|
الظل الأحمر والخط الأحمر
|
الظل الأحمر والخط الأحمر
يقول المثل الأفريقي " سوف تظل قصص الصيد تمجد في الصيادين إلى أن يأتى يوم تجد فيه الأسود من يؤرخ لها .." تبادر إلى ذهني هذا المثل في أعقاب عرض حلقة برنامج " الظل الأحمر" يوم الأحد الأول من يناير والتي كان من المفترض أن تحوى مناظرة بين صحفي حكومي (جدا) وشخصي الضعيف تعليقا على مذبحة فجر الجمعة 30/12/2005 والتي قام بها الأمن المصري (بقرار سياسي علوي جدا ) حيث قتل فيها 56 لاجئا سودانيا على أقل تقدير ما بين مختنق أو مضروب بالهراوات أو مدهوسا (خاصة الأطفال) تحت حوافر (عفوا ... أقدام) مغاوير الشرطة. لم تكن دعوة التليفزيون المصري لي للتسجيل لترفض خاصة أنني قد شعرت أن هناك حقائق يجب أن تذكر ردا على أساطير الداخلية خاصة أنني أزعم أنني قد عاصرت جزء كبير من المأساة إضافة لتخصصي (الأكاديمي والعملي) في مجال اللاجئين ناهيك عن ارتباطي الشخصي بمأساة هؤلاء الفارين من جحيم التعذيب والحرب في السودان وأثيوبيا إلى جحيم الموت على يد سلطات بلد اللجوء (مصر ). ورغم علمي بعد حضوري أن هناك مناظرة مع صحفي يمثل وجهة نظر الدولة وأن الحوار مسجل، إلا أنني لم أترك المكان داعيا الله لأن يوفقني في التعبير عن مأساة ضحايا جنود لا يفهمون ، يقودهم ضباط ساديون تحركهم حكومة لم تتورع عن القتل للتخلص من سكان حديقة البؤساء (كما أطلق المعتصمون عليها) بعد مشاورات مع حكومة السودان التي كان رجال مخابراتها يرتعون في شوارع القاهرة يطاردون اللاجئين بمباركة حكوماتنا وتجاهل من قبل مفوضية اللاجئين مما أدى للاعتداء رجال الأمن السوداني على العديد منهم ولا توجد حماية من أي من الطرفين (الأمن والمفوضية. ( أسمحوا لي أن لأعود للظل الأحمر الذي أقترح تسميته بضمير مستريح " الخط الأحمر" وذلك لاشتراط عدم ذكر أي كلمة انتقاد ضد النظام (هو ما نتوقعه دوما) ولكن يبدو لأنه إعلام باهت فقد أصبح الخط ظلا فقط !!! تم تسجيل ما يزيد عن الساعة في هذه المناظرة ولكن بعد المونتاج أصبح حوالي ربع الساعة فقط ولك أن تتخيل عزيزي القارئ أن ما تم حذفه هو معظم ما ذكرته في هذه المساجلة التي شهدت تسجيل نقاط للطرفين والتي تم اختصارها في نقاط الأخ المدافع عن الاقتحام . أن ما حدث يذكرني (مع الفارق) بالمناظرة الشهيرة في الثمانينات بين كل من سواجارت وديدات التي ينتصر فيها الطرف الذي يوزع أنصاره شريط الفيديو. كانت السيدة سناء منصور أكثر من متحيزة (كان هذا واضحا في اللقطات التي ظهرت في البرنامج حيث كانت تزغر للعبد لله بزهق شديد من إصراري على تحميل الأمن مسؤولية القتل) كما أنها قبل التسجيل أرادت أن تفهمني بشكل غير مباشر ماذا سنقول ومبررة دفاعها بقولها: "ولله الواحد قلبه هيتقطع وهو بيدافع" فما كان مني إلا أنني (تجاهلت ما سمعت). وكانت ردودي المحذوفة تتلخص فى أن الأمن تركهم منذ البداية لأن ما حدث لم يكن تجمهر ولكنه حق الاعتصام ضمنه العهد الدولي للحقوق السياسية والمدنية كذلك محاولتي دحض أسطورة أنهم- أي اللاجئين لم يكونوا يشربون الخمر في الميدان قائلا أن من المستحيل أن يشرب أحدهم الخمر في ظل وجود 500 مخبر وعسكري وضابط بل أنني في كل زياراتى للمعتصمين كان هناك أحد المخبرين يتصنت على كلامنا بشكل مفضوح. كذلك قلت أن الإساءة للمكان (إذا حدثت) فإنها لا تقارن بإساءات الأشقاء العرب من جنسيات أخرى في هذه المنطقة وعربدتهم في شارع جامعة الدول العربية الشهير. كذلك إصرار رجال الأمن على مفاجأة المعتصمين (وليس كما ادعت الداخلية) وأن قادة الاعتصام عندما سألوا الضابط الموجود عن سبب وجود المتاريس وأعداد مكثفة من قوات الأمن المركزي، ذكر لهم أنهم قادمون لاحتمال مظاهرة للإسلاميين مما يؤكد أن هناك إصرار على قتل أو اعتقال اللاجئين . كذلك ردى على أن الأمن أراد نقلهم لمكان أخر بأن هذا المكان الأخر هو معسكرات اعتقال ليس بها خدمات بل أن بعض ضحايا الهجوم توفوا بها لعدم وجود علاج . وكانت محصلة هذا الحذف (حوالي 75% من التسجيل) أن ظهر كلامي باهت مع التركيز على لحظات التوتر التي شابت ردودي على الأخ الحكومي من فرط عدم التصديق والذهول من تبرير القتل . لذلك فإن نشر هذا المقال بمثابة وجود مؤرخين للأسود فى مواجهة مؤرخى قصص بطولات الصيادين التي أشار إليها المثل الإفريقي. وقانا الله وإياكم شر إعلامنا الراكد (عفوا .... الرائد كما يظنون وأنتم تعلمون أن بعض الظن إثم(.
أشرف ميلاد روكسى محامى اللاجئين
|
|
|
|
|
|