اللُّغَةُ.. في صِرَاعِ الدَّيَكَة !

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 05:48 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2005م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-26-2005, 01:16 AM

SILVER MOON
<aSILVER MOON
تاريخ التسجيل: 02-24-2002
مجموع المشاركات: 300

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
اللُّغَةُ.. في صِرَاعِ الدَّيَكَة !

    بقلم :كمال حسن بخيت

    فى ورقتنا عن (التعصُّب للعروبة كعامل إقصاء للأقليات)، أمام ورشة الحوار التى نظمها بقاعة الشارقة بالخرطوم، خلال يومى 11، 12 ـ 1 ـ 2004، كلٌّ من المنتدى المدنى السودانى وشبكة المنظمات العربيَّة غير الحكوميَّة ببيروت، تحت عنوان (السودان فى الاستراتيجيَّة العربيَّة)، دعونا إلى تشجيع استخدام لغات الاثنيَّات السودانيَّة المختلفة فى مراحل التعليم العام لأبنائها.


    باعتبار ذلك أحد المطلوبات الوطنيَّة الديمقراطيَّة المُلحَّة لتجاوز ميراث الاستعلاء الذى لا مهرب من الاعتراف بأنه ظلَّ يُمارس باسم الجماعة السودانيَّة المستعربة طوال ما يربو على خمسة قرون، مِمَّا أفضى، ضمن عوامل أخرى، لكلِّ هذه الحرائق التى ما انفكت تنتظم بلادنا منذ حين.


    على أن صديقنا الكاتب الاسلامى المرموق د. الطيِّب زين العابدين سارع (لاتهامنا)، من موقعه كمناقش أساسيٍّ للورقة، بالسعى (لإحياء) هذه اللغات من (موتها السريرى)، أو كما قال!


    وأحال المشكلة إلى عوامل فى الاقتصاد والسياسة، نافياً أن تكون لها أدنى صلة بالتنوُّع اللغوى أو الثقافى، حسب التلخيص الذى أوردته بعض الصحف لفعاليَّات الورشة (البيان الاماراتيَّة، 15 ـ 1 ـ 2004 ـ والصحافة السودانيَّة، 17 ـ 1 ـ 2004).


    لا خلاف، بالطبع، على القول الأخير. بل إن ورقتنا نفسها عنيت بتجذير المشكلة فى سيرورة الاقتصاد السياسى الذى تشكلت من خلاله، على مدى تلك القرون، ولأسباب تاريخيَّة محدَّدة، الطبقات والفئات والشرائح المنحدرة، أصلاً، من العنصر النوبيِّ على الشريط النيليِّ من الشمال إلى الوسط.


    وأوضحنا، فى هذا السياق، كيف تهيَّأ (التمكين) لتلك القوى، من حيث علاقات (السلطة) و(الثروة)، فى مشهد التحالف بين الفونج والعبداللاب فى مملكة سنار (15041821م)، إستجابة لضرورات التعبير السياسى عن تخلق تشكيلة اقتصاديَّة اجتماعيَّة جديدة فى أحشاء النظام القديم، وما أفضت إليه المراكمات التى جرت طوال سبعة قرون على اتفاقيَّة (البقط) من غلبة لعمليات الاستعراب والتأسلم فى تلك البقاع.


    لقد تكوَّنت قوى (التمكين) تلك، وقتها، فى ملابسات نشأة النظام التجارى البسيط على نمط التشكيلة ما قبل الرأسمالية، وازدهار التجارة الخارجيَّة تحت رعاية السلاطين، وانخراط فئات وشرائح التجار والموظفين والفقهاء والقضاة فى خدمة السلاطين وحكام الأقاليم، لقاء ما كانوا يصيبون من امتيازات ذلك التحلق حول مركز (السلطة)، وما كانوا يكسبون ويعيدون استثماره من أنصبة صغيرة من الذهب والرقيق وغيرهما من السلع.


    وبالمقابل كانت هناك قوى الانتاج البدوى المُكوَّنة من العبيد ورعاة الإبل والماشية ومزارعى الرى المطرى والصناعى وصغار الحِرَفيين فى القرى، الرازحين بين مطرقة السلاطين وسندان قوى (التمكين)، والمنتسبين، أساساً، إلى التكوينات الاثنيَّة فى الجنوب وجبال النوبا والنيل الأبيض وجنوب النيل الأزرق.


    والتى اعتبرت مورداً رئيساً للرقيق والعاج وسلع أخرى كانت تنتزع بالقوة، وفقاً لتيم نبلوك فى مبحثه حول (صراع السلطة والثروة فى السودان)، مما كان له تأثيراته السالبة على تلك المناطق التى اصطلح على تسميتها، لاحقاً، (بالهامش).


    ظلت هذه الوضعيَّة الاقتصاديَّة السياسيَّة المختلة على حالها، جوهراً ومضموناً، حتى يوم الناس هذا، برغم تعاقب الأنظمة الأجنبيَّة والوطنيَّة، تاريخياً، وبرغم تغيُّر الأشكال والأساليب والمناهج. ولئن عَمَد الاستعمار البريطانى إلى استثمارها على قاعدة (فرِّق تسُد) المعروفة، فإن نخب الجماعة المستعربة لم تألُ جهداً فى تكريسها فكرياً وسياسياً منذ فجر الحركة الوطنيَّة ومرحلة ما بعد الاستقلال.


    مع ذلك، بل وربما لذلك، لا تمثل إحالة أسباب المشكلة إلى مجرَّد العوامل الاقتصاديَّة والسياسيَّة وحدها، كما يقترح د. الطيب زين العابدين، سوى نصف الحقيقة. فقوى (التمكين) الاقتصادى السياسى تلك استكملت استعرابها مع الزمن، حتى ذوَت هويَّتها القديمة، تماماً، فلم يعُد لنوبيَّتها أيُّ معنى حقيقى. وذلك مِمَّا لا يصعب فهمه، بطبيعة الحال، فى إطار جدل الهويَّات وحراكاتها التلقائيَّة.


    لكن المشكلة بدأت حين انطلقت نفس تلك القوى، بالاستناد إلى محض إدراك نيليٍّ شماليٍّ، تقدم نفسها كنموذج هويويٍّ (قوميٍّ)، دون أن تستوفى أشراط تمثلها الكليِّ لمنظومة (التنوُّع السودانى). وبالنتيجة انطرحت هويَّتها (كمركز) استتباع (للآخرين) فى الوطن، كما تشكل فى رحمها، تبعاً لذلك، تيار الاستعلاء (السلطوى) على هؤلاء (الآخرين) بالاسلام والعروبة ديناً وعِرقاً وثقافة ولغة.


    ولعل أبلغ تعبير عن تلك الذهنيَّة ما ساقه محمد احمد محجوب عام 1941م من تحديد لشروط المثل الأعلى للحركة الفكرية بأن تحترم تعاليم الدين الإسلامى الحنيف، وأن تكون ذات مظهر عربي فى تعبيرها اللغوى، وأن تستلهم التاريخ القديم والحديث لأهل هذه البلاد وتقاليد شعبها.


    وبهذا فقط يمكن خلق حركة أدبيَّة (قوميَّة)، حسب المحجوب، لتتحول، فيما بعد، الى حركة سياسيَّة تفضي إلى الاستقلال السياسى والاجتماعى والثقافى.


    ومن نافلة القول أن الرجل لم يكن يرى فى طول البلاد وعرضها، وهو يضع معالم الخلفيَّة الفكريَّة لبرنامج (التعريب والأسلمة) الذى سار عليه الحكم الوطنى بعد الاستقلال، سوى (تاريخ) و(ثقافة) و(لغة) المستعربين المسلمين وحدهم!


    ولهذا قد تكتسى دلالة خاصة الآن عودة الصادق المهدى، رئيس حزب الأمة نفسه الذى كان يمثله المحجوب آنذاك، لينتقد، بعد أكثر من نصف قرن، تلك (الأحاديَّة الثقافيَّة) لدى القوى التى تولت الحكم بعد الاستقلال، مما أدى، على حدِّ تعبيره، إلى استقطابات دينيَّة وثقافيَّة حادة.


    لهذا فإننا نستطيع، بمنأى عن نظريَّة هنتنغتون المقلوبة حول (صراع الحضارات)، والتى ينفى من خلالها، بقطعيَّة أيديولوجيَّة أحاديَّة، أيَّة أولويَّة للعامل الاقتصادى فى (الانقسامات البشريَّة)، مشدِّداً على طابعها الثقافى فقط، أن نعيد قراءة مشكلتنا الاثنيَّة، باطمئنان، من منظور أصلها الكامن، بالفعل، فى ظروف التنمية غير الشاملة.


    وغير المتوازنة، دون أن نغفل لحظة أن من شأن تراكم المظالم الاقتصاديَّة والاجتماعيَّة، فى خلفيَّة العلاقات الاثنيَّة والجهويَّة المُعتلة، أن يُعمِّق الأزمة، مع الزمن أيضاً، بتوجيه وعي هذا (الهامش) .


    ومدركاته ََُّيُِّمكْمِ نحو الدفاع المستميت، حدَّ إشهار السلاح وإشعال الحرائق، لا عن حقه فى التنمية الشاملة المتوازنة، وإنما عن هويَّاته المتنوِّعة التى تشمل أعراقه ومعتقداته ولغاته وثقافاته، بإزاء هويَّة (المركز) النيليِّ المستعرب المسلم، معتبراً اختلاف الهويَّات، فى حدِّ ذاته، (سبباً) و(هدفاً) لهذه الظلامات! هكذا.


    وبحسب الاستنتاج السديد الذى توصَّل إليه د. محمد سليمان فى كتابه عن (حروب الموارد والهويَّة)، تأخذ فى التراجع (الأسباب) الأصليَّة للمشكلة، بينما تتقدَّم بعض (نتائجها) لتشكل سبباً آخر لمفاقمتها فى الوعى الاجتماعى.


