"هنود أمريكا"..............................سعد محيو انقلابان تاريخيان في الصفقة النووية - التجارية الكبرى بين الهند وأمريكا: الأول تتسرّب منه بقوة روائح الغاز والنفط، والثاني له علاقة بلعبة الشطرنج الكبرى في قارة أوراسيا (أوروبا- آسيا).
الانقلاب الأول واضح المعالم، محدد الأهداف: أمريكا القلقة من قلق الهند على أمنها في مجال الطاقة ومن تصاعد استهلاكها لها، تريد أن تدفعها بعيداً عن حقول النفط وقريباً من حقول نواة الذّرة. وهذا، كما قال الرئيس بوش ووزيرة خارجيته رايس، “سيخفف من الطلب الهندي على الوقود الأحفوري، مما يخفض أسعاره ويساعد المستهلك الأمريكي”.
لكن ما لم يقله لا بوش ولا رايس هو ان الصفقة النووية ستريح أمريكا من كابوس آخر: نسف الخطط الهندية الطموحة لإقامة شبكة خطوط آسيوية للنفط والغاز تمتد من أوكرانيا إلى اليابان، على ان تكون نقطة انطلاقها خط أنابيب يمتد من إيران إلى الهند مروراً بباكستان.
لماذا هذا المشروع كابوس لواشنطن؟ ببساطة لأنه قد يضعضع مشاريعها الخاصة بفرض الهيمنة على كل نفط الشرق الاوسط - وسط آسيا، وإحكام قبضتها على رقبة إيران، ومنع نشوء تحالفات نفطية (وبالتالي استراتيجية) خارج أرادتها كما إدارتها.
والآن، ومع الرعاية النووية الأمريكية للهند، لن تتخلى نيودلهي عن طموحاتها البترولية هذه فحسب، بل هي ستعلق أيضاً في شباك العنكبوت الأمريكي بسبب اعتمادها على التطويرات التكنولوجية الأمريكية في مجال الطاقة النووية. وهكذا ستضرب واشنطن عشرة عصافير هندية بحجر واحد.
هذا عن الانقلاب الأول.
أما الانقلاب الثاني، الشطرنجي، فيرتبط بموازين القوى والحسابات الاستراتيجية.
فالتاريخ سيسّجل غداً أن اتفاق جورج بوش - مانوهان سينغ في 2 مارس/آذار ،2006 ستكون له المضاعفات التاريخية نفسها التي كانت لاتفاق ريتشارد نيكسون - ماوتسي تونغ في مايو/أيار 1973. فكما ان هذا الاتفاق الأخير قلب التحالفات الدولية رأساً على عقب من خلال شق العالم الشيوعي عبر إبعاد الصين عن الاتحاد السوفييتي، كذلك الاتفاق الجديد سيضع الهند في وجه الصين وسيشق العالم الآسيوي إلى عالمين وربما أكثر.
كوندوليزا رايس وصفت هذا التطور بأنه تعبير عن “موازين القوى المستندة إلى الحرية”. لكن زبغنيو بريجنسكي كان له توصيف أقل ديماغوجية وأكثر صدقية. قال (في كتابه الأخير “لوحة الشطرنج الكبرى: التفوق الأمريكي وموجباته الجيو - استراتيجية”): “إن الموجبات الثلاث الكبرى للاستراتيجية الأمريكية هي: منع التواطؤ والحفاظ على التبعية الأمنية بين الدول التابعة؛ إبقاء الأتاوات لينّة على هذه الدول الأخيرة؛ ومنع “البرابرة” من الاتحاد”.
الصفقة الهندية - الأمريكية حققت اثنتين من هذه الموجبات: منعت تواطؤ الدول التابعة (اقرأ هنا الهند وروسيا والصين)، وعرقلت جهود “البرابرة” للاتحاد ضد سلطة الامبراطورية الأمريكية (اقرأ هنا الإيرانيين والهنود وغيرهم).
وهذا بالطبع انقلاب تاريخي لمصلحة الدبلوماسية الأمريكية، لا يوازيه في الأهمية سوى الانقلاب التاريخي الآخر المتعلق بالنفط والطاقة. وهو أمر سيدركه سريعاً من يعنيهم الأمر في الصين وسيتحركون على أساسه وفق مقتضيات الحكمة الصينية الشهيرة. لكن، هل سيفعل من يعنيهم الأمر في إيران الأمر نفسه؟
لا تسألوا الرئيس أحمدي نجاد! المصدر : جريدة الخليج الأماراتية 5 مارس 2006
03-05-2006, 11:39 PM
حيدر حسن ميرغني
حيدر حسن ميرغني
تاريخ التسجيل: 04-19-2005
مجموع المشاركات: 24961
بلا شك أن مقال سعد محيو يحتوى على نقاط جديرة بالملاحظة... و فى إعتقادى أن الأمريكيين يخوضون معركة مسرحها كل العالم لتأكيد هيمنتهم ليس فى الحاضر ، لأن هذا أمر قد أنجزوه و لكن فى المستقبل أيضا .... الأمر الذى لا أشك فيه هو أن الهند لها أجندة لا تخلو من الذكاء و العمل الجاد لتأمين حاجيات شعبهم الذى تتزايد أعداده بصورة كبيرة ... كما أن سيطرتهم على تقنية المعلومات فى عصر إتسم بتطورات لافته فى هذا المجال شئ لا يمكن تجاوزه ... الأمر الذى أثق فيه كثيرا أن الهند ليست الصين... و ما تم تنفيذه مع الصين خلال العقدين الماضيين و ربط إقتصادها بإلاقتصاد الأمريكىربما لا يتم مع الهند بنفس السلاسة... كما أن الإقتصاد الهندى و رغم تشوهاته إلا أنه يشهد تطورات ملفته ، حيث قرأت اليوم مثلا أن تحويلات الهنود العاملين بالخارج بلغت أكثر من عشرين مليار دولار للعام الماضى ، فى الوقت الذى تقدر مساهمة قطاع تقنية المعلومات فى الناتج الإجمالى بما يتجاوز الثلاثون مليار دولار... الطريف أننى تسلمت اليوم ردا من أمازون عن إستفسارى على بعض الكتب المرسلة إلى فجائنى الرد ممهورا بتوقيع .... مخلصك راج كومار... إنهم يسيطرون على تلابيب العالم .. و هم لهم طريقتهم الخاصة فى السيطرة عليك و إعطائك الإحساس بأنك تسيطر على كل الوضع تماما .. فهل يفعلونها مع الأمريكيين...؟
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة