النوبة/السودان – الماضى والحاضر والمستقبل (بقلم: عبد الوهاب المحسى)

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 07:10 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-04-2006, 03:58 PM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
النوبة/السودان – الماضى والحاضر والمستقبل (بقلم: عبد الوهاب المحسى)

    This very interesting and worth reading article was recently posted in Midan e-magazine
    http://www.midan.net/nm/private/news/nuba_sudan.htm
    Regards
    Mohamed Elgadi
    ____________________________________



    اليوم النوبى الثانى بالمملكة المتحده - لندن فى: 18 فبراير 2006

    Edward Wood Community Centre-Norland Road-London W11 4TX.

    النوبة/السودان – الماضى والحاضر والمستقبل .

    بقلم: عبد الوهاب المحسى .

    مقدمة

    الماضى التليد للنوبه موثق بكتب التاريخ وشواهد الآثار والمنحوتات فى المنطقه النوبية تحكى عظمة حضارة الكوشيين التليدة التى ترجع الى 17000سنة [1] خلت وهم الذين أعطوا سكان الجزيره العربية أصول اللغة العربية قبل 3000 عام من الميلاد[2] كما أعطوهم وللغرب حروف الهجاء (حجر روزيتا) [3] ولكن المشكلة الاساسية بالنسبة للتعرف على حقيقة وجود النوبيين وعلى تاريخ السودان في الوقت الراهن تكمن فى عدم الإلمام الكامل بأسس وتفاصيل معاشهم وحياتهم وأنماطها وما كانت تعكسه من فنون وأدآب إضافة إلى الجهل المقنن بأسماء ملوكهم وعظمائهم وعلمائهم، مع تغييب المصادر المكتوبة لهذه الأسس والتفاصيل جراء حملات الإبادة والدمار التى جردت الى المناطق النوبية إضافة للتحطيم والتكسير الذى مورس ضد منحوتاتهم وكتاباتهم، ودور عباداتهم.

    وكان ذلك خلال حقب وأزمان متتالية مروراً بحملات الملك الأكسومى عيزانا الذى تحالف مع الرومان والاشوريين[4] ممدين له بالعتاد والرجال للقضاء على الدولة الكوشية حيث دمرت مروى عاصمة الدولة انذاك عام 395 م. وبعدها فى عام 452 عاثت جيوش الأمبراطور الرومانى مارشانيوس بقيادة قائده ماكسمينوس فى الأراضى النوبية تخريباً وتدميراً. حتى أتى الغزو العربى الاسلامى بقيادة عمرو بن العاص، والذى دخل ضده الملك النوبى غاليف بتحالف مع البجا الكوشيين[5] وبطلوس فى حروب طاحنة كادت ان تلحق هزيمة ماحقة بجيش بن العاص لولا المدد المستمر له من قبل الخليفه عمر بن الخطاب.

    بعد ذلك بفترة قصيرة أتى عبد الله بن إبى السرح لغزو النوبة وفشل مما دعاه لعقد معاهدة البقط الشهيرة التى من الأهمية ان تقرا كمعاهدة استرقاق وعبودية للشباب النوبيين الذين كانوا يساقون سنويا الى عواصم الخلافه العربية الاسلامية لاستغلال بعضهم بعد أن يتم خصيهم كعبيد فى قصور خلفاء وأمراء ووجهاء المسلمين العرب والترك - وخير تعبير عما كان يجرى لمثل أولئك التعساء الذين اوقعتهم سواد بشرتهم فى ذلك الشقاء والعبودية هو أبيات الشاعر العنصرى ابو الطيب المتنبئ ضمن هجائه كافور الأخشيدي(الذى تحرر واستولى على الحكم بمقدراته العسكرية والادارية المتفوقة[6]) .. اذ يقول المتنبئ :

    من علم العبد المخصى مكرمة - أقومه البيض أو آباؤه الصيد

    أم أذنه فى يد النخاس دامية - أم قدره وهو بالفلسين مردود

    أولى اللئام كويفير بمعذرة - فى كل لؤم وبعض العذر تفنيد

    وذاك إن الفحول البيض عاجزة - عن الجميل فكيف الخصية السود

    وكان البعض الآخر من الأرقاء النوبيين وتطبيقاً لإتفاقية البقط العبودية يساقون الى العمل كأقنان فى أراضى الاقطاع العربي جنوب العراق وذلك فى مجارى الرافدين ومصابها ويقومون بكسح السباخ والاملاح الناشبين من مياه الخليج – وهنا لا بد كذلك من ربط إتفاقية البقط المشئومة بما تلاها من ثورة الزنج [7]جراء ذلك الإستغلال والاستعباد البشع الضد تماما لكل قيم الإنسانية والمساواة والعدالة – وقد بدأت تلك الثورة ضد العبودية عام 863 م وإنتهت فى أغسطس عام 883 م، بعد ان إنضم الجيش المصري المتواجد آنذاك بالشام فى عهد أحمد بن طولون الى جيش الخليفه العباسى المعتمد لمحاربة الثوار.

    كذلك كان إصطياد العرب للأفارقة من مناطق أخرى فى أفريقيا آنذاك مرتبطاً بغرض إسترقاقهم فى ذلك الزمان مع غيرهم من الارقاء من الشباب النوبين بموجب إتفاقية البقط - لاستغلالهم وتشغيلهم فى الإقطاعيات العربية وداخل قصور الملاك وليس بهدف هدايتهم الى الاسلام ومساواتهم بغيرهم من العرب والعجم، مما قاد الى ثورة النوبيين وبقية الأفارقة على الاقطاعيين العرب جراء استعبادهم واستغلالهم دون مقابل.

    ولا بد ايضا من ربط تلك الثورة الزنجية وقراءتها بأنها كانت إمتدادا لنضالات النوبيين وضراوة مقاومتهم ضد غزوات وحملات أعتى قوة إمبراطورية انذاك لمناطقهم وضد اتفاقية البقط الجائرة – علما بان حملات الابادة لم تتوقف قط من قبل أنظمة الخلافه والدولة العربية الاسلامية.

    ولا بد من ذكر إن حملات الابادة والتحريق والتدمير المستمره لبلاد النوبة ودور عبادتها إستمرت بعد البقط وكان من أشرسها التى تمت على يد قوات صلاح الدين الأيوبى بقيادة تابعه الظاهر بيبرس الذي واجه الهزيمة لولا سخاء الامدادات المستمرة له من الرجال والمؤن من الشام . كذلك إستمرت حملات المماليك على النوبة طوال القرنين الثالث عشر والرابع عشر حتى تم القضاء على كل الكنائس والاطر السياسية والاقتصادية وإنتشرت الفوضى والاضطراب فى كل مناطق مملكة المقرة آنذاك حتى حدودها الجنوبية في بلدة كبوشية مما سهل أنسياب عرب جهينة من الشمال وتوغلهم جنوباً.

    1- الواقع الراهن لوجود النوبة والسياسات الإقليمية ضدها

    فى العصر الحديث هنالك شواهد تاريخية تدل على إستمرار نفس السياسات القديمة لاعتبار بلاد النوبة/السودان جزءاً من الممتلكات المصرية/العربية إصرارا على النهج الاستعمارى القديم وعلى سياسات الحملات السابقة الذكر، ومنها :

    موقف النحاس باشا (رئيس وزراء مصرى سابق) عام 1940[8] إذ طالب السفير البريطانى فى مصر بإعتراف بريطانيا بحقوق مصر الكاملة وسيادتها على السودان!! وكذلك توكيد النقراشى باشا[9] (رئيس وزراء مصرى سابق) فى خطابه أمام مجلس الامن بتاريخ 5 اغسطس 1947 بان سيادة مصر على السودان لم تتأثر باتفاقيتى عام 1899م .
    موقف الضباط الاحرار المصريين وضباط مصريين اخرين عندما خطب فيهم الزعيم الراحل الازهرى فى احتفالات 23 يوليو 1955 بنادى الضباط بالزمالك – عندما ألحوا عليه فى خطبته تلك إعلان الوحدة مع مصر (ما تقول الوحدة...ما تعلن الوحدة.. .) إذ خيب الازهرى ظنهم ولم يعرهم إنتباها- ولم يعجب ذلك زعيمهم عبد الناصر، ولكن الازهرى أوضح له ولأعضاء مجلس ثورته بعد العشاء فى تلك الأمسية إن الشعب السودانى لا يقبل بديلا للإستقلال.
    أهمية مضابط اجتماعات مجلس قيادة الثورة[10] المصرى بقيادة جمال عبد الناصر في شهر اغسطس 1955 وملابسات إستقالة صلاح سالم بتاريخ 30 اغسطس 1955 من مجلس الثورة ومناصبه، للوقوف على حقيقة نوايا الضباط المصريين ومجلس ثورتهم تجاه السودان وحريته واستقلال وكرامة شعبه ومعرفة الاسباب الحقيقية الكامنة وراء موافقتهم على اقتراح الانجليز بمنح السودانيين حق تقرير المصير وذلك بعد تلكؤ إستمر لما يقارب ستة أشهر[11]. وأهمية الوقوف على حقيقة هدف محمد نجيب وحكومته من توحيد الأحزاب الإتحادية بتاريخ 3 نوفمبر 1952م بعد اجتماعه بها فى القاهرة[12].
    حديث بطرس غالى فى جامعة نهرو بنيودلهى عام 1978 وتوكيده إن مصر ستحتل السودان بالقوة لتأمين مواردها المائية. إضافة لحديثه إلى جريدة هيرالد تربيون الامريكية بتاريخ 22 فبراير 1985، والذى ذكر به (إن الحرب القادمة فى منطقتنا ستكون لسبب مياه النيل – لا لأسباب سياسية . ولا تأخذ واشنطن ذلك مأخذ الجد –فكل شئ للولايات المتحدة تتعلق أهميته بإسرائيل والنفط والشرق الاوسط، وهذا لا يمكن من حل مشاكلنا بالصيغ االتقليدية)!!!
    إفتاء الشيخ العنصرى الشعراوى في لقاء تلفزيونى فى القاهرة بتاريخ 30 يوليو 1993 بجواز الاسترقاق والسبى فى الحرب الدائرة آنذاك فى جنوب السودان بما يلى: (إن الاسلام يبيح الإسترقاق فى الحرب وإن الاسرى رجالا ونساء يسترقون وقد شرع الله ذلك ليشجع المحاربين على عدم قتل المشركين عند الفوز بهم والقدرة عليهم – فيكون الرق إنقاذا لهم من الموت أما معاشرة النساء الاسيرات معاشرة الازواج ففيه تكريم لهن اذ يفعل بهن السيد ما يفعله مع زوجته)!!
    إن تمليك هذه الوقائع والحقائق التاريخية القريبة منها والبعيدة والمذكور بعضها آنفا للأجيال الحديثة من النوبيين وعموم السودانيين سيلعب دوراً هاماً فى عدد من الأشياء منها:

    قرآءة أسباب مآلات النوبة الآنية ومعرفة أعدائها التاريخيين، الذين لم تتغير أجندتهم ولو تبدلت أساليبهم وأدواتهم حسب مقتضيات كل مرحلة كما تتبدى هذه الحقيقه الآن فى إن تلك الأساليب والأدوات القديمة المتجددة مازالت قيد الخدمة آنيا ومستقبلاً .
    الفهم الصحيح لحقيقة سياسات الدولة المصرية والدول العربية ومعرفة أسباب العداء المحكم من قبل مختلف الأنظمة المصرية لكل ما هو نوبى وسودانى بشراً وتاريخاً وأرضاً.
    إيقاظ البصائر المغشاة والافئدة المستلبة وفى فضح أباطيل تزوير التاريخ التي ألفها بعض العرب والمصريين و السودانيين وبعض مؤرخى المصريات من الغربيين خدمة لاغراض لا تمت بصلة إلى مصالح النوبيين والسودان ولا تمت بصلة لقواعد البحث العلمي التاريخى من ذكر للوقائع وتوازن للمصادر والتفسيرات.
    1- العدو الخارجي

    إن أنظمة الحكم فى مصر تعلن جهارا نهارا أطماعها الاستعمارية فى السودان مشاكلة سياسات محمد على باشا عام 1821م وجيشه الذي بناه وأشرف على تكوينه ونشاطه سليمان الفرنساوي لتحقيق سياسات سادات الدولة المصرية ومصالحهم فى السودان وأفريقيا وربطها بعالمهم في إمتداد عثماني أوربي لسياسات البقط بما فيها من تعالي وإمتهان لوجود وكرامة وحقوق الإنسان السوداني.

    لذا ففضح تلك السياسات والخطط الخارجية وتعريتها وتوضيحها للدول الافريقية ودول العالم يفيد بثلاث عوامل مهمة هي:

    تعريف ودعم قضية الوجود النوبي والأفريقي للسودان .
    درءاً للمخططات العدوانية ضد ذاك الوجود التى تفصح عنها قيادات مصر السياسية والعسكرية علانية.
    الإسهام في التغلب على عناصر الضعف الداخلى والخارجي التي تتمثل بدورها في:
    ا- نقص البصيرة السياسية:

    تنقص قوى السودان التقليدية البصيرة السياسية لادراك الخطر المصري الداهم إذ تقعد حتى الآن عن خوض نضال منظم متكامل العناصر سياسياً وعسكرياً وثقافياً وإعلامياً متزامن في حركة أفعاله لهدف هزيمة نظام الجبهة الاسلامية وتنفيذ إتفاقية نيفاشا كاملة والعمل الجاد لتصويت الناخبين الجنوبيين لبناء سودان واحد، وأخذ المهمشين ومناطقهم كامل الحقوق السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بشكل يمكنهم من الحرية والإنعتاق من أحوال الإستغلال والتهميش ونقص الضرورات والتكالب عليها وبناء جيش قومى يتصدى لاكبر مهددات الأمن السودانى المتمثل فى النوايا والمخططات المصرية الاثمة وغيرها .

    ب- الخوف من مصر:

    إن من يزعمون بان فضح نوايا وسياسات مصر نحو النوبة والسودان سيجلب غضب مصر على السودان يدركون أصلا إن مصر لن تتنازل عن نواياها وأجندتها العدوانية التى تعلنها جهارا نهارا .

    ت- الإعتقاد بثبات العلاقات الدولية:

    إن تعويل القوى الغربية المهيمنة على صنع القرار الدولى ولوقت قريب على مكانة واهمية أنظمة مصر المختلفة ونفوذها فى منطقة الشرق الاوسط كوكيلة عنها بما كان فيه من تجاهل لقضايا السودانيين المهمشين وغض نظرعن سياسات ومواقف مصر والعرب المؤيدة لأنظمة الخرطوم المختلفة فى حروبها الاهلية ضد المواطنين فى الجنوب وجبال النوبه والآن فى دارفور وشرق السودان ضاع كل ذلك بتضعضع مكانة مصر في الشرق الاوسط وإرتفاع مكانة أفريقيا في الإستراتيجيات الدولية وإستثماراتها المقبلة. لذا من الضرورى إستغلال هذه الاجواء الجديدة، وتوظيفها للفكاك من فلك مصر والجبروت العربى والانعتاق النهائى من هيمنتهم على الوجود النوبي والسودانى والعمل على قيام بديل وطنى ديمقراطى يتعامل مع العالم لأجل ترسيخ العدالة الاجتماعية والتقدم والديمقراطية والسلام فى المنطقة الافريقية والعالم بداية من السودان.

    2- أعداء النوبة والسودان فى الداخل :

    ا- تشكيلات الجبهة الإسلامية:

    ان اعداء النوبه والسودان الآن يتمثلون فى تشكيلات الجبهة الاسلامية القومية الحاكمة التى تنفذ نفس سياسات حملات المماليك فى القرنين الثالث عشر والرابع عشر وغيرها من سياسات حملات التهجير والإبادة المعنوية والإجتماعية الاخرى التى ادت لما إلنا إليه اليوم – انهم يودون القضاء المبرم على كل ما هو نوبى وسودانى وتحويره مسخاً وتشويهاً واستلاباً ومصادرة للأراضى و تنازلاً عنها لهم . وهم الأعداء التاريخيين الممثلين للأنظمة العنصرية الاستعمارية المصرية ومن ورائها مفاهيم القمع والعنصرية العربية والأجنبية التى تقف مع سياسات مصر ونهجها نحو السودان بقوة ودون تردد .

    و كما كانت كل سياسات الحكومات السابقة تقف ضد أمانى وتطلعات النوبيين وباقى المهمشين وكانت تتشكل من قوى مستلبة تتلفح بلبوس العروبة والإسلام متناسية إن الغالب من العدد في أهل السودان هم من الأفارقة غير العرب- حيث لم تستطع ادراك حقيقة ان ليس كل من أدعى العروبة والانتماء اليها بعربى (ان اقامة أى تاجر أو عالم دين عربى وسط قبيلة ما وانتشار الاسلام بينها بواسطته كان يجعل القبيلة تنتسب مع مرور الزمن الى هذا العربى النازح إعتقادا منها بان ذلك يعلى من مكانتها[13]) . وإستغلت تلك القوى المستلبة الثقافة العربية الاسلامية لمراكمة الثروات بسيطرتها على السلطة السياسية وإستغلال الكادحين الأفارقة من العرب وغير العرب في السودان وتسخيرهم لتحقيق تلك الأهداف .

    إن إجراء التغيير الجذرى فى أوضاع النوبة والسودان لصالح تحرير مناطق الهامش والمدن يتصل بثلاث نقاط مترابطة هي :

    تحرير الريف والمدن من أسر نظام التخلف والاستغلال والتهميش .
    تمكين غالب كادحي السودان من المستغلين والمهمشين من إقامة سلطة تعبر عن آمالهم وتطلعاتهم في تحقيق التنمية الشمولية المتوازنة والتقدم السياسى والاقتصادى والاجتماعى والثقافى الحري بها .
    عودة السودان لذاته الافريقية والانفكاك من وهم الطبيعة الواحدة للسودان بعروبة مصطنعة ووهم وحدة شعب وادى النيل والإقرار بتعدد مجتمعات وادي النيل وتنوعها من نهر كاجيرا في زامبيا إلى الدلتا في مصر.
    إن الاستمرار فى السير على الطريق القديم الذى ألحق بنا الخراب والدمار عبر الحقب والازمان لم ولن يساعد النوبيين وعموم السودان على حل مشكلاتهم بشكل جذرى لأن دولة مصر ستستمر فى صنع أحابيلها وحياكة مؤامراتها لعدم تمكيننا من بناء وطن متحد ومتقدم فذلك يتعارض تماماً مع مصالحها الآنية والمستقبلية – وهى تعلن نواياها لاحتلال السودان بحجة تأمين موارد سلطتها المائية بالرغم من علمها يقينا بإن مصالح الدول فى المياه تحكمها اتفاقات دولية تحفظ حقوق دول المنبع والمصب. .

    ب- الطبيعة الأحدية لتناول الأزمة، والتشرذم في معالجاتها:

    من المهم التأكيد على إن القضايا والمشاكل والصعاب التى تواجه النوبيين هى جزء من الأزمة السودانية المستفحلة الممتدة لسنين طويلة منذ هزيمة مملكتى المقره وعلوه القديمتين – فمنذ ذلك التاريخ لم ينعم السودان باستقرار سياسى لفترات طويلة . كما انها تمثل وجهاً أيضا من وجوه المشاكل التى يعانى منها النوبيون فى مصر. ولكن لو نظر شخص ما إلى أوضاع القوى ذات المصلحة فى التغيير الجذرى في النوبة والسودان وبالرغم من وحدة مطامحها وآمالها، لرأى الفقر في جهودها وفي تشرذم تنظيم نضالاتها وقلة مستوى هذا التنظيم عن مستوى تنظيم اعدائها الممثلين فى الجبهة الاسلامية حيث تبلغ جملة التنظيمات التعاونية والمدنية والإجتماعية والثقافية والسياسية ماهو فوق المئة تنظيم يتناول كل منها الأزمة في النوبة والسودان من ناحية واحدة معزولة عن غيرها من عناصر الأزمة وحلولها . كذلك على المستوى السياسي العام تعاني النوبة والسودان من داء المعارضة الشكلية حيث نجد من يطلقون على انفسهم إسم "جبهة أهل القبلة" يعارضون النظام شكلياً بينما تتفق أجندتهم تماماً مع أجندة النظام الفاشي ضد تقدم مجتمعات الهامش الإقتصادي والسياسي وتقدم مجتمعات السودان عامة من حال الفقر للضرورات والتكالب عليها، وإن اختلفت "جبهة اهل القبلة" مع "الجبهة الإسلامية" في بعض أساليبها وأدواتها وزمانها ومكانها. فإننا نجد إن كل تلك القوى الممولة عربياً تعمل على إفشال حركة المشروع الآني لحرية المجتمعات المهمشة في الأرياف والمدن والحئول دون تحقق السودان الجديد كبديل تقدمى لآليات السودان القديم بطبيعة تنظيماته الإحتكارية الرجعية بالمجتمعات والمتسلحة بأداليج عنصرية عدداً من جملة الثقافة العربية الاسلامية.

    ت - المعارضة الشكلية:

    ولا بد من التأكيد بإن تلك المعارضة الشكلية لنظام الجبهة الحالى بالطبيعة الأحدية لحركتها السياسية الإجتماعية وأدواتها المتمثلة في الكلام والمبايعات والجودية والتفاوض المغلق والقمع والأكاذيب لم تزل بهذه الطبيعة والأدوات جزءا أصيلا من السودان القديم الذى يتجلى بأشد مظاهره الدموية والعنصرية فى النظام الراهن للجبهة الاسلامية والذى يسعى حثيثا لتوحيد "أهل القبلة" خدمة لمصالحه ومصالح قوى العنصرية العربية التى ترى الخطر محدقاً على مصالحها ونفوذها بانتصارات قوى الهامش فى الغرب والشرق والجنوب وفي اتفاقية نيفاشا وكذلك مع تقدم حركة تحرير كوش في المنطقه النوبية ومناطق الوسط الأخرى وإدراك تلك الجماعات من ذلك التقدم لخطورة توحيد وتنسيق نضالات تلك القوى وأثره القاضي على مصالحها في دوام السيطرة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعملها خفية وعلانية لافشال توحيد تلك القوى الجديدة.

    3- جملة الوضع السياسي الآني في مناطق النوبة وعموم السودان:

    لتعويقه عملية السلام الشامل في السودان وإستمراره فى إرتكاب الجرائم ضد الانسانية فى دارفور فإن الخناق يضيق على النظام من الأمم المتحدة ومن المجتمع الدولى– كما ان بريطانيا أعلنت بتاريخ 7 فبراير 2006 عن سبع مطالب للسلطة الحالية من ضمنها عدم المساس بالحريات العامة مما يعتبر دعما لنضال الناس بعدم سن أى قوانين تمس الحريات المكتسبة بالدستور الانتقالى، وهو دستور يساعد على العمل الديمقراطي وتهيئة الأجواء اللازمة للقضاء نهائيا على النظام الإحتكاري العنصرى فى الخرطوم.

    4- الواجبات التي يفرضها الوضع السياسي:

    يتيح الوضع السياسي الآني إمكانات موجبة لتحديد بضعة واجبات هامة للعمل الثوري المتكامل وهي:

    § تنسيق صفوف وأعمال قوى تحرر المجتمعات السودانية في الهامش والمركز بأريافه ومدنه لهزيمة نظام الجبهة الاسلامية القومية خاصة وقوى السودان القديم عامة .

    § أن تناضل حركات الهامش لكسب مزيد من تأييد قوى الكادحين في الأرياف والمدن وذلك بقيامها بالآتي:

    أ‌- تطوير خطابها الإعلامي وبنياتها التنظيمية .

    ب‌- عزل القوى غير المدركة لخطورة الخطاب العنصرى والقبائلي على نضالات الهامش .

    ت‌- الإشراك الفعال لكادحي ومناضلي مدن السودان في نضال قوى حرية وتقدم مجتمعات الهامش لتغيير موازين السلطة والثروة لصالح غالبية السودان من جماهير الهامش وجماهير المدن الكادحة.

    إن بعض الذين يريدون عزل الهامش من حلفائه الطبيعيين فى المدن ووسط القوى الحديثة وعزل قوى الهامش عن بعضها كانوا خداماً لانظمة القمع والمركز المتعاقبة أو كانوا أصدقاء لرموزها أو استفادوا من فتاتها أو يخشون من قوى التقدم فى المدن مزاحمتهم فى حيازة مراكز نفوذ موهومة بمكانة مرتقبة وسط قوى الهامش، خاصة مع تغير تركيبتها بسبب الحرب الشعبية ونزوح أعداد كثيرة من سكان الهامش الى الخرطوم والمدن الاخرى جراء تلك الحرب بأشكالها المختلفة في الجنوب ودارفور والشرق وجبال النوبة والأنقسنا .

    ث- كذلك على كثير من قيادات حركة تقدم المجتمعات السودانية في المدن القيام بإعادة قراءة الواقع السودانى بطريقة تراعي تغيرالتشكلات الطبقية للأوضاع السياسية الإجتماعية في المركز والأقاليم بعد (المستجدات) التى طرأت على الساحه السياسية السودانية منذ الخمسينيات وذلك بـ:

    إعادة النظر فى مواقفها وتحالفاتها الحالية مع قوى مركزية عنصرية في السودان والطابع السالب لهذه التحالفات التكتيكية الأحدية في العملية الإستراتيجية لتطو وقائع وأحوال التشكلات الطبقية للأوضاع السياسية الإجتماعية في المركز والأقاليم، وتبديل هذه التحالفات الموقوتة بتحالفات أكثر جذرية مع قوى الهامش التى تخوض نضالات مسلحة ضد أوضاع التراتب الاجتماعى والاقتصادى والسياسى والثقافى الهرمية الظالمة.
    إلتزام الحركة الشعبية لتحرير السودان بوصفها رائدة نضالات الهامش بأقصى درجات الوضوح الفكري والوعي والثبات والمرونة لإكمال مشروعها التأسيسي لأجل سودان ديمقراطي موحد.
    توسيع حركة التنسيق بين أعمال القوى السياسية التقدمية في المدن والقوى الثورية لتحرير الهامش في الريف
    ان وجود النوبيين الآن بين قوات النظام المصرى الذى ينصب راداراته وقواته على سفح جبل " صحابة" شمال اشكيت وفي أرقين شمال - وبين قوات النظام الفاشى العنصرى العميل للنظام المصري والقوات الدولية القادمة أمر لا يدع مجالاً للنوبيين سوى الحركة والنضال بشتى السبل دفاعا عن وجودهم، ووفاء لحريات ودماء ملايين النوبيين والسودانيين التي قدمت عبر الأزمنة المختلفة دفاعاً عن حرية وكرامة وجود النوبة والسودان. خاصة إن دخول القوات الدولية وإن كان يرتبط بحماية أهل دارفور من الهجمات العنصرية للنظام الحاكم والجنجويد التابعين له فإنه يتصل أكثر بإقرار حقوق الإنسان في السودان عامة والحد من غلواء نظامه الذى وقع اتفاقية الحريات الأربعة وتمهيدها لانتهاك مصر حرمة أراضى النوبة وسيادة السودان وتمزيق ذاك النظام بتمركزه الطبقي والعرقي لما كان باقياً من النسيج الاجتماعى للسودان، وتجويعه شعبه وسلبه ماكان له من حرية وكرامة وطنية وانسانية .

    5- الوضع فى الساحه النوبية:

    كما سبق القول فإن الساحة النوبية تعج بتنظيمات وحركات سياسية كثيرة ذات نزوع أحدي في تناول الأزمات المتعددة في النوبة والسودان وقد جاءت بعض تلك التنظيمات بدفع نظام الجبهة الاسلامية وعملاءها وبحركة الانتهازيين وذوى التطلعات الشخصية والفردية وسط النوبيين مماأدى الى وجود حالة تشرزم ووهن أصاب جسد النوبيين وتحول بعض تلك (التنظيمات) إلى قطع وعود محلية ودولية ليست أهلاً لا لتقديمها ولا للوفاء بها.

    6- المهام الأساس التي يتطلبها هذا الوضع هي :

    ا- حشد القوى النوبية لتقرير مصيرها خارج الوصاية العنصرية لكل من نظامي مصر والسودان .

    ب- تواصل حركات قوى تحرير مجتمعات السودان في الريف وقوى التقدم فى المدن ضد أحوال الشرذمة والخروج منها لأجل التحرير الشامل لأوضاع النوبيين وعموم السودان. وهي مهمة تتطلب:

    العمل على تنظيم النوبيين تنظيماً ثورياً لاحداث الفعالية المطلوبة وسط القواعد النوبية فى النشاط وصنع القرار وتنفيذه .
    التنسيق الكامل مع حركات الهامش التى تقود نضالا مسلحا فى دارفور والشرق إضافة الى الحركة الشعبية لتحرير السودان وقوى السودان الجديد فى المدن للعمل على تنفيذ اتفاقية نيفاشا والغاء اتفاقية الحريات الأربعة بالمساهمة الجمعية فى انهاء نظام الجبهه الاسلامية الحالى.
    العمل كذلك لأجل إعادة النوبيين الذين شردوا الى خشم القربة وغيرها وتوطينهم فى مناطق النوبة
    العمل على قيام الاقليم النوبى النيلى ضمن السودان الجديد بمقاربة ماتم في إتفاق نيفاشا .
    العمل على تنويب الذين هجروا أوأستعربوا وكسبهم لقضايا ومشاكل النوبيين ونشر الوعى بوجود النوبة وقضاياههم
    تقوية الصلات الدولية مع القوى الأفريقية والعالمية .
    التوعية بطبيعة التهديد الإستراتيجي لوجود الدولة الطبقية المصرية وتمثلاتها الإستعرابية على طبيعة الوجود النوبي والسوداني وإمكانات تقدمه.
    المراجع:


    --------------------------------------------------------------------------------

    [1] Ivan Sertima: Egypt Revisited.

    [2] كارلتون: السلالات البشرية الحالية

    [3] -The Origin Of Islam: W. Williams

    [4] دنيس بولم – ترجمة على شاهين، الحضارات الافريقية

    [5] محمد ضرار صالح ضرار، إقليم البجة

    [6] الباقر العفيف – ترجمة الخاتم عدلان، متاهة قوم سود ذوو ثقافة بيضاء

    [7] موسوعة الحضارة العربية الاسلامية

    [8] الرافعي، فى اعقاب الثورة المصرية

    الرافعي، مقدمات ثورة 23 يوليو 1952[9]

    [10]محسن محمد، الانفصال.

    [11]عبد الفتاح أبو الفضل: كنت نائبا لرئيس المخابرات العامة

    [12] محمد نجيب، كلمتى للتاريخ.

    [13]سبنسر ترمنجهام، الاسلام فى إثيوبيا

                  

03-04-2006, 04:01 PM

Mohamed Elgadi

تاريخ التسجيل: 08-16-2004
مجموع المشاركات: 2861

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: النوبة/السودان – الماضى والحاضر والمستقبل (بقلم: عبد الوهاب المحسى) (Re: Mohamed Elgadi)

    Quote:
    إفتاء الشيخ العنصرى الشعراوى في لقاء تلفزيونى فى القاهرة بتاريخ 30 يوليو 1993 بجواز الاسترقاق والسبى فى الحرب الدائرة آنذاك فى جنوب السودان بما يلى: (إن الاسلام يبيح الإسترقاق فى الحرب وإن الاسرى رجالا ونساء يسترقون وقد شرع الله ذلك ليشجع المحاربين على عدم قتل المشركين عند الفوز بهم والقدرة عليهم – فيكون الرق إنقاذا لهم من الموت أما معاشرة النساء الاسيرات معاشرة الازواج ففيه تكريم لهن اذ يفعل بهن السيد ما يفعله مع زوجته)!! Unquote


    No Comment!!!!

    Mohamed Elgadi
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de