    هذا هو، بالتحديد، المنحى التعقيدى فى المشكلة، مِمَّا غفل عنه، بتبسيط مُخِلٍّ للأسف، د. الطيب زين العابدين، حين انبرى يتهمنا بمحاولة إحياء لغات (الهامش) الميتة، معيداً إنتاج الأزمة نفسها، من حيث يروم الاسهام فى حلها!


    فنحن، فى الحقيقة، لا نكاد نلمس اختلافاً بين الجحد التام لأيَّة قيمة للغات المجموعات الاثنيَّة المتنوِّعة فى السودان، كونها (ميتة) لا طائل من السعى لإحيائها، وبين الزراية بها أو التهوين من قدرها بدمغها بأنها محض (رطانة) لا تند إلا من لسان أغلف!


    فاللغة، بصرف النظر عن أيِّ تقدير آخر، هى نسق من الاشارات والرموز يتشكل، بالأساس، فى سياق النشاط المادى وإنتاج البنية الثقافيَّة الأصيلة لدى كلِّ شعب، لا كأداة للمعرفة، فحسب، بل وكأداة لحفظ واستعادة منتجات ثقافته الروحيَّة، أى كأداة رئيسة لذاكرته الاجتماعيَّة.


    فإذا كان من المستحيل أن نتصوَّر إمكانيَّة (حياة) شعب ما خارج اللغة، أى بدون ثقافة روحيَّة أو ذاكرة اجتماعيَّة، فإن الحكم التعسُّفى (بموت) اللغة، هو، فى واقع الأمر، قرين حكم تعسُّفيٍّ آخر (بموت) الشعب الذى أنتجها، سواء قيل ذلك صراحة أم لم يُقل!


    بمعنى أنها لا تكتسى وجودها الواقعى إلا فى اللغة. أما بدونها فإن النشاط المعرفى يكون فى حكم المستحيل. وباللغة يتخذ التفكير طابعه التعميمى، وقدرته على سبر خصائص الأشياء، وقوانين حركتها وتطوُّرها. وبفضلها تصبح نتاجات النشاط الذهنى فى متناول الجميع وتحفظ للأجيال القادمة كشرط لتطوُّر المعرفة، حسب بلاوبيرغ وبانتين.


    ذلك أن اللغة بطبيعتها نتاج حاجة الناس الفطريَّة للتواصل من خلال نشاطهم المادى الاجتماعى، أو لتمديد ذواتهم للآخرين، بتعبير كريستوفر كودويل، بوصفها إحدى أهم مؤسَّسات البناء الفوقى للمجتمع superstructure، كصورة لفكره، وكعاكس معنويِّ لعلاقاته، وكمعادل موضوعي للوجود المادى كله، بل وكأحد أهم العوامل المؤثرة، بالضرورة، فى تشكيل الوعي الاجتماعي نفسه.


    اللغة، إذن، ذات طابع جمعيٍّ، واستقلاليَّة نسبيَّة فى الزمان والمكان. وهى، وإن كانت تخضع، ككلِّ الظاهرات الاجتماعيَّة التاريخيَّة، لعمليَّات التطوُّر والتغيُّر، إلا أن شيئاً من ذلك لا يقع بدون توفر أشراطه الموضوعيَّة التى تستعصى، بل تمتنع بالكليَّة، على التقديرات الذاتيَّة الصرفة.


    والرغائب الخاصة المحضة، فلا هى مِمَّا يمكن للقرارات أو الفرمانات السياسيَّة أن (تحييه) إن كان (ميتاً)، ولا هى مِمَّا يمكن للأمنيات أو التشهِّيات الفكريَّة أن (تميته) إن كان (حياً)!


    أما بعد، فإن لغات التكوينات الاثنيَّة المتنوِّعة فى بلادنا هى بعض مأزق تشكلنا القومى. على أن معالجتها لا تكون بجحدها أو إنكار وجودها. ولهذا ندعو صديقنا د. الطيِّب كى يُرجع البصر كرَّتين فى موقفه العدميِّ منها. فموقعها فى حياة كلِّ شعب مهما صغر.


    وكلِّ جماعة إثنيَّة مهما قلَّ عددها، هو موقع الأم الرؤوم التى يفشو اليُتم بفقدها، والوطن الحنون الذى لا يورث ضياعه غير التشرُّد، فهل من الحكمة استثارة هذه التكوينات بتجريدها روحيَّاً من الأم والوطن، لمجرَّد أننا نتوهَّم عزاءها ماديَّاً فى الاقتصاد والسياسة فحسب، دَعْ كوننا ظللنا، منذ فجر الاستقلال، غير قادرين حتى على توفير هذا العزاء؟!


    ثمَّ إننا ندعوه، أخيراً، كى يتأمَّل معنا كلمة شاعر داغستان العظيم رسول حمزاتوف: «ثمة شيئان فقط يستحقان المنازعات الكبرى فى هذه الحياة: أم رءوم ووطن حنون، أما كل ما دون ذلك من صراع.. فهو من اختصاص الديكة وحدها»!


    البيان
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de