ليست هي نظرية المؤامرة المكرورة والممجوجة كما يحلو للبعض ان يلخص ويبتسر كل تهمة تساق ضد الغرب مهما كانت منطقية ومشروعة. كما وانها ليست فرية الفقها لسبب خفي لا .. هي ليست كذلك.، ولكنها اسئلة اضعها في اطار ( حرية التعبير ). ولكن بين يدي افتراض واقعي أسوقه اليكم مبنيا على قراْءة شرط موضوعي معيش. ترى ما هي الآلية التي دفعت وما تزال تدفع بازمة الرسومات الكاريكاتيرية المسيئة لرسولنا الكريم نحو التأجج والتصعيد يوما بعد يوم ، الى درجة احراق السفارات الاجنبية بيد الشعب وليس الجماعات المسلحة، الأمر ال>ي لم يحدث رغم المعارضة الشعبية العربية الواسعة ازاء الغزو الأمريكي للعراق؟!. فلقد تم نشر هذه الصور سيئة الذكر منذ عدة شهور ( اغسطس الماضي) ، وكان يفترض ان يتوارى تأثيرها السلبي ودرجة استفزازها مع مرور الوقت.. فمن الذي وقف وراء تأجيجها واحيائها الى الآن؟ هل هي المرة الأولى التي يجرؤ فيها احدهم على الاساءة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم والى نسائه بل الى ذات الله عز وجل ؟ ليس فقط في الغرب ، وانما بيننا نحن المسلمين ايضا.. كم اعتدى بعضنا على رسول الله ( ص) وكذبوه وطعنوا في كل شئ عزيز عليه وعلينا، حتى في نبوته وشرفه ونسبه ( قضية صحيفة الوفاق مثالا) ورغم ذلك لم يصل الأمر هذا الحد من النفرة الشعبية الواسعة في ظل التسامح والتأييد الواضح الذي اظهره النظام الرسمي العربي والاسلامي بصورة منقطعة النظير. هل شعر المسلمون ( اجمعون) بالغيرة الشديدة على دينهم ونبيهم الكريم فجأة؟ الله قادر على كل شئ ولو شاء لهدى الناس اجمعين. ولكن هل ثمة من له مصلحة في تأجيج الحادثة وجذب المسلمين للتركيز عليها كلهم دون سواها؟ ولماذا؟ أحسب أنه ليس امامنا صاحب مصلحة حقيقة وملحة سوى الولايات المتحدة .. ومما يدعونا الى هذا الظن هو: 1/ ان امريكا تعاني اليوم من تصاعد مشاعر الكراهية ضدها وحدها تقريبا ، من جانب المسلمين في العالم، بسبب حملاتها الجائرة والمتذرعة بمحاربة الارهاب، وهي حملة موجهة بشكل اساسي ضد المسلمين خاصة والعرب المسلمين أكثر خصوصية.. فلا بد من تبديد غيوم هذه المشاعر المتراكمة وتشتيتها عبر توجيهها الى جهات اخرى بغية أن يخف الضغط عليها، فتصبح واشنطون ضررا اخف من ضرر ( الدنمارك !!) التي تحولت وداعتها الحليبية، على حين غرة، الى قرون شيطانية. 2/ امريكا سارعت الى شجب هذه الرسومات واعتبرتها غير مقبولة ومستفزة للعقائد، وبالتالي فان حرية التعبير باتت لها حدود عند الامريكان ، بما يعني فهما مغايرا للفهم الأوربي المثالي والعلماني المحض! 3/ كيف يمكن لدولة تقود حملة دولية للترويج للحرية والديمقراطية الليبرالية ومع ذلك تنتقد رسام كاريكاتير قام بعمل يدعم جدياالحملة ضد الأرهاب الاسلامي ويتساوق معها ؟ كيف؟ 4/ ان امريكا قد اطلقت مؤخرا حملة منظمة ورصدت لها موزازنة( خصيصا) تستهدف تحسين صورتها عبر الشعوب الاسلامية، ولابد ان الجهة المسند اليها وضع البرامج التي تحقق الغاية هذه قد قامت بما يجب وبانجع الوسائل .. والآن تأمل اين يتوجه الغضب العربي الاسلامي المركز؟ .. الى اوربا وفي اوربا الى دول اسكندنافية مسالمة والى فرنسا التي تعارض التوجهات الحربية الامريكية واما بريطانيا حليفتها فلا !.. هل هي مصادفة ياترى؟ جائز. 5/ ان سفيرة مصر في كوبنهاجن هي التي آلت على نفسها اثارة القضية على نحو تسخيني رسمي، وبالطبع كان ذلك بدافع الغيرة على رسول الله شفيع الأمة (ص) ، وهذا أمر يحمد لها ، ولكن اين كان السفير السعودي والايراني ومنظمة الدول الاسلامية حينما كانت سفيرة مصر الموقرة تلح على حكومة الدنمارك وتطلب الاعتذار باسم الحكومة المصرية؟الى أن جاء سماحة شيخ الأزهر الشريف ليقول للدنماركيين ما مفاده: لماذا تعتدون على محمد (ص) وهو ميت لا يستطيع الدفاع عن نفسه؟ 6/ثم ما الداعي لأن تزج ملكة الدنمارك بنفسها مبكرا فتنتقد الاسلام الأصولي في هذه اللحظة الملتهبة بالمشاعر الدينية؟. 7/ من هو هذا الكاتب الذي طلب الرسومات الكاريكاتورية لكي يضمنها في كتابه ( القرآن وحياة محمد ) وما هي قصة المسابقة والداعي اليها وفي الدنمارك؟ ومن الذي دعا الى تنظيم مظاهرة دنماركية ضد الاسلام والمسلمين ويقوم خلالها المتظاهرون بحرق المصحف الشريف ردا على احراق العلم الدنماركي ؟ هل هنالك من ناول الطعم فالتقفه الغافلون بحكم ما في قلوبهم من مرض؟ 8/ ما علاقة ما جرى بتزايد النقمة الشعبية على بوش واركان حكمه والمساعي الحثيثةالجارية نحو محاكمته بسبب التجسس على الشعب الأمريكي، علاوة على تنامي الرفض الشعبي حيال مشروعية الحرب واستمرارها في العراق؟ 9/و ما علاقة هذه الأزمة الدنماركية بنظرية ( نقل المواجهة) بين امريكا و(اعداء الحرية) من الداخل الى خارج الولايات المتحدة وهي التي النظرية التي يتبناها الرئيس الأمريكي وقد وعد شعبه بها ، وبالفعل فعل جزءا من ذلك حينما بات يواجه القاعدة في العراق. 10/ ما علاقتها بالرسالة التي بعث بها قائد القوات الأمريكية الى صحيفة (واشنطون بوست) مؤخرا شاجبا ومنددا بنشر كاريكاتير آخر يصور جنديا امريكيا مبتور الاطراف بسبب حرب النفط العراقي؟
وقد نشير ايضا الى أن الولايات المتحدة لسوف تجنى ثمرة اضافية اخرى جراء تصعيد الحنق الاسلامي بوجه الدنمارك وبلجيكا وفرنسا ..وذلك بأن تضع اوربا برمتها على محك الأرهاب مباشرة فتستعديها سياسيا وفكريا ونفسيا وعسكريا ضد الاسلام والمسلمين ، وهكذا تضمن - على الأقل - حيادها ازاء الضغط المتزايد وغير الآخلاقي الذي تمارسه على الحكومات العربية والاسلامية من اجل تضييق الخناق حول ما تسميه واشنطون ( منابع الارهاب الاصولي ) من مناهج تعليم ومدارس دينية واعتكاف لعمارة المساجد ومنظمات اهلية دينية .. الخ ترى هل سيكتمل هناء وعرس امريكا حينما يتوجه غضب تنظيم( القاعدة ) نحو اوربا المسالمة طلبا للثأر؟ ساعتها ستكون (القاعدة) قد ابتلعت الطعم كاملا هي الأخرى، حيث سيتم الهاؤها عن مخططاتها التي توعد بها اسامة بن لادن لحين من الزمان الأمر الذي يوسع من دائرة خصومها كما ويستنفر اوربا المسالمة ويجرجرها غصبا وبحكم الواقع الى ميادين القتال في العراق وافغانستان بدلا عن اتخاذ الخطوات الجارية حاليا للأنسحاب الدولي - بما في ذلك بريطانيا نفسها - من العراق لتبقى امريكا وحيدة ومعزولة تلعق اصابع ديناميت الزرقاوي. بل ان الرأي العام الدولي عموما سوف تخف نقمته على واشنطون المتغطرسة فيما اذا جرت عمليات ارهابية انتقامية سواء من جانب القاعدة او غيرها من المسلمين المتحمسين. بكل المقاييس فان ما يحدث لابد أن يصب في مصلحة امريكا التي تقوم الآن بمهمة ( المديدة حرقتني ) فيما بين المسلمين واوربا المسالمة . ________________ رب اشرح لي صدري
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
محمد عبدالقادر سبيل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست