كنت شاهد عيان : وجه للقسوة الأفريقية (نيكولاس كريستوف)
أخبرني بعض القرويين أنهم أطلقوا الرصاص على أحد أفراد مليشيا الجنجويد ثم أشاروا إلى جسده، وبالنظر اليه وجدته مجرد مراهق في سن السادسة عشرة. وقد جاء مقتله بعد قيامه مع أربعة مهاجمين بالإغارة على القرية الواقعة على امتداد الحدود الفاصلة بين السودان وتشاد. يتميز أفراد الجنجويد بالقسوة والوحشية وهم مسلحون. والآن تشجعت الحكومة السودانية بفضل الرد اللين للمجتمع الدولي كي توسع من حملات الإبادة عن طريق إرسال مهاجمين للإغارة على نفس القبائل داخل تشاد.
أكد القرويون أنهم لن يقتلوا الصبي ووعدوا بأنهم سيعيدونه إلى الحكومة. ثم أروني شخصا آخر أكثر إثارة: شاب آخر من الجنجويد يستطيع أن يحكي قصته.
كان هذا الشاب موثق اليدين لكن ليس بطريقة فظة داخل كوخ. وكانت هناك آثار جرح دام على جبهته بعد أن ضرب بساطور، ويبدو كأنه سيفقد إحدى عينيه، لكنه كان قادرا على الإجابة عن الأسئلة.
بدأ في إجابته معرفا بالقول: «اسمي اسحاق محمد وعمري 21 سنة» ويمكن لمن يرغب مشاهدة المقابلة أن يشاهد على الانترنت عبر العنوان: www.nytimes.com/kristof .
ولم يكن إسحاق مدفوعا بازدراء عنصري لقبيلة «وّداي»، إذ أنه هو نفسه من نفس القبيلة. لكنه قال إن قائد المليشيا وعد كل فرد من المهاجمين بـ 250 دولارا إن هم نجحوا في قتل شيخ القبيلة كطريقة لترهيب القرويين ودفعهم للنزوح.
مثلما هو الحال في رواندا وغيرها تتقنع الآيديولوجيات العنصرية أحيانا بالشراهة والشعور بعدم الأمن ومخاوف مرضية أخرى. وأحد أهداف أعمال الإبادة الجماعية هو طرد قبائل وخلق ما سماه هتلر بـ «المجال للعيش» لقبائل البدو العرب وجمالهم. لذلك فهذه القرية ليست سوى نافذة للاستيلاء على كل المنطقة المسكونة بالخوف.
التقيت في وقت مغادرتنا للقرية بفريق كان يبحث عن ستة أشخاص اختفوا بعد هجوم المغيرين الآخرين. وقال أحدهم: «سمعنا طلقات هناك قبل عدة دقائق. سننتظر لساعتين ثم نذهب إلى هناك لنرى من أصيب».
ومثلما يقول سعود حسان: «الجنجويد يستخدمون البشر كأهداف. فهم يقتلون الشخص وكأنه مجرد دجاجة». وبغض النظر عما إذا كان المعتدون هم من المتطرفين النازيين أو الهوتو أو جنجويد السودان فإن الجريمة ليست ضد الضحايا فقط بل هي ضد البشرية. ويمكنك أن تحصل على معلومات أكثر عن طريق هذا العنوان الالكتروني: www.savedarfur.org وينوي ائتلاف «إنقاذ دارفور» تنظيم تجمع كبير في «واشنطن مول» يوم 30 أبريل المقبل.
إنه لأمر محبط بالنسبة لهؤلاء القرويين أن يكونوا موضع مطاردة وكأنهم مجرد بهائم برية، وأن يسحب أطفالهم من بين أذرعهم ويرمون وسط أكواخ محترقة. لكن علينا ألا نصاب نحن بالإحباط أيضا ونصبح لا مبالين ، فالعار لا ينصب على الناس الأخيار في دارفور وتشاد، بل علينا أيضا.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة