دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل
|
حكاية المامبو السودانى
بقلم محمود دليل
عقل الأنسان كما تعلمون ليس ساكناً مثل حجر فى بركة راكدة , أو عصفور حبيسٍ فى قفص فقد مرت بذهنى مرة أخرى هذه الخواطر القديمة المتفرقة بمناسبة إختيار الخرطوم عاصمة الثقافة "العربية"! وتهافت أقوام مِناَّ على التمادى فى التشبُّث بتلك الصفة رغم أن الأمر فى يوم الدين مرده إلى [التقوى] وليس الأنتماء إلى قحطان وعدنان أو ساميون و آريون وأرناؤط وسكسون. كان ذلك قبل سنوات فى إحدى بلاد المهجر عندما إحتدم النقاش بيننا وبين أخ لنا عربى قد سفّه تراثنا وسبَّ أغنياتنا سبّاً قبيحاً وإختزل الفن السودانى جميعة فى فى أغنية "المامبو السودانى وكده كده يا التريلا" أى حكم علينا – على عجل – من خلال ما يسمعه من المدعوة "المجروس أو البلدوزر" لا أدرى ما لكم كيف تحكمون. على رسلك ياهذا فأن عندنا من الغناء المتقن الرقيق والأهازيج الخفيفة ما يسر الأنفس ويبهج الأرواح ويشرح القلوب التى فى الصدور جذ عندك مثلاً من مقطوعة [ليلة الذكرى] لشاعرنا حسين محمد سعيد بازرعة:- تعالى وأسمعى فى الليل نجوانا تعالى فالرُّبا غنَّت لِلقيانا ورفَّ الطير فى الأغصان ونشوانا وعودى قد كفى هجرا بقرب الجدول السحرى وتحت خمائل النهر تعالى يا منى عمرى نجدِّد ليلة الذكرى
وخذ عندك أيضأ هذا المقطع من أهزوجة [ نابك إيه فى هواه غير سهاد ونواح]:- ذبت فى حبه الحنان قسّاه وإبتغيت قربه الغرور أعماه ما سأل فى هواك وما سمع شكواك والصدود خلاك تشقى فى هجرانك وهو فى أفراح كذب يا صاح من يدَّعى بأنه من أهل الصبابة والهوى ويسمع إلى مثل هذا وذاك من الكلام الطلق السلسبيل وبما يحمله – بين السطور – ولا يصرخ ويلاه ! ويلاه ! ويلاه ! ثم يقوم ويريد أن ينطح رأسه بالحائط. فهل أزيدك فلدينا مزيد فهاكها إذن هذه الأربعة الرشفات من قنينة [خمرة العشاق] للشاعر المتصوف قرشى محمد حسن:- عندما تغفو الأزاهر فى الربا النسيم الحلو يهفو رطبا والندامى يسكبون العنبا يرشفون الكأس حبباً حببا
أين عساك يا رعاك الله أن تقع على مثل حبباً حببا غير عند أمير الشعراء "أحمد شوقى" شخصياً (حفَّ كأسها الحبب فهى فضة ذهب)
أو عند طرفة بن العبد (وإذا تضحك تبدى حبباً كرضاب المسك بالماء الخصر)
ولو لا ملالة الحديث لذكرت أيضاً قول شاعرنا حسين بازرعة من أغنية [ليالى القمر] فهو مما عند شوقى وطرفة قريب من قريب:- ننتشى بالسناء فى اللقاء الأخير بين كأس تدور يسقينا النديم ذات لونٍ ونور كشعاع النجوم
وإصطحبنى هكذا نستمطر مستمرئين هذا الرزاز المهج من سحائب الرومانسية السودانية فأن لم يصبك الساعة وابلٌ فطلٌ من لدن شيخنا و سلطان عاشقينا محمد بشير عتيق من قصيدة [ذكرى]:- أتذكرى بين أفانين الزهور أتذكرى بين أغادير الطيور نحن إتعادلنا وإتبادلنا أقداح السرور
ألا يذكرك هذا بقول على محمود طه المهندس فى قصيدة [الجندول] من ديوان ليالى الملاح التائه :- مرَّ بى مستضحكاً فى قرب ساقى يمزج الرَّاح بأقداح رقاق قد قصدناه على غير إتفاق فابتسمنا وهفونا للتلاقى
وماتقول فى هذا الصوت الملتاع من أغنية [وداعاً يا غرامى] عندما يشقى العشاق بالسهاد وتتجافى جنوبهم عن المضاجع وبالأسحار هم يستعبرون:- طال ليلى والأذاهير نيام وعيونى لم تزل تهفو لهم تندب الدهر الذى أبعدهم نعم قريب من هذا المعنى قول المتنبى :- أرقٌ على أرقٍ ومثلى يأرق وجوىً يزيد وعبرةٌ تترقرق وأشبه به أيضأً قول جرير (أبدل الليل لا تسرى كوكبه ... أم طال حتى حسبت النجم حيرانا)؟
ولعله أبلغ منه – إن لم أبالغ –قول شاعرنا توفيق صالح جبريل (ونجوم الليل ذاهلة كجفون هدَّها الأرق) ونحن أصلحك الله بالرغم مما قاله المغنى المخضوم – دحمان الأشقر – الذى أدرك العصرين الأموى و العباسى ( ما رأيت باطلاً أشبه بحقٍّ كالغناء) إلا أننا ما برحنا وما فتئنا نتغنى ونناجى الطير من غصنٍ لغصن , ولكن غناءنا ليس فقط للمامبو السودانى والتريللا – كما أفتيت بغير علم فضللت و أضللت – ولكن لأول مؤتمر لدول عدم الأنحياز فى "باندونق" عام 1955 ولتأميم قناة السويس والعدوان الثلاثى والنكسة والعبور وأطفال الحجارة وثورة تحرير الجزائر , رحم الله صلاح أحمد إبراهيم إذ يقول :- ياليتنى رصاصة تطلقها الجزائر أو شمعة ساهرة تؤنس ليل شاعر أو كلمة السر تقود ثائراً لثائر كما بكت أشعارنا من قبل على هيروشيما ونجازاكى ونكبة دمشق وهذا هو دائماً موفق الأنسان السودانى , يتداعى بالسهر والحمى إذا إشتكى عضوٌ فى الأسرة الدولية بأسرها , وهذا هو موقفة (كلما أنَّ بالعراق جريحٌ أو لمس الشرق جنبة فى عمان) كما يقول أحمد شوقى.
فأى [فرزدقٍ] من الأعراب قال شيئاً عن الثورة المهدية وأى [أخطل] لهم أو [بحترى] منهم إمتدح عمورية لنا أو قسطنطينية من لدن ترهاقا وبعانخى إلى حمدان أبو عنجة و الزاكى طمل ؟ وأى خنساء من بين ظهرانيهم سكبت دمعاً على قتلانا فى كورتى مثلاً أو كررى أو البارحة فى مصنع الشفاء ؟؟
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
هذا فى السياسة , وأما فى عالم العواطف فدنياواتنا كثر وقد طرقنا تقريباً كل باب ولم نغادر من متردم , وأحسبنا فى الوداع مثلاً قد قلنا كلاماً أجزع من قول بن زريق البغدادى :- إستودع الله فى بغداد لى قمراً فى الكرخ من فلك الأزرار مطلعه وكم تشبث بى يوم الرحيل ضحى وأدمعى مستهلات وأدمعه
ومن قول بن زيدون فى [ولاَّدة بنت المستكفى] أضحى التنائى بديلاً عن تلاقينا وناب عن طيب لقيانا تجافينا
بل ومن قول [المتنبى] شخصياً:- حشاشة نفسٍ ودًّعت يوم ودَّعوا فلم أدر أى الظاعنين أشيعُّ
قلناه – ويلك – على لسان شاعرنا إدريس جماع:- شاء الهوى أم شئت أنت ومضيت فى الصمت مضيت أم هزّ عصنك طائر غيرى فطرت إليه طرت هذا أوانك يا دموعى فاظهرى أين إختبأتى
وفى التشببُّ والنسيب هلاّ سمعت إلى على محمود التنقارى وهو يبوح بعد طول كتمانه والتستُّر (أنا بحبك يا مهذب إمتى ترحم قلبى المعذب) أو وهو يتساءل فى موقف آخر (كيف لا أعشق جمالك ما رأت عيناى مثالك)
وفى ما يصيب المحبين من حر النوى وتباريح الهجران والتهاجر فأن إبراهيم عوض وإن كان منذ نشأته يسمَّى [الفنان الذرِّى] فأنه لعمرى ليعجز عن حمل القليل من الهجر , أليس هو الذى يقول :- (ألم الفراق أشكى لمين أنا أبكى) (يا روحى ماهذا الصدود أنا دمعى جارى على الخدود). وعلى صعيد آخر كلمات العقيد متعاقد الطاهر إبراهيم (إنت ليه سهرت عينى ونمت ليه عودتها البكا والنواح والناس يقولوا علينا إيه)
وفى تظرف المحبين و تماوتهم بسبب ما يلاقونه من شدة حلاوة عيون أحبتهم وحسن ألحاظهم فلله در أبيات يأتينا بها – الحصرى القيروان – ذلك الكهل المتيم حيَّاه الغمام , فى قصيدتة الشهيرة [يا ليل الصبِّ متى غده] ما أجزل قوافيها وما أجمل جرسها وما أطرق فتواها إذ يقول :- (كلاَّ لا ذنب لمن قتلت عيناه ولم تقتل يده)
ولعله وقتئذٍ قد إقترف من نهر جريرٍ إذ يقول :- إن العيون التى فى طرفها حورٌ قتلننا ثم لم يحيين قتلنا
أو لعله قد إقتطف من روضة – على بن الجهم – إذ يقول :- عيون المها بين الرصافة والجسر جلبن الهوى من حيث أدرى ولا أدرى أعدن لى الشوق القديم ولم أكن سلوت ولكن زدن جمرأً على جمر وما أحسب عبد الرحمن الريح فى أغنية [عيونك فها من الجمال أسرار] إلاّ قد جاراهم بكلمات له خفيفة على لسانه ثقيلة فى ميزان إبداعه ولا سيما عندما يختتم المقطع الأول بقوله:- (فعيناك أسعدتنى مرار وكم لى سبَّبت أضرار)
ومن أرقَّ قولاً مِنا فى التفجَّع والحنين إذا ذاب أحدنا وجداً ولاذ بركن الذكريات متفكراً مستوحشاً ثم طفق ينشد تحت وطأة الأحاسيس بالفقد :- لا تسلها فهى حلمٌ عابر طاف بذهنى لا تسلها كم تعانقنا على رقة لحن وقضينا الليلة الاولى حديثاً وتمنىِّ
ويا ويح فؤادى على إبراهيم الكاشف أسمع إليه كيف يتأوه وقد ضاع الأمس منه وإنطوت فى القلب حسرة:- طويت الماضى فى قلبى وعشت على صدى الذكرى وهذا الدمع قد ينبئ بظلم المهجة الحيرى
وفى معنى العتاب بين الأحبة قلنا قولاً أظرف من قول العباس بن الأحنف :- العاشقان كلاهما متغضب وكلاهما متشوق متطرب
وأحلى – ربما – مما جاء فى ديوان الشوقيات:- علموه كيف يجفو فجفا ظالمٌ لاقيت منه ماكفى
أو كما قال فى موطنٍ آخر :- مال وإحتجب وإدعَّى الغضب ليت هاجرى يشرح السبب
قلنا يا صبى:- حكم الغرام بتذلَّلى وحكم الجمال بتدلُّك الأشتياق والأحتراق والوجد لى والأبتسام والأنسجام والحسن لك
وذلك من أغنية عبد الحميد يوسف من كلمات حميدة أبو عشر (غضبك جميل ذى بسمتك وعلى كل حال شكلك بديع)
أى اننا ما نبرح نلمح المحبوب فى كل أحواله وضاح المحيا ضاحك المقلتين حتى وإن عبس وتولى يا عجبى !
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
وفى تصوير للمغامرات الغرامية! ووصف اللحظات الحميمة – غفر الله لنا – لا نقل شقاوة وبراعة عن إمرئ القيس الكندى مع فاطمة وعنيزة وصويحباتهن أو عمر بن ربيعة المخزومى مع الثريا ورملة والرباب وغيرهن فأسمع – رغم تحفُّظنا – وميلنا الفطرى إلى هجر الرجز وتطهير الثياب :- وترقدى فى يدى كالطفل ألثم ثغرك العطرى وقطرات الندى الرقراق تعلو هامه الزهر
وأسمع – مع تكتمنا – واعراضنا – غالباً – عن المجاهرة بالمعاصى وأدب الأعتراف وقول (يا فلان فعلت البارحة كذا وكذا) , أسمع لوحدك :- لن أنسى نجواكِ الهمسة والبسمة وحرارة الانفاس فى وجنتى لمَّا ضمتك يمناى يا سعد دنياى وغفوتى فى صدرى نشوانة بالأحلام
كان الوليد بن يزيد إذا سمع مثل هذا الغناء المتقن من المغنى [محمد بن عائشة] قال وقد إستطاره الحبور (هذا الغلام طرحنى فى مثل الطناجير من حرارة غنائه)
وكان الشاعر (الموسوس) أبوالعتاهية إذا سمع مثله من المغنى [مخارق] صاح به من فرط الأستحسان والأفتنان (يا دواء المجانين , يا حكيم أرض بابل , يا أحسن من غنَّى فى هذا الأقليم)
ونحن نقول فى مثل هذا الموضوع الذى يوشك فيه القفص الصدرى على الانفطار:- يا عازف الأوتار مالك على قلبى أشعلت فيه النار من جمرة الحب
فأينا أطرب (وكل كريم طروب) كما يقول مطربنا الراحل خضر بشير عليه رحمه الله , يا هذا فانظر ماذا ترى؟ شعراء بليغون رقيقون , رومانسيون حالمون إلى أيهم إستمعتم طربتم وتشوُّقتم ولكنهم لشقوتهم سودانيون لا يبخسهم أشياءهم ويحجب ضوءهم سوى هذا الأعلام الأعمى الذى لا يرى الندى فوق الأكاليل السودانية , الأصم عن أهازيج القمارى وطيور الخدارى فى حقولنا وبوادينا. ثم ها أنتم هؤلاء تزعمون بأن أحدكم ليجد فى أغنياتنا طعماً لا يكاد يسيغه لأنها على [السلم الخماسى] ولكنى قد أتفق مع الكاتب الأمدرمانى المشاغب [شوقى بدرى] فى نبشه فى أضابير (المسكوت عنه) أى ليس فى الأمر سلم خماسى ولا سباعى أو سلم كهربائى وآخر من حبال , انما هو [الأستعلاء العرقى] فحسب أى ما يحسَّونه حيالنا من أختلاف ألسنتنا وألواننا رغم أن بعض أسراب السِّمبر المتأنقة من ناشئة بنى جلدتنا ما ينفكون ينعقون بما يحسبونه [تعريباً] للموسيقى السودانية والوجدان السودانى والروح والمزاج السودانى فيأتون فى أدائهم المتكلف وألحانهم الفاترة بما يشبه [الكمونية بالسكر] وربما سيقول السفهاء من الناس بأنى إنما أحرِّف الكلم من مواضعه , ولكن ليس ما إفتراه ذلك [المتفنِّن] فلان الفلانى الذى يُعزى إلى هذا الرهط أو ذاك الفخذ من الأعراق العاربة أو المستعربة