|
|
 الطريق إلى السلطة والثروة
|
الطريق إلى السلطة والثروة
خرج الانجليز وتركوا السودان وليس فيه من مظاهر التنمية شيء يذكر سوى مشروع الجزيرة الذي أنشيء ليزود مصانع الامبراطورية بالقطن الخام، وسكك حديدية لنقل الصادر الى بلدهم ونقل الوارد منها وقليل من المدارس تكف الاعداد كتبه وإداريين يساعدونهم في تسيير أعمالهم. هذه المشروعات والمدارس القليلة التي أنشأها الانجليز لإدارة مصالحهم في السودان.. كان طبيعياً أن تنشأ قريباً من مركز سلطتهم في وسط السودان. وقد أدى هذا لأن يحظى أبناء بعض المدن كأم درمان وبربر والدويم ورفاعة ـ مثلاً ـ بقدر من التعليم أهلهم للعمل في وظائف متواضعة في الخدمة المدنية.. وأعد الذين واصلوا تعليمهم في كلية غردون ليخلفوا الانجليز بعد عملية السودنة.. وأهَلهم ليقودوا معركة الاستقلال ويصبحوا قيادات البلد السياسية مستقبلاً. لم تبذل هذه النخب جهداً يذكر في معركة التنمية. فقد ظل وسط البلاد كشرقها وغربها وجنوبها وشمالها متخلفاً وفقيراً ومفتقراً لأبسط الخدمات الضرورية.. وما أحدثته الأنظمة غير الحزبية في فتراتها المختلفة كان موجهاً لكل القطر وليس للمركز كما يشاع. وهذا أمر يمكن إحصاءه وهو أمر لا تخطئه العين. ولا يستطيع أيا كان أن يجادل في تخلف أوضاع قبائل ولاية الخرطوم وأهل ريفها الأصليين. أو تخلف سهل البطانة وشمال كردفان والنيل الابيض ونهر النيل والشمالية. إذًا السودان كله متخلف. وحتى التباين في ميزان التنمية، إن وجد، لا يغير من هذه الحقيقة شيئاً. فهو تمايز بين مناطق كلها تحت خط التخلف المزري. ليس المشكلة هي هذا الواقع، طالما أننا بلغنا درجة من الوعي أن أدركنا أنه واقع متخلف وأن وطننا وشعبنا يعاني منه.. وأن مصيرنا رهين بالخروج من دائرته. المشكلة هي ان نفتقر بعد هذا للإرادة الجادة في الخروج من دائرة التخلف. وأسوأ من ذلك أن نصبح معاول هدم لأي جهد ينطلق في مسار التنمية والبناء والتقدم. حسناً أن يستشعر أبناء منطقة ما أو قبيلة ما مشاكل منطقتهم في التنمية والخدمات والبناء.. وأن يتطلعوا للمشاركة في العمل الوطني العام وفي مسؤولية النهضة. ولكن كيف السبيل إلى ذلك؟؟ بإثارة النعرة العنصرية والقبلية والجهوية؟ بإثارة الأحقاد والعداء والكراهية؟ بالخروج على الدولة وإستنزاف قدراتها الضعيفة؟؟ بالقتل والذبح والتخريب؟؟ بإشاعة الاضطرابات والإخلال بالأمن وعدم الاستقرار؟؟ بالعمالة للأجنبي المتربص وفتح الثغرات له ليتدخل في شؤوننا الداخلية بل ليحتل وطننا وينتهك كرامتنا ويستبيح مواردنا؟؟ هؤلاء الذين يقودون التمرد في أصقاع الوطن المختلفة هل هم معاول هدم أم معاول بناء؟.. هل هم وطنيون أم خونه؟... المواطن الصادق الذي يريد أن يطور منطقته و يعمل على رفعة اهله.. عليه أن يبذل الجهد والعرق.. عليه أن يضحي في معركة البناء لا الهدم.. يجب أن يراه الناس معهم في نفيرهم الإجتماعي من أجل التعليم والصحة وسائر الخدمات.. وعليه أن يناضل بالطرق الدستورية والعمل السياسي ليأتي لمنطقته وأهله بحقوقهم ويحفز الدولة للإهتمام بقضاياهم وتوجيه الجهود الرسمية لخدمتهم. أما هؤلاء الذين يبتزون الدولة بالسلاح وتعرض الامن القومي للخطر وإستنزاف طاقات الأمة وقدراتها ومواردها من أجل أن يصلوا للسلطة والثرورة.. فإنهم لن يفعلوا سوى أن يوردوا الوطن كله موارد الهلاك.. لكن العجب هو في موقف الدولة .. التي تكافيء المجرم الخائن على جريمته على حساب مصير الوطن.. فإذا كان حمل السلاح وزعزعة الاستقرار والخروج على الدولة والإستعانة بالاجنبي هو الطريق الوحيد المجدي والناجز في تحقيق المطالب أياً كانت هذه المطالب وأيا كان مدعيها. فما معنى الدستور والقانون والشرعية؟ وماذا نتوقع من المجموعات السودانية الأخرى التي لا تقل تخلفاً و (تهميشاً من هؤلاء.. إذا ثبت أن هذا الطريق هو الأجدى والأقصر والأكثر فاعلية؟ على الدولة أن تلتزم الدستور نصاً وروحاً وألا تتراجع عنه فالدستور هو الذي يحدد مثل هذه العلاقات. وهو الذي يكفل الحقوق. وعليها ألا تسمح بأي خروج عليه وإلا إنفرط أمر النظام وأصبحت البلد غابة يأخذ كل إنسان فيها القانون بيده ويأكل القوي فيها الضعيف. وأخشى أن هذا مايحدث اليوم.
قضبى المهدى
|
|
 
|
|
|
|
waleed500
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست