارث علي انها فتح اسلامي مبين اثار حسد الحاسدين من اعداء الاسلام حتي تنادوا حي علي الجهاد لضربه هو ضرب من خداع النفس القاتل.
    الاولي بالاخوان المسلمين وغيرهم من دعاة النطق باسم الدين، خاصة كونهم كانوا شهدوا علي ما جري ومشاركين في اثمه، ان ينصروا اخوانهم بكف ايديهم عن الظلم اتباعا للنصيحة النبوية، وان يسارعوا الي نجدة المنكوبين والتضامن معهم، وان يطالبوا من داخل الحكومة بمساءلة ومحاسبة ومعاقبة المسؤولين عن هذه الكوارث السياسية والعسكرية والانسانية التي لم تهدد النظام فقط، بل تهدد اليوم وجود السودان. هذا اضافة الي ما وجهته من ضربة للعلاقات العربية ـ الافريقية ولمستقبل العمل الاسلامي في دارفور.
    نعم هناك بالقطع خطر يتهدد الاسلام في السودان اليوم، ولكنه خطر مصدره الخرطوم، لا نيويورك او واشنطن. واذا كان لا بد من الجهاد لدرء هذا الخطر، فان وزراء الاخوان المسلمين لا يحتاجون الي تغبير اقدامهم بمسيرة طويلة لكي يبدأوا هذا الجهاد الذي اصبح لا مفر منه، فساحة الجهاد قريبة جدا من مكاتبهم وربما تكون داخلها.
    *************
    ونحن نتساءل:الم يقتنع الدكتور من فشل مشروع الاخوان المسلمين من المحيط الى المحيط وليس السودان فقط ..وخصوصا فى مصر بلد المنشا..ام يعتقد تحالف(كفى)..الذى يضم القوميين المقبورين والاسلاميين اللذين ضل سعيهم فى الحياة الدنيا هم البديل لحكومة مبارك..لنسمع باقباطفور جنوب مصر!!!!!
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de