دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
عندما ركبت الطائرة الجامبو بجلابية مغربية وسفنجة وشعر اشعث أغبر
|
فى بداية الثمانينات صادف أن كان الوقوف بعرفة (يوم جمعة) ، ولما كان المسلمين يحبون هذا اليوم الذى يصادف فيه يوم الجمعة فإن إحصاءات الحجيج اثبتت زيادة كبيرة فى مثل هذا الحج ، ويتدافع الناس بالملايين ليحجوا بيت الله الحرام ويوفو نذورهم ولا يرفثوا ولا يفسقوا ولا يجادلوا أحدا ، وكنت وقتها مغترب بمدينة الرياض ، فجاءنى الأخ الحبيب أبراهيم الشيخ شبور بسيارته الكريسيدا ، وقد أكمل إحرامه ، وهيأ عفشه وأغراضه للتوجه إلى مكة المكرمة عن طريق السيارة فى رحلة طولها حوالى الألف كيلومتر ولم يبق للوقوف بعرفة إلا يوم واحد ، وعرض علىّ فكرة مرافقته إلى الحج ، فأعجبتنى الفكرة ، وودعت أهل بيتى وأحرمت وتوجهنا سوياً صوب مكة المكرمة ، وتوقفنا عند مدينة الطائف ، فجر الجمعة الموافق ليوم عرفة ، لنستريح قليلا من وعثاء السفر ، وكنا نشاهد الواقفين فى عرفة عبر التلفاز ، وقد بدأوا يتقاطرون على عرفة منذ الصباح الباكر ، وبعد الراحة توجهنا نحو عرفات الله ، ووفقنا للوقوف معهم وإدراك هذه الشعيرة الهامة فى ذلك اليوم المبارك ، وعند نفير الحجيج إلى مزدلفة نفرنا معهم ، وبتنا ليلتنا فى مزدلفة ، وجمعنا هنالك (الجمرات) التى تستخدم بدءا من ايام التشريق فى منى ، وبالفعل توجهنا إلى منى ورمينا جمرة العقبة الكبرى ، وهناك فى ذاك الزحام ضاع منى رفيق الرحلة ، ولم أجد له أثر ، ولم أكن أحمل وقتها سوى هويتى ونقودى وجمراتى ، وأنا بملابس الإحرام ، وبعض أغراضى التى أحملها بيدى ، ولما لم أجد أثراً لصاحبى ورفيقى فى الرحلة ، فقد أوكلت أحد السودانيين الذين إلتقيتهم مصادفة فى الحج وسلمته بقية الجمرات خاصتى وأوكلته ليرميها نيابة عنى ، ففعل ، وتوجهت صوب مكة المكرمة وهنالك طفت بالبيت العتيق وسعيت بين الصفا والمروة ، وهما الركنان المكملان للحج ، ومن أمام بيت الله الحرام توجهت مباشرة إلى جدة ، بعد أن غيرت إحرامى ، ولبست ملابس داخلية ، وجلباباً (مغربيا) كان الغرض منه أن يقوم مقام (لبس النوم) ، وإنتعلت (سفنجة) ، وكان منظرى يرثى له ، شعر أشعث أغبر ، وجلابية مغربية (مشحتفة) وسفنجة ، وكيس هزيل وضعت فيه الإحرامات وبعض أغراض ، وكان كل ذلك فى صبيحة أول يوم من ايام التشريق وهو يوم النحر يوم عيد الأضحى المبارك ،
ومن جدة توجهت صوب المطار ، وإشتريت تذكرة طائرة للرياض من المطار ، وكانت الرحلات الداخلية بين الرياض وجدة متوفرة فى ذلك الزمن وتقلع على كل راس ساعة ، فحجزت على أول رحلة ، وأمرنى موظف الخطوط بالتوجه إلى صالة الركاب
توجهت ، بكل دلاقينى وسفنجتى نحو صالة السفر ، ولم ينتبه رجل الأمن إلى دخولى (من شدة الهلفتة) ، وفجأة أحس رجل الأمن بأن (ربما مجنونا) تجاوز الخط الأحمر للدخول ، فنادانى (مفجوعاً) ، تعال تعال تعال ، فجئت إليه ، فين رايح؟؟؟؟ قالها بإستعجاب وكأنه وجد صيداً ثمينا ليسلمنى إلى أمن المطار ، فجاوبته بثقه (الرياض) ، فقال لى هويتك ، فأعطيته الهوية فقلبها ذات اليمين وذات اليسار ، ثم طلب التذكرة ففعل فيها مثل ما فعل فى هويتى ، وتأكد من بطاقة الصعود إلى الطائرة ، وعندما وجد كل أوراقى سليمة ، ولا يوجد ما يدعو للريبة سوى شكلى المبهدل وشعرى الأشعث ، رمقنى بنظرة فاحصة ، من فوق لتحت ، ومن تحت لفوق ، وفتش جيوبى ، ولما لم يجد شىء يستدعى توقيفى ، أشار إلىّ بالمرور ، فتوجهت صوب الصالة ، والجميع يتابعنى بنظرات غريبة ، وتكرر المشهد عند باب الصالة المؤدى للطائرة ، ورمقنى العساكر وموظفى الخطوط بنظرات مبهمة مستعجبين من ذلك السودانى الغجرى الذى هو بصدد ركوب إحدى طائرات الجامبو متوجها للعاصمة السعودية ، وكأنما كنت (مفخخا) ،
وركبت الطائرة بكل هذا المنظر المبهدل ، وكأننى آتياً من السوق الشعبى بأمدرمان بعد أن أكلمت بيع جردل مويتى ، وبالطبع كانت سعادتى كبيرة وأنا فى الطائرة (مثل صعيدى فى القاهرة) ، وخصوصا بعد إقلاع الطائرة ، وإختفيت فى مقعدى تماماً وقد بلغ منى التعب شأنا عظيما ، ووصلت ظهر يوم السبت إلى منزلى فى الرياض أول أيام عيد الأضحى ، وقد وجدت المنزل ممتلئاً بالضيوف الذين أتوا لمباركة العيد ، وبعضهم أتى ليطمئن على أولادى ويبارك لزوجتى (حجى) الذى قسمه الله لى ، وليسألوها متى سأعود ،
وما أن دخلت المنزل ، حتى إنفجر الجميع يضحكون مما رأوا ، فلم يكن أحداً متوقعا حضورى بهذه السرعة ، وبهذه البشتنة ، فبادلتهم ضحكا بضحك ، ولم ألتق صديقى الذى ضاع منى إلا بعد أربعة أيام بلياليها ، بعد أن اضناه التعب بالبحث عنى ، وصارت اليوم جزءا من ذكريات جميلة من زمن بعيد ، وقد حججت بعدها إلى بيت الله الحرام سبعة مرات بالتمام والكمال لشدة ما أفتانى المفتون بأن حجتى لا شك ناقصة رغم قناعتى بإكتمالها حيث أننى (تعجلت فى يومين) للظروف الواردة ، بارك الله لى ولكم فى جميع أعمالنا وجعلها خالصة لله رب العالمين
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: عندما ركبت الطائرة الجامبو بجلابية مغربية وسفنجة وشعر اشعث أغبر (Re: يازولyazoalيازول)
|
الحاج هشام تقبل الله حجك.
القصة ممتعة و هي تجربة لا تنسي.
الجلابية المغربية تسمي هنا في السودان (الرجالة تطير). اعتقد انك تعرف هذا الاسم لكن فضلت الاسم الاخر.
في العام الماضي ذهبت للحج لأول مرة. هالني بشدة طريقة الاخوة المغتربين و السودانين المتخلفين في العمرة. في عرفات المشاكل تدور في البصات التي هي اصلا شحيحة لان بعثة الحج تحضر عدد اقل من المطلوب لزوم التوفير و علي الحجاج التصرف.
في المعسكرات في مني يحيطون بالمعسكرات من كل جانب في محاولة للدخول للمعسكرات المكتظة اصلا. و تدور بينهم وبين الشرطة السودانية(في زي مدني) مختلف انواع الشتائم من النوع المنهي عنه.
المنظر كان مؤسفا و مؤلما خاصة و نحن في مكان مقدس و حولنا الاطفال والنساء.
ولك كل الشكر.ِِ
| |
|
|
|
|
|
|
|