ليس ما تفوه به عن "قبح" حواء السودانية عنا ببعيد وليس ببعيد أيضاً ما حدث قبيل سنوات للدكتور الأديب الباحث محمد عبدالله الريح:- كان ذلك فى عاصمة عربية كبرى عندما فاز بالمركز الأول فى مسابقة القصة القصيرة عن أقصوصته [أحزان الظهيرة] فوجم الملأ من لجنة التحكيم وتشاوروا طويلاً وهم يتخافتون وكادوا يكونون عليه لبدا ويحجبوا عنه الجائزة لا لشئً إالاَّ إذ لعله من أفريفيا [قد شحنته بالحرارات الشموس وشوته كالقرابين على نار المجوس فهو منها كعود الأبنوس] كما ألمح صلاح أحمد إبراهيم قديماً إلى هويتنا. وتعلمون أن الطيب محمد سعيد العباسى أيام مواسم هجرته قد تعلق قلبه بـ"غادة عربية" كأجمل ما تكون الغيد وأحسن ما تكون الحسان الحور ولكنها إمرأة فيها جاهلية إذ عيَّرته بسواد لونه وصدّت عنه ولت بسالفةٍ وجيد فقال فيها قصيدته [يا فتاتى ما للهوى بلد] التى تغنَّى بها الطيب عبد الله ونقل الطير والرواة صداها ثم بات الصدى بكل مكان :- أى ذنب جنيت فاندلعت ثورة منك خانها الجلد ألأنَّ السواد يغمرنى ليس لى فيه يا فتاة يد
ومع ذلك فليس ذاك السلم السباعى هو مفازةٍ مهلكة لا يتسنى لنا إجتيازها أو عقبة كؤود يعجزنا إرتقاؤها إذ أن موسيقارنا يوسف الموصلى والآخر العاقب محمد الحسن وغيرهما صنعوا ألحاناً على سلمكم هذا وتغنوا لنا بها ونحن نصرح طرباً ونستزيدهم فهل سمعت إذن المطرب – العاقب – وهو يشدو بكلمات الشاعر المصرى مصطفى عبد الرحمن من قصيدة [هذه الصخرة] :- يا حبيبى ظمئت روحى وحنت للتلاقى وهفا قلبى إلى الماضى ونادانى إشتياقى
وذلك فضلاً عن كوننا نُسر ونعجب ونتجاوب وجدانياً مع الأغنيات العربية و الغربية والحبشية والصومالية و الهندية ولكنكم تقولون عن الزوق السودانى بل حتى الأدب السودانى م لا تعلمون وتتمادون وتقولون بأفواهكم ما معناه لا نفقه من لهجتكم وكلمات أغنياتكم كثيراً مما تقولون سوى قولكم [إزيكم كيفنكم] و [يا زول] , فالحق و الحق أقول بأن لدينا شعراء يقولون كلاماً بالفصحى كأنه وربُّ الكعبة يهزُّ إليك بجذع نخلة ويساقط عليك رطباً جنيا ويجعل تحتك سِرياَّ أى نهراً صغيراً , لو سمعه الوليد بن المغيرة لقال [والله أن له لحلاوة وأن أصله لعذق وأن فرعه لجناة] , مكانك حتى تسمع هذا الصوت من أهزوجة [لحن العذارى] لشاعرنا عبد المنعم عبد الحى :- يا نديماً عب من كأس الصبا ومضى يمشى الهوينا طرباً طربا بتُّ أشكوه لنجمٍ فى الليالى ولغيمٍ عندما رق لحالى دمعا ولطلٍّ فوق زهرٍ كللآلى جُمٍعا أو هذا الصوت من رائية حسين محمد سعيد بازرعة :- يا ليالى القمر يا ليالى السلام طاب فيك السمر وما لعينى منام فى ظلال الرُّبا وضفاف الغدير حين يسرى الصبا بالشذى والعبير نتساقى الهوى بأقداح السرور
لو تغنت تلكم الجارية [حبابة] بمثل هذا الغناء الجيد أمام مولاها ومحبها الخليفة الأموى يزيد بن عبد الملك , لنعر نعرة عظيمة وشق َّ من ثياب الوشى والحرير وقام يدور فى القصر كالمعتوه يقول [أتأذنين أن أطير]؟؟؟ هذان برهانان من شعرنا ولكن حتى لا يكون لكم حُجَّة علينا – لأختلاف ألسنتنا وألواننا – فأننا قد تغنينا أيضاً لشعراء من مصر والجزيرة العربية وبلاد المغرب والشام والأندلس والحجاز ويحك! هل سمعت بفنان سودانى إسمه التاج مصطفى إنه يتغنى بقصيدة :- [لا تخفى ما فعلت بك الأشواق] لمحمد بن عفيف الدين التلمسانى المشهور بـ [الشاب الظريف] ويتغنى ايضاً بقصيدة إبن المعتز [أيها الساقى إليك المشتكى]. وعجبٌ قولك أنك لم تسمع البتة بمطرب سودانى يقال له عبد الكريم الكابلى وهو يصدح بقصيدة أبى فراس الحمدانى والتى تغنت بها أم كلثوم أيضأً:- أراك عصى الدمع شيمتك الصبر أما للهوى نهىٌ عليك ولا أمر
وبقصيدة [شذى زهر] لعباس محمود العقاد و [أمطرت لؤلؤً] ليزيد بن معاوية و [الجندول] لعلى محمود طه المهندس والتى أداها عبدالوهاب أيضاً :- أين من عينىَّ هاتيك المجال ياعروس البحر يا حلم الخيال
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
وحسن سليمان الهاوى تغنى برائعة أبو القاسم الشابى [صلوات فى هيكل الحب] ولعلها أجمل وأرق قصائد ديوانه [أغانى الحياة]. وخليل فرح غنىّ هذا الصوت لعمر بن ربيعة [أعبدة ما ينسى مودتك القلب] ومن كلمات الشابى غنّى حمد الريح [الصباح الجديد] وله كذلك [حبيبتى] لنزار قبانى. والعاقب محمد الحسن تغنى جميلاً بقصائد [ليالى الشاطئ] للشاعر المصرى على الجارم و [هذه الصخرة] للشاعر المصرى مصطفى عبد الرحمن و [حبيب العمر] للشاعر السعودى الأمير عبد الله الفيصل , وعنىّ أحمد المصطفى [وطن النجوم] لأِّيليا أبى ماضى و [راحل مقيم] لأحمد رامى ذات الأستهلال السهل الممتنع [حبيب لست أنساه جعلت القلب مأواه]. وترنم عثمان حسين بقصيدة [غرد الفجر فهيا حبيبى] للسفير ا لسعودى الراحل حسن عبد الله القرشى كما غنىَّ سيد خليفة [يا سمرة] لصلاح عبد الصبور [خاصمتنى] لأحمد رامى ومن كلمات ميشيل أبو شهله غنَّى خضر بشير [لملم رموشك عنَّى] كما كان زنقار يؤدى [عروس الروض] لألياس فرحات وقدم عبد العزيز محمد داؤد من كلمات الشاعر المصرى محمد على أحمد قصيدة [هل أنت معى] أى:- همسات من ضمير الغيب تشجى مسمعى وخيالات الأمانى رفرفت فى مضجعى وأنا بين ظنونى وخيالى لا أعى
ومع ذلك – فربما – لايوجد فنان عربى واحد تغنى لشاعر سودانى واحد سوى أم كلثوم [أغداً ألقاك] للهادى أدم , كما لايوجد – ربما – شاعر عربى واحد قال شيئاً فى شأنٍ سودانى سوى قصيدة عباس محمود العقاد فى رثاء صديقه معاوية محمد نور الذى كانت حياته القصيرة مثل ومضة إنقضت عجلى. فيا معشر الكتَّاب والمتأدبين والراقين والعازفين والطبالين والشيّالين فى ربوع بلادى , ويا معشر وزراء ووكلاء الثقافة والأعلام الأتحاديين منكم والولاءيين أقول لكم [إذا غضب أحدكم فليتوضأ] وإستغفر الله لى ولكم فإستغفروه.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
المتواجدون الان بالمنبر الحر 139 شخص » (1 )عضو و (13 زائرا
»أبوالزفت هذه الصفحة يعاد تحديثها كل 120 ثانية. المنبر الحر | أرشيف المنبر الحر 2003 | أرشيف المنبر الحر للنصف الاول لعام 2004 | مكتبة الراحل على المك | مواضيع توثيقية و متميزة اراء حرة و مقالات سودانية | مواقع سودانية | اغاني سودانية | مكتبة الراحل مصطفى سيد احمد | دليل الخريجيين السودانيين | الاخبار اليومية عن السودان بالعربى| جرائد سودانية |اجتماعيات سودانية |دليل الاصدقاء السودانى |
مع تحيات بيان للمعلوماتية
كما انا وحيداً فى هذا البوست
فانا الان وحيدأً فى المنبر
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
الحبيب ابو الزفت انه فعلا لموضوع شيق
وكنت في عام 96 قد القيت مجاضرة بالمجمع الثقافي
ابوظبي عن السلم الخماسي وما اليه
ومحاولة بعض الذين يجهلون اسراره التقليل منه
وقد كان ذلك في حضور موسيقيين عرب فلم
يعترض احد منهم علي تفنيداتي لانهم يعلمون
انني اتحدث عن ثقة كبيرة
وهاهو الزمان يعيد نفسه وسالقي نفس المحاضرة بتوسع
يوم10 ابريل القادم في نفس المجمع
ويالمحاسن الصدف فيما كتبه الكاتب القدير محمود دليل
لك الشكر ياعزيزي
ابو الزفت وبجيك تاني
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
انا من عشاق الخماسي والسداسي والسباعي وكل المقامات
وبالنسبة لي يا ابو الزفت المسأله
ليست ارقام او اعداد بقدر ما هي خامات صوتيه
والوان
فنان تشكيلي يمكنه ان يرسم بقلم الرصاص اجمل من الاخر الذي يرسم
بكل الالوان الموجودة في العالم دون الحصول علي لوحة جميلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
الأخ أبو الزفت ، سلام ،
وشكر على هذه الدرر !
وأضف :
مافى حتى رسالة واحدة
بيها اتطمن شوية !
--
ونحن شعب متفرد وشجى !
هؤلاء لا وقت لديهم لحلو النغم !
ولو فعلوا لما استمعوا لغيرنا !
لكنهم تائهون لاهثون خلف سيدهم الأكبر ، والأوحد !
ويهوون عبور المحيطات ! مالهم ومالنا ونحن نقبع فى السوداء !
ست البنات .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
الأخ أبو الزفت
شكرا على هذا البوست الرائع حقا للكاتب الرائع بلا شك الأستاذ الصديق محمود دليل0 ولا بأس هنا أن أسلط الضوء على الكاتب الذي يتمتع بقدر كبير من الثقافة والإحاطة التامة بالكثير من مثل هذا الضرب من الكتابة، فلقد كانت له صولات وجولات بجريدة الخرطوم على أيام صدورها بالقاهرة ولكننا افتقدنا قلمه السلس وحرصه على التجويد في كل مادة يتناولها0 وهو يقيم في ينبع بالمنطقة الغربية من السعودية ولكن فيما يبدو أن المشاغل أخذته بعيدا عن العطاء الثر0 أرجو أن يجد متسعا من الوقت ليفيض وأن يجد منفذا عبر هذا المنبر ليضفي عليه بعضا من ألقه0 تحياتي له ولك ولا ختام لي سوى أن أقول (أبو الزفت)
صلاح يوسف
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
العزيز / ابو الزفت، تحياتى لقد ذهلت حقيقة فهذا بوست رائع يجب لمن يدخله ان يتزود بما أمكن من حصيلة شعريه وادب رفيع. أتفق مع الكثيرين لقد ظلمه العنوان خاصة الأشارة الى اغنية المامبو السودانى ، التى أختزلت فى يوم من الأيام الى جانب شقيقتها السطحية كذلك (ازيكم) الغناء السودانى جميعها فيهما. ولا تجد عربى يحدثك عن الغناء السودانى الا من خلاليهما. مؤكد سوف اعود مرة اخرى.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
الأخ صلاح يوسف
سلام
الأخ محمود يعمل أستاذ بمركز تدريب شركة أرامكو بمدينة رابغ ويمكن ده يكون السبب فى انقطاع الأخ محمود عن الكتابة , واوافقك يا أخ صلاح بأن محمود موسوعة ثقافية فى ضروب الشعر وخاصة الشعر السودانى اما عن الاغانى السودانية وبدون مبالغة فهو على المام بشاعر إى أًغنية وملحنها
الشكر الجزيل لك على المداخلة
| |
|
|
|
|
|
|
Re: حكاية المامبو السودانى بقلم الكاتب / محمود دليل (Re: أبوالزفت)
|
Quote: وكان الشاعر (الموسوس) أبوالعتاهية إذا سمع مثله من المغنى [مخارق] صاح به من فرط الأستحسان والأفتنان (يا دواء المجانين , يا حكيم أرض بابل , يا أحسن من غنَّى فى هذا الأقليم) |
الأخ أبو الزفت: و كان محمد قرض لو قرأ مثل هذا المقال الرائع للعملاق محمود دليل لهتف (يا للروعة ، يا للجمال ، يا للبلاغة ، يا للرصانة ، يا للتميز و التفرد ... و يا للحكي الشجي ، المدوزن و المموثق ..).
و لو كان لي سلطة بهذا المنتدى لأفردت الصفحة الرئيسية بأكملها لهذا المقال المدهش للعملاق محمود دليل و لأشرت له بالبنط الضخم العريض في أعلى الصفحات جميعها ....
صدقني أنها خسارة فادحة لكل من فاته الاطلاع على هذا المقال (الحديقة) و أتفق معكم أن العنوان (المضلل) هو السبب ... ذلك لأنني ما هرولت للاطلالة عليه إلا لمعرفتي (الشخصية) بالقلم الرشيق الذي يتمتع به الأخ محمود دليل ... هذا الأديب الأريب الذي امتلك ناصية المفردة البليغة المعنى و العميقة المدلول و تميز باسلوب سلس يجعلك تلتهم الاحرف بشهوة الصائم عند الافطار و لا زلت تهفو للمزيد ...
ثم أن محمود موسوعة في كافة ضروب الأدب و قد تمتع برصيد ضخم من القراءة المتأنية للشعر العربي في كافة عصوره و مراحله و تشرب بدرره و روائعه ... و مهو قطعا راهب في محراب النغم السوداني الشجي ، متبحر في سيرة الشعراء و المطربين السودانيين و يكاد يحيط بمناسبة كل حرف قيل و كل أغنية شدي بها.
نعم أخي صلاح يوسف ... لطالما أمتعنا محمود دليل بمقالاته الثرة عبر صفحات (الخرطوم) ، خاصة عن محبوبته (بورتسودان) .. و يا ليت تكمل جميلك يا أبو الزفت (ياخي ما ممكن تغير الإسم الشين ده ؟؟!!) و تستكتب محمود دليل ليكون إضافة ضخمة لهذا المنتدى ...
و لك الشكر و التقدير ...
| |
|
|
|
|
|
|
|