الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-20-2024, 05:09 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف النصف الأول للعام 2006م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-14-2006, 04:52 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟

    الأخ ابراهيم بقال السلام عليكم
    كل عام وانتم بخير
    حتى يفهم أعضاء سودانيز أونلاين القضية بوضوح
    وحتى أنا أريد أن أفهم
    من هو علي يتاي؟
    ومن هو سليمان علي بيتاي
    نبذة تعريفية عن البجة؟
    وهل قبائل بني عامر من البجة؟
    ومن هم جنجويد الشرق ؟
    وعن الأسود الحرة ومدى تشابه قضيتهم مع قضايا دارفور
    طبعا نفس الاستفسارات يمكن ان يجيب عليها كل من
    خالد كودي
    هاشم نوريت
    تراجي مصطفى
    ومنى خوجلي
    وبشاشا
    مع تحيتي
                  

01-14-2006, 04:56 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    في انتظار اجاباتك
                  

01-14-2006, 04:59 AM

Ahmed Mohammed Osman
<aAhmed Mohammed Osman
تاريخ التسجيل: 10-10-2005
مجموع المشاركات: 1381

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    هي هي هي هي
    وجااااااااااااااااااااااااك يا شربوت
                  

01-14-2006, 05:16 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Ahmed Mohammed Osman)

    رغم ان السؤال لا يعنيني مباشرة ولكن سأجتهد للاجابة عليك بقدر المستطاع
    بالبحث عن موقع مؤتمر البجا علي الانترنت :-



    Quote: مؤتمر البجا تنظيم سياسي عسكري ترجع الريادة والسبق في تكوينه لطلائع ورجال وشباب البجا بسبب احساسهم العميق بمأساة القبائل البجاوية بشرق السودان ولكن هذا الدور الريادي لم يَغيب من اذهان الطلائع البجاوية ان تهميش وظلامات قبائلهم لا يمكن ان تحل بمعزل عن حل كافة قضايا اقليم شرق السودان الذي يضم قبائل اخري نحصي منها الشكرية والرشايدة مثل ما انه يضم جماعات وفئات واسر وافراد من كل سكان السودان الذين استوطنوا الاقليم وصاروا بموجب المواطنة اصحاب حق اصيل ومتساوي مع كل قبائل البجا في اقليم الشرق ولهذا فإن المؤتمر لا يغفل مطلقا في وضع كل الحلول الممكنة لمشاكل كل مواطني الشرق.

    ان مؤتمر البجا ليؤمن ايمانا راسخا بان حل معضلات الاقليم الشرقي لا يمكن ان تنجز بمعزل عن حل كل قضايا السودان سواء في بواديه او وسطه فالاطراف لا يمكن ان تصح ويستقيم امرها اذا كان القلب مريضا ومعتلا، ولهذا كان لابد للمؤتمر من وضع الحلول التي يراها كفيلة بحل معضلات السودان عامة ثم ينطلق منها لوضع الحلول المتعلقة بخصوصية مشاكل الشرق، وفي ذات الوقت يتطلع الي كل ابناء اقاليم السودان ووسطه ان تحذو حذوه في هذا الصدد.

    وان المؤتمر ليسعي للتلاحم مع كل ابناء جهويات ووسط السودان ممن يؤمنون بالرؤية المثبتة في هذا البرنامج بغرض التكاتف والتآزر والتلاحم في النضال لتحقيق هذا البرنامج، ولهذا فان المؤتمر يفتح ذراعيه لابناء السودان عامة وبشكل اخص لكل مواطني اقليم شرق السودان سواء لتحقيق البرنامج العام الذي يتعلق بكل السودان او لانجاز البرنامج الاقليمي لشرق السودان.

    انها لحقيقة لايمكن انكارها ان سودان المليون ميل مربع لم ينشأ في القرن الماضي برضاء قبائله وشعوبه وجماعاته وانما حشر الجميع في حوش السودان بقوة القهر الاستعماري سواء التركي او الانجليزي، وصحيح ان الحياة المشتركة داخل هذا الحوش وطوال ما يزيد علي قرن من الزمان افرزت ايجابيات كثيرة وانتجت سمات مشتركة وتبلورت لغة واحدة للتواصل بين اهل السودان وتشابكت وتداخلت والتحمت المصالح داخل هذا الكيان العملاق الغني بالامكانات والثروات والبيئات المتنوعة. ولكن هذا وجه واحد من الحقيقة اذ ان الوجه الاخر هو ان التنوع الهائل مايزال موجودا بين شعوب السودان سواء في الاعراق او الالون او الثقافات او العقائد او اللغات الي اخر سمات التنوع السوداني الفريد. فضلا عن ان هذا التنوع لم تتح له فرصة حتي الان لبلورة شروط التعايش الرضائي المشترك داخل المليون ميل.

    كان من المفترض انه ساعة رحيل الاستعمار في فجر عام 1956 ان يجلس السودانيون لبلورة دستور للبلاد يعبر عن الشروط التي يرتضونها لمواصلة حياتهم المشتركة ولكن المأساة الفادحة ان هذا العجز استمر طوال الاربعين سنة الماضية ولا نستثني دستور مايو الدائم لانه لم يات عبر نظام ديمقراطي عبرت فيه كل شعوب السودان بحرية واختيار عن شروطها للتعايش الرضائي.

    لقد جا،ت الهجمة الاستعمارية البريطانية للسودان لتحقيق مشروع اقتصادي نتج عن طبيعة التطور الراسمالي والحضارة الصناعية الحديثة التي نشأت في الغرب، فلم يعد يحتاجون الي ارقاء يستعبدونهم فقد اجبرتهم مصانعهم علي السعي للحصول علي المواد اللازمة لتشغيلها، مثلما دفعتهم للبحث عن مشترين لسلعهم، ولهذا اعلن الغاء الرق في اوربا في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وجاؤوا الي السودان بذات التوجه ولهذا أعلنوا عن الغاء الرق في السودان في مطلع القرن العشرين وسعوا الى البحث عن الاراضي التي تصلح لانتاج المواد الخام وفي ذات الوقت تمكين العاملين بها من الحصول علي دخول نقدية تمكنهم من شراء سلعهم وبضائعهم المصنعة، ووجدوا ضالتهم المثالية فيما عرف بالوسط اصطلاحا ومن ثم ركزوا كل جهودهم في تطوير منطقته حتي تكون ذات جدوي اقتصادية لمشروعهم. ويجدر هنا ان نشير الي مصادفة لعبت دورا خطيرا في تاريخ السودان في هذا القرن وهي انه صدف ان كان جل سكان هذا الوسط من القبائل المنحدرة من اصول عربية، وتتحدث العربية كلغة وتدين بالاسلام مما اوهم البعض ان التقدم النسبي والهيمنة التي نتجت انما هي امور ناتجة من خصائص تنفرد بها هذه القبائل وحدها بينما الحقيقة ان هذه المصادفة تكررت كثيرا في افريقيا بشكل خاص وادت الي ذات النتائج حتي بين القبائل المنحدرة من اصول واحدة وتتحدث لغة واحدة، وكان الامتياز احيانا لمعتنقي المسيحية في مواجهة المسلمين، واحيانا يكون لمسيحين في مواجهة مسيحين او لمسلمين في مواجهة مسلمين، واحيانا اخري كانت حظوة المصادفة للاقلية في مواجهة الأغلبية، هكذا حدث في نيجريا وفي رواندا وبوروندي وفي الصومال وفي غيرهم حيث يسفر المشروع الإستعماري عن انهاض مجموعة معينة، غير مقصودة لذاتها، دون سائر السكان مماينتج عنه شبه احتكار للتعليم والثروة والتدريب وقيادة السلاح لهذه المجموعة، ويشكل هذا مصادر حرائق هائلة في البلد الواحد ويسفر عن تهميش واضطهاد ومظالم مأسوية للمجموعات الأقل نموا وحظا من الثروة والتعليم وقيادة السلاح. وكثيرا مارأينا كما حدث في السودان ان تكون القوات المسلحة قومية التكوين بالنسبة للجنود، وجهوية القيادة بالنسبة للضباط، ولا يجب الالتفات هنا الي بعض الاستثناءات التي لا وزن لها، فقد كانت ولم تزل الأغلبية الساحقة من الضباط من اهل الوسط او المنتمين اليهم او الذين تبنوا هويتهم العربية الاسلامية. ولهذا جاءت كل الانقلابات الناجحة بقيادة هؤلاء وان حدث تحرك بقيادة ضابط أو ضباط من غير هؤلاء فانه يوصم بالعنصرية استكبارا واستعلاء بان من لاينتمون الي هوية الوسط لاحق لهم في ان يحاولوا الانقلاب علي السلطة فهي حكر لهوية الوسط مدنية كانت ام عسكرية.

    لقد اقتضي المشروع الاستعماري في السودان وجوب تغيير نمط انتاج سكان الوسط الي النمط الحديث وكان هذا هو الدافع الاساسي للاستعمار في الغاء الرق للدرجة التي لم يفطن فيها زعماء الوسط لهذا الامر فقدموا احتجاجتهم الشهير في الربع الاول من هذا القرن علي وجوب وقف او تأجيل اصدار صكوك الحرية للعبيد لان ذلك ادي كما قالوا الي نهيار زراعتهم والي خلو مساكنهم من الخدم، بينما كان الاستعمار يهدف الي تحويل كل السكان الاسياد والعبيد الي عبيد من نوع جديد، الي عمال اجراء وبشكل خاص الى عمال زراعيين، ومزارعين متخصصين والى حرفيين وصغار موظفين وصغار اداريين وفنيين وميكانيكيين ومحسابين وسائقين الي اخر هذه المهن المطلوب كوادرها للانتاج الحديث؛ ولهذا فتحت المدارس وبنيت السكة الحديدية وانشئت المستشفيات ثم كلية غردون، ومعاهد التعليم الزراعي والصناعي والتربوي، وخططت المشاريع الزراعية العملاقة علي اسس الانتاج الحديث.

    كل هذا وغيره ادي الي نتائج اسفرت عن مفارقات شكلت العديد من مشكلات السودان الحالية ومن نماذجها:
    اولا- مكنت سكان الوسط من الحصول علي دخول نقدية تمكنهم من شراء منتجات وسلع وبضائع المستعمر والتي صيرها ضرورات اساسية للناس بينما ظل الريف السوداني يعمل بنمط الانتاج التقليدي الذي لم ينشأ اصلا للحصول علي دخول نقدية كتوجه اساسي، وفي ذات الوقت صارت بضائع المستعمر ضرورات لأهل الريف- الملابس، السكر، الكبريت، الدقيق ....الخ؛ الامر الذي ادي الى افقار اهل الريف السوداني والبادية ولاضطرارهم لبيع جزء اساسي من منتجاتهم الحيوانية والزراعية التي كانت في الاصل وبالكاد تكفي استهلاكهم، وذلك بغرض الحصول علي بضائع وسلع المستعمر.

    ثانيا- انحصر التعليم في ابناء الوسط وقلة من ابناء زعماء ونظار وشيوخ القبائل واغنياء الريف مما خلق فجوة هائلة في درجات الوعي والقدرة علي كسب العيش، والمقدرة علي مشاركة المستعمر في ادارة شئون كل السودان.

    ثالثا- اقتضي تنفيذ المشروع الاقتصادي الاستعماري حصر كافة البنيات الاساسية والخدمات في الوسط خدمة لمشروعهم وليس استجابة لنضال احد، وان مكن هذا ابناء الوسط من مجاراة المستعمر خاصة في التعليم الاهلي.

    رابعا- كان طبيعيا علي ضوء الواقع الذي اشرنا اليه اعلاه انه عندما نهضت الحركة الوطنية للتحرر الوطني ضد الاستعمار ان تاتي معظم طلائعها من ابناء الوسط، وكان طبيعيا ان تأتي جل الزعامات السياسية والوطنية منهم ولم يكن هذا يشكل مصدر احتجاج لو قام هؤلاء الزعماء ببلورة رؤية وطنية سودانية نابعة من حقيقة التنوع السوداني وهادفة الي تخليص المجتمع السوداني من آثار ممارسات الرق الذي كان قد الغي حديثا؛ وكان يجب ان يتبع الغاءه تخطيط اجتماعي واقتصادي وتربوي وثقافي يهدف الي كنس أثار الرق وممارساته. ولكن الذي حدث هو ان هؤلا الزعماء وجلهم ينحدر او ينحاز او ينتمي باختياره الي الهوية العربية الاسلامية، ان رفعوا راية هذه الهوية واعلوا من عناصرها عرقا ودينا وثقافة باعتبارها هي هوية السودانين اجمعين، وظهرت خطورة هذه الهوية فور خروج الاستعمار حيث أديرت الدولة وكافة اجهزتها وخاصة الاعلامية والتربوية والتعليمية علي أساس أن السودان ينتمي الي هذه الهوية وحدها، ومن ثم همشت كل ثقافات وهويات ولغات السودانين غير المنحدرين من اصول عربية او غير المنتمين بالتبني والاختيار للهوية العربية الاسلامية.

    خامسا- وكان طبيعيا أيضا علي ضوء افرازات المشروع الاستعماري الاقتصادي أن تملأ معظم وظائف السودنة من أتباع هذه الهوية، ولم يكن ذلك ليشكل مره اخري مصدر احتجاج لو تمت مراعاة اعطاء اكبرفرص ممكنة لابناء الجهويات المختلفة ليتدربوا علي حكم انفسهم بانفسهم، او قام من حلوا محل الانجليز بادارة المناطق المختلفة ادارة تنطلق من انهم يحكمون اهلهم الذين تربطهم بهم هوية المواطنة، او راعوا ونهضوا بمهمة الادارة باعتبارها اداه لإنهاض وازالة التخلف في الجهويات.

    سادسا- لقد فشلت القيادات السياسية عقب الاستقلال في التحول من معركة التحرير الي معركة التعمير حيث انصرف كل جهدها في صراعات السلطة التي تضمنت كما هائلا من العبث والمكايدات بل والفساد السياسي في شراء النواب وفي ابرام وفض التحالفات الطائفية والقبلية والعسكرية، وبذلك فجروا كل جمرات التخلف الكائنة في المجتمع السوداني وتكوينه، وراحوا في فترات الديمقراطية يتزايدون في رفع راية الدولة الدينية في مواجهة الدولة المدنية، ولم ينتبه القوم الي مخاطر هذه الصراعات الجوفاء الا عندما شج حكم الجبهة رؤوسهم؛ فاستيقظوا لاول مرة في التجمع الوطني الديمقراطي حيث ولأول مره ناقشوا بل وبلوروا حلولا عادلة وحقيقة لقضايا الهوية وعلاقة الدين بالدولة والتقسيم العادل للسلطة والثروة الي اخر ما بحث في مؤتمري نيروبي واسمراء حول القضايا المصيرية.

    لقد اسفر هذا الواقع عن مأساة مروعة في الجهويات المختلفة وخاصة في شرق وغرب وجنوب السودان، فقد ظلت هذه الجهويات تطحن بالتهميش والظلم والتخلف، احتقرت هوياتها الخاصة وامتهنت ثقافاتها؛ بل وتعرض وجودها للهلاك حيث دمرت اراضيها وغاباتها ومراعيها وماشيتها. ضربت عليها الأمية والجهل، وظل الجوع وسوء التغذية والامراض المستوطنة تنهش في عظامها، واقصيت طلائعها من كل مواقع القرار الذي يتحكم في مصائرها، ولم يلتفت الي تنمية مواردها، ولم تنل من مقدراتها غير الفتات.

    وفي الوسط أيضا تم اقصاء القوي الديمقراطية ولحقها التهميش والازدراء والتجاهل، وسحق فقراء المدن وسكان ضواحيها واطرافها وهوامشها.

    ومنذ اغسطس 1955 وحتي الآن دارت حرب أهلية ظالمة في جنوب السودان كان مصدرها ومايزال إزدراء المطالب العادلة لأهل الجنوب وكان ابسطها الفيدرالية والنصيب العادل في السلطة عند السودنه واقامة دولة مدنية ديمقراطية تقوم علي هوية المواطنة، وظلت هذه الحرب تستنزف موارد البلاد وتسحق شبابها وتدمر حياة اجيال عديدة مما اقعد كل السودان عن النهوض؛ وانعكس ذلك علي كل الجهويات فضلا عن الوسط نفسه.

    لهذا كله فأن مؤتمر البجا يصدر عن وجوب اقامة نظام سليم للحكم في السودان بغرض بناء سودان جديد، في مواصفاته العامة انه:ـ

    سودان واحد، فيدرالي، ديمقراطي، تعددي تكفل في ظله كل حقوق وحريات الانسان كما جسدت في كل المواثيق الدولية. سودان يؤسس علي التنوع، ويجسد مقتضياته؛ سودان يعمل علي بناء دولة مدنية تفصل فيها السياسة عن الدين وتقسم فيها السلطة والثروة تقسيما منصفا عادلا؛ سودان يتبني اللغة العربية كلغة تواصل بين السودانيين، وبذات القدر يتيح لكل الهويات الخاصة وثقافتها ولغاتها ان تعبر عن نفسها في المركز تعبيرا متساويا ونديا مع ثقافات الهوية العربية الاسلامية .. وهو ايضا يطلق كل مبادرات شعوب السودان في ولاياتها ان تنمي ثقافاتها وتطور لغاتها وتحافظ علي تراثها المتفرد في كافة اشكاله وصوره وابداعاته، فضلا عن انه يتبني اللغة الانجليزية كلغة اساسية ثانية في كل مراحل التعليم الاساسي، ويسمح باستخدامها في كل مؤسسات الدولة الاتحادية او في مؤسسات الولايات متي كان ذلك مطلوبا ومناسبا.

    ان ايماننا بضرورة حماية الهويات الخاصة وتنميتها سواء كانت مبنية علي العرق او اللغة او الدين او المعتقد او الثقافة او خلاف ذلك من الخصائص الانسانية للجماعات البشرية الكائنة في السودان، ان هذا الايمان يدفعنا لتأسيس الهوية المشتركة للسودانيين بكافة شعوبهم وجماعتهم الساعية لبلورة تكوين قومي ونهضة ووحدة وطنية وسودان جديد علي هوية المواطنة وحدها، وبذلك تكون المواطنة هي مصدر كافة الحقوق والواجبات لكل السودانيين بالتساوي بينهم متي ما تحققت فيهم مواطنة السودان بغض النظر عن هوياتهم الخاصة.

    سودان ينطلق اساسا في توجهه الاقتصادي والتنموي من الرؤى الليبرالية المتطورة والمنفتحة التي استوعبت وتفهمت رؤي مدارس العدالة الاجتماعية. ولهذا وادراكنا منا لواقع التخلف في مجتمعنا ولحقيقة المظالم والتهميش لشعوب الريف السوداني وكياناته المحيطة بالوسط، ومعرفة منا بأنعدام البنيات الاساسية الضرورية للمحافظة علي حياة الانسان وانعتاقه من التخلف والجهل والمرض وبناء تنميته وتقدمه، فإن الرؤي الليبرالية يجب ان تفهم وتجسد في اطار حماية المستضعفين حتي يقووا عن طريق فرض حد ادني للاجور، واجراء تمييز مؤقت لصالح المهمشين والمظلومين حتي يتساووا مع غيرهم وتحميل الدولة عبء النهوض ببناء البنيات الاساسية وكفالة بعضها مجانا للكافة كالتعليم والصحة ومياه الشرب في الارياف القاحلة مثل مايجب كفالة بعضها بتكلفة مقدور عليها من المستضعفين كالإسكان الشعبي والخبز.

    ولما كنا ننطلق من وعي عميق بماسأة المراة السودانية وظلمها واستغلالها وتجهيلها وتهميشها، فإننا نري ان الرؤي الليبرالية لابد ان تعدل لتستوعب تجسيد تمييز مؤقت لصالح المرأة يكون محوره تطبيق كافة النصوص والمواثيق الدولية حول المرأة، وذات الامر يجب ان يطبق بكفالة حقوق الطفل ورعاية الشباب والنهوض بهم.

    نحن نسعي لبناء نظام فيدرالي يعطي الولايات اكبر قدر من السلطات والصلاحيات، فنحن نثق في كفاءة وقدرة ابناء الولايات في حكم انفسهم بأنفسهم.. نظام يتبني ارقي الرؤي المتطورة في نظام الفصل بين السلطات سواء في الحكومة الاتحادية او حكومات الولايات، نظام يعمل بالشرعية الدستورية والقانونية ويجسد سيادة حكم الدستور والقانون، نظام يعمل علي بناء وتأمين استقلالية القضاء. نظام يعيد بناء القوات المسلحة ويعيد صياغة افرادها ضباطا وصف وجنود بغرض تأمين حيدتهم في القيام بدورهم في ظل النظام الديمقراطي وهو حماية الدستور وحماية حدود الوطن وسلامة اراضيه وانجاز مهام النجدة عند الكوارث
    ومواصلة السعي للتأهيل الذاتي والتطوير النوعي لقدراتها باستيعاب وتطوير ارقي النظم والمعدات والاسلحة
    واساليب التدريب والادارة التي تقوم علي احدث التكنولوجيات المتطورة.

    نظام يرسخ استقلالية الجامعات في ظل سيادة حرية البحث العلمي والعلماء، نظام يؤمن حرية كاملة للصحافة في ظل سيادة حكم القانون، نظام يرسخ الحق في التعددية بكافة صورها ويؤمن ممارستها في الواقع بحرية ومساواة سواء كانت في التنظيم، حزبيا كان ام اهليا، او في الفكر والثقافة او الفنون او كافة اشكال وصور الابداع الانساني، او في ممارسة وحماية كافة الجماعات التي لها هويات خاصة في حقها في ممارسة كل مقتضيات هوياتها مهما كان حجمها او قلة عدد افرادها.

    وبالرغم من أن المواصفات العامة التي أثبتناها تغطي بشكل عام مواصفات السودان الجديد الذي نسعي لاقامته الا انها لا تغني عن تفصيلات ضرورية وهامة.

    فمؤتمر البجا يسعي للتعبير والاعتماد علي كافة القوى الديمقراطية السودانية سواء قوي الريف والبادية وجهويات السودان المهمشة او القوى الديمقراطية والحديثة في كل انحاء السودان وبخاصة في وسطه وكذالك فأن قلب المؤتمر مع فقراء المدن وسكان هوامشها وهو يفتح اذرعه لكل القوي التي تؤمن بهذا البرنامج وتسعي الي تحقيقه بغض النظر عن انتمائها الطبقي او الاجتماعي او الثقافي او الجهوي.

    والمؤتمر يتوحد فكريا حول منهج يقوم علي وجوب معالجة كافة القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية بمناهج البحث العلمي الرحب الواسع المنفتح على كل التجربة الانسانية بغض النظر عن مصادرها، مناهج تأبى الانغلاق في ايدلوجيات خانقة، او مدارس علمية متعصبة او فلسفة بعينها؛ وفي هذا الاطار يثمن عاليا الاضافات الايجابية التي ساهمت بها الحضارة العربية الاسلامية مثل ما انه يثمن كل اضافات التجربة السودانية وتاريخ السودان وما افرزته علاقات شعوبه من قواعد منطقية، فضلا عن اعتزازه بالتجربة الافريقية وماقدمته من اسهامات حية ومتنوعة في مجالات مناهج البحث العلمي خاصة في العلوم الاجتماعية والسياسية والقانونية وعبر الصراع الاجتماعي الاقتصادي والتاريخي الذي دار في ارض افريقيا.

    ومؤتمر البجا يتبني رؤي مفصلة ومحددة حول امهات قضايا السودان نذكرها كالاتي:

    اولا: علاقة الدين بالدولة:

    ان توجهنا لاقامة دولة مدنية يعني بالضرورة اقامة دولة تفصل فيها السياسة عن الدين ولهذا نقترح تبني معايير ومنظور المواثيق الدولية المتعلقة بهذا الامر وهي كثيرة ومسهبة وتضع ضوابط دقيقة جميعها مؤسس علي الحق في حرية الدين والعقيدة ووجوب كفالة ذلك الحق وحمايته لكافة المتدينين واصحاب العقائد الخاصة، او الهويات الثقافية التي تتبني رؤي معينة حول الدين.

    ثانيا: النظام الفيدرالي:

    النظام الفيدرالي الذي ننادي به لا يمكن ان ينهض الا على ركائز دستور ديموقراطي تعددي يكفل كل حقوق الانسان وحرياته الاساسية؛ ذلك لأننا نسعي الي تمكين ابناء الولايات بأن يختاروا حكامهم من افضل واخلص وانزه ابناء الولاية ممن لهم برامج مدروسة للنهوض بالولاية، وهذا لن يتحقق الا في اطار ديمقراطي تعددي.

    ومؤتمر البجا يختار النظام الفيدرالي بأعتباره افضل واعدل صيغة لتقسيم السلطة، ونحن نري وجوب ان يقسم السودان الي ثمانية ولايات هي الجنوب، دارفور، كردفان، منطقة جبال النوبه، الخرطوم، الوسطي، الشمالية، الشرقية.

    واضافتنا لولاية منطقة جبال النوبة نابعه من ادراكنا بحق سكان هذه المنطقة من فرص خاصة يتمكنون بها من ازالة المأساة الدامية التي لحقت بابناء الجبال طوال القرون الماضية والتي تفاقمت في ظل حكم الجبهة، فمأساتهم تحتاج الي معالجات خاصة تمكنهم من علاج كل التشوهات الانسانية والاقتصادية والبيئية التي لحقت بالاقاليم.

    اننا نري وجوب ان يتم اقامة مجلس تشريعي لكل ولاية يكون هو وحده، ودون تدخل من اي نوع من الحكومة الاتحادية، مسئولا عن اختيار حكومة الولاية ومحاسبتها وعزلها سواء حاكم الولاية او وزرائه، وله وحده سلطة التشريع فيما منح من سلطات وصلاحيات للولاية؛ وحتي في الفترة الانتقالية فإنه يجب وضع ترتيبات تضمن تحقيق هذا التصور.

    اما بالنسبة لسلطات وصلاحيات المجلس التشريعي للولاية فأننا نري وجوب ان تمنح السلطات والصلاحيات والاختصاصات الاتية لكل ولاية:

    اولا: تكون كل ولاية مختصة ولها سلطة التشريع في المسائل الاتية:

    حفظ الأمن والطمأنينة والادارة الحسنة.
    ادارة قوات البوليس وحرس الصيد والسجون والمطافئ.
    الزراعة والغابات والأسماك والمراعي.
    الثروة الحيوانية ورعاية الحيوان.
    الصناعة.
    الحياة البرية والسياحة.
    لجنة الانتخابات داخل الكيان.
    استغلال المياه مع مراعاة السياسات القومية والاتفاقات الدولية.
    ادارة القضاء بما في ذلك تأسيس وتنسيق المحاكم والنيابة العامة.
    الراديو والتلفزيون والصحافة.
    الفن والثقافة.
    التعليم الي المرحلة الثانوية.
    فرض وجباية الضرائب داخل الولاية.
    التجارة والتموين.
    النقل النهري والبري والجوي داخل الولاية.
    الاتصالات السلكية واللاسلكية داخل المقاطعة.
    تجارة الحدود وجباية الضرائب عليها.
    قانون تأسيس وتسجيل وترخيص الشركات.
    الخدمات الصحية.

    20. استقطاب العون المالي والمادي من المجتمع الدولي أو الاقليمي والمؤسسات والحكومات الخارجية وعقد أية اتفاقات ثقافية او اقتصادية مع هذه الدول والحكومات لتحقيق هذا الغرض فيما عدا ماله صلة بسيادة الدولة أو تأثير ضار علي سياستها وخططها الاقتصادية العامة.

    ثانيا: السلطات المشتركة بين الولايات والسلطة الأتحادية:

    تمارس السلطة الأتحادية والولايات سلطات مشتركةفي المسائل الاتية:

    حماية البيئة.
    التجارة بين الولايات.
    التخطيط في المناطق المتأثرة بالحرب ومعالجة معوقي الحرب وتعويض اسر الشهداء والترتيبات المتعلقة بمستقبل المقاتلين سواء في استيعابهم في القوات المسلحة وتوفير حياة مستقرة وكريمة لهم.
    التعليم العالي.
    الاحصاء القومي.
    تصديق وترخيص المهن الخاصة والأستثمار.
    تكلفة ترجمة القوانين وتكلفة وثائق المكاتبات الرسمية.
    تحديد أماكن انشاء المحاكم الاتحادية في الولاية.
    التعداد القومي.
    ثالثا: صلاحيات واختصاصات السلطة الاتحادية:

    تختص السلطة الاتحادية بكل ما لم يذكر من صلاحيات في سلطات الولايات او في السطات المشتركة.

    رابعا: الحكم المحلي:

    في ظل النظام الفيدرالي يجب نشر شبكة واسعة من الحكم المحلي داخل كل ولاية سواء إقامة محافظات او بداخلها مجالس للمدن او الريف والقري، او الاستعانة بالادارة الاهلية حيثما كان ضروريا الاستعانة بها مع وجوب حظر اي نشاط سياسي لهذه الادارة عن طريق تطبيق معايير وضوابط دقيقة لضمان حيدتها ونزاهتها.

    خامسا: تقسيم ثروة باطن الارض:

    بالنسبة لتقسيم ثروة باطن الارض وقاع البحار، وهي التي تعرف بالثروات غير المتجددة، فأننا نري تبني المعايير المتعارف عليها في كل الدول الاتحادية التي انصفت الولايات حيث في المتوسط تمنح الولاية التي ظهرت فيها الثروة 30% من عائد هذه الثروة بالأولوية. في مؤتمر أسمرا اعطيت كل ثروة الكيان الجنوبي لحكومة الكيان، الولاية، واضيف مع مراعاة ان يكون للحكومة الاتحادية نصيب من هذه الثروة دون تحديده وهو امر خطير وضد مصلحة الكيان الجنوبي نفسه حيث ستتأرجح نتائجه حسب قوة الحكومة الاتحادية تجاه حكومة الولاية الجنوبية، وهو ايضا مصدر حريق هائل يمكن ان يعيد البندقية في اي لحظة يحدث فيها خلاف. والكارثة تكررت بالنسبة لولايات الشمال حيث قرر ان هذه الثروة تكون تحت سلطة وصلاحية الحكومة الاتحادية وحدها ولا شئ للولايات الشمالية كحق. ولهذا فنحن نقترح:

    ان تكون هذه الثروة من اختصاص السلطة الاتحادية علي ان تكون لكل ولاية كحق وبالاولوية نسبة30% من هذه الثروة.
    2. بالنسبة لاستغلال ثروة باطن الارض وقاع البحار نحن نري وجوب اقامة كافة المؤسسات الرئيسية والفرعية التي تقام لاستغلال تلك الثروة ان تقام داخل حدود الولاية التي ظهرت فيها الثروة حتي المعاهد التكنولوجية اللازمة لاستغلال الثروة يجب انشاؤها في الولاية.

    مايتبقي بعد نصيب الولاية يكون تحت تصرف السلطة الاتحادية التي تكون ملزمة باعادة تقسيمه علي كافة الولايات علي الاسس التالية:
    أ- يراعي بالأولوية منح الولايات الاكثر تخلفا بمعيار الناتج القومي نصيبا اكبر لازالة التهميش والمظالم وحتي تتساوي مع بقية الولايات الاكثر تقدما.

    ب- ان تراعي في المرتبة الثانية اعداد السكان في كل ولاية.

    ج- ان تصدر الحكومة الاتحادية في اقامتها للبنيات الاساسية المكلفة والمختصة بها، ان هدفها هو توزيعها توزيعا عادلا ومنصفا برؤية قومية لا تفرقة فيها او أنحياز.

    د- لما كانت موانئ البحر الاحمر هي من اهم ثروات الولاية الشرقية فأن من حق الولاية الحصول بالاولوية علي نسبة من عائدها يمكن ان يتفق عليها وفق الدراسات العلمية والتجارب المثيلة المتعلقة بهذا الموضوع.

    ثالثا: حول التنمية:

    في عصر المعلومات وتقدم التكنولوجيا في كل المجالات وصيرورة رأس المال والتكنولجيا وتحركها شأن كوني، مع ظهور استحالة اعتبار اي تنمية جادة شأن داخلي، مع ثبوت صراع وتنافس دولي محموم لاجتذاب الاستثمارات وراس المال والتكنولوجية التي لا تتجه الا حيث الربحية اكثر، وحيث البنيات الاساسية متوفرة والمشروعات مجزية والامن مستتب.

    ومع انكشاف استحالة تكرار التجارب الاشتراكية وخاصة في في الاتحاد السوفيتي السابق فقد انتقل الناس الي عصر الديمقراطيات وسيادة حقوق الانسان وحرياته الاساسية وتصاعد وعي الجماهير. لم يعد ممكنا اليوم التضحية باجيال كاملة لحساب اجيال لم تولد بعد، ولم يعد ممكنا قسر الناس وقمعهم في قوالب وتحويلهم الي الات انتاجية وتجميع عائد انتاجهم وتوجيهه حيث يشاء الحكام والحزب والطبقة.

    في ظل هذه المعطيات وغيرها مما لم نذكره، فإن التوجه الي أقامة تنمية حقيقية وسريعة في السودان لابد ان ينبني علي خطط قومية تقوم علي الأسس التالية:

    أ. حكومة كل ولاية تكون مسئولة في مدي قصير لا يزيد عن شهور معدودة عن عمل خريطة تنمية للولاية تكون شاملة كل البنيات الاسأسية المطلوبة في الولاية، وتحديد كل ثروات الولاية والمشاريع الاستثمارية المطلوبة لاستغلال هذه الثروات علي ان يتم كل ذلك بأسس وقواعد دراسة الجدوي الاقتصادية.

    ب. تقوم الحكومة الاتحادية بتجميع خرائط تنمية الولايات بعد ان تكون هي بدورها قد وضعت خريطة تنمية للبنيات الأساسية القومية، كالكهرباء، السكك الحديدية، الطرق، الاتصالات، التعليم وخاصة الفني منه.. الخ ومنها جميعا وبمشاركة ممثلي الولايات توضع خطة تنمية قابلة للتسويق محليا واقليميا وعالميا مع الشروع فورا في بناء كل البنيات الاساسية المشار اليها في الخطة من الموارد المتاحة ومما يمكن الحصول عليه من دعم خارجي من هبات ومساعدات وقروض بحيث يكون واضحا امام المستثمر ان هناك جدية مؤكدة في توفير كل البنيات الأساسية التي يحتاجها في انشاء المشروع. وذات التوجه يجب ان يسود لدي حكومات الولايات فيما يدخل في اختصاصها من بنيات اساسية. نحن ننطلق من ماهو ثابت ومشاهد ان الدول الغنية تكون سخية جدا في هباتها ومساعدتها وقروضها ان كانت موجهة للبنيات الاساسية.

    حول التنمية الزراعية والتصرف في الارض:

    أمام السودان مشروعات زراعية حيوانية صناعية عملاقة سبق أن عملت لها دراسات جدوي اقتصادية كشفت امكانية ماكان يسمي بمشروع "سلة غذاء العالم" او أسترالية افريقيا. وقبل ان نتعرض لهذه المشاريع العملاقة لابد من تحديد رؤية واضحة حول من هم أصحاب الحق في وضع أسس توزيع أراضي هذه المشاريع، ذلك انه لا خلاف حول ان المياه شأن قومي لانه يرتبط باتفاقات دولية كما أن المنشآت العملاقة للري وانتاج الكهرباء شأن قومي، أما توزيع الارض وتحديد انواع وطرق استغلالها، وكذلك التصديق لأحجام وشروط اقامة المشاريع، زراعية كانت أم حيوانية أو صناعية، فانه يجب أن يكون من اختصاص الولاية التي تقام فيها هذه المشاريع لانهم الأقدر علي معرفة مايصون مصالح أهل الولاية ولا يضرهم في غاباتهم أو مراعيهم أو بيئتهم.

    نحن نعتقد أنه يجب الشروع فورا في اقامة المشاريع الكبري التي سبق أن درست ويأتي علي رأسها مشروع "سلة غذاء العالم" والذي يمكن أن يسمي بحق سلة غذاء الشرق الاوسط وأفريقيا. المشروع يضع تصورا يقوم علي تحويل أراضي تبلغ مساحتها 150 مليون فدان هي من أخصب أراضي العالم وتجري فيها انهار عديدة وتحتها احواض جبارة من المياه الجوفية ومعدلات أمطار سنوية تكفي لوحدها لانبات أجود المحاصيل وتخضير أوسع المراعي، تحويل كل ذلك الي مشروع عملاق زراعي حيواني صناعي من نوعية المشاريع الأسترالية، رغم انه ومن حيث الحجم وطبيعة وخصوبة الأرض ووفرة المياه لا مثيل له في العالم. لقد سبق أن فشلت مايو في اقامة المشروع بسبب السياسات الخارجية غير المتوازنة، مثلما انها هي التي أفسدت المشروع الثاني بسياساتها الداخلية المتضاربة ونعني به مشروع قناة جونقلي الذي سيكشف عن أرض زراعية بكر لم يمسها الانسان منذ الاف السنين وتبلغ مساحتها مساحة "انجلترا" والمفترض أن ذات التصور في مشروع سلة غذاء العالم أن يطبق علي مشروع قناة جونقلي، والمشروع الثالث هو مشروع خزان الحماداب حيث سيروي مساحات كبيرة من أراضي لم تزرع حتي الأن. وان يطبق عليه ذات التصور بقيام استثمارات ضخمة زراعية حيوانية صناعية تدار كلها وباساليب الانتاج المتقدمة.

    د. حول الكهرباء:

    أنه امر يقيني ان عصب التنمية في كل مجالاتها ووجوهها هو توفير الكهرباء بأسعار زهيدة. بل ان عصب التحضر والتقدم وازدهار التعليم والصناعات الصغيرة هو دخول الكهرباء بعد المياه في كل قرية سودانية من نمولي وحتي بورتسودان، ومن الكرمك وحتي كتم والجنينة.

    لقد اجريت التجارب في البحر الاحمر وثبت منها ان هناك احتياطي هائل من الغاز الطبيعي، وقد ثبت الان ان أرخص مورد للكهرباء بعد المياه هو بناء محطات التوليد التي تدار بالغاز الطبيعي، ومن ثم يجب الشروع فورا في بناء هذه المحطات علي البحر الاحمر وهو امر لن يستغرق سوي شهور معدودة اذا ترك للشركات العالمية المتعددة الجنسيات والعابرة للدول ان تتولي امره عن طريق تسويق جيد للمشروع.

    رابعا: القوانين في الفترة الانتقالية:

    وبالنسبة للقوانين فاننا نري وجوب الغاء كافة القوانين التي صدرت منذ سبتمبر 83 وحتي سقوط نظام الجبهة، علي ان يعاد فورا للعمل بالقوانين التي كانت سارية عام 1974 دون تعديلاتها ذلك ان هذه القوانين في اصلها لم يضعها النظام المايوي وكل ما فعله في عام 74 انه قام بترجمتها ترجمة جيدة ودفع في ذلك مبالغ باهظة من الخزينة العامة، بها صارت قوانين مكتوبة باللغتين الانجليزية والعربية، ومراجعها متوفرة في كل مكان وحولها كتبت الاف السوابق القضائية التي شكلت تراثا سودانيا حول تطبيق هذه القوانين علي الواقع السوداني؛ نحن نشترط سريانها دون تعديلاتها لأن النظام المايوي ادخل علي بعضها تعديلات حولتها الي قوانين قمعية مثل تعديلاته علي قانون العقوبات الذي دمج فيه قانون امن الدولة. كما نري وجوب اخضاع هذه القوانين لمراجعة متأنية ودقيقة بغرض تطويرها وجعلها صالحة للتعبير عن تصورات السودان الجديد.

    خامسا: حول السياسة الخارجية:

    ان المستجدات التي تبلورة في السنوات القليلة الماضية تؤكد انه لاسبيل لتصعيد التنمية الاقتصادية الا بالانضمام الي تكتلات اقتصادية عملاقة، ومن ثم فقد سقطت مسوغات الحساسيات الوطنية الشوفينية التي تتمرس خلف الاستقلال الوطني بمفهومه القديم البالي، ومن ثم فان علي السودان أن ينفتح دون حرج علي كافة القوي الاقليمية والعالمية التي يمكن أن تسهم في انعتاقه من التخلف وتصون المصالح المشتركة والمتبادلة، وفي هذا الصدد نري ضرورة بلورة رؤية خاصة للعلاقة بين دول حوض النيل وهي السودان ومصر وارتريا واثيوبيا وكينيا وأوغندا وزائير ودول البحيرات وننطلق في هذه الرؤية من ان العالم قد صار قرية صغيرة في عصر المعلومات، وتحول الي سوق متداخلة متشابكة، تصاعدت فيه المنافسة الاقتصادية لدرجة أن من يفشل في سباقها فان مصيره التخلف والاختفاء من التاريخ فقد اصبح عالما تحكمه منظمات التجارة الدولية، تقوده مؤسسات وشركات عملاقة عابرة للقارات تمتلك امكانيات خرافية من الاستثمارات والتكنولوجيا، عالم صار فيه امتلاك التكنولجيا ضرورة قاهرة مثل ما صار قدرا وجوب اتقان ادارتها والمساهمة في ابتداعها عن طريق استيعاب اقصي ما انتجه العقل الانساني من علوم، ومواكبة وتطوير مناهج البحث العلمي في كافة المجالات، وتفجير ثورة تعليمية شاملة. عالم ستصبح فيه معضلات المياه هي هاجس القرن القادم، عالم صار فيه اجتذاب الاستثمارات والتمويل علما شديد التعقيد، عالم صارت ركيزة الانطلاق فيه هي بناء البنيات الاساسية ومواصلة توسيع رقعتها وصيانتها واستمرار تطويرها وتجويدها، عالم نهضت فيه انماط هائله من الوحدات الاقتصادية سواء كانت اتحادات كالاتحاد الاوربي، او اسواقا مشتركة في امريكا، وفي شرق افريقيا، واسيا، وكومنولث في روسيا، والسعي يجري لاقامة ما يشبهها في عالمنا العربي وبينما في حوض نيلنا مئات المليارات من المياه تبدد بسوء الاستخدام وانعدام المشاريع التي توفر المياه وتوصونها من التبديد العشوائي والبدائي، مشاريع عملاقة لإنتاج الكهرباء لا تجد من يخطط لها وينجزها، مئات الملاين من الافدنة السهولية الخصبة التي لا تجد من يمشي عليها واحواض خرافية من المياه الجوفية لم يمسسها بشر.

    من كل هذا وغيره فأننا نري انه لا مناص من الشروع في بناء الحاضر بأقامة اتحاد حوض النيل علي نمط وقوانين واجراءات الاتحاد الاوربي الذي اقيم دون اعتبارات لانظمة الحكم في دوله، فمنها الملكية الدستورية، ومنها جمهوريات رئاسية واخري برلمانية، ومنها دول مركزية واخري فيدرالية ومنها كونفدراليات الي اخر نظم الحكم السائدة هناك؛ وتتحدث شعوبه عشرات اللغات ويسود بينهم تنوع وتباين ثقافي، ودارت بين شعوبه اعنف واقسي الحروب وابشع انواع الانتهاكات لحقوق الانسان. ان كل هذا لم يعوق او يعرقل اقامة الاتحاد الاوربي. وبشكل عام نحن نتطلع الي الاستفادة من كل التجربة الاوربية ونبدأ من حيث انتهت سواء في التنظيم او القوانين او المؤسسات، والهدف هو جعل دول حوض النيل مشروعا اقتصاديا تنمويا تكنولوجيا واحدا ينهض كعملاق جبار في هذه المنطقة. وبالنسبة لعضوية الاتحاد فأننا يجب ان ننطلق من فهم واسع بعيد عن الشوفينية الضيقة او الهواجس القومية المتخلفة. وفي مجري حركة الاتحاد فأنه يستطيع بأقتدار أن يدخل في السوق او الاسواق العربية التي ستقام ويتعامل معها كاتحاد هذا اذا لم ترغب في الانضمام اليه، مثل ما انه يستطيع المساهمة في كل المشاريع التي يجري تخطيطها في العالم العربي. واذا رفضت بعض دول الحوض الدخول في الاتحاد فأنه يجب ان يقود عملا متواصلا نري انه سيرحب به بأن يقيم سوقا مشتركة لدول حوض النيل وذلك لما لهذا السوق من خصوصية فريدة تختلف عن خصوصية سوق شرق افريقيا؛ ولعل اهم سماته الخاصة هي المشاريع الهائلة التي يجب اقامتها لتنمية موارد المياه وصيانتها واستغلالها الاستغلال الامثل لصالح كل شعوب دول الحوض، وفيه امكانات هائلة لأنتاج كميات مهولة من الكهرباء بالطاقة المائية وهي الوحيدة الطاقة المتجددة والدائمة والارخص في التكلفة. وهناك العديد من المشاريع العملاقة التي يمكن ان تشارك فيها دول الحوض بتنسيق الانتاج علي اساس الميزات النسبية الموجودة في دوله. مع مواصلة السعي لاقناع دول الحوض في الدخول في الاتحاد، ذلك ان نموذج الاتحاد يقوم اساسا علي ازالة كافة العوائق والحواجز، قانوية كانت ام اقتصادية، لانسياب البشر في الاتحاد وانسياب الاستثمارات والسلع والبضائع والتكنولوجيا دون خشية من تغول احد علي الاخر، اذ ستكون الميزات واحدة والحقوق متساوية والجمارك والضرائب وامتيازات الاستثمار موحدة. ولعل اهم من هذا هو وجوب ربط الوادي بشبكة هائلة من وسائل المواصلات والاتصالات بحيث يصبح وكأنه مشروع اقتصادي واحد تديره جهة واحدة هي مؤسسات الاتحاد. والمقصود بالمشروع تحويل هذه المنطقة الي استرالية افريقيا حيث لن يغطي المشروع احتياجات شعوب الاتحاد من الحبوب واللحوم والخضروات والفاكهة والالبان ومنتجاتها فحسب، بل انه سيكفي ويغطي كل احتياجات العالم العربي ودول حوض النيل من هذه المنتجات. هذا فضلا عن الصناعات العملاقة التي ستقام فيه وبذلك سيؤمن لشعوب الاتحاد وشعوب المنطقة مخاطر نقص الغذاء التي تهدد العالم في القرن القادم.

    وخارج الاطار المشار اليه اعلاه فأننا يجب ان نسلك سياسة خارجيه تستهدف التصالح والتعاون وتوثيق المصالح المشتركة مع كل دول العالم ومؤسساته الدولية والاقليمية سواء المؤسسات الاقتصادية والتجارية او المؤسسات السياسية فضلا عن وجوب توظيف كل هذه العلائق الحسنة لصالح البناء الداخلي في السودان بحيث تتوفر للسودان كافة الموارد ويحصل علي كل المنح والهبات والمساعدات والقروض التي يحتاجها، وكذلك تمكين السودان من الحصول علي التكنولوجيا الحديثة من كافة مصادرها.

    سادسا: حول تقرير المصير:

    ان التجربة المريرة التي خاضها السودانيون منذ فجر الاستقلال وحتي الان تؤكد ان الوضع في البلاد يحتاج الي معالجات خاصة. صحيح اننا لا نسقط تاريخ السودان في هذا القرن ولا نتجاهل التجربة السودانية وممارسة السودانيين لحق تقرير المصير واختيارهم سودانا واحدا؛ الا اننا ايضا نعي حقائق التاريخ واثاره وتراكماته، وندرك معاناة كل الجهويات مما لحقهم من تهميش ومظالم وازدراء لحقوقهم بل ولإنسانيتهم ووجودهم.

    فضلا عن ذلك فاننا نعي بأن كل ذلك قد نتج من فشل القوي السياسية، مدنية او عسكرية، التي حكمت السودان في بلورة مشروع لسودان جديد يؤسس علي التراضي والاتفاق علي شروط التعايش المشترك. ونحن اذ نثمن عاليا ما تم الاتفاق عليه اخيرا في مؤتمر القضايا المصيرية بأسمرا نعتبر انه بارقة امل لبناء سودان جديد بالمواصفات التي وردت في هذا البرنامج، ولهذا فأننا نتطلع الي اخواننا في الجنوب بأن يقفوا معنا علي وجوب اعطاء فرصة لم يسبق ان اتيحت في السودان لتجربة التعايش المشترك في ظل سيادة مواصفات السودان الجديد، فان فشل هذا التعايش يكون لكل الجهويات الحق كل الحق في تقرير مصيرها. لهذا فأننا نقترح ان نبدأ اولا بالسودان الفيدرالي بمواصفاته الجديدة علي ان تستمر التجربة طوال الفترة الانتقالية وفترتين برلمانيتين في ظل الديمقراطية وبعدها يحق لمجلس تشريعي كل ولاية ان يصدر قرارا بأغلبية ثلثي اعضائه بالمطالبة بتقرير المصير اذا رأي ان تجربة التعايش المشترك قد فشلت، وعندئذن يجري استفتاء في الولاية تحت اشراف اقليمي دولي لتقرير المصير، ولا يجاز اي خيار غير وحدوي الا اذا صوت له ثلثا من لهم حق التصويت بالولاية. ونحن في افتراضنا هذه الاغلبية الخاصة نصدر عن مسئولية وطنية تجاه الوطن كله اذ ندرك ان بكل ولاية قبائل متعددة ومتنوعة ولا يجوز تحكيم رؤية قبيلة واحدة علي أرادة بقية القبائل اذ هذا هو عين مايشتكي منه اهل الجنوب في وضعهم داخل كل السودان، ولهذا يجب الا يكرر داخل اي ولاية؛ فاذا اجيز خيار الانفصال او الكونفيدرشن بالاغلبية المذكورة يشرع فورا في ترتيبات اقرار الوضع الجديد في مدة اقصاها سنتين ويضمن هذا في دستور البلاد سواء الانتقالي او الدائم

    سابعا: حول اصلاح النظام الديمقراطي القادم:

    لقد تضافرت عوامل كثيرة في الماضي في ان تنفلت الممارسة الديمقراطية سواء بسبب عيوب جوهرية في تنظيمات احزابنا السياسية او خلل ظاهر في تكوين تنظيمات المجتمع المدني او بسبب اقحام الدين او القبلية او الطائفية في الممارسة السياسية. ولهذا فأن مؤتمر البجا يري وجوب معالجة كل هذه الاخطاء برؤي يتفق عليها وتضمن في الدستور.

    1. المؤتمر الدستوري وقراراته:

    بالرغم من اننا نوافق علي عقد مؤتمر دستوري لكل فاعليات المجتمع السوداني الا اننا نري وجوب ان يتفق الجميع علي الأتي:

    أ. انه لا مكان للجبهة الاسلامية القومية في هذا المؤتمر، والامر لا يحتاج الي تسبيب.

    ب. ان تلتزم كل الفاعليات السياسية والعسكرية بتبني الرؤي والاتفاقات المبرمة في طرحها امام المؤتمر لانه لا يجوز لأي فعالية ان تعيدنا الي المربع الاول بأعتبار ان المؤتمر ساحة تطرح فيها كل ماتراه، ذلك ان مثل هذا الموقف سيكون اهدارا لكل جهد السنوات الماضية ولن يقدم القضية السودانية شبرا واحدا. نحن نتصور ان جميع من وافقوا ووقعوا علي قرارات التجمع الوطني في لندن ونيروبي واسمرا ملزمون بذات الاتفاقات في المؤتمر الدستوري.

    ج. صحيح انه يجوز تقديم مقترحات لتجديد واحكام وتطوير المقررات وصياغاتها وتسمياتها الا ان الجوهر لا يجوز المساس به.

    2. حول الاحزاب السياسية:

    ان اصلاح العمل الحزبي وضبط الممارسة تقتضي في رأينا الاتي:

    أ. التقرير بأنه لا يجوز إقامة احزاب من منطلقات تتعارض مع هوية المواطنة التي يتساوي فيها الجميع بغض النظر عن عقائدهم او ثقافاتهم او الوأنهم او منبتهم الاجتماعي الي اخر ماهو منصوص عليه في المواثيق الدولية.

    ب. يجب التقرير بوجوب تسجيل الاحزاب دون مساس بحق وبحرية التنظيم كحق انساني، وانما من منطلق تنظيم هذه الحرية وذلك الحق؛ وهذا يقتضي ان يمنح من يتقيد بهذا التنظيم حمايه وامتيازات خاصة ان اراد ان يحصل عليها. وفي هذا الصدد يجب ان يناط بهيئة مستقلة مهمة الاشراف علي تسجيل الاحزاب، ونقترح في هذا اقامة مكتب لمسجل الاحزاب يرأسه شخص لديه مؤهلات قاضي من المحكمة العليا واخصها العلم والحيدة والنزاهة، ويتم تعينه بواسطة رئيس القضاء بالتشاور مع مجلس القضاء العالي.
    ج. كل حزب لا يسجل لا يكون له الحق في ان يدخل اي انتخابات ولا يجوز لاي شخص ان يدخل في اي انتخابات بأسم حزب غير مسجل.

    د. شروط تسجيل الحزب:

    1. ان يقدم الي مسجل الاحزاب برنامجه ولائحته التنظيمية.

    2. ان يتضمن البرنامج الالتزام بالديمقراطية التعددية وحقوق الانسان كما نصت عليها المواثيق الدولية التي أجازها او يجيزها السودان.

    3. قائمة بالحد الادني من العضوية التي يتفق عليها ولنقل انها الف شخص مبينة اسمائهم واعمارهم وعناوينهم وتوقيعاتهم.

    4. بيان بأن الحزب عقد مؤتمرا عاما حسب لوائحه وان المؤتمر او من خوله قد انتخب قيادة الحزب التي يجب ذكر اسمائها واعمارهم وعناوينهم.

    5. لا يجوز لاي شخص ان يسجل نفسه كعضو في اكثر من حزب واحد.

    6. يراجع مسجل الاحزاب توفر هذه الشروط، وعند استيفائها يصدر قرارا بتسجيل الحزب.

    هـ. حقوق وامتيازات والتزامات الحزب المسجل:

    1. بمجرد التسجيل يصبح مؤسسة اعتبارية لها الشخصية القانونية بكل حقوقها.

    2. يكون ملزما بفتح حساب بنكي تودع فيه كل اموال الحزب السائلة ويجب ان يكون التوقيع لاكثر من شخص علي الحساب.

    3. يكون ملزما بحفظ سجلات تدون فيها كل ممتلكات الحزب.

    4. اموال وممتلكات الحزب اموال عامة خاضعة لمراجعة المراجع العام واذا تقرر لأي سبب حل الحزب فإن امواله تؤول الي الدولة.

    5. يحق للحزب اصدار كافة انواع المطبوعات دون أن يدفع الالتزامات التي يلتزم بها في حالة العمل التجاري الخاص.

    6. يحق للحزب تحصيل اشتراكات او الحصول علي تبرعات من السودانين وحدهم شركات وافراد ومؤسسات ويجب بيانها وبيان مصادرها في مستندات الحزب الخاضعة للمراجعة.

    7. يحق للحزب ان يسمي مرشحيه في اية انتخابات لأي عمل عام، ولا يجوز لأي شخص ان يدعي انه مرشح حزب ما مالم يصدر الحزب قرارا بذالك.

    8. يجب ان يعقد الحزب مؤتمرا عاما علي الأقل في كل دورة برلمانية، وعند انعقاد المؤتمر يعتبر كل الاشخاص الذين يمثلون مواقعا قيادية انهم قد اخلوا مواقعهم، ويجوز بطبيعة الحال اعادة انتخابهم.

    9. على الحزب تسجيل كافة ممتلكاته، التي تكون من النوع الواجب تسجيلها، ان يسجلها بأسمه سواء كانت ممتلكات عقارية او منقولة؛ ويمنح الحزب امتيازا لإعفاءه من رسوم التسجيل وما يشبهها من الالتزامات التي تفرض علي غير المال العام.

    10. يعفى نشاط الحزب من الضرائب والعوائد وما يشبهها من التزامات وكذالك يعفى من الجمارك عن اية مواد مستوردة بغرض ان يستخدمها الحزب مع وجوب تسجيلها جميعا باسم الحزب.

    مراقبة اداء الاحزاب والاشخاص الغير الحزبيين:

    1. يحق لأي حزب مسجل او تنظيم من تنظيمات المجتمع المدني مسجلة ان تطعن في صحة تسجيل الحزب لفقدانه احد الشروط المطلوبة للتسجيل. ويقدم الطلب الي مسجل الاحزاب الذي عليه عقد محكمة لسماع الاطراف واصدار مايراه من قرارات واحكام وهي بدورها خاضعة لاستئناف امام المحكمة العليا، علي ان تتضمن القرارات والاحكام عقوبات تتناسب مع جسامة المخالفه تبدأ من حل الحزب ومصادرة امواله الى غرامات مناسبة الي ايقاف نشاطه مؤقتا.

    2. اي شخص لا ينتمي الي حزب مسجل له الحق في الدخول في اية انتخابات تدخلها الاحزاب شريطة ان يقدم كشفا بحد ادني من الاسماء ممن يؤيدونه في ذات دائرة الانتخابات ويحدد العدد حسب طبيعة الانتخابات وموقعها والغرض منها، ويجب ان لا يكون من بينهم من هو مسجل كعضو في حزب مسجل.

    3. لا يتمتع اي تنظيم سياسي غير مسجل بأي من امتيازات الاحزاب المسجله.

    تنظيمات المجتمع المدني:

    لكي لا تنشأ تنظيمات يمكن ان تكيد للمجتمع المدني الديمقراطي، فإنه يلزم اصدار قانون عام بوجوب تسجيل كافة تنظيمات المجتمع المدني سواء النقابات او الاتحادات او الجمعيات او غيرها سواء كانت اغراضها مطلبية او اجتماعية او انسانية او تعاونية او خيرية او دينية، ويجب ان يكون من شروط تسجيلها ان ترفق كتابة بيان عضويتها واهدافها ومصادر تمويلها؛ وعلي الدولة ان تسعي لبلورة قوانين متخصصة لكل نوع من هذه التنظيمات تؤخذ حولها اراء المنتمين لها.

    ثامنا: حول التنظيم السياسي والعسكري:

    الاصل في تنظيم مؤتمر البجا انه تنظيم سياسي يتوسل بالوسائل السلمية الديمقراطية لتحقيق اهدافه، ولهذا فإن التنظيم السياسي هو الكيان الاصيل في ظل مناداتنا بأقامة نظام ديمقراطي تعددي، والكل يعلم الظروف القاهرة التي دفعت السودانين لحمل السلاح في وجه حكم الجبهة، وهي ظروف كانت افرازتها اشد وطأه علي ابناء البجا، ومن هنا جاءت ريادتهم لتبني العمل المسلح لاستنهاض الجماهير لتهب في وجه الجبهة الاسلامية وتقتلعها من جزورها.

    لقد اسفرت سياسات الجبهة عن تهديد حقيقي لوجود البجا وبقائهم علي قيد الحياة، فقد بلغت المجاعات منتهاها وعادت الأمراض المتوطنة وبدأت تحصد البجا لانهم افقر الجماعات في اقليم الشرق ولا مناعة لهم في ظل سوء التغذية وتفشي المجاعة.

    لقد صعدت الجبهة التجاهل والتهميش وتفاقمت المظالم في الاقليم، وكان لزاما علي طلائع البجا ان تتصدي لهذا الواقع المأساوي وان يسعوا جاهدين لانهاء حكم الجبهة لاستعادة الحاضر منها املا في انقاذ اهلهم من الانقراض. ولما كان البجا قوم رعاة لا يملكون مؤسسات للمجتمع المدني يمكن ان تناضل بوسائلها لاسقاط نظام الجبهة، فكان البديل الوحيد المتاح هو حمل السلاح في مواجهة الجبهة، ولهذا نهضت طلائع شباب البجا بجسارة واقتدار علي تحمل هذه المسئولية. وفي هذا الاطار فانهم لم ينغلقوا علي انفسهم او يتقوقعوا في كهوف مغلقة دون بقية اهل السودان، فهم يدركون ان الداء قد استشرى في كل السودان، ولهذا فأنهم يمدون الايادي لكل اهل السودان، ويناضلون معهم كالبنيان المرصوص لتحقيق الاهداف المشتركة الساعية لبناء سودان جديد. ولهذا فإن التنظيم العسكري هو تنظيم مؤقت ونضاله موقوت بأسقاط الجبهة والشروع في بناء هذا السودان الجديد.

    اذن فالتنظيم العسكري هو اداة مؤقتة لتحقيق اهداف التنظيم السياسي، ولهذا فإن التنظيم السياسي سيسعي فور سقوط نظام الجبهة وقيام البديل الديمقراطي الي حل التنظيم العسكري والحاق كوادره بالقوات النظامية لمنيرغب، والتنظيم السياسي سيسعي الي توفير سبل حياه كريمة لهم، فضلا عن انه سيسعي الي تعويض كل اسر الشهداء عن فقد ابنائهم وكذلك تعويض كل المعوقين عما لحق بهم من أذى او اصابات.


                  

01-14-2006, 05:28 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    Quote: تاريخ البجه


    تقع بلاد البجه علي الساحل الغربي للبحر الأحمر(2) وتبلغ مساحتها 110000ميل مربع وتمتد حدودها شمالا حتي الحدود المصرية الجنوبية بعد بئر شلاتين شمال ميناء حلايب وإلي الجنوب حتي قرية قرورة، أما من ناحية الغرب فحدود هذه البلاد تشمل الأراضي والتلال المحاذية للنيل من الشمال حتي مدينة أتبره التي كانت عاصمة للإقليم في بداية دخول الإنجليز للبلاد، وتحوي نهر أتبره (اسمه باللغة البجاوية آت بهر ومعناه بحر اللبن) وضفافه ومدن ضفتي النيل التي تحمل أسماء بجاوية وكانت تابعة لمملكة مروي البجاوية، مثل الدامر وشئندي ومتأمه ومعظم مدن الضفة الشرقية للنيل تحمل أسماء بجاوية لا سيما الجبال حيث أن أسماء المدن والجبال لا تتغير بسهولة، ومدن مثل ريره، التي اشتهرت بأغنية اللبت، إلي الحدود الحبشية والإريترية أما من ناحية الشرق فإن ساحل البحر الأحمر الغربي هو حدودها النهائية.

    في هذه البقعة تسكن قبائل البجه المختلفة منذ آلاف السنين وانتشرت جماعاتها وافرادها يضربون في وديان بلادهم ويرقون جبالها ويقطعون صحاريها وسباسبها وهم علي ظهور جمالهم يرعون بإبلهم وماشيتهم وضأنهم وأغنامهم ويزرعون الذرة والدخن وهي الحبوب التي يصنعون منها خبزهم وطعامهم ولا يغلّون منها إلا ما يكفيهم مؤونة عامهم. فإن شحت السماء في الموسم التالي ضاقت حالهم ونضب ماؤهم وماتت أنعامهم وضمرت أجسامهم.

    والبجاوي في مظهره صغير البنية، متوسط القامة خفيف الحركة سريعها وبشرة البجاوي بنية تشوبها حمرة وشعره ناعم تغلب عليه الأمواج.

    أما الأرض التي يسكن عليها فهي غنية بالمعادن في باطنها أما سطحها ففقير ولذلك فإن البجه قد جبلوا علي التقشف وحياة الجدب حتي أن أجسامهم ضامرة ووجوههم نحيلة. ولما قلّت مطالبهم في الحياة إحتفظوا بكبريائهم وكرامتهم وبحبهم لحياة الاستقلال الفردي مع شعور عظيم بالشجاعة والتضحية والانتصار للقريب وللقبيلة والإبتعاد عن كل مظهر أجنبي، لأن كل أجنبي عرفوه جاء إلي بلادهم طامعاً إما في أرضهم أو ثرواتها.

    وذكر أندرو بول الآتي عن البجه: وللتاريخ فإن بقاء البجه علي هذه الهيئة يعتبر من الأمور التي تثير العجب. وقد يرجع ذلك لأسباب عدة منها قسوة الحياة في المنطقة التي يعيشون فيها، ولكن يرجع في المقام الأول إلي شخصيتهم المتميزة التي تطبعت لحياة بدوية حرة اقترنت بخشونة خالية من الحساسيات.

    ظل البجه، علي إمتداد تاريخهم الطويل، في عزلة تامة غير خاضعين لأي سلطة مهما كان نوعها أو مصدرها، وبقوا مبعثرين في جبالهم وصحاريهم بعيدين كل البعد عن أي اتصال بالخارج محافظين بذلك علي حريتهم واستقلالهم وغير عابئين أو مهتمين بما يجري حولهم. فهم لا يطلبون من هذا العالم أكثر من أن يتركهم وشأنهم. بل تزداد فرحتهم أثناء الحكومات الضعيفة.

    إنهم يجلسون تحت ظلال أشجار السنط الشحيحة، يراقبون من علي البعد حيواناتهم وهي ترعي وتسرح، ويساورهم شعور عميق بأنهم يمتلكون مساحات غير محدودة من الأرض مما يغنيهم عن العمل والحوجة.

    قد ينتج هذا الشعور عن غباء محض، غير أن البجه أبعد ما يكونوا عن الغباء، كما يتصور البعض. إذ أن شعورهم الكثيفة تغطي أذهاناً متوقدة، ولكنها غير مستغلة، ويكفي أن لغتهم الغنية بالقواعد ومفردات الخيال دليل علي أنها ليست لغة أغبياء، بل إنها تنم عن ثقافة متكاملة وحضارة ناضجة. فهم يتميزون بقدرة عالية لسرد القصص والأساطير. وتتصف كلتا اللغتين، التبداوي والتقري، بذخيرة ضخمة من الفصاحة والبلاغة، تتجلي قدراتهما أثناء النقاش والحديث اللذان يدوران في أوقات الفراغ تحت ظلال الأشجار، وحول الآبار أو حول فناجين القهوة في الأمسيات.

    فقد البجاوي كل الثقة في الأجنبي وذلك بسبب عزلته التي إمتدت لقرون، فضلاً عن أن جميع الذين ذهبوا إلي أرض البجه كان هدفهم الأول هو نهب خيرات المنطقة واستغلال سكانها. فمثلا كان الفراعنة يبحثون عن الذهب ، والبطالسة علاوة علي الذهب كانوا يرغبون في الأفيال لاستخدامها في غزواتهم في آسيا. ثم جاء السبئيون والحميريون بحثا عن التجارة والربح، وبقوا هناك كطبقة ارستقراطية حاكمة. أما الرومان فكانوا أقل جشعا، إذ كان همهم الأول هو التنقيب عن الرخام والأحجار الكريمة الثمينة وخلفهم بعد ذلك الحكم التركي الذي أنشأ نظاما فريدا في الظلم والقهر والاضطهاد لم يسبقه عليه أحد. وأخيرا جاء البريطانيون، آخر الغزاة لبلاد البجه (جاء بعدهم استعمار مقنن أضل وأسوأ ــ المؤلف) الذين كانوا أقل ابتزازا وبربرية (وفق رأي بول، ولكن هل نسي بربرية أهله الانجليز عندما استخدموا المدافع الرشاشة في حصد البجه بينما كانت محرّمة في كل أوروبا ــ المؤلف) لكن البجاوي لم ينس المواقع الحربية التي حصد فيها رجالهم بالأسلحة النارية الفتاكة دفاعا عن مصالحه في المنطقة والحكم التركي الفاسد. لذلك لا يستغرب مطلقا أن تنحت في ذهن البجاوي كراهية عميقة للأجنبي وما يمثله من ثقافة أو حضارة. ا. هـ. بول.



    أصل البجه (1)

    اختلفت أقوال المؤرخين في أصل البجه الذين تحدث عنهم بعض المؤرخين الكلاسيكيين كما أورد أخبارهم مؤرخو العرب وأخذ كل من هؤلاء المؤرخين يبحث عن أصل البجه وعن موطنهم الأول، كما أنهم وجدوا أن اسم البجه لم يكن هو الاسم السائد الذي أطلق علي سكان بلاد البجه في كل العصور، بل ان هذا الاسم كان عرضة للتغيير بحسب تغير الأمم التي كان لها اتصال بالبجه ولكن تلك الأسماء لم تغيّر في حقيقة وضعهم كسكان لتلك المنطقة.

    وقد اتفق كل من داود روبيني اليهودي والمسعودي علي أنهم من أبناء كوش بن كنعان وبذلك أصبح البجه في رأيهما من الساميين الذين ترحلوا من بلاد العرب وأورد الدكتور جواد علي نقلا عن استرابو أن العرب كانوا يسكنون إلي الطرف الثاني من الخليج العربي في البحر الأحمر ما بين مصر والحبشة علي الساحل المسمي بسكان الكهوف تمييزاً لهم عن عرب الجزيرة العربية.

    أما المؤرخ نعوم شقير فإنه لم يختلف كثيرا مع الرأي السابق إذ قال (إنه من الثابت المقطوع به والمؤيد بالقرائن التاريخية والطبيعية أنهما (أي البجه وشبه السود) من سلالة غير سلالة السود وأنهما من أقدم شعوب افريقيا بعد السود، ولم ينشأوا فيها بل هاجروا إليها من آسيا عن طريق مصر والبحر الأحمر من عهد بعيد). أما ملامحهم وعاداتهم وأخلاقهم فجميعها عربية وكل قول لا يعترف بأن أصل البجه من جزيرة العرب لا تسنده أي حقيقة.

    انضم جرجي زيدان إلي رأي شقير أيضا فذكرb(أن أمة الشاسو من عرب الشام هاجرت إلي بلاد البجه واستوطنت بين النيلين والبحر الأحمر كما يتنقل فيها بدو هذه الأيام، وكان قدماءbالمصريين يسمون هذه البادية (كوش) وتعريبها الأرض الحمراء تمييزا لها عن وادي النيل واسمه (كيمي) وتعريبها الأرض السوداء. ولم يكن الشاسو يقتصرون في مضاربهم علي تلك الصحراء بل كانوا يرحلون بينها وبين طور سينا. وكلمة شاسو معناها عرب واشتهروا بالسطو ونهب أموال سكان وادي النيل ويقال لهم الهكسوس ولا يوجد حتي الآن من الأدلة ما يثبت أن الهكسوس من أرض البجه.

    غير أن بعض المؤرخين كان يري في أصل البجه آراءه تختلف عما أوردنا فهناك الهمذاني الذي كان يري أنهم من ذرية سام بن نوح وذكر الطبري أنهم جنس من الأثيوبيين.

    وجاء في دائرة المعارف البريطانية (أن لفظة البجه تطلق علي مجموعة من قبائل واسعة الانتشار وهم من قدماء المهاجرين الساميين (ويقال لهم في كتب الأقدمين البلامس وبليمس) وقد وصفهم هيرودتس (سنة 406 ق م) فأطلق عليهم عدة أسماء.

    ومن هنا يتضح لنا أنه في ذلك التاريخ القديم كان البجه يسمون بالبليميين كما أن هناك جماعة أخري كانت تسكن جوارهم وذلك في العهد الكلاسيكي ولكن لا شأن لهم بالبجه.


    هل البجه هم الفراعنة

    وقد عرف قدماء المصريين البجه واتصلوا بهم وظهر في نقوشهم لفظ (البقه) وهو لفظ قريب جدا من البجه. أما جيرانهم من الجنوب الشرقي وهم سكان مملكة اكسوم فإنهم دوّنوا في آثارهم لفظة (بوقيته) علي سكان بلاد البجه الذي نحن بصدده الآن وهو في حد ذاته لا يختلف كثيرا عن أضرابه من الألفاظ.

    وفي الجانب الآخر (أ. بول) يري سيلجمان بأن البجه (وبالذات بعض مجموعات البني عامر الناطقة بالتقري) يمثلون النموذج الحاضر لقدماء المصريين، ويقول في ذلك: لعله من المقنع إعتبار البني عامر، أقل قبائل البجه تغيرا، الممثلين الحاليين لقدماء المصريين (والنوبة) وأنهم لم يخضعوا لكثير من التغيير علي مدي السبعة آلاف عام الأخيرة.

    تم التوصل لهذا الرأي من خلال مقارنات لبعض القياسات الجسدية والتي عضدت ببعض المعلومات المحلية التي لا يؤخذ بها كثيرا. ويضيف سيلجمان ومعاونوه بأن بعض قياسات قامة ورأس البني عامر تشبه إلي حد كبير تلك القياسات المأخوذة من نماذج من قدماء المصريين.

    إذا افترضنا، وهذا أقل الاحتمالات، أن سيلجمان استقي معلوماته من البني عامر الذين أطلق عليهم البجاويين (عد كوكي وبيت عوض وعد خاسا وغيرهم الناطقين بالتبداوي والتقري في آن واحد) أو السنكاتكناب واللبت وأمثالهم من المتحدثين بالتبداوي لاكتشف ، في رأيي، أكثر النماذج الحالية شبها لقدماء المصريين. لأن هذه المجموعات تعتبر من أقدم المجموعات البجاوية التي لم تختلط كثيرا ولم تتبدل سحناتها الحامية. وهذه مجموعة بدائية صغيرة شديدة العزلة.

    كتبت الدكتورة نادية بدوي في كتابها ( يوميات باحثة مصرية في حلايب) عن البجه ما يلي (منذ القدم والصحراء الشرقية آهلة بالسكان، وكان اسمهم في الزمن القديم البليميين، وأسماهم قدماء المصريين ميجا أو ميجاوي، وهي كلمة فرعونية تعني الرجل المحارب، وذلك لأنهم استعانوا بهم في مختلف الأعمال الحربية والخاصة بحماية الباب الشرقي لمصر وهو ساحل البحر الأحمر). (ويؤكد العالم الإنجليزي (سيلجمان) أن السلالة التي تقطن الصحراء الشرقية بمصر والسودان شديدة الشبه بسلالة قدماء المصريين وخاصة عصر ما قبل الأُسر، وقد استطاعوا الحفاظ علي نقاء سلالتهم بعزلتهم الشديدة داخل الصحراء). (ويتكلم البجه اللغة الكوشية حيث كانت اللغة الكوشية مثل البربرية كتلة صلبة قبل وصول اللغة العربية، ويسميها الألمان اللغة التبداوية. وهي لغة غير مكتوبة ولا مقروءة، وإنما تورث من جيل لجيل، وهي تحتوي علي كثير من الكلمات الفرعونية). (قال (سيلجمان) إن البجه هم ورثة التراث الثقافي والفيزيقي والتاريخي للفراعنة). (عرف البجه الفراعنة منذ 4000 سنة قبل الميلاد، ولأنهم مهرة وأقوياء فقد استعان بهم فرعون مصر رمسيس الثاني في حربه ضد الهكسوس. وبعد انتصاره أطلق عليهم اسم (ماجوي) وتعني الرجل المحارب بالفرعونية. ومجدهم رمسيس بنقش صورهم بجواره في الحرب وتوجد تلك اللوحة في معبد إدفو. وعاشت البجه تقدس إيزيس وأوزوريس وكانت تزور معبد (فيلة) وتحمل معها تمثال إيزيس لتبارك لهم الحياة، ثم أقام البجه لنفسهم معبداً خاصاً في جزيرة (بجه) المواجهة لجزيرة فيلة في إسوان. ونزل الكهنة لموطن البجه لإقامة الشعائر الخاصة بالإله آتون فتعلم البجه اللغة الفرعونية وتحدثوها ... قويت العلاقة بين الفراعنة والصحراء بسكانها. ومن سواحلهم خرجت أساطيل حتشبسوت لبلاد بونت وخرج من البجه الإله (منتو) إله الحرب الذي اتخذ له مقراً في وادي الحمامات وآخر في وادي العلاقي الذي قدسه الفراعنة ورفعوه لمرتبة الإله أوزوريس وجعلوا من إيزيس زوجة له. ولذلك فإن الحرب والشجاعة سمة أساسية تميز الإنسان البجاوي البائد والحالي). (قالت فاطمة البشارية بتلقائية (تلك أرض الله وأرض البشارية ... ورثها أجدادنا من الفراعنة وجدنا نحن كان ملكاً فرعونياً اسمه (منتون) وله قبر في جبل شنديب). وكان للبيئة أثر عظيم في عزلة هذا الشعب داخل الصحراء وحفظه بعيداً عن المؤثرات الثقافية التي يموج بها وادي النيل، ونتيجة لتلك العزلة أضحي لدينا شعب مميز في شكله الفيزيقي والذي يقترب كثيراً من ملامح المصريين القدماء، وأيضاً في ثقافته ولغته حيث تعتبر اللغة البجاوية شقيقة للغة الفرعونية وينتميان لأسرة واحدة هي أسرة اللغات الكوشية.) ا. هـ.

    توجد بعض أوجه الشبه بين الفراعنة والبجه، مثل الكلمات التي تطابق فيها المعاني الفرعونية المعاني البجاوية مثل سنفرو ونفر تيت وتحتمس وإيلات وسيناء وبعانخي (بآن كيكي) وحتشبسوت وكل أسماء ملوك الفراعنة تقريباً، (كراتيل) بناية المقبرة الكبيرة باللغة البجاوية بالإضافة لطريقة تسريح الشعر لدي المرأة الفرعونية التي تطابق طريقة تسريح المرأة البجاوية، وكذلك الصندل الذي يرتديه البجه. ويبدو أن هذه الدلالات جعلت الحكومة المصرية تشكل لجنة أكاديمية تثبت أن البجه هم الفراعنة (المؤلف 1999).

    ليس في الإختلاف بين الألفاظ المتقاربة من البجه ما يدعو إلي التشكك في أصل هذه الأمة البجاوية وفي مواطنها ومثل هذا الإختلاف طبيعي لأنه قد يكون ناتجا من اختلاف لهجات البجه أنفسهم حسب مناطقهم وأن قبائل البجه الكبيرة الخمس الآن يختلف نطق كل منها عن الآخر في الكلمات والأسماء والمسميات والألفاظ ومن بين الأسماء التي أطلقت علي سكان بلاد البجه (بايتماني) وهي أرض منبسطة سهلة وبها مياه غزيرة وهي منخفضة تغطيها الحشائش والأعشاب والنباتات التي يبلغ إرتفاعها قامة إنسان وهي مليئة بالجمال الوحشية والغزلان والأغنام والثيران وبها أيضاًbكثير من الأسود والذئاب والفهود.

    أما الاسم الحالي لسكان البلاد فهو البجه ويتفرعون إلي قبائل كبيرة هي الهدندوه والأمارأر وبني عامر والبشاريون والحلنقة والأرتيقة والأشراف والسواكنية والحباب. أما ما جاء في دائرة المعارف البريطانية من أن العبابدة والشكرية من قبائل البجه أيضاً فليس صحيحاً لأن هذه قبائل عربية نزحت إلي (السودان) بعد انتشار الإسلام وليس لها علاقة بالبجه من حيث اللغة والعادات أو التاريخ وكل ما في الأمر أنهم جاوروا البجه بعد هجرتهم من الجزيرة العربية.

    البجه ومملكة مروي

    جاء في كتاب (تاريخ قبائل البجه) لأندرو بول عن علاقة البجه بمملكة مروي ما يلي (نشبت في عام 23 ق م اضطرابات علي الجبهة الجنوبية، مما استدعي ارسال قوة يقودها بترونيوس الذي قضي علي نبتة انتقاماً لهجمات النوبة علي اسوان. لم يعرف عن البجه في تلك الأثناء غير القليل ولم يشكلوا للرومان أي خطر يذكر حتي منتصف القرن الثالث عندما بدأوا يشكلون تهديداً حقيقياً علي المواقع الرومانية، وكان مصدر ذلك التهديد هو احتلالهم لبعض المدن علي وادي النيل ومن ثم تهديد السلطة الرومانية في تبيد. والبجه كما هو حالهم الآن، كانوا يشكلون قبائل متفرقة لا تجمعهم قيادة موحدة، غير أن المجموعة التي اطلق عليها الكتاب الكلاسيكيين اسم البليميين، هي مجموعة حضرية استقرت علي مشارف النيل، وتختلف جذرياً عن تلك المجموعات البدوية التي تسكن الصحراء وساحل البحر الأحمر. تحدث استرابو عن مجموعات مختلفة تسكن تلك المناطق. شمل ذلك البليميين والمقباريين الذين استوطنوا وادي النيل وحول برنيس. لم يعرف بالتحديد من هم المقباريين، إلا أنه من الأرجح أنهم يمثلون، كالبليميين، فرعاً من فروع القبائل البجاوية، ولا سيما من ناحية السلوك والعادات. تبدي بعض المصادر تحفظاً في ربط البليميين بالبجه لما تميزت به المجموعة الأولي من ثقافة متطورة وحياة استقرار لم يتوفرا لقبائل البجه الرعوية في الصحراء الشرقية. ويقول كروفوت في كتابه (جزيرة مروي) ـ أن ربط البليميين بالبجه، سلالة تكن عداءً شديداً للحضارة، لأمر يفتقد الموضوعية.

    وفي اعتقادي أن هذا الرأي خاطيء، والسبب في ذلك هو عدم توفر مصادر كافية توضح بأن البليميين تمتعوا بحضارة نابعة من ذاتيتهم، بل المعروف عنهم أنهم استقروا في مناطق حول وادي النيل قبل أو في عام 200 قبل الميلاد، ولكنهم (ومن خلال معرفتي بالبجه الحاليين) لم يعرفوا كسكان مدن ولم يكتب لهم الاستقرار إلا بعد الاستيلاء الجزئي أو الكلي لأراضي الغير.

    من الصحيح أن حفريات كرانوق (ووللي وماكايفر) تتحدث عن فترة البليميين وعلاقتهم بذلك الاحتلال الذي دام أكثر من اربعمائة أو خمسمائة عام، كما تتحدث أيضاً عن حضارة البليميين وومعمارهم، وانتاجهم الفني في الأثاث المنزلي والفخاري. هذا وصف غير دقيق، لأن حفريات كرانوق أوضحت أيضاً آثار لأقوالهم غير رعويين يشكلون خليطاً من الناس ترأسهم طبقة ارستوقراطية غير زنجية وشاركوا امبراطورية مروي في ثقافتها، وإلي حد كبير، في معتقداتها الدينية. المبرر الوحيد لإرجاع هذه الثقافة إلي مروي هو أن البليميين الذين غالبيتهم من الزنوج، استطاعوا أن يحتلوا ذلك الجزء من وادي النيل لمئات السنين وفرضوا سيطرتهم عليه كطبقة ارستقراطية، ولكنهم أنفسهم لم يضيفوا شيئاً إلي الثقافة والحضارة التي وجدوها. (يرجي مراجعة باب اللغة البجاوية لمعرفة بعض الدلالات التي تربط البجه بمملكة مروي القديمة ـ المؤلف) وعلي العكس تماماً، هناك شواهد تتحدث عن تأثيرهم السلبي بسبب هيمنة سلالة رعوية بدائية علي طبقة أخري أكثر تحضراً وثقافة. هذا الوضع الغريب هو الذي قاد إلي تدهور الأوضاع ثم هزيمة البليميين وطردهم عام 450 م. ونجد أن الرموز المروية استعملت بصورة عادية وأن ثقافتهم، إلي حد كبير، مشابهة لحضارة مروي إلا أنها كانت أدني مستوي من تلك التي كانت سائدة هناك مما يدل علي محليتها وانعزاليتها علاوة لذلك نجد أن البليميين. كما وصفهم ديوكاسيوس، كانوا محاربين وكانوا يحترفون رعي الماشية والصيد ويتسلحون بالأسلحة الخفيفة والدروع المصنوعة من جلد العجول) ا هـ.

    قبائل البجه

    جاء في الموسوعة البريطانية عن البجه (إنهم مجموعة من القبائل المتجولة والتي تحتل منذ أربعة آلاف عام قبل الميلاد أو أكثر الجبال الواقعة بين البحر الأحمر ونهري أتبره والنيل).

    ويعرف الأستاذ محمد أدروب أوهاج البجه وفق منظور واقعي، فيقول (إن اسم البجه لا يكاد يعني في الوقت الحاضر عنصرا بعينه، بل هو مجموع كل هذه العناصر الموجودة في المنطقة ممن يتحدثون اللغة البجاوية وغيرهم ممن يعتبرون أنفسهم منهم، ولا يكاد يخرج من هذه الدائرة إلا أولئك الذين يحرصون من جانبهم هم، علي أن تكون المسافة بينهم وبين سكان المنطقة محفوظة. وذلك بأن يحددوا موقفا من ذلك الإنتماء وأحيانا يناصبونه العداء فيبادلونهم عداء بعداء. فتجد البجه في الوقت الحاضر يحتضنون بعض العناصر الأجنبية، آسيوية في أغلب الأحيان، لأن هذه العناصر، اختلطت بهم بالتزاوج وغيره. منهم الحجازيون والشوام والأتراك والمصريون والهنود وغيرهم، كل هؤلاء جزء من البجه في الوقت الحاضر. فتجد في مؤتمر البجه عام 1958 كل هؤلاء كانوا يعملون وفي كل المستويات). ويذكر في فقرة سابقة أن هناك من استقروا في منطقة البجه من قبائل شمال السودان من الجعليين، مثل السادة المجاذيب ومن القبائل الأخري مثل الشايقية والدناقلة وغيرهم ممن استوطنوا في منطقة القاش وفي محطات السكة الحديد بين أتبره وبورتسودان، مسمار وشدياب وهيا وتهاميم وسنكات وجبيت وسلوم ممن أجادوا الحديث بلغة البجه وأصبحوا جزءاً لا يتجزأ منهم. وهناك غير هؤلاء، ممن استقر بهم الأمر وأصبحوا جزءاً من البجه أيضا. بعضهم يتحدث اللغة البجاوية بطلاقة أهلها، وبعضهم يفهمها وإن كان يجد الصعوبة في حديثها. ولكنهم جميعا يعتبرون أنفسهم بجه بل إن بعض هؤلاء ينتمون لقبائل بعينها. وقد أسهم عدد من المستوطنين من الشماليين وغيرهم في تنمية وتطوير البجه وعملوا بتفان ونكران ذات. فمنهم الشرفاء من التجار ورجال الأعمال والمهندسين والقانونيين والإداريين ورجال التعليم والمجتمع والأدباء والأطباء ورجال الشرطة والجيش والرياضيين وغيرهم ممن نذروا أنفسهم لخدمة هذه البلاد التي يعتبرونها بلادهم ولا يعرفون غيرها.

    قبيلة بني عامر

    الصورة: مؤرخ البجه الكبير محمد صالح ضرار??

    تنقسم مملكة البجه الكبري إلي خمس ممالك، وهي ناقص (أو نقيس)، ثم بقلين، وبازين، وجارين ثم قطعة (أو قطاع). وقد وُجد أن هذه الممالك الخمس تحدد الآن مناطق قبائل شعب البجه الرئيسية، وهي من الشمال إلي الجنوب (البشاريين) والأمارأر، والهدندوة، والحلنقا، وبني عامر ثم الأرتيقة في سواكن وغيرها.

    ولقد ورثت مملكة بني عامر أراضي مملكة جارين، وإتخذت هذا الاسم عندما قوي رهط بني عامر بين قبائل هذه المملكة وتولوا زعامتها، وناظرها الحالي هو السيد علي دقلل (1999). وفي القبيلة عناصر مختلفة الأصول حتي أنها أصبحت تجمعا قبيليا أشبه بالبجه ككل. ومما يجدر ذكره أن ثلث قبائل بني عامر يتحدث اللغة التبداوية والثلث الثاني يتحدث اللغتين التيجرية والتبداوية والثلث الأخير يتحدث اللغة التيجرية.

    وتمتد مملكة جارين (بني عامر) علي سواحل البحر الأحمر من جنوبي سواكن حتي تصل إلي جنوبي مصوع وتتعمق في إرتريا كما أنها تلتف لتشمل التاكا (شجر الدوم) التي هي ملتقي قبائل البجه، ومنها الهدندوة وبني عامر والحلنقا والأرتيقة والرشايدة.

    يقول المثل البجاوي (عامر وعمّار أسناب) ويعني أن عامر وعمّار إخوان وأن عامر هاجر من أربعات الزراعة بعد اختلاف مع إخوانه.

    ومما يجدر ذكره أنه بالرغم من عروبة اسم بني عامر فإنه يضم قبائل بجاوية مختلفة الأصول والأعراق عاشت في هذه المنطقة قبل أكثر من خمسة آلاف عام من التاريخ المكتوب. ونذكر هنا بعض قبائل بني عامر ـ ونعتذر عما يبدر من خطأ أو سهو هنا أو في مكان آخر يتعلق بقبائل البجه العريقة المناضلة ـ فالقبائل هي شموس وأنبوش والحسيناب وحفرة وعلمنوياب ومانعاب وعد ابراهيم وعد أكد وعد صالح وعد واس وعد تولي وعليدوه وشقلي وعد عمر وعد هاسري والفايداب الحسينية وبيت معلا وابحشيلة وعمير ومعلايت وقنيفرو وبيت بعشو وعد فضل وعد هاسا وعد حسن وعد حسان والعجيلاب (أو الأفلندة، وهي محرفة من أفري دوه، أي الناس الشرسين، وهي فرع من الملهيتكناب)، وبيت قريش وبهدور واللبت (وهم من أقدم قبائل البجه وكذلك السنكاتكناب). وعموديات بني عامر هي نابتاب وأفلندة وألمدة وبيت معلا وحدارب وبيت عوض وعجيلاب وحماسين وطارقيلي وود مريعات وولنهو وميكال وعد فضل ورقبات وأبوحشيلة وبهدور وأسفدة وفايداب وهاسا توكر وقنيفرو وسيهو وسبلعاليت وعد معلم وعد درقي (الدرق هو السعف) وبلو وحماسين وعد دقة وعد شيخ وعد عوض وسبدرات وهاسا القاش وأقدوب وهمد راكوب وماريا وسنكاتكناب وملعيت.

    كان لهذه القبيلة نظام طبقي استمر لمدة ثلاثة قرون، خضعت فيه بعض فروع القبيلة لنظام شبيه بالرق. وبمبادرة شخصية من مؤرخ البجه محمد صالح ضرار، قام بتفكيك ذلك النظام البغيض وأعاد لم الأسر المشتتة بين القبائل وأعاد تشكيل قبائل اختفت أسماءها لقرون طويلة وذلك بالتعاون مع أخيه الشيخ محمد ضرار شيخ مشائخ بني عامر البحر الأحمر. وإنتهي ذلك النظام فعلياً عام 1947، الذي سمي عام الحرية. وبالرغم من أن القبائل المحررة تدين لله سبحانه وتعالي ثم لمؤرخ البجه في نيلها لحريتها، إلا أن المؤرخ واجه عدم رضي من بعض الذين عانوا من ظلم هذا النظام وبالتأكيد من الذين زالت سلطتهم في استغلال المستضعفين. ونتيجة لزوال هذا النظام الطبقي وتحرير طبقة الأرقاء الذين كانوا يعملون في الرعي والزراعة، إنهار إقتصاد البني عامر حيث أصبحت المزارع جرداء بلا مزارعين وفنت قطعان المواشي لعدم وجود الرعاة.

    الهدندوه

    هي واحدة من أكبر قبائل البجه (في السودان) وناظرها حالياً السيد سيد محمد الأمين ترك (2004). ولقد إنحدرت بعض فروع القبيلة من محمد المبارك. وبالرغم من هذا فإنهم أدمجوا فيهم قبائل البجه القديمة وإمتزجوا بها وأخذوا عنها اللغة (التبداوية) وأصبحوا كياناً واحداً. ولقد قام أحمد باركوين (وتعريب باركوين الذي لا يهاب أو المُهاب) بن محمد المبارك بقتل شكيتل ملك البجه (البلو) ودفنه في الجبل المعروف باسمه، واستولي علي مملكته وضم إليه جميع القبائل التابعة لهذه المملكة. ولقد إشتهر محمد المبارك بالبأس والشهامة فأطلق عليه رؤساء البجه لقب (وهدأ) ـ ومعناها الرئيس أو الزعيم ـ وإشتهر بها، وأضيفت لها كلمة (دوه) وتعريبها بيت أو أهل، فعرفت ذريته باسم (هديدوه)، ولكن غلب عليها النطق المحرف فاشتهرت به القبيلة، وهو قولهم (هدندوة). وتزوج أحمد باركوين بـ (هدات) بطريقة أقرب إلي الأساطير، وأنجب منها سبعة أولاد هم نأيتيب أبو بهريت جد الشباديناب والمحموداب، وكلاي أبو خميس جد الخميساب والسمرايدواب، وبعشوك أبو هاكول جد العشوكاب والهاكولاب، وقرهب أبو هدل جد القرهباب والهدلاب، وشبودين أبو جميل جد الشبوديناب والجميلاب، وحملاب أبو قايد جد القايداب وأدر عوضاب، وويل حماد أبو سمار وهو جد الإميراب والبوقليني. ومن قبائل الهدندوة المشهورة أيضاً، الويل علياب والترك والشرعاب والبشارياب والقرعيب والسمرأر والدقناب وهيكوتباب وحامداب وشلول وكلولي وإبشر وعوضي وشرعاب ودقناب وهميساب وملتيناب وشيخاب وبيوضاب وريان وحلنقاب وملهيتكناب وسيقولاب وبشارياب وهبناب وبيرناب. ومن مدنهم وقراهم، جبيت وسنكات (أوكاك) وأركويت وتهاميم وهيا ودورديب وأروما وهداليا وفلك وغيرها.



    الأمارأر

    هي إحدي قبائل البجه الكبري وتسكن بين الهدندوة والبشاريين. وعاصمتهم أكرا رباي. وينحدرون من عمار وعثمان. ولعمار سبعة أنجال هم : فاضل وفضل وعشيب ونهد وعامل ومحمد وسعد. وأبناء عثمان أربعة هم: أحمد كرب ونور ومحمد نور وقويلاي وانحدرت كل قبائل الأمارأر من هذه الذرية. والزعامة في الموسياب ومن القبائل الفاضلاب، والقويلاي، والعلياب والعشيباب ونهد والأرفوياب والمنوفلاب والعبد الرحماناب والعبد الرحيماب والمهجن والكيلاب والعبد لهاب والكرباب والنوراب والحامداب والشافعاب وسالماب وسلمان والسندراييت والسعيداب وغيرها كثير من القبائل. وتتميز مناطق القبيلة بوادي آمور الخصب والثروات المعدنية التي تنهب في خيراتها حكومات الخرطوم. ومن مدنهم وقراهم تهاميم أبو شوك وفودكوان وسراكويت وهييت وبأيديب (محمد قول) وأرياب وإيربا ووادي أوكو وسلاله أسير وأسوتربا وجبل أوكر وسلوم وأوبو وأربعات ودرور وتوارتيت وإيت وجبيت المعادن وأبركاتيب إلخ. وناظرهم السيد أحمد حمد محمود (1999).


    البشاريون

    تقطن هذه القبيلة في شمال بلاد البجه في منطقة مملكة ناقس علي سواحل البحر الأحمر وبادية صحراء عيتباي، كما تمتد مساكنها إلي ضفاف نهر أتبره، حيث عاصمة نظارتهم في جزيرة بعلوك. وتنقسم قبيلة البشاريين إلي عدة عائلات منها: عالياب، وهم ذرية علي الذين تناسلت منهم عوائل بالقاب وساراراب ومحمد عالياب، وكربيلاب وحمد عمراب وهم أكثر عوائل البشاريين في جهة عيتباي، ويسكنون حول جبل عيسي. تفرعت عائلة الحمد أوراب إلي عمر وعشباب وحمد كوراب وقمهاتاب ويقيمون في حلايب وجبل علبة وتجاورهم عائلة عامراب. وتفرعت من عائلة الشنتيراب عوائل سعداب وسالماب وشابش وقهياب. أما عائلة إيراياب، فهم ذرية إيرا ويسكنون بين محطة العبيدية وأبو حمد ويطلق علي هذه العائلات (أبناء أم علي)، أما بيت النظارة فيطلق عليهم (أبناء أم ناجي)، وهم ناجي ومنصور جد المنصوراب، وعيسي. وناظرهم السيد كرار أحمد كرار (1999). واشتهرت القبيلة بالجمال التي تحمل اسمها، وهي أفضل الجمال قاطبة.


    أرتيقة

    هذا اسم القبيلة البجاوية التي تولت إمارة سواكن بعد أن إنتزعتها من قبيلة (بلويب) أو (بلي) العربية التي كانت سائدة علي البجه القاطنين في سواكن. والأرتيقة يعتبرون كل من سكن معهم في مدينة سواكن فرداً من قبيلتهم، ولهذا فإن جميع السواكنية هم أرتيقة. ولفظة (أرتيقة) تؤدي معني (ناظر قبيلة) غير أنها خاصة بهذه القبيلة فقط.

    وينقسم الأرتيقة إلي عائلات عديدة منها علمونياب وكرباب وبوشاب وأكريماب وسنايف وأرياب وعطوي وإيدهن وقولاب وايحهد ودسياب الشئياب والحمران والهنسيلاب ونفراب وقدر وقاسماب وضراراب ورضواناب وهمد شب قبيلة الأمير مصطفي هدل إلخ . .

    الحلنقا

    هي إحدي قبائل البجه الكبري وعاصمتها كسلا (اسم نوع من النباتات، وبالبجاوي أيضاً المنطقة المعتدلة الطقس)، وناظرها الحالي هو الأديب الشيخ مراد جعفر شكيلاي (1999). تنتسب القبيلة إلي هوازن وهاجرت إلي أفريقيا في خلافة عبد الملك بن مروان فراراً من ظلم الحجاج بن يوسف عامله علي العراق. وبعد عبور القبيلة للبحر الأحمر نصبت خيامها حول جبل يقال له قدم، جنوبي مصوع. ثم إنقسم المهاجرون إلي قسمين، هاجر أحدهما شمالاً متتبعاً ساحل البحر الأحمر، وسلك القسم الثاني طريق بلاد الحبشة فدخلوها وتوغلوا فيها إرتياداً للمرعي، وهم أهل خيل، ومن عادة أهل الخيل حمل السياط، فأطلق عليهم الأحباش اسم (الحلنقا)، ومعناها حملة السياط (أنقا بلغة الأمهرا تعني السوط) أو أصحاب السوط، فعرفوا بالحلنقا منذ ذلك الوقت. وأقاموا بالحبشة حوالي ثلاثة قرون يؤدون فيها أتاوات للأحباش. ولما ضاقوا بجشع وظلم الأحباش، أجمعوا أمرهم علي الهجرة. وسكن بعض منهم منطقة الجعليين.

    الحباب

    ويقال لهم في كتب مؤرخي العرب (الأصحاب) وهم لفيف من قبائل يمنية عبرت الشاطيء الشرقي، وجماعات من أمم التيجري ترأسهم عائلة من نسل (الفضل بن العباس بن عتبة بن أبي لهب (عبد العُزّي) بن عبد المطلب). والفضل هو أحد شعراء بني هاشم المشهورين وفصحائهم وكان شديد السواد، وتفتخر العرب بالسمار والسواد، وهو القائل:

    وأنا الأخضر من يعرفني ـــ أخضر الجلدة في بيت العرب

    وكان رئيس الحباب يستمد سلطته من ملك الحبشة، وهو الذي ينعم عليه بلقب (كنتيباي) ورتبة (بحر نجاسي) ومعناها ملك البحر. وفي عام 1898م دخل كنتيباي محمود بن حامد هو ومن أطاعه من قبيلته (السودان) من قرورة وعاش معززاً مكرماً حتي وفاته حيث خلفه ابنه التقي الورع كنتيباي حسن بن محمود. لقد سجل آل كنتيباي تاريخا ناصعا ضد الاستعمار بكل أشكاله حيث وقفوا وقفة مشرفة مع المهدية ضد المستعمرين بمختلف جنسياتهم أيام تواجد الأمير أبو قرجة في شرق (السودان) فسمي أحد أبنائه علي زعيمهم. ويشترط في نظارة وعموديات الحباب أن يكون الرئيس من عائلة أسقدي بئمنت القرشية. وتفرعت من الحباب ثلاث قبائل هي (بيت بحايلاي) و (عد تكليس) و(عد تماريام).

    توجد مجموعات قبلية أخري مثل الأشراف والملهيتكناب والكميلاب والسيقولاب والحسناب ولكن كل واحدة من هذه القبائل تتبع إدارياً لنظارة من نظارات البجه.


    البجه في عصر الفراعنة

    يستدل من الآثار المصرية أن قبائل البجه لمصر كانوا كما هم في هذا العهد يخالطون الحضر علي النيل فيأتون من صحرائهم بالمواشي وخشب السنط والفحم والصمغ والصيد وجلود الحيوانات والحجارة الكريمة ويقايضون بها الأقوات والأنسجة. وكان الفراعنة يساعدونهم لمنع تعدياتهم والانتفاع بتجارتهم ويجعلون لمشايخهم جعلا معلوما يجرونه عليهم في كل عام فيتعهدون بحماية الطرق وحفظ الأمن، وكان الفراعنة كلما فرغوا من حروبهم في الشمال يبعثون السرايا إلي تلك الصحراءbوغيرها ويمتنون المراكب الكبيرة في مدينة القصير ويرتادون بها موانيء البحر الأحمر فيعودون بالجزية وهي من محاصيل تلك البلاد حتي سواحل المحيط الهندي. وكان ملوك الفراعنة يضعون أيديهم علي جميع المناجم كي ينفردوا باستخراج خيراتها. فالآتهم التي كانوا يسحقون بها أحجار الذهب والقناديل التي كانوا يدخلون بها إلي الكهوف لا تزال متناثرة حول كل المناجم ولقد ذكر أحد الباحثين الانجليز في مذكراته ما كان يلاقيه البجه من الهلاك والمرض في البحث عن المعادن علي أيدي الفراعنة.

    وأول فرعون مصري عرفه التاريخ كفاتح لبلاد البجه وبلاد النوبة هو (سنفرو) (ويعني اسمه باللغتين البجاوية والفرعونية الأخ الجميل) في حوالي عام 2720 ق.م وقد هاجم هذا الفرعون قبائل البجه والنوبة المتحالفة وأطلق علي هذه القبائل اسم (ذات الأقواس) لأنها كانت تستعمل القوس في حروبها واستطاع سنفرو أن يتغلب علي خصومه بعد حروب دامية انتهت بأن أخذ كثيرا من الغنائم والأسلاب، كما أجبر البجه وسكان النيل علي دفع الجزية إلي بلاط فرعون.

    ثم هدأت انتفاضات البجه والنوبة واستمروا تحت إحتلال الاستعمار الفرعوني حتي عهد الأسرة السادسة (حوالي 2423 ق.م) واستطاع (يونا) الحاكم المصري علي البحر الأحمر واقليم النوبة أن يخضع كل السكان خضوعا تاما، بل استطاع أيضا أن يجند كثيرا من البجه والنوبة في الجيش المصري كما كوّن منهم فرقاً أرسلت لمحاربة القبائل البدوية التي كانت تهاجم مصر عبر جزيرة سيناء. وبفضل فرق البجه والنوبة هذه تمكن المصريون من تأمين حدودهم الشمالية الشرقية عبر شبه جزيرة سيناء.

    الفراعنة وذهب البجه

    وفي عهد المملكة المصرية الوسطي (215 ـ 1580ق. م) بدأ الفراعنة بنشاط جديد نحو الجنوب والجنوب الشرقي من الحدود المصرية وخاصة في عهد الأسرة الثانية عشرة (2000 ـ 1970ق.م) وكانت مشاريعهم المعمارية تعتمد علي الرقيق والذهب وكان المصدر الوحيد للصنفين هو إقليم النوبة للرقيق وبلاد البجه للذهب.

    وقام أمنحات الأول بحملات ناجحة ضد البجه حتي تم له اخضاعهم كلية وأجبرهم علي استغلال مناجم الذهب الواقعة في وادي العلاقي في الشمال، وسخّر شبان البجه في الحفر لاستخراج الخام من الذهب وطحنه بينما يغربله المسّنون، وكان هذا التسخير والاستغلال دافعا لكثير من الثورات البجاوية علي الحكم الفرعوني ولكنها لم تكن ناجحة بالحد الذي تطرد به الاستعمار الفرعوني من أرض البجه.

    واستمر النشاط الفرعوني نحو استغلال أراضي البجه والنوبة بشكل أوسع في عهد امنحوتب الأول وتحتمس الأول (1555 و 1540 ق. م) وأضعفا شوكة النوبة وأجهزا علي قوة البجه في الصحراء الشرقية. وكان لهذه السيطرة الفرعونية علي البجه الأثر الكبير علي الخزائن المصرية المملوءة ذهبا والتي اكتشفت في مقبرة توت عنخ آمون وغيره.

    ولم تفتر همة الفراعنة عن زيادة الذهب من مناجم البجه، ففي عهد سيتي الأول (1313 ق. م) بدأت محاولات جديدة في هذا الشأن فحفر كثيراً من الآبار التي كانت تدر دراً متواصلا من الماء للقوافل والعمال المسّخرين الذين كانوا يستغلون في استخراج الذهب ولم يتوقف هذا العمل فيbعهد رمسيس الثانيb(1292ق.م) بل إزداد توسعاً وانتاجاً. لو لم يكن العمل يجري علي طريقة تسخير الرقيق واستغلالهم لما استطاع الفراعنة أن يستفيدوا الفائدة القصوي من تلك المناجم ولكن وجود الرقيق بأعداد كبيرة في تلك العهود جعل من الممكن أن تستغل تلك المناجم إلي الحد الذي أظهر مبلغ غني الفراعنة ومبلغ ثروتهم الضخمة المستجلبه من جبال البجه.

    وضعفت مصر بعد ذلك وضعفت قبضتها علي القبائل البجاوية المحاربة فاستعادت قبائل البجه حيويتها واستقلالها ثم ما لبثت أن ناوشت كل الدول التي استعمرت مصر بعد ذلك بإغاراتها المتكررة علي الحدود المصرية.

    البجه والرومان

    لم تكن هنالك أية علاقة بين البجه والرومان طوال القرن الميلادي الأول ولم تكن أي واحدة من الإثنتين تعرف شيئاً عن الأخري، غير أن فترة الهدوء التي كانت تسود الحدود الرومانية الجنوبية ما لبثت أن إعترتها سلسلة من الغارات والإنتفاضات بسبب محاولة الرومان بسط نفوذهم علي الأراضي الواقعة جنوبي اسوان ورغبة البجه في منع الرومان من التغلغل إلي تلك المناطق وكان الرومان كسابقيهم من فراعنة مصر يريدون فتح التجارة مع بلاد النوبة وعبر أراضي البجه واستغلال الأحجار الكريمة من جبالها وأراضيها.

    ولعل أول هجوم بجاوي علي الرومان كان في عام 250م وذلك في عهد الامبراطور ديسياس، واستمرت المناوشات بين الجانبين حتي تم التوصل إلي هدنة والدخول في مفاوضات بين الجانبين الروماني و البجاوي فأرسل الملك (تيرمن) البجاوي (بازمون بن بيزي) رئيساً لوفد المفاوضات وتباحث مع (تربيو نيوس فالس) في أمر الحدود الرومانية البجاوية ، ويبدو أن الجانبين توصلا إلي إتفاق مؤقت بحيث يمتنع البجه عن مهاجمة الإمبراطورية الرومانية المتاخمة لهم.

    وسرعان ما أدرك البجه أن الهدنة لم تكن في مصلحتهم ولذلك فإنهم نقضوها في عام 261م وتوغلوا في حدود مصر حتي صدهم (يوليوس فيرمليانوس) مما اضطر ملك البجه إلي الركون إلي الهدنة حتي تحين لهم فرصة أخري.

    وفي عام 272م زادت متاعب الرومان كثيراً في مصر لأن الملكة زنوبيا ملكة تدمر أبدت نشاطا مكثفاً في هجومها علي الرومان في مصر واستطاعت أن تعقد تحالفاً مع كثير من الفئات المصرية المتذمرة من حكم الرومان لمصر وإتفقت أيضاً مع البجه في جنوبي شرق مصر علي فتح جبهة أخري ضد الرومان حتي يشتد الضغط الحربي عليهم. واستجابة للتحالف مع زنوبيا قام البجه بهجوم عنيف علي الرومان واستطاعوا أن يتقدموا داخل الحدود المصرية الجنوبية إلا أن حلفاءهم من التدمريين أصيبوا بالهزيمة مما أدي إلي خروجهم من دائرة المعركة فإتجه الجيش الروماني لمساندة جيوشه بالحدود الجنوبية وتمكن من صد الهجوم البجاوي الذي وصل إلي مقربة من موقع سوهاج، وأخذ القائد الروماني بروبس في تعقب البجه حتي تم طردهم عن مصر في عام 274م وقد وقع بعض البجه أسري في أيدي الرومان.

    لم يستسلم البجه لتلك الهزيمة واعتبروها هدنة يستجمون فيها استعداداً لقتال جديد، وفي عام 276م ذكر (فربسكوس) أن (برولس) نائب الإمبرطور الروماني الذي تولي حكم مصر من عام 275م إلي عام 284م، غزا البجه وقهرهم وأرسل منهم أسري إلي روما. ولكن البجه جددوا الهجوم وعبروا الحدود بجيش قوي استطاع أن يكسب انتصارات خاطفة علي الرومان، واستولي بسرعة فائقة علي مناطق كثيرة من مصر، وتخطي موقع سوهاج الحالي وبات خطره عظيما علي الرومان، فأعد (بروبس) جيشا قويا لمجابهة الغزو البجاوي والتحم معهم في عدة مواقع غير فاصلة وأخذوا في التقهقر إلي حدودهم حتي إذا وصلوها لم يستطع (بروبس) التوغل في أراضيهم خوف عصاباتهم وصحرائهم.

    ازداد ضغط البجه علي الرومان عام 297م وذلك في عهد الإمبرطور (ديوكليشيان). فاضطرت الإمبرطورية الرومانية إلي الانسحاب من كل الأراضي الواقعة جنوبي الشلال الأول، واتخذت منه نهاية لحدودها الجنوبية. ثم أن ديوكليشيان أمر بإسكان أمة النوباتيين (وقد يكونون هم النوبة) ليسكنوا في تلك المنطقة أملا منه في أن يكونوا درعا حصينا ضد غارات البجه المتكررة.

    وبالرغم من هذه الإجراءات فإنه كان مضطرا إلي مهادنة النوباتيين والبجه معا حتي لا يغيروا علي مصر، فاتفق معهما علي أن يدفع جزية سنوية لكل من الأمتين. وطالب البجه بأن يسمح لهم بالحج إلي معابدهم الوثنية في جزيرة الفيل، حيث كانوا يشتركون هم والنوباتيين والمصريين في عبادة الإله إيزيس الذي كانوا يعتقدون أنه واهب الخصب لبلادهم. ورضي ديوكليشيان بهذا الشرط إذ لم تكن المسيحية قد أصبحت الدين الرسمي للإمبراطورية.

    أما بعد عام 323م، أي بعد إعتناق قسطنطين للدين المسيحي فقد بدأ البجه يشعرون بقوة الضغط المسيحي عليهم لا من الشمال فحسب، ولكن من الجنوب الشرقي أيضا إذ أنه في عام 359م هجم الملك (أزانا) ملك اكسوم علي قبائل مملكة البجه وتقدمت جيوشه من الجنوب في محاولة ناجحة لتحطيم مملكتي البجه والنوبة في عاصمتها القديمة التي كانت ما زالت تدين بالوثنية، وتمكن الملك (أزانا) من هزيمة النوبة والانتصار عليهم نصرا حاسما مكنه من تحطيم بلادهم وبهذا أزال إحدي الدولتين (السودانيتين). ولم يبق غير البجه ليواجهوا خطر مواصلته للغزو من الجنوب، وخطر الرومان من الشمال، واستمر هذا التهديد للبجه حتي بلغ أقصاه في عام 390م حيث قام تيدوس الأول الروماني بإغلاق المعابد الوثنية في جزيرة الفيل ومنع كل من النوبة والمصريين والبجه من عبادة الأوثان، ثم أجبر المصريين علي اعتناق المسيحية وتضايق النوباتيون من ذلك وتمسك البجه بصلابة بحقهم في اعتناق الدين الذي يرون غير عابئين بالضغط الروماني وما يمكن أن يتبعه من اضطهاد.

    الثورة ضد الرومان

    وبدلا من أن تنهار مملكة البجه بسبب ما تعانيه من أزمات حربية بسبب الحصار الروماني من الشمال والاكسومي من الجنوب، استطاعت توحيد صفوفها وأن تشد من قواها مرة أخري. وما حان عام 407م إلا وكانت مملكة البجه أقوي ما تكون عليه، وجهزت كل امكانياتها لحرب جديدة ،حتي إذا جاء عام 429م عبرت جيوشها الصحراء الشرقية متدفقة نحو اسوان حيث عبروا النيل ووصلوا إلي (واحة خارجة)، التي كانت معقلا رومانيا مسيحيا، فأبادوا وأسروا سكانها المسيحيين وعادوا أدراجهم إلي بلادهم.

    ومنذ حلول القرن الخامس للميلاد أصبح البجه سادة الموقف، حتي في أراضي النوبة لا ينازعهم في ذلك أحد، وتقلص النفوذ الروماني إلي درجة استطاع معها البجه تأسيس مملكة ثابتة جنوب اسوان ،وتعاقب علي تلك المملكة عدة ملوك مخلفين وراءهم بعض الآثار التي تثبت سطوتهم ومملكتهم، لكنهم لم يكتبوا انتصاراتهم أو يخلدوها بلغتهم البجاوية التي لم تكن تكتب. ولما أراد ملكهم (خاراشين) أن يسجل مقدرته لجأ إلي أحد الكتاب المصريين الذين يعرفون اللغة اليونانية فكتب له وثيقة تسجل انتصاراته.

    شعر الرومان بأنهم أخطأوا باحضار النوباتيين (تعني القادمين الجدد) الوثنيين في أرض النوبة ليكونوا دولة حاجزة بينهم وبين البجه لأن النوباتيين اتحدوا مع البجه في التخلص من الخطر الروماني، ورأي الإمبرطور مارشيانوس أنه لا بد من كسر شوكة البجه والحد من تمرد النوباتيين ولذلك فإنه أرسل قائده العظيم (ماكسمنيوس) عام 532م بجيوش عظيمة لضرب البجه الضربة القاضية واستطاع القائد الروماني كسب بعض المعارك المبدئية ولكن البجه كانوا قد عقدوا العزم علي عدم الخوض في معركة حاسمة مع جيش يفوقهم عددا وسلاحا واكتفوا بالمناوشات والهجوم الخاطف ثم التقهقر إلي الصحراء، ولما لم يجد ماكسيمينوس فرصة للقضاء عليهم لجأ إلي الدبلوماسية فدخل معهم في مفاوضات انتهت بصلح وإقامة هدنة بين الجانبين، فاحتفظ البجه لنفسهم بالحق في إقامة شعائرهم الدينية الوثنية في معابد ايزيس بجزيرة فيلا (هي في اسوان ومعناها الصداقة أو التحالف، حيث تصادق البجه والنوباتيين وطردوا الرومان) سنويا ومن هناك يحملون الإله إيزيس إلي أوطانهم كما جرت العادة بذلك علي أن تتوقف غاراتهم الحربية علي مصر لمدة مائة عام. ثم أطلقوا سراح أسري الرومان، كما قبلوا تسليم بعض أبنائهم رهائن في أيدي الرومان حتي لا تتوالي اعتداءاتهم ويبدو أن الرومان قد قبلوا استمرار دفع الجزية السنوية للبجه نظير محافظتهم علي هذه المعاهدة.

    لما مات ماكسمينيوس بعد ذلك بعدة أعوام زحف البجه نحو مصر وهاجموا القوات الرومانية وأجبروها علي التقهقر أمامهم حتي خلصوا رهائنهم من أيدي الرومان ثم عادوا إلي ديارهم سالمين ولم يتمكن الرومان من ملاحقتهم.

    البجه والمسيحية

    كان عام 543م نقطة تحول في تاريخ النوبة بصفة عامة والبجه بصفة خاصة، ففي تلك السنة أرسلت الامبراطورة ثيودورا بعثة دينية إلي بلاد النوبة تدعو فيها ملك النوباتيين إلي إعتناق مذهبها المنوفيزي، واستطاع المبشر جوليان الذي أرسلته من اكتساب قلب الملك النوبي إلي العقيدة الأرثوذكسية، وأصبحت أرض النوبة منذ ذلك التاريخ حليفا دينيا للرومان، وانتهت عداوتها معهم وبقي البجه وحدهم منفردين وأصبحوا هم الزادة عن الوثنية والمناهضين للمسيحية وأضحت مملكتهم محاصرة. فإلي الشمال الرومان وإلي الغرب النوبة وفي الجنوب اكسوم، وكلها دول مسيحية معادية لهم، ولما رأي الرومان العزلة السياسية التي صار عليها البجه، أرادوا أن يضربوا ضربتهم القاضية فأغلقوا المعابد الوثنية بجزيرة الفيل وحملوا آلهتها الوثنية إلي القسطنطينية غير عابئين بغارات البجه التي قد تهددهم في مراكزهم، واتحد الرومان والنوبة ضد البجه، وربما بتشجيع وإعانات من الرومان نهض ملك النوبة المدعو (سلكو) في منتصف القرن السادس الميلادي وأعد جيشا كبيرا فهاجم مملكة البجه، والتحموا في قتال عنيف انتهي بانتصار الجيوش المسيحية علي جيش البجه. وسجل الملك (سلكو) انتصاراته علي جدران معبد (كلابشه) نقشا.

    يبدو أن ذلك كان آخر عهد مملكة البجه بالعداوة والحروب. ويعتقد بعض المؤرخين أن الضربة كانت نهاية مملكتهم، لكن التاريخ فيما بعد يثبت أن أمة البجه لم يحدث أن ضعفت حربيا لأنها استقبلت العرب بعد الرومان بنفس القوة الحربية التي ضعضعت سلطة الرومان في مصر، واحتفظوا بروحهم الحربية حتي الآن. لقد ألفوا الحرية والاستقلال فلم يكونوا يقبلون أي سلطان عليهم ولم تكن هزيمة النوبة لهم إلا هزيمة مؤقتة إذ أنهم عاشوا في مملكتهم قرونا عديدة بعد انهيار ممالك النوبة المسيحية.

    الصدام مع العرب

    كان أول صدام عسكري بين البجه والعرب في أيام الفتح العربي لمصر بقيادة عمرو بن العاص، وكانت العلاقات بين الرومان والبجه قد طرأ عليها كثير من التحسن والوفاق إلي الحد الذي طلب فيه القائد بطلميوس الروماني النجدة من النوبة والبجه لمواجهة الغزو العربي. وخرج ملك البجه (مسكسوح) لمساعدة مصر بخمسين الف مقاتل من البجه معهم ألف وثلاثمائة فيل علي كل فيل عشرة من الشجعان ويعززهم جنود ملك النوبة (غاليق). وكانت بين هذه الجنود البجاوية جنود قبائل (الآناك) وقدموا من وراء (سواكن وجعلوا من جلود الفهود دروعاً) لهم ووضعوا علي شفاههم العليا حلقات من النحاس وهؤلاء (الآناك) هم الذين بنوا قبور (مامان في جبال الهدندوة وبني عامر ببلاد البجه)، ووقفت جنود البجه في وجه عمرو بن العاص واستماتت في قتال المسلمين وهاجمتهم هجوما عنيفا، أما النوبة فإنهم استخدموا سهامهم في ضرب المسلمين في أعينهم حتي أطلق عليهم العرب (رماة الحدق) ولكن لم تكن هذه النجدة البجاوية النوبية ذات أثر فعال في تقرير مصير المعركة لأن عمرو بن العاص استطاع أن يتغلب علي الحلفاء بسبب الامدادات التي كان يرسلها الخليفة عمر بن الخطاب وبذلك تم للمسلمين فتح مصر.


    (1) الهجرة العربية قبل الإسلام


    قبيلة بلي العربية

    درج كثير من المؤرخين علي القول بأن البجه من عنصر سامي نزح منذ قديم الزمان إلي الساحل الغربي من البحر الأحمر، واستمرت بعض القبائل العربية في هجرتها إلي (السودان) قبل الإسلام وكانت أشهر تلك القبائل التي نزحت قبيلة بلي، ويقول القلقشندي بأن هذه القبيلة هم بنو بلي بن عمرو بن الحافي بن قضاعة بن حمير، وكان قضاعة مالكا لبلاد الشحر (وقبره بجبل الشحر) ولهم بقايا بالديار المصرية بصعيدها الأعي هم بنو ناب وغيرهم.

    وتعد قبيلة بلي أقدم القبائل العربية التي هاجرت إلي هذه الديار البجاوية بعد الشاسو وثمود وغيرهما، وكانت هجرتها قبل ظهور الإسلام بألف عام، وهي بطن من بطون قضاعة التي يقال عنها في كتب المؤرخين بأنها أول من نزح من قبائل معد. وكان السبب في نزوحها حرب وقعت بينها وبين ربيعة بسبب فتاة ربيعية يعشقها رجل قضاعي من بني نهد فانتصرت مضر وأنمار وأياد لربيعة وانتصرت عك لقضاعة، فاُجلوا عن أماكنهم ويمموا نجدا ما عدا قبيلة (بلي) فإنها يممت ونزلت مأرب ثم ارتحلت منها إلي ما بين تيماء والمدينة.

    وقال ابن خلدون (إنهم اجتازوا العدوة الغربية من البحر الأحمر وانتشروا ما بين صعيد مصر وبلاد الحبشة وكثروا هناك علي سائر الأمم وغلبوا علي بلاد النوبة وفرقوا وأزالوا ملكهم وحاربوا الحبشة فأرهقوهم وضايقوا المصريين).

    وقبائل بلي هي أول من نقل اللغة العربية إلي أفريقيا فجاوروا قبائل البجه ولكنهم لم يختلطوا بها، فأطلقت البجه كلمة (بلويت) علي اللسان الذي تتكلمه (بلي) أي اللغة العربية، وهي ما لم تكن مفهومة لديهم، ولذلك نسبوها لأول من تكلمها في ديارهم كما أن (البلي) كانوا عنصرا عربيا يترفع عمن سواه من أمم افريقيا واعتبروه سيدا عليهم، لما أورد معه من الفضائل كما أطلق علي كل سيد من (بلي) (بلويون) وتعريبها رئيسنا أو سيدنا أو بلويب، وبالبني عامرية (بلوابي) أو (بلواي) وكلها تؤدي معني السيادة والزعامة ـ كما أن البجه والبجاوية تؤدي لمعني عكس ذلك. وكان البلويون يأنفون من مصاهرتهم أو مخالطتهم حتي إذا ضاعت عروبتهم اللغوية اتخذوا البجاوية لسانا لهم واضطرتهم سنة الحياة الاجتماعية كي يتزوجوا ببنات رؤساء البجه، ونشأ أبناؤهم وهم يتكلمون لغة أمهاتهم وكما يقول الافرنج ان أول ما يتعلمه الطفل من الألفاظ هو ما تنطقه أمه بلسانها.

    يقول نعوم شقير في تاريخه إذا أردت أن تسأل البجاوي عن معرفته بالعربية فيجب أن تنسبها إلي (بلي) فتقول له (بلويت تكتينا) (هل تعرف لغة بلي أي العربية). فأما أن يرد عليك بإحدي الكلمتين (كاكن) أي لا أعرف وكذلك في البجاوية (بداويت) والبني عامرية التي يقال أن أول من تكلمها أهل اليمن وساحل اريتريا وقبيلة ثمود ويهود اليمن، وقد وقفت قبائل بلي حائلا دون انتشار المسيحية في شرق (السودان) حتي جاء الإسلام مع العرب فاعتنقوه واشتهر البلويون بالشجاعة والعزم حتي هابهم كل من حولهم من الأمم خصوصا الحدارب فهم شوكة القوم ووجوههم.


    العرب والبجه والنوبة

    كانت قبل الإسلام هناك وقائع حربية متعددة بين البجه والنوبة خاصة بعد أن اعتنق النوبيون الدين المسيحي وبقي البجه علي وثنيتهم.

    ولما ظهر الإسلام في (السودان) الشمالي، سكن جماعة من المسلمين أماكن معدن الذهب في عيذاب، ونزح إلي تلك الديار خلق من العرب من ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، فاشتدت شوكتهم وتزوجوا من البجه وقويت ربيعة بالبجه علي من ناوأهم وجاورهم من قحطان وغيرهم من معد بن نزار ممن سكن في تلك المنطقة.

    وكانت مملكتا البجه والنوبة تابعتين لمصر، منذ الإسلام حتي استولي السلطان سليم التركي عام 923هـ علي مصر، فسلخ مملكة البجه عن القطر المصري وألحقها بإمارة الحجاز وبقيت مملكة النوبة تابعة لمصر، وضمت بلاد البجه كلها إلي (السودان) عام 1865م وكذلك اريتريا والصومال الانجليزي. ولولا أن الخديوي محمد علي باشا استولي علي (السودان) عام 1821م وقضي علي دولة الفونج لبقيت ممالك البجه الخمس مستقلة لليوم.

    واشتهرت مدينة عيذاب الميناء البجاوي كميناء رئيسي لحجاج بيت الله الحرام من المصريين و(السودانيين)، وكانت زاهرة بالعمران والتجارة وكانت عيذاب مقر ملك البجه الحدربي في الإقليم الشمالي.

    واشتد هجوم البجه علي ريف صعيد مصر في أوائل القرن الثالث للهجرة فرفع والي أسوان الأمر إلي أمير المؤمنين المأمون بن هارون الرشيد فأمر باخراج عبد الله بن الجهم إليهم عام 216هـ (831م) فكانت حربه سجالاً. ثم تهادنوا وكتبوا المعاهدة الثانية.

    وكان أول من عقد معهم الهدنة في أواخر القرن الأول الهجري هو عبد الله بن الحجاب السلولي فقد عقد معهم معاهدة أمان وحسن جوار، وكان نائب ملك البجه مقيما بالريف المصري رهينة. وكثرت أذية البجه للمسلمين الذين يريدون استعمار المناجم والاستيلاء عليها شيئا فشيئا حتي تذوب وتنصهر القومية البجاوية في العنصر القادم حديثا من الشمال أو من جزيرة العرب حاملا مشعل النور والهداية إلي طريق الحق والصواب وقد تم كل ذلك ولكن بعد قتال عنيف ودماء زكية طاهرة أريقت في الدفاع عن الأوطان وكنوزها العامرة بالتبر والجوهر والفضة.

    وأقام العرب بقيادة عبد الله بن الجهم إتفاقية هدنة مع عظيم البجه كنون بن عبد العزيز، وعمل البجه بموجب هذه المعاهدة نحو خمسة عشر عاما بدأوا بعدها غزو الريف من صعيد مصر وكثر الضجيج منهم إلي أمير المؤمنين جعفر المتوكل علي الله فندب لحربهم محمد بن عبد الله القمي وهو من الأمراء الحازمين.


    الذهب سلاح الاستعمار

    ولما أراد ملك البجه الغاء المعاهدة، بدأ بطرد العرب من جميع المناجم والمدن وامتدت سرايا غزواته إلي بلاد الوجه القبلي وأغضب هذا الخليفة في بغداد خصوصا منعهم دفع الخراج. ولا شك أن استثمار المناجم يعتبر من أكبر أسلحة الاستعمار ولذلك قرروا الخلاص منها بأي ثمن وطلاب الحرية لا يمكنهم أن ينالوها أو يحصلوا عليها ما لم يتخلوا عن قيود مثل هذه المعاهدة التي كانت جميعها في صالح العرب. ومن يدرس أخلاق البجه يتحقق بأن أكره شيء هو السيطرة وأخذ الأموال بالقوة مثل (الخراج) ونحن قرأنا في التاريخ كيف أن الراشدين قد اعتبروها أتاوة تدفع لقريش، فما بالك بالبجاوي المقيم في وطنه وأرضه وبين عشيرته وأهله يأتيه الأجنبي من الخارج فيطلب منه أن يكون شريكا له في نياقه وبقره وأرضه وثرواتها الطبيعية ويضع يده عليها بدون أي تعب فإذا رضيها تحت ضغط من القوة اليوم لن يقبل أداءها غدا، وسيحطم قيودها عند سنوح أول فرصة، ولم يرض بها إلا بعد أن قهرته حكومة شديدة أزالت دولا من الوجود وغنمت تيجان ملوكها وقذفت بهم في العراء وقضت علي ما كان لديهم من مدنية وحضارة. ولقد تعلمنا من المستعمر أن أغني الأمم هي التي تملك مناجم الحديد والرصاص والنحاس والذهب والفضة وكل هذا متوفر بكثرة في بلاد البجه، التي كان أهلها يقاتلون ويحاربون الغزاة الأوائل من الفراعنة والبطالمة والرومان وغيرهم. ولله در الملك كنون الذي رأي أن مصلحة أهله وعشيرته تمزيق تلك القصاصة من الورق بالسيوف البواتر. وتقوم حكومة الإنقاذ (1999) بنهب ذهب البجه لمصلحتها.


    قتال البجه للعرب عام 847 م ـ 861م

    وأسطورة علي بابا

    وفي خلافة جعفر المتوكل علي الله بن المعتصم، غزا البجه صعيد مصر وقتلوا من وجدوه بالمناجم من المسلمين، وتقاعس جعفر عن غزوهم وتوالت السنون وكثرت الشكوي. ولما كثر القتل في المسلمين العاملين في مناجم الذهب هجروها فانقطع بذلك ما كان يؤخذ للسلطان بحق الخمس من الذهب والفضة، فولي المتوكل محمد بن عبد الله القمي محاربة البجه وولاه معادن تلك البلاد، واشتبك جيش المسلمين بالبجه بقيادة ملكهم علي بابا (أولباب) واستمرت الحرب سجالا حتي استعمل العرب الخدعة بوضع الأجراس علي أعناق الخيل، فنفرت جمال البجه من كثرة الضوضاء وذلك في عام 241هـ. وطلب ملك البجه التفاوض، وعاد مع جيش القمي لبغداد وترك علي ملك البجه ابنه (فيعس) ثم عاد علي بابا معززا مكرما من بغداد بعد أن وقع إتفاقية مع المسلمين تنص بانتفاعهم بمناجم الذهب، والملك علي بابا هو من قبيلة (بلي) التي يقال لها بالبجاوية (بلويب) وبالبني عامرية (بلو أو بلاوي) وهذه القبيلة كانت لها السيادة علي البجه. ويقول المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار في كتابه (هجرة القبائل العربية) إن قصة كنوز علي بابا في الأدب العربي جاءت من الملك علي بابا هذا. وتذهب الدكتورة نادية بدوي في كتابها (حلايب) لتأكيد هذه الرواية حيث تذكر أن سكان المنطقة يتحدثون عن مغارة ملكهم علي بابا المليئة بالذهب والمجوهرات والتي حاول عدد من المغامرين كشفها والاستيلاء علي محتوياتها.

    وفي أواسط القرن الثالث للهجرة كان تنازع السلطة بين رجلين من قريش ببلاد البجه والنوبة علي أشده وهما العلوي إبراهيم بن محمد من ذرية عمر بن علي بن أبي طالب وعبد الله بن عبد الحميد العمري.

    واشتبكا بجيشيهما في قتال شديد، ثم انهزم العلوي واختلف مع أصحابه فانشقوا عليه وعادوه فتركهم ومضي لميناء عيذاب فأجاره نائب ملك البجه وأعدّ له سفينة أبحرت به وأهله إلي جدة ومنها ذهب إلي مكة، وهنا خلا الجو في بلاد البجه والنوبة للعمري.

    البجه والعرب عام 869م

    في هذا التاريخ قدم علي البجه أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحميد العمري بعد محاربته للنوبة ومعه ربيعة وجهينة وغيرهم من العرب فكثرت بهم العمارة في بلاد البجه ـ ومالت البجه إلي ربيعة وتزوجوا منهم. وقيل أن البجه تحالفت مع ربيعة علي قتل العمري وأخرجوا كل من خالفهم من العرب وحرموه من التنقيب في ديارهم.

    وتصاهرت ربيعة مع رؤساء البجه (البلويون) وبذلك كف ضررهم عن المسلمين. وفي عام 873م غزا البجه مصر مرات عديدة، وكان علي مصر آنذاك عبد الحميد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فخرج كامنا للبجه، وقتل مقدمتهم ودخل بلادهم ونهبها وتابع عليهم الغارات حتي أدوا إليه الجزية التي لم يدفعوها من قبل.

    ومن أشهر ملوك البجه الملك بشر بن مروان بن اسحق وأمه من ربيعة. وبسط أمراء هذا البيت نفوذهم علي ممالك البجه المترامية الأطراف من مصوع حتي جنوب أسوان وتولوا حكوماتها بتقليد من مصر وكان يلقب أمير البجه (الحدربي) وبقوا علي هذه الحالة حتي آخر عهد المماليك. وفي عهد الملك داود ملك النوبة قام بتمير ميناء عيذاب وأخذ سكانها أسرى إلى دنقلا ولا زالت بقاياهم هناك وفي منطقة الشايقية يعرفون باسم عايدابي.

    أما الأمير سمرة بن مالك فلقد كان في أيام دولة الناصر قلاوون وأنه كان أميرا جليلاً ذا عدد جم وشوكة ملكية يغزو الحبشة وأمم (السودان).

    وبقيت مملكة البجه في العائلة الحدربية إلي عهد السلطان سليم عام 923م حيث أمر بسلخها عن تركيا وولي عليها أمراء واتبعها لمصر وكذلك سواكن ومصوع حتي عام 1841م حيث تم ضم بلاد البجه (للسودان) الذي كان يحكم من قبل حكومة الخديوي محمد علي باشا، وذلك بعد زوال مملكة الفونج التي ظهرت عام 910هـ واستولت علي بلاد البجه عام 1000هـ تقريبا برئاسة عجيب المانجلوك ثاني وزراء العبدلاب وكانوا يصاهرون نظار القبائل فإذا رزقوا ولدا جعلوا الرئاسة له باهدائهم له كل الملابس والمراسيم حتي يضمنوا عدم ثورة القبيلة عليهم. وفي عام 1865م ضمت سواكن ومصوع إلي (السودان). وخفضت سلطة أميريهما إلي (عموديتين).



    ممـالـك الـبـجــه

    منذ فجر تاريخ (السودان) الشرقي كانت هناك أمتان ظاهرتان في حوادثه، فكانت الأمة الأولي هي التي تسكن في حوض نهر النيل ببلاد النوبة والتي سميت ببلاد كوش أو النوبة وغير ذلك من الأسماء التي اشتهرت بها. أما الأمة الثانية فهي أمة البجه التي كانت تجوب الصحراء الشرقية نحو البحر الأحمر. وانقسمت البجه إلي عدة ممالك متفرعة عن مملكتها الرئيسية وكانت دائما تقف صفا واحداً وسداً منيعا ضد المغيرين من المستعمرين والمعتدين وبالإضافة إلي ذلك فإن مملكة البجه درجت علي انتهاك حرمات الحدود المصرية.

    علي أن الزمان فعل فعله في وحدة ممالك البجه حتي أنه لما زارها ابن حوقل قبل ألف عام لم يجدها متحدة في مملكة واحدة بل وجدها قد انقسمت إلي خمس ممالك لكل منها حدودها وسلطانها وهذه الممالك هي:

    1) مملكة ناقص: وهي تبدأ شمالا من أول الحدود المصرية وفي غربها أسوان.

    2) مملكة بقلين:وهي تقع بين خور بركة وساحل البحر الأحمر المجاورة لمملكة جارين.

    3) مملكة بازين: وهي تقع بين مملكة علوه وبقلين.

    4) مملكة جارين: علي السواحل الجنوبية حتي جبل رورا (بقله) قرب مدينة نقفه باريتريا.

    5) مملكة قطاع: تبدأ من مدينة نقفه حتي سمهر (مصوع).


    ومن يتأمل هذه الممالك علي الخريطة يجد أن قبائل البجه الخمس الآن قد ورثت أراضي هذه الممالك، كما ورثت ألقابها، فقد كان زعماؤها يحملون لقب ملك ولهم مظاهر خاصة في خلق الشعور العام نحو وظائفهم الملكية، فقد كان لكل ملك منهم كرسي للحكم عرف في (السودان) باسم (ككر) وهو العرش الذي يجلس عليه الملك أما رأسه فقد كان يغطيه بتاج أو طاقية من الذهب تسمي (أم قرين) ويصحب ذلك من شعارات الملكية سيف أوروبي صقيل ونقارة (طبل) يقرع في المناسبات وعند الأزمات. ولم يفقد هؤلاء الملوك ألقابهم الملكية إلا بعد أن فتح محمد علي باشا بلاد البجه عام 1841م فأزال استقلال البلاد والملك وألقابه وأبدلها بكلمة ناظر قبيلة وما زال هذا اللقب مستعملا لزعماء القبائل الكبري حتي الآن.

    لقد ورثت قبائل البجه الحاضرة ممالك أسلافهم السابقين وأصبح الموقف الآن كما يلي:ـ

    1 ـ قبائل البشاريين ويسكنون في منطقة مملكة ناقص.

    2 ـ قبائل الأمارأر وهم يعيشون في منطقة مملكة بقلين.

    3 ـ قبائل الهدندوة وينتشرون في بقاع مملكة بازين.

    4 ـ قبائل بني عامر ومواطنهم علي السواحل الجنوبية (مملكة جارين).

    5 ـ قبائل الحلنقة ويقطنون في كسلا وما حولها.

    البجه والصليبيون

    وفي عام 578هـ طمع البرنس رانود (أرنولد) صاحب الكرك بالشام بالاستيلاء علي أراضي الحجاز وأبحر بالسفن نحو عيذاب، وقتل أهلها وأحرق تجارتها وقطع طريق البحر والبر علي المسلمين وأبحر نحو الحجاز وأبحر خلفه الحاجب حسام الدين لؤلؤ فتعقب الصليبيين في عيذاب ثم في ميناء رابغ بالسعودية فأدركهم هناك فأوقع بهم جميعا.


    البرتغاليون في البحر الأحمر

    قام الأسطول البرتغالي عام 1516م بزيارة استطلاعية لميناء سواكن تحسبا لأي اشتباك مع الأسطول المصري. وفي هذا الأثناء كانت جيوش سليم تتقدم في الشام لاحتلال القدس ثم مصر.

    وبعد هزيمة البرتغاليين للأسطول المصري الذي أرسله السلطان الغوري سمع البرتغاليون بزحف السلطان سليم علي مصر. وفي سبيل محاولة منع السلطان سليم عن الاستيلاء علي البحر الأحمر. اتصل البرتغاليون بالأسبان كما عرضوا علي فرنسا استعمار ميناء سواكن واستطاع البرتغاليون تحويل الصراع في البحر الأحمر إلي صراع صليبي إسلامي بعد استئذانهم من البابا يوليوس الثاني في عام 1505م لإعلان الجهاد في سبيل المسيحية، وصارت مدينة السويس تحت إمرة الأميرال استيفان دي غاما وميناء سواكن تحت إمرة الأميرال دون جوان دي كاسترو.

    البجه والفونج عام 1508م

    تمكنت القبائل العربية النازحة إلي (السودان) بالتحالف مع عرب القواسمة (السودانية) من اسقاط آخر الممالك المسيحية في (السودان) عام 1504م. وكان لزعامة الفونج عمارة دنقس ولرئاسة عرب القواسمة عبد الله جماع، وأصبح السلطان في يد الفونج والوزارة في يد عبد الله جماع وذريته. وأقام الفونج عاصمة لهم مدينة سنار علي النيل الأزرق.

    وامتدت سلطة مملكة سنار إلي سواكن علي أيام عمارة دنقس واشتبكت جيوشها مع أمير سواكن وهو من الحدارب الذين انهزموا ورحلوا من سواكن وتفرقوا في البوادي المحاذية لجبال سنكات وأركويت. وقلّد قائد جيوش الفونج وهو من العبدلاب الأمير عبد الله بوش الأرتيقي أميرا علي مدينة سواكن وخضعت بادية البجه لحكم الفونج إلا قبائل الهدندوة، فانهم تحصنوا في الجبال وامتد نفوذ الفونج حتي مدينة مصوع جنوبا. وسافر ملوك البجه إلي سنار لتقديم الطاعة والولاء، وعادوا يحملون تفويضا بالاستمرار في حكم قبائلهم وجمع الزكاة وتسليمها لسلطان سنار. كذلك منحهم السلطان كساوي شرف وسيوفا تمنح لعمد ومشايخ قبائل البجه.

    وفي عام 1560م زار الشيخ عجيب المانجلوك ابن الشيخ عبد الله جماع كبير وزراء دولة سنار سواكن وهو في طريقه إلي أرض الحرمين.

    وأثناء إقامته بسواكن طلب الشيخ عبد الله جماع مصاهرة الأمارأر، وتم له الاقتران بابنة الشيخ عشيب بن عمار شقيق ناظر قبائل الأمارأر وكانت هذه عادة وزراء العبدلاب إذ يصاهرون القبائل ثم يجعلون النظارة في ابنهم من بنت القوم، وهذا ما حدث في قبائل الحلنقة بمنطقة كسلا والأمارأر بجوار مدينة بورتسودان إذ بعد أن رزق الشيخ عجيب ولده عثمان من ابنة الشيخ عشيب أرسل لابنه سيفا صقيلا وطبلا وطاقية من الذهب وكرسي الحكم (ككر) وثيابا وخيلا وأمر بأن يكون ناظرا علي عموم قبائل الأمارأر. وبهذه المصاهرة توثقت عري الولاء بين السلطنة الزرقاء والأمارأر الذين تزوج الشيخ عثمان عجيب بابنتهم. ومن ثم أطلق علي نسله الأتمن نسبة إلي عثمان.


    البجه والأتراك

    بعد أن استولي السلطان سليم العثماني علي الخلافة أرسل قائده سنان باشا لتطهير البحر الأحمر من البرتغاليين واشتبك سنان باشا بالبرتغاليين عام 937هـ وهزمهم واحتل جدة ومصوع وزبيد اليمن والحديدة وموخا وزيلع وسواكن. وترك في كل مدينة موظفا تركيا ينوب سلطة والي (حاكم عام) الحجاز أما السلطة الإدارية فتركها للوطنيين.

    وفي سواكن لم يكن للمحافظ التركي غير تحصيل الرسوم الجمركية. وكانت أسواق سواكن التجارية تحت سلطة الأرتيقة الذين كانوا يتحصلون الزكاة من حصة الجمرك وأموال الأهالي، ويدفعون منها لمندوب ملك الفونج نحو ألف ريال تركي سنويا. وكان المحافظ التركي مسئولا عن جزيرة سواكن أما الداخلية فقد كان مسئولا عنها أمير الأرتيقة بمقتضي فرمان (وثيقة من السلطان العثماني) واستمرت بعض بادية البجه تحت سلطة ملك سنار اسمياً مع تمتعها بالحكم الذاتي الكامل.

    (الصورة:- منظر لجزيرة سواكن)??

    ولم يهتم الأتراك بسواكن وأحوالها التجارية أو العمرانية بل جعلوها قاعدة حربية يجب أن تبقي تحت الدولة العلية، وأن يخفق فوقها العلم التركي وبقيت كذلك حتي نشب القتال بين تركيا واليمن فأصبحت سواكن استراحة للجيوش الذاهبة للقتال والجرحي العائدين من حومة الوغي ويبقي الأخيرون نهائيا فيها بعد شفائهم.

    وفي عام 1864م طلب الخديوي محمد علي باشا أن يضم إلي أملاكه سواكن ومصوع فوافق السلطان العثماني علي أن تعودا إلي إدارة الحجاز بعد وفاة الخديوي الذي اتخذهما قاعدتين حربيتين وتجاريتين لتصدير كل حاصلات (السودان) والحبشة وعين في كل من المدينتين محافظا من قبله وأمرهما باستعمال نقوده فيهما مع النقود السلطانية التي كان الأهالي يفضلونها علي المصرية.

    بعد أن تم لجنود محمد علي باشا السيطرة علي شمال (السودان) بما في ذلك أراضي مملكة الفونج وكردفان، كانت لا تزال بعض الأراضي الواقعة في شرق (السودان) تتمتع باستقلالها وهي أراضي الهدندوة والبني عامر والحلنقة والأمارأر والبشاريين، وبتعبير آخر فهم كل قبائل البجه، وكانت هذه الأراضي ملجأً لبعض الهاربين من ضرائب الحكومة فرأي حكمدار الخرطوم من قبل مصر، أن الوقت قد حان لضمها (للسودان) المصري وساعده في ذلك أن الاستعدادات الحربية أصبحت متوفرة مع توقف المناوشات التي كانت بين الجيوش المصرية والحبشية، لذلك بدأ الحكمدار أحمد باشا أبو ودان في غزو أراضي الهدندوة والحلنقة وهي التي كانت تسمي التاكا. وكان لذلك الهجوم سببان أولهما توسيع رقعة (السودان) والثانية جلب ضرائب جديدة من أراضي البجه وخاصة ماشيتهم وإبلهم.

    بدأ الهجوم علي البجه عام 1840م وشهدت أراضي القاش مواقع حامية بين الهدندوة والجيش المصري انتهت بخسائر من الطرفين، لكن فعل الرصاص كان أقوي من فعل سيوف الهدندوة ورماحهم، ولم يجد زعيم الهدندوة محمد دين بدا من الاستسلام آخر الأمر وهو ينوي أن ينقض علي الغاصبين في أول فرصة. وطلب منه أبو ودان أن يدفع ضرائب باهظة واعتذر فأخذه رهينة حتي لا تتكرر هجمات الهدندوة علي جنوده.

    لكن ذلك لم يثنهم عن الخروج عليه والاستمرار في مهاجمته، حتي اضطر إلي أن يعقد معهم صلحا مكتفيا منهم بضرائب اسمية. وعاد آخر الأمر إلي الخرطوم يحمل معه محمد دين حيث توفي هناك. وجعل أبو ودان حامية مصرية في منطقة كسلا وبذلك تمكن من السيطرة علي كل من قبائل الهدندوة والحلنقة.

    عرف محمد علي أن بلاد البجه في شرق (السودان) لا يمكن أن تخضع لسلطانه إلا إذا امتد إلي المينائين اللتين علي البحر الأحمر وهما سواكن ومصوع، لذلك دأب للحصول عليهما من السلطان العثماني في تركيا وتكللت مساعيه بالنجاح في عام 1843م حين استأجر سواكن من السلطان العثماني. وفي عام 1846م تم استئجار مصوع أيضا علي أن يدفع الأجرة سنويا وتكون قابلة للتجديد كل سنة.

    أما سواكن فإنها وضعت الجزء الأكبر من القبائل البجاوية بتجارتها وأملاكها تحت سلطان خديوي مصر وطوقت مصوع القبائل البجاوية التي تسكن علي سواحل البحر الأحمر وبذلك انقطع أمل الفارين من ضرائب الحكمدارية إلي تلك الأصقاع.

    ومن الجدير بالذكر أن أحمد باشا أبو ودان هو الذي سعي إلي ضم هذين الثغرين إلي حكمدارية (السودان) ولعل هذا هو أول استعمار حقيقي يتعرض له البجه سكان شرق (السودان)، وهكذا بدأ عهد طويل من الاستعمار.

    وفي العام 1883م ثار البجه بقيادة الأمير عثمان دقنه، ضمن الثورة المهدية، ضد الاستعمار التركي البريطاني. واستطاع البجه هزيمة الجيوش التركية واجلائها عن بلادهم. وتدخلت بريطانيا في الحرب ضد البجه بجيوش جرارة مزودة بأحدث الأسلحة الفتاكة، ولكن البجه هزموها أيضاً وحطموا أسطورة المربع الحربي البريطاني. وأشاد شاعر بريطانيا روديارد كبلنغ بانجازهم هذا في قصيدته المشهورة (فظي وظي). ولكن في العام 1900 تم أسر الأمير عثمان دقنة بعد زوال دولة المهدية، وعادت بلاد البجه خاضعة للاستعمار البريطاني. ولم يستسلم البجه للاستعمار فناضلوا ضمن التنظيمات المتاحة آنذاك. واشترك البجه في مؤتمر الخريجين حيث كان رئيس فرعه في بورتسودان مؤرخ البجه الأكبر. وفي العام 1924 قاد البجه مظاهرات ضد بريطانيا في بورتسودان وغيرها. أما في العام 1948، فقد كانت مظاهرات البجه أكثر دموية حيث ثاروا ضد الجمعية التشريعية الاستعمارية واستشهد عدد من شبابهم. واشترك شعراء البجه في النضال شعراً فكانت قصيدة الشاعر الرائد محمود أبوبكر (صه يا كناراً) هي شعار الاستقلال.

    الصورة:- صورة الأمير عثمان دقنه??


    اللغة البجاوية

    سادت اللغة البجاوية في كل بلاد البجة، ولا بد أن عراها بعض التغيير بسبب التطور الطبيعي للغات. ومن المعتقد أنها من اللغات الحامية (كوشية)، كما أن لغة البني عامر تعتبر من اللغات السامية (الجيزية من اليمن، وذكر باحث بأن 80% منها عربي)، وذكر نعوم شقير نقلا عن لبسيوس من أن اللغة البجاوية هي لغة مروي القديمة. أما الدكتور هيس الألماني الذي كان مقيما بمصر لدراسة اللغة النوبية فيقول (إن اللغة البجاوية هي لغة مروي القديمة) بدليل أن بعضا من كلماتها الأساسية مثل الماء والنار والأرض تشابه ما ورد من الأسماء في تاريخ مروي، وتعني كلمة مروي (مير أوي) بالبجاوي الشتاء الطويل، ووجود اسم بجاوي لمدينة المتمة (مأتمة ومعناها المركز)، وشندي (شئن دا وتعريبها أناس كبار)، والدامر (دامر) ومعناها الموطن، وعتمور (أتمور) معناها الصحراء، وأتبره ومعناها بحر اللبن وجبل (ميلكيت) جوار قرية قري (ومعناها الملح). بالإضافة إلي أن القبائل الفرعية تستعمل خاتمة آب في أسمائها، وهي مقتبسة من كلمة (دواب) وتعني فرع من القبيلة. ويدل الاسم الانجليزي للصمغ (العربي) (ERRABY) وكأنه مأخوذ من اللغة البجاوية وتعني (الناصع البياض). كذلك فإن بعض الكلمات البجاوية تتطابق مع بعض الكلمات الهيروغلوفية وذكرنا أمثلة ذلك في مكان آخر. ومنها أن اسم كوش (السودان) مستمد من (كش)، وتعني أسود بالبجاوي.

    وكتابة اللغة البجاوية بالحروف العربية لا تحتاج إلي معاناة فإن العرب وغيرهم من الأمم التي غزت ديار البجه كانوا يترجمون المعاهدات إلي اللغة البجاوية كلمة كلمة، وللأستاذ محمد أدروب أوهاج محاولات فيها. كذلك قام إداري بريطاني (روبير) بكتابة اللغة البجاوية بأحرف لآتينية، ووضع كتاب لتعلمها بهذه الحروف. أما اللغة البني عامرية فهي سهلة الكتابة بالحروف العربية وقد استعمل أهل إريتريا الحروف العربية في كتابتها.

    وبالرغم من نزوح العرب إلي بلاد البجه منذ أكثر من ألف عام فإن اللغة العربية لم تستطع التغلب علي اللغة البجاوية لأن هجرة العرب كانت بأقليات بشرية وربما كان أكثرهم من الرجال، واضطروا للتزاوج من البجه فنشأ أطفالهم بين أحضان أمهاتهم البجاويات يتكلمون بلغتهن في كل شيء وهذه سنة لغة الأم. وحاولت قبائل بلي الإحتفاظ بلغتها العربية بين الأغلبية البجاوية، ولكن طمست معالم لغتهم العربية ولم يبق منها إلا النسب إليهم في لفظ بلويب.

    وفي اللغة البجاوية شعراء كثيرون وكذلك باللغة البني عامرية، كما توجد حكم وأمثال تستعمل عند اجتماع الرؤساء والشيوخ، وربما كان أكثر كلام الشيوخ باقتباس أبيات شعرية أو قول مأثور عن بعض مصلحي البجه، والشعر البجاوي يتألف من أربع شطرات موزونة ولا يتعداها. وإذا أراد الشاعر الإطالة فلا يلتزم القافية إلا في كل بيتين أو أربع شطرات، وكذلك في البني عامر عندما يريد الشاعر الاطالة. وبعض الشعراء في قبائل بني عامر والحباب ينظمون القصائد الطويلة ويلتزمون في كل شطرة منها الروي والقافية وقد تبلغ القصيدة سبعين بيتا. وأكثر الأشعار في الغزل والحماسة، ومدح الشجعان البجه السابقين. وتوجد نقائض بين بعض الشعراء في المدح.
                  

01-14-2006, 05:36 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    Quote: العادات والتقاليد

    كانت البجه قبل اختلاطها بالعرب المسلمين تورث ابن البنت أو ابن الأخت دون ولد الصلب، وكانت هذه عادة متفشية بين الأفارقة الوثنيين وربما يولد البجاوي ولا يسمى إلا بعد أن يبلغ أشده، فتكون صفته هي اسمه. فلما جاء العرب وانتشر الإسلام بأرض البجه تركت التسمية بالصفات وتلاشت إلا الألقاب وأصبح لكل بجاوي اسم.

    وهناك تقاليد يلتزم بها الرجل البجاوي ولا يحيد عنها، فالرجل إذا حلب دابة لا يشرب مما حلب حتى يذوق اللبن إنسان آخر، وهو مسئول عن رعاية المواشي وسقايتها وزراعة الأرض. وفي بيته لا يأكل مع زوج ابنته ولا يجلس على فراش زوج ابنته، وأحيانا يعامل زوج الأخت بنفس المعاملة. وإذا حدث خلاف بين أخوين أو عائلتين فكل رجل يقف بجانب أقاربه.

    والرجل إذا كثر علىه العمل أو طال زمنه يقطعه بالأغانى، والرجل لا يزوج ابنه إلا بابنة أخيه على شرط أن يدفع الوالد المهر إلا إذا كان الابن غنيا فإنه يندر أن يخضع لرغبة والده. ويكرم الرجل ضيوفه وإن كانوا من أقاربه فإنه لا يقدر أن يعين لهم يوما للسفر ولو مكثوا أعواما.

    ويتولى الرجل خطبة المرأة لابنه بعد أن يأخذ معه بعض الأجاويد، وموافقة أم البنت شرط أساسي. ولا يأكل الرجل مع زوجته أو مع أمها، والنسيبة لها إحترام خاص عنده، ولا يتلفظ بإسم زوجته وكذلك هي لا تلفظ اسم زوجها أو أبيه، وللرجل عند زواجه أصدقاء يسمون وزراء. وإذا كان للرجل قضىة ضد أي بجاوي يرفعها إلى المجالس الخاصة ويجتهد في البعد عن دار الحكومة. وإن مات رجل عظيم من البجه تذهب النائحات حاسرات الرؤوس إلى دور الحكومة حيث كان يتردد المتوفى. والرجل لا يرد على المرأة ولو أساءت إلىه أو أهانته.

    وجرت العادة ألا يتعشى الرجل لوحده، فإذا لم يجد ضيفا ذهب بعشائه إلى جاره ويأكلان معا عشاءهما.

    وللمرأة أيضا عادات لا تحيد عنها، فهي لا تحلب المواشي إطلاقا ولا ترعاها ولا تغسل ولا تقابل أي أجنبى وتحتجب عن غير محارمها. والعروس لا تكلم عريسها إلا بعد أن يدفع لها شيئا كهدية ولا تقابل زوجها وجها لوجه ولا تقابل زوج ابنتها أبدا وهي محل احترامه دائما، ثم إنها لا تأكل مع زوجها أو زوج ابنتها، وعلىها مسئولية البيت كله، وتتولى تربية الأطفال. ولهذا فللمرأة إحترام خاص عند البجه.


    الفكر والمعتقد والشخصية

    جاء في كتاب (يوميات باحثة مصرية في حلايب) للدكتورة نادية بدوي، ما يلي عن الفكر والمعتقد والشخصية بالنسبة لشعب البجه (تتصف قبائل البجه بالثبات والاستمرار النسبي، ويبدو هذا واضحاً من استمرارها بنفس الاسم وبنفس الموطن لمدة تزيد على ستة آلاف عام. والثبات على نفس النظم القديمة التي ورثوها عن أجدادهم القدامى. فمن ناحية النظام الاقتصادي نجدهم مارسوا الصيد والقنص من عام 4000 ق. م. وحتى عام 500 ق. م. وبعد أن دخل الجمل مصر عرفوه ومارسوا الرعي حتى اليوم. ومن ناحية المعتقد نجد أن الديانة البجاوية وهي خليط من الديانة الفرعونية والرومانية والزنجية ما زالت تعيش وتحيا وتمارس من خلال العادات والتقاليد التي تمارس في الزواج والميلاد والوفاة والحياة اليومية بالرغم من إعلانهم بالإعتقاد بالدين الإسلامي. وتعتبر اللغة البجاوية العائق الأساسي الذي يعوق البجه عن فهمهم العقيدة والشريعة الإسلامية.

    وكان للبيئة أثر عظيم في عزلة هذا الشعب داخل الصحراء وحفظه بعيداً عن المؤثرات الثقافية التي يموج بها وادي النيل، ونتيجة لتلك العزلة أضحى لدينا شعب مميز في شكله الفيزيقي والذي يقترب كثيراً من ملامح المصريين القدماء، وأيضاً في ثقافته ولغته حيث تعتبر اللغة البجاوية شقيقة للغة الفرعونية وينتميان لأسرة واحدة هي أسرة اللغات الكوشية.

    ويتميز البجاوي بالروح القتالية، فحب القتال قيمة أصيلة ومتأصلة فيه يحرص عليها، وترجع جذورها إلى العصور القديمة حيينما خرج من شعب الصحراء الإله (منتو) الذي عبده قدماء المصريين وجعلوه إلهاً للحرب ورفعوه لمرتبة الآلهة العظمى وجعلوه زوجاً لـ (إيزيس) ولنا أن نتصور حال الشعب الذي إنحدر من إله الحرب ــ فالحياة في فلسفته هي الحرب ... والحرب هي الحياة، ويشهد التاريخ على تلك الصفة فهو مليء بالمعارك الكثيرة بين فروع البجه، وبينها وبين جيرانها. وإذا كان حب القتال هو محور الشخصية البجاوية، فإن الملامح الأخرى للشخصية تتمم وتكمل تلك الصفة مثل الصلابة والكبرياء وعدم الخضوع وأيضاً الجمود العاطفي.

    ومن خلال العرض السريع لفكر ومعتقد وشخصية البجاوي، نتأكد من أننا أمام شعب يحتاج لأسلوب وفكر خاص يساعدهم ويعينهم على التنمية التي تأخذ بأيديهم لركب التطور وفي الوقت نفسه لا تعرضهم لأزمة فقدان الذات والتوافق الطبيعي الذي حققوه مع البيئة والحياة الاجتماعية خلال ستة آلاف سنة. ومن هذا المنطلق أطرح تصوري لتنمية المنطقة بشكل متوازٍ من خطين. الأول يتم فيه استغلال وتطوير الثروة الحقيقية التي تملكها الصحراء دون استحداثها، والخط الثاني يتم بتنمية الشخصية البجاوية دون إلغائها أو تشويهها.


    حـيـاة الـبـجــه


    توجد بعض الاختلافات البسيطة بين البني عامر وبقية قبائل البجه الأخرى في نمط الحياة، خاصة المسميات، نسبة لإختلاف اللغتين التبداوية والبني عامرية. وسنورد أولاً ما يخص قبائل البجه الأخرى ثم نتبع ذلك بما يخص البني عامر.

    جاء في كتيب (نمط الحياة) من إصدار جمعية الثقافة البجاوية بالقاهرة حول نمط حياة البجه الآتي (للبجه في تجوالهم للرعي ثلاث رحلات، رحلة الخريف لمنطقة جنوب خور عرب ومشرق نهر أتبره وحول القاش وسيتيت (اللون الكبدي) ومداخل إريتريا وإثيوبيا ــ وتسمى (تَمارَ)، وفي الشتاء يتجه الرعاة إلى ساحل البحر الأحمر حيث موسم الأمطار وهناك تسمى المنطقة (قُنُب)، وفي الصيف يتجهون إلى أعالي الجبال وبطون الأودية في وسط منطقتهم حيث يكون الجو معتدلا وحيث تثمر الأشجار وتخضر وتتوفر المياه في الآبار، وهي المنطقة التي يستمر استقرارهم فيها أكثر من أي منطقة أخرى خلال تجوالهم وتسمى (دَامَرْ). أثناء ترحالهم ينقلون العروس (تُدُوبَا) أو المرأة الحديثة الزواج (قَيِت دُوبَاتْ) في هودج (أتفْات) على جمل أليف ويزينون الهودج بريش النعام والحرير والسكسك والودع ويعلق فيه جرس (كَلَأْ).

    تبدأ التحية عند الرجال بالسلام والمصافحة بالأيدي (تُو شُوبْ). وتسمى تحية النساء (تُ رْهَبَ). تصافح المرأة المرأة الأخرى باليد اليمنى مع وضع خدها على خدي الأخرى ثلاث مرات، تبدأ بوضع الخد الأيمن على الأيمن ثم الأيسر على الأيسر وأخيرا الأيمن على الأيمن. بعد المصافحة عند أي من الجنسين يدخلون في السؤال عن أحوال الطرف الآخر (دَبَيْ دِلْهَيْتْ) والتفاصيل الأخرى.





    المساكن

    يتخذ البجه بيوتهم من البروش والشمال وعيدان السدر والسيّال. يبنى البيت على ثلاث ركائز (هُمَّرْ) بأطوال مختلفة تسند على شعبة (فُوت) أمامية ووسطى وخلفية (رْادَايتْ فُ)، وتدق أربعة أوتاد (قَسَنِ). تفصل شملة بين سرير النوم (تَرَنيبْ)، وبين الجزء الخارجي (تيفُ)، ويسمى السرير الكبير (أمباجيب). وفرشة النوم (بأَدِيبْ) من الحصير وجلد الجمل (قَلُوتْ). يسمى اللحاف (دِلئِكْ) والوسادة من الخشب المنحوت (أُمِترْأَسْ) وفرشته (تُومبأَسْ) تصنع من الجلد، والبرش المزين (مَشكِيتْ). ويستخدم في زينة المنزل (تُ سَاكْوِ) السعف المزين بالشعر والحرير والودع والستارة الأمامية (ت هَبَرَ). الجراب الذي تخزن فيه الأشياء الثمينة يسمى (مِسْوَدْ). يستخدم الجزء الأمامي من المسكن كمجلس ويفرش بالبروش (باد) و(هلس) أو (بأيديب). ويخصص الجزء الأيمن (مَيْ قْوَدْ) لخصوصيات الرجل والأيسر (تَرَهَ قْوَدْ) للمرأة. وتبنى مضيفة صغيرة (اليكَ) خارج المسكن تعرش بلحاء الأشجار (أَتْفَ).

    الأدوات المنزلية

    يصنع البجه أدواتهم المنزلية من الفخار والأخشاب والحجارة ومن مشغولات السعف والصوف والجلود. فالمطحنة (المرحاكة) تصنع من الحجارة ويسمى (شقا الرحى) الشق الأسفل (تُورْيَ) والحجر (تِيَولابْ)، وكذلك يد الفندق (كُوتَنَ) ومقداحة النار (نِتَادْ) المكونة من حجر يدق عليه بحديدة على شكل سوار بيضاوي يمسك بقبضة اليد وله فتحة في المقدمة يبرز فيها طرفا السوار للخارج بشكل دائرتين صغيرتين. ويستخدمون ثلاثة حجار أثافي (دَقِينَاتْ) يضعون عليها إناء من الفخار للطبخ (تُو وْأَ). ومن الفخار يصنع أيضا إبريق القهوة والمبخر (تُوتْفَ)، وإناء العجن (كَلهُوتْ) وإناء البليلة (كَلِيوتْ) والأزيار والأباريق والركوة. ويصنعون من الجلود القرب (إسَرَ) وفرشة للدقيق أثناء الطحن (مَمَرْ)، و(تُ هَوَتْ) للسمن والحليب، و(هَلْبَتِ) للسمن والعسل، والدلو (تُ دِرْكْوَ)، والجراب (نَفِيتْ) و(مسود) وهو جراب كبير، و(إينِيسْ) وهي مساند الجمل، و(ت مِبْرَرْ) وتلقى على عنق الجمل عند ركوبه، ولزينة الجمل عند ركوبه (ت هََيْفُ)، وحزام ربط السرج على الجمل (قَارَتِيتْ)، ويزينون رأس الجمل بــ (هَسَكَاتْ)، و(تُ أَرْسِ) للفرش فوق سرج الجمل وتصنع من فروة كثيفة الصوف. ومن الجلود كذلك يصنعون الصنادل التي تشبه الصنادل الفرعونية في شكل سيور متعارضة، وغمد السيف (تُ بَرْشَمْ)، وجفير الخنجر (يَقْ)، و(أُهَبَ) وهو حزام عريض يلبسه الرجل ويضع فيه خنجره المسمى (سُوتال) أو (شُوتال)، وحزام الخصر لوضع النقود (كَمأَرْ)، ومحفظة النساء (تُ كِيسْ) والمصلايات. ويصنعون من الأخشاب قدح يسمى (كُوبَاتْ)، ومنه نوع كبير للضيوف (أُسْ)، والهاون (فِنتِكّوْ)، وسرج الجمل الأسود (إيكُورْ)، وسرج الحمار (تِكُولْ) والسلوكة (شَلّوكْ)، والملاعق الصغيرة (مْؤُيتْ)، لأكل البليلة، والملعقة الكبيرة (مؤي)، وأداة هز الشجر لإسقاط الثمر (هَايْتْ) لإطعام دوابهم، ومن الخشب أيضا يصنعون مقبض الخنجر (أَدِيرْ). ومن السعف ينسجون البروش الكبيرة (بأداب) والصغيرة (أتنيت)، ويصنعون أواني الحلب (أَمُولْتْ) و(كَفَلْ)، و(تَرْ) لنظافة الذرة، وحبل الدلو (أُنَوَرْ)، والمصلايات (سِيلِيِلنَيَتْ)، وعقال الجمل (تَدُو) وقد يصنع من الجلد أيضا. وينسجون من الصوف الشمل، وأنواع من الحبال وعنان الجمل (هَسَالْ) وحبل الدلو (أنور)، وحبال لتثبيت الخيمة واستخدامات أخرى (يَيْتْ)، والجراب (تُوِشْ)، ولحفظ الذرة أو الدخن (تُ أَرارَه)، وأكياس مزخرفة للحمل على الجمل (مُكْلاتْ) تتدلى على جانبه الأيسر.

    يوم من الحياة

    يقيم البجه مساكنهم في مناطق الآبار. ويبدأون يومهم بالصلاة ثم بشرب القهوة ثم يتناولون بعده وجبة الإفطار. يتكون أكلهم من عصيدة الدخن أو الذرة المغمورة بالحليب. يقوم الصبية من الجنسين برعاية صغار الماعز والضأن قريبا من الفريق. ويقوم الكبار برعي الإبل في المراعي البعيدة، حيث يطلقها ويجلس تحت شجرة يشرب القهوة ويعزف على الناي (أمْبِيلهُيْتْ) أو النآي (باسَنكْ). أما النسوة فيقضين يومهن في الأعمال المنزلية مثل، جلب الماء من البئر، استخراج السمن من اللبن، شرب القهوة، رمي الودع وتجهيز الغداء حيث يلتئم فيه شمل الأسرة.

    يختلف موعد حلب البهائم عند رعاة الإبل (إمِشْأرِ) عن رعاة الغنم (إيَتِيقَ) الذين يحلبون البهائم بعيد المغرب، ثم تطلق صغار البهائم لترضع المتبقي في ضروع البهائم. تربط البهائم الصغيرة عند أفول نجمة في الأفق الغربي (ت أباب هاكْولِ)، ومعناها الإجمالي النجمة التي تربط عند أفولها صغار البهائم. أما رعاة الإبل، فينيخونها حتى يتجمع الحليب في ضروعها (هـ أمْدِ). عندما تحن الإبل (أُنْأتِ) تصدر أصواتا (هـ أريِّتِ)، يتم حلبها على دفعتين. الأولى، بعد المغرب عند غياب نجمة المشتري (شْآمِدْ) أو (أمدُويتِ هَيُوكْ) وتعني النجمة التي تجمع الحليب في الضروع عند أفولها. يتم الحلب الثاني بعد فترة تسمح بتجمع الحليب في الضروع مرة أخرى. يهجع البجه للنوم مبكرين بعد العشاء إلا في المناسبات.


    الولادة ومراسمها

    تتم الولادة في البادية عن طريق الحبل. يربط حبل في الشعبة الرئيسية في المسكن (أُهُمَّارْ) لمساعدة الحامل على تحمل آلام الطلق ودفع الجنين إلى أسفل. تمسك الحامل بالحبل وتجلس على سرج الجمل (بَسُورْ) وتستند على إمرأة أخرى وتجلس إمرأة ذات خبرة باعتبارها مولّدة. بعد خروج الوليد، وربط سرته، يأتي الأب فيعمده بأن يؤذن في أذنه اليمنى، وينطق بإقامة الصلاة في أذنه اليسرى. بعضهم عند التعميد يقول الأب في أذني الوليد ما معناه، كن رجلا حامل سيف أو رمح أو درع، كناية عن الدفاع عن الأسرة والقبيلة. يسمي الأب بعدها ناقة أو جزء منها كهبة للوليد. يسمى ذلك (أتْفَاي وَاكْ) ومعناها قطع السرة. تأخذ المشيمة (أُهلاَسْ) مجموعة من النسوة يمشين في شكل زفة يغنون (ت أَمْنَايْ وأُورُوكْ إمُومِ يّكِ) من وإلى شجرة عالية تربط فيها المشيمة، أو ترمى في البحر إذا كان قريبا، هذا بالنسبة للولد. أما بالنسبة للبنت، فتدفن مشيمتها قرب الشعبة الخلفية من البيت دلالة على رجاء استقرارها في البيت. من طقوس ذلك اليوم، بعد ذبح الكرامة، التحنيك (تُ أكِيكَ)، ويقوم فيه شخص من الأسرة يكون معروفا بالشجاعة أو الكرم أو الورع بتذوق لبن بقصد مباركته ثم يعطيه للوليد قائلا كن شبيها بي أو أحسن مني (تَرُ تْئثيهِيب تَرُ هَيِسَهِيبْ). تقام السماية للمولود ذكرا كان أو أنثى في اليوم السابع. ويسمي الأب المولود. تدفن سرة الأنثى خلف البيت، للدلالة على رغبتهم في مكوثها في البيت. أما سرة الذكر فتدفن قرب مسجد رغبة في تدينه، أو ترمى في السيل رغبة في أن يكون خيّرا. يكون الختان في نفس اليوم للذكر. أما الأنثى فيتأخر ختانها قرابة الشهرين، ويكون فرعونيا ويفضل له يوم السبت، لإعتقادهم بأن الجرح سيلتئم بصورة أسرع مثل نطق السبت (تُو سب). تضع الأم مولوديها الأول والثاني في بيت أمها، وتظل هناك فترة تسمى (أمنوُيتْيَ) وهي فترة النفاس ولا تقل عن أربعين يوما لا يراها فيها الزوج وتذبح في نهايتها بهيمة صدقة ويحضر هدايا لزوجته وأمها.

    في التنشئة

    يتغذى الطفل إلى جانب حليب أمه بالزبدة والسمن. ومن العادات أيضا تعليق سيف، مسحوب قليل من غمده، فوق رأس الوليد، ويحتفظ بجرس (كلأ) يدق قرب الطفل الذكر في الصباح والمساء، وترسم على جبهة الوليد علامة زائد تسمى قدم الغراب (كِيكْآيْ رَقَدْ) لمنع الحسد عنه. وعندما يبلغ الطفل السادسة يرعى صغار الغنم مع أنداده ويلاعبهم، ويجالس الكبار ليتعلم منهم الرعي والفروسية والحكمة.

    ولا يدخل الصبي أماكن النساء. أما البنت فتكون مع أمها لتتعلم أمور البيت، ويحلق شعر البنت بحيث يبقى بعض الشعر في مقدمة الرأس وبعض آخر في المؤخرة على الجانب الأيمن، وقبيل بلوغها يحلق كل شعرها فيما يسمونه (أشكُوتْ) ويترك لينمو بعد ذلك. ويمشط الشعر عند البلوغ حيث يطلق على البنت (شِنْدَاويايتْ).

    أما الصبي فيحلق له في البداية مثل البنت، وفي سن العاشرة يترك له شعر في أعلى الرأس ويحلق الباقي، وعند بلوغه يحلق كل شعر الصبي ثم يترك لينمو ويجدل بعضهم الجزء الخلفي من الشعر.


    ألعاب الصبية

    منها ما هو معروف مثل (الاستخباء) والتي يسمونها (هَمَشَى أَنقلُوىْ)، ومعناها البعير الأعمى، والسباق، والمصارعة (ألوقَ). ومن ألعابهم القفز الطويل (تُو يَاسْ)، والرماية (هلب) أو (هَدوبابْ)، والمدافعة بقدم واحدة (أندويتْ)، والتهديف (أتميتْ)، ولعبة الحفر ونرد من عدد من قطع الخشب وتسمى (تُ سِدِّءِ).


    ألعاب البنات

    وتلعب البنت لعبة (كُلتابْ) أو (كْوندبيتْ) بسبعة أو خمسة حجارة وهي جالسة تلقي ببعضها في الهواء ثم تتناول التي في الأرض، وتسمى المرحلة الأولى منها (أبِسم) والثانية (أمْهيْ)، والعاشرة (بِيلَ)، والأخيرة (تَلوْ) أي البرق. ومن ألعابهن أيضاً القفز إلى أعلى في وضع جلسة القرفصاء (تِفِدئيتْ).


    طقوس الزواج

    يسمون الزواج (دُوباتيبْ)، ويزوجون أبناءهم وبناتهم في سن مبكرة، وهو من مهام الآباء، ويكون من داخل الأسرة وغالباً ابنة العم. وتقدم هدايا في الخطبة (سِليليتْ) أو (اْمسَيْتْ). وعند حفل الزواج يذبح حمل أبيض (إيلَ هُوب)، ويسمى اليوم الأول في الاحتفال (سنكواب). وتدق النسوة على الطبل. ويتم عقد القران (أُو سَفْ) مساءً، وفيه يدفع العريس الصداق الشرعي (تَمنَيْتْ). وقد يدخل العريس في شراكة مع زوجته (مِتلويبْ) بدفع قدر صداقها. أما المهر العرفي، ففيه تأخذ أم العروس ناقة أو قيمتها، ويأخذ الأب جملاً (قِرْمايْ أبِكِ كَامْ). كذلك يدفع العريس من 6 إلى 12 معزة أو نعجة (قَوِيتْ نْأيْ) أي مراح البيت، ويهب اسمياً سبع من الأغنام للسيف وسبع للدرع وسبع للحربة. ويمنح الضيف الذي من قبيلة أخري تكريماً له الجانب الأيسر من البهيمة (قّودبْ). يلبس العريس شال أحمر على رأسه (أُسبيبْ) أو (أُدوبْ)، وعقد نسائي من الذهب (مِسكيتْ)، ويلبس في يده اليمنى سوار من الفضة (كِوليلْ) وسوار من السعف في يده اليسرى كما يلبسه أصدقاؤه (دُوباي أَرْ). ويحمل العريس سيفاً ويلازمه إثنان من أصدقائه الشبان، يفضل أن يكون أحدهم متزوجاً.

    يسمى اليوم الثاني في العرس (تَمِبْرْ) أو (تَمرتْ)، وتذبح فيه الذبائح ويدقون على الـطبل مصحوباً بأغاني الفروسية وسباقات الهجن، إلى جانب العروض الأخرى مثل رقصة العنق (كويت)، والرقص بالسيف والدرع (أدريت)، والقفز (بيبوب) وعزف الربابة. وهناك أيضاً رقصة الفروسية (هوسييت) بالسيف والدرع. وفي المساء تغني النساء على إيقاع الـطبل بحضور الزوج في البيت الجديد. وتزف العروس لزوجها فيلمس جبينها (تروت تهْ) فيتلو بعض الآيات والدعوات.

    في اليوم الثالث أو الخامس تذبح الذبائح، وتستمر الاحتفالات لكشف رأس العروس (قِرماي نِقول). ويدخل العريس المنزل ويخلع عنه أصدقاؤه المنديل الأحمر وينزع السوار والعقد ويوضع الشحم على رأسه ويتدهن الحضور بـ (الودك) وهو الشحم و(ضريرة) وهي خليط من مسحوق من جزوع الشاف والصندل، وضريرة النساء يضاف لها المحلب ومسك وجوزة وظفر وبعض العطور المخلوطة بالصندل. وتجلس النسوة عند مدخل البيت ويجلس الزوج وأصدقاؤه بالداخل حيث تدور حوارات طريفة بين الفريقين. في اليوم الرابع يهدمون بيت الزوجية ثم يعيدون بنائه بشكله النهائي. ولا يعاشر الزوج زوجته تلك الليلة. وبعدها تأتيه بعد صلاة العشاء وتخرج بعد صلاة الصبح وهكذا حتى تضع الزوجة.

    عند بعضهم، تتم مراسم كشف الرأس في اليوم الثالث ويذهب العريس بأصحابه (دوباي آر) بعيداً ويذبحون بهيمة يغطون من شحمها رأس العريس، ويبيتون هناك بعد خلع المنديل والسوار. وفي مساء اليوم الرابع يأتي العريس وأصحابه للبيت الجديد. وتستضيفهم النسيبة. ويغادر الأصحاب صبيحة اليوم الخامس ما عدا إثنين منهم، يتركونه في المساء. وبعد أسبوع يغادر العريس لمنزل أبيه وهو لم يقرب عروسه قط. ويعود بعد سنة.






    الحمل

    لا تظهر الحامل حملها حتى لأقرب الناس إليها، وتستشفه والدتها. ومن ثم تحرص النساء على القيام بالأعمال المنزلية نيابة عنها.


    الـوفـاة

    تتم مراسم تحضير الجثمان للدفن وفق الشريعة الإسلامية، ولا تخلو من عادات قديمة جداً، إذ يحرصون في بعض المناطق على الغسل بلحاء السدر. وأثناء ذلك إذا كان المتوفى ذكراً، تجهز النسوة قدحاً كبيراً من نبات القرع (كبور) وتطرق النسوة عليه وينتحبن وينثرن التراب على رؤوسهن ويعددن مناقب المتوفي، وتلبس قريباته ملابسه (أُ ــ هبل). وتستمر المراسم ثلاثة أيام حيث ترقص قريبات المتوفى بالسيوف وهن يرتدين ملابسه (مِستهْ). وإذا كان المتوفي شخصاً له أهمية خاصة، تضاف النقارة للمراسم، وتطوف النساء بمكاتب الدولة بالسيوف المسلولة. وفي المأتم لا تقدم القهوة أولاً كعادتهم، بل يقدم الطعام ثم بعده القهوة. ولا تبارح الأرملة بيتها، فترة العدة الشرعية، وترتدي ثوباً أبيضاً وحذاءً قديماً ولا تتطيب ولا تستحم إلا أيام الجمع، ويصفف شعرها في ضفائر غليظة (كيدوب). ومن عاداتهم ألا يبكوا ولا يفرشون على من مات مقتولاً، حتى يقتل قاتله. ويهدمون بيت المتوفى ويعيدون بنائه بعد الأربعين وبعد قلب بروشه.


    أسـلـحتـهم

    يكنونها (تِين)، تحاشياً لذكر اسمها المباشر وتعني الكلمة (الأشياء). وأسلحتهم هي السيوف والرماح والدروع والخناجر والعصي، وتشتهر أربعة (تين فدق) وهي السيف والدرع والرمح والعصى. ويسمى السيف (مأدد)، ومن السيوف المزين بالفضة والحرير (أوكار)، والطويل ذو النجمة (أ ــ سليمان)، والذي عليه هلالان (إيراب نافيب)، إضافة إلى (متكور) و(دامشا). ويسمى الرمح الحديدي (تُ نِديتايْ)، وغيره (هِندياي) و(جِسر يَاي) أو (يِسرياي) ويكون من الخشب ونصله من الحديد. والدرع عندهم دائري من الجلد مع بروز في وسطه لقبضة اليد التي تلبس بالحديد. والدروع ثلاثة أنواع هي: (كُربياي) وهو سميك وأثقل وكان يصنع من جلد الفيل، والثاني (داشكاب) ويصنع من جلد التمساح، والثالث (تُ ايسنتياي) ويصنع من جلد فرس البحر، وهو أكبر ممن سبقاه، ويوجد أيضاً نوع آخر يسمى (أقباياي). وتسمى العصي الجمع (كوليات)، ومنها (رَبَ كولي) وتكون ضخمة وطويلة مستقيمة، وتصنع من شجر السلم (دَلاو) أو من شجر (لشم) أو (زُو نهِ) وهي عصى لا تقطعها السيوف. أما الـ (بلبل) ويعرفه البعض بالصبروب فهو مقوس حاد الجانبين يصنع من السلم. وتنقسم الخناجر إلى ثلاثة أنواع. الأول (هنجر) ومقبضه من الأبنوس ورأسه مقوس. والثاني (هُوست) ويقل تقوسه عن الأول وهو أصغر الثلاثة. والثالث (شوتال) ويكون ضخم رأس النصل محدودباً.


    عادات بني عامر

    من رسالة ماجستير بعنوان (طقوس العبور عند قبيلة البني عامر)، للأستاذ إبراهيم صلاح الدين إبراهيم آدم (أكتوبر 1996).

    (إن الموطن الحالي لهذه القبيلة هو منطقة ريفي كسلا ومنطقة ريفي توكر. وينقسم السكان في منطقة ريفي كسلا إلى قسمين من حيث الموقع، فهناك مناطق وقرى في شرق القاش وهناك مناطق وقرى أخرى في غرب القاش إذ أن مجموعة كبيرة من السكان تنتمي لقبيلة البني عامر مع وجود مشاركة بسيطة من القبائل الأخرى من القبائل مثل الهدندوة والأرتيقة والرشايدة والتكارين.

    ومن قرى شرق القاش التي تسكن بها هذه القبيلة: ود شريفي، ود شريفي غرب، المشاريع، الرديف، شنبوب الاستراحة، سلكياي شرق، الماريا، دار السلام، عواض، قلسة، أب حشيلة، فرجول، عد يعقوب، عد الهشيت، دمن، جبل هورة، حلة موسى دبت، كرتيّ، حلة موسى، قديياب، أب علقة المدرسة، سلكياي غرب، تل أويت القاش، بيت بعشو، حمد شيخ قموت، سبدرات عد شات، سيدنا عبد الرحيم، عد قيء وعد كلو، عد ايدان، سبدرات، عد أقلوب، حفرت سبدرات، شللوب، كراييت، عد عمر، ود شريفي المشاريع، عد همجور. ومن قرى غرب القاش التي تسكن بها هذه القبيلة: كموياي، تاجوج شمال والهوسا، السبيل بني عامر شرق، سرسور الجديدة باشكاب، اللفة، تاجوج جنوب، عمارة، عدادات وعد أقلوب، عد فضل وآدم بشارة، الجيرة، دبل أويت غرب، دبل أويت شرق، المشعليب، عجيليت، أب روف، سروبياي، أبو جمل، سرسور الجديدة، سرسور القديمة، دبل أويت المدرسة، السبيل بني عامر غرب.

    ومن قرى منطقة جنوب توكر، التي تعتبر منطقة خاصة بهذه القبيلة،: مرافيت وعقيق وعدوبنه وعيتربه وعيت وعدارت وعقيتاي وقلهنتي ورِّكب وعندل وقرورة إلخ.


    دورة الحياة عند قبيلة البني عامر

    الحمـل

    تختلف مرحلة الحمل حسب حالة المرأة ما إذا كانت بكراً أو ثيباً. فالأولى تخفي حملها عن زوجها كنوع من الدلال، وأول من يعرف هي أمها. ويعرف الزوج بعد ظهور الحمل. ومن طقوس الحمل المشتركة بين البكر والثيب، اطلاق عبارة (الولد تحنن) أي أن الجنين قد دبت فيه الروح، ويشعرون ويخبرون الأهل والعشيرة بأن هناك حمل، وذلك بطهي البليلة أو ذبح كبش أو بهيمة. وتهتم الأم برعاية ابنتها الحامل. وفي الشهر السابع تقدم عصيدة دقيق الذرة والروب للصديقات والقريبات اللائي يساعدن في تمشيط وتسريح الحامل. في الشهر التاسع تربط الحبة السوداء تعويذة ضد الحسد. ولا تخرج الحامل من البيت ولا تقابل أهل زوجها وإذا رأت والدته تغطت منها. ترتدي الحامل ملابس بكل الألوان ما عدا اللونين الأبيض والأسود. تخصص للحامل مرافقة خاصة لها، وفي كل يوم تعد لها وجبة من (مديدة) السمن وعجينة البلح وعصيدة من دقيق الذرة والروب، ويشمل الغذاء عادة السمن والعسل واللبن واللحم. وتهتم أم الحامل برعايتها وتغذيتها نسبة للمخاطر التي تحف بعملية الوضوع مع تعقيدات الختان الفرعوني وسوء التغذية أثناء فترة الحمل حيث ينتج عنه نقصاً حاداً في نسبة الحديد والهيموجلوبين في الدم، وهذه عوامل مشتركة في كل نساء البجه حيث يقضين بسببها. وتقدم لها وجبة خاصة (القشيشة) وتتكون من الذرة أو القمح الذي يطحن في المطحنة (المرحاكة) ثم يعجن ويصب عليه السمن أو اللبن. إذا تم ذبح أي ذبيحة في القرية يرسل منها جزء للحامل للاعتقاد بأن هذا يجنب سقوط الجنين قبل موعد ولادته. ويقدم للحامل قبل الوضوع ماء يعزم عليه شيخ بقراءة المعوذتين والإخلاص وآية الكرسي وسورة ياسين ليسهل لها الوضوع استشفاءً بالقرآن الكريم.

    الميـلاد: يمر الميلاد بمرحلتين أساسيتين

    أولاً: لحظة الميلاد (الوضوع)

    هناك قابلة تعرف محلياً بـ (الداية) وتكون لها خبرة طويلة ومعروفة في المنطقة وتسمى (داية الحبل) هذا بالنسبة للريف. حيث توضع الحامل على سرير خشبي كبير يسمى (أرقي سفدي). ومعلق من فوقه حبل كي تمسك به الحامل أثناء الوضوع ليساعدها. وتضع المرأة دائماً في بيت أمها ويكون معها القابلة (الداية) والأم وأخواتها، ولا يمكن للنسيبة الدخول معهن في الغرفة مهما كان السبب.

    يربط للنفساء ما يسمى (الكجرة) أمام السرير وهي ستارة. ويعلق جرس في مدخل الغرفة وذلك كتعويذة من العين. وتوقد كل مساء خارج البيت نار لمدة أربعين أمسية، للمولود الذكر فقط، كذلك هناك تعويذات ونذر لأجل المرأة الوالدة إذا وضعت بالسلامة. ومن العيب أن تصرخ المرأة أثناء الوضوع مهما كان الألم شديداً. ويذبح لها في ذلك اليوم بهيمة (أبات أبات) وتعني بهيمة بلغة البني عامر، وهي بمثابة صدقة. ويستخلص من اللحم حساء يقدم للنفساء ولا يقدم لها اللحم وهذا يساعدها على إخراج المشيمة. ولا يسمح للرجال بمقابلتها إلا بعد أن تخرج بعد أربعة أشهر. ويستعمل الكحل في رسم علامة الخلود لدى الفراعنة على جبهة المولود بعد ثلاثة أيام من ولادته وتسمى التحميدة. ويؤذن كبير العائلة في أذن المولود. وإذا تعسرت الولادة تذهب أم الحامل إلى شيخ ديني وتطلب أن يشفي ابنتها بالقرآن الكريم حيث يدعو لها ويعطيها (محاية) (الماء الذي يمحى به لوح القرآن) لنصوص من القرآن الكريم. ولا تذهب الواضع إلى بيت الزوجية إلا بعد مولودها الأول، لذا بعد فترة (النفاس) لا بد أن يقدم الزوج ذهباً أو مالاً أو ملابس ويكافيء المرأة التي قامت بخدمة زوجته ثم بعد ذلك يسمح له بأخذ زوجته إلى بيته.

    في فترة ما بعد الوضوع، تخلع المرأة كل ما إرتدته من زينة وتلبس زينة من السعف (سعف الدوم). وبعد ذهابها مع زوجها تقدم وليمة صدقة تكون عادة عصيدة من دقيق الذرة أو القمح (القراصة). تخرج مع زوجها في جنح الظلام، وإذا كان المكان بعيداً يمكنهما الخروج في الصباح الباكر، وذلك كي لا يراهما الناس وهذا عُرف متبع.


    ما يُفعل للمولود

    إذا كان المولود ذكراً تزغرد النساء (إعلال)، سبع زغرودات. أما إذا كانت أنثى فلا يزغرد لها، وهناك تفرقة واضحة بين الجنسين من المواليد. ويلبس المولود أدوات زينة مثلاً من الفضة عند المفاصل والعنق، ويعتقد بأن الفضة معدن نبيل يقي من الجنون والأرواح الشرّيرة. وبعد أسبوع من ولادة المولود، من الجنسين، يعلق له حجاب (السِبْعَاتْ) وبه آيات من القرآن الكريم. ويعلق به أيضاً مادة خشبية قوية مكسية بالجلد وفي داخل الجلد مادة مُطهرة وذات رائحة زكية وتتكون من نبات (النقيع) والمحلب. والغرض منها أن يعضها المولود حتى تقوى لثته وتنمو أسنانه. وتزين المولودة بالخرز (السكسك) و(الديبيريت). بعد أن يرضع المولود أول رضعة له يسقى مادة شديدة المرارة لتساعده على الهضم، وتستخلص من نبات (جابُر).

    كان أهل القبيلة في الماضي يثقبون أذن المولود الذكر ويلبسونه حلقاً من الذهب بوزن شعره الذي يحلق. أما الأنثى فينضد لها عقد من حجارة كريمة (السوميت). ويدهن ويمشط شعر المرأة النفساء ويكثروا لها من اللبن والسمن والمديدة (مشروب كثيف من الدقيق) والحساء تحت إشراف والدتها. وإذا كانت النفساء لا ترضع تحل محلها الأخت أو إحدى قريباتها. في فترة ما بعد الولادة مباشرة (الحُرُس)، فإن الأواني التي تستخدمها النفساء لا يستخدمها أو يمسها شخص آخر. هناك بعض الأصوات التي يتشاءمون منها في الأيام السبعة الأولى مثل صوت الحمير والبوم. فإذا حدث هذا تقوم أم النفساء بأخذ عصى وتضرب بها شعاب البيت سبع ضربات، وفي نفس الوقت يتفاءلون ببعض الأصوات مثل صوت الديك. وفي بعض الأحيان ترمي أم النفساء بشيء من الجلد أو القماش كنوع من الحماية والتفاؤل للمولود الجديد. وكان في الماضي يتم كي المواليد في صدورهم بعد أسبوع أو شهر من الولادة لمداواة السعال ولاعتقادهم بأن المولود سيكون شجاعاً.


    ثانياً اختيار الاسم (السماية)

    تتم تسمية المولود بمشاركة جماعية من أهل القرية أو المنطقة. وأول شيء يعمل للمولود، هو حلاقة شعره بالموسى (العقيقة) وهي سُنة، وذلك بواسطة أحد الأطفال، شرطاً وجود أبواه على قيد الحياة. فإذا لم يستطع الطفل الحلاقة لخوفه أو اضطرابه، يضع الموسى على رأس المولود، ويجيء أحد الأشخاص الموثوق بدينه ونقاء سريرته فيكمل حلاقة شعر المولود. ولا يهمل الشعر المحلوق قط، بل يؤخذ ويوضع في قطعة من الجلد بها سعفة وعود (شنكي باي) ويعلق على الخيمة أو البيت. تنصب العصى إلى أعلى إذا كان المولود ذكراً، أما للأنثى فيكتفى بتعليق الشعر فقط.

    إذا لم يكن للأب أو الأم اسم معين لمولودهما، تؤخذ سبع ورقات من شجر العشر ويكتب على كل منها اسماً مختلفاً. ثم ينادى على صبي يشترط أن يكون والداه حيان، فيختار واحدة من أوراق الأسماء ويكون ساعتها الأطفال مجتمعين وأياديهم متشابكة، ويعطونهم لبناً وماءً وذرةً وقشاً، ويرشوها بالأيادي على النار. وبعد أن يختار الصبي الرسم يجري الأطفال في إتجاهات مختلفة معلنين الاسم قائلين: إذا كان الرسم محمد مثلاً يقولون (محمد لعبيب) أي محمد كبر، أما بالنسبة للأنثى فيقولون مثلاً (فاطمة تعبي) أي فاطمة كبرت. وفي بعض الأحيان ترجع النسوة إلي الشيخ الديني، ويسألنه عن الاسم، فيقول لهن في اليوم كذا سمّوا كذا ... وهلم جرا، ولكن ليس هناك اسم محدد لكل يوم ولكنه ضرب من التفاؤل. وفي الغالب يكون الأب مسؤول عن التسمية، ويسمون في الغالب على أسماء الرسول (ص) فنجد أن كل الأخوة في العائلة الواحدة يحملون اسماً مركباً يبدأ بمحمد، مثل محمد سليمان ومحمد علي إلخ، أو يسمون بأسماء الأنبياء الآخرين أو الأباء والأجداد أو الأبطال والفرسان والشيوخ الصالحين. ولا تذكر المرأة اسم والد زوجها احتراماً وتوقيراً، حتى ولو سُمي عليه أحد أبنائها فإنها لا تناديه إلا بلقب أو كنية.

    وتذبح ذبيحتان إحداهما للتسمية والأخرى صدقة. ويذبح خروف التسمية في حفرة، وكل مخلفاته وعظامه تجمع وتوضع في الحفرة ثم تغطى. ويذهب عادة خروف التسمية إلى النساء ويطهى لحمه لوحده. ولا يسمح بإلقاء أي عظمة منه خارج الحفرة حتى لا تأكلها الكلاب إذ يعتقدون بأن حفظ العظام حفظ على سلامة المولود، لذا يقدم خروف التسمية للنساء لأنهن أكثر حرصاً من الرجال على العادات. ويفطم عادة المولود بعد عامين وأول سقاية له تكون من حليب الماعز وذلك في فنجان صغير أول الأمر. وبالنسبة للمولودة الأنِِثى فإنه يكتفى بالسماية دون الطقوس الأخرى.


    التنشئة والإعداد

    ينشأ الأبناء الذكور مع أبيهم، والبنات مع والدتهن. ويأكل كل جنس لحاله. أما إذا كانوا صغاراً في السّن فلا مانع أن يأكلوا مع بعضهم البعض. وفي كلتا الحالتين لا تأكل الأم مع زوجها وهذه عادة قديمة. ويصاحب الطفل جده وهذا يساعده على تفسير الظواهر الطبيعية والحكمة وما يتعلق بحياته. ويذهب إلى الخلوة ثم إلى رعي البهائم عند سن العاشرة، ويدرب على الفروسية واستخدام السيف والدرع والحربة وركوب الخيل والجمال. وتهتم الجدة بالبنت، ويمكن أن ترد الماء وتجلب الحطب عند سن العاشرة، وبعدها لا تخرج إلى أي عمل إلا بمصاحبة أمها أو جدتها.

    عند وصول سن البلوغ، يكون للولد خيمة منفصلة ينام فيها، وعادة ما يجتمع أبناء الحي ليلاً للنوم سوياً منفصلين عن أهلهم. ويتابع الولد والده في كل تحركاته وأعماله لمساعدته والتعلم منه. أما البنت فتمكث مع أمها لتتعلم الأعمال المنزلية. ولا تستعمل الزينة قبل الزواج إلا الزمام (نقليب) الذهبي أو الفضي، حيث كان يثقب أنف البنت في الماضي. وكان خصر البنت يربط بحزام من جلد الماعز ليضمر ولا يسمح لها بالنوم على ظهرها حتى تكبر عجيزتها. ويستعمل للشعر دهان يسمى (الكاركار).


    الختان (كشبو)

    يسمى الختان بالتقرية (كشبو). ويترك شعر الولد المختون لينمو في كل مساحة الرأس، أما غير المختون فيحلق الشعر من الأطراف لتترك جزيرة من الشعر في الوسط وتسمى هذه الحلاقة (قست). وكان الأولاد يختنون في سن الرابعة، ومنهم من يختن بعد سن البلوغ، ولكن الآن يتم بعد السماية. ويختن الولد على ظهر سرج بعد أن يكون قد استحم وفطر من عصيدة الدخن المخلوطة بالسمن لكي يقوى على تحمل ألم الختان. يحاول الأب والأخوال والأعمام التخفيف على الصبي بوعده بإعطائه الناقة الفلانية والبقرة الفلانية، وينادونه فارس، فارس لك (كبيل أو بهيري) وهما نوعان من النوق. ومن ألفاظ تشجيع الصبي (أرييب، ادّال، شاري). وتؤول البهائم التي وهبت للصبي إلى ثروته ويسمها بوسمه. وبعد الختان يُحمل الصبي إلى الخارج ويطرق سبعة أبواب منازل برمحه، ثم يلبسونه بعد ذلك (تكت) عقد (السوميت) وهو حجر كريم يعتقد بأنه يخفف الألم ويهيل الجراح، وبه حلى من الفضة وتصنعه النساء. ترتدي أم الصبي المختون جلدة ختانه في اصبع قدمها الكبير حتى تجف وتسقط لوحدها. أما البنت فتختلف عادات ختانها. وتختنها القابلة على الختان الفرعوني الذي يفرز متاعب ومخاطر كثيرة في المستقبل.


    الزواج (هداي)

    يعتبر الزواج من أهم العادات بالنسبة لوالد العريس، إذ أنه المسؤول عن زواجه من حيث التقدم للخطبة والتكاليف وربما الاختيار أيضاً. وفي الخطبة يتم تقديم هدايا ونقود وثوب أبيض (ساكوبيس) لأهل العروس. ولا يرى الخاطب خطيبته وتتوارى عن أنظاره إذا صادفته في مكان ما. ويكون بيت العروس من سبعة بروش. وهناك أشياء من مسؤولية العروس تجهيزها مثل، أواني المطبخ والزينة و(الكرار) برش عليه نقوش و(المفاقر) قماشة مثل المصلاة. والسرير على العريس، ويكون من جريد شجر الدوم، ويجلد بجلد الماعز الناعم وتنسجه النساء ويستغرق هذا وقتاً طويلاً.

    تسمى الخطبة (فريه)، الزهرة، أو (حطاي). وتقدم الهدايا للعريس من النوق، كما تقدم للخطيبة ناقة هدية. وخلال فترة الخطوبة لا يأكل الخاطب مع نسيبه. ويرتبط موعد الزواج بالنجوم. ويمتنعون عن الزواج في عيدي الفطر والأضحى وشهر رمضان وصفر وأيام الجمع، ويتزوجون في الأيام التالية من الشهور الهجرية: الثالث والسابع والتاسع والثالث عشر والخامس عشر والسابع عشر والتاسع عشر وذلك تفاؤلاً بهذه الأيام لأنها آحادية. بعد الخطبة تجهز العروس الهودج (الباشور) وتتبخر بالكثير من الدخان (تَسُس) وهو نوع من الأخشاب. وتتخذ العروس وزيرة (دلت مسو)، والعريس وزيراً (ماداي).

    من أدوات زينة العروس، الحجول، و(مروت بيسوت) وهو من الذهب يلبس على الجبهة، والزمام (فاي أنف) والزمام الصغير (مدليت)، و(شلاشل) ومثلث من الذهب، وقلائد على العنق (برقناب) و(دعفت)، وعلى الرأس تضع (تليكيت) بها خرز وأحجار كريمة (تققُوت)، وحزام من الجلد والخرز (دبيريت).


    المـهـر

    هو الصداق، ويكون خمس أو سبع أو تسع بقرات. بالإضافة إلى الهدايا الأخرى (وقرات). ويتلقى العريس في معظم الأحيان مساعدة أقربائه، إذ يهبونه النوق والأبقار. ويتم تقسيم الأبقار بين العروسين، فتأخذ العروس أربع بقرات، ثم ثلاث أخرى إضافية يسهم بها العريس فتصبح الثروة مشتركة بينهما. أما إذا قدم العريس في الصداق، ثلاث نياق فقط، فلا يحق له مشاركتها فيها.


    ملابس العريس والإحتفال

    تتكون ملابس العريس من جلباب قصير (عراقي) وسروال طويل وصديرية وعمامة وحذاء ويرتدي في يده اليمنى سواراً (فكت) من السعف. ويحمل العريس سيفاً لمدة أسبوع. وتقام الاحتفالات لمدة أسبوع، ويرقص الرجال والنساء منفصلين عن بعضهم البعض. ويرقص الرجال رقصة السيف و(بيبوي) و(ياسيت) و(دينات)، والمبارزة بالسيف والدرع.

    من الأشياء المرتبطة ببيت الزواج، بيت البرش (بيروب). ويتكون من سبعة بروش مقلوبة وبها علامات مكتوبة بالدم. ويقوم طفل حي الأبويين بهدم البيت الأول، ويسمى (انقال هديب)، ثم يبنونه ثانية ويسمى (دلالة). تزف العروس إلى بيتها الجديد على هودج، ويسمى عطفة. وتكون بداخله أشياء العروس ومنها: مكحلة، وإناء (قلع)، وسلة من الحبال للتعليق (مشلعيب)، ووسادة (مطرأسيت)، وسلاسل للعطفة (نفايات)، وأساس البيت (فوت)، وحبل (مسرط)، وشعبات (تاكيات)، وأوتاد، وعمد (طمد)، وبرش مزين (كرار)، وطست (طيشو)، وإناء لحلب البقر أو النوق (عمور)، وإناء لحلب الأغنام (إفا)، وإناء من السعف (حروم)، ومعشر أو خلال، وسيف ودرع.

    تكون الدخلة بالعروس (بيئيت) بعد عام من الاحتفالات، وهي مهلة تستعد فيها العروس لحياتها الجديدة. تتغير طريقة تصفيف شعر العروس عن الفتيات وتعلق حلية من الذهب (شريفييب) برأسها، وترتدي في خصرها حزاماً مزيناً بالسوميت (حقو)، كذلك ترتدي وزاراً (قرباب).


    المـوت

    يذكر البنو عامر الموت طوال الوقت لإيمانهم بأنه حق آتي، بالإضافة إلى ما يحدق بحيواتهم من مخاطر. ويقومون بتجهيز الأكفان ووضعها على أهبة الاستعداد لأنهم في حالة ترحال دائم. ولديهم مقابر جماعية ومن النادر أن يدفن متوفى في منعزل. وبعضهم يضع حجارة بيضاء تضيء ليلاً على قبر القتيل الذي أخذ ثأره. ويتم تحضير الجثمان والدفن وفق الشريعة الاسلامية. وأثناء المأتم، تقوم النساء بالنحيب والعويل، ويهلن التراب على رؤوسهن، ويحلق بعضهن شعورهن، كما يرتدين الخيش. وترقص بعض النساء بالسيوف وهن يرتدين ملابس المتوفي على إيقاع طبول النساء. وينشدن أنا معك حتى الموت (قوكان ليكو)، وأنا خرجت من أهلي (عديّ فقر كو). وللصغير ينشدن (قطعت مصاريني) (أنبحي قاكن كو). تخرج الجنازة من الباب الخلفي، وتتبعها النساء النادبات من بعيد.

    ينشر خبر إعلان الوفاة بواسطة المناداة من على قمم الجبال حيث يتناقله الأفراد من قمة إلى أخرى. وقد تمتد فترة الحداد من أربعة أشهر إلى عام يمشي فيها بعضهم حفاة الأقدام، كما يؤجلون أي زواج لعام كامل. ويقوم بعضهم بزيارة القبور وتوزيع الصدقات) ا. هـ.


    حـرفـهم

    البجه رعاة إبل وبقر وماعز وضأن. ويمارس بعضهم الزراعة في الأودية والمشاريع الزراعية. ويعمل بعضهم في الحرف الصغيرة والأشغال اليدوية مثل المنتجات الجلدية ونسج السعف والصوف، وغالباً ما تمارسها النساء، وكذلك يصنعون الفخاريات والسكاكين والسيوف والدروع ويتاجرون في اللبن والسمن في المدن. وبالرغم من وجودهم على ساحل البحر إلا أنهم لا يأكلون مستخرجات البحر ولم يمتهنوا صيد السمك أو الإبحار إلا قليلاً.






    أسلوب حياة البجه

    التكيف مع البيئة

    يتسم تكيف البجه المعاصرين مع بيئتهم شديدة التقيد، بالإدارة النفعية لقاعدة موارد تتسم بالتقطع والتناثر الواسع والتشتت المتباعد. وهي الآن وإلى درجة كبيرة ذات ما كانت عليه على مدى قرون مضت، حتى لو كان نطاق الهجرة أقل بفعل المشاريع الزراعية وغيرها. ولا يزال السهل الساحلي "القنب" يلعب دوراً هاماً بوضعه ملتجأً شتوياً للرعاة، كما تلعب الأودية والتسرب في الأجزاء الوسطى (مثل أودروس وهدرباب) دوراً هاماً كملتجآت صيفية للماشية الجالحة والكالئة وداخل مجاري الوديان توجد مجموعات أشجار ومياه مصدرها المياه السطحية.

    الأسرة البجاوية

    تتكون الأسرة البجاوية من الزوج والزوجة والأطفال وربما الجد أو الجدة وأخت أرملة وغير ذلك. وترتبط الأسرة المعيشية المتكونه من وحدة عائلية بموردين إنتاجيين أساسيين. قطعان الماشية، والأرض من أجل زراعة الذرة أو الدخن ولرعي الحيوانات. ويشكل هذان النمطان لاستخدام الأرض جوهر التكيف الرعوي الزراعي في المنطقة. وبما أن الوحدة تعمل داخل سياق اقليمي يسود فيه العمل الحضري والمأجور والعمل في المشروعات الزراعية الحديثة نراها أيضاً تتجه صوب توظيف عملها في هاتين الجبهتين. وعلة ذلك أن التأثير الناتج عن الجفاف، مع تزايد الطلب على المنتجات الصناعية الاستهلاكية مثل السكر والقهوة والملابس وغير ذلك من السلع، يقلل باضطراد من قدرة الاقتصاد الرعوي على تلبية الاحتياجات وبالتالي تجبر الأسرة المعيشيه على تكوين دخل نقدي عبر الاتجاه للعمل داخل النظام الإقليمي، حتى يمكنها تلبية احتياجاتها الأساسية.


    المرأة

    ينظر للمرأة البجاوية كتابع خاضع للرجل. فالمرأة هي التي تقوم بمهام رعاية أطفال الأسرة المعيشية وإعداد طعامها ونسج الحصر، علاوة على بناء الخيمة في الترحال. وتساهم المرأة البجاوية أيضاً بشكل مباشر في دخل العائلة، من خلال إنتاج وبيع منتجات الألبان وبيع القهوة والحصر التي يصنعونها. ومع الزيادة في هجرة الذكور بحثاً عن العمل، وجدت النساء انفسهن في وضع المسؤول الوحيد عن توفير احتياجات الأسرة. (تزداد هذه كظاهرة لذا يجب حماية ومساعدة النساء بتوفير العمل الشريف لهن ليساعدن أسرهن، المؤلف).

    الاقتصاد التقليدي للبقاء

    إن البجه يعيشون في سياق يمكنهم من تدعيم وجودهم والمحافظة عليه داخل نظام إنتاجهم التقليدي. فهم يعتمدون على المكانة الاقتصادية لآبائهم، الذين يمنحونهم الماشية خلال حياتهم، ثم يرثونها بعد مماتهم. كما يعتمدون أيضاً على سياق علاقات اجتماعية أوسع، تشكل ظاهرة المشاركة في الحيوانات جزءاً هاماً منه، ويساعد الأهالي على الحفاظ على قدرتهم على البقاء اقتصادياً. ويضاف إلى ما سبق وجود عوامل متأصلة داخل الوحدات الإنتاجية، مثل عدد الأطفال ونوعهم وعمرهم، ويؤثر هذا على قدرتها لادارة الموارد التي تملكها.

    تمثل الأرض الأصل الإنتاجي الثاني الهام لدى البجه. يزرع الصغار الأرض مع ابائهم، وعندما يتزوجون يمنحون مزارع خاصة بهم. وقد يقرر البعض الهجرة بحثاً عن حرفة جديدة. إن العمل الزراعي أكثر فردية من العمل الرعوي، والعائلية أكثر اعتماداً على عملها الخاص، هذا رغم وجود مؤسسة العمل الجماعي (كوبن) لدى البعض مثل الهدندوة.


    التكافل السلفي

    عندما تخسر إحدى عائلات البجه ماشيتها، يمكنها تعويض خسارتها باستعارة ماشية من إحدى العائلات الثرية. وتتخذ تلك الاستعارة شكلين، شكل النقل التام الكامل لملكية الماشية. وهو ما يعرف باسم (تيت)، وشكل نقل الملكية بوصفها قرضاً وهو ما يسمى (دنقيت) حيث يستفيد المقترض من المنتجات فقط دون الحيوان.


    العمل التعاوني السلفي

    يمكن عادة للفرد البجاوي في حالة احتياجه أن يحصل على العمل من خارج نطاق العائلة، عبر استخدام مؤسسة العمل التعاوني (كوبن)، التي يمكن عبرها من تعبئة أعضاء البدنه وغيرهم من الجيران من أجل أداء أعمال زراعية معينة. وعلاوة على ذلك يستطيع ملاك الأرض اللجوء إلى تنظيمات المشاركة في المحصول، وتختلف نسبة المشاركة التي ينص عليها الاتفاق، من المشاركة بنسبة النصف، الى المشاركة بنسبة حصول المالك على نسبة 3/4 وأحياناً 4/5 المحصول للمالك والباقي للمزارع.

    في أحد أشكال المشاركة في المحصول، يقوم المالك بتزويد المزارع المستخدم بالأرض والبذور، في مقابل قيام المستخدم بأداء العمل الزراعي بما في ذلك الأعمال السابقة على الزراعة مثل قطع الأشجار وإعداد وتجهيز قنوات الري. وفي هذه الحالة يوزع الناتج النهائي مناصفة على طرفي العلاقة وتوجد أنواع أخرى من المشاركة.


    استخدام الأرض

    يمارس حق استخدام الأرض الزراعية والموارد الأرضية عامة، عبر توسط الإنتماء الاجتماعي للبدنه أو القبيلة مالكة الأرض. ويوجد نمطان من حقوق استخدام الأرض والموارد. حق الاستخدام من خلال امتلاك الحق الأصلي (أسل) وحق الاستخدام من خلال الحصول على حق الإنتفاع (إعارة) عبر تفويض إحدى البدنات لحقها الأصلي لأعضاء بدنة أخرى. ويتم الأخير بعد دفع هبة (قودب)، لمالك الحق الأصلي.


    استخدام المنتجات الطبيعية

    لا تزال المنتجات الطبيعية تلعب دوراً هاماً في الحياة اليومية (المشروع الهولندي EPKP): الأخشاب العاليه القيمة للأثاث، الفواكه البرية لغذاء سكان الريف، الحشائش الطويلة لصنع السجاجيد والأسوار، النباتات والحشائش للأدوية العشبية والصمغ العربي للتصدير. وبالطبع فإن إمكانات المنتجات الطبيعية تنكمش نتيجة لتراجع البيئة وإزالة الغابات.

    النظام الاقتصادي التقليدي

    أدت التطورات في القرى إلى ظهور أنماط اختلالات جديدة داخل نظام البجه للبقاء. من خلال التقدم الذي شهدته الخدمات الصحية وتراجع الحروب مما أدى إلى زيادة السكان. وهناك أيضاً تأثير الحياة المستقرة ونمو المدن الدائم والسريع خصوصاً بورتسودان. ثم وفر النظام الخارجي فرصاً جديدة للأهالي في التوظيف في المدن والعمل في مشروعي القاش وتوكر. وخلقت هذه العوامل ضغوطاً جديدة على نظام البجه للبقاء. واحدى النتائج العامة هي أن تلك الفرص الجديدة، لم تخفف الضغط على طريقة الحياة التقليدية والمراعي، عبر استيعاب الأهالي في الأنشطة الرعوية، وبدلاً من ذلك حافظ الأهالي على مصالحهم داخل موارد النظام الرعوي التقليدي، مما أدى إلى تصاعد الضغط داخل النظام.






    الصراع من أجل البقاء

    تكيف الأسرة

    إن الهدف الأساسي للوحدة الاقتصادية البجاوية هو توفير الغذاء لأفرادها، ثم المحافظة على مكانتها كوحدة اجتماعية ــ ثقافية، أي الحفاظ على كرامتها وعلى كونها مسلمة، وتأمين مستقبل أبنائها، والقيام بإستثمارات تحميها من مخاطر مثل الجفاف، والتعامل مع معلومات المراعي والتوظيف وغيرها. وينبغي للبجاوي الإستعداد دائماً للجفاف. إن تكيف البجه مع فترات الجفاف يتحول من استراتيجية مواءمة عادية إلى استراتيجية تأخذهم بعيداً عن موطنهم وتحولهم إلى متسولين ومشردين، ثم ينتهون إلى معسكرات الإغاثة أو الموت جوعاً.

    إن ملكية الأسرة البجاوية لزراعة الذرة تتراوح مساحتها من فدان إلى ثلاثة أفدنة. وتصل إنتاجية الأسرة الآن إلى 180كلغم من الذرة في الموسم. وقد تفشل الأسرة حتى في توفير هذه الكمية التي لا تغطي إلا جزءاً من احتياجاتها، نتيجة لشح الأمطار أو الآفات وغيرها. يحتاج الرجل في العام من الذرة إلى 250 كلغم والمرأة 250 كلغم وثلاثة أطفال 250 كلغم، أي ما مجموعه 750 كلغم من الذرة في العام. ويعني هذا أن الأسرة تشتري ذرة من السوق لسد الفرق بين إنتاجها واحتياجها. كذلك تحتاج الأسرة إلى عشرة من الأغنام وجمل أو إثنين.

    الأسرة الوحدة الاقتصادية

    إن آفاق استمرار حياة البجه في ظل الأوضاع التي تتطلب سنوياً 750 كلغم من الحبوب للأسرة ومتوسط 10 رؤوس من الماعز بائسة تماما. فبيع كل القطيع في يناير 1991 يجلب عشرة أرباع من الذرة، أي جزء مما تحتاجه الأسرة سنويا. كان سعر الجوال الواحد من الذرة في مدينة سنكات عام 1976 هو 8 جنيهات وهو أعلى بنسبة 25% من متوسط السعر في كل مناطق السودان الأخرى.

    التباين داخل اقتصاد مختلط

    ان استمرار بقاء البجه يتم عبر سلسلة من فرص الدخل. فالزراعة ــ الرعي المحلي يقدم اكتفاء ذاتياً جزئياً فحسب، حتى في السنوات الجيدة نسبياً، ويقل جداً في فترات الجفاف لهذا فإن استمرار بقاء البجه يتم فقط عن طريق انخراطهم في سلسلة من فرص الدخل الإضافية، فالخيارات المدارة بالشكل الأمثل هي التي تحدد استمرار الوحدة العائلية الاقتصادية.

    ولأن هذه النتيجة تحوي درساً حول استمرارية البجه، وهي مهمة أيضا لوكالات التنمية، فالاتجاهات المحلية نحو مدخلات التنمية ستحددها ضرورة مزاوجة عدة مصادر للدخل. وكثيرا ًما يتعارض هذا مع النظرة القطاعية التي تتبناها الوكالة التنموية. ومن ثم يجب تقييم رغبة الناس في المشاركة في أنشطة جديدة على أساس إدراك مدى تأثير أي نشاط جديد على قدرة الراعي البجاوي على إدارة هذه المجموعة المعقدة التي تشكل أسلوب بقائه.

    وبالنظر إلى مختلف الخيارات، تكون مختلف الوحدات في أوضاع مختلفة فيما يتعلق بقدرتها على استغلال الفرص المتاحة للدخل. لذلك لن تنجح كل الوحدات في لعبة الصراع من أجل البقاء وسيتم دفعها خارج القطاع الرعوي نحو حياة مستقرة في هامش المدن يتجرعون فيها الفقر والمرض والحرمان. وستبقى وحدات أخرى على تكيف يقوم على مصادر دخل تقليدية. إنها مباراة للبقاء فيها فائزون وخاسرون. والفائز هو القادر على البقاء داخل التكيف الرعوي حيث مصدر الدخل المحلي لأي راع بجاوي يلعب دوراً هاماً.

    ومع مرور الزمن تتراجع قدرة الناس على التكيف والنجاح. لقد أصبح الإتجاه العام نحو مصادر دخل غير المتولد محلياً من الحبوب والحيوانات جزءاً أساسياً من استراتيجية بقاء البجه.

    إن عملية انسلاخ مجموعات من البجه من مجتمعهم الرعوي تتكثف خلال فترات الجفاف. ومن الطبيعي أن تتراجع الكتله الحيويه خلال الجفاف وكذلك المياه ويصبح البقاء في بيئة طبيعية صعباً. وعلاوة على ذلك نجد فترات الجفاف تؤدي إلى شروط تجاره غير طبيعية نسبياً في العلاقة بين الحيوانات والحبوب. ومن ثم تصبح العمليات في السوق أساسية في زيادة عدد الخاسرين، لأن أسعار الحيوانات تتدنى وأسعار الحبوب والأعلاف ترتفع.

    التواؤم مع الجفاف

    في المرحلة الأولى من المجاعة يبدأ الناس بيع الحيوانات الذكور والإناث التي لا تلد للحصول على الغذاء ولتقليص الحاجة إلى العلف. وبعدها يبحثون عن مصادر تنويع الدخل بما في ذلك استخدامات النباتات البرية التي لا تؤكل عادة والاستراتيجية الثالثة هي الهجرة. ورابعاً يعتمد الناس على علاقاتهم الاجتماعية وقراباتهم والاقتصاد في الغذاء.

    في المرحلة الثانية من الجفاف يبدأ الناس بيع حيواناتهم الإناث وهذا يؤثر بشدة على طاقة تكاثر القطيع. وثانياً يبيعون الممتلكات والأدوات الضرورية. وثالثاً يستلفون المال والسلع من خارج أقاربهم مما يعني تراكم الديون عليهم. ورابعاً يصلون إلى درجة متزايدة من الاعتماد على الإحسان.

    في المرحلة الثالثة من الجفاف تحدث هجرة واسعة خارج مناطق المجاعة. وفي هذه المرحلة تحدث هجرة واسعة بحثاً عن الغذاء، إلى المدن وعلى امتداد الطريق السريع بوجه خاص. وفي هذه المرحلة لا شيء يبقى فالعائلة كلها تهاجر. وهذه هي (المجاعة القاتلة). وحيث أن جفاف 1984 كان جفافاً واسعاً على نطاق بلاد البجه وغيرها، فقد ظهرت فيها مراحل الجفاف المختلفة وظهر كيف يكون رد فعل الناس مع اشتداد حدة المجاعة. وكذلك تزايد عدد الناس الذين عجزوا عن التوائم عبر مختلف المراحل.

    لكن الجانب المهم في فترات الجفاف هذه أن الحيوانات لا تموت كلها ولا ينتهي كل الناس إلى التشرد. وأثناء فترات الجفاف تكون هناك إعادة توزيع كبيرة للحيوانات وأنواع الممتلكات الأخرى بين الملاك. لذلك لا يقود الجفاف إلى تشرد الكثيرين فحسب، وإنما إلى إثراء القلة أيضاً، لذا فالجفاف يؤثر كثيراً على وضع المساواة بين البجه أنفسهم والبجه وغيرهم.

    الإنتماء للعرق والأرض

    إن الإنتماء الإثني لدى البجه يرتبط بالإعتقاد في الإنتماء لأصل مشترك هو حقيقي وهذه الوحدة تقوم على الدم (بوي). فعلاقة الدم هي أساس القرابة وهي مو######## من الأسلاف لذلك يجب الحفاظ عليها. وأحد سبل ذلك هو الزواج داخل القبيلة. والرمز الثاني لوحدة القبيلة هي الأرض المشتركة التي ترمز إلى المنجزات التاريخية للأسلاف. وهنا تجب حماية الأرض وإدارتها بطرق تحافظ على الشرف الجماعي للقبيلة.


    الأرض أرضنا (أوهاش هاشون)

    تمثل الأرض بالنسبة للبجه الهبة التي يتوارثونها عن أجدادهم الذين فازوا بها من خلال القتال المشرف ضد الآخرين. لذلك فهي تتكىء على فكرة الميراث الذي يجب أن يحموه، ورمزاً للكرامة يعزز مكانتهم الاجتماعية والسياسية. وعن تمسكهم وتقديسهم للأرض قال أندرو بول (الانطباع (الخاطيء) الذي يخرج به المشاهد عن البجه اليوم، هو الإنعزالية والكسل والتفرغ الكامل لقضاياهم الخاصة والارتباط الشديد، من غير تنازل أو مساومة بوحدة أراضيهم وحقوقهم القبلية، لذلك فهم ينظرون للأرض التي ترعى فيها ماشيتهم وتنمو فيها غلالهم البسيطة بأنها إحدى المقدسات التي لا يسمح بالمساس بها أو النيل منها ولا يسمح بإنتزاعها إلا بالقوة. غير أنهم لا يمانعون في أن ينتفع بها من يرتضونه وبرضاهم أو عن طريق الإتفاق والموافقة المسبقة شريطة أن لا يكون هناك مجرد نقاش إلى من تؤول ملكيتها. لذلك فهم يتصفون بعناد شديد في المحافظة على ملكيتهم للإرض ولا يترددون في استعمال القوة للحفاظ عليها). ويتمثل تمسك البجه بالأرض في قولهم (أوهاش هاشون وتعريبها الأرض أرضنا).


    التحضر وتغيير المفاهيم

    الشرط الأساسي للمشاركه في طريقة الحياة الشريفة للبجه هو الإقامه والمشاركه في التكيف التقليدي البجاوي. فعبر المشاركه يصبح الفرد عضواً كاملا. وهذه الفكرة تجد تعبيرها الواضح في المفهومين البجاويين (البداويت) و (البلويت). يشير الأول لأسلوب حياة البجه المثالي. ويرتبط هذا الأسلوب بالشرف. ومن الناحية الأخرى يرتبط البلويت بالحياة بعيداً عن جبال البجه وفي المدن بالتحديد، إذ ينظر للحياة الحضرية بوصفها تحوي مبادىء وسلوك مناف لمبادىء وسلوك حياة القبيلة. فالمدينة تحوي رذائل تتناقض مع قيم البجه. ولا يعتبر سكان المدن قبيلة بل هم أخلاط من البشر في شكل تجمع. وتمثل المدينة أيضاً العالم الغريب غير البجاوي لكونها تسيطر عليها الحكومة، وهي القوة التي تحاول السيطرة على البجه، وتجبرهم على التبعية وتستغلهم وهذا يتناقض مع فكرة الشرف.

    وبالرغم من هذا فإن عمليات التحضر والروابط الأقوى بأسواق العمل الحضريه والاعتماد الاقتصادي المتزايد على المدن لها دور هام للبجاوي. ويتم تهميش حياة البجه التقليدية مع قاعدة الموارد البجاوية الريفية المتضائلة بالإضافة إلى ظروف الجفاف وعلاقات السوق غير المواتية. ويعني هذا أن عدداً متزايداً من البجه يتحركون بين العالمين كوسيلة للبقاء. وهذا يتيح تغييراً محتملاً لمنظور وفرصة الحصول على بدائل للقيم والأعراف القبلية.

    يتفاوت تمسك البجه بالقيم القبليه. ويشكل المهاجرون منهم إلى المدن مجموعة تعتنق باضطراد أنماطاً جديدة من القيم، مثل الزواج من خارج القبيلة، وعدم احترام الاستشارة المحلية (أو مكر) وارسال الأبناء للمدارس الحكومية لا إلى الخلاوي.

    وقد يتيح هذا فرصاً جديدة للنساء أيضاً. وقد يؤدي هذا للطلاق ووجود عائلات على رأسها نساء، ثم دخول النساء في معترك الحياة العملية. وهكذا يخلق التحضر أنماطاً أخرى من العمليات التي تقود إلى تغير اجتماعي - ثقافي بين البجه. ويظهر التزاوج من خارج القبيله وتختفي الخيمه ليحل محلها المنزل المستقر وتهجر الخلاوي لمدارس الحكومة مما يحد من نفوذ شيوخ الدين.

    والاتجاه المهم جداً هو أيضاً التطور نحو أنماط القيادة. فالزعيم التقليدي الذي هو رجل مبجل في الريف والجبال، يظهر كرجل مهمش في المشهد الحضري، غير متمكن من اللغة العربية ولا قواعد السلوك المطلوبة في هذا النوع من البيئة. وهكذا فهناك أنماط جديدة من (البين - بين) بين هاتين (الساحتين الثقافيتين). وفي العقد المنصرم ظهرت أشكال جديدة من القيادات. وفي التغيرات السياسية في السودان يمثل المتأسلمون أحد هذه الأنماط. ويؤثر هذا على التوازن بين التصورات المتأسلمة وتصورات البجه التقليديه عن العالم. وبالمثل اكتسبت الكوادر التي دربتها واستخدمتها وكالات الإغاثة مهارات مهمة أثناء وجود هذه المنظمات. وقد تم السعي لهم بحثاً عن النصح وفض النزاعات في منافسة مع القيادات التقليدية.

    ومثلما تختفي استراتيجيات التكيف القديمة، تتغير الخصائص الاجتماعية - الثقافية الأساسية. ويبدو أن الناس الذين يعيشون داخل التكيف التقليدي القائم على الرعي الزراعي في المناطق الريفية يخسرون باستمرار.
                  

01-14-2006, 05:45 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    Quote: من هو علي يتاي؟
    ومن هو سليمان علي بيتاي


    ديانة البجه والصوفية


    كان للبجه كهنة كسائر الوثنيين في عصور ما قبل إعتناقهم للإسلام، وبقيت قبائل البجه على الوثنية ولم تتخل عنها بالرغم من تهديدات الإمبراطور الروماني جستنيان.

    وقبائل البجه لا تتسرع في إعتناق أي عقيدة أو مبدأ بل تقلّب الأمر ثم تختار ما عزمت علىه ولا تتراجع عنه أبدا. فلما اعتنقوا الدين الإسلامي كانوا ولا يزالون من أشد الناس تعصبا لنصرته وكفى بحوادث المهدية التي إعتنقوها ودافعوا عنها.

    وعموم قبائل البجه كبيرهم وصغيرهم يطلقون كلمة (كافر) على كل من لا يدين بالإسلام، لأن ليس في لغة البجه مسيحي أو يهودي اذ أن البجه رفضت هذين الدينين وبقيت على وثنيتها وتخلت عنها للدين الإسلامي ولا تعترف بسواه دينا.

    وكان كهنة البجه يطلبون منهم (قبل الإسلام) أن يدينوا بالطاعة لربيعة وللملك معا. واستمروا على ذلك حتى انتشر الإسلام بينهم، وبطلت الكهانة بعد أن كان لكل بطن من بطون البجه كاهن.


    إسلام البجه

    أول دار للهجرة في الإسلام


    عندما أُرسل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليهدي الناس كافة، ظهرت أهمية قبيلة بني عامر مرة أخرى بعد أن كانت أهميتها قد ظهرت أولاً في تحالفها مع قبائل الجزيرة العربية ضد غزو أبرهة لمكة، فهاجمته قبل أن يغادر افريقيا (هجرة القبائل العربية إلى مصر والسودان للمؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار). فلقد كانت بني عامر مسيطرة على ساحل البحر الأحمر الغربي بجزره وموانيه، وبفضل الله ووجود بني عامر في الموانيء الأفريقية استطاع المهاجرون المسلمون الأوائل أن يبحروا إلى الحبشة. ففي سنة 615 م (راجع السيرولاس بدج: تاريخ أثيوبيا ص 270) أي قبل الهجرة إلى المدينة بسبع سنوات، ركب البحر من ميناء شعيبة الحجازي بالقرب من جدة أحد عشر رجلاً مسلماً وأربع نساء مسلمات، ودفع كل منهم نصف دينار، وتوجهوا في سفينتين إلى باضع أي جزيرة عقيتاي. وكانوا في طريقهم إلى الحبشة التي كان يحكمها ملك عادل.

    هذه الجزيرة هي عاصمة مملكة بني عامر التي تسمى جارين. واستقبل أفراد قبيلة بني عامر هولاء المهاجرين ورحبوا بهم، وأعطوهم الأمان للنزول في أرض مملكتهم. وبذا تكون هذه القبيلة البجاوية هي أول شعب يعطي الأمان للمسلمين ولأول مهاجريهم خارج الجزيرة العربية، بل وداخلها أيضاً. وقد أكرم الله سبحانه وتعالى أمة البجه بالأسبقية في الإسلام، وذلك بدخول الإسلام إلى ربوعها قبل فتح مكة المكرمة بسبع عشرة سنة، حيث كانت هجرة الفوج الأول من الصحابة رضوان الله عليهم في السنة الخامسة من البعثة النبوية. وعليه فإن مملكة بني عامر هي أول دار للهجرة الإسلامية، حيث حباها الله بهذا الشرف وهذه المنة قبل أن يأذن الله لرسوله بالهجرة النبوية إلى المدينة المنورة بتسع سنين. وعلى هذه المعايير الحسابية التاريخية الثابتة بالوثائق وتواتر الحقائق فإن بني عامر هم أول من صام شهر رمضان المبارك خارج منازل الوحي في الجزيرة العربية، كما أنهم أول من آمن بالرسالة من غير جدال وقتال حيث آمنوا ونصروا غيبياً بالتبليغ فقط.

    ولم تكن تلك هي أول هجرة أو آخر هجرة للمسلمين لأراضي بني عامر، لأنه ما لبثت أن قامت جماعة أخرى من مهاجري المسلمين تتكون من مائة وواحد نسمة بهجرة مماثلة إلى أرض بني عامر، ومنها إلى أرض النجاشي، وذلك بعيد سنة 615 م مما هدد قريشاً وأخافها. وقد عاد بعض هؤلاء المهاجرين إلى أوطانهم فيما بعد، ولكن بقيت أعداد منهم هناك في الحبشة وفي أراضي البجه. وتوجد مقابر للصحابة جنوب غرب سواكن أسفل جبل الست.

    ويؤيد هذا الرأي بأن هجرة الحبشة كانت إلى بلاد البجه البروفسير عبد الله الطيب في العديد من محاضراته، وكذلك الأستاذ الدكتور حسن الشيخ الفاتح الشيخ قريب الله في كتابه (السودان، دار الهجرتين الأولى والثانية للصحابة)، حيث ذكر بأن ميناء الوصول هو سواكن وليس باضع كما نعتقد نحن، وعلى كل فالموقعان في بلاد البجه، ويقول الميجر هيربرت بأن جزيرة عيري كان بها جامع على نفس طراز الجامع الذي شيدته شجرة الدر في سواكن وتم تدميره حوالى العام 1115م.

    وتم انتشار الإسلام في جميع أراضي البجه وصار كل البجه مسلمين وتركوا العبادات الوثنية. وعمت المساجد ربوع بلادهم ومن أوائل المساجد التي شهدتها بلاد البجه هو (ابري مسجد) وتعني (المسجد الكبير) ولقد بناه أحد شيوخ الملهيتكناب في القاش.

    انتشار الطرق الصوفية

    وانتشرت الطرق الصوفية في البلاد ونشرت الإسلام بطرق منها المديح عندما لم تكن هناك صحف أو إذاعة أو تلفزيون، وكان لها إلى جانب محاسنها بعض الهنات.

    يقول البروفيسور يوسف فضل عن الصوفية في (السودان) الشرقي (وانخرط عامة الناس في سلك المريدين من أتباع الطرق الصوفية، بل فضلوها على الطابع الفقهي المتزمت. وقد تأثر الإسلام في (السودان) بالجو الصوفي المتفشي في العالم الإسلامي...).

    (وبعد أن كان التصوف مطلب الصفوة من المسلمين صار مقصداً للجميع فانتشرت الطرق الصوفية في سائر أنحاء العالم الإسلامي، وازدادت هيمنتها الروحية ...).

    الصورة: الحسيب النسيب السيد محمد عثمان الميرغني، مرشد الطريقة الختمية، رئيس الحزب الإتحادي الديمقراطي??

    الطريقة الختمية

    (الطريقة الختمية كانت نتاجا لبعث صوفي شمل كل المقاطعات الجنوبية من الامبراطورية العثمانية. ودخلت الختمية من الحجاز على يد منشئها السيد محمد عثمان الميرغني بن السيد محمد أبي بكر بن السيد عبد الله الميرغني المحجوب 1783م (ولد في عام 1208 هـ في مدينة الطائف بالسعودية، وقد كفله عمه السيد يس بعد وفاة والده وهو صغير. كانت لأجداده مملكة في منطقة بخارى، أقاموها بعد أن فروا من بطش بني أمية بهم، فتنازل عنها السيد مير خوردي لأخيه الملك مختار وهاجر إلى مكة المكرمة. أخذ طريقته من النقشبندية (النقش على القلب) والقادرية والجنيدية والميرغنية والشاذلية. قام بثلاث رحلات للسودان وأنشأ قرية الختمية في كسلا. من تلاميذه في السودان الشيخ ود دوليب والشيخ ود الترابي والشيخ اسماعيل الكردفاني والشيخ العبيد ود بدر والشيخ إدريس بدار المحس. وبعد عودته إلى الحجاز توفي رحمة الله عليه عام 1268 هـ ودفن بالمعلا في مكة المكرمة ــ من كتاب الختمية للأستاذ محمد أحمد حامد).

    وبعد ثلاثة أشهر من معركة ام درمان حضر السيد علي الميرغني من سواكن عن طريق خور بركة إلى الخرطوم. أما حضوره مع جيش كتشنر فهي فرية من حزب الأشقاء.

    بالرغم من أن للطريقة الختمية سلبيات إلا أن لها أيضا إيجابيات في بلاد البجه حيث أدت مرونتها إلى أن يتبعها عدد كبير من البجه شديدي المراس. كذلك بدأت نشر التعليم السلفي في الخلاوي ثم طورته في المساجد مثل جامع السيد تاج السر في سواكن حيث كان يعلم فيه مباديء الحساب واللغة العربية وجامع السيد الحسن في كسلا، واعتمد على خريجي هذه الخلاوي للتدريس في المدارس الصغرى الحديثة التي أنشأها الاستعمار البريطاني حيث شكلوا الرعيل الأول من معلمي المدارس الابتدائية. وشهدت سواكن إنشاء أول مدرسة للبنات في (السودان) على يد احدى شريفات المراغنة التي كانت تدرس في تلك المدرسة. وقامت الشريفة مريم بفتح مدرسة إعدادية مصرية للأولاد في سنكات. أما السيد علي، فإنه فتح مدرسة ثانوية في مدينة (وقر) في الستينات (أرسل مؤرخ البجه الأكبر رسالة إلى السيد علي الميرغني ليتوسط بعلاقاته لدى مصر لفتح مدرسة ثانوية في شرق السودان لأن هناك بعد الطلاب الناجحين للثانوية لم يجدوا مقاعد لهم، وقمت أنا بإرسال الخطاب بالبريد وجاء الرد خلال أسبوع واحد فقط بالمصادقة على فتح مدرسة ثانوية مصرية في وقر وبها أيضاً داخلية وأبقار لمد الطلاب بالحليب فكان شعار المدرسة لجذب الطلاب هو ــ وقر بلد البقر ــ المؤلف). وبعده جاء السيد محمد عثمان الذي اشتهر بحبه للتعليم فأرسل آلاف الطلاب للدراسة الجامعية في مصر وسوريا وليبيا والعراق مما انعكس على أسرهم فارتفع مستواها في الوقت الذي لا يستطيع سواد الشعب (السوداني) في عهد نظام الإنقاذ الحالي من الحاق أبنائهم وبناتهم ليس في الجامعات فحسب، بل حتى في المدارس العادية حيث أصبح التعليم حكراً لأهل الإنقاذ الذين امتلكوا المال والسلطة. وبعد قيام انقلاب الإنقاذ قاد السيد محمد عثمان معارضة شرسة ضد النظام مما يعتبر ثورة في أسلوب الختمية في النضال حيث كانوا يعتمدون التقية. وبدلاً من معادات الطريقة الختمية، يجب على شباب البجه الاستفادة منها في تمرير رسائل التوعية والإرشاد لأهلهم، نسبة لأنها تنظيم جاهز أثبت فعاليته بدليل استمرار الختمية كل هذه السنين الطويلة. كما أن السيد محمد عثمان الختم أسسها بطريقة مرنة تتوافق مع حياة البجه القاسية وطبيعتهم المحبة للاستقلال. وتوجد دراسة لنيل الدكتوراة باللغة الإنجليزية أعدها باحث أمريكي فيها تحليل لهذه الطريقة الدينية.

    الختمية وأسرى البني عامر

    في مارس العام 1997م، عندما قتلت وأسرت القوات الغازية بعض أبناء البني عامر من منطقة جنوب توكر، لم يتدخل السادة المراغنة لفك أسرى البني عامر بالرغم من صلاتهم القوية بالتجمع المعارض. وبهذه المناسبة فإن البني عامر هم الذين حموا جد المراغنة من جيوش الأمير عثمان دقنه في كسلا وساعدوه للخروج إلى القاهرة عبر إريتريا. بالإضافة إلى أن منطقة جنوب توكر هذه ظلت دائرة مغلقة لحزب الختمية في كل الانتخابات التي خاضها حزبهم. ويجدر بنا هنا أن نشير إلى أن كل الذين صعدتهم الختمية في الدوائر البرلمانية أو الحكومات الإقليمية والذين كانت تحسبهم على البني عامر جازوها بالانضمام للإنقاذ.

    ارتبط المراغنة ببلاد البجه، أحياءً وأيضاً أمواتاً، حيث توجد كل مقابرهم تقريباً ببلاد البجه. كذلك اختلطوا في البجه بالمصاهرة مثل مصاهرتهم للهنسيلاب في أبنت، أما المراغنة في كسلا فإن أمهاتهم جميعاً من الملهيتكناب. وعلى جانب آخر فإن قصيدة نور البراق الشهيرة للسيد محمد عثمان تاج السر التي أنشدها هي لتمجيد المرأة الصالح المدفونة في جبل (روره)، فضة شقيقة جدنا ضرار بن بلتقو، التي يبرق النور من قبرها ويراه الناس من مسافات بعيدة. وقال السيد الختم عنها (إن الله فتح عليّ بالرؤية الطيبة ليلة مبيتي بجوار قبر فضة المذكورة). وتعتبر هذه القصيدة قصيدة خاصة لتمجيد هذه الأسرة.

    تجربة الشيخ علي بيتاي

    تعتمد هذه الحركة الدينية على تعاليم الشيخ علي بيتاي (وهو من العبدلاب الذين استوطنوا بلاد البجه)، وولد في 21 سبتمبر العام 1930م بمنطقة همشكوريب، وتوفي في يناير عام 1978م ــ المؤلف). لقد قام بتغيير أسلوب حياة العديد من الناس داخل وخارج الولاية، خاصة الرعاة المكافحين من البجه في منطقة همشكوريب. واستطاعت الحركة كسر عزلة أتباعها وجعلتهم يتأقلمون على حياة الاستقرار والعمل. وحل محل الإنتماء القبلي إنتماء ديني قوي. وتحول المجتمع التقليدي المحافظ إلى مجتمع متطور. وكانت نواة المستوطنة ورمزها هي المدرسة القرآنية. وأُعتبر العمل الجماعي والتعاون والمساعدة الذاتية أفضل الوسائل لتطبيق معاني القرآن الكريم للحصول على الظروف المعيشية الأفضل في المنطقة. ونتج عن الاتصالات السياسية للزعيم لفت إنتباه الحكومة للمنطقة وتقديم المساعدات لها كقاعدة لتطوير المجتمع. لقد أحيا الشيخ علي بيتاي تعاليم الإسلام الحنيف واستطاع إقامة مدن فاضله أمها الناس من كل حدب وصوب للنهل من علوم القرآن الكريم. وليست هناك مقارنة بين الطريقة التي تعامل بها الحكومة شيوخ البجه الدينيين والطريقة التي تعامل بها شيوخ الشمال الدينيين.

    إن زيادة حجم وعدد المستوطنات في مناطق همشكوريب سيؤدي إلى الضغط على المصادر القليلة في المنطقة، بالرغم من التغيرات في إضافة الحياة. ويطبق قادة الحركة مشاريع ذاتية صغيرة لتلبية الحاجات المستقبليه للسكان المستقرين الذين يتزايد عددهم، ويشمل هذا التحكم في مياه الخيران، حفر الآبار السطحية والجوفيه لري المزارع الصغيرة وتطوير مساحات الغابات والمصادر الطبيعية الأخرى. وإذا أخذنا في اعتبارنا سلوك المستوطنين لاتخاذ مستويات معقوله في الحفاظ على المياه وإعادة النظر في الممارسة الزراعية وتنظيم المصادر الطبيعية فإنه يمكن الحصول على استدامة في استخدام المصادر.

    يذكر أحد أتباع الشيخ علي بيتاي رسالته في الكلمات البسيطة التالية (إنك تحب حيواناتك كثيراً وتهتم بها كثيراً. والحيوانات لا تعطيك الفرصة لتعلم القرآن. بعها وابدأ التجارة. الرجال الكبار يجب ألا يكذبوا أو يسرقوا أبداً، يجب أن نكون أمناء). وقد أعطى الوفاء بهذه التصورات زخماً جديداً لأنشطة الجميلاب، كما منحهم ميزة على غيرهم الذين يتأثرون بتأثر حيواناتهم جراء الجفاف. فانطلق الجميلاب بحماس ديني في التجارة مهنة الأنبياء، وبدأوا ينشرون المحطات التجارية عبر بلاد البجه ويبنون بجوارها المساجد.

    في همشكوريب كانت المدارس القرآنية التي أسسها الشيخ علي بيتاي للرجال والنساء في حالة ازدهار، فقد كان الشيخ قادراً من خلال شخصيته وكاريزميته على حث الحكومتين القومية والإقليمية على ادخال الخدمات الإجتماعية والصحية في مكان نائي مثل همشكوريب. وارتاد هذه المدارس القرآنية آلاف من الطلاب ليسوا من الجميلاب فقط، بل من كل قبائل البجه حتى البني عامر أعداء الجميلاب السابقين. والآن تضم هذه الخلاوي طلاب من كل أرجاء السودان ومن غرب افريقيا الذين زاحموا البجه في مصادرهم القليلة. وقد قامت حكومة الجبهة القومية في يونيو 1999م بقصف مناطق همشكوريب عشوائياً بالمدفعية الثقيلة وهدمت المساجد وبيوت الأبرياء وقتلت الشيوخ والنساء والأطفال. وأقامت قوات الحكومة ثكناتها داخل قرى همشكوريب وبين مساكن المواطنين لتستخدمهم دروعاً بشرية. كذلك قامت الحكومة بخلق فتنة بين الهدندوة والرشايدة في أغسطس 1999م. وفي أبريل العام 2000م قامت قوات مؤتمر البجه بدحر قوات نظام الإنقاذ العنصري وتحرير همشكوريب ثم انسحبت منها تكتيكياً لاحقاً لتلتف حول الجيش وتحرر مدينة كسلا، ثم تخليها وتعود لهمشكوريب ثانية لتحررها وتطرد منها المرتزقة الذين استقطبهم النظام العنصري باسم الدين، ويسيطر المؤتمر على أكثر من ستين قرية.
                  

01-14-2006, 05:52 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    العمران والإسكان

    سبب إنشاء المدن

    إن سبب وجود المدن في بلاد البجه وأساس حياتها الاقتصادية ليس لمنفعة البجه، أو للصناعة على مستوى المصانع الكبيرة وإنما للتجارة والاستغلال الاستراتيجي والاقتصادي.

    لقد أنشئت هذه المدن لمواجهة احتياجات التجارة مع الدول الأوروبية. ووظيفتها الرئيسية هي أن تستنزف من بلاد البجه ما تنتجه من ثروة زراعية ومعدنية، وأن تكون جسرا لضخ البضائع الاستهلاكية والمواد الانتاجية والطاقة لداخل (السودان). ونقاطها المحورية هي مستودعات المؤسسات التجارية الكبيرة. وأسهم هذا كثيرا في دمار البيئة هنا.

    وإلى جانب وظيفة المراكز الحضرية في بلاد البجه كقواعد للتجارة والنقل أو كمدن أسواق، اتخذ عدد منها وظائف الإدارة، وبطبيعة الحال يعد هذا جزئيا نتيجة للطابع الاستعماري للاستغلال، وللحاجة لحماية مصالح الإحتكارات الشمالية والأجنبية الأخرى في مراكزها التجارية الرئيسية، وكذلك لضرورة إنشاء جهاز للقمع يستند على الخطوط الرئيسية للمواصلات، ولمواجهة احتياجات الفئة الشمالية المسيطرة من إدارة وقمع ولمساعدتها على القيام بأنشطتها المختلفة، تم تنفيذ برامج ضخمة لتشييد مكاتب حكومية، ومواصلات سلكية ومكاتب بريد وأندية وفنادق إلى جانب كل الخدمات الاجتماعية والمرافق العامة المعتادة التي تعتبرها الجماعة الشمالية المهيمنة حقا من حقوقها.


    سلبيات المدن

    اجتذب نمو المراكز الحضرية في بلاد البجه أيضاً مهاجرين من غير البجه يتنافسون مع سكان البلاد الأصليين على الوظائف والخدمات الاجتماعية في مدن البلاد. وهذه المنافسة ليست في صالح البجه يسبب افتقارهم النسبي للمهارات والوساطة والمحسوبية، فأصبحوا يتنافسون بالتالي مع بعضهم البعض على العمل اليدوي المتاح مما يقلل أجورهم. كذلك تراجعت فرص الحصول على الخدمات الصحية والاجتماعية، خاصة التعليم، بسبب المهاجرين غير البجه في هذه المدن وتمتعهم بعلاقات مع المسؤولين فيها عن طريق المحسوبية والعنصرية الجهوية.

    وانتشرت في المدن التأثيرات الاجتماعية السلبية مثل التفكك الأسري والبطالة والعلل الاجتماعية الأخرى. واحدى السمات البارزه هي عمل الأطفال وتشردهم، الذي يمثل تغيّراً رئيسياً في قيم وتقاليد البجه الاجتماعية المحافظة. وكذلك ليس ثمة دليل على اندماج البجه مع سكان الحضر والمجموعات الاثنية الأخرى إذ يظل معظمهم مرتبطين بمجموعاتهم القبلية.

    لقد أثر التحضر سلباً على أسعار المنتجات الريفية. فقد تراجعت امدادات السلع ذات القيمة السوقية من المناطق الريفية كثيراً تحت ظروف الجفاف والتدهور البيئي حيث تنشأ معظم السلع التي يتاجرون بها من البيئة الطبيعية، إلى جانب هذا تنخفض أسعار الثروة الحيوانية مع الصعود الحاد في أسعار الحبوب.

    مشكلة الهجرة والإسكان (9)

    إن مشكلة الهجرة والإسكان في بلاد البجه تعتبر حديثة، إذ أنها ارتبطت بالتطور الاقتصادي والاجتماعي، الذي حدث إثر هيمنة الشماليين بعد خروج الإنجليز.

    ففي الفترة ما قبل عام 1821م، لم تكن هناك مشكلة هجرة أو سكن على الاطلاق، ولم تكن هناك مدن بالمعنى المفهوم غير مدينة سواكن. كذلك لم تظهر هذه المشكلة لا في فترة الحكم التركي ولا في الدولة المهدية حيث ظهرت بعض المدن الصغيرة.

    وفي عام 1905م أنشئت مدينة بورتسودان كميناء رئيسي (للسودان) لتصدير حاصلاته واستقبال وارداته لدعم اقتصاد (السودان) وليس لتطوير بلاد البجه وهكذا عمد الاستعمار البريطاني للقضاء على أقدم مدينة على ساحل البحر الأحمر الغربي وهي سواكن حتى يقضي على الشعور الحضاري لدى البجه.

    وبعد خروج الانجليز من (السودان)، بدأت مشاكل الهجرة والإسكان تتفاقم وتأخذ شكلا أكثر حدة. ومن أسباب هذه المشكلة تدمير الريف بواسطة الممارسات الخاطئة للسلطة فانعدم العمل في الريف، بالإضافة إلى وجود فارق كبير في المستويات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية بين الريف والمدينة. فإن تواجد مصادر الدخل ذات العائد في المدن قد أدى إلى أن تصبح المدن الحضرية مناطق جذب للسكان وافتقار البيئة الريفية وعدم الإهتمام بتطوير الريف جعل منه منطقة دفع للسكان. بالإضافة إلى تمركز كل الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية في المدن. كذلك فإن المشاريع الزراعية التي فرضتها السلطات فشلت فشلا ذريعا مما زاد من الهجرة إلى المدن. لقد تضافرت كل هذه العوامل لجعل الريف منطقة طرد للمواطنين البجه فاتجهوا نحو المدن الرئيسية وهي بورتسودان وكسلا والقضارف. كما هاجرت أعداد كبيرة من البجه إلى منطقة توكر وأتبره وخشم القربة طلبا للرزق وهذه أول هجرة في تاريخ البجه الحديث، فالبجاوي بطبعه يحب الأرض التي ورثها من أجداده ولا يفرط في ملكيتها ولم يهاجر إلا مرغماً.

    ومن الملاحظ أنه في كثير من الأحيان نجد أن معدل الهجرة الداخلية، أكثر من معدل النمو الطبيعي لسكان المدينة ـ ولقد نتج عن هذا ازدحام في المساكن وزيادة عدد الأفراد في الغرفة الواحدة. وكذلك الضغط على الخدمات الاجتماعية والصحية والتعليمية، وانتشار الأحياء الشعبية غير المخططة التي تطلق عليها السلطات (السكن العشوائي) على هامش المدن حيث يقيم البجه المهاجرون من الريف في أكواخ مزرية.

    وفيما يتعلق بتوزيع قطع الأراضي السكنية الذي بدأ بعد خروج الانجليز بصورة كبيرة، لم يستفد منه البجه. اذ كان الإداريون الشماليون هم الذين يقومون بالتوزيع. فنجد الأراضي السكنية من الدرجة الأولى في كل المدن الكبرى قد تملكها هؤلاء الإداريون وكبار الموظفين الشماليين الذين استغلوا مراكزهم الوظيفية، وعدم إدراك البجه لقيمة الأرض وابتعادهم للسكن في أطراف المدن. كما قام هؤلاء الإداريون الشماليون بتوزيع الكثير من القطع للشماليين عن طريق المحسوبية والرشوة والفساد، حتى العسكري نصف النمرة كان يحصل على قطعة أرض. ونتج عن هذا امتلاك الشماليين لمعظم أراضي المدن الرئيسية في بلاد البجه دون أن يستوفوا أي شرط من الشروط المشروعة لتملك الأرض، وتركوا للبجه أصحاب الأرض هوامش المدن. وحتى في هذه الهوامش لم يسلم البجه، إذ ظلت تطاردهم السلطات وتهدم مساكنهم بدعوى أن أحياءهم غير مخططة وغير شرعية بدلا من تخطيطها ومدها بالخدمات الأساسية. وفي الذي يتقاتل فيه البجه على قطعة أرض (حادثة مقتل وكيل ناظر البني عامر العام 2003م) تمنح فيه الإنقاذ رشوة مليون متر مربع لدولة إثيوبيا لتوقف دعمها للحركة الشعبية، وستين كيلومترا مربعا لدولة تشاد لتوقف دعمها لثوار دارفور.

    مراكز العمران

    (10) وفي دراسة مراكز العمران في المدن الكبرى تبين أن المدن الثلاث الكبرى في بلاد البجه هي من أكبر المدن (السودانية) عمرانا وسكانا حيث تضاعف عدد سكانها إلى أكثر من مرتين خلال الخمسة عشر عاما الأخيرة (عام 1974م) وتتصف المدن الكبرى بازدحام الأحياء السكنية غير القانونية (الشعبية) التي تشكل نصف مساحة وعدد سكان المدن نفسها مثل ما حدث في بورتسودان وكسلا. وتختلف المدن الكبرى في مواقعها والوظائف التي تقوم بها في أقاليمها بل إن بعضها يقوم بالوظيفة الوحيدة في القطر. وشهد مطلع هذا القرن النشأة والتطور الحقيقي لمعظم المدن الكبرى، وإن بعضها لا يتعدى تاريخه أكثر من العشرة أعوام الأخيرة مثل حلفا الجديدة (1972).

    وتغطي المساحات المخصصة لأغراض السكن معظم استخدام الأرض، وأصبحت المناطق العسكرية تحتل أجزاءً هامة من وسط وأطراف المدن، بينما تنفرد مدينة كسلا بسيطرة المناطق الزراعية على أكبر مساحة داخل حدود المدينة.

    ويظهر التخلف الحضاري بين سكان المدن الكبرى وانخفاض مستوى المعيشة وارتفاع الأمية بين أكثر من نصف السكان. ويتضح التباين بين سكان الأحياء المختلفة من حيث حياتهم ومستوىاتهم الاقتصادية، ويحتل الوافدون والمهاجرون أحياءً كاملة وفي بعض الأحيان مدنا كاملة. ولا تقوم المدن الكبرى على خطة شاملة بل نمت نموا عشوائيا.

    وتظهر الخطة الشبكية في شكل المدينة، ويتوسط السوق ومباني الإدارة قلب المدن وتشغل المساكن جميع المناطق المجاورة وتتبعثر بينها مراكز الخدمات الصحية والتعليمية وتقوم معظم مباني المدن من القش والأخشاب والإسمنت.

    وتعتمد المدن الكبرى في حصولها على مياه الشرب من مناطق تبعد عنها بمسافات طويلة، وتتمتع نسبة قليلة من المنازل في حصولها على المياه من أنابيب داخل المنازل وتنخفض نسبة المنازل التي تتمتع بالتيار الكهربائي، وتعاني المدن من التخلف الشنيع لنظام مرافق تصريف مخلفات الإنسان ومياه الأمطار والمياه المستعملة. وأدى هذا إلى إنتشار الحميات والأمراض الأخرى مما أودى بحياة الكثيرين. وتخدم بعض المدن أقاليم واسعة المساحة، بينما بعضها الآخر يشرف على أقاليم صغيرة محدودة.

    وتعيش المدن الكبرى في ظروف تهددها بالتدمير من حيث مواقعها (مثل ما يحدث لمدينة كسلا نتيجة فيضان نهر القاش) كما أن بعض المدن مهدد من طريقة ومصادر حصوله على الماء (مثل مدينة بورتسودان)، وكذلك من حيث مواد البناء وضعف خدمات الكهرباء ما عدا أجزاء صغيرة منها هي عبارة عن قرى مدنية كبيرة لا تعطي ملامح المدينة الحديثة.

    أما مراكز العمران الصغرى في بلاد البجه فهي حديثة النشأة، وتعتبر مراكز عمرانية قليلة في عدد السكان وصغيرة في الحجم، ويقل عددها في المناطق الشمالية ويزداد في الأجزاء الجنوبية، وترتبط في توزيعها بخطوط السكك الحديدية ومناطق الانتاج الزراعي ويظهر التنوع في الوظائف التي تقوم بها.

    ومعظم سكان المدن الصغرى من العناصر المختلفة في (السودان)، ومن العناصر الوافدة من غرب أفريقيا، ويسود في القرى السكان من قبائل البجه والشكرية والقبائل العربية والفلاته، بالإضافة إلى اللآجئين من الدول المجاورة ـ خاصة في القرى الواقعة على ضفاف الأنهار الموسمية.

    ويسيطر الاستخدام السكني على 95% من مساحة جميع مراكز العمران الصغرى ما عدا مساحات صغيرة لا تتعدى 5% لمبانى الإدارة والخدمات. وقد نمت جميعها عشوائيا بدون خطة موجهة حيث ظهرت على شكل القرى الصغيرة، ويسيطر القش على مبانيها في الجنوب والوسط، بينما تنتشر الأخشاب والصفيح في المناطق الساحلية والشمالية مع خيام البدو المتنقلة من الشعر والبروش. وتحصل مراكز العمران الصغرى على مياه الشرب من الآبار السطحية والارتوازية ومن المجاري المائية على مسافات بعيدة. ولا توجد إضاءة كهربائية ولا يتوفر لأكثر من 25% من عائلاتها مراحيض في المنازل.

    وتتشابه مراكز العمران الصغرى إلى حد كبير في أوجه المنشآت والنمو العمراني واستخدام الأرض والتركيب الداخلي حتى يصعب التفرقة ما بين المدن الصغرى والقرى.

    وتم تقدير عدد سكان محافظة كسلا (والقضارف) عام 1988م بحوالى 000.700.2 نسمة منهم حوالى 000.700 لاجئ. وتقدر زيادة السكان الطبيعية السنوية لعام 78/88 حوالي 2.3 %. وبينما تبلغ مساحة المحافظة 5% من مساحة (السودان) فإن سكانها يمثلون 9% من جملة سكان (السودان).


    قوز رجب

    حتى بداية الستينات كانت منطقة قوز رجب (المشروع الهولندي EPKP)، على ضفاف نهر أتبره، مشهورة بثراء اقتصاد حيوانات المرعى فيها، وكانت مدينة قوز رجب تعتبر مركزاً تجارياً وإدارياً. وكانت بها رئاسة المنطقة ومحاكم القبائل الأربع الرئيسية ومجموعة من الخدمات الاجتماعية تشمل مدرسة ابتدائية ومستوصفاً للناس وآخر للحيوانات ومكتباً للبريد وسوقاً كبيرة. وشهدت المدينة التي يسكنها البجه تدهوراً سريعاً واضحاً. والآن اصبحت قوز رجب شبه مهجورة. وأصبحت أراضي المراعي جرداء، وكل هذا بسبب إنشاء خزان خشم القربة لتوطين المستوطنين من النوبة دون أي مراعاة للسكان البجه أصحاب الأرض. وهاجر سكان المدينة إلى كسلا والقضارف وحلفا الجديدة للبحث عن عمل بأجر بعد أن نفدت مواشيهم. ومن 52 متجراً كانوا يعملون في الماضي يعمل منهم الآن ثلاثة فقط. لقد نتج هذا جزئياً من الرعي الجائر ولكن السبب الأساسي هو تجفيف نهر أتبره. وقد زاد الرعي كثيراً جداً فيها بعد تطوير مشروعي القاش وحلفا الجديدة. ونتيجة لأن قوز رجب في متناول هذين المشروعين، فإنها فقدت قاعدتها البيئية كمنطقة رعي هامة. لقد أصبحت منطقة رعي في موسم الأمطار طالما استمر هطولها.

    لقد اختفت القاعدة المعيشية للمدينة بإنشاء خزان خشم القربة. وانهارت مزارع الحبوب والبساتين التي على نهر أتبره، لأن الجزء الرئيسي من مياه النهر قد تم تحويله لمشروع حلفا الجديدة. إن منطقة قوز رجب تتميز بمياه جوفيه. وقد كانت تغمر بنهر القاش خلال الفيضانات العارمة. وتطوير هذه المصادر قد يسمح بإحياء محدود للمنطقة. وبالرغم من هذا فإنه يجب ادراك أن مراكز الجذب انتقلت بعيداً عن قوز رجب قبل وقت طويل جداً. وليس لها فوائد منافسة في الانتاج الزراعي والبستاني.

    ترييف المدن

    عندما يتغير هيكل سكان مدينة ما واقتصادها وقيمها إلى وضع ريفي يسمى هذا XترييفZ المدن. وهذا يرتبط بالهجرة المكثفة من الريف إلى المدن عبر فترة زمنية قصيرة. وفي مثل هذه الفترة، يعتمد نمو المدن جزئياً فقط على نموها الاقتصادي. ويظل عدد كبير من السكان (من 50% إلى 60%) يعتمدون على سد احتياجاتهم من النشاطات الأولية.

    يشكل عدد سكان أكبر مدينتين في الولاية، كسلا والقضارف، 80% من السكان الحضر. والبيانات الآتية توضح تطور عملية الترييف في المدينتين. أكثر من 60% من سكانهما هم من المهاجرين من الريف حديثاً ومن المواطنين النازحين واللآجئين. يحتلون أكثر من 70% من المناطق السكنية. سكان المناطق السكنية غير المخططة زاد في القضارف بين 1980 ــ 1986 بنسبة 70%. وخلال نفس الفترة تضاعف عدد سكان مدينة كسلا. وكان نمو المدينتين بنسبة 6% في الفترة من 1956ــ1983، منها 5،3% نتيجة للهجرة من الريف ونزوح اللآجئين.

    من المتوقع استمرار عملية الترييف بل ازديادها نتيجة للتدهور المضطرد في البيئة في المناطق الريفية الهامشية. إضافة إلى أن نزوح سكان الأقاليم الأخرى واللآجئين وفرص العمل الكبيرة في المدينتين ستزيد من سرعة العملية.

    يؤثر الترييف سلباً على البيئة. وهو لا يشكل فقط ضغطاً على قاعدة مصادر الريف، بل يسرّع تدهور البيئة قرب المدن ويخرب مناخ المدن.

    نتائج الترييف

    سرعة نمو القطاع الخاص في اقتصاد المدن ــ يعمل معظم المهاجرين حديثاً في هذا القطاع ــ نمو غير مخطط للمدن واكتظاظ مكثف ــ ضغط متزايد على مصادر المياه في المدن وحولها ــ اجهاد لقواعد المصادر في أطراف المدن المباشرة ــ احتياجات متزايده للحطب والأخشاب ــ مصادر المياه ــ الرعي ــ الازدحام يسبب مخاطر جمه للصحة ــ اختلال الأمن واحتكاكات بين الحضر والريفيين ــ تراجع في الوظيفة التي تقوم بها المدن لتطوير المناطق الريفية.

    المعايير التصحيحية

    تشجيع المراكز الحضرية الثانية ــ تنظيم وإعادة تأهيل وتطوير مناطق الريف ــ حل مشكلة اللآجئين. بالنسبة للنازحين من الأقاليم الأخرى يجب إعادتهم لأقاليمهم أو أن تتحمل حكوماتهم الإقليمية أنصبة لدعم الخدمات والتنمية.


    القوى البشرية

    تكمن أهمية القوى البشرية في أن التخطيط يعتمد على مسح شامل للأحوال السكانية لمعرفة إتجاهات النمو السكاني وقطاعاته المختلفة وتوزيع السكان حسب الأعمار والجنس والأحوال البيولوجية والاجتماعية والاقتصادية وغيرها من الدراسات. وتشتمل عملية المسح السكاني على تقدير عدد السكان في الوقت الحاضر وتوقع عددهم في المستقبل حتى نهاية الفترة التخطيطية. والتوقع يشمل الزيادة الطبيعية للسكان والهجرة الصافية وتقدير القوى العاملة في المستقبل من واقع خطط التنمية الاقتصادية.

    وتمر شعوب الأرض بثلاث مراحل، هي المرحلة البدائية والمرحلة الإنتقالية والمرحلة الاستقرارية. ونجد أن البلاد تمر الآن بالمرحلة الأولى (المرحلة البدائية) حيث يلاحظ ارتفاع نسبة المواليد وارتفاع نسبة الوفيات وكذلك ارتفاع نسبة الوفيات بالنسبة للأطفال الرضع والنساء بعد وأثناء الولادة.


    نمط السكان في ولاية البحر الأحمر

    نمط السكان السائد (الموسوعة) في ولاية البحر الأحمر يشير إلى أن 5،62% (358،419 نسمة) يقطنون الحضر، و95،37% (978،251 نسمة) يقطنون الريف. يتركز السكان الحضر بصورة أساسية في مدينة بورتسودان وبعض المراكز الإدارية، وأهمها توكر وسنكات ودورديب وحلايب. متوسط الكثافة السكانية في الولاية في العام 1993، كان 1،3 شخص للكيلومتر المربع بينما كان 1،2 شخص في العام 1973. ويقدر حجم الأسرة في حدود 5، 4 أشخاص، بتفاوت بسيط بين الحضر والريف. ويبلغ عدد الأسر في محلية بورتسودان 524،29 أسرة، بينما يبلغ عددها في محلية جبيت 2464 أسرة ريفية، والمقومات واضحة بالنسبة للأولى وضعيفة بالنسبة للثانية.. ويعزى صغر الحجم مقارنة بباقي القطر (6 أشخاص) إلى أسباب اجتماعية واقتصادية، وإلى تدني مستويات الغذاء، وانتشار الأمراض ذات الصلة، وبالتالي ينخفض معدل المواليد ويرتفع معدل الوفيات، خاصة وسط الرضع والحوامل وجميعها مظاهر سالبة تؤثر على سكان هذه الولاية.

    ويكشف التركيب العمري للسكان في البلاد كثيراً من الصفات والمعالم الهامة للمجتمع فيبين التوزيع حجم القوى العاملة وأعباء الإعالة التي يلقيها الأطفال والشيوخ على السكان المنتجين إذ أن هذه الفئات الثلاث لها إحتياجاتها الخاصة من السلع الكمالية والاستهلاكية والخدمات.

    وتبلغ نسبة أطفال البجه الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما 49% يقابلها في دولة السويد 21% والطفل منذ ولادته حتى يكون عاملا منتجا يكون عبئاً على الأسرة يستنفد جزءاً أكبر من ميزانيتها.

    أما نسبة السكان الذين تزيد سنهم عن 25 عاما في البلاد فتبلغ 35% يقابلها 63% في دولة السويد.

    ويتراوح متوسط الأعمار في البلاد بين 30 ـ 35 عاما وهو منخفض جدا إذا ما قورن بمتوسط الأعمار في الدول المتقدمة الذي يتراوح بين 55 ـ 65 عاما مما يترتب عليه خسارة كبيرة في جزء من الطاقة الانتاجية.

    وتبلغ نسبة السكان الحضر في البلاد 25% بينما تبلغ نسبة سكان الريف 49% أما نسبة السكان الرحل فتبلغ 26% (1974). وتبلغ نسبة المستوطنين من غير البجه في المدن 80%. والذين ولدوا منهم خارج إقليم البجه نسبتهم 59%، أما الذين ولدوا داخل الإقليم فنسبتهم 23%، وتبلغ نسبة السكان البجه في المدن 18%.

    إن العنصر البشري عامل هام في التنمية الاقتصادية والتطور، فهو الإدارة التي تطوع الإمكانات الطبيعية والإمكانات الأخرى وتوجهها الوجهة الصحيحة التي تؤدي إلى تطويرها وتنميتها بطريقة مثلى لفائدة المجتمع.

    وعند أخذنا لعنصر الإنسان في بلاد البجه نجد أن الجهل الذي فرضه عليه الاستعمار والحكومات الشمالية يمثل ثقلا بالإضافة إلى عوامل التخلف الأخرى والتي نتجت عن العنصرية الجهوية في الإدارة والتخطيط.

    وبالرغم من وجود البجه سكان البلاد على الساحل الغربي للبحر الأحمر فإن انعدام الوعي الاقتصادي، جعلهم يبتعدون عن البحر، وبالتالي عن العالم الخارجي وحضارته فلم تنمُ صناعة السفن كما انعدمت بذلك الحِرف ووسائل وسبل كسب الرزق المرتبطة بالبحر وموارده الكثيرة، ولم تتطور أساليب وطرق استغلال منتجاته وثرواته المختلفة، في وقت نجد فيه أن بقاعا أخرى من العالم قامت بها الكثير من الحضارات المتقدمة على سواحل البحار، واستفادت الأمم من مواقعها الجغرافية في ممارسة المهن ذات العلاقة بالموقع. ولقد كان من أهم أسباب إبتعاد البجه عن الساحل هو الغزوات الاستعمارية الشرسة التي كانت تأتيهم من البحر وتعرضوا لها على إمتداد تاريخهم الطويل والتي كان آخرها الصراع الدامي الذي دار بينهم وبين جيوش الإمبراطورية البريطانية في القرن التاسع عشر مما كلفهم أرواحا كثيرة وجعلهم يحتمون بالوديان العالية المحصورة بين تلال البحر الأحمر.

    إن تعداد سكان البلاد يبلغ حوالى 5 ملآيين نسمة منهم أربعة مليون من البجه ونصف مليون لاجئ والبقية من المستوطنين.

    لقد أثرت العوامل الطبيعية على محاور وأنماط التوزيعات السكانية حيث يتركز السكان في خمسة محاور رئيسية توجد على طول السهل الساحلي، وعلى إمتداد خطوط السكة الحديدية وعلى ضفاف الأنهار والأودية الموسمية وفي قلب المناطق الزراعية المختلفة.

    وتقل الكثافة السكانية في المنطقة الساحلية وتبلغ 3 نسمة في الكيلو متر المربع الواحد، بينما لا تزيد على نسمة واحدة في الكيلو متر المربع في الأجزاء الشمالية منها وترتفع إلى أكثر من 50 نسمة في بعض المناطق الزراعية المروية (1974).


    العمالة

    لا يزيد مجموع قوة العمل بين السكان عن 25% منهم 55% يمارسون الرعي ولا يتعدى الذين يقومون بالزراعة 30% بينما تقل نسبة العاملين في الأنشطة الاقتصادية الأخرى إلى 15%، وبالإضافة إلى الرعي والزراعة فإن بعضا من السكان البجه يمارسون الصناعة الريفية المعتمدة على انتاج شجر الدوم وانتاج الفحم والإحتطاب وبيع الألبان ويهاجر الشباب للعمل كعمال عرضيين في المدن خاصة بورتسودان حيث الميناء (1974).

    وعندما تطلب الأمر لأول مرة أعدادا كبيرة من العمال بأجر زهيد لتطوير الاقتصاد الاستعماري في الميناء والسكك الحديدية لم تستطع الأجور وحدها جذب أعداد كافية من العمال البجه. ومن ثم تم الإلتجاء إلى وسائل متنوعة مثل الضغط عن طريق فرض الضرائب الشخصية وضرائب القطعان والإقتطاع من أراضي الأهالي البجه والمساعدة التي يقدمها الإداريون الشماليون لأبناء جلدتهم من مقاولي تجنيد الأنفار أو الضغط على بعض رؤساء القبائل لتجنيد أفراد قبائلهم للعمل كعمال عرضيين في المشاريع التي لصالح الشماليين.




    سوق العمل الحضري

    توفر مدينة بورتسودان عددا من فرص العمل في القطاعين الرسمي والخاص. فقد صار نمو الميناء أهم مكان عمل بالنسبة للبجه الريفيين. وقد تطور هذا الوضع منذ الأربعينات والخمسينات مع زيادة نشاط التصدير والاستيراد وتزامنه مع فترات الجفاف في الريف في الأربعينات. ويسيطر على معظم أسواق العمل غير البجه عن طريق الوساطة والمحسوبية وقربهم من مركز صدور القرار.

    تستخدم الميناء 9 آلاف عامل تقريباً، 3 آلاف منهم في وظائف ثابتة، بينما يعمل حوالى 5 آلاف بوظائف شبه ثابتة، وينخرط معظم البجه في عمليات شحن وتفريغ السفن.

    وينظم العمل اليدوي في ميناء بورتسودان من خلال "الكلة". والكلة هي مجموعة من الرجال يعملون كحمالين في الميناء. ويتراوح عددها من 7 إلى 12 عاملاً، ويقودهم ريس. والأخير وسيط يربط بين إدارة الميناء والعمال ومنظماتهم. ويقوم تنظيم الكلة على القرابة، وتقوم حقوق الإشتراك في الكلة على أساس وراثي. وتقدم الكلة كمؤسسة اقتصادية فرصاً للدخل للمشاركين فيها. ويتم الدفع للعمل على ظهر السفينة باليومية، وحجم الكلات أكثر ثباتاً وللريس أن يأمر رجاله بعدم العمل في نوبة معينة وإعطاء الفرصة لقادمين جدد لم يصبحوا بعد أعضاء في أي كلة. وتسمى طريقه التكافل السلفية هذه "توفير العشاء" دلالة على جانب الدخل فيها. كما قد يشارك الأفراد في العمل على ظهر السفينة وحول الميناء كذلك. ومع ادخال الآلات الحديثة في التفريغ والتحميل خاصة للمعدات الكبيرة، فإن فرص هؤلاء العمال، الذين يطلق على الفرد منهم كلمة "مزوري" تقل بصورة كبيرة. وتتكون 108 كلات (جمع كلة) من الأتمن و10 من الهدندوة و4 من البشاريين و 2 من البني عامر. وقد ظل هذا التوزيع ثابتاً عبر السنين، خلاف عام 1970 عندما تم تشكيل 5 كلات جديدة.

    إن هذا النظام ليس فيه أي نوع من التوازن فقد تعجز الكلة عن توفير وظائف لنفسها ناهيك عن القادمين الجدد، خاصة في فترات الجفاف عندما تزيد أعداد الباحثين عن العمل. وبالمثل يتفاوت عرض الوظائف بتفاوت مستوى النشاط في الميناء. ومن ثم فالعوامل الاقتصادية الكلية التي تحدد وضع الاستيراد والتصدير ستؤثر على هذا داخل السودان وفي العالم ككل. وبالرغم من صعوبة الفرص للحصول على هذا العمل فإن العمال يعملون في ظروف قاسية وتحت شمس حارقة ويتعرضون للمخاطر دون أي ضمانات أو تأمينات اجتماعية. ومع العولمة واستخدام الآلات الحديثة فإن عمال الشحن والتفريغ ينتظرهم مصير مظلم خاصة بعد احتكار إحدى شركات الشماليين لأعمال مناولة الحاويات، وبيع مدير الميناء المستودعات، عن طريق استغلال النفوذ والفساد، لشركات وهمية تتبع لأركان النظام من الشماليين بينما تم تسجيلها في دول أخرى لحمايتها عند زوال النظام.


    الاستخدام في المشروعات الزراعية

    المناطق ذات الأهمية الكبرى بالنسبة لطالبي العمل المؤقت من البجه هي توكر والقاش والقضارف، وقد كانت هذه المناطق في الماضي مراعٍ مهمة للرعاة البجه، الذين أصبحوا الآن عمال زراعيين مؤقتين. وقد أغرت الميزات الطبيعية المواتية حكومات الخرطوم أيضاً على إقامة مشاريع زراعية بالري الفيضي وبالأمطار في هذه المناطق. وهكذا تحولت إلى مصادر للعمل بالأجر والعلف. ينتقل أهل سنكات الى توكر بين شهري ديسمبر ومارس للرعي في المناطق التي تم حصادها من المشروع. وفي اغسطس ومطلع سبتمبر يحدث نوع مختلف من الهجرة، أي الهجرة من أجل العمل، إما للزراعة في أراضيهم الخاصة أو للعمل بالشراكة في المحصول أو للعمل كعمال اجراء في الزراعة. وفي وقت متأخر عن ذلك، من فبراير وحتى مايو ، يوفر موسم حصاد القطن والذرة والخضروات والدخن مثل هذه الفرص. يسمى صاحب الحيازة في توكر "صاحب ضمن" وفي القاش "صاحب ربط" ويديرون حيازات البجه الغائبين.

    يستخدم مشروع القاش بين 6 آلاف الى 9 آلاف عامل موسمي معظمهم من البجه. وتقدم دلتا توكر فرصاً لعمل من 12ألف الى 15 ألف عامل موسمي، معظمهم من البني عامر والحباب. ويقدر من يهاجر من سنكات للعمل في هذين المشروعين بين ألفين وثلاثة آلاف عامل موسمي. ويدخل المهاجرون في صفقة معقدة من علاقات الانتاج داخل المشروعين. ويتأثر حجم العمل بالفيضانات فمثلاً كانت دلتا توكر جافة تماماً في عام 1990 بالإضافة إلى نقص المعدات والكوادر الفنية.

    علاقات الانتاج في القاش مشابهة لعلاقات الانتاج في توكر. فهناك مؤسسة القاش الزراعية واتحاد المزارعين القاش، وحائزين (أصحاب ربط) وفئات مختلفة من شركاء المحصول والعمال بأجر. وفي القاش هناك تفاوت في صلب نظام الري نفسه، وهو الدورة الزراعية الثلاثية، التي يستخدم فيها نظام القرعة لضمان تساوي الفرص، في القطع ذات الري الجيد. وهذا يشكل مشكلة أساسية داخل المشروع. كما تؤدي نوعية الأرض إلى تدابير مختلفة في الشراكة في المحصول عاكسة المخاطر المحتملة.


    البحث عن الضمان

    وينبغي أن ندرك أن المزارع أو الراعي البجاوي يكون عادة عاجزا عن إحضار أسرته عندما يحضر للعمل لدى الحكومة أو أي شركة أو مؤسسة يملكها الشماليون. وفي مثل هذه الظروف يكون من المحتم علىه ألا يظلّ بعيدا عن قريته لفترة أطول مما تتطلبه الضرورة المطلقة. وبالإضافة إلى ذلك فإن من الأمور الحيوية بالنسبة للبجاوي أن يتوافر لديه قدر من الضمان، لا بالنسبة لتقدمه في السن فقط بل أيضا في حالة فقده لعمله أو مرضه أو عجزه عن العمل، وهكذا نجده يكافح من أجل أن يحتفظ بموطىء قدم على أرض القبيلة صونا لحقوقه في حيازة هذه الأرض، ويحتم عليه ذلك العودة لقريته بصورة دائمة من حين لآخر.

    وعلى الرغم من أن الضمان لا ينبغي توفيره من خلال العامل الأجير في المدن ولا ينبغي كذلك توفيره في المناطق الزراعية لأن ذلك لم يكن قط من أهداف حكومات الخرطوم. فسياسة الأرض والسياسة الزراعية التي ينتهجها الشماليون تهدف للحيلولة دون ظهور زراعة بجاوية مزدهرة وتحويل البجاوي إلى مثل هذه المضايق الاقتصادية الرهيبة بحيث يترك أرضه ويذهب لدعم اقتصاد الشماليين.


    العامل المهاجر

    هكذا يتمكن الاستغلال الشمالي عن طريق الإبقاء على اقتصاد يطحنه الفقر في الريف، وكذلك على أجور الكفاف، وعلى الأحياء القذرة والإفتقار إلى الضمان في المناطق الحضرية، من أن يمنع البجاوي أن يجد ضمانا اقتصاديا سواء في المدينة أو الريف، ومن ثم تعبّد الطريق أمام الدورة الدائمة لحركة البجه من الزراعة البجاوية القائمة على الإكتفاء الذاتي إلى الاستخدام لدى الشماليين، ومن الاستخدام لدى الشماليين عائدين إلى الريف. وهي الحركة التي تعد سمة بارزة من سمات بلاد البجه. فالبجاوي يكون في خلال جزء من حياته عاجزا عن أن يقيم أوده وأود أفراد أسرته دون أداء العمل الأجير. كذلك لا يسمح له العمل الأجير بأن يقيم أود زوجته وبقية أفراد أسرته، وهكذا يطحن البجاوي بين شقي الرحى، ويستحيل عليه أن يجد ملاذا في هذا الإتجاه أو ذاك. وليست الأسباب الاقتصادية هي وحدها الدافع إلى الإحتفاظ بنظام العامل المهاجر، بل يوجد سبب سياسي أيضا، وهو الرغبة في منع، أو على الأقل تأخير تكوين طبقة عاملة دائمة غريبة تماما عن النظرة والآفاق السياسية المحدودة لحياة القرية، وقادرة على النضج والتحول إلى قوة متماسكة حديثة تعرف إلى أين تسير، وتكون على درجة كافية من الصلابة تمكنها من الوصول إلى أهدافها، ولا يخفى على الشماليين أنه في مناطق العمل الحضرية تتشكل أعظم التحديات للاستغلال والحكم الشمالي وأن الطبقة العاملة البجاوية ستكون حفارة قبر للإنتهازيين.

    إن الإحصاءات بشكل عام تؤكد بصورة صارخة أن السمات الرئيسية البارزة للطبقة العاملة البجاوية، إنما هي السمات التي تتميز بها الطبقات العاملة التي توجد في المستعمرات وتعمل في داخل إطار الاقتصاد الاستعماري. ونادرا ما تمسها ريح التصنيع، إنها طبقة عاملة غير ماهرة أساسا ومهاجرة إلى حد كبير وحضرية بصورة جزئية. إنها تعمل في المزارع الصغيرة والكبيرة، وتنتج البضائع التي يحتاج إليها الشماليون من أجل التصدير. كما تعمل في السكك الحديدية والطرق والموانيء والمطارات كي تنقل الثروة من بلاد البجه و(السودان) إلى دول الغرب وكي توزع البضائع المصنوعة التي يرسلها الغرب بغرض بيعها في أسواق (السودان).

    إن كل ذّرة من كيان الطبقة العاملة البجاوية ترتبط بنظام الاستغلال الشمالي.


    انعدام الضمان الاجتماعي

    إن الأثر الكلي للسياسات الاقتصادية والاجتماعية التي إنتهجها البريطانيون والحكام الشماليون من بعدهم، قد ترك البجاوي في المدينة محروما تماما من أي ضمان اجتماعي فليس هناك مسكن ملائم وهو يعيش على أجر الكفاف، ولا يستطيع أن يشق طريقه صاعدا السلم الاجتماعي ما دام التمييز الاجتماعي قد قرر بالفعل إلى أية درجة من السلم يستطيع أن يصعد. فإذا أصابه مرض لا يجد العلاج الملائم ولا يحصل عادة على إجازة سنوية أو مرضية مدفوعة الأجر، إذا فقد عمله يفقد مسكنه والأمر الأشد سوءا من ذلك أنه لايحصل على إعانة البطالة. وعندما تتقدم به السن يتعين علىه أن يعيش عالة على أولاده، أو أن يتضور جوعا بكل ما في هذه العبارة من معنى والاختيار الوحيد الذي يتبقى أمامه هو أن يعود إلى قريته. وعلاوة على ذلك يكون طيلة هذا الوقت قد ترك زوجته وأطفاله خلفه، وتكون أسرته قد تعرضت بدرجة أو بأخرى للدمار. إن مشاعر عدم الضمان تثقل بوضوح على البجاوي الحضري. إن سياسة السلطة الإدارية فيما يتعلق بمسائل الضمان الاجتماعي ظل قوامها الإعتماد على هيكل الرفاهية التقليدي.

    والنظريات التقليدية التي تكمن خلف هذه السياسة هي، أن العامل البجاوي لا بد أن يتلقى عونا مالىا جزئيا من زوجته ووالديه الذين خلفهم وراءه في الريف أو القرية فالعامل ينبغي أن يكسب ما يكفيه لأنه يعول نفسه، على حين أن الأسرة التي تركها خلفه لا بد أن تكون قادرة على أن تعول أفرادها، وكذلك على أن توفر ملجأ ومأوى للعامل الذي تقدمت به السن أو طحنه المرض. بيد أن تدهور الزراعة والمراعي في البلاد في السنوات الثلاثين الماضية كان سريعا لدرجة أصبح من المتوقع معها أن يكون إلتجاء العامل أو المسن في طلب الغوث أو الضمان، إنما هو إلى أسرة زراعية أو رعوية معدمة.

    إن العقبة الرئيسية التي يثيرها العامل البجاوي ليست انتاجيته المنخفضة التي يمكن علاجها عن طريق التعلىم، وليست نقص فرص العمالة في بعض المناطق أو في مواسم معينة، وإنما هي قبل كل شئ عدم استقراره المادي والاجتماعي.

    كما أن نقص المهارة، إذا كان يوجد فعلا، فهو ليس خطأ البجاوي، وإنما هو الخطأ الذي أسفر عنه إفقاره، وأسفر عنه الاستغلال الذي يعانى منه هو وبلاده. وإن الطعن في عدم كفاية العامل البجاوي لا يعدو إلا أن يكون ستار دخان يستهدف حجب حقيقة البجه، وتبرير انخفاض الاجور التي يحصلون عليها إلى هذه الدرجة البائسة، وتبرير الظروف الاجتماعية التعسة التي يعيشون في ظلها، وتبرير ما ينعم به العامل الشمالي المسنوطن.


    الإسكان الملائم

    يعد الإسكان الملائم من الأمور الجوهرية بالمثل لتمكين البجه من أن يتوطنوا بصورة دائمة ومستقرة في المدن. وذلك أيضا من الأمور المسلم بها في الدوائر الرسمية وشبه الرسمية. ويشار في التقارير دائما إلى ضروة حصول العامل البجاوي على مسكن مناسب مقابل إيجار يستطيع سداده، ومع ذلك فإن نكص الوعود والتنكر للكلمات من قبل السلطة الشمالية أكثر ممارسة من الإلتزام بها ومراعاتها. في الوقت الذي نرى فيه أن الاستعمار البريطانى كان مهتما بهذه المشكلة أكثر من الحكومات الشمالية الحالية، حيث قام بإنشاء أحياء ومساكن خاصة للعمال البجه (مثل ترب هدل في بورتسودان) يتم تمليكها لهم بأقساط معقولة.

    إن الظروف الحالية المفجعة مجرد نتائج متعددة لعدم إهتمام الحكومات الشمالية بالعامل البجاوي، والأجر المنخفض والفقر اللذين يواجهانه. كما أن برامج الإسكان في البلاد يتم تخطيطها على افتراض أن العامل البجاوي ليس له وجود ويكفيه أن يعيش في كوخ من الأخشاب والصفيح خارج المدن، وأن قوة العمل البجاوية قوامها الرجل الذي يعيش بمفرده ويجب أن يستمر كذلك.

    إن أجور العمال البجه شديدة الإنخفاض، وهي من بين الأسباب الهامة لسوء المساكن. وارتفاع أجور المساكن هو في حد ذاته سبب لاكتظاظ المناطق السكنية الشعبية وقيام الأحياء السكنية غير المخططة على هوامش المدن، وذلك إلى جانب ارتفاع تكلفة الطعام في المدن مما جعل الحياة الأسرية مستحيلة بالنسبة للعمال البجه. هذا بالإضافة إلى مطاردة الحكومات الشمالية لهم وهدمها لمساكنهم بحجة أن هذه المساكن غير مخططة. وهكذا يعيشون في دوامة، فلا توفر لهم السلطات المساكن ولا تقوم بتخطيط أحيائهم الحالية، ولا حتى تتركهم يعيشون فيها بأوضاعها الراهنة، بينما يقومون هم بكل الأعمال الشاقة التي يعتمد عليها الاقتصاد والتجارة ولولاهم لتوقفت هذه النشاطات. وفي المقابل فإن الأراضي السكنية توزع على الموظفين والعمال والتجار الشماليين عن طريق الإداريين الشماليين والرشوة والاستغلال.

    وهكذا فليست الأجور ولا الضمان الاجتماعي، ولا تسهيلات الإسكان ناهيك عن الحقوق القانونية على مستوى يسمح بتشجيع أو تيسير استيطان العمال البجه مع أسرهم بصورة دائمة في المراكز الحضرية. فحياة المدن بالنسبة للبجه عبارة عن كابوس للفقر ونضال مستمر ضد البؤس والتضور جوعا والموت مرضا.


    الحياة الأسرية في المدن

    في بلاد البجه تعد النسبة غير المستوية للرجال البجه إلى النساء البجاويات في المدن، وكذلك نقص الأطفال النتيجة المترتبة على الدمار الذي لحق بالريف، حيث يسود المسنون والنساء والأطفال، ويندر وجود الشبان وفي كلتا الحالتين يكون سوء التناسب المبالغ نتيجة مباشرة لنظام هجرة العمال. وإن نسبة الرجال العالية إلى النساء في المدن تعد تعبيرا عن عدم الاستقرار الأساسي لقوة العمل، وذلك للحياة غير الطبيعية التي تفرضها مثل هذه النسبة تعني أن الرجل سيعود عاجلا أو آجلا إلى الريف ليكون مع زوجته وأسرته، أو ليتخذ له زوجة وتكون له أسرة يرعاها.

    المعاناة الأسرية

    ويحجم الرجال البجه عن اصطحاب أطفالهم وزوجاتهم معهم إلى المناطق الحضرية نسبة لبشاعة الظروف التي يرغم هؤلاء الأطفال على العيش في ظلها بداخل هذه المناطق. وهكذا يكون العامل البجاوي ممزقا، فإما أن يصطحب أفراد أسرته معه ويشاهدهم بعينيه وهم يقاسون ويتضورون جوعا، وإما أن يتركهم خلفه في الريف ويعيش حياة وحيدة عازبا يعاني أقسى صور الحزن والكرب لعلمه أن أسرته التي هجرها إنما تتمزق ألما انتظارا لعودته.

    ازدياد البطالة

    وبما أن الأمية تتفشى بين البجه بنسبة تزيد عن 90 % فإن معظم الباحثين عن العمل منهم من الأميين الذين يعملون في مجال الأعمال اليدوية التي لا تتطلب أي مهارة. ونسبة تعيين هؤلاء في وظائف، لا تتعدى 3 % ، ولقد ضاعف من هذه المشكلة ظروف الجفاف التي حلت بالبلاد، وقضت على معظم الحيوانات التي فقدت مراعيها لصالح المشاريع الزراعية المملوكة للشماليين، دون أن تتدخل الحكومات الشمالية للمساعدة في تخفيف الآثار، مما جعل البجه، سكان الريف، يهاجرون إلى المدن للبحث عن وسيلة لكسب الرزق. خاصة بعد فشل المشاريع الزراعية مثل القاش وتوكر بالإضافة إلى وفود مئات الألوف من اللآجئين والمهاجرين من الداخل والخارج.

    لقد أثرت عوامل الجفاف وتقليص المراعي على الريف، مما أدى إلى إنخفاض الانتاج الزراعي والحيواني، وبالتالي إنخفض دخل سكان الريف، هكذا كبر حجم العطالة في المناطق الريفية، مما دفع بسكان الريف للهجرة إلى المدن بحثا عن العمل بالإضافة إلى توفر الخدمات العلاجية والتعليمية وتركز السلطات الإدارية بالمدن الكبرى.


    العمل في بورتسودان

    إذا أخذنا مدينة بورتسودان كمثال للاستخدام لأنها أكبر مدينة في البلاد. فإن تنوع فرص العمل ينشأ من ازدياد حجم العمل التجاري في مدينة بورتسودان. ومجالات العمالة المختلفة المرتبطة بحركة الصادرات والواردات التي تمركزت بالمدينة، بإعتبارها الميناء البحري الأول للبلاد. وتهيمن على النشاط التجاري قلة من أصحاب الأموال القادرين على إدارة هذا النشاط الذي تسيطر علىه فئة من الشماليين وبعض رعايا الدول الأجنبية، ولكن القطاع التجاري مثله مثل القطاعات العليا في المجال الصناعي والإداري في المؤسسات الحكومية والشركات الأخرى لا يستوعب إلا نسبة ضئيلة من الأيدي العاملة، وإنما يتركز معظم سوق العمالة في المجالات التي تستوعب عددا أكبر من الأيدي العاملة، التي لا تتمتع بمهارات خاصة غير الطاقة البدنية، وتتمثل في الغالبية الساحقة من أبناء قبائل البجه الوافدين إلى مدينة بورتسودان.

    وتتوزع القوى العاملة على الأنشطة الاقتصادية المختلفة الآتية:

    النقل والمواصلات والتخزين والإنشاءات والتصنيع والتجارة والمناجم والفنادق والمقاهي والمطاعم والخدمات العامة.

    وتستوعب هيئة الموانيء البحرية وجمعيتا عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر وخارجها 50% من مجموع الأيدي العاملة بمدينة بورتسودان ولا يتوفر لهؤلاء العمال أية ضمانات اجتماعية أو صحية بالرغم من خطورة العمل الذي يقومون به.

    ويبلغ متوسط أيام العمل بالنسبة للعمال في الميناء سبعة أيام في الشهر الأمر الذي يعكس إنخفاض دخل الفرد في هذا القطاع، كما أن هناك نظام مزدوج للأجور يتقاضى فيه العمال البجه أجرا أقل من رصفائهم من الوافدين من الشمال.


    عمال الشحن والتفريغ

    ظل عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر (محمد أوهاج آدم، دراسة 1993) يعملون في ميناء بورتسودان قرابة قرن من الزمان على ظهر السفن الأجنبية، يشحنون الصادرات (السودانية)، ويفرغون الواردات من منتجات ومعدات تنمية. وأكسب هذا التعامل المستمر العامل مهارة عالية، مكنته من أداء هذا العمل بصورة متقنة، مما أعطى لميناء بورتسودان سمعة عالمية طيبة في سرعة عمليات الشحن والتفريغ، نتج عنها استقطاب مزيد من الخطوط العالمية الملاحية، والذي بدوره ساهم بفعالية في انعاش اقتصاد (السودان). استمر هذا العامل البجاوي يعمل بتفان ونكران ذات، في ظروف قاسية تنقصها أبسط متطلبات الأمن الصناعي، ويتقاضى أجر الكفاف ليعيش في فقر مدقع بلا ضمانات اجتماعية أو صحية، بينما يتحول كل جهده وعرقه إلى رخاء ورفاهية لصناع القرارات الشماليين في الشمالية والخرطوم.

    بدأ عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر العمل في ميناء بورتسودان منذ افتتاحه عام 1909. ونسبة لنقص الأيدي العاملة محلياً، جلبت شركات الملاحة الأجنبية عمالاً يمنيين من اليمن. وبتوجيه من الإدارة البريطانية، شجع زعماء البجه مواطنيهم للهجرة من الريف إلى بورتسودان للعمل في الميناء. لقد أضر هذا العمل بالبجه ودمر الريف، حيث تركوا مزارعهم وقطعانهم وحياة الاكتفاء الذاتي في الريف، ليعملوا في الميناء في ظروف قاسية ودون أية ضمانات أو تقدير لتضحياتهم الجسام في سبيل رفاهية (السودان).

    وفي السنوات الأخيرة، فإضافة لتغول الحكومات الشمالية على مراعي البجه وتجاهلها للتنمية الريفية مما سبب الجفاف والقحط، واجبر السكان على الهجرة لمدينة بورتسودان ضمن مدن البلاد الأخرى. فزاد الاقبال على العمل في الميناء، وتضاعف عدد العاطلين.


    العمل النقابي والتنظيمي

    في بداية عمل عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر، نظمت الإدارة الأهلية والانجليز هذا الاستخدام، ووزعت القبائل على مجموعات عمل XكلاتZ. وتم إنشاء أول مكتب عمل بديم العرب في عام 1949، وذلك لتنظيم عمل الكلات. وتكونت نقابة سميت نقابة البجه تهتم بشؤون عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر.

    كانت هذه النقابة هي ثاني نقابة في تاريخ (السودان) بعد نقابة السكة الحديد. وشارك ممثلوها في المؤتمر الثالث لنقابات السودان في عام 1954.

    في عام 1964، في عهد حكومة الفريق عبود، جرت أول محاولة لتحسين أوضاع عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر، وذلك من قبل اللواء محمد نصر عثمان السواكني وزير الاستعلامات والعمل آنذاك. فقد كان أول شخص يقوم بفتح باب المفاوضات الجماعية بين شركات الملاحة ونقابة عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر. وشجع العمال على تحسين مظهرهم لأنهم يمثلون واجهة البلاد. وقامت النقابة بمحاولات لإزالة التفرقة في الأجور.

    قامت الخطوط البحرية بعد إنشائها عام 1963، باستيعاب 4 كلات في الخدمة المستديمة. وتضرر عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر منها لأنها خفضت نسبة تشغيلهم.

    في عام 1975 طالبت نقابة عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر بتحسين أوضاع أعضائها. وتكونت لجنة وزارية قدمت توصيات ماتت في مهدها. ثم تكونت لجنة وزارية ثانية عام 1982 توصلت لنفس نتائج سابقتها ومصيرها. وهكذا تهمل مطالب العمال البجه من كل الحكومات الشمالية العنصرية التي تستغل جهدهم وعرقهم.

    جمعية العمال التعاونية

    إن عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر عانوا ولا زالوا يعانون ويدفعون ضريبة رفاهية (السودان) التي تستمتع بها الشمالية. وأدت مساعيهم الحثيثة لتحسين أوضاعهم إلى قيام جمعية تعاونية انتدب لها تعاونيون من عام 1978 إلى عام 1986. وبالصبر والإصرار شيدت عمارة عام 1980 وذلك من مساهمات الأعضاء. كذلك منحت الجمعية قطعة أرض بالشاحنات بالكيلو 8 بالدرجة الأولى، وذلك لبناء مصنع للثلج والمياه الغازية. ومع دخول الآليات الحديثة وتحويل بعض البواخر إلى ميناء سواكن، قل الطلب على العمال، وتردت أوضاعهم المعيشية المتدنية أصلاً. وتأثرت مشاريع الجمعية الاستثمارية. وبالرغم من هذا لم تهتم الدولة بمن خدموا نهضتها لقرابة القرن من الزمان. واليوم مع ابتداء العولمة واستخدام الحاويات التي احتكرها الشماليون ، فإن مصير هؤلاء العمال سيكون الفناء.

    عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر

    جاء في دراسة بعنوان Xإدارة العمل ودورها في التنمية إعداد حسين عبد الرحمنZ ما يلي: بدأ عمل هذه الشريحة من العمال بصورة منظمة عام 1909، وكونت لها لجنة لتسيير عملها، وتضم تلك الشريحة مجموعة عمل موحدة من الآتية:-

    سائق كرين أو الدرك. الأشرجي وكذلك الطلبجي، رئيس الكلة ومجموعة العمال ثم العداد. ويدار هذا العمل بواسطة لجنة شؤون عمال الميناء ولجنة الاتحاد وفقاً لنظام ميزانيات محددة وضوابط عمل واضحة، ويسود العمل نظام المقاولات لتحسين الأجور.

    ونسبة لعدم وجود تكافل اجتماعي أو ضمانات اجتماعية فإن نظام الوراثة عند الوفاة يسود، باعتباره استمراراً لإعالة الأسرة. ولهذا النظام أضراره الاجتماعية إذ جعل الهدف الأساسي هو العمل بالكلة بدلاً من وظائف تكون ذات فائدة في الأجر واستقرار العامل. وفي هذا العام خطونا خطوة في سبيل ادخالهم مظلة التأمينات الاجتماعية إلى جانب الصندوق التكافلي للذين لا تشملهم مظلة التأمينات الاجتماعية والهجرة من الريف التي استمرت لسنوات طويلة. ويتم التعايش بين عمال الكله وإخوانهم القادمين من الريف لمنحهم أيام عمل للإعاشة وسد الرمق. لقد قل العمال في الموانيء بسبب ادخال الآليات ولا بد من البحث عن مجالات جديدة للعمل خاصة مع الهجرة المكثفة من الريف.


    عمال الشحن خارج البواخر

    كانت هذه الشريحة من العمال تعمل بأجور زهيدة تحت استغلال مقاولي الأفراد الذين يأكلون ثمرة جهودهم، وانتظموا في جمعية تعاونية يجلبون العمال للشركات والهيئات، ويقومون بصرف الأجور نيابة عن الشركات والهيئات ويحصلون على 10% من الأجور. وأجور العمال ضئيلة رغم تعديلها كل عامين بواسطة لجنة الأجور. وينتشر هؤلاء العمال في الأحياء، مما جعلهم منفتحين على المجتمع فاكتسبوا عادات وتقاليد جديدة أدت لتنمية قدراتهم وتعلموا مهن أخرى إلى جانب مهنة الشحن.


    عمال الشحن والتفريغ في ميناء الأمير

    جاء في نفس المرجع السابق ما يلي:- هذه الشريحة من العمال هي من ضمن الشرائح الموجودة ببورتسودان. ولكنا وضعنا لها أسس علمية جديدة تتحاشى سلبيات التكوين التي تطبق في بورتسودان. وبالتالي تم دمجهم في مجموعة عمل موحدة تعمل داخل وخارج البواخر بصورة منظمة لتنمية التداول في كل المواقع. وبالتالي استطعنا أن نوحد العمال في بوتقة واحدة. وكما أن مجموعة العمل لم تكن على أساس قبلي وإنما تم جمع العمال جميعاً في مجموعات عمل يشرف عليها رؤساء مجموعات، وهم يتناوبون على العمال دون أن يكون لهم عمال معينيين، وبالتالي أبعدنا رؤساء المجموعات عن الضغوط التي كان يتعرض لها رؤساء الكلات Xمجموعات العمال، المفرد كلا أو كلةZ. كما أن جعلنا رئيس المجموعة لا يتحكم في تعيين العمال حيث إنتهى الإنتماء إلى القبيلة وأصبحوا يمثلون قومية واحدة مشدودة إلى العمل بدل القبيلة. كما أن رئيس (الكلا) كهدف يسعى إليه الجميع قلل من السعي إليه بعد الإلغاء مما يجعل العمال يتجهون إلى العمل بشتى أنواعه وخاصة المهن الحرفية، وسوف تشمل مظلة التأمينات كل عمال ميناء سواكن عند التطبيق.

    الرؤيا المستقبلية لتحسين الظروف الاجتماعية والمعيشية لعمال الشحن والتفريغ:

    1 ــ تقوية جمعياتهم التعاونية والتخطيط لإرتياد آفاق جديدة لمصلحة هؤلاء العمال، وإيجاد مصادر تمويل لها لتطرق المجال الزراعي والمجال الخدمي.

    2 ــ تخطيط مشروعات زراعية وتسجيلها وبناء مساكن نموذجية ليتم استقرار أسرهم وإنشاء مراكز للخدمات.

    2 ــ وضع خطة لتدريبهم على مهن أخرى للاستعانة بهم عند نقلهم من هذه المهنة بصورة تدريجية.

    4 ــ التحديث المستمر للموانيء ولمواقع العمل الأخرى سوف ينتج عنه فائض عمالة تترتب عليه آثار اجتماعية سيئة، ولا بد من معالجة هذا الوضع بعد الحصر، ثم استيعابهم في المشروعات التنموية التي تقام في المحافظات الثلاث.


    الاستخدام المؤقت

    بالإضافة إلى مجالات الاستخدام التي سبق ذكرها فهنالك الاستخدام المؤقت في المشاريع الكبرى مثل خط أنابيب البترول وطريق بورتسودان الخرطوم وتشرف على العمالة في مثل هذه المشاريع شركات (مقاولة الأفراد) الشمالية التي تعمل كوسيط بين الشركة المنفذة للمشروع والعمال وتقوم هذه الشركات باستغلال العمال البجه بمنحهم ربع الأجر الذي يستحقونه بينما تتقاضى من الشركة المنفذة للمشروع ثلاثة أضعاف ذلك.




    مركز التدريب المهني

    جاء في نفس المرجع السابق ما يلي:- تخرج من مركز التدريب المهني ببورتسودان منذ إنشائه (2229) طالباً في سبع دفعات أولها عام 1982. وتخصص منهم 967 في برادة الصناعة، و687 في ميكانيكا السيارات، و451 في كهرباء السيارات، و69 في التبريد والتكييف، و55 في الإلكترونيات.




    1 ـ (11) ـ نحو إيجاد حل لمشكلة القوى العاملة في بلاد البجه يجب إنشاء مراكز تدريب مهنيين ببورتسودان وكسلا والقضارف لتدريب خريجي المدارس الثانوية العامة والعاملين حالياً في المهن لرفع مستوى أدائهم وكفاءاتهم ولسد إحتىاجات البلاد.

    2 ـ إنشاء دور للثقافة لتثقيف العاملين وربطهم بالانتاج ورفع مستوى وعيهم النقابى وتكثيف محو الأمية وتعلىم الكبار الوظيفي بين فئات العاملين.

    وبما أن نوعية العمل الذي يؤديه عمال الشحن والتفريغ كعمال عرضيين تؤدى إلى تذبذب في مستوى دخولهم من شهر لآخر الشيء الذي لم يساعد في تحسين مستواهم الاقتصادي والاجتماعي، وبما أنهم يمثلون ما يقارب نصف العاملين بمدينة بورتسودان ويلعبون دورا هاما في تشغيل الميناء فإننا نرى:

    أ ـ العمل على استيعاب عمال الشحن والتفريغ داخل البواخر في الخدمة المستديمة.

    ب ـ أن تقوم إدارة الميناء بسد إحتياجياتها من العمال المستديمين من بين عمال الشحن والتفريغ خارج البواخر، حتى يمكن حصر الأعداد المتبقية لتسهيل مهام استفادتهم من الخدمات التي تقدمها الجمعيات التعاونية المنتمين إليها، والشروع في إنشاء مجلس محلي يرعى شئون عمال الشحن والتفريغ بمدينة بورتسودان اقتصاديا واجتماعيا، ويمكّنهم من أداء دورهم بكفاءة وإقتدار واشراكهم في التأمينات الاجتماعية.

    وبالنسبة للتعيينات الجديدة في الخدمة يجب أن يتم التعيين من أبناء البجه. كما يجب الإهتمام بتدريب الكوادر التي تعمل في مجال الأعمال البحرية بغرض تجويد الاداء ورفع الكفاية.



                  

01-14-2006, 06:00 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)


    المـيـــاه والكهرباء

    المياه

    إن(12) توفير المياه في الريف والمدن، له أبعاده الاقتصادية في حاضر البلاد ومستقبلها والمنطقة التي تعيش فيها. فالانتاج الزراعي عصب الاقتصاد يأتي من المناطق الريفية، مما يجعل توفير الماء للإنسان والحيوان هناك أمرا ضروريا لاستمرار الانتاج وتطويره.

    والماء إلى جانب كل هذا ضرورة اجتماعية، قامت حول منابعه وعلى جوانب مجاريه الحضارات وازدهرت الحياة، فاستوطن به الرحل واستقروا بعد تجوال أضاع وقتهم وجهدهم فانضموا إلى ركب العاملين المنتجين، وأتاح لهم الخدمات الأساسية من تعلىم وصحة.

    سلبيات نقص المياه

    بوفرة الماء تتوفر أسباب ومقومات البناء والتقدم ويقوم مجتمع الكفاية والعدل الذي يشعر فيه الفرد بإنسانيته وعزته وكرامته. إن عدم توفر المياه من العوامل الرئيسية في استقرار البداوة في البلاد وكثيرا ما ينتج عن ذلك ازدحام الحيوانات حول موارد المياه الثابتة وما يتبع ذلك من انتشار الأوبئة بين الحيوانات. وكذلك عدم توفير المياه يؤدي إلى لجوء الناس وحيواناتهم إلى موارد ملوثة وغير صحية مما يؤثر على الانتاجية عامة. وربما تسبب ذلك في موت الإنسان والحيوان. بالإضافة إلى ذلك فإن العطش يؤثر على أوجه استغلال جميع الموارد لهذه المنطقة ويشل قدرة الإنسان، إذ يشغل البحث عن الماء أكثر من 60 % من وقته، حيث تبعد موارد المياه الجوفية السطحية منها بالذات في الغالب من 3 ـ 5 كيلومتر عن بعض القرى وتجمعات السكان مما يضطر النساء لحملها على رؤسهن لمسافات طويلة.

    وبما أن العمل الىدوي هو العنصر الأساسي في مناطق العطش فإن الإنسان يعمل بفعالىة تقل عن 30 % من مقدرته وإن الحيوان يستهلك طاقة تقضى على أكثر من 70b% مما أفاده من المرعى الذي يبعد بأكثر من 60 كلم من مكان الماء الشئ الذي يتسبب في هزاله.

    إن الدراسة والاستفادة والبحث عن المياه ترتبط ارتباطا وثيقا بكل المكونات الأخرى الفاصلة والمتفاعلة والمتداخلة في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية لأي منطقة أو قطر. فتوفر المياه هو المرتكز الأساسي لاستقرار الإنسان ثم بلورة ثرواته زراعية أو صناعية، إذن فالمياه تمثل أهم مرتكز لتنمية البلاد وتعتمد علىها تفاعلات عوامل الانتاج.

    وعند أخذ الناحية الجيولوجية بالبلاد في الإعتبار من ناحية الموارد المائية، نجد أنها أيضا عنصر من العناصر الطبيعية المعوقة لتطوير المنطقة فالصخور الأساسية والتكوينات الجيولوجية الأخرى غير الحاملة للمياه الجوفية، تسود بهذه البلاد. وقد أدى هذا إلى صعوبة الحصول على المياه بغرض الاستثمار الذي يؤدي بدوره إلى حركة الاستيطان وإلى خلق فرص المشاريع التي تساعد على الاستقرار.

    مياه المدن الكبرى

    تعتمد المدن الكبرى في حصولها على مياه الشرب من مناطق تبعد عنها بمسافات طويلة، وتتمتع نسبة قليلة من المنازل في حصولها على المياه من أنابيب داخل المنازل وتعيش المدن الكبرى في ظروف تهددها بالموت عطشا من حيث طريقة حصولها على مياه الشرب وتعتمد البلاد أساسا على المياه السطحية في كل مناشط الحياة. فلقد حرمت هذه المنطقة من الرسوبيات الرملية ذات الخزانات المحملة بالمياه الجوفية ما عدا جيوب صغيرة جدا. وهنالك ثلاث مناطق تكونت فيها خزانات أرضية ضحلة في نهاية مجرى الوديان الكبيرة خلال الحقب الجيولوجية الحديثة، وهي دلتا توكر ودلتا القاش ووادي أربعات. والوديان الكبيرة في البلاد هي بركة واللانقيب والقاش وأربعات وعرب ووادي آمور إلخ... بالإضافة إلى فرعي نهر أتبره وسيتيت اللذان يصبان في نهر النيل عند مدينة أتبره.

    تصريف المياه

    وتنساب المياه السطحية في الوديان في محافظة البحر الأحمر في اتجاهين رئيسيين هما الاتجاه الشرقي نحو البحر الأحمر والاتجاه الغربي نحو نهر النيل. ويفصل هذين الاتجاهين خط يعرف بخط تقسيم المياه، ويمتد من الشمال الغربي إلى الجنوب الشرقي على قمة سلسلة جبال البحر الأحمر. ويمكن تحديد هذا الخط بالتقريب بخط الطول 30 ْـ 36 ْشرقا. وتصب الوديان المنسابة نحو الشرق في البحر الأحمر، وتتميز هذه الوديان بسرعة تصريف مياهها، وذلك لقلة الرسوبيات في أحواضها من ناحية، ومن ناحية أخرى انحدارها الشديد، إذ يرتفع سطح الأرض من ارتفاع الصفر على طول ساحل البحر الأحمر إلى أكثر من ثلاثة آلاف قدم تقريبا بالقرب من صمت، وأركويت في مسافة أقل من ستين كيلو متر، أما الوديان التي تنساب نحو الغرب، فهي تنساب ببطء نسبي، وذلك لسمك الرسوبيات وانحدارها الطفيف نسبياً. ومعظم الأودية التي تنساب نحو الغرب تنتهي في سهل مسطح حيث تتسرب المياه إلى جوف الأرض. وبما أن كمية الأمطار محدودة وشحيحة وموسمية. وموقف المياه الراهن قد أستغل إلى حد جاوز أو إقترب من الطاقة الانتاجية الحالية بالنسبة للمصدر المتاح. وعلىه يجب أن تستخدم كل الأسالىب العلمية في استخلاص كل كميات المياه من المصدر، وتخطيطها واستخدامها واستغلالها استغلالاً صحيحا. وهذا يحتم تحديد الطاقة الانتاجية القصوى للمصدر، مع تحديد حجم الطاقة الاستهلاكية للمشروع أو المدينة، وعلى ضوء الحقائق يمكن تحديد حجم المشروع أو المدينة حسب الأولويات في خطة المرفق المعني.

    مصادر المياه في البحر الأحمر


    تتكون مصادر المياه العذبة في محافظة البحر الأحمر من الأودية ومجاري المياه الموسمية، وتبلغ جملة مواردها 678 مليون متر مكعب، وتفاصيلها: خور بركة 600 مليون متر مكعب، خور أربعات 20 مليون متر مكعب، خور عرب 18 مليون متر مكعب، خور قوب 12 مليون متر مكعب، خور الدبيب 7 مليون متر مكعب، خور آمور 6 مليون متر مكعب، خور قدماي 4 مليون متر مكعب. كما توجد مصادر للمياه السطحية بالولاية خاصة في مدينة بورتسودان تتراوح الأعماق بين 40 ـ 60 قدم.

    جاء في جيدة الخليج في العام 2003م بأن الجهات التنفيذية في ولاية البحر الأحمر تشرع في تنفيذ مشروع مياه بورتسودان بعد أن اكتمل سد XقوبZ والخط الناقل لميناء سواكن وسد XتيتاZ لتوفير مياه الشرب لمدينة سنكات هذا العام. وسيتم اكتمال سد أربعات بسعة (20) مليون متر مكعب وإمداده بعشرين ألف متر يومياً، بالإضافة لمشروع تحلية مياه البحر الأحمر لإمداد مدينة بورتسودان بـ (10) آلاف متر مكعب يومياً، ودراسة نقل المياه من نهر النيل إضافة لسد توكر وسد Xخور موجZ. وتقدر القيمة الفعلية لتنفيذ هذه المشروعات بمبلغ سبعة ملايين دولار هي عبارة عن تمويل خارجي، بالإضافة إلى تمويل محلي بقيمة (700) مليون دولار.

    وادي أربعات

    لقد وجد وادي أربعات إهتماماً كبيراً لإرتباطه الوثيق بمدينة بورتسودان الميناء الأول لجمهورية (السودان). وعند إنشاء مدينة بورتسودان عام 1905م، كانت المدينة تعتمد على (خور موج) في مياه الشرب. ونسبة للتوسع في حجم الميناء والزيادة السكانية المطردة وملوحة الماء، بدأ التفكير في استغلال مياه أربعات عام 1912، ولكن لم يبدأ التنفيذ إلا في عام 1924م حيث حفرت بئران تنتجان 1200 طن يومياً من الماء، الذي ينساب بالإنحدار الطبيعي في أنابيب إلى المدينة قاطعاً مسافة 30 كيلو مترا. وتم حفر ثلاثة آبار أخرى فارتفع انتاج الماء إلى 2500 طن يوميا. وفي عام 1928 تم توصيل البئر الأولى بالثانية بنفق فارتفع انتاج الماء. ثم حفرت بئر مفتوحة عام 1941 لمقابلة الزيادة في استهلاك المياه وفي موسم 1957 ـ 1958م تم حفر عشرة آبار منها أربعة غير منتجة لارتفاع ملوحتها، وفي عام 1964م تم حفر سبعة آبار ستة منها غير منتجة. وفي موسم 1965/1966م تم حفر ستة أخرى ثلاثة منها غير منتجة. وتقدر الطاقة الانتاجية لهذه الآبار بحوالى 15 الف متر مكعب في الىوم.

    ازدياد الاستهلاك والمعاناة

    تشير الإحصائيات إلى أن كمية المياه المتاحة في الوقت الحاضر لا تفي بكل إحتىاجات السكان والصناعات والبواخر. وتعد بورتسودان من موانيء البحر الأحمر التي تمد السفن بمياه الشرب.

    أما احتىاجات مدينة بورتسودان من مياه الشرب فقد كانت في العام 1992م 686،41 متر مكعب توزعت كالآتي: 532،21 متر مكعب للمناطق السكنية، 965،4 متر مكعب للمناطق الإدارية، 683،2 متر مكعب للمناطق الصناعية والتجارية، 506،12 متر مكعب (30%) للفاقد. وفي يوليو 2001 ذكرت الصحف أن احتياجات بورتسودان بلغت 80 ألف متر مكعب، بينما سيبلغ انتاج الآبار الستة 30 ألف متر مكعب يومياً، بما في ذلك احتىاجات الصناعات المختلفة في مدينة بورتسودان من الماء، مما جعل هناك نزاعا مستمرا بين حاجة المواطنين لمياه الشرب وحاجة المصانع للمياه، إذ أن هناك عجز كبير في المياه وهكذا نجد أن معظم سكان المدينة يعانون من شح في المياه وتعيش المدينة في حالة سيئة بصفة عامة من العطش تتضاعف في شهور الصيف حيث تفقد أرواح بسبب العطش في أطراف المدينة حيث يسكن البجه.


    وتشير الدراسات إلى أن الطاقة الانتاجية السنوية لوادي أربعات تقدر بحوالى 3،3 إلى 5 مليون متر مكعب من الماء سنويا، وعلىه فقد وصل الاستهلاك إلى أقصى انتاجية وادي أربعات منذ عام 1980م وعلىه فيجب البحث عن مصدر آخر للمياه أو استخدام الوسائل العلمية لاستغلال كل مياه وادي أربعات وحتى يتم ذلك فإن سكان المدينة سيظلون مهددون بالعطش.

    حجز السيول

    منذ إنشاء مدينة بورتسودان، تكررت مقترحات بإنشاء خزانات وسدود لحجز المياه المنحدرة إلى البحر للاستفادة منها في إحداث أكبر قدر من الترسيب داخل الخور، ولكن اتضح أن مثل هذه الخزانات والسدود سيكون ضررها أكبر من نفعها، بمعنى أن المياه في إنحدارها إلى البحر تحمل معها كميات كبيرة من الطمي والحجارة المختلفة الأحجام، وستكون النتيجة تراكم مزيد من الطمي خلف السد أو الخزان المقترح. وستعمل كمية الطمي الكبيرة على عزل ترسب المياه داخل خزان الخور، وعلى المدى البعيد ستتراكم وراء السد أو الخزان بكميات كبيرة. وفي سبيل إيجاد حل لهذه المشكلة، تم في أوائل السبعينات التعاقد مع شركة (سوقرب) الفرنسية للقيام بدراسة هذا الوضع، واقتراح ما يمكن عمله لحجز أكبر كمية من المياه داخل الخور.

    مشكلة تمويل الخزان الأرضي

    وبعد خمس سنوات من الدراسات، توصلت الشركة إلى أنه لا بد من تشييد خزان أرضي في أضيق منطقة في أسفل الخور على عرض 450 متراً. والهدف من هذا السد الأرضي هو منع تسرب المياه من باطن الأرض إلى البحر، وذلك بسبب الانحدار الشديد. وقدرت الشركة أنه يمكن توفير 27 مليون متر مكعب داخل الخزان الأرضي.

    تم الاقتراح على تشييد السد المقترح بمنحة من بنك التنمية الإفريقي تقدر بمبلغ 6 مليون دولار، ووصل التنفيذ مرحلة طرح المناقصات، ولكن في آخر لحظة تدخلت هيئة توفير المياه آنذاك، وزعمت بأنه لا جدوى من قيام هذا السد، لأن في المنطقة سد طبيعي يؤدي مهمة السد المقترح. استمع المسؤولون في الهيئة المركزية للكهرباء والمياه لوجهة نظر هيئة توفير المياه، وبدأت في البحث عن السد المزعوم، فلم تجد له أثراً. واستغرق الجدل البيزنطي بين الهيئتين وقتاً كافياً لأن يسحب بنك التنمية الإفريقي قرضه، وإنتهى المشروع الذي كان يعتبر الحل الأمثل لمشكلة المياه في بورتسودان.

    تعلية الخزان والمصادر الأخرى

    كثرت الاقتراحات لحل مشكلة مياه بورتسودان مثل توصيل الماء من أتبره، أو خشم القربة، أو دلتا توكر. أما مشروع جلب المياه من خور سلوم فهو في طور التجربة الآن (1992م). إن استغلال هذا المصدر سيكون له أثر ضار على أهالي سلوم ومزارعهم ومراعيهم، وهذه حلقة من مسلسل إبادة البجه. وفي شهر يناير العام 2002م تم توقيع عقد تعلية خزان أربعات بين السودان وشركة كيم ودانفوديو الشركة المنفذة بتكلفة (700) مليون دينار ويزيد السعة التخزينية (15) مليون متر مكعب. كان يمكن تنفيذ هذا المشروع أثناء ولاية أي والي بجاوي للبحر الأحمر، ولكن الإنقاذ تريد أن تثبت للبجه أن أبناءهم فشلوا في حل المشكلة وأن الشماليين أكفأ منهم، طبعاً، لأنها تدعمهم لينجحوا. ولكن بالرغم من كل هذا الصرف الهائل فإن المدينة تظل تحت رحمة كمية مياه السيول.

    يتم توزيع المياه في أحياء المدينة المختلفة بشبكة طولها 140 كيلو متر، وتتكون من أنابيب 12 بوصة و8 بوصة و6 بوصة و4 بوصة و2 بوصة. وبالطبع فإن الشبكة لا تغطي كل أحياء المدينة (لا بد من الإشادة بمجهودات المرحوم المهندس زمراوي)، فالمناطق الشعبية التي يسكن فيها البجه أصحاب المياه لا تصلها المياه وتتم تغطية متطلباتهم من أكشاك، ويعانون من ارتفاع سعر المياه وتبديد الجهد والوقت والمال في الحصول على المياه.

    كتب الأستاذ التاج عثمان عن مشكلة مياه بورتسودان في صحيفة الرأي ما نورده بتصرف. وصلت أزمة مياه بورتسودان ذروتها في يوليو 2001م، حيث وصل سعر صفيحتي الماء إلى (200) دينار، بل وإن كثيراً من المواطنين لم يحصلوا عليها حتى بهذا السعر المرتفع!

    وفي المقر الدائم للجنة حل مشكلة المياه، قال الدكتور سيد بيومي نائب رئيس اللجنة، أن هناك 120 بئراً في خور أربعات لكنها لا تعمل جميعها. وتغذي المدينة يومياً بحوالى (30 ـ 40) ألف متر يتسرب نصفها من الشبكة. وتغطي الشبكة حوالى (30%) فقط من المدينة، ويستفيد منها فعلياً (15% ـ 20%)، لأن الشبكة موجودة في الأحياء الراقية وليس Xحيث يقطن البجهZ. ويوجد ببورتسودان مائة ألف منزل، وليس بها سوى (20 ـ 25) ألف عداد مياه، هذا يعني أن (75%) من سكان المدينة ليس لديهم امداد مائي منتظم.

    في شهر مارس 2002م صرح والي البحر الأحمر بأن ولايته تتفاوض مع شركات سعودية وإماراتية وكويتية لتنفيذ مشروع طويل الأمد لحل مشكلة مياه بورتسودان عبر خط ناقل من مدينة أتبره إلى بورتسودان يقدر طوله بنحو 472 كيلومتراً وبتكلفة 2150مليون دولار عبر نظام البوت. في شهر أغسطس 2002 تم الإتفاق مع شركة لبنانية لتحلية 10 الآف متر مكعب من المياه يومياً بتكلفة 7 ملايين دولار تنفذ خلال 6 شهور.

    دعم مشروعات مياه البحر الأحمر

    في يناير العام 2001م، تم التوقيع المشترك والصرف الصحي بولاية البحر الأحمر الذي تساهم في تمويله منظمة اليونسيف وهيئة المياه ووزارة التخطيط العمراني والمحليات بالولاية إلى جانب مساهمة الهيئة القومية للمياه بالخرطوم. وأوضح وزير التخطيط العمراني بالولاية عثمان إبراهيم شوف أن المشروع يشمل حفر وتركيب 44 بئراً جديدة وصيانة 96 مضخة يدوية جديدة إلى جانب إنشاء 122 من المراحيض المنزلية والمدرسية والعمومية. وقال إن المشروع يهدف لتطوير خدمات المياه والصرف الصحي وزيادة استخدام الصرف الصحي.

    مياه دلتا توكر

    تستجلب المياه لمدينة توكر من كرمبيت داخل الدلتا على بعد 18 كيلومتر. والمياه متوفرة في هذه المنطقة، وقد تم إنشاء هذا المشروع عام 1925. وتعتبر مدينة توكر من أوائل المدن في (السودان) التي تنعم بمياه شرب نقية نتيجة لإنشاء المؤسسة الزراعية فيها. وتتعرض المياه للانقطاع نسبة للظروف المناخية من سيول وأعاصير في الخريف. ويوجد خطان لنقل المياه من المصدر أحدهما قياس 8 بوصة والآخر 6 بوصة. وتم إنشاء محطة اسعافية على بعد ثلاثة كيلومترات من المدينة بحفر آبار بعمق 70 قدماً في المتوسط. وتنتج هذه الآبار 700 متراً مكعباً في اليوم، وتحتاج المدينة إلى 1200 متراً مكعباً في اليوم.

    مشروع مياه سنكات

    مصادر المياه بسنكات شحيحة للغاية ولقد كانت المدينة تحصل على مياه الشرب من آبار في الخور بالمدينة الرئيسية بواسطة طلمبات كهربائية غاطسة. وقد نضبت هذه الآبار واستعيض عنها بحفر ثلاثة آبار في منتصف المسافة بين سنكات وجبيت (أديت). وتم مد خط قياس 6 بوصات إلى مسافة خمسة كيلومترات لتوصيل المياه إلى مدينة سنكات. وتبلغ انتاجية هذه الآبار 300 متر مكعب في اليوم. وجرى استبدال الخط 6 بوصة القديم بآخر جديد من مخلفات مواسير شركة ريكي التي عملت في مشروع هيا ـ كسلا.

    مشروع مياه جبيت

    مصادر مياه جبيت مثلها مثل المصادرالأخرى بالبحر الأحمر شحيحة تعتمد على معدل هطول الأمطار وتعاني من عدم اهتمام السلطات. وتوجد خمسة آبار تدار بمحركات ديزل بالإضافة إلى بئر سادسة حفرتها الشركة الألمانية التي شيدت طريق بورتسودان/ هيا، وتدار هذه بمولد كهربائي. ويوجد خط 6 بوصة وآخر 4 بوصة لتوصيل المياه إلى المدينة. أما شبكة المياه داخل المدينة فهي تتكون من مواسير قياس 3 بوصة و2 بوصة.

    مياه سواكن

    توجد بعض الآبار بخور الشاطيء (الشاطه) لإمداد مدينة سواكن بالمياه وذلك لبعض المنشآت والمرافق العامة. وتتميز مياه هذه الآبار بالملوحة ولا تصلح للشرب إلا عند تدفق السيول في الخور. وتضخ المياه من الآبار بواسطة المراوح الهوائية وطلمبات إدكو. والآن توقفت مراوح الهواء لعدم وجود قطع الغيار وشح إمداد المياه لذلك. وتوجد شبكة متواضعة من خطوط قياس 4 بوصة وبوصتين.

    وفي شهر مارس 2002م تم في بورتسودان التوقيع على إتفاقية تنفيذ مشروع توصيل المياه من سد قوب بالمنطقة جنوب سواكن إلى مدينة سواكن ومنطقة البحر الأحمر الحرة حيث تم الإتفاق بين حكومة الولاية وشركة الموانيء الهندسية على توصيل شبكة مياه بطول 25 كيلو متراً لضخ خمسة آلاف متر مكعب من المياه يومياً.

    (13) ويعتبر وادي (أديت) من أهم الخيران بمنطقة سنكات وهو الذي يمد مدينة سنكات وكذلك جبيت بما تحتاجانه من مياه ولم تكتمل الدراسات الهيدرولوجية لهذا الوادي لمعرفة كميات المياه الجوفية المخزونة به، وكميات المياه المستخرجة والمتجددة له.

    ووادي عرب من أكبر الأودية بمديرية البحر الأحمر، ويحمل سنويا كميات من المياه السطحية تقدر بأكثر قليلا من الخمسين مليون متر مكعب في السنة. أما وادي دورديب ووادي لانقيب فكلاهما يحتويان على مياه جوفية.

    وفي منطقة حلايب توجد بعض الآبار بوادي (جيلهوك) ووادي (دولب) كما أن هناك بعض الخيران والأودية التي تحتاج إلى دراسات موسعة لمعرفة إمكانية تواجد المياه الجوفية بها مثل وادي (شالال) ووادي حلايب (ووادي تومايت) ووادي (سيريماتاى) إذ أن منطقة حلايب أكثر المناطق تعرضاً للجفاف والقحط وما يتبعهما من مجاعات ومحل.

    وفي منطقة سواكن فلقد أسفرت الدراسات الهيدروجيولوجية بوادي (هندوب) عن قلة المياه الجوفية. أما وادي (قوب) فإن المياه الجوفية متوفرة فيه.


    المياه في محافظة كسلا (والقضارف)

    إن طقس محافظة كسلا (والقضارف) يجعل المياه نادرة (المشروع الهولندي). ويشكل وجود مياه الشرب وجودتها وجود الناس والحيوانات، واختيار مناطق استيطان الناس يعتمد أساسا على هذين العاملين.

    ويعتمد إمداد ولاية كسلا والقضارف بمياه الشرب على أنواع عديدة من مصادر المياه، ذات الخصائص المختلفة فيما يتعلق بفترة الإمداد وجودة المياه وطاقتها.

    إن الوصول إلى مصادر المياه السطحية، بخلاف جلبها من الأنهار والقنوات، مقتصر على موسم الأمطار وشهرين أو ثلاثة أشهر بعد ذلك. وينطبق نفس الشئ على الآبار الضحلة التي يعاد شحنها من الخيران ونهر القاش. إضافة إلى هذا فإن هذه الآبار غير دائمة،حيث تدمرها الفياضانات كل عام. وتزود معظم الأنهار الآبار بالمياه السطحية خلال فترة الجفاف، ولكنها تجف في النصف الثاني من موسم الجفاف (مارس ــ يونيو). تتوفر مصادر المياه الجوفية ومياه ري الخزانات طوال العام، ولكنها بالرغم من هذا تعتمد على إعادة الشحن المنتظمة بالمياه. نتيجة لعدم توفر بيانات كافية، فلا يمكن الحصول على نظرة فاحصة على وضع امدادات المياه في الولاية. وبالرغم من هذا فإنه بمقارنة البيانات المتوفرة عن انتاج المياه واحتياجات الناس والماشية من المياه يجعل من الممكن التوصل إلى بعض النتائج.

    مياه الشرب في كسلا والقضارف

    نسبة لأن عدداً كبيراً من مصادر المياه موسمية فإن انتاج تشغيل المصادر من المحتمل جداً ألا يلبي أقل احتياجات الناس في الولاية (2،2 متر مكعب للشخص في السنة). وإذا نظرنا إلى مقياس منظمة المياه العالمية فإنها تخصص 3،7 متر مكعب للشخص في السنة، والوضع الحالي في البلاد أسوأ من هذا بكثير.


    مصادر المياه في ولاية كسلا

    أهم مصادر المياه السطحية في ولاية كسلا تشمل نهر أتبرا ونهر القاش، ويتكون نهر أتبره من نهري أتبره وسيتيت ومتوسط إيراده السنوي (12000) مليون متر مكعب 60% من نهر سيتيت و40% من نهر أتبره، وتبلغ كمية المياه المتاحة لاستغلال الولاية من هذا النهر سنوياً (3980) مليون متر مكعب.ويبلغ متوسط الإيراد السنوي من مياه نهر القاش (560) مليون متر مكعب ويوظف (60%) منه لري مشروع القاش الزراعي، بينما يتسرب جزء من المتبقي لتغذية الخزان الجوفي ويفقد جزء كبير بواسطة التبخر. وتعتبر منطقة كسلا من أكثر مناطق (السودان) استخداماً للمياه الجوفية التي تروي سبعة آلاف فدان مزروعة بالفواكه والخضر. وتوجد المياه الجوفية في منطقة كسلا في الرواسب النهرية التي رسبها نهر القاش ويقدر مخزونها السنوي بستمائة مليون متر مكعب.وتبلغ انتاجية حوض القاش 300 ألف متر مكعب في اليوم، وانتاجية حوض أدارهبيب 50 ألف متر مكعب في اليوم.

    وفي منطقة الجمام تم حفر أربعين بئرا جوفية في الفترة ما بين عام 1926م وعام 1935م. وتتراوح انتاجية هذه الآبار بين ألف وألف وخمسمائة غالون في الساعة. وتتميز المياه بقلة الأملاح الذائبة بها. ونتيجة للدراسات التي أجريت في هذه المنطقة عام 1970م اكتشفت في منطقة الجمام مياه جوفية وفيرة صالحة للشرب والزراعة.

    أما منطقة (مكلي) فلقد إتضح من الحفريات التي أجريت ما بين عام 1926م وعام 1927م أن انتاج الآبار ضعيف كما وأن الأملاح الذائبة بالماء عالىة.

    كما تم حفر عدة آبار جوفية في منطقة أروما لمد هذه المنطقة بالمياه الجوفية الصالحة للشرب، وقد كانت انتاجية هذه الآبار ضعيفة، كما وأن الماء مالح. وفي عام 1962م حفرت بئر جوفية بمنطقة (ود عالم) وقد كانت المياه مالحة وغير صالحة للشرب.

    (14) ولتنمية مصادر المياه في البلاد خاصة في وادي أربعات يجب إنشاء محطة مشتركة لتحلية المياه وتوليد الكهرباء بين بورتسودان وسواكن لمقابلة إحتىاجات المنشآت الصناعية الجديدة.


    كذلك العمل الفوري في إنشاء شبكات أنابيب تربط بين مصادر المياه المختلفة الواقعة بالقرب من الساحل، وتوزيع المنشآت الصناعية والعمرانية على ساحل البحر بهدف التناسب والتناسق بينها وبين مواقع مصادر المياه الطبيعية.

    وبالنسبة للمياه الجوفية والسطحية في الوديان فيعمل على الاستفادة منها لأغراض الزراعة وتوطين الرحل وكذلك تعميم إنشاء السدود في الأودية التي سبق أن أجريت بها دراسات سابقة. وكذلك الاستفادة من الطرق الحديثة لتحلية المياه لأي منشآت اقتصادية تقوم بالمنطقة الشمالية وخاصة طريقة التحلية بالطاقة الشمسية لخاصيتها الاقتصادية.

    أما بالنسبة لإنخفاض منسوب المياه الجوفية بمنطقة كسلا فلا بد من تكملة الدراسات التي بدأتها مصلحة الجيولوجيا في السنين الأخيرة والتي تشمل الأودية (1974).

    وحول الحقوق المكتسبة من مياه القاش وبركة يتوجب التوصل لإتفاق مع الجارة إريتريا حول هذه الحقوق والتعاون الفني للتنظيم على ما يلزم من معلومات الرصد والتنبؤ، وتحسين طرق الري بدلتا القاش وتوكر بهدف الاستفادة المثلى من المياه الفائضة وترشيد استعمالها في أغراض الزراعة.

    وأيضا الإهتمام بحل مشكلة مياه الشرب بمناطق الزراعة الآلية عن طريق حفر آبار جوفية أو مد أنابيب مياه من الخزانات المقترحة، وتدعيم الأجهزة الإدارية بالكوادر الفنية اللآزمة نسبة لحدة مشاكل المياه في البلاد والعمل على إتباع الطرق الحديثة لتغذية الخزانات الجوفية بمياه الفيضانات بصفة خاصة في بركة والقاش وتعميم ذلك على كل الوديان الرئيسية بمنطقة البحر الأحمر.


    مياه القضارف

    تشكل مشكلة المياه هما كبيرا لمواطني القضارف وريفها. ذكر والي القضارف في صحيفة الرأي العام عدد 19/8/1999 Xتم تأهيل كل مصادر المياه القديمة والحديثة بولاية القضارف، وتضاعفت كميات المياه من الشوك، وأبو النجا، والعزازة، والسرف ... ونقوم الآن بإنشاء سدود كبيرة، مثل سد (دلسه) وسد (آبايوه). تبلغ حاجة مدينة القضارف من المياه 25 ألف متر مكعب يوميا ونمتلك الآن 26 ألف متر مكعب يوميا. المشكلة ليست مصادر المياه بقدر ما هي في الشبكة التي نقوم بتجديدها وتأهيلهاZ.

    اعتمدت القضارف في الماضي على الأمطار والوديان والحفائر والآبار السطحية لمدها بمياه الشرب، ولكنها ومنذ نهاية الخمسينات تميزت بطفرة اقتصادية هائلة أدت إلى تطور وتوسع تبعها زيادة سكانية ضخمة بلغت نسبتها 7،4% مما نتج عنه البحث عن مصادر مياه جديدة لمواكبة الزيادة السكانية. ومن المحاولات، خزان دلسة في الستينات، محطة أبو النجا، محطة مياه الشوك في السبعينات على نهر أتبره، محطة العزازة في التسعينات. واستمر المتاح لا يفي بالإحتياجات الفعلية التي يبلغ 25 ألف متر مكعب يومياً، ويقدر الإحتياج المستقبلي بالمترات المكعبة يومياً 37 ألف عام 2003، و52 ألف عام 2008، و85 ألف عام 2015. توفر المصادر المتاحة في أفضل الظروف (16 ألف متر مكعب يومياً). اقترح إنشاء سد أكرب على نهر أتبره لتنمية منطقة البطانة. وموقعه قرب مدينة الشوك على مسافة 40 كلم من الحدود الإثيوبية المساحة المقترح ريها هي 500 ألف فدان. والهدف من المشروع إمداد مدينة القضارف وكل القرى بمياه الشرب، قيام التصنيع الزراعي والتعدين وزراعة المحاصيل النقدية، اسعاف خزان خشم القربة الذي قل تخزينه نتيجة لتراكم الأطماء، واستغلال بحيرة السد لتوليد الكهرباء المائية. وفي الريف تم حفر 55 بئراً و41 حفيراً، كما تم تأهيل 186 بئراً و141 حفيراً. كذلك تم بتمويل من صندوق الأمم المتحدة بكلفة 307 مليون دولار حفر 24 بئراً تجريبية ضمن مشروع تنمية وسط البطانة.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 27/12/2002 ما يلي: يشكل الحصول على مياه الشرب النقية مشكلة حقيقة في ولاية القضارف خاصة في فصل الصيف. وتتفاقم المشكلة نتيجة للنمو السكاني العالي الذي يبلغ 47% في العام، ويعد أعلى النسب في (السودان)، وبالرغم من ارتفاع متوسط الأمطار الذي يتراوح من 500 إلى 600 مللتر في العام، إلا أنها فترة موسمية قصيرة. وتصل حاجة استهلاك المياه إلى 25 ألف متر مكعب يومياً، بينما المتاح حوالى 17 ألف متر مكعب يومياً في فترة جريان نهر أتبره، وعند توقف جريان النهر، يصبح المتاح 6 آلاف متر مكعب يومياً، ونتيجة لذلك تكون حصة الفرد من المياه 15 لتراً يومياً بينما من المفترض أن تكون حوالى 70 لتراً يومياً. والمصادر الحالية للمياه هي من نهر أتبره حيث يتم ضخ 10 آلاف متر مكعب يومياً، من هذا النهر الموسمي، ويصل الضخ إلى صفر عند توقفه عن الجريان، إضافة إلى آبار الشوك وهي تضخ مساعدة تبلغ 3 آلاف متر مكعب يومياً، كما تعطي آبار أبو النجا، وهي آبار جوفية، حوالى 3 آلاف متر مكعب يومياً، وآبار العزازة، وهي مياه جوفية، تعطي بين 3 و4 آلاف متر مكعب يومياً، وأفضل المتاح حوالى 2500 متر مكعب يومياً، إلا أنه نسبة للنمو السكاني السريع ستبلغ احتياجات المدينة العام 2015 حوالى 85 ألف متر مكعب يومياً. (12/ 2002).

    الكهرباء في البحر الأحمر

    في مارس عام 1988، (تقرير عبد المجيد سيد أحمد، كبير مهندسي تخطيط الشبكات في الهيئة القومية للكهرباء) أوفدت الهيئة القومية للكهرباء مهندسين واقتصادي إلى منطقة البحر الأحمر لإجراء تحديث للدراسة التي قام بها المستشارون موتر كولمبس في منطقة البحر الأحمر، والتي تمت في عام 1982 حيث أنه لم يطرأ تغيير يذكر على هذه المنطقة حتى الآن (يناير 1993).

    بورتسودان وسواكن

    بورتسودان هي المدينة الثانية في (السودان) بعد الخرطوم من حيث التعداد السكاني واستهلاك الكهرباء. يبلغ عدد سكان بورتسودان نصف مليون نسمة وفق حصر البطاقات التموينية، والواقع فإن عدد سكانها يزيد على المليون نسمة إذا اضيفت كل قطاعات اللآجئين والنازحين من البلدان المجاورة.

    توجد بالمدينة صناعات كبيرة ومتعددة منها صناعات النسيج والزيوت والصابون ومطاحن الدقيق وبعض الصناعات الخفيفة. والمدينة مركز تجاري واقتصادي هام يمر بها 70% من الواردات. لذا فإن الإهتمام بالطاقة يجب أن يجد العناية من السلطة الاتحادية لا أن يترك الأمر لحكومة الولاية ومجاهدات المهندس الخلوق عبدالله محمد عبد القادر قرشي.

    تعاني مدينة بورتسودان حالياً من نقص مريع في التوليد الكهربائي، حيث يوجد فيها من الطاقة المتاحة فقط حوالى 18 ميغاواط من اجمالي قدرة الماكينات المركبة وهي 39 ميغاواط، أما احتياج المدينة فيبلغ حوالى 2،92 ميغاواط إذا تم إمداد القطاع الصناعي. ويحتاج القطاع السكني (يناير 2003) إلى 5،24 ميغاواط (المتوفر 490،12)، والصناعات الثقيلة 3،38 ميغاواط (المتوفر 065،14 ميغاواط)، الصناعات الخفيفة 7،15 ميغاواط (المتوفر325،1 ميغاواط)، المؤسسات 4،3 ميغاواط (المتوفر646،3 ميغاواط)، الإضاء{ 6،4 ميغاواط (المتوفر 344،0 ميغاواط)، القطاع التجاري 7،5 ميغاواط (المتوفر 188،3 ميغاواط). وتعتمد حوالى 85% من مصانع القطاع الخاص على التوليد الخاص للطاقة من مولدات بلغت قدرتها 50 ميغاواط. إن التوليد الخاص عالي التكلفة لاستخدامه الوقود الخفيف بالإضافة إلى استهلاك قطع الغيار ومصاريف التشغيل، وكل هذا اهدار لاقتصاد الأفراد والدولة. نتيجة لعدم توفر الكهرباء للتبريد في المستشفيات فعندما أصيب 170 شخص بضربة الشمس في صيف العام 2001 و140 في عام 2002 توفي منهم أكثر من 25%. هنا لا بد من الإشادة بجود الدكتور الإنسان عبد الله أحمد عمر.

    مدينة سواكن هي ميناء (السودان) الثاني وتقع على بعد 60 كلم من جنوب بورتسودان، ويبلغ عدد سكانها 2300 نسمة، ويعمل معظمهم في الرعي وبها تجارة المواشي وصيد الأسماك وبعض الصناعات الحرفية الخفيفة. ويزيد من أهمية سواكن افتتاح المنطقة الحرة .

    ومن المقترح تركيز توليد الطاقة الكهربائية في مدينة بورتسودان وأن تغذي مدينة سواكن بضغط عالي 2×33 ك ف. حيث من المقدر أن تستهلك المنطقة الحرة حوالى 10 ميغاواط. وتم تقدير كلفة مشروع كهرباء سواكن من شبكة توصيل وشبكتا ضغط عالي ومنخفض بمبلغ 108 مليون جنيه. في شهر سبتمبر عام 1993 ، حضرت شركة كولجيان الأمريكية وشرعت في دراسة جدوى بخصوص تحلية جزء من مياه البحر الأحمر، واستخدامه في مجالي التوليد الكهربائي، وإمداد مدينة بورتسودان بحاجتها من مياه الشرب. واستبشرت الشركة عندما علمت بوجود غاز طبيعي بمنطقة البحر الأحمر والذي بدء في استغلاله فعلاً. وتؤمل الشركة في استخدام هذا الغاز كوقود سوف يقلل التكلفة، إن لم نقل سيجعلها شبه مجانية.

    من المتوقع أن يرتفع التوليد الكهربائي الحالي بمدينة بورتسودان إلى 20 ميغاواط بعد إعادة تأهيل الماكينات الموجودة، وسيظل هناك نقص قدره أكثر من 40 ميغاواط. وتقترح الخطة الاسعافية شراء 3×10 ميغاواط ماكينات ديزل، وقد كان أن بحثت الحكومة اليابانية تمويل هذا المشروع، كما وقدم هذا المشروع لبنك التنمية الإفريقي لتمويله، وحتى الآن لا يزال المشروع معلقاً (1993). وإذا نفذ هذا المشروع يستمر عجز العشرة ميغاواط. وتقدر تكلفة تنفيذ المشروع، وهي 4 مولدات×10 ميغاواط وشبكة توزيع بورتسودان بمبلغ 60 مليون دولار من المكون الأجنبي و60 مليون جنيه من المكون المحلي. بالإضافة إلى زيادة نسبة 30% للطواريء لهذه التكلفة. وإذا تمت تغطية العجز في التوليد والتوزيع، فسوف تقل تكلفة المنتجات الصناعية، وسوف يتحسن الامداد الكهربائي لمدينتي بورتسودان وسواكن وسوف وسوف!! وحتى اليوم 27/6/2003 لم يتم غير تنفيذ خطة اسعافية .

    في إطار دراسة الخطة الطويلة الأمد حتى عام 2015، التي تتم بواسطة الهيئة القومية للكهرباء عن طريق المستشارين الكنديين (أكرز)، فإن هناك مقترحات باستخدام الغاز الطبيعي وتوليد طاقة حرارية بخارية في حدود الـ 320 ميغاواط، وربط مدينة بورتسودان بالشبكة القومية بعد إنشاء سد الحماداب (مروي) حيث التوليد الكهرمائي. ومن المقترح أن تربط مدينة بورتسودان بواسطة ضغط عالي في حدود الـ 220 ك ف حتى مدينة أتبره، وبالتالي ترتبط بالشبكة القومية للكهرباء. تم في يوليو 2000، الإتفاق مع شركة خاصة لتزويد مدينة بورتسودان بالكهرباء من مولدات. كما تم إنشاء شركة مساهمة خاصة لهذا الغرض، بينما نرى وزير النفط يتبرع لكهرباء ولاية النيل بآلاف الدولارات، في النهاية فإنه مهما كانت قوة الكهرباء فإن البجه لايستفيدون منها شيئاً.


    كهرباء محافظة توكر

    تقع مدينة توكر على بعد 120 كلم جنوب بورتسودان، وعدد سكانها 16150 نسمة (تعداد 1976)، ويقدر البعض سكانها بــ 300 ألف نسمة في موسم الزراعة. ومدينة توكر من أوائل المدن التي دخلت فيها الكهرباء في السودان عام 1946، وذلك بفضل الله ثم السيد باعبود الذي أنشأ شركة كهرباء خاصة. وحكى الأستاذ عبد الله الحسن الخضر، أن الكهرباء في عهد شركة باعبود لم تتعطل إلا مرة واحدة فقط بسبب الصيانة الدورية، تلقى فيها السكان اعتذارا مكتوباً وزع عليهم مسبقاً!


    يقدر احتياج المدينة من الطاقة الكهربائية بحوالى 2 ميغاواط، وذلك في حالة تضمين الخطة الاسكانية التي تبلغ 5646 قطعة، بالإضافة إلى تحديث شبكة التوزيع، وادخال شبكة توزيع جديدة للامتدادات السكنية الجديدة في شمال المدينة. وتقدر تكلفة مشروع التطوير الذي يتكون من 2 مولد ×500 كيلواط وواحد مولد ×1 ميغاواط بالإضافة إلى شبكة توزيع للضغطين العالي والمنخفض بالعملة المحلية فقط، 2 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، و75 مليون جنيه من المكون المحلي.


    كهرباء محافظة سنكات

    (تشمل محافظة سنكات مدينتي سنكات وجبيت. وتقعان على بعد 150 كلم تقريباً جنوب غرب مدينة بورتسودان. يبلغ عدد سكان مدينة سنكات 7918 نسمة (تعداد 1983)، ويقدر عدد سكانها حالياً بحوالى 17000 نسمة نتيجة لنزوح سكان الريف الذين تضرروا من الجفاف الناتج عن تدمير البسئة بتشييد الطرق السريعة وغيرها. وتستمد أهميتها من كونها أكبر محطة للسكة الحديد ويوجد بها مصنع للرخام متوقف منذ عدة سنوات. وعدد المنازل فيها 000،5 منزل، والمقترحة 000،7 منزل. وتقدر تكلفة مشروع تطوير الكهرباء للمدينتين الذي يتكون من 2 مولد ×500 كيلواط وواحد مولد ×1 ميغاواط بالإضافة إلى شبكة توزيع للضغطين العالي والمنخفض بالعملة المحلية فقط، 2 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، و42 مليون جنيه من المكون المحلي، بالإضافة إلى 10 مليون جنيه لشبكة توصيل جبيت (11 ك ف).

    يقدر عدد سكان مدينة جبيت بحوالى 000،7 نسمة (تعداد 1983)، ويقدروا حالياً (1993) بــ 000،10 نسمة. تستمد جبيت أهميتها من وجود قاعدة عسكرية كبيرة ومدرسة تدريب المشاة فيها. وتبعد حوالى 15 كلم شمال مدينة سنكات. وبها حوالى 150 مشتركاً في الكهرباء. ويمكن ربط مدينة جبيت بسنكات بخط ضغط عالي 11 ك ف لمسافة 15 كلم لتتغذى المدينة من سنكات، وبذا يتم توفير تكاليف تركيب محطة وأجور عمالة وصيانة وتشغيل، وحيث يوجد بها 1800 منزلاً فقط، فإنها لا تشكل عبئاً على محطة سنكات.


    كهرباء محافظة حلايب

    تقع حلايب على بعد 450 كلم شمال مدينة بورتسودان، وعدد سكانها 1500 نسمة (تعداد 1983). وتستمد أهميتها من أن بها نقطة جمارك حدودية ومنطقة تكامل بين (السودان) والشقيقة مصر، بالإضافة إلى تجارة المواشي. يقدر عدد المنازل فيها بحوالى 000،3 منزل. وتقدر تكلفة مشروع تطوير الكهرباء للمدينة الذي يتكون من مولد 4/3 ميغاواط ×250 مليواط ×3 4/3 مليون دولار أمريكي من المكون الأجنبي، ومن المكون المحلي 4/3 مليون جنيه سوداني بالإضافة إلى 40 مليون جنيه لشبكة التوزيع.


    كهرباء ولاية كسلا

    تتمثل مصادر الطاقة الكهربائية بالولاية في المحطة الحرارية بكسلا بطاقة تصميمية (6) ميغا واط والتوليد المائي بخزان خشم القربة، إضافة إلى الإمداد المباشر من الشبكة القومية.

    البــداوة والــتـوطــين


    يغلب الطابع البدوي على السكان في بلاد البجه. ويرجع ذلك للظروف التي تكتنف بيئتهم نتيجة للعوامل الطبوغرافية في تفصيلها للوديان الضيقة التي تخترق السلاسل الجبلية الشاهقة الارتفاع، مع السهول المنبسطة ذات الصحارى المقفرة مع حضور قليل لنبات هزيل. ويصحب هذا كله ارتفاع تدريجي في درجة الحرارة وتعاقب فصلين قصيرين للمطر في الشتاء والصيف معاً.

    كل هذه العوامل أثرت تأثيراً مباشراً على حياة السكان فنهجوا حياة البداوة والترحال الدائمين. ولما كانت مياه الآبار محدودة فإن النبات وتوفر المرعى كانا عاملين رئيسيين وسبباً مباشراً في الهجرة من مكان لآخر، وتباعدت المراعي عن بعضها البعض وتركزت في مناطق عن غيرها، فكان استقرار الجماعات حولها في قرى صغيرة تدوم طوال الموسم الواحد.

    وكما أدت هذه العوامل لتربية نوعية معينة من الحيوانات ظلت تقاوم ظروف الجفاف المتوالىة الصعبة، واستطاعت أن تتكيف حسب ما تهيئه لها البيئة فانتشرت قطعان الأغنام في المناطق المقفرة والإبل والأبقار في المناطق الأفضل وأكثر استقرارا.

    إن البداوة كظاهرة اجتماعية هي مظهر من مظاهر التخلف الاجتماعى الذي تعكسه سماتها الأساسية المتمثلة في طباع البدوي من نفور وحب للحرية وبغض لقيود الاستقرار. ونسبة لعدم إهتمام السلطات المتعاقبة لمحاربة هذه العادات السيئة وعدم نشرها للوعي الاجتماعي بين شعب البجه فقد نتج عن ذلك عدم استطاعة البجه للإنتظام في الأعمال المستقرة أو المشاريع والتي فشلت بعد أن إنتزعت مراعيهم وقضت على حيواناتهم. بالإضافة إلى هذا فإن تهجيرهم للمشاريع تم دون سابق تخطيط أو دراسة اجتماعية لظروفهم ونتج عن ذلك فناء أسر بجاوية كثيرة، نسبة لإختلاف البيئة ونمط الحياة، وتعرضهم لأمراض لم يألفوها وعدم وجود العناية الطبية اللآزمة لها.

    (15) إن البداوة في بلاد البجة تنتظم الوطن كله بصفة عامة، والشمال والشمال الشرقي بصفة خاصة. ولقد تعرض هذا التوزيع لهزات واضحة بإدخال المشروعات الزراعية، حيث وجد الرحل أنفسهم في معظم المناطق، إما أنهم في صراع مع المشاريع التي أوجدتها حكومات الخرطوم فوق الأرض الرعوية القديمة، كما هو الحال في منطقة القاش وبركة ومناطق الزراعة الآلية في القضارف وكذلك خشم القربة وحلفا الجديدة وغيرها، أو في محاولة يائسة لإنخراط أنفسهم فيها كما حدث في مشروع خشم القربة. وإنبنى على ذلك خلو بعض مناطق الرعي، وتكدس في مناطق أخرى وما نتج عن ذلك من آثار بيئية واجتماعية. ولقد تعرض الرعاة الذين قامت على أرضهم المشاريع الانمائية لمعظم الهزات التي أحدثتها هذه المشاريع دون أن يكون لها انتاج ملحوظ فى تغيير نمط حياتهم، وهاجر معظمهم إلى مناطق الزراعة حيث العمل الموسمي أو إلى بورتسودان للعمل في الميناء.

    واستمر بعض البجه في ممارسة الحياة الرعوية رغم إنعدام الحيوان ويدل على ذلك نمط السكن المتفرق الذي ما زال مسيطراً، وتجوالهم المستمر. وبمعنى آخر فلقد ذهبت القاعدة الاقتصادية وبقيت الثقافية والنفسية في هامشية غير منتجة لا تصلح لغير هذا الاستغلال.

    وحيث يشكل الرعي الحرفة الأساسية في البلاد نجد أن مجموع الثروة الحيوانية فيه تمثل 7% (2325) ألف رأس من الحيوانات من جملة الثروة الحيوانية في (السودان) 1974. وقدرت في عام 1972م بـ 9% حيث يمثل الضأن 37% منها والأبقار 27% و 15% الجمال والماعز 21%، وتمثل البداوة في بلاد البجه أكبر نسبة للبداوة في (السودان) كله. ويعيش 78% من البجه خارج المدن وحوالى 5% فقط منهم مستقرون في قرى دائمة.

    وبإعتبار أن أهم ما يميز الحياة في هذه البلاد هو بساطة متطلبات المعيشة والمواد الغذائية المحدودة ومثيلاتها في السكن والملبس البسيط، إلا أن الدخل العام للأفراد منخفض بصورة أكثر وضوحا من بقية أقالىم (السودان). وفي تباين واضح حيث أن (1) دخل الفرد يتأرجح ما بين 34 جنيها في العام في المتوسط وينخفض إلى 17 جنيها (1974) في بعض المناطق الأكثر فقرا وجفافا، ويضاف لهذا التعقيد في إنخفاض الدخل وتفشي الجهل وعدم الوعي بينهم، وهذا ما يفسر تزايد عدد الوافدين واستيطانهم بل وإمتلاكهم للمزارع في مشاريع التنمية. ويعني هذا أن موقف البجه نحو التغيير بصورته الحالية لم يتبدل. ويقابل هذا من ناحية أخرى انتاجية ضئيلة جداً من الحيوان نتيجة للجفاف والتجوال الطويل وأسلوب الاستفادة المتبع وإحتلال المشاريع الزراعية لأراضي المراعي، كما تعتبر الهجرة الموسمية واحداً من أهم العوامل التي تضاف للظروف المعقدة.


    البطانة الشمالية

    منذ عهد ضارب في القدم، عرفت البطانة بأنها إحدى أفضل مناطق الرعي في افريقيا. إن الرعاة الذين يرعون بصورة منتظمة في البطانة يجب أن يتفق معهم على استخدام المنطقة. وإذا لم يتم الإتفاق بين الرعاة والمزارعين فإن حروباً قبلية ستنشب. وفيما بعد تم وضع قوانين وأصبح جزءاً من البطانة منطقة رعي مفتوحة. وأدى الغاء الأراضي القبلية للبجه إلى تحول المنطقة إلى الشيوع في استخدامها، دون أي تنظيم لاستخدام المراعي أو نقاط السقي. وخلال العقدين الماضيين تدهورت مراعي البطانة بصورة مريعة في النوعية والكمية. فقد اختفت أعشاب قيّمة واختفت الحشائش والشجيرات. إن ضعف التنظيمات القبلية وتقليص المراعي للتوسع في الزراعة الآلية في جنوب البطانة، وازدياد عدد قطعان الحيوانات وتدني منسوب الأمطار منذ الخمسينات والستينات الممطرة، تسبب كلها تدهوراً سريعاً للمنطقة.


    تدهور المراعي

    إن الرعي كمصدر وحيد للدخل قد أُلغي لدى جزء كبير من الرعاة البجه في البطانة، خاصة منذ عام 1984، السنة الأكثر جفافاً في افريقيا. وبدأت فقط الآن فترة قاسية للتأقلم على حياة جديدة (العمل بأجر) وقد أدت إلى تدهور سريع في مستوى معيشة البجه.

    وفي الوقت الراهن، فإن مصادر المراعي تستخدم من قبل قطعان بدو البطانة. ولكنها تستخدم أيضاً من قبل قطعان كبيرة تعود للتجار المزارعين الوافدين. وكذلك المراعي الزراعية والمستأجرين للمشاريع المروية ومن رفاعة شرق إلى الجنوب والرشايدة في الشرق. من غير الممكن تحسين البطانة بدون الإهتمام بالانتاج الحيواني في كل كسلا. إن البطانة هي أراضي بجاوية وبعد كل موسم أمطار فإن من تبقى من السكان الرعاة البجه يترك مع مراعي مدمرة ووصول قليل أو غالي إلى بقايا المحاصيل كعلف لحيواناته. إن الإجراءات التي يجب اتخاذها على المدى القصير هي تنظيم وإدارة استخدام المصادر (إعادة الإدارة القبلية وإعادة التوازن بين نقاط السقي والمراعي). ويجب أن تتعامل مع اجراءات الإصلاح بمسؤولية مع قدرة المراعي وتطوير الاقتصاد المحلي لبلوغ الإكتفاء الذاتي. إن ادخال المزارع المختلطة في المشاريع المروية الكبيرة يوفر أيضاً إمكانية أخرى لتخفيض ضغط الرعي الذي تسببه حيوانات مستأجري المشاريع الزراعية في مراعي البطانة.

    أضرار المشاريع الزراعية

    إن اتجاه المشاريع الزراعية الإنمائية في جملته يتسم بالمرارة مما وصل به في كثير من الأحيان للمواجهة المباشرة بين البجه أصحاب الأرض والسلطات الإدارية لهذه المشاريع. وواضح من هذا أن هنالك تضاربا في مفهوم استغلال الأرض بين التخطيط الاقتصادي الذي يراعي الظروف الاقتصادية للشماليين حكام السودان ويتجاهل حقوق البجه أصحاب الأرض الذين يتم طردهم من أرض أجدادهم كلما قام مشروع اقتصادي شمالي جديد.

    الآثار الاجتماعية الضارة

    وينتج عن إفتقار المشاريع المقامة إلى دراسات الجدوى الاجتماعية للمجموعات الرعوية، إذا افترضنا جدلا أن هدف هذه المشاريع كان اجتماعيا أصلاً، ولكن وبما أنه كان اقتصاديا فإن التناقض كان أكثر حدة حيث وجد الرحل في كثير من الأماكن ونتيجة للتخطيط المركزي للمشاريع في خطة التنمية، أنفسهم أمام خيارين لا ثالث لهما: فإما الهجرة خارج حدود الأرض التي ارتبطوا بها تاريخيا واجتماعيا واقتصاديا، وأما الاستقرار الإضطراري أو التلقائي خارج أسوار هذه المشاريع ومحاولة التعامل مع أنماط حياتية جديدة، دون أدوات تحكم مسار هذا التعامل. وكانت نتيجة ذلك إما فشل هذه المشاريع، أو ضغط الرحل على مناطق رعوية أخرى، حيث تقل فيها كل يوم نسبة مقدرة الأرض بالنسبة للحيوان نتيجة للرعي الجائر مما أفنى البجه وحيواناتهم.

    والرحل الذين يعيشون على هامش هذه المشاريع يقومون ببيع الألبان، ويمارسون أعمالا موسمية غير مستقرة محتفظين ببعض حيواناتهم التي لا يجدون لها مرعى. كما أدى قيام هذه المشاريع إلى ظهور رحل دون مجتمع رعوي، وهؤلاء فقدوا قاعدتهم الاقتصادية، نسبة لاقتطاع المراعي لصالح المشاريع الزراعية الآلية المطرية والمروية. حيث نفقت معظم الحيوانات التي يمتلكونها ولا زالوا يترددون في الأسواق على أطراف المدن كل يوم بأعداد كبيرة دون أعمال تستوعبهم. وهؤلاء تحت تأثير العامل النفسي أو ثقافة مجتمعهم الذي بدأت تحاصره عوامل التحديث كعوامل ضغط هائل وهم بحكم وضعهم رحل رغم أنفهم.

    فشل الأهداف الاجتماعية

    إن مشروع القاش مثال لما وصل إلىه البدو من تدهور وفقر. فالمشروع الذي كان من بين أهدافه تحقيق استقرار نسبي للرحل لم يحقق هذا الهدف. ففقد الرعاة أولا أراضي المرعى ثم حيواناتهم التي لم يجدوا لها مراعٍ بديلة وهم الآن يناضلون من أجل البقاء أحياء بعد أن فقدوا مقومات العيش.

    أما مشروع خشم القربة الذي كان الهدف منه استقرار المهجرين من أهالي حلفا فيه، وانتزعت أراضيه من قبائل البجه فلقد فشل أيضا. ونتيجته بالنسبة للرحل لا تختلف كثيرا عن مشروع القاش حيث هجر الرعاة المزارع التي وزعت لهم لأسباب عديدة ليس أقلها بعدها عن مناطق سكنهم. بالإضافة إلى تحولهم المفاجيء من رعاة إلى مزارعين ومحاولة جمعهم بين الحيوانات ومزارعهم مما أدى إلى نفور وتضارب في الحياة الاجتماعية الجديدة.

    أما مشروع توكر فهو المشروع الزراعي الوحيد في منطقة البحر الأحمر والمنتفع الوحيد منه هو حكومة الخرطوم الشمالية بما يدره لها من عملات أجنبية. ويعمل فيه عدد كبير من العمال الموسميين الذين لا تتوفر لهم أية ضمانات أو استقرار، ولايسمح فيه بزراعة الدخن أو الذرة الغذاء الرئيسي لسكان البلاد.

    أما مشاريع الزراعة الآلية في جنوب البلاد، فهي مشاريع تجارية شمالية، الهدف منها الربح بإنتزاع أراضي الرعاة وإفقارهم. وتشرّد الرعاة بعد أن فقدوا أولا المرعى ثم الحيوانات.

    الفقر في القضارف

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 27/12/2002 ما يلي: أثبتت دراسات قامت بها جامعة الخرطوم بالتنسيق مع الولاية أن نسبة الفقر بلغت في الولاية 92%، في ولاية كانت من أغنى ولايات السودان، كما توصلت دراسات أجرتها منظمات دولية في المناطق الريفية مدعمة بالأرقام التي تؤكد أن أكثر الأعمار ليس في سن الإنتاج إضافة إلى أن أعداد النساء في عمر 20 ـ 39 عاماً أكثر من عدد الرجال، وأكثر من 50% منهن لم يتلقين تعليماً منتظماً، وعامة فإن 37% فقط تلقوا تعليماً أساسياً و8 و9% تلقوا تعليماً مستمراً و15% فقط لديهم كهرباء و38% لديهم أجهزة راديو، و10% لديهم أجهزة تلفزيون في منازلهم، وأغلبهم يستخدم المياه من الأنهار والحفائر والترع مباشرة و85% من المنازل من القش والحطب و57% يعانون من الملاريا والأنيميا وفقر الدم وأمراض الكلى.

    التصنيع الزراعي

    من المؤثرات السلبية الأخرى، (16) الصناعة التي لا يتعدى عمرها في بلاد البجه عشرين عاما (1974)، حيث بدأت بمصنع الكرتون في أروما عام 1962م، هذا إذا استثنينا صناعة استخراج الملح التقليدية والصناعات المحلية المحدودة الأخرى.

    أما بالنسبة لمصنع الكرتون في مدينة أروما، فلقد فقد المصنع مادته الخام وذلك لاستبدال القطن بالخروع. وحتى قبل ذلك فإن المصنع لم يكن يعمل بطاقته الكاملة ولم يكن هنالك انسجام بين عماله ومهندسيه وإدارته الفاشلة. وكثيرا ما توقف عن العمل.

    أما مصنع البصل في مدينة كسلا فتشير إحصائية لعام 1970/1971م إلى أن الطن كان يكلف 600 جنيها بينما كان يباع في السوق بسعر 260 جنيها. وبصورة عامة نجد أن قطاع الصناعة نفسه كان يعاني من مشاكله الخاصة في الانتاج والتسويق وأكثر مما يعاني من الأيدي العاملة، وبالتالي كان استيعابه للقوى العاملة في بلاد البجه محدودا لأن الاستخدام كان يتم للوافدين ولم يحدث أي تأثير إيجابي للبجه.

    علاقات الرعاة بغيرهم

    إن الإضطراب الواضح في علاقات الانتاج القائمة بين القطاع الرعوي من جهة والقطاعين الزراعي والصناعي في بلاد البجه من جهة أخرى، أدى بالضرورة لشلل جزئي في انطلاقة التنمية وهزَّ من أسس المجتمع الرعوي والاجتماعي والاقتصادي والنفسي، في ظروف طبيعية صعبة، كان من نتيجتها أن أصبحت الهجرة للمدن الكبرى أهم ما يشغل بال السلطات الىوم. إن التطور الذي كان يصحب قيام المشاريع الإنمائية من بدايتها، غلبت علىه الصفة التجارية، بدلا عن الصفة الاجتماعية أو الوطنية. وبالإضافة لهذا فهو يفتقر كغيره لشمول قطاع الرحل كقطاع مؤثر ولو سلبيا في مسار التنمية.

    وإذا استمرت الصناعة في البلاد في الإعتماد على الآلة أكثر من الأيدي العاملة، فإن الصورة القديمة ستتكرر وبمستوى من التعقيد هذه المرة أكثر، لأن العاطلين الىوم من مرتادي المدن وليسوا في الريف أو بين فرقانهم، ولهذا جوانب اجتماعية خطيرة للغاية.

    تضارب الرعي والزراعة

    إن القطاع الزراعي الذي يتكون معظمه من المال الخاص وتتصف أهدافه بالصبغة التجارية والاقتصادية البحتة، وخاصة في جنوب البلاد فإن الرقعة التي يشغلها الآن ـ وقد كانت رعوية أصلا ـ والتوسع الذي يزداد يوما بعد يوم، يجب أن يراعى فيه حقيقة أنه على حساب الرقعة الرعوية في بقية البلاد، والتي تتعرض للرعي الجائر، والظروف الطبيعية الصعبة، مما يقتضي تنسيقا في التخطيط الزراعي أساسا ووجود المجموعات المترحلة جنبا إلى جنب مع تلك التي تستغل الأرض لضمان علاقات انتاج سليمة بدل التنافر الذي يحل دائما بمؤتمرات شكلية تعاد صياغتها كل عام.

    لقد أدت السياسة الزراعية ذات الصبغة الاستغلالية إلى حدوث تدهور وإنعدام للمراعي وهذا أدى إلى تضاؤل مستمر في الثروة الحيوانية العماد الأساسي للسكان في بلاد البجه كما أدت زراعة المحاصيل النقدية وتجاهل زراعة المحاصيل الغذائية إلى حدوث مجاعات في البلاد فتكت بمئات الآلاف من الأنفس وهذه بعض التواريخ التي حدثت فيها مجاعات (1925 ـ 1927 ـ 1930 ـ 1941 ـ 1942م ـ 1955م ـ 1958م ـ 1970م ـ 1983م ـ 1984م ـ 1985م ـ 1996م ـ1997م).

    ويتضح من هذه التواريخ أن المجاعات حدثت في أعوام متتابعة مما يدل على أن السلطات المتعاقبة لم تفعل شيئا لدرء شبح المجاعة ناسية أو متناسية مسئوليتها تجاه المواطنين، بل تذهب أيضاً للتبجح بعدم وجود مجاعات في البلاد.

    إن معظم دول العالم إتجهت في الآونة الأخيرة إلى الإهتمام بالثروة الحيوانية، وبلاد البجه غنية بهذه الثروة وبمقدورها توفير اللحوم ليس داخليا فقط بل خارجيا أيضا، خاصة لدول البترول العربي. ولكن عدم الإهتمام بهذه الثروة والنقص المريع في المرعى وعدم توفر العلف الجيد للمواشى والأغنام وإحتكار بعض الأفراد لتجارتها والفساد الإدارى المتفشي في الأجهزة التي لها علاقة بهذه التجارة جعل تصدير الحيوانات عملا خاسرا.


    أضرار التطور على الرعي

    إن تاريخ التطور الرعوي في بلاد البجه لا يمكن أن يكون محض حصيلة لإحدى نتائج السياسات العامة، سواء كانت النتائج مستهدفة أم لا. وبالتالي سوف ننتهج الوجهة الخاطئة، إذا نظرنا إلى الرعاة البجه بوصفهم مجتمعات منعزلة، وليس ضحايا للسياسات العامة ويمثلون "الماضي" وينسحبون من المجال العام.

    والأصح أن نراهم في صورة ديناميكية، يتابعون مصالحهم، ويساهمون في الحياة العامة عندما يتوقعون منها فائدة، وينسحبون منها عندما يشعرون بالمخاطر تحدق بهم نتيجة لمشروعات التطور التي لا تضع في حسبانها عوامل بقائهم.

    وحتى تكون الثروة الحيوانية ذات فائدة اقتصادية للبلاد لا بد من أن يتم التخطيط لها تخطيطا علميا صحيحا وأن تشرف علىها مؤسسة عامة أو تعاونية أو حتى شركة مساهمة يساهم فيها المواطنون. وأول عمل لها يكون إقامة مصنع للأعلاف في مدينة بورتسودان يستفاد فيه من مخلفات المحاصيل مثل بذرة القطن وقشر الفول والقصب والمحار وغيرها.

    وحتى يتسنى إيجاد مراع غنية تقام السدود في الأودية لزراعة نبات المرعى المحسن بطريق نثر المياه. كذلك يجب المساهمة في محاربة الزحف الصحراوي الذي أضر بالمراعي والحيوانات وذلك عن طريق زراعة نباتات المراعي وأشجار الغابات التي تتحمل العوامل المناخية في البلاد.


    أثرياء الرعي

    هناك تفاوت مضطرد داخل الاقتصاد الرعوي، حيث تستطيع المجموعات الثرية من الرعاة استخدام ثروتها للتعامل مع البيئة الطبيعية المتغيرة وفترات الجفاف المتعاقبة والمراعي المتدهورة، فهم يحفرون آبارهم وحفائرهم الخاصة بهم أو يشحنون المياه إلى قطعانهم، فيفتحون بذلك المراعي التي كان يمكن استخدامها فقط أثناء موسم الأمطار، كذلك يستثمرون في الزراعة الآلية لزراعة علف لحيواناتهم. أو يشترون من التجار أصحاب المشاريع حقوق الرعي في هذه المشاريع. ومثل هذه الاستراتيجيات تمكنهم من امتلاك قطعان كبيرة يرعاها غالبا أناس مأجورون من مجموعة الرعاة البجه الفقراء أو من البجه الذين خسروا في هذه المنافسة، حيث يشتري أثرياء الرعي في موسم الجفاف الحيوانات بأرخص الأسعار من الرعاة البجه الفقراء.

    استغلال الرعاة

    إن الحكومة لا توفر جهداً لتهميش الرعاة البجه. فهي تطرح افتراضات تنظيمية بيروقراطية ظالمة بين كبار المانحين مثل البنك الدولي. فتركيزها هو على Xالحلول الفنيةZ بهدف التأثير على الاقتصاد العام والأطر السياسية العامة التي تخدم مصالح الشماليين، من منطلق أن الرعاة يسهمون بالقليل في الاقتصاد الوطني، لذا فإدارة المراعي غير منطقية ومدمرة للبيئة، وتأتي الحلول الفنية في شكل مزارع تربية الحيوانات ومشروعات الرعي.. لتحسين مثل هذه الإدارة. وتتبع هذه الافتراضات الجائرة استراتيجيات تهدف إلى زيادة حجم الثروة الحيوانية في الأسواق الرسميه والدافع لهذا من كل الحكومات هو تسجيل مكاسب سياسية واقتصادية للشماليين على حساب إفقار الرعاة البجه، بتوفير لحوم منخفضة الأسعار لسكان العاصمة والمدن الكبرى الذين يضغطون على الحكومات الشمالية، وكذلك للحصول على العملات الأجنبية التي تذهب لجيوب الحكام الشماليين.

    الترحال التقليدي

    لا يزال الرعاة الرحل يمارسون الطريقة التقليدية للعيش، التي تعتمد بصورة أساسية تقريباً على انتاج وتسويق الماشية. ومعظم الوقت نراهم يبحثون عن مراعي جيدة لحيواناتهم ومياه لسقيها. وقمه استثمارهم هي الجمال والماشية، والضأن والماعز التي تزودهم بالنقود. وفي السنوات الأخيرة، فإن الجزء التسويقي من استراتيجيتهم قد أصبح أهم، وجعل بعضهم يستمرون في الرعي الرحال بأعداد متناقصه من الحيوانات.

    إن هذا النوع من العيش بدأ ينحسر نتيجة لفقد الحيوانات في سنوات الجفاف، وقد حدث هذا أساساً بسبب نقص المراعي لمصلحة المشاريع الزراعية ونتيجة لإغراءات المدن ومزايا الاستقرار بصورة عامة.قبل صدور قانون الأراضي غير المسجلة لعام 1971، كانت توجد سيطرة على الأراضي وكانت فعالة. وكان يمكن إدارة المراعي، ويمكن وقف الرعي الجائر. وبعد عام 1971 ومع صيرورة أراضي المراعي مصادراً مشاعة، فإن الرحل عليهم أن يتنافسوا مع أشخاص آخرين حول المراعي، مما أدى لضغط شديد على المصادر ففقد الرعاة الرحل حوافز إدارتها.

    الرعاة الرحل والاستقرار

    يعيش الرحل في قرى، بينما لا يزال الرعاة يترحلون بصحبة قطعانهم. وبالرغم من هذا فإن عدداً كبيراً منهم فقدوا حيواناتهم نتيجة الجفاف وقلة المراعي. ولأن المواشي هي استثمارهم الأساسي فإنهم يبذلون جهوداً كبيرة لاستعادة امتلاك الحيوانات وذلك بالعمل المؤقت وما شابه ذلك.

    إن الإلتصاق بأراضي المراعي ليس قوياً كما كان في الماضي بعد أن انخفضت قيمتها كثيراً وأصبحت حقاً مشاعاً. وانعدمت حوافز إدارة مصادر المراعي. لقد تم تحفيزهم بشدة لدخول المجال الزراعي ولكنهم لا يزالوا غير مقتنعين بالاستثمار في هذا المجال.

    الزراعة/ الرعوية التقليدية

    يعتمد أسلوب الحياة هذا على الزراعة التقليدية وتربية الحيوانات، وهو إلى حد ما أسلوب للإعاشة فقط. ووفقاً لعدد الحيوانات التي يمتلكها الراعي، يزيد أو يقلل حجم وفترة عمله كعامل في المشاريع الزراعية التجارية أو القطاع الخاص ويعيش الرعاة في قرى يتم اختيار مواقعها بعناية. ولا يهم كم عمر القرية مقارنة مع قوة الإلتصاق بالأرض، ونفس الشيء بالنسبة لقوة الإبتكار في إدارة وتحسين الأرض المزروعة. ونسبة لتناقص الأراضي المتوفرة للرعي أو الزراعة، فإن نزاعات استخدام الأرض تتزايد بين الرعاة ومزارعي المشاريع الآلية. ونتيجة لهذا فإن العمل بأجر يوفر جزءاً متزايداً من الدخل.

    مستقبل الرعاة البجه

    بتلخيص وضع الرعاة يمكن أن نخلص بسهولة إلى القنوط. فليس هناك أمل كبير في الوضع في بلاد البجه، في عملية تسهّل التنمية. وليست هناك طرق أقصر إلى التنمية، وتبدو النماذج البسيطة القائمة على Xالمشاركة الشعبيةZ أبعد حلول المشكلات وكذلك القسر والاستغلال والتجاهل الحكومي.

    لكن الأهالي البجه هم في قلب المشكلات. وهم ضحايا العمليات والصراعات الكبيرة التي تم تهميشهم وتجاهلهم من خلالها. لكنهم موجودون هناك! ويمثلون مورداً أساسياً في أي جهد للتغلب على المشكلات. Xوتخطيطهم التنمويZ الأهلي المتجسد في تنظيمهم الاجتماعي يجب أن يفسح له المجال، ويجب الاستفادة من تنظيمهم الاجتماعي الثقافي، الذي يمثل خبرة آلاف السنين، ليس لأنه يمثل نظاماً للإدارة يتسم بالكمال، وانما كنقطة انطلاق. إن للبجه جدول أعمال أوسع لا يتفق على وجه الخصوص مع تلك المجموعات الشمالية ذات النفوذ من رسميين ومستثمرين وغيرهم ولا مع مخططي التنمية التي تتجاهل رفاهيتهم.

    إن مشاركة الرعاة هذه تبدو شيئاً واضحاً يمكن الدفاع عنه، لكن بالقاء نظرة داخل المشروعات التي في بلاد البجه والادارات والهياكل الحكومية الأخرى فليس هناك دليل واحد لمشاركتهم ويمكن التصدي لمأزق جماعات الرعاة البجه بالأعمال المشتركه بين الحكومة والمانحين الدوليين والمنظمات غير الحكومية والرعاة على السواء. وإذا كان للعمل المشترك أن يتحقق فسيكون فقط على أساس جدول أعمال مشترك يتفق فيه الكل على أن الرعي مجد اقتصادياً ومستدام وأسلوب للعيش يستحق العناء.

    البدو والتعليم

    تقدم ولاية القضارف نموذجاً حياً للمجتمع البدوي الذي ظل يقدم على مدى تاريخ البلاد إنتاجاً حيوانياً وفيراً تساعد في ازدهاره تربتها الصالحة الخصبة وموقعها الجغرافي المميز من حيث وفرة موارد المياه السطحية والجوفية، ووجود ثروة حيوانية تقدر بأكثر من 5 ملايين رأس ترعى في مراع طبيعية بالإضافة إلى مخلفات المشاريع الزراعية التي تصل إلى 6 ملايين فدان.

    ويقوم بدو ولاية القضارف من قبائل أصلية ومستوطنة بثلاث رحلات قديمة بحثاً عن الكلأ والماء طوال العام مما خلف مجتمعاً رعوياً يتبع نمط حياة غير مستقر مما حرم أبناءهم من التعليم وتوفر الخدمات الأساسية من صحة وعلاج وتثقيف وغيره.

    يبلغ عدد سكان ولاية القضارف مليون ونصف المليون نسمة، ويشكل البدو نسبة 12% من سكان الولاية إذ يبلغ عددهم 177830 نسمة بينهم 31159 طفلاً وطفلة في الفئة العمرية 7 ـ 9 في سن التعليم، خارج المؤسسات التعليمية، وتشكل هذه الفئة نسبة 17% من جملة الرحل في الولاية.

    وأكدت مسوحات عدة على أماكن الرحل، عدم وجود مؤسسات تعليمية (خلاوى محو أمية مدارس) فضلاً عن تفشي الجهل والأمية بصورة واضحة، إضافة إلى محدودية الوعي العام لعدم وجود أجهزة ثقافة جماهيرية وخلو مناطق الرحل من الوجود الإداري مما تعتبر من العادات السالبة التي تسببت في عدم اتجاههم للتعليم بالمدارس والمساجد والخلاوى.

    أبناء الرعاةأ

    وتقول دراسة حكومية حديثة أن العمالة المبكرة لأبناء الرحل تحدث في مرحلة عمرية مبكرة ونزولهم إلى المرعي لمعرفة مهارات الرعي المتعلقة بالإبل والماشية والأغنام وكذلك المتعلقة بأنواع الأعشاب وأماكنها ومعرفة مناهل المياه ويوم الضمي (يوم سقاية الماشية)، وكذلك البنات حيث يتجهن في سن مبكرة للأعمال المنزلية، وجلب حطب الوقود والمياه من الحفائر والآبار والحياكة، كل هذه النشاطات تحرم أولادهم من التعليم.

    استغلال رخص الرعاة

    وتشير الدراسة إلى أنه لدى الرحل قناعة تامة بأن الدراسة في المدارس تصبغهم بصبغة الدعة والنعومة التي لا يحبونها لأولادهم (واجب الحكومة هو توعيتهم للتخلي عن هذه المفاهيم المتخلفة) فالرحل يعلمون أبناءهم منذ نعومة أظفارهم الخشونة والقوة والفروسية وفنون القتال وذلك حفاظاً على قوة ومنعة القبيلة وحماية ممتلكاتها، وتعتبر الدراسة أن لأبناء الرحل صفات جميلة ومتميزة تسهل أمر تعليمهم، منها سرعة البديهة والذكاء الفطري، إضافة إلى تمتعهم بالشجاعة واللياقة البدنية العالية، وروح تحمل المسؤولية والترابط الأسري والقبلي (هذه مفاهيم عفى عليها الزمن ولكنها مسوغات للحكومات لعدم تقديم التعليم والخدمات للرعاة)، ولدى الكثيرين (من المستفيدين من استغلال الرعاة من موظفي الحكومة وتجار الصادر) خوف من أن يؤدي تعليم الرحل إلى استقرارهم، إذ أن الرعي في (السودان) هو ثروة قومية في حد ذاتها ونمطه الحالي هو الأرخص من نوعه في العالم من حيث استغلالها لموارد المياه والمراعي الطبيعية واستغلال أراضي هامشية لا يمكن استغلالها لغير الرعي، فاستقرار الرحل في هذه المرحلة من تطور (السودان) الاقتصادي والاجتماعي قد يؤدي إلى فقدان هذه الثروة.

    معوقات تواجه الرحل

    تشكل المياه عائقاً أساسياً أمام توفير الخدمات الصحية والاجتماعية والبيئية المناسبة للتعليم. وعن الحلول الحكومية المقترحة لحل هذه المشكلة الخطيرة بالمناطق الرعوية، يقول مسؤول بهيئة مياه القضارف إن توفير المياه الصالحة والكافية في المكان المناسب للقطاع الرعوي التقليدي يساعد في رفع مستوى معيشة الرعاة وتنمية الثروة الحيوانية بالولاية، ولا يمكن أن يتم توفير هذه المياه إلا عبر وضع برنامج سنوي وتوفير التمويل اللآزم على أن تشترك الجهات المختصة والمهتمة بالرحل للنهوض بهم وتحسين مستوى معيشة هذا القطاع وتنمية ثرواته، حيث أن مناطق توفر المياه ما زالت هي أنسب الأماكن لتطبيق التجربة الوليدة لتعليم الرحل في الولاية.

    هناك عدة حلول مقترحة لمعالجة النقص في مياه القطاع الرعوي، والذي يمكن معالجته عن طريق حفر الآبار والحفائر لمدة خمسة أعوام على أن يحفر كل عام (40) حفيراً و(15) بئراً جوفية بتكلفة قدرها (270) مليون دينار للحفائر و225 مليون دينار للآبار الجوفية على أن يكون توزيعها بحيث يتم حفر (3) حفائر في كل مسار وتكون هناك مسافة (15) كيلو متراً من الحفير. وعلى الجانب الآخر تبلغ احتياجات الماشية للمياه في ولاية القضارف (000،520،17) متر مكعب في العام، المتوفر منها في الوقت الحاضر حوالى (000،000، متر مكعب في العام الحالي بعجز حوالى (000،520،9) متر مكعب في العام

    تـوطيـن الـبــدو

    التوطين مفهوم من مفاهيم تنمية المجتمع وهو في الغالب عملية أو عمليات اجتماعية تهدف إلى تقوية الأواصر التي تجعل الأفراد أكثر فعالىة في العيش والتحكم في مواردهم المحلية في عالم يستهدف التغيير، كما أنها عمليات تخطيط لمساعدة الأفراد في اكتساب الطبائع والمهارات الضرورية للمشاركة الديمقراطية الفعّالة في إيجاد الحلول لأكبر عدد ممكن من الصعاب التي يواجهها المجتمع المحلي. والتوطين وما يصحبه من عمليات اقتصادية واجتماعية يعتبر عملية أساسية في التغيير الاجتماعى الذي لا يمكن أن يكون مجرد إضافة ميكانيكية، أو اقتصاد بسيط أو تعويض مطلق لبعض الأنماط والسمات الحضارية، وإنما هي إضافة وتعويض أو تهجين وتوليد بين سمات وأنماط حضارية مختلفة.

    ولا بد أن ينتهي التحول الاجتماعي في البيئة المراد تحضيرها لأن يحدث فيها من خلال التطبيق العلمي والحقلي التنوع بمعنى تأثيرات اجتماعية متنوعة مختلفة الميادين. والتتابع وهو مدى فعّالىة وسائل التكنولوجيا الحديثة في سلوك الناس سلبا أو ايجابا، والاستقطاب كنشوء الضواحي السكنية على حواف المدن الحديثة ولقفل باب التوطين الذي قامت به السلطات في بلاد البجه، وبالرغم من أنه كان محدودا وباء بالفشل، إذ لا يخفى أن التوطين في أي شكل من أشكاله، لا بد أن يسبقه التطبيق الأساسي لقواعد المسح الاجتماعي من معرفة وثيقة بتكوين الجماعات في المجتمع والوظائف التي تؤديها، ومدى ارتباط كل منها بالأخرى لدرجة مرونة التنظيمات الاجتماعية بقصد الوصول إلى أفضل الطرق لتغييرها وتحديد أهداف السلوك العامة على أساس معرفة وثيقة بالمباديء النفسية التي تؤدي إلى تكامل الجماعة وتفككها ومعرفة طرق التنسيق بين القوى الاجتماعية المختلفة التي تعمل في الموقف الاجتماعي المطلوب توجيهه توجيها خاصا، وتوجيه أكثر الإهتمام للتنظيمات الاجتماعية التي تستغرق أكثر حياة الأفراد وتنظيم أكثر أنواع سلوكهم وتمر العملية بمراحل أساسية هي التعديل والتلاؤم، والتكامل، والتمثيل الكامل.

    ومن المهم أن تكون إدارة توطين الرحل إدارة ميدانية حقلية وليست ديوانية. وأن يلحق بها فريق من المساحين الاجتماعيين للقيام بالمسوح الاجتماعية لكل قبائل البجه ذات العادات والتقالىد المتأصلة والتراث المرتبط بالأرض.

    وقد ينجم عن الطفرة الفجائية أن تجابهه معوقات اجتماعية تربكه، تتمثل في التقالىد والنظم والعلاقات الاجتماعية. وتضم التعامل الاقتصادي كما تتمثل في عدم الخبرة وانعدام المهارة، مما ينتج عنه سلبيات اجتماعية، قد يصل بعضها إلى طور الخطورة. وهنا يبرز دور الرعاية الاجتماعية على مستوى الوقاية السابقة، ثم العلاج للمشاكل الناجمة، ثم تنمية قدرات المجتمع والناس ومنحهم القدرة على الاستفادة من التحولات الاقتصادية الجارية.

    وفي عام 1968م وضعت شركة الكسندر جب وشركاه البريطانية خطة لتعمير وتطوير بلاد البجه بعد أن قامت بمسح شامل للبلاد. ويصب التقرير إهتمامه الكلي في حصر الموارد الاقتصادية مع تجاهله التام للتنمية الاجتماعية والعمرانية وتعتبر هذه الدراسة الوحيدة لموارد بلاد البجه.

    استقرار الرحل، حالة الرشايدة

    قبيلة الرشايدة، هي مجموعة منعزلة داخل المجموعة البجاويه ولها أصول عربية فقد هاجرت إلى السودان عام 1869م من المملكة العربية السعودية. وتجعلهم ثقافتهم مثالاً فريداً للبدو العرب الكلاسيكيين، الذين يربون الإبل بتميز.

    ويمثل الرشايدة أسرع حالة تطور للتغير من البداوة إلى الاستقرار. وفي نفس الوقت لهذه العملية بعض الخصائص الفريدة. لماذا استقروا في فترة قصيرة هكذا? ولماذا يحتفظون بالحيوانات حتى الآن? بينما عملية استقرارهم العادية قد فرضت عليهم بفقدان حيواناتهم، أو على الأقل تتزامن مع التخلي عن تربية الحيوانات?

    الصورة: صورة خيمة الرشايدة والسيارة البوكس
                  

01-14-2006, 06:10 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)



    الأرض والزراعـة


    نهب الأرض

    إن العلاقة بين الشمال وشعب البجه عبارة عن سلسلة طويلة من الاستغلال، ونهب أرض البجه وقوة عملهم ومواردهم المعدنية والزراعية وموقع البلاد الاستراتيجي. إن العمل والموارد والأرض هي محور النزاع حول مستقبل البجه. وقد اتخذ هذا النزاع صورا من المطالبات القومية في شكل تحرك سياسي من أجل الاستقلال الوطني لشعب البجه ولكن القضاء على التحكم في العمل والموارد والأرض يشكل مضمون مساعي البجه من أجل الاستقلال السياسي والاقتصادي.

    وبالرغم من التحولات الهامة التي حدثت في (السودان) منذ خروج بريطانيا، ظل طابع المستعمرات هو السمة المميزة لاقتصاد البجه - وما يريده البجاوي ليس تنازلا وإنما استعادة أرضه - ذلك لأن الاغتصاب والنهب الصريح لأرض البجه هو السبب الجذري لفقر البجه وعوزهم اليومي. وسواء منذ اندفاع الوافدين الشماليين إلى البلاد مع المستعمرين البريطانيين، أو عند خروج البريطانيين من البلاد. فإن اختطاف الأرض هو الهدف الرئيسي. فعن طريق الاستيلاء المباشر والغش والخداع واستغلال النفوذ وباستخدام كل وسيلة ميسورة تمكن الشماليون من الاستيلاء على الأرض. بيد أن الأمر الأكثر أهمية هو أن الأرض التي تركت في أيدي البجه كانت أقلها خصباً. على حين كانت الأرض التي انتزعها الوافدون الشماليون أكثر خصباً وبالرغم من ضخامة بلاد البجه. فلقد أصبحت الأرض سلعة ثمينة ونادرة للغاية بالنسبة للبجه. ذلك لأن البجه محصورين في الأراضي القليلة الخصوبة المحرومة من تسهيلات الري الجيدة مما يضطرهم إلى التزاحم في المناطق القليلة التي توجد بها موارد المياه، وهذه المصاعب الضخمة تشكل كارثة بالنسبة للزراعة الناجحة والمراعي الغنية.

    تبنت حكومة الخرطوم منذ الاستقلال سياسة تأميم ودمج إدارة الأراضي في النظام البيروقراطي الفاسد. وأعلنت الدولة (1971م) أن كل الأراضي غير المسجلة، مشغولة أم لا، تسجل باسم الدولة. واستخدم هذا القانون لإطلاق يد الحكومة في اغتصاب أراضي البجه وتوزيعها عن طريق الرشوة والفساد والمحسوبية للسكن والتجارة والمشاريع الزراعية دون اعتبار لحقوق البجه الشرعية فيها. وتم تطبيق سياسة الخصخصة في عهد نظام الجبهة وأدى هذا إلى تلاشي تدفق السلع والمال من المشاريع الى المناطق الفقيرة مما أضر بالبجه سكان الريف والرعاة، ويتم هذا لتحقيق مكاسب شخصية للفئة الشمالية المهيمنة، تحت مظلة مصلحة الاقتصاد والوطن (السوداني) وعن طريق الإضرار بالبجه أصحاب الأرض ناهيك عن تحقيق مصلحة لهم.

    اسـتخـدام الأرض

    قبل الاستعمار، كانت طريقة الحياة المهيمنة هي الرعي والزراعة للاكتفاء الذاتي في شكل مزرعة صغيرة لكل أسرة. وكانت أعداد المواشي أصغر بكثير آنذاك. وفي مساحات معينة كانت قابلة لاستخدام الإنسان واستخدمت في الزراعة التقليدية المطرية على نطاق محدود لإعاشة السكان.

    وفي فترة الاستعمار التركي وبعده البريطاني، انفتحت الولاية على العالم الخارجي. وتم توجيه الاقتصاد نحو السوق والاقتصاد النقدي بتغييره تدريجياً من الأشكال التقليدية لاستخدام الأرض. وساعدت السكة الحديد والاستقرار السياسي النسبي في تعجيل نسبة التغيير. وأصبحت الزراعة مهمة. وكانت الخطوات المتقدمة الكبرى لعملية التغيير هذه على سبيل المثال: الانتاج التجاري للقطن في توكر ثم في مشروع دلتا القاش عام 1923م، وبداية الانتاج البستاني قرب مدينة كسلا عام 1940م، ومشروع القدمبلية للزراعة الآلية عام 1945م، واكمال خزان خشم القرية عام 1961م، وتطورت المدن كمراكز إدارية وتجارية، ومراكز خدمة مثل: القضارف وكسلا وأروما وخشم القربة.

    تغير استخدام الأرض بسرعة خلال أيام الاستعمار البريطاني الأخيرة وبعد خروجه وأدى هذا إلى منافسة حادة لاستحواذ الأرض وانبثاق اقتصاد ذو طبيعة مزدوجة، تقليدية وعصرية. وتميزت هذه الفترة بازدياد درجة التنوع، والتوسع في الأرض وتكثيف استخدامها والتي اصبحت مجهدة في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات إلخ.

    إفـقـار المـزارعـين والرعــاة

    إن سبب الاستيلاء على الأراضي بالجملة في بلاد البجه الواسعة، هو للحيلولة دون أن يصبح المزارع البجاوي منافسا للمزارع الشمالي، أو لأصحاب المزارع الرأسمالية الواسعة من الشماليين، وافقار المزارع البجاوي إلى درجة يرغم معها معظم الشبان البجه على العمل مع السلطة الشمالية وفي الميناء أو المزارع. وهكذا لم يصبح إثراء الوافدين الشماليين هو وحده الهدف في السياسة الرسمية للحكومة الشمالية وإنما الإفقار المتعمد للبجه لإبادتهم.

    وقد مضى الشماليون إلى أبعاد شاذة كي يمنعوا المنافسة البجاوية في الزراعة، بل تبدو الخطوات التي تتخذ أكثر شذوذا عندما يتأمل المرء التقارير الرسمية عن (تأخر) البجه (وعدم كفايتهم) كزراعيين. والحقيقة كما كشفت عنها تصريحات كثير من المعلقين هي أن الشماليين، من الذين تأكدت عدم كفايتهم كمزارعين، هم حتى عندما يمتلكون أفضل الأراضي وأجودها كان يتعين أن يتلقوا بصورة دائمة المعونات المالية من الحكومة، وأن يتمتعوا بحمايتها في وجه المنافسة البجاوية، عن طريق ادخال مختلف أنواع القيود والتحديدات على الزراعة البجاوية وتطبيق مختلف إجراءات التمييز لصالح المزارع الشمالي في مزارع الخضر والفواكه في كسلا وبورتسودان والزراعة الآلية في القضارف والحواشات في حلفا الجديدة والرهد وكذلك القاش وبركة، ويكفي تسليمهم حواشات الجزيرة للأفارقة.

    الإكتـفـاء الـذاتي :

    قبل مجيءbالإنجليز والمستوطنين الشماليين كان كل سكان بلاد البجه من الأهالي يتمتعون بالإكتفاء الذاتي من الناحية الاقتصادية... فمن الناحية الأساسية كانت كل عائلة من البجه تنتج طعامها الخاص عن طريق زراعة المحصولات وتربية المواشى كما كانت تقوم أيضا ببناء الأكواخ الخاصة بها، وصناعة معظم ملابسها وأدواتها وأوعيتها المنزلية. وكان هناك حرفيون متخصصون يقومون بصنع ومقايضة أدوات وأوعية معينة، وكذلك بعض البضائع الأخرى فيكملون بذلك دخلهم من الزراعة. ومنذ مجيء الإنجليز وسدنتهم من المستوطنين الشماليين إنهار هذا الإكتفاء الذاتي القديم. إن انهيار الإكتفاء الذاتي، وتدمير الزراعة البجاوية والقضاء على المراعي وبالتالي حيواناتها وقطع الغابات هي أساليب استعمارية لا زالت حكومات الخرطوم الشمالية تفرضها على البجه إلى يومنا هذا، وذلك لأن المزارع البجاوي المستقر القادر على أن يعيش مستقلا عن مزارع المستوطنين ومصانعهم هو آخر ما يمكن أن تسمح به السلطات.

    ظلت السياسة الاستعمارية تنحصر في سلب شعب البجه من معظم أراضيه، وفي الحيلولة بمختلف إجراءات التمييز والتقييد دون ظهور اقتصاد زراعي بجاوي منتعش. وهكذا تحطمت الزراعة القديمة القائمة على الإكتفاء الذاتي، لا عن طريق الاستيلاء على الأراضي والسخرة فحسب بل أيضاً عن طريق تطبيق نظام ضريبة القطعان، وهي الضريبة النقدية التي كانت ترغم البجه على البحث عن النقود. بيد أن أية محاولة من جانب البجه للإفلات من المصيدة، وللحصول على النقود عن طريق التحول من الزراعة القائمة على الإكتفاء الذاتي إلى زراعة المحصولات النقدية وبذا يتجنبون العمل بأجر لدى المستوطنين وحكومتهم لا زالت تعوقها بدرجة كبيرة سياسة الدولة القائمة على محاباة المستوطنين الشماليين وتمييزهم على البجه، وعلى فرض القيود على الأخيرين.

    تدمـيـر الـريــف

    إن دمار الريف على نطاق مساحات هائلة في بلاد البجه، الذي هو نفسه نتيجة طبيعية لسياسة الاستعمار البريطانى وحكومات الخرطوم الشمالية من بعده، التي تؤدي إلى خلق نقص في الأرض وإلى التزاحم السكاني للبجه - قد أسفر عن حلزون يهبط بضراوة، حلزون لا يمكن القضاء علىه إلا بالقضاء على النظام الاستعماري الاستغلالي في بلاد البجه.

    وإنه لطيلة سنوات عديدة وإلى الآن يتعرض البجه لضغوط من الحكومات الشمالية المتعاقبة للتخلي عن نظامهم التقليدي في الملكية االقبلية للأرض ولأن يتخذوا بدلا عنها نظام السند الفردى لملكية الأرض سواء في شكل تملك حر أو حيازة بالإيجار، وبهذه الطريقة تصبح الأرض البجاوية، سلعة تباع وتشترى في السوق أو تستأجر من أصحابها.

    إن تحويل الأرض إلى سلعة تباع وتشترى وخلق الحيازات الفردية في ظل الظروف الراهنة في بلاد البجه، التي تعوق فيها سيطرة المستوطنين الشماليين على الأرض والموارد الطبيعية والعمل والتطور الاقتصادي البجاوي، وحيث المنتج البجاوي، سواء في حالة البيع أو الشراء، يجد نفسه في سوق تسيطر علىها الإحتكارات القوية، لا يمكن لهما أن يوفرا حلا أبدياً لقدر المزارع البجاوي ونصيبه.

    المحـصــول الـواحــد

    إن سياسة المحصول الواحد، وهي سمة نموذجية من سمات الاستعمار تلاحظ في بلاد البجه. فلقد خصصت مناطق كاملة لزراعة القطن وسواء أكان مثل هذا الانتاج يمارس في شكل مزارع رأسمالية كبيرة، أو في شكل حيازات فردية بجاوية صغيرة فإن التربة تصبح شديدة الإجهاد ويسرع إليها التدهور والفساد، بالإضافة إلى خطر انتشار أمراض النباتات.

    وقد أسفر التوسع في زراعة القطن في بلاد البجه عن دمار شامل لأراضي الغابات العالية القيمة في دلتا بركة والقاش والقضارف والرهد كما قضى على المراعي والحيوانات.

    وعلاوة على ذلك فمع تخصيص كل هذه المقادير الضخمة من الأرض وقوة العمل والموارد لمحصول القطن والذي هو أساسا للتصدير، أهمل انتاج الطعام اللآزم للمتطلبات المحلية، وانتشرت المجاعات وسوء التغذية.

    إن الإعتماد على محصول نقدي واحد أو على عدد قليل من المحصولات النقدية، يترك هذه المنطقة معرضة بصورة خطيرة لكل التقلبات في أثمان منتجاتها في الأسواق العالمية، خاصة بعد تطبيق إتفاقية التجارة الحرة، ويؤدي إلى عدم الاستقرار الاقتصادي.

    بيد أنه حتى عند وجود أثمان مواتية في السوق، فلن يكون المزارع البجاوي الفقير هو المستفيد من زراعة المحصولات النقدية إذ تذهب عائداتها لحكومة الخرطوم الشمالية.

    الأرض لمـن يـفـلـحـها :

    إن سياسات الأرض والسياسات الزراعية في بلاد البجه التي انتهجتها الحكومات الشمالية السابقة والحالية، لا تهدف إلى مساعدة الزراعة البجاوية، وإنما تعد نقطة البدء فيها، بل غرضها الأساسي المحافظة على الاستغلال وحماية المصالح الاحتكارية، بما فيها ضمان عرض ثابت من العمل البجاوي الرخيص.

    إن تقييد ملكية الأرض بقوانين على أساس عنصري يجب أن ينتهي ويعاد توزيعها على البجه أصحابها والذين يفلحونها وذلك من أجل إبعاد شبح المجاعة واشتهاء الأرض.










    الـزراعــة

    تتحكم السياسة الزراعية الحكومية، التي تبحث عن مصادر للعملات الأجنبية باستغلال أراضي البجه، إلى جانب المناخ في كمية ونوع الزراعة في بلاد البجه فبينما نجد في شمال البلاد وساحلها أراضي قاحلة نجد أيضاً في جنوبها مناطق خصبة وهكذا نرى أن أجزاء البلاد مكملة لبعضها البعض من الناحية الاقتصادية إذ تتوفر في جنوبها مناطق الانتاج وفي شمالها الشرقي مناطق الاستهلاك ومرافيء التصدير.

    وتتمثل في البلاد أربعة أنماط زراعية. هي الزراعة الفيضية والمطرية والمروية ثم زراعة البساتين بالسواقي حول مدينة كسلا.

    وتصل نسبة الزراعة المطرية في منطقة القضارف إلى 82% (عمدت حكومة نظام الإنقاذ إلى فصل القضارف في ولاية مستقلة يتولاها أحد كوادرها لتستأثر بخيراتها، خاصة الزكاة، 1999م). أما المساحة المزروعة بالري المنتظم فتبلغ 12% في مشروع خشم القربة وتنخفض نسبة الزراعة الفيضية إلى 4% في مشروعي القاش وتوكر. وتشكل نسبة زراعة الفواكه والخضروات حول كسلا وبطون ا لأودية 2% من المساحة المزروعة في البلاد.

    والحاصلات الزراعية هي القطن في دلتا توكر والقاش بالإضافة إلى الخروع. ومن أهم المحاصيل أيضا الذرة والدخن والسمسم والقمح والفول السوداني وقصب السكر والصمغ.

    ويتكون الجزء الجنوبي من البلاد من سهول طينية منبسطة ويستغل عن طريق الزراعة الآلية، حيث يكفي منسوب الأمطار لانتاج بعض المحاصيل الغذائية والنقدية، وجزء آخر في وسطها تتهيأ له فرص الري من أنهار تنحدر من مرتفعات اريتريا في الشرق، وفي شمال مدينة كسلا حيث تمتد سهول رسوبية على درجة عالية من الخصوبة ويروي جزءاً يسيراً منها موسميا نهرا القاش وبركة، فإنه من جميع هذه المناطق تقوم امكانات هائلة للتنمية الزراعية أفقيا ورأسياً. وفي شمال البلاد ووسطها تنحدر وديان موسمية تكوّن جيوبا رسوبية يصلح استغلالها في الانتاج الزراعي المكثف ولا يستغل منها حالياً إلا 30%..

    أنــواع النـشــاط الـــزراعـــي في كسلا والقضارف

    إن أكثر من 60% من السكان النشطين يشتركون في الزراعة. ويوفر هذا القطاع الغذاء والحبوب والمحاصيل النقدية. وتصدر كسلا منتجات زراعية لباقي (السودان) وأيضاً للأسواق العالمية. ومن زاوية اقتصادية، يمكن تقسيم الزراعة في المنطقة إلى زراعة اعاشية وشبه تجارية وتجارية. وتقع هذه الأنواع في المشاريع الزراعية الكبرى المطرية والمزارع المروية، ويتكون كل منها من عدد من المشاريع الفرعية. وتحتل الزراعة المطرية أكثر من 90% من المناطق الزراعية في ولاية كسلا والقضارف. وأقل من 10% هي زراعة مروية. وإذا أخذنا في الاعتبار حالات التربة، فإن جزءاً كبيراً من أراضي الولاية صالح للزراعة أو للري. والمناطق التي تروى بالأمطار اكتمل انتاجها، على حساب المراعي والغابات. ويعتمد التوسع في الأراضي المروية على وجود المياه لريها.

    الزراعة المطرية في كسلا

    تتوزع في مناطق نهر أتبره والقرقف ونهر ستيت، وتقدر المساحة الكلية للري المطري بنحو 2 مليون فدان يستغل منها نحو (2،1) مليون فدان. المساحة الصالحة للزراعة المطرية التقليدية (180) ألف فدان، المستغل منها (90) ألف فدان. المساحة الصالحة للزراعة المطرية الآلية (100) ألف فدان، المستغل منها (1080) ألف فدان. المساحة الصالحة للزراعة بالري الفيضي (800) ألف فدان، المستغل منها (92) ألف فدان. المساحة الصالحة للزراعة بالري الصناعي (544) ألف فدان، المستغل منها (282) ألف فدان. المساحة الصالحة لزراعة البساتين (336) ألف فدان، المستغل منها (50) ألف فدان.

    زراعة الحواشات

    يمارس مزارعو الحواشات الزراعة المروية في المشاريع المروية الكبرى ويتمتعون بقدر قليل جداً من الحرية، لأنهم يعتمدون على إدارة المشروع في نظام المحاصيل وتسويقها وتكاليف المياه والخدمات الأخرى. وعندما تكون الحواشه بإيجار دائم فإنهم يحصلون على حوافز لإدارة الحواشة وتحسينها.

    إن تربية الحيوانات استثمار جذاب اقتصادياً، نوع من حساب الادخار المصرفي، إضافة إلى هذا، فإن الدخل الناتج عن تربية الحيوانات بطريقة مستقلة يتم بدون علم إدارة المشروع. ولا يتحمس مزارعو الحواشات لتربية الحيوانات لأنهم يتنافسون مع بعضهم البعض ومع الرعاة على مصادر الرعي، خاصة جوار المشاريع. والهدف الرئيسي لإدارات المشاريع هو تحقيق العملات الأجنبية من خلال زراعة المحاصيل المدرة للنقد الأجنبي. وعلى المدى القصير، فإن هذا يتعارض مع زراعة المحاصيل الغذائية، وحطب الوقود. وهذه طريقة استخدام غير مستدامة عند أخذ المناطق التي حول المشاريع المروية بعين الاعتبار.



    زراعة البساتين في كسلا

    تعتمد زراعة المنتجات البستانية على سحب المياه الجوفية والسطحية من الأنهار بالآلات وتتوزع بين نهر أتبره ومنطقة كسلا وبساتين حلفا الجديدة وجروف نهر أتبره، وتقدر المساحة الكلية بولاية كسلا بنحو (236) ألف فدان يستغل منها حوالى (50) ألف فدان تزرع بمحصولات الخضر والفاكهة وبعض الأعلاف، ويقد الإنتاج منها بنحو (355) ألف طن في العام. يزرع مزارعو البساتين الخضراوات والفواكه ويبيعونها. وهذه المشروعات التجارية تزدهر في أماكن لها مياه ري سطحية طوال العام ولديها أيضاً أسواق. وتؤجر البساتين لفترات طويلة أو تكون ملكاً للمزارع. لذا يكون المزارع مهتماً بإضافة قيمة لمزرعته بتحسين إدارة مصادر التربة والبنية الأساسية. وبما أن المياه السطحية والجوفيه هي مصادر مشاعة، فقد تتعرض للنضب في النهاية وقد تنشأ المنافسة عندما تصل هذه المصادر إلى نقطة الندرة، ويؤدي هذا إلى استخدام مضخات أكبر وآبار أعمق. وتشاهد مؤشرات هذه العمليات سلفاً في المنطقة التي حول مدينة كسلا.

    وفي مجال البساتين فلقد تم ترشيد استهلاك المياه في منطقة كسلا للحصول على انتاج أفضل وفي منطقة حلفا الجديدة يوجد 23 ألف فدان يمكن استثمارها في زراعة الخضروات ولكن ندرة المياه تعوق هذا الاستثمار، ولكن إذا تم تعمير مشروع نهر سيتيت فإنه يمكن زراعة كميات إضافية من البساتين، وهناك إمكانات للتوسع في حلفا وتوتيل وجنوب توكر ولكن المياه لا تكفي إلا للمحاصيل التي تدخل في الدورة الزراعية ولاحتياجات الإنسان والحيوان.

    الزراعة التجارية

    هذه الفئة من مستخدمي المصادر تهتم بالزراعة من ناحية المحصول. وعادة ما يكون هناك نشاط آخر بنفس الأهمية أو أكثر مثل التجارة أو الإدارة. ويمارس تجار الزراعة نشاطهم على مساحات شاسعة من الأرض لزراعة الذرة والسمسم في المشاريع الزراعية الآلية المطرية داخل وخارج المشاريع المخططة. وهذه مشروعات تجارية بحته بقدر محدود جداً من الإلتصاق بالأرض وبالتالي حوافز قليلة لإدارة المصادر، لأنه حتى وقت قريب كانت لا توجد ندرة في الأرض الزراعية. وقلة الانتاج في مزرعة ما تؤدي إلى هجرها والانتقال إلى استغلال مزرعة جديدة. ولا يمكن الحصول على محصول جيد عندما ترتفع أسعار العمالة وتتدنى أسعار الذرة. وتستثمر الأرباح في النشاطات الاقتصادية الأخرى، مثل تربية المواشي أو امتلاك العقارات والأراضي. وبعكس مستخدمي المصادر الأخرى، فإن المزارع التجاري لديه طرق وصول لسلسلة من الفرص التجارية الأخرى. والآن وقد بدأت الأرض تصبح نادرة، فإن التعلق بالأرض قد يزداد، وكذا الحوافز للإدارة الزراعية المحسنة.


    مشروع الرهد الزراعي

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية بتاريخ 13/3/1998م عن مشروع الرهد الزراعي ما يلي:- ضخامة وتنوع: يقع مشروع الرهد الزراعي على الضفة الشرقية لنهر الرهد (كل المشروع في بلاد البجه بغض النظر عن تغيير الخريطة الإدارية، وهذا دليل آخر على الظلم ونهب ثروات البجه)، وتتوزع أرضه على ثلاث ولايات هي القضارف والجزيرة وسنار. وللمشروع أهداف عديدة بينها الانتاج البستاني والتصنيع والتصدير، وهو يسعى لرفع المستوى المعيشي للسكان وزيادة الدخل القومي، وإيجاد فرص العمل لـ 200 ألف مواطن.

    وقد بلغ حجم التمويل الكلي للمشروع حوالى 408 ملايين دولار بمكونه المحلي والأجنبي، وساهمت فيه عدة هيئات دولية وصندوق النقد السعودي إضافة إلى صندوق النقد الكويتي، ويبلغ عدد المزارعين في المشروع حوالى 116 ألف مزارع من جملة 250 ألف نسمة هم عدد السكان في المنطقة.

    وقبل قيام المشروع كانت المنطقة محدودة الخدمات في مجالات التعليم والصحة والكهرباء وانعدام مياه الشرب. ومنطقة المشروع عبارة عن منطقة صخور أساسية ليست فيها مياه جوفية كافية، أضف إلى ذلك قلة المياه السطحية والأمطار التي يتراوح معدلها بين150 ملم في الجزء الشمالي من المشروع و700 ملم في الجزء الجنوبي، وكانت نسبة ضئيلة من السكان تشتغل بالزراعة التقليدية المطرية في مساحات ضئيلة إضافة لحرفة الرعي التي هي السمة الغالبة للبجه أهالي هذه المنطقة.

    منطقة جاذبة: بعد قيام المشروع بدأت مرحلة جديدة في حياة مواطني المنطقة، حيث تطورت عمليات الانتاج وتوطين المزارعين واستقرارهم، كما واكب ذلك قيام مستوطنات ضخمة، إذ تم تجميع القرى والفرقان في 46 قرية على طول المشروع، وتم توفير الخدمات لها مما جعل منطقة المشروع جاذبة لأعداد كبيرة من النازحين الذين اضطروا للاستقرار بالمنطقة بعد أن كانوا عمالة موسمية. (مثل هذه المشروعات والممارسات أدت إلى تشريد البجه الرعاة أصحاب الأرض وجلبت مكانهم مستوطنين من غير البجه).

    إن تكاليف الانتاج والعائدات الكلية والصافية لهذا النشاط الاقتصادي تتيح للمزارع في النهاية عوائد كبيرة مباشرة وغير مباشرة، وقد انعكس هذا النشاط بدوره على التطور والتنمية الاجتماعية وفي تغيير نمط الحياة للأفضل. ويشمل الموسم الزراعي الصيفي لعام 1999م/2000 زراعة 85 ألف فدان قطن و67323 فدان فول.

    وعن الحالة الاجتماعية للمواطنين بعد قيام المشروع، أفادت دراسة بأن 39% من أفراد الأسرة أميين. وبالنسبة للسكن هناك حوالى 68% من المباني من المواد الثابتة، و32% من المواد المحلية. وأفاد أقل من 20% من المزارعين بأن الدخل أو العائد من نشاطهم في المزارع يكفي لاعاشتهم بينما ذكر 33% منهم أن لهم نشاطاً آخر غير الزراعة. أما بالنسبة للحصول على المياه النقية فقد أفاد حوالى 54% بحصولهم عليها بينما أفاد 46% بأنهم يحصلون على المياه من ترع الري للشرب والاحتياجات الأخرى.

    وأضافت الدراسة أن حوالى 77% من الأطفال محصنين ضد الأمراض بينما 46% من المواطنين يلجأون إلى العلاج التقليدي. (من الواضح فشل المشروع اقتصاديا في توفير دخل كافٍ للمزارعين حيث يبحثون عن عمل إضافي، كذلك قضى على المراعي وحيواناتها من أليفة وبرية، كما أصيب السكان بأمراض عديدة جراء شربهم مياه القنوات الملوثة يضاف إلى هذا فشل المشروع اجتماعياً في تطوير البجه أصحاب الأرض).

    مشاكل مشروع الرهد

    أكد وزير زراعة الإنقاذ (1999م) أن المشاكل والمعوقات في مشروع الرهد تتمثل في عطل مضخات مينا الرئيسية لري المشروع. ومن 12 مضخة تعمل واحدة فقط بكفاءة عالية وإثنتان بكفاءة متوسطة، والبقية متعطلة. وتتراكم كميات كبيرة من الطمي والحشائش بكل الترع والمصارف والقنوات مما أدى في آخر موسم انتاجي لاستقطاع أكثر من 60% من مساحات المحاصيل بسبب الغرق والعطش. كذلك يوجد نقص في المرشدين الزراعيين ونقلهم. وهناك مشاكل نقابية مع العمال وإضرابات لتأخير المرتبات وتعثر التمويل وتوقف عمليات حفر القنوات وعدم انسياب المواد البترولية وانقطاع التيار الكهربائي من المحالج والورش والسكن للضغط لدفع فاتورة الكهرباء للمضخات. وتبلغ تكلفة الصيانة حوالى 12 مليار جنيه، إضافة إلى ديون فشل الموسم السابق وتدني الانتاجية وانخفاض أسعار القطن. كما تصل مديونية شركة دان فوديو وحدها 12 مليار جنيه، والكهرباء 5،3 مليار جنيه.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم 10/1/2000م أن وزارة الري قد أعلنت عن تأهيل مضخات مشروع الرهد الإحدى عشرة بقرض من البنك الإسلامي للتنمية بجدة قدره مليون دولار.

    مشروع القاش الزراعي

    نهر القاش رافد يتدفق موسمياً من الهضبة الحبشية، متخذاً مساره داخل الحدود البلاد في منطقة جنوب كسلا. ولقد قامت قبيلة الحلنقا بشق مجرى النهر في قصة بطولية.

    ومتوسط حجم تصريف نهر القاش السنوي للمياه حوالى 686 مليون متر مكعب، تصرف في فترة 90 يوما تقريبا، أكثرها في أغسطس حيث يمر حوالى 45% من جملة التصريف السنوي. ولقد اعتمد علىه البجه منذ زمن طويل في زراعة الذرة، وعرفت تربته بخصوبتها وجودتها. وفي فترة الحكم التركي المصري على بلاد البجه 1821 ــ 1885م أدخل الأتراك زراعة القطن في منطقة القاش للاستفادة منه في مصانع الغزل والنسيج في مصر. وهكذا حرم البجه من زراعة الذرة غذاؤهم الرئيسي وفرض علىهم المستعمر زراعة القطن إلى يومنا هذا.

    الشركة الإنجليزية

    وفي حوالى عام 1905م جرت محاولة لإقامة سد ترابي/ خشبي على النهر ولكن السد إنهار أمام التيار القوي للماء. وفي حوالى عام 1915م تقريبا قامت مصلحة الري (السوداني) آنذاك بحفر ترعة في محاولة لزيادة الرقعة الصالحة للزراعة للاستفادة منها في زراعة الذرة. وفي عام 1924م قامت الحكومة الاستعمارية بمنح إمتياز استثمار منطقة دلتا القاش إلى شركة إنجليزية عرفت بإسم (شركة أقطان كسلا) وأقامت الشركة بعض السدود في محاولة لتوحيد مجرى النهر. وكان هذا العمل النواة الأولى لنهر القاش.

    ولم تستمر الشركة الإنجليزية التي كان هدفها الكسب غير المشروع والاستغلال إذ ثارت علىها قبائل البجه الموجودة في المنطقة.. ومن ثم تولت الحكومة إدارة المشروع عن طريق لجنة صدر أمر بتكوينها عام 27/1928م. وعرفت فيما بعد ( بلجنة القاش ).

    الفشل تاريخياً

    ذكر أندرو بول في كتابه عن البجه Xلم يكتب النجاح لهذا المشروع رغم التوسع الأفقي فيه، والسبب في ذلك التعارض الواضح بين النظرة التجارية والحقوق القبلية للهدندوة والذي تمثل في فقدهم لعائد الذرة والرعي. وأهم من ذلك الحد من حركتهم وترحال حيواناتهم في أرض يعتبرونها ملكا خالصا لهم. ونتيجة لعدم تعاونهم مع الحكومة الاستعمارية، استجلبت الحكومة مزارعين شماليين من وادي النيل. لم يزد هذا الإجراء الأمور إلا تعقيدا لأن الهدندوة الرافضين لزراعة القطن بأنفسهم، لم يحتملوا توزيع أرض قبيلتهم إلى الأجانب، وبالتالي بدأوا يلجأون إلى تخويف وإرهاب المزارعين الشماليين الوافدين واستعمال العنف وحتى القتل أحياناZ. وهكذا زرع الاستعمار البريطاني في منطقة كسلا أعوانه.

    ذكر بول أيضا أن عدد المزارعين الهدندوة بلغ عام 26/1927م، 6380 وعام 30/1931م، 11500 وعام 50/1951م، 16020. أما البجه الآخرين فبلغ عددهم عام 26/1927م، 6320 وعام 30/1931م، 7880 وعام 50/1951م، 2480. وبلغ عدد الوافدين من شماليين وغيرهم عام 26/1927م، 8410 وعام 30/1931م، 7410 وعام 50/951 5120.

    فوائد للحكومة وأضرار للبجه

    واتسعت الرقع المزروعة وأمكن التحكم نوعا ما في نهر القاش. وشهدت المنطقة نسبة طفيفة من حياة الاستقرار، حيث قامت القرى وانتعشت الحياة الاقتصادية وقامت الحكومة الاستعمارية بربط مدينة كسلا بميناء بورتسودان بواسطة خط حديدي حتى تستطيع تصدير القطن والاستفادة من عائداته من العملات الأجنبية ومن خامه في تمويل مصانعها في لانكشير. ولقد بلغت إيرادات مؤسسة دلتا القاش الزراعية للعام 81/1982م نصف مليون جنيه سوداني.

    ولم يستفد البجه من هذا المشروع ولا مما تبعه من فتح محدود لمدارس لأبناء الموظفين الشماليين ودواوين حكومية لتوظيفهم. وأمام هجرات الوافدين المكثفة للمنطقة ونزع الأراضي من البجه لأجل الزراعة أُجبر البجه على النزوح بعيدا بحثاً عن مراع جديدة لحيواناتهم دون جدوى. الحل عندنا هو إعادة الأرض لأصحابها وتحويلها إلى مراع.

    جاء في كتاب Xكفاح البجهZ للمناضل الأستاذ محمد دين أحمد اسماعيل البجاوي عن مشاكل مزارعي دلتا القاش ما يلي: (أما أراضي القاش التي تقع تحت إدارة تلك الشركة الأجنبية الاحتكارية، التي تسخر المزارعين من الأهالي لفائدتها الخاصة ــ كانوا رعاة أصحاب أرض قبل قدوم الشركة التي استولت على أراضيهم وحولتهم إلى عمال زراعيين مؤقتين يلبون احتياجاتها الاستغلالية ــ ولا تكلف نفسها بفتح المدارس لأبناء المزارعين، ولا تهتم بحياة المزارعين سواء من الناحية الصحية أو الاجتماعية، فهي تتنكر لكل هذه الفوائد التي من واجبها تقديمها للمزارعين، كما أن واجبها يفرض عليها أن تساهم وتشارك في إصلاح وتقدم هؤلاء الذين يخدمون في مشروعها، كما تفعل شركة الجزيرة قبل التأميم وبعد التأميم، والذين يخدمون تحت هذه الشركة لا يمتازون عن غيرهم من البؤساء والأشقياء والمظلومين من مزارعي توكر إلا في بعض الأشياء التافهة. أما الحركة التي قام بها إتحاد المزارعين والتي لا زال يمارسها، فهي في حد ذاتها برهاناً قاطعاً ودليلاً كافياً لتأييد حجتنا كما وأنه قد كشف كثيراً من المعلومات المخفية عن هذه الشركة وظلمها الفاحش لفئة المزارعين الذين تتكون أغلبيتهم الساحقة من قبيلة الهدندوة ــ أصحاب الأرض ــ التي لا زالت تخدم تحت رآية هذا النظام الاستغلالي، ا. هـ.).

    المساحة والنظام الزراعي

    وتبلغ المساحة الكلية لدلتا نهر القاش حوالى 700 ألف فدان خطط منها حوالى 250 ألف فدان وهى الجزء المستثمر حاليا في شكل دورة ثلاثية، ويبلغ ما يروى منها سنويا 70 ألف فدان ويزرع نصفها أو ما يقاربه بنبات الخروع الذي جلب للعمال الزراعيين من قبائل البجه أمراض الحساسية والربو. ويزرع باقي المساحة ذرة، ويقوم بفلاحة الأرض حوالى 10 آلاف عامل زراعي في نظام شبيه بالسخرة. تقدر المساحة التي تزرع في المتوسط بحوالى 75 ألف فدان. وهناك خطة (2003م) لإعادة تأهيل المشروع ستزيد المساحة المزروعة إلى (160) ألف فدان، بالإضافة إلى مساحة (400) ألف فدان صالحة للزراعة خارج الدورة.

    ويذهب نصيب المزارع الذي يبلغ 75% في الحساب المشترك والمنصرفات التي تفرض علىه مثل نظافة الأرض من الشجيرات، وقيمة البذور، وحراسة المحصول من تعدي الحيوانات وقيمة جوالات الخيش وقلع سيقان الخروع ونظافة الأرض من بقاياه وتقشير المحصول وترحيله بالسكة الحديد، والتخزين بالميناء، والتأمين وصيانة الجسور واللقيط والسلفيات الزراعية، ونسبة للمبالغة في تقدير هذه المنصرفات، التي تذهب مرتبات ومخصصات للموظفين الشماليين، فإن المزارع يخرج في نهاية الموسم بمبلغ زهيد جدا هذا إذا لم يكن مطالباً.

    من مشاكل المشروع

    إن مشروع القاش الزراعي يواجه مشاكل عديدة منها ضيق الرقعة التي تروى سنوياً، والتفاوت بين المزارعين في الانتاج وبدائية وسائل الانتاج وكثافة السكان مقارنة مع الإمكانات الزراعية وتكاثر الحيوان في الدلتا الضيقة وكثافة الحشائش مما يضعف الانتاج وفي السنوات الأخيرة تعرض سد نهر القاش إلى الإنهيار وألحق أضرارا بسكان جنوب كسلا.

    إن زراعة القطن والخروع في منطقة القاش أثبتت فشلها اقتصاديا واجتماعيا فالعائد المادي ضعيف ولم يحقق المشروع الهدف منه كمشروع لتوطين الرحل.

    وبما أننا نعيش في زمن قلّ فيه الانتاج العالمي من منتجات الحيوان وكثر الطلب علىها فلا أكثر من أن يحوّل المشروع لتعاونيات وتقام فيه مزارع مختلطة لتربية المواشي ومنتجاتها.

    لقد تم إنشاء مشروع القاش ظاهرا من أجل استقرار الرحل وباطنا من أجل مد خزائن حكومات الخرطوم بالعملات الأجنبية. وكان يعيش في منطقة المشروع حوالى 70% من قبيلة الهدندوة. وبعد أكثر من نصف قرن إتضح جلياً أن المشروع لم يستوف أغراضه الأساسية الظاهرة أو الباطنة وظهر هذا واضحا عند إدخال الخروع بدلا عن القطن وكان الخروع وبالا على المزارعين البجه بعائده الضعيف الذي زادهم فقرا على فقر بالإضافة إلى ماجلبه لهم من أمراض. وتوقفت زراعة الخروع العام 19883 لتحل محله الذرة.

    مراحل المشروع والخروع

    وفي دراسة قامت بها مصلحة التنمية الريفية عام 1967م ظهر أن 44% من المزارعين لا يستفيدون من المشروع. واتضح أن من أسباب الفشل الجزئي للمشروع منع المزارعين من الجمع بين حيواناتهم والزراعة وكان يفترض أن يكون البديل للمزارعين الذين كانوا رعاة.

    المساحة الاجمالية القابلة للزراعة هي 700 الف فدان. وانشىء المشروع عام 1926م بواسطة شركة كسلا للأقطان. وأدى انخفاض الفيضانات المتكرر وانخفاض أسعار القطن إلى انسحاب الشركة من المشروع عام 1928م. واستلمت الحكومة المشروع بهدف انتاج القطن والذرة والموارد الرعوية للرحل. ورفعت الحكومة نصيب البجه من الحيازات من 23% إلى 75% (87% منها للهدندوة) وقسمت النسبة المتبقية إلى الوافدين من شمال السودان وغرب افريقيا. في عام 1967 حلت مؤسسة دلتا القاش محل مجلس إدارة القاش لتحقيق أهداف فنية محضة هي تحسين الأداء والانتاجية.

    وقد اعتبرت التقلبات في الفيضانات والأطماء، وسوء الإدارة مسؤولة عن التدهور المستمر في المساحة المزروعة التي تتراوح بين 40 ألف و 60 ألف فدان (20% من المساحة المخططه للزراعة). وفي عام 1969م توقفت زراعة القطن لتحل محلها زراعة الخروع كمحصول رئيسي. وبالرغم من أن الخروع كان مجزياً اقتصادياً إلا أن البجه لم يهتموا بزراعته على وجه الخصوص نسبة لافتقارهم للمعرفة به، وبسبب غياب الإرشاد الزراعي والأمراض التي سببها لهم، ولعل السبب الأكثر أهمية هو أنه لا يوفر لهم أو لحيواناتهم الغذاء. وهكذا توقفت زراعة الخروع عام 1983م واستبدل بالذرة.

    عندما خصصت الأرض للبجه كان هناك 13500 حائزاً في المشروع. وعندما بدأت زراعة الذرة ارتفع العدد إلى 36 ألف حائز (عام 1993م) هناك 54 ألف حائز مسجل مما يعني أن متوسط الحيازة قد تراجع إلى ما دون الفدان الواحد. وفي الواقع فإنه هناك تفاوت هائل في الحيازات وحجم القطع المزروعة بالفعل.

    وبالرغم من الاعتراف بحقوق البجه في أراضي القاش، كما تدل نسب الحيازات المخصصة لهم، إلا أن كل الحقوق في المناطق المروية بواسطة النهر تعود ملكيتها لحكومة الخرطوم ممثلة في دلتا القاش التي يلتزم الحائزون بتعليماتها. وفي مارس عام 1993م، أصبح مشروع القاش يقع تحت مسؤولية حكومة الولاية الشرقية بدلاً من حكومة الخرطوم (وهذا شكلياً ولكن استمرت سيطرة حكومة الخرطوم عليه ومنحها لحيازات لمستثمرين أجانب عن طريق الفساد والرشوة مما دفع أحد ابناء البجه إلى رفع دعوى ضد السلطات). وقبل هذا مباشرة اتخذت الحكومة المركزية في عام 1992م قراراً بخصخصة المشروع معللة ذلك بانخفاض الناتج الزراعي واهدار المياه المرتفع في المشروع. وطبقاً لمسؤولي الحكومة في كسلا، لم تشرك حكومة الولاية الشرقية أو حتى تستشار في تلك الخطوة والتي تم طبخها بين حكومة الجبهة المركزية ومستثمري القطاع الخاص عن طريق الرشوة. ومؤخراً شكلت حكومة الولاية لجنة لإعادة تأهيل دلتا القاش بهدف توطين الرحل (أي العودة إلى الموقف الرسمي السابق وزيادة الرقعة الزراعية المزروعة إلى 400 ألف فدان (100%)، وادخال الحيوانات في الدورة الزراعية بتوفير أراضي إضافية للحائزين في المساحة غير المروية بعد توزيع الأراضي، وتوفير الخدمات البيطرية، وتشجيع الصناعات المنزلية الصغيرة، وادخال مستويات أعلى من الميكنة في المشروع، وتشجيع وترويج الاستثمار الخاص في المشروع.

    إنه على الرغم من الاعتراف المعلن بحقوق البجه في المشروع، إلا أن هذا الإعلان لا ينعكس في وجودهم في المشروع أو استفادتهم الاقتصادية منه بسبب عمليات التسليف الربوي والتقليص المنتظم في المساحة المزروعة. ويدير مهاجرو غرب افريقيا14% من الحيازات ويشاركون في محاصيل 40% من أرض المشروع (من البجه الغائبين) رغم أن البجه يملكون 75% من الحيازات، وكذلك نجد معظم البجه الآن من العاملين بأجر في المشروع، وهم ممن فقدوا ثروتهم الحيوانية أثناء آخر جفاف (1984) وهم يهاجرون عادة بعد الحصاد حسبما أفاد مسؤولون في وزارة الزراعة بالولاية.

    يمكن ارجاع نصيب البجه المنخفض من Xالفوائد الحقيقيةZ لمشروع إلى فساد حكومات الخرطوم التي لم تهتم باجراء دراسة اجتماعية في المنطقة قبل البدء، في المشروع وفشل المخططون في استيعاب حيوانات البجه الرعاة في المشروع بالإضافة إلى عدم توفير المساعدات الفنية من الدولة. كذلك يمكن أيضاً إعتبار توزيع الأرض بواسطة القرعة عنصراً إضافياً لفشل المشروع حيث يحصل البعض على أراضي فقيرة. وتدخل الوساطة والمحسوبية والرشوة لتلعب دوراً في توزيع الحيازات.

    أضرار الاستثمار الفاسد

    كانت مساحة الأرض المخصصة لمستثمري القطاع الخاص من غير البجه في 991/1992م ألف فدان، قيل للمزارعين كذباً أن معظمها يقع خارج المساحة المروية. وفي موسم 1992/1993م إرتفعت هذه المساحة عن طريق فساد حكومة الخرطوم الشمالية إلى 30 ألف فدان، وقع معظمها داخل المساحة المروية حيث انتزعت من البجه أصحاب الأرض. نتيجة لذلك تراجع متوسط الحيازة إلى ما دون الفدان الواحد، مما يجعلها مساحة غير مجدية اقتصادياً وتدفع البجه بعيداً عن المشروع. وأدى هذا إلى ارتفاع أسعار الأرض Xالرسوم السنويةZ من 6 جنيهات للفدان في السبعينات إلى 650 جنيها في 1992م وإلى 2000م جنيهاً في ميزانية 1993م. وكذلك توقفت الدورة الزراعية في المساحة المروية وأصبحت كل هذه المساحة المروية تزرع سنوياً. تدرس الولاية تخصيص المؤسسة (أغسطس 1999م). في فبراير العام 2000م قدمت بلان سودان عوناً قدره 18 مليون دينار لتقويم مجرى القاش.

    قلل توسع الاستثمار الخاص في المساحات غير المروية أيضاً مساحة الأرض المتاحة لرعي حيوانات البجه مما هدد بدوره المساحات المروية. وأمام خطر تجويع الحيوانات اضطر الرعاة في عام 1992م إلى الرعي في بعض أراضي المستثمرين الأجانب. وتمنع الحيوانات حالياً من دخول المنطقة المروية في المشروع في الفترة بين يونيو ونوفمبر. ويسبب الرحل عادة تأخيراً كبيرا في تحضير الأرض وزراعتها في المشروع، حيث يضطرون أمام ضيق مساحات المراعي إلى البقاء قريبا من المشروع معتمدين على بيع فوائض الزراعة في القضارف بينما ينتظرون نمو الحشائش بعد بداية موسم الخريف. وبسبب التأخر في الزراعة تدنت انتاجية المحصول.

    يلجأ القاطنون في المشروع إلى مصادر دخل ثانوية لتكملة دخولهم ولتعويض الفاقد في الانتاج الزراعي. ويستغل الشماليون حاجة المزارعين للسلفيات فيرفعون نسبة الفائدة الربوية. وحصل مهاجرو غرب أفريقيا على المزيد من خلال اقتسام المحصول مع الملاك البجه الغائبين. ويستفيد بعض أصحاب الحيوانات من البجه من الأرض في رعي حيواناتهم، بينما يتحول من لا يملكون أرض من البجه إلى مهجرين وعمال موسميين بأجر، أو يتجهون لانتاج الفحم النباتي الذي يشجع ويسوق من قبل التجار الشماليين الذين يساهمون بإغراءتهم المادية في استغلال حاجة البجه للمال ومن ثم تدمير البيئة.


    وعن تدهور مشروع القاش كتب الأستاذ عبد الرحمن محمد الشيخ في صحيفة الرأي العام في شهر يونيو 1999م ما نلخصه في يلي: مشروع القاش الذي كان يعد من أعرق المشاريع الزراعية وأكثرها ثراءً في (السودان) وكان قِبلة الراغبين في الثراء والعمل من الداخل والخارج، أصيب بتدهور كبير شمل كل مناحي الحياة والخدمات في المنطقة. وإنهارت أنابيب المياه وخطوط الهاتف والمدارس والمستشفيات وحتى المرافق الحكومية، وزالت قرى من وجه البسيطة ورجع أهلها لحياة الفقر والجهل والمرض في البداوة التي بلا مواشي ... وكان أهل القاش يزرعون القطن الذي يدر عليهم اليسير من النقود إلى جانب ما يربونه من حيوانات والتي تمثل الجزء الأكبر من دخولهم، وقد حافظت الحكومة البريطانية على هذا النمط المعاشي المختلط، وذلك بصيانة المشروع. وظهر التردي جلياً في المشروع في عهد مايو المباد حيث التخبط بين الاشتراكية والحساب المشترك الذي أفقد المزارعين روح المنافسة والمحصول النقدي وأعلاف الحيوانات. ويموت سكان المنطقة من العطش وغياب الخدمات الصحية. وفي نفس الوقت نرى جيشاً من الموظفين الوافدين يملأون المكاتب الوثيرة ويتقاضون المرتبات الكبيرة ويسكنون في القصور الفخمة ويقودون السيارات الفارهة وكل هذا من عرق البجه التعساء ومحلياتهم التي تفرض كل يوم أتاوات جديدة لتوفر مرتبات ومخصصات موظفي المحليات التي فشلت حتى في جلب مياه الشرب أبسط مقومات الحياة! .... ما فائدة هذه الدروع البشرية من الموظفين المرفهين في محافظة مفلسة أغلقت فيها المدارس أبوابها، بعد أن لم تسجل خلال خمس سنوات متعاقبة مضت أي نجاح للقبول في المدارس الثانوية، هذا لأن المعلمين لا يتقاضون مرتباتهم، ولأن التلاميذ بدرجة من الفقر لا تمكنهم من تلبية أبسط متطلبات الدراسة ... في الماضي كان يدير مجلس ريفي أروما ضابط إداري واحد، يساعده رجال الإدارة الأهلية، وتمتد سلطاته من سنكات وحتى قوز رجب وبالرغم من هذا لم تكن توجد هناك مشكلة واحدة. إن هذه المحافظات والولايات الوهمية هي لخداع البجه ليتولوا إداراتها وتقول لهم الحكومة الآن أنتم تحكمون أهلكم وبلادكم، فماذا تريدون أكثر من هذا? وكأن المشكلة هي وظائف وولايات ومحافظات مفلسة بينما يستأثر الشماليون بحكم البلاد كلها ويهيمنون على كل شيء من ثروات البجه وغيرها ويحرمون البجه من أبسط مقومات الحياة، إن المشكلة ليست هكذا.

    بنـك زراعـي ودراسة للاستخدامات

    جاء في صحيفة البيان الإماراتية عدد يوم 5/10/1997م ما يلي:- بنك زراعي بالقاش، أكد مدير البنك الزراعي بكسلا أن البنك شرع في إعداد الدراسات اللآزمة لافتتاح فرع محافظة القاش وتم تسليم مزارعي القاش آليات زراعية بتكلفة بلغت 80 مليون جنيه.

    وجاء في صحيفة البيان الإماراتية عدد يوم 5/10/1997م ما يلي:- في ورشة العمل حول استخدامات الأراضي، قدم الدكتور محمد جمال يونس نماذج تخطيط استخدامات الأراضي في (السودان) من خلال دراسة أجريت لمشروع تنمية جنوب كسلا (SKAP) كنموذج يمكن الاستفادة منه في إعداد الخريطة القومية لاستخدامات الأراضي.

    دراسات تطوير الغابات والزراعة في كسلا

    واستعرضت الدراسة كمية الأمطار في منطقة جنوب كسلا حيث تتراوح بين 400 إلى 900 ملم بمعدل اختلاف وتذبذب من سنة لأخرى يبلغ 130 ملم في المتوسط ويزيد معدل المتساقط عن التبخر في شهري يوليو وأغسطس حيث تستقبل المنطقة في هذين الشهرين من 60 إلي 70% من كمية التساقط الكلية وفي بعض السنوات في شهري يونيو وسبتمبر، وإن فصل نمو المحاصيل يبلغ 4 شهور في موسم الخريف الجيد وإلى شهرين في الخريف الجاف.

    وتعتبر المياه السطحية المصدر الرئيسي للمياه، وتوجد المياه الجوفية في مناطق محدودة، وأن (الحفائر) هي الطريقة الوحيدة المتبعة في حصاد المياه في المنطقة، وتتركز معظم هذه الحفائر في منطقة جنوب القضارف حيث يبلغ عددها في هذه المنطقة 80 حفيراً، تتراوح سعتها التخزينية ما بين 15 ألف إلى 60 ألف متر مربع. وتفقد الحفائر في فترة لا تتجاوز عشر سنوات من تاريخ إنشائها ما يقارب 50% من السعة التخزينية، وإن أكثر المياه التي تتمتع بمخزون من المياه الجوفية هي في المنطقة الغربية على امتداد محور القضارف القلابات، وبالنسبة للغابات فإن مساحتها المحجوزة صغيرة نسبياً مقارنة مع المساحات المتاحة حيث تبلغ مساحة الغابات 258 ألف و797 فدان وتلك التابعة لقطاع الحواتة 105 ألف و426 فدان، وقد تأثرت سلباً كل هذه المساحات بالتوسع الزراعي المطري بشقيه التقليدي والآلي فيما عدا غابة الرواشدة وهي 62 ألف و980 فدان، ويقدر حجم الأخشاب في الغابات المحجوزة بحوالى 75،1 مليون متر مكعب ولا شك أن هذا الحجم ضئيل مقارنة بالمساحات التي تشغلها هذه الغابات، حيث من المفترض أن الحجم لا يقل عن 25،6 مليون متر مكعب، كما أن هناك 31 غابة محجوزة في قطاع الحواتة تتراوح مساحتها بين أقل من 100 فدان إلى 800 فدان وتقع معظم هذه الغابات على امتداد نهر الرهد وخور العطشان.

    (جاء في كتابEPKP أن الغابات المحجوزة في ولاية كسلا ـ القضارف تبلغ مساحتها (327) ألف فدان، الرواشدة (56) ألف، ود دفته (45) ألف، ود كابو (60) ألف، شويبو (24) ألف، شاشينا (29) ألف ومجموعة الحواتة (103) ألف فدان).

    وفي نشرة لولاية كسلا عن الغابات، جاء أن الغابات تغطي 4% من مساحة الولاية أي (406) ألف فدان وتشمل أشجار الهشاب وغيرها. وتبلغ مساحة الغابات النهرية المحجوزة (23745) فدان، الغابات التي تحت إجراءات الحجز تبلغ مساحتها (148520) فدان، وغابات الكافور التي بمشروع حلفا مساحتها (4) آلاف فدان، والغابات المقترحة تبلغ مساحتها (230) ألف فدان. ويمكن استثمار الغابات لإنتاج الحرير لغرض الاستثمار.

    وتناولت الورشة الثروة الحيوانية بمنطقة جنوب كسلا حيث تتميز المنطقة بأهميتها كمنطقة غنية بالثروة الحيوانية، وتوجد بها مراعي السافنا خاصة في موسم الجفاف، إلا أن التغيير الذي طرأ على أنماط استخدامات الأراضي قد انعكس على مسارات ونمط حركة الثروة الحيوانية، يضاف إلى ذلك الزيادة السكانية وانتشار وتوسع مناطق الاستقرار التي حدثت في المنطقة (الزيادة الطبيعية وتلك الناتجة عن الهجرة إليها)، اضافة إلى زيادة الطلب على أشجار الوقود مما نتج عنه إزالة الشجيرات والأشجار التي كانت مصدراً هاماً كعلف للحيوانات.

    هناك عدة أنماط رئيسية من النظم الزراعية بمنطقة كسلا.

    وتستخدم الآلة في معظم العمليات الزراعية، وهناك نوع من الزراعة محدود الآلية جزئياً، وتتراوح مشاريع هذا النوع بين 1000 و 1500 فدان وتغطي مساحة 3،2 فدان، أي حوالى (93% من المساحة) تزرع بالذرة والسمسم. وأوصت الدراسة بعدم التقليل من مساحات الحيازات الصغيرة للمزارعين بقرى المنطقة، وإعادة النظر في المشاريع المخططة من قبل مـؤسسة الزراعة الآلية والمشروعات خارج التخطيط والغابات.

    ومن المشروعات المقترحة لتطوير الزراعة بولاية كسلا، مشروع خزان نهر سيتيت، ويقام الخزان في أعالي نهر أتبره، ويساهم النهر بـ 60% من مياه نهر أتبره في موسم الفيضان. وتبلغ المساحة المقترحة للمشروع (500) ألف فدان. وتقدر احتياجات مياه الري بنحو (1830) مليون متر مكعب. وسينتج المشروع حوالى 65 ميغاواط من الكهرباء وتقترح الدراسة زراعة الأعلاف لإنتاج الألبان وتحسين نوعية اللحوم، زراعة المحاصيل النقدية مثل الذرة والقمح والذرة الشامية وقصب السكر والخضروات وتوليد الكهرباء. أما مشروع نهر أتبره، فيوصي بشق قناة من خزان خشم القربة تتجه شمالاً لاستغلالها في زراعة (100) ألف فدان. وحول منطقة كبري البطانة بخشم القربة يوجد نشاط بستاني نيلي كبير في الجزء الذي حول بركة أم أسد، وأم قميص بجانب نشاط حديث حول كبري البطانة. وتقترح دراسة بأنه بحفر المزيد من الآبار الحديثة للري، يمكن أن يمتد النشاط البستاني إلى أكثر من ألفي فدان. وفي مناطق ادارهبيب، قوز رجب، الأدرقاوي والسبيل، التي تمتد على مجرى نهر أتبره، على مساحة تقدر بنحو (90) كيلو متراً، حيث يكون النهر في بعض المناطق جروف وجزر فتصبح المساحة الصالحة للزراعة نحو (600) ألف فدان. وتقترح إحدى الدراسات قيام مشروع في منطقة أدارهبيب للإنتاج الزراعي والحيواني لأغراض الصادر. وتتراوح مساحة المشروع من 5 آلاف إلى (10) آلاف فدان. وينتج الذرة الرفيعة والشامية وزهرة الشمس والأعلاف. ويقدر حجم الاستثمار بنحو (775،3) ألف دولار.


    الـزراعــة المـطـريـة في كسلا والقضارف

    يعتمد هذا النوع من الزراعة على مياه الأمطار. وهي تمارس على نطاق واسع مع تفاوت درجات هطول الأمطار، من 250 ملم في السنة في شمال الولاية إلى أكثر من 800 ملم في السنة في جنوبها. وتمارس الزراعة المطرية التقليدية في كل الولاية. وتشمل الزراعة في الأودية والمدرجات الجبلية والمنحدرات الخفيفة والأراضي المحروقة وتشهد الزراعة المطرية التقليدية الإعاشية انحساراً. وتتواجد في مناطق الأمطار القليلة وحول قرى المستوطنين الجدد. وفي المناطق ذات الأمطار الجيدة التي تتوفر فيها أرض زراعية، فإن الزراعة التقليدية تتحول إلى شبه تجارية باضطراد. وقد تم ادخال قليل من الآلات وزاد إنتاج الفدان.

    وبالمقارنة مع المزارع الآلية الكبيرة، فإن الزراعة التقليدية ــ بالرغم من أن مساحتها أصغر نسبياً ــ فإنها تدعم نسبة كبيرة من السكان إضافة إلى هذا فإن إنتاجيتها أعلى نسبياً لأن نشاطات الإدارة يمكن ممارستها بكفاءة أكثر لأن المزرعة صغيرة يمكن التحكم فيها.


    الزراعة في منطقة القضارف

    تقع منطقة القضارف (كان اسمها الفاشر) في الإقليم المناخي شبه الصحراوي وتتميز هذه بتربة خصبة. ولقد مكنت كمية الأمطار وملاءمة التربة من التوسع الزراعي فيها.

    مشروع القدمبلية للزراعة الآلية

    لفظة قدمبلية هي كلمة بجاوية بلغة البني عامر تعني تقدم إلى الأمام. وبدأ المشروع عام 1945م كمزرعة حكومية وذلك بمساحة 12 ألف فدان وفي عام 1953م عندما وصلت المساحة المزروعة 39 ألف فدان تم تخصيص المشروع ــ وتحكمت الدولة فقط في منح حصص الأراض وتوفير المساعدة الفنية. ومنح كل مزارع مشروعين مساحة كل منهما ألف فدان، يقوم بزراعتها لمدة ثلاثة مواسم متتالية ثم تترك بور لمدة ثلاثة مواسم متتالية وذلك بطريقة دورية. وتم تأجير الأرض لمدة عام واحد قابل للتجديد. وجعل هذا المزارعين يمانعون الاستثمار في المحاصيل المحسنة أو أن يتبنوا مقاييس حماية التربة وفي الغالب يكون المشروعان المخصصان لمزارع واحد بعيدين عن بعضهما مما يجعل من الصعوبة نقل الماكينات من واحد للآخر. ونتج عن هذا أن استمر معظم المزارعين في زراعة مشروع واحد دون ترك الأرض بوراً أو حرثها وزاد من عدم تدوير المحاصيل المزروعة. وأدى هذا إلى إنهاك التربة وظهور الأعشاب الضارة، وتدنت إنتاجية الفدان وبدأ المزارعون ينتقلون إلى أراضي جديدة غير مخططه خارج حدود مشروع القدمبلية.

    أضرار التوسع العشوائي

    ونتج عن هذا التوسع في الزراعة الآلية عنصران يتناقضان مع استخدام أراضي المراعي. فلقد قلل أراضي مراعي موسم الأمطار في البطانة، وأغلق الممرات التقليدية لحيوانات المرعى التي كانت تتحرك عبرها إلى مراعي موسم الجفاف وموسم الأمطار. وتعدى التوسع أيضاً على أراضي قرى سكان المنطقة من البجه. وبالرغم من أن هذا التوسع تم في أراضي غير مخططه وبطريقة مخالفة للقوانين إلا أن الحكومة اعترفت بهذه المشاريع عن طريق تقاضي رسوم من الملاك وعن طريق الرشوة والمحسوبية إذ أن هذه التجاوزات تمت على حساب البجه أصحاب الأراضي وعلى حساب حيواناتهم وقراهم.


    أرباح مدمرة للبيئة

    وبالرغم من تدني إنتاجية مثل هذه المشاريع إلا أنها تظل مربحة نسبياً وذلك لقلة تكاليف الزراعة فيها. أما بالنسبة للبيئة فإن الزراعة الآلية بهذه الطريقة لن تستمر في إنتاج محاصيل نسبة للتدهور الذي يصيب التربة. ويجب أن يبقى نظام الدورة الزراعية بصرامة وأن لا يزرع بعد 400 ملم ايسوهايت. وأن يتم انشاء مصدات رياح للتحكم في سرعة الرياح والتقليل من التبخر وإنتاج الحطب.

    تمارس الزراعة الآلية على نطاق واسع في مساحات شاسعة في المشاريع الخاصة والحكومية. وتتراوح مساحة المزرعة من 2 ألف فدان إلى 30 ألف فدان. وتستخدم الآلات في تحضير التربة وبذر البذور. وبدأت المشاريع الزراعية المطرية الآلية في عام 1945م في القدمبليه. وأعقب ذلك عدد من المشاريع الأخرى في الستينات. وفي الفترة من 1965م إلى 1987م، توسعت الأراضي المستخدمة في الزراعة الآلية التجارية بالكامل بصورة مهولة. وبخلاف الحاجة إلى إنتاج محاصيل غذائية فإن (جوع الأرض) قد نتج عن النجاح التجاري والصبغة الشاملة للنظام الزراعي المطبق.

    في عام 1965م تم تأسيس مؤسسة الزراعة الآلية، وذلك لكي تقوم بالإشراف على المشاريع الآلية وتوزيع المشاريع بنظام الحصص تحت القانون رقم 1969م. ولم يمنع هذا نمو المشاريع غير المخططة والتي تبلغ مساحتها الآن نفس مساحة المشاريع المخططة. وتبلغ المساحة المخصصة للزراعة حالياً 6 ملايين فدان، يزرع منها سنوياً حوالى 60% إلى 70%. ولا يزرع الباقي وهو 30% ــ40% وذلك لنمو الأعشاب الضارة وتدني خصوبة الأرض ونقص الأمطار.

    لقد بدأت الزراعة المطرية الآلية في منطقة القضارف في عام 1945م ومرت بثلاث مراحل يمكن إيجازها في الآتي:

    المرحلة الأولى

    وتبدأ من عام 1945م إلى 1953م، ولقد بدأت هذه المرحلة تحت إشراف الإدارة البريطانية ثم تطور النظام خلال الفترة نفسها بإدخال المزارعين كشركاء في العائد مقابل قيامهم ببعض الأعمال الزراعية. وحدد للمزارع مساحة قدرها 28 فدان، وكان لهذه الفترة مشاكلها بسبب عدم توفر الخبرات اللآزمة وفساد الإدارة.


    المرحلة الثانية

    تبدأ من عام 9531م عندما تم تكوين لجنة فنية من أهم قراراتها فتح المجال أمام رأس المال الخاص وحددت مهام الدولة في فتح المناطق الجديدة. وتميزت هذه الفترة باصدار القانون الجائر بتخصيص الأراضى للزراعة المطرية في عام 1959م، ولقد هضم هذا القانون حقوق أصحاب الأرض من الرعاة البجه. واشتهرت هذه الفترة بكثرة المشاكل التي أدت لتدهور الزراعة في هذه المنطقة إذ لم يجد أصحاب الأرض مرعى لحيواناتهم.

    المرحلة الثالثة :

    تبدأ عام 1968م حتى يومنا هذا وتميزت بقيام هيئة الزراعة الآلية للإشراف الإداري والفني وبلغت المساحة المزروعة ذرة في مناطق الزراعة الآلية في القضارف في موسم 73/1974م - 13900 ألف فدان بلغ إنتاجها 447592 طن أي بمعدل قدره 1/3 طن للفدان ــ وبلغت المساحة المزروعة سمسم في موسم 73/74 ــ 441500 فدان أما القطن فلقد بلغت المساحة المزروعة منه 20550 فدان بلغ إنتاجها 81800 قنطار بمعدل 9/3 قنطار للفدان.

    إن كل الأراضي الزراعية في منطقة القضارف كانت تعود ملكيتها لقبائل البجه ثم استولت على بعضها قبائل من غرب (السودان)، وفدت مع جيوش المهدية بالإضافة إلى بعض من قبائل شمال (السودان) التي قدمت مع جيوش الاستعمار البريطاني، وكذلك مجموعات من قبائل غرب أفريقيا، واستقر بهم المقام هنا. وعندما دخلت الزراعة الآلية (السودان) قامت الحكومة بمنح أراضي زراعية جديدة لهم.

    والأيدي العاملة في هذه المنطقة من غرب (السودان) وغرب افريقيا وإريتريا واثيوبيا ومع استمرار دخول الآلات إنتهى دور صغار المزارعين من البجه والذين لم يستطيعوا الدخول في منافسة كبار المحتكرين الذين قدموا كثيراً من المغريات للعمال وأجبر المزارعون البجه لترك مزارعهم والهجرة نحو الأرياف النائية بحثا عن مراعٍ.

    ويمثل الذرة والسمسم والصمغ المحاصيل الرئيسية لمنطقة القضارف. وتتم عملية التسويق بالسوق الرئيسية بالقضارف وهى محتكرة بواسطة الإقطاعيين الشماليين. ويقوم هؤلاء بالاستيلاء على المحاصيل عن طريق تسليف صغار المزارعين بإتفاق أقرب إلى الربا منه إلى أي شيء آخر ويعرف باسم (الشيل) ويستردون قيمة ما استدانه المزارع من إنتاجه، ويقوم التجار الشماليون بتهريب السلع الزراعية للدول المجاورة طلبا للربح الفاحش مما يخلق اختناقات تموينية في السلع ويجعل البجه يعيشون في مجاعة شبه دائمة.

    إن منطقة القضارف كافية لتمويل كل بلاد البجه وبلاد أخرى أيضا بالمحاصيل الضرورية عندما تعود لأصحابها ويتم توزيع الأراضي الزراعية على جمعيات تعاونية تهدف إلى توفير القوت في المنطقة. كما تستطيع هذه الجمعيات استخدام التقنيات الحديثة في الزراعة من أجل مضاعفة الإنتاج وتصدير الفائض للخارج واستغلال عائداته لتطوير البلاد.

    المشاكل ومقترحات التطوير

    واجهت الزراعة في منطقة القضارف مشاكل عديدة، منها عدم إتباع دورة زراعية منتظمة، وعدم توفر المعرفة الزراعية للمزارعين، والزيادة المضطردة في تكلفة الإنتاج وتدني أسعار المحاصيل عالميا وتدهور السلطات الزراعية والإدارية وتداخل السلطات والفساد الإداري ورداءة الطرق وعدم توفر البذور الجيدة والزراعة المتأخرة وعدم وجود الخدمات الإرشادية بالمنطقة، وفقدان الأرض لخصوبتها في كثير من المناطق وارتفاع أسعار الوقود وقطع الغيار وعدم وجود سياسة تسويقية جادة مما أدى إلى كساد المحاصيل. لقد نتج عن الزراعة الآلية الجائرة تجريف التربة وتعرضها للتعرية بعد قطع الغابات وتشريد الرعاة البجه من الأرض. في نهاية العام 1999م إنتشرت في مشاريع القضارف حشرة الماسح التي أخذت اسمها من قضائها التام على قندول (كوز) الذرة. وشملت أضرارها 60% من المناطق الرئيسية المنتجة للذرة و41% من المساحة الكلية المزروعة بالذرة. والمأساة هي أن هذه الآفة تقضي على المحصول بعد أن يتكبد المزارع مصاريف العمليات الزراعية كلها. وزرعت ولاية القضارف في الموسم السابق مليونين و(325) ألف فدان من الذرة وقضت الآفة على (953) ألف فدان منها، وكان الإنتاج المقدر تبلغ قيمته واحد مليار و(715) و(850) دينار.

    وترتبط إصابة الذرة بهذه الآفة بعدة عوامل أهمها: الزراعة المتأخرة بعد شهر يوليو. اختلاف تواريخ الزراعة في المشاريع مما يعطي الحشرة القدرة على التوالد والانتشار وإصابة مساحات أوسع. تساعد الرطوبة العالية على توالد وتكاثر الحشرة وانتشارها. والأخطر هو صعوبة مكافحتها بالمبيدات الكيماوية لأنها تختفي داخل كوز الذرة. ويمكن مكافحتها بزراعة المحصول مبكراً، وزراعة أنواع تقاوم الحشرة، وتنظيف المزارع من الحشائش، وعند بداية تعرض المحصول للآفة تجمع الأكواز المصابة بسرعة وتحرق. ومن الآفات الزراعية أيضاً طيور (القبورة) و(الكابورة) والعنتد والفأر.

    دراسة ألكسندر جب

    وحول تطوير الزراعة في منطقة القضارف أوصى تقرير شركة الكسندر جب البريطانية عام 1968م بالتوسع في الزراعة الآلية حتى تصل المساحة الكلية في عام 1985م إلى خمسة ملايين فدان، ووضع برنامجاً لاستغلال سهول البطانة المنبسطة لأغراض الرعي. كما أوصى التقرير بإيجاد موارد للمياه السطحية والجوفية في كل 250 ميلا مربعا وإهتم التقرير بتطوير المنطقة بين خشم القربة وقرية الشوك بمشروع يعتمد على الري المستديم وذلك بقيام خزان يشيد على نهر عطبره مع استغلال المياه الفائضة في خزان خشم القربة الحالي في زيادة الرقعة الزراعية في مراحل الإمتدادات المختلفة للمشروع مع التوسع في زراعة القمح.

    رؤية للمشاكل والحلول

    كتب الدكتور أحمد السيد أبو زيد، الأستاذ المشارك بكلية الموارد الطبيعية ــ جامعة جوبا، في صحيفة الرأي العام في شهر ديسمبر 1999م، ما نلخصه في ما يلي: توسعت الزراعة الآلية وفتحت مناطق جديدة، وهنا نقصد إزالة الغطاء النباتي من أشجار وشجيرات وحشائش مرعى، من مناطق كثيرة (هي مراعي البجه)، وتراوحت المساحة بين 5 و6 ملايين فدان تزرع بالذرة والسمسم. هذا النمط الزراعي أزال الغطاء النباتي بدون تعويض، وقد أنهكت الزراعة المستمرة التربة وقلت خصوبتها وأصبحت مكشوفة ومعرضة للتعرية وأدى هذا إلى خسارة كثير من المزارعين وأحجم الكثير منهم عن الزراعة وانخفضت المساحة المزروعة بالذرة خاصة هذا الموسم.

    المحاصيل البديلة والذرة

    طرحت محاصيل بديلة لتدخل في الدورة الزراعية مثل القطن المطري وزهرة الشمس، وبالرغم من فوائد زراعة هذين المحصولين، إلا أنهما مكلفان، فزراعة ألف فدان بالقطن تفوق تكلفتها الأربعين مليون جنيه، ومشكلة زهرة الشمس، هي ارتفاع أسعار بذورها، وبعض بذورها غير صالحة. بالرغم من هذا فإن محصولي القطن المطري وزهرة الشمس من المحاصيل الواعدة في منطقة القضارف ولكن هذا يحتاج إلى دراسات وأبحاث قبل التطبيق. أما بالنسبة للذرة فإن منطقة القضارف هي إحدى مواطنه، ويزرع بمعدلات أمطار مختلفة وبمدخلات إنتاج قليلة التكلفة مقارنة مع المحاصيل الأخرى. ويلاحظ تدني إنتاجية الفدان بالقضارف بالنظم الزراعية المتبعة الآن وهي تتراوح من 2 إلى 3 جوال للفدان، وعليه لا بد من تكثيف الجهود والبحوث لتقارب الإنتاجية ما توصلت إليه التجارب وهي من 6 إلى 7 جوالات للفدان في القطاع المطري. ويمكن تحقيق هذا بإنتاج الحزم التقنية الموصى بها من البحوث، ولا بد من ذكر أن الإنتاجية كانت عالية في الماضي ومجدية اقتصادياً، عندما كانت الدورة الزراعية (ذرة ــ بور) متبعة ومراقبة بصرامة من إدارة الزراعة حيث كان المزارع يمنح مشروعان يزرع أحدهما ويترك الآخر بوراً لمدة خمس سنوات.

    ومن مشاكل الزراعة التي تقلل الإنتاجية هنا، حشيشة البودا التي انتشرت انتشاراً واسعاً مما قلص المساحة المزروعة بالذرة هذا الموسم. وبالنسبة لمشاكل الآلة في عمليات التحضير للزراعة والحصاد، فلا زال استخدام المزارعين للدسك العريض مستمراً لعدة عقود، وهو يحرث الأرض لعمق بسيط بالرغم من توصية المشروع الكندي باستخدام الحراثة العميقة. إن التعامل مع محصول الذرة كمادة خام يجعل تقلبات السوق العالمية تتحكم في أسعاره. ويجب تصدير الذرة في شكل أعلاف ونشا وجلوكوز إلخ. كما يجب استخدام كميات كبيرة منه داخلياً في شكل أعلاف وذلك دفعاً للإنتاج الحيواني الأكثر قيمة والذي يعتبر قطاعاً أساسياً لزيادة الدخل القومي.

    محصول السمسم

    المحصول الثاني في منطقة القضارف هو السمسم، أي يأتي في المرتبة الثانية من حيث المساحة ويعتبر هذا المحصول من أهم المحاصيل النقدية في (السودان)، إذ يحتل المركز الثاني بعد القطن من ناحية العائد وتتميز منطقة القضارف بأنها أكبر مصدر في العالم للسمسم الأبيض. يزرع السمسم الأبيض في منطقة القضارف مطرياً وبتكلفة إنتاج قليلة عموماً عدا تكلفة الحصاد، وذلك لأن ثمار السمسم تنشطر عند نضجها ويكون الفاقد كبيراً لو لم تحصد في الوقت المناسب، وعليه لا بد من توفير العمالة قبل اكتمال نضج الثمار، ولذلك ترتفع أجور عمال الحصاد. ما زالت مشكلة حصاد السمسم ماثلة منذ عشرات السنين وجرت محاولات لحصاد السمسم آلياً (القاطعة والحازمة) ولكن لم تحل المشكلة جذرياً. جرت محاولات مؤخراً لتطوير العينات المزروعة من السمسم.

    زهرة الشمس والقطن المطري

    ادخلت حديثاً زراعة زهرة الشمس في مساحات قليلة، وأثبتت نجاحها. ولعدم تحمس المزارعين لزراعتها نتيجة لغلاء بذورها ورداءة نوعية بعضها، فقد كانت المساحة المزروعة بها محدودة جداً. استؤنفت أيضاً زراعة القطن المطري في المنطقة الجنوبية للقضارف ولكن في مساحات محدودة، وذلك لارتفاع تكلفة الإنتاج (مكافحة الآفات واللقيط والرش وغيرها) وتمت إعادة تأهيل محلج الحوري.

    الإنتاج الحيواني والبستاني

    إن منطقة القضارف واعدة وبها مقومات أساسية وموارد طبيعية زاخرة لإنطلاقة موفقة نحو مستقبل معطاء تتحقق فيه تنمية مستدامة وبيئة زراعية معافاة، ويمكن تحقيق ذلك بتنويع مصادر الإنتاج. إن مورد مصدر الإنتاج الحيواني في هذه المنطقة يتمتع بمقومات أساسية جيدة. أولاً توجد ثروة حيوانية ذات سلالات جيدة متوفرة من الأبقار والضأن والإبل، وتوجد بيئة طبيعية مناسبة لتربية حيوانات المرعى، من حشائش ومراعي وأعلاف خضراء وحبوب ومصادر المياه، ويمكن تطويرها. يمكن تحسين حشائش المرعى بنثر البذور الجيدة في موسم الأمطار، والمحافظة على المراعي بالإهتمام بفتح خطوط النيران، ويمكن تحسين الخدمات البيطرية لعلاج الحيوانات، وكذلك لا بد من الإهتمام بالرعاة كقطاع هام في دعم الاقتصاد بالعملات الأجنبية وعدم اعتباره قطاعاً طفيلياً أو هامشياً، وتوفير الخدمات الأساسية له في مناطق الرعي من مياه نقية وتعليم وخدمات صحية. إن قيمة الثروة الحيوانية أعلى من المحاصيل إضافة إلى شدة الطلب عليها مقارنة بالمحاصيل الزراعية التي تتعرض لمنافسة شديدة.

    التفت المزارع بالولاية مؤخراً لأهمية هذا القطاع، وأصبح عدد مقدر من المزارعين يربون الضأن في بعض المشاريع التي لا يتوقع منها إنتاجاً يغطي تكلفة العمليات الزراعية، تربى هذه الحيوانات للتسمين ويتم شراؤها من الرعاة البجه، الذين يبيعونها بأرخص الأسعار نسبة لعدم وجود مراعي والتي احتلت مكانها المشاريع الزراعية وبصفة خاصة أيام الجفاف، ومن ثم يبيعها المزارعون في السوق المحلية بأسعار عالية. (لقد أصبح المزارعون ينافسون الرعاة في تربية حيوانات المرعى ويستغلون خوفهم من هلاك حيواناتهم نسبة لعدم وجود مراعي كافية، فيتم رعي الحيوانات في المشاريع التي أخذوها بغرض الزراعة فيها والآن عادت ثانية مراعي ولكن لغير ملاكها الأصليين الذين انتزعت منهم بغرض زرعها، إن هذا الوضع ظالم ويجب تصحيحه فوراً بإعادة أراضي المشاريع الزراعية لأصحابها البجه وإيقاف هذه المنافسة غير الشريفة. ــ المؤلف). يمكن الاستفادة من الكتلة الحيوية المتوفرة بالولاية بعد حصاد المحاصيل وذلك بعمل مكعبات القش وتخزينها للاستفادة منهافي فترة الصيف، كما يمكن الاعتماد على هذا المنشط لأغراض الصادر وجذب العملات الأجنبية، حيث تتميز منطقة القضارف بقربها من موانيء التصدير القريبة من دول الخليج ويشقها الطريق البري لبورتسودان، ويمكن إنشاء المسالخ الحديثة لتوفير اللحوم لأغراض التصدير عن طريق النقل البري والبجاوي. تطوير منشط الإنتاج الحيواني يشجع قيام صناعات أخرى كمنتجات الألبان والجلود وعصب العمليات الجراحية وأغلفة السجق من مصارين الإمعاء، والغراء من الأظافر وغيرها.

    مشاكل ديون المزارعين

    كتبت صحيفة الرأي العام بتاريخ 15/1/2000م ما يلي عن مشاكل ديون مزارعي القضارف (لا تزال الديون تكبل معظم المزارعين المعسرين في القضارف ويتجاوز عددهم 1700، تطالبهم المصارف المختلفة بزهاء (600) مليون و(38 ألف دينار. كان عدد كبير منهم يأملون في تسديد ديونهم والخروج لأسرهم ومعاودة الزراعة، إلا أنه اتضح أن معظمهم فشل في سداد الديون التي عليه .. ويوجد حالياً ما يعرف (بدلالات المزارعين) حيث تعرض آلياتهم وحاصداتهم ومنازلهم للبيع بأبخس الأثمان! .. علماً بركود السوق هذه الأيام، إضافة إلى استغلال حاجة الناس وضيقهم.

    ولم يتعد التمويل الجديد للموسم الزراعي (400) مليون دينار، وهو مبلغ ضئيل وإنتقائي للمزارعين. ويوجد في معتقلات الشرطة عدد كبير من المزارعين، كما أن ضعف السيولة في السوق جعل المزارعين لا يستطيعون تسييل ممتلكاتهم وآلياتهم وإن بيعت تباع بأبخس الأثمان ولا تغطي الديون.

    المزارع والممتلكات المنهوبة

    تقدم اتحاد مزارعي القضارف بكشف لمدير الأمن وإلى الجهات المفاوضة، وذلك لاسترداد ممتلكات ومحاصيل المزارعين التي نهبت من مشاريع الزراعة الآلية بالحدود، وتم نقلها لداخل الأراضي الإثيوبية في فترات مختلفة من جانب المغيرين، أثناء الاشتباكات الحدودية بين البلدين. ويقدر عدد المزارعين المتضررين بحوالى (67)، فقد بعضهم مساحات زراعية كبيرة (2000 فدان) وفقد بعضهم جرارات وحاصدات (16 جرار وحاصدة واحدة، ودواسة ديسك واحدة) وآلاف الجوالات من محاصيل الذرة والسمسم والقطن (870،137 جوال ذرة، و1520 جوال سمسم و3600 قنطار قطن) وعدد من السيارات (6 لواري وسيارة لاندكروزر وسيارة لاندروفر) التي تم نقلها لداخل إثيوبيا.

    نجاح تجاري ودمار اجتماعي

    إنه بالرغم من النجاح التجاري الذي حققته مشاريع الزراعة الآلية في منطقة القضارف إلا أنها في الأصل مشاريع لاستغلال الأرض وليست إنمائية إذ أنها مشاريع تجارية خاصة تهدف للربح، وإن كان لها أثر على الإطلاق على حياة الرحل بهذه المنطقة فهو أثر سلبي تماما وتمثل في تضييق الخناق على الرحل ومحاصرتهم في مناطق محدودة، كان النفاذ منها لموارد المياه والرعي يأخذ اشكال الصراع الدموي بين المزارعين والرعاة وشكلت بذلك عناصر للصراع بين علاقات إنتاج يمكن أن تكون مكملة لبعضها وليست متناقضة. هذا بالإضافة للإنهاك المستمر الذي تتعرض له الأرض تحت ظروف بيئة هامشية وضعيفة في عمليات الرعي الجائر. (17) إن إنتاج منطقة القضارف قد إنخفض سنة بعد أخرى فلقد كان الإنتاج في موسم 80/81 - 14 مليون جوال، وفي موسم 81/82، 11 مليون جوال، وفي موسم 82/83 هبطت الإنتاجية إلى 5 مليون فقط بينما المساحة المخصصة للزراعة تبلغ 3 ملايين فدان. وفي موسم 84/85 تمت زراعة مليون فدان فقط. وجاء في صحيفة الرأي العام عدد يوم 8/8/1999م، الآتي (كشف رئيس اتحاد مزارعي الزراعة الآلية بولاية القضارف أن معظم مزارعي الولاية أحجموا هذا الموسم عن زراعة الذرة، واتجهوا لزراعة السمسم بكثافة، مما قد يقود البلاد إلى فجوة غذائية ما لم تتدارك الدولة الأسباب التي جعلت المزارعين يتخذون هذا القرار، موضحا أن المساحات الزراعية تقلصت هذا الموسم إلى مليون و(291) ألف فدان فقط، بينما كانت في الموسم الماضي حوالى مليونين و(200) ألف فدان. تسببت الذرة في إلحاق عجوزات ضخمة لميزانيات ولاية القضارف خلال الأعوام (97 ــ 98 ــ 1999م).

    تدهور زراعة الذرة

    وعزا احجام المزارعين عن مباشرة العمليات الزراعية الخاصة بالذرة وتقلص المساحات المزروعة هذا الموسم إلى بيع المزارعين لمحصول الموسم الماضي بالخسارة، وللديون المتعثرة والمتراكمة، والكساد الذي ضرب كل أركان المعاملات الزراعية، مما جعل المزارع يدخل الموسم الحالي وهو مثقل بالديون. وفي نفس الوقت أشار أنه رغم المساحات الكبيرة التي زرعت بالسمسم هذا الموسم بمشاريع الولاية الآلية، إلا أن المحصول أصبح مهددا بالفشل التام بسبب انعدام السيولة اللآزمة لمواجهة أعمال (الكديب) والنقص في العمالة وارتفاعها.

    وفيما يتعلق بالتمويل المصرفي، أوضح أنه لا مفر منه في ظل ضعف إمكانات المزارعين، وعدم قدرتهم على التمويل الذاتي، وإنهيار البنيات التحتية، موضحا أن السياسات التمويلية الجديدة لم تلزم المصارف بسقف محدد للزراعة، بل تركت أمر تحديد (السلم) وأسعاره للمصرف والعميل، منبها أن مقدم المرابحات الذي تصل نسبته إلى 25% وقف حجر عثرة في طريق كثير من المزارعين الذين هم في أمس الحاجة الآن للوقود، ويفتقدون تماما للسيولة التي تمكنهم من دفع نسبة الـ 25% للحصول على المرابحات، (هذه هي المرابحات الربوية التي تقدمها بنوك الجبهة) مما اضطرهم إلى الدخول في مرابحات خارج نطاق المصارف، مطالبا الدولة بإلغاء هذه النسبة حتى يتمكن المزارعون من مباشرة الزراعة.

    ذكر والي القضارف في صحيفة الرأي العام عدد 19/8/1999م (إن محصول الذرة شهد خلال العامين 97 ــ 1998م تدهورا في الأسعار على النطاقين المحلي والعالمي، وبالتالي أصبح الطلب ضعيفا جدا .. وجاء عام 99 وهو يحمل نفس ظواهر العامين السابقين. والآن لدينا مخزون هائل من الذرة في المواقع المختلفة في الصوامع والبنوك والمطامير وحتى داخل منازل التجار. المزارعون في إنتظار شراء المخزون لتمويل الموسم الزراعي الجديد. وحتى الآن (15/8/1999م) فإن مساحات الزراعة لا تتناسب مع حجم ولاية القضارف الزراعي. لقد إتجه المزارعون نحو زراعة السمسم نسبة لسعره المجزي بالإضافة إلى زراعة زهرة الشمس والقطن المطري. كذلك تم استنباط نوع جديد من السمسم المروي لزراعته في الرهد.

    هذا بما يختص الزراعة المطرية أما الزراعة المروية. ففي العام 1999 في منطقة القاش اكتمل ري 40 ألف فدان وهناك 20 ألف فدان يمكن زراعتها ذرة في المناطق الجنوبية من البلاد وإذا استمر نهر القاش بمنسوبه الحالي فنستطيع تأمين حوالى 80 ألف فدان ذرة في الموسم 1986م.

    كما تمت زراعة 60 ألف فدان ذرة في منطقة حلفا من جملة أراضي مساحتها 100 ألف فدان خصصت لزراعة القطن.

    الهـشـاب

    وفيما يختص بالغابات فهناك مشروع ضخم بالتعاون مع شركة الصمغ العربي لزراعة 20 ألف فدان بشجرة الهشاب، ولقد انتهت المرحلة الأولى من المشروع بزراعة 10 آلاف فدان في أغسطس الماضي ( 1999). كما بدأ العمل في تنفيذ المرحلة الثانية من المشروع لزراعة 10 آلاف فدان أخرى.

    من عوائق زراعة الذرة

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم 25/4/1997م الآتي:- (أفادت البحوث العلمية أن منطقة القضارف (أواسط شرق السودان) هي الموطن الأصلي لنبات الذرة ويعتمد عليه 90% من سكان (السودان) في الغذاء، ويساهم بـ 75% من الإنتاج الكلي للحبوب بالبلاد. ومنطقة القضارف هي رائدة الزراعة المطرية في (السودان) وهي صمام الأمان لكل أهل (السودان). ويعتبر التسويق من أهم العوامل لنجاح الإنتاج. وأدى شراء الدولة للمخزون الاستراتيجي إلى تحريك السوق، إلا أن طريقة الشراء عبر السماسرة أثرت سلباً على السوق. ويجب توفير مدخلات الإنتاج من مواد بترولية ومبيدات وخيش حتى لا يتكرر ارتفاع التكلفة الذي وصل هذا العام بعد الزكاة والضرائب إلى 57% من جملة إنتاجه فيكون المتبقي له نسبة 43% وهي لا تفي بتكلفة المحصول ناهيك عن تحقيق ربح. وأشارت الدراسات إلى أن الحراثة السطحية المتكررة شكلت طبقة صلبة تحول دون تسرب المياه إلى داخل التربة، مما يؤدي إلى انجراف التربة فضلاً عن انتشار الطفيليات كالبودة والماسح.

    تسعى الحكومة لادخال زهرة الشمس والقوار ويتوقع في موسم 1999م/ 2000م زراعة 2،4 مليون فدان ذرة و5،1 مليون فدان سمسم و300 ألف فدان محاصيل أخرى.
                  

01-14-2006, 06:18 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    الزراعة في ولاية البحر الأحمر

    تبلغ المساحة الصالحة للزراعة في ولاية البحر الأحمر (الموسوعة) 000،750 فدان تنقسم مناصفة تقريباً بين دلتا توكر والوديان. ويبلغ المزروع من الوديان حالياً 080،112 فدان بنسبة 33%، من اجمالي المساحة الصالحة للزراعة في الوديان وهي 325،338 فدان. وتشكل الأودية بكل محافظات الولاية أكثر من 63% من جملة المساحة القابلة للزراعة بالمحافظة. عليه فإن الاستغلال الأمثل لأراضي الأودية يمكن أن يلعب دوراً هاماً في تحقيق الأمن الغذائي، أحد أكبر المشكلات الرئيسية في الولاية، خاصة بين قبائل البجه، في المناطق الريفية. وعلى سبيل المثال فإن محافظة حلايب التي تعاني باستمرار من نقص الغذاء، يوجد بها (79200) فدان صالحة للزراعة في الأودية، ولكن المستغل منها هو فقط (20400) فدان. وتنتج الولاية من الذرة 30 ألف جوال وتستهلك 840،756 جوال وتبلغ نسبة العجز 97% تسد من القضارف. وتنتج من الدخن 18 ألف جوال وتستهلك 636،102 جوال، والعجز بنسبة 83%. وبالنسبة للقمح فلا تنتج منه الولاية شيء وتستهلك 880،636 جوال وتستورده كله من حلفا وسوريا وكرواتيا. ويمكن تغطية احتياجات الولاية من الذرة والدخن إذا تمت زراعة كل المساحات القابلة للزراعة في الأودية.

    دلـتــا تـوكــر

    تكونت دلتا توكر (كر، هو اسم علم لجارية من البني عامر، والتاء المضمومة والواو علامة تأنيث اسم العلم) من رواسب فيضانات كل من وادي لنقيب من أورّبا وخلافه ونهر عنسبة (عين سبأ)،الذي ينبع من مرتفعات إريتريا، ونهر بركة (يقول مؤرخ البجه الأكبر إنه الوادي الفاصل بين الهدندوة والبني عامر إذ ينبع من جبالهما) الذي ينبع من جبال أغردت. وتتكون الدلتا من مثلث متوازي الأضلاع يبلغ طول ضلعه الواحد 70 كيلو متراً، ويصب النهر في البحر الأحمر.

    وتقدر مساحة الدلتا بحوالى 406 ألف فدان يصلح منها للزراعة حوالى 250 ألف فدان والمساحة الباقية تغطيها الكثبان الرملية والغابات.

    وكانت توكر تزرع ذرة ودخناً وفي عام 1865 م قام أحمد باشا ممتاز حاكم مدينة سواكن من قبل محمد على باشا خديوى مصر - بإدخال زراعة القطن الأشموني في دلتا توكر، وكان في البداية يتم توزيع عينات مختلفة من القطن حتى عام 1920 عندما أدخلت زراعة القطن (الساكل) والذي استمرت زراعته حتى استبدل بالقطن قصير التيلة من نوع (الأكالا) عام 1960م.

    وتقوم المؤسسة الزراعية في توكر بكل الأعمال الزراعية بصفة عامة. كما تقوم سنويا بتوزيع الأراضي. للزراعة وتحضيرها للري ووقاية المحصول وتسويقه ثم تقسيم العائد بعد خصم تكاليف التأمين على الحريق على النسب الآتية:

    15% نصيب المؤسسة

    10%حصة مال تمويل المزارع لصرف المنح اللآزمة لعمليات الزراعة.

    5،2% نصيب الحكومة المحلية

    1% نصيب مال الخدمات الاجتماعية.

    59% نصيب المزارع يخصم منه مبالغ تحدد فئاتها الإدارة عن كل قنطار من القطن.

    وينقسم المستفيدون من المشروع إلى أصحاب (ضمن) وهم أصحاب الأرض المعتمدون لدى المؤسسة. ويقومون بدور الوسطاء بين المؤسسة والمزارعين الحقيقيين والمستأجرين وهم فئة من أصحاب رؤوس الأموال الصغيرة تقوم باستئجار أراضي أصحاب (الضمن) خلال كل موسم وتستخدم العمال الزراعيين أو صغار المزارعين ممن تركوا أراضيهم لزراعة هذه الأراضي المستأجرة.

    أما فئة صغار المزارعين الذين يمتلكون حيازات صغيرة لا تتعدى في الغالب أفدنة (ضمن) وليست لديهم القدرة على تمويل عمليات الزراعة فيضطرون إلى الدخول في شراكات مع الممولين، أو الذين يتخلف الفيضان عن ري أراضيهم فيعملون كعمال زراعيين، أما فئة العمال الزراعيين فتقوم بالعمليات الزراعية الفعلىة على أساس الشراكة أو الأجر اليومي حسب ما تقتضيه شروط الإتفاق.

    جاء في كتاب (كفاح البجه) للمناضل الأستاذ محمد دين اسماعيل البجاوي عن مشاكل مزارعي دلتا توكر ما يلي: (إن المشكلة التي أريد أن أتعرض لها في حديثي هذا، هي مشكلة الأراضي الزراعية بدلتا توكر من حيث وضعها من ناحية الملكية، وكيفية تقسيم أراضي القبائل السنوية مع الذكر الهام لأولئك الذين يشقون ويتعذبون مع كثرة الأراضي، وسعة المساحات مع أنهم أغلبية ساحقة من الأهالي والسكان الأصليين لهذه المنطقة.

    ومن الأشياء الغريبة، والحوادث التي تلفت الإنتباه أنك تجد كثيراً من النظم الرجعية والأفكار التي تشمئز منها النفوس ولا ترضاها أفكار القرن العشرين، ولا سيما أنك تجد كثيراً من ملاك المساحات الواسعة يتمتعون بحياة الرفاهية وهم قلة تعد على أصابع اليد، بينما أغلبية سكان المنطقة لا يجدون ما يسد حاجتهم، وهم يمثلون طبقة العمال الزراعيين المأجورين المؤقتين الذين يرتزقون من وراء هذه الأرستقراطية التي تضج دواعيها ويبرق حليها، وهم في هذا الحال كسادة وعبيد.

    إنك إن تجولت في أراضي دلتا توكر، ستجد أن أكثر المساحات بالمعنى الصحيح ملكاً لعدة رجال رأسماليين، وما تبقى من أراضي قليلة ملكاً لصغار المزارعين، ومتوسط ما يمتلكه أي من كبار الملاك، يبلغ آلاف الأفدنة. ومن الأشياء العادية أنك ترى عدداً هائلاً من طلاب الأراضي الزراعية من الأهالي لا يجدون ولو فداناً واحداً للفرد منهم، مهما بحثوا وكدوا وبذلوا الجهد الجهيدلأجل الحصول على قدر ولو يسير من الأراضي لكي يعتمدوا عليها في حياتهم اليومية طوال العام، وليس لهم صوت مسموع، ولا يستجاب لطلبهم هذا، مع سهولته الظاهرة الواضحة بل يمنعونهم منعاً باتاً بكل فظاظة وغلظة.

    ونجد في أيام موسم الزراعة كثيراً من طلاب الأراضي وهم يحملون طلباتهم في أيديهم، ويتسابقون بها نحو مفتش الزراعة وأعوانه، باحثين عن حل مهما كان نوعه، ولكن عبثاًيحاولون ذلك ما دام الوضع الحالي مستمر وقائم في أراضي دلتا توكر، لأن هناك انسجام تام وتجاوب كلي بين الملاك ومفتش الزراعة وأعوانه من الخبراء الزراعيين أي أذناب الأرستقراطية بالدلتا.

    وسمعنا أن الحكومة حاولت نزع جزءاً من الأراضي من بعض الملاك الكبار لكي تقسمها لهذه الجيوش الجرارة من العراة الحفاة والبؤساء الأشقياء، لكي تحل مشكلتهم ولو مؤقتاً حتى يكون مستوى الحياة بينهم قائماً على أحسن الأسس التي تسعد أكثر عدد ممكن من السكان الأصليين. ولا زلنا نذكر تلك المعارضات التي قام بها نفر بل جميع الملاك الكبار لمحاربة هذا النظام الجديد الذي يهدف لإصلاح المجتمع، ولسد حاجة الناس، وذلك عندما زار السكرتير الإداري وبصحبته مدير مديرية كسلا، في ذلك الحين، ليهيئا الأجواء المناسبة لوضع حل لهذه المشكلة الاجتماعية الحساسة فيما يختص بنظام الأراضي وتقسيمها، بدلاً عن هذا النظام القديم الظالم.

    وعندما أراد ممثلو الحكومة حل هذه المشكلة الاجتماعية، لم يقف ملاك الأراضي مكتوفي الأيدي، فجمع أصحاب النفوذ في توكر عدداً لا يستهان به من المرتزقة، واتفقوا معهم بشروط ومعاهدات تشبع مطالبهم البسيطة، وجزاءً وتنفيذاً لهذه المكيدة التي دبرها ملاك الأراضي، هتف هؤلاء الأفراد المأجورين بمعارضتهم لنظام التقسيم وبموافقتهم على النظام القائم بكل ما أوتوا من قوة، وهتفوا أمام السكرتير الإداري ومدير المديرية وهتفوا في أماكن أخرى، لا لشيء إلا لأن الملاك لا يريدون أن يسمع الناس في ذلك الحين بتوكر شيئاً غير هتاف المأجورين الذي ضد مصالحهم قبل أن يكون ضد مصالح الشعب (السوداني) عامة وقبائل البجه خاصة.

    وكشفت الدوائر الحكومية القناع عن المكيدة، ولكنها تريد أن تتصرف بناءً على رغبة الجماهير في مثل هذا الموقف، ومن سياستها مناصرة القوي على الضعيف، فعندما وجدت أن الملاك لا زالوا مسيطرين على الموقف، ولم تجد لدى المنظمات الشعبية قوة كافية لتعارض طبقة الملاك، فضلت ترك المشكلة لوقت آخر تقوى فيه حركة جماهير الشعب وتثور على هذا النظام الغاشم، حتى تؤيده. ولم يقف الملاك عند هذا الحد بل سافروا وجاهدوا جهاد الأبطال، فكونوا الوفود وسافروا واتصلول بكل جهات الاختصاص الرسمية وغير الرسمية وجهات أخرى لها أثرها على حياة الناس في هذه البلاد، فطلبوا منها جميعاً التأييد سواء عاطفياً أو عملياً بالدعاية إذا كان ولا بد. وكانت تسبقهم البرقيات التي يصدرها المأجورون. ولم يقف الملاك عند هذا الحد، بل تطاولوا ليفرضوا أنفسهم كزعماء سياسيين وغير سياسيين، وكونوا الهيئات الشرعية وغيرها ليسيطروا على الموقف وليصونوا مصالحهم بأراضي الدلتا، وليضربوا الحركات الشعبية التي تعارضهم بحكم حرصها على البقاء.

    أرادت الحكومة البريطانية أن تصلح المجتمع بمنطقة البجه بتقسيم الأراضي بصورة تأميم، ولكنها لم تنجح، واحتفظت بمشروعها لوقت آخر تثور فيه جماهير الشعب ضد النظام القائم. إننا نؤيد مشروع التقسيم وسندافع عنه حتى يطبق لحل مشاكل البؤساء الذين لا يملكون شيئاً وبعد أن كانوا رعاة في هذه الأرض وأصحاب ملك تحولوا إلى عمال زراعيين ُاُجراء مؤقتين مُستَغلين، ا. هـ.)

    مشاكل الزراعة والعمال الزراعيين

    ولا توجد قوانين أو لوائح تحدد نظام الأجور أو الإتفاقيات الزراعية التي تعتبر إتفاقيات فردية لا تتدخل المؤسسة أو إتحاد المزارعين في إبرامها وبالتالي فإن تكاليف الزراعة يتحكم فيها مدى توفر العمال الزراعيين وندرتهم إلى حد كبير وأجور ترحيل القطن بالجمال.

    ذكر مؤرخ البجه الأكبر ما يعانيه العمال الزراعيين من ظلم ومطالبته بتملك الأرض لمن يفلحها، ثم يروي قولهم الآتي قائلين (نحن العمال الزراعيين الذين نغرس ثم نحصد ونلتقط القطن من شجيراته، ثم ننظف الأرض للعام المقبل وهي غابات، فلولا سواعدنا وجهدنا لما جنى أصحاب الأراضي قنطاراً واحداً). ويستطرد منادياً برفض التبعية الاقتصادية في الزراعة وموضحاً مخاطرها قائلاً (نحن نطلب من الحكومة الوطنية أن تسن لنا القوانين المفيدة لمزارعي توكر. وعدم حصرنا في زراعة القطن الذي ربما استغني عنه بالاصطناعي، إذ ليس لدينا ضمان من مصانع لانكشير في بريطانيا على شراء أقطاننا. ويجب على أهل القاش وتوكر أن يتنبهوا ويحتاطوا للمستقبل الحالك الظلام ويتركوا الاعتماد على الدول التي بيدها تحديد رفع وخفض أسعار الميزان الاقتصادي والزراعي).

    وبالرغم من كبر المساحة المزروعة قطنا بدلتا توكر فالقيمة الكلية للقطن بلغت (800) ألف جنيه سوداني للعام 81/1982وهو مبلغ ضئيل بالنسبة للمساحة المزروعة.




    توكر ومشاكل الزراعة

    كتب الأستاذ التاج عثمان في صحيفة الرأي العام في شهر سبتمبر 2001م عن مدينة توكر ومشاكلها ما نورده بتصرف. الرحلة من بورتسودان إلى طوكر، قاسية فالطريق وعر وشائك ورغم أن المسافة بينها وبورتسودان لا تزيد عن (165) كيلو متراً، إلا أننا قطعناها بالسيارة اللاندكروزر في حوالى أربع ساعات، والشاحنات تقطعها في أكثر من سبع ساعات على الأقل.

    من أطلال سواكن اتجهنا جنوب شرق على طريق توكر الوعر .. مررنا أولاً بقرية (إيرم)، ومنها سلكنا الطريق الساحلي تجاه سلسلة جبال البحر الأحمر .. وبعد ساعتين وصلنا قرية (أشت)، التي تحيط بها مظاهر الفقر والبؤس .. أطفال صغار في السن، حفاة شبه عراة، لم يجدوا شيئاً يبيعونه للمسافرين سوى أخشاب (مساويك الأراك).

    والكبار منهم يبيعون زجاجة الماء المالح بمائة جنيه. على طول الطريق من سواكن وحتى توكر، لاحظت أثاراً لخط هاتفي يمتد على جانب الطريق، علمت أنه أول خط هاتفي سلكي في السودان، حيث ز توكر هي أول مدينة سودانية يدخلها الهاتف، وكانت تتحدث مع لندن مباشرة قبل العاصمة الخرطوم!! .. كما لاحظت بقايا شارع من الاسفلت كان يربط توكر بمدينة سواكن، وهو أيضاً أول شارع اسفلت في السودان، إلا أن الأتربة دفنت جزءاً كبيراً منه واختفى بسبب الاهمال.

    دخلنا مدينة توكر عاصمة محافظة توكر، وساءني ما رأيت!! توكر التي كانت تعد أغنى مدينة في السودان وفي المنطقة العربية والأفريقية، لامتلاكها أخصب أرض في العالم (دلتا توكر) التي كانت تنتج أجود أنواع القطن طويل التيلة في العالم قاطبة، وجدتها للأسف تعج بشاحنات الإغاثة التي سارع بها المجتمع الدولي عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، لإنقاذ أهلها من المجاعة التي حاقت بهم نتيجة لتدمير البيئة واهمال الدولة.

    نسبة لقلة المنطقة التي ارتوت، بلغ محصول دلتا توكر في العام الماضي (2000م) من الذرة (15) ألف جوال ومن الدخن أيضاً (15) ألف جوال، وحتى هذا الكم القليل وبسبب اهمال الدولة هاجمته الآفات والطيور. وفي الظروف العادية يبلغ الانتاج (60) ألف جوال من الذرة، و(30) ألف جوال من الدخن، وهكذا فإن الفجوة الغذائية (المصطلح الدبلوماسي للمجاعة لدى حكومة الإنقاذ) تقدر بأكثر من (60) ألف جوال ذرة ودخن.

    تبلغ مساحة دلتا توكر الكلية (406) ألف فدان، مقسمة إلى ثلاث مناطق، هي الدلتا الشرقية، والدلتا الغربية، والدلتا الوسطى. ويبلغ عدد الأسر المستفيدة من المشروع (40) ألف أسرة بمناطق توكر وسواكن وسنكات وكسلا وبورتسودان. والمحصول الرئيسي هو القطن طويل التيلة نوع بركات، وهو مرغوب لمصنعي الغزل والنسيج لخلوه من الأسمدة والمبيدات. وأصبح المشروع موبوء الآن بشجر بل بغابات المسكيت التي يبلغ طول بعضها 30 متراً، والتي أصبحت تغطي حالياً مساحة تربو على (70%) من مساحة المشروع، أي (250) ألف فدان من مساحة الدلتا البالغة (406) ألف فدان. وانتشرت بذور المسكيت مع الرعي الجائر حيث تنقلها الحيوانات معها. وسيزرع هذا الموسم 2001م، (30) ألف فدان قطن، و(9) آلاف فدان ذرة، و(14) ألف فدان خضروات.

    شركة دلتا توكر الزراعية

    جاء في صحيفة الرأي العام في يناير العام 2000 الآتي (أوضح المهندس عبد الله شنقراي رئيس اللجنة الخاصة بدراسة الأوضاع بمشروع دلتا توكر الزراعي، أن المشروع حقق انتاجية من القطن بلغت (36) ألف قنطار وتمثل أكثر من ضعف انتاج العام الماضي الذي لم يتعدى (17) ألف قنطار وعزا الطفرة الانتاجية بتوكر إلى توفر التمويل اللازم للزراعة بعد التعاقد مع شركة باعشر للملاحة والتجارة لشراء انتاج توكر من القطن هذا العام. وبلغ انتاج الفدان هذا العام 4،7 قنطار مقارنة بـ 6،2 قنطار للعام الماضي وتقدر عائدات هذا الانتاج بـ 225 مليون دينار. وقال إن الإقتراح بتكوين شركة بدلتا توكر قد وضع موضع التنفيذ، وبدأت اجراءات إنشاء شركة دلتا توكر الزراعية مساهمة بين المزارعين بنسبة 65% و10% من الأسهم لحكومة الولاية و25% تطرح للجمهور. وذكر أن قيام الشركة يهدف لوقف التدهور المريع الذي يشهده مشروع دلتا توكر الذي تقلصت مساحة الأراضي الصالحة للزراعة فيه إلى 25 ألف فدان بسبب الغابات والحشائش بالرغم من أن المساحة الصالحة للزراعة تقدر بـ 250 ألف فدان. (أين موقع العمال الزراعيين في المشروع من هذه الشركة الجديدة وهل تم انصافم أم لا زالوا يستغلون ــ يرجى مراجعة كتاب من كفاح البجه للأستاذ محمد دين اسماعيل وكتاب تاريخ سواكن للمؤرخ محمد صالح ضرار لمعرفة ما يحيق بهذه الفئة من ظلم ــ المؤلف). كذلك ذكر السيد شنقراي أن الولاية قد تنازلت عن حقها من الأصول الثابتة والمنقولة التي تقدر بـ 64 مليون دينار للمؤسسة لتكون نواة الشركة الجديدة تسدد على أقساط لمدة عشر سنوات. وستتولى الشركة القيام بكافة الخدمات الزراعية بالمشروع إلى جانب دخولها في المجالات الاستثمارية ذات الصلة بالمشروع إضافة إلى دورها الأساسي في شراء وتسويق انتاج المشروع).

    إن منطقة توكر وبالرغم من أنها من أقدم المناطق الزراعية فإنه لا توجد وسيلة للتحكم في تذبذب منسوب مياه الفيضان وفي كثير من الحالات تتدفق كميات كبيرة من المياه في البحر الأحمر، وبذلك تتوقف المساحة المزروعة على الفيضانات والمساحات التى تغطيها، وتتفاوت مساحة زراعة القطن من منطقة لأخرى وكثيراً ما تتعرض المحاصيل إلى الإنجراف بالسيول نسبة لعدم وجود موعد محدد لتوقف الفيضان. ويتعرض نبات القطن إلى الإصابة بالآفات الزراعية مما يضعف الانتاج علما بأن إدارة مكافحة الآفات بالدلتا لا ترقى للمستوى المطلوب، كذلك فإن تخطيط زراعة القطن داخل الدلتا تكتنفه الكثير من المعوقات، إذ تتم زراعة الدخن والذرة في مساحات كبيرة تطغى على مساحة القطن في كثير من الحالات وذلك لحماية نبات القطن من الغبار والعواصف وهذا هو غاية المؤسسة، أما المزارع فإن دافعه هو إرتفاع أسعار الذرة والدخن على أسعار القطن، بالإضافة إلى أنها الغذاء الأساسي لسكان المنطقة. ومن المشاكل الزراعية أيضاًbأن العمليات الزراعية تؤدي بطريقة غير منتظمة وغير صحية بالإضافة إلى رداءة الأحوال الجوية وكل هذه العوامل تعوق عمليات الرش. وتتم النظافة عادة بصورة غير فعّالة مما يؤدي إلى تكاثر الآفات بدرجة هائلة. وبالإضافة إلى هذا فإن ساحل البحر الأحمر بما فيه دلتا توكر يتعرض سنويا لغزو الجراد الصحراوي والذي يعد من أخطر الآفات الزراعية حيث يقضى على كل المساحة الخضراء.

    أســعـار المحاصيل

    القـضــارف

    جاء في صحيفة الرأي العام في يونيو 1999 الآتي (سجل قنطار السمسم ببورصة سوق محصولات القضارف ما بين 6 آلاف و730 ديناراً كأعلى سعر و6 آلاف و600 دينار كأدنى سعر، فيما سجل أردب الدبر ما بين 4 آلاف و200 دينار كأعلى سعر و4 آلاف و100 دينار كأدنى سعر. وبلغ سعر أردب الفتريتة ما بين ألفين و600 دينار كأعلى سعر وألفين و500 دينار كأدني سعر، وبلغ أردب الصفراء ما بين ألفين و700 دينار كأعلى سعر وألفين و600 دينار كأدنى سعر، وأردب المقد ما بين ألفين و500 دينار كأعلى سعر وألفين و400 دينار كأدنى سعر. وأردب التترون ما بين 4 آلاف و800 دينار كأعلى سعر و4 آلاف و700 دينار كأدنى سعر وجملة الوارد منه 12 ألف جوال.

    كـسـلا

    سجل سعر جوال الفول السوداني الخام ببورصة سوق محصولات حلفا الجديدة ألفاً و500 دينار وجوال الفول السوداني النظيف ألفين و200 دينار، وجوال الفول السوداني المقشور 6 آلاف و500 دينار وجوال اللوبيا العدسية 6 آلاف و500 دينار وجوال الشطة 4 آلاف دينار وجوال الويكة ألف دينار وجوال الكركدي ألف دينار.

    لقد ثبت بالبرهان العملي أن الزراعة في جميع أجزاء البلاد فاشلة، لأسباب عديدة أولها تسيب الإدارة، وفشلها في تطوير الزراعة بالإضافة إلى تدني أسعار المحاصيل عالمياً. وللنهوض بالزراعة في بلاد البجه يجب تسليم الأرض لمن يفلحها في شكل مزارع جماعية، وجمعيات تعاونية ترعاها الدولة بادارة نزيهة وجادة.

    (1 ويجب الاهتمام بالخدمات الأساسية التي تساعد على تحقيق:

    الدفع اللآزم لعملية التطوير وذلك بإنشاء مراكز للأبحاث المائية والزراعية وزيادة فعالية الانتاج الزراعي بالرصد الجوي وتوفير وتخزين المواد البترولية، وإنشاء مراكز للتدريب على صيانة وتشغيل الآلات الزراعية لإعداد العاملين الذين تمكنهم المعرفة التي يكتسبونها من تشغيل الآلات والمحافظة علىها. كذلك يجب زيادة عدد المستودعات لمحاصيل التصدير وإنشائها بالطرق العلمية الصحيحة وتوفير آلات الرش اليدوي والمبيدات الحشرية من قبل جهات الائتمان الزراعي وبيعها للمزارعين بسعر التكلفة على أقساط مع ضمان التدريب تحت إشراف المتخصصين. ونسبة لإنتشار الآفات الزراعية يعمل على تطبيق سبل الوقاية العلمية الحديثة، وتشجيع تربية الحيوان إلى جانب الزراعة وتزال أشجار الغابات غير المفيدة لتزرع بدلها أشجار ذات فائدة إقتصادية.

    وبدلا عن انتاج محاصيل زراعية وتصديرها دون تصنيع يجب إجراء دراسات تهدف للاستفادة القصوى من مشاريع تصنيع المنتجات والاهتمام بالتصنيع الزراعي.

    لقد تعرضت الموارد الطبيعية المتجددة في بلاد البجه للتدهور المريع الذي تبدى في اضطراب الدورات المائية وتدهور الغطاء النباتي وإنخفاض انتاجية الأرض وموت الكثير من الحيوانات الأليفة واختفاء الحيوانات الوحشية من العديد من المناطق، وقد نتج التدهور عن عوامل إدارية متمثلة في عدم اهتمام السلطات بما تتعرض له البلاد من ظروف طبيعية قاسية مثل الجفاف والاستغلال الجائر للموارد الطبيعية المتجددة.

    لقد أوضحت الدراسات أن في البلاد وديانا تحمل كميات من المياه المنحدرة نحو البحر أو صوب النيل وتُكوّن هذه الوديان على جانبيها ودلتاها أراضي طينية تصلح للاستثمار عن طريق مشاريع لنثر المياه. وعلىه فمن المفيد تعميم إنشاء السدود في الوديان وسفوح الجبال خاصة في المناطق التي سبق أن أُجريت حولها الدراسات لزيادة رقعة الأرض الزراعية، وتغذية الأرض بالمياه الجوفية والمحافظة على التربة.

    إن الزحف الصحراوي قد أصبح يشكل خطورة في مناطق متعددة من البلاد ويجب مكافحته بتقنين وترشيد استغلال الموارد الطبيعية وإقامة مصدات للرياح وأحزمة واقية، وإقامة أسوار لحجز المناطق المتدهورة من المراعي الطبيعية ونثر بذور نباتات المرعى المحسنة وفتح خطوط النار. ولمعالجة نقص البروتين بالبلاد تشجيع تربية الدواجن في القطاعات العامة والتعاونية والخاصة بكل الوسائل الحديثة حتى تشكل مع الأسماك مصدر الغذاء البروتيني اللآزم للسكان.

    إن الاهتمام بزراعة محاصيل التصدير لجلب العملات الأجنبية لحكومات الخرطوم قد أضر بالتربة نتيجة للزراعة التجارية كما شرّد الرعاة البجه أصحاب الأرض وأهلك مواشيهم ومنعهم من زراعة المحاصيل الغذائية وآلت أراضيهم عن طريق الفساد والمحسوبية إلى طبقة المستوطنين ا لذين استولوا على أراضي قبائل البجه في الرهد والقضارف وكسلا وتوكر وخشم القربة وحلفا الجديدة. إن هاتين الأخيرتين تسلم أصحابهما التعويضات عن أراضيهم في حلفا القديمة ثم تم تمليكهم لأراضي البجه حيث أنتزعت الأراضي من الرعاة البجه وأصبحوا مطاردين ودخلاء على أرضهم حسب قوانين الاستثمار الجديد في خشم القربة وحلفا الجديدة كالمثل الذي يقول (دجاجة الخلاء طردت دجاجة البيت). وهذا بالضبط ما حدث للراعي البجاوي الذي قتله سكان إحدى قرى حلفا الجديدة بعد أن طاردوه كأنه لص بينما هو صاحب الأرض (1985). لقد قتل خزان خشم القربة وشرّد آلاف البجه الذين كانوا يعتمدون على نهر أتبره في الزراعة والرعي خلف موقع الخزان الحالي.

    مشروع حلفا الجديدة الزراعي (مؤسسة حلفا الزراعية)

    يقع مشروع حلفا الجديدة الزراعي كله في بلاد البجه في سهل البطانة المنبسط على الجزء الغربي من نهر أتبره ومساحته الكلية 500 ألف فدان انحسرت إلى 240 ألف فدان (2003م) نتيجة الأطماء ببحيرة خزان خشم القربة، ويبعد حوالى 260 كلم شرق الخرطوم، ويحده خطا العرض 51 و71 درجة شمالاً. بدأت فيه تجارب زراعة المحاصيل في موسم 60/1961 و61/1962 بمزارع تجريبية، حددت بعدها زراعة المشروع في دورة ثلاثية تتكون من فول سوداني وقطن وقمح. ومر المشروع بخمس مراحل للزراعة.

    المرحلة الأولى: مساحتها 175 ألف فدان خصص معظمها لتوطين النوبيين وخمسة للسكن ــ جهزت 32 ألف فدان في موسم 63/1964.

    المرحلة الثانية: مساحتها 100 ألف فدان، خصص الجزء الأكبر منها لتوطين باقي النوبيين كما خصص ألف فدان منها لتكملة أرض السكن. وجهزت المساحة للزراعة في موسم 65/1966.

    المرحلة الثالثة: مساحتها 45 ألف فدان خصصت لتوطين البدو وجهزت للزراعة في موسم 66/1967.

    المرحلة الرابعة: مساحتها 45 ألف فدان خصصت لتوطين البدو وجهزت للزراعة في موسم 67/1968.

    المرحلة الخامسة: مساحتها 42 ألف فدان خصصت لتوطين البدو وجهزت للزراعة في موسم 66/67/1968.

    وفي عام 1999 بلغ انتاج المشروع 75 ألف طن من السكر قيمتها 80 مليار جنيه، وبلغت المساحة المزروعة 500، 21 فدان، وبلغ انتاج القصب 100 ألف طن قام بها 850 عامل. وينتج المصنع يومياً حوالى 4900 جوال زنة 100 كلغ. وتشمل الخطة الزراعية للموسم 99/2000 زراعة 45 ألف فدان قطن، و55 ألف فدان قمح و65 ألف فدان ذرة و45 ألف فدان فول. والتمويل المطلوب للموسم حوالى 18 مليار جنيه. وبيعت بذرة القطن والذرة بحوالى 750،23 مليار جنيه، بعجز في التمويل يبلغ 350،4 مليار جنيه.

    إن هذا المشروع هو حلقة من مسلسل تشريد الرعاة البجه والقضاء على حيواناتهم ثم عليهم، وهو يجسد أبشع صور الاستغلال والاستعمار الاستيطاني في بلاد البجه. فقد قامت الحكومة بتهجير النوبيين من موطنهم، وقبضت تعويضاً مقابل ذلك، وأموالاً خفية لتسهيل إنجاز المهمة. وعندما طالب النوبيون بتوطينهم جنوب الخرطوم، رفض سكان المنطقة، ولم تجد الحكومة أمامها إلا أرضنا السائبة فشردت الرعاة البجه ووطنت مكانهم النوبيين بعد أن قبضوا تعويضات أراضيهم. فلماذا لم يتم تعويض الرعاة البجه عن أراضيهم? ولماذا التفرقة في المعاملة? إضافة إلى هذا فقد تم تشريد المزارعين والرعاة البجه الذين كانوا يعيشون على ضفاف نهر أتبره حيث شحت مياه النهر بسبب إنشاء خزان خشم القربة وزالت مدن كانت عامرة من الوجود مثل قوز رجب، وسدت المزارع مسارات الرعاة البجه الموسمية.

    وحول مشاكل المشروع فقد أكد وزير زراعة الإنقاذ (1999) أن المشاكل والمعوقات في مشروع حلفا الجديدة،تتمثل في مشكلة الري وتعطل المضخات جميعها والبالغ عددها ثلاث، أرسلت إثنتان منها إلى ايطاليا للصيانة، أما الثالثة فقد اكتشفت مؤخراً. وحاجة المشروع من مياه الري تقدر بسبعة ملايين متر مكعب والمتاح منها حالياً يبلغ مليونان و(900) متر مكعب حسب تقديرات وزارة الري. إضافة إلى إنتشار المسكيت في الأراضي الزراعية، وقنوات الري والمصارف، وتحتاج مكافحته إلى 3 مليار جنيه بجانب التأهيل المطلوب للقناطر، والمحالج، والجسر الواقي والترع بالنمر. وتبلغ الديون الواجبة السداد 195،8 مليار جنيه.


    مصـنع سـكر حـلـفـا

    جاء في جريدة البيان الإماراتية عدد 28/4/98 ما يلي:- أنهى مصنع سكر حلفا الجديدة الموسم الانتاجي 97/98 بتحقيق أرقام قياسية حيث بلغت جملة الانتاج 62 ألف طن سكر بزيادة خمسة آلاف طن عن الموسم الماضي، وذلك قبل أكثر من شهر من الموعد المحدد لاختتام الموسم. ويتوقع أن تكون انتاجية الموسم القادم 220 ألف طن. بلغت إنتاجية موسم مايو العام 2002 (87) ألف طن سكر. ومن المعوقات عدم كفاءة النقل وصغر حجم المستودعات. ومساحة المشروع 40 ألف فدان.


    الـثــروة الحيـوانيـة

    تزخر بلاد البجه بالثروة الحيوانية، وقد اشتهرت بأنواع معينة مثل الخروف السواكني والجمل البشاري اللذان تعدت شهرتهما حدود (السودان). وقد ذكر الهجن البجاوية الشاعر أبو الطيب المتنبي في قصيدته (ضحك كالبكاء) التي يقول في مطلعها:

    ألا كل ماشية الخيزلى فدى كل ماشية الهيذبى

    وكل نجاة بجاوية خنوف وما بي حسن المشى

    جاء في كتاب (الثروة الحيوانية والانتاج الحيواني في السودان) وهو المرجع الرئيسي لمعظم هذه المعلومات ــ لمؤلفه العالم الفقيه الدكتور محمد أبو العزائم مدني ــ حفيد مؤسس الطريقة العازمية ووكيل أول الثروة الحيوانية سابقاً (كان جده الشيخ ماضي أبو العزائم أستاذاً في مدرسة سواكن الابتدائية، وعند إلقاء القبض على الأمير عثمان دقنه، ألقى خطبة نارية ضد الاستعمار) ما سنورده في هذا الباب في أماكن مختلفة عن الثروة الحيوانية للبجه.


    تـربـيـة المـواشـي

    إن تربية المواشي هي جزء مكمل لنشاطات كل انسان بجاوي في هذه المنطقة تقريباً وتستخدم القطعان للعيش منها، وهي حسابات ادخار، وللبعض فإنها استثمار. ومربي المواشي المحترفين هم البدو أو مجموعات الرحل سابقاً في النصف الشمالي من الولاية، خاصة بالنسبة للجمال والأبقار. وفي الماضي، كان هؤلاء الناس يعيشون فقط على انتاج قطعانهم. وفي وجبتهم كان اللبن مهماً جداً وتباع الحيوانات عند الحاجة إلى النقود. إن أبقار زيبو البطانة هي نوع مشهور من قطعان البدو. ويتواجد الآن فقط في أعداد صغيرة وأصحاب المراعي الزراعية في الجنوب هم تقليدياً أصحاب أبقار الزيبو الكبيرة الطويلة القرون منذ عهد الفراعنة حيث توجد رسوم لها في نقوش المعابد الفرعونية.

    وخلال فترة الجفاف والمجاعة 1984/1985 فقد هلك من مواشي البجه ما يزيد على 5،1 مليون رأس. وبالرغم من هذا فإن الرقم الآن ضعف ما كان عليه في الخمسينات وربما ثلاثة أو أربعة أضعاف ما كان عليه في حوالى 1900، ويدل هذا على الأهمية التقليدية لتربية المواشي. والقطعان ضعيفة التغذية، وهذا هو السبب الرئيسي لتدني الأداء الانتاجي والرضاع والنمو ولمعدلات الموت المرتفعة. وقد ينسب هذا جزئياً إلى العامل الوراثي الضعيف للقطعان وللأمراض المعدية. ويقوم نظام الانتاج الحيواني بتوفر العلف والمياه الجيدين.


    الحيـوانـات والتـكيـف

    تماماً كما هو حال النباتات، تمتلك ماشية المناطق القاحلة، ما يمكن تسميته بالخصائص التكيفيه. تستطيع حيوانات مثل الجمال والأغنام والأبقار والحمير الحياة في مثل تلك المنطقة، مع اختلاف في القدرة على تحمل القسوة. هكذا تسود حيوانات مثل الماعز والجمال، في أكثر المناطق قحولة أي منطقة تلال البحر الأحمر. تسود الماعز بمعدلات تناسلها العالية في المنطقة، بينما تتواجد الجمال بمعدلات تناسل منخفضة بأعداد أقل كثيراً. وإلى الجنوب تسود أنواع أخرى بالتوافق مع البيئة الأكثر رطوبة. ولكل حيوان متطلبات مختلفة، فالجمال من الحيوانات الجالحة، بينما الأغنام والأبقار كالئة. وبعض الحيوانات كالحمير الماعز تجمع بين النمطين. والجمال تحصل في آخر فصل الجفاف على أغذية أكثر تنوعاً من غصون الأشجار نسبة لإرتفاعها.


    الثروة الحيوانية في ولاية البحر الأحمر

    جاء في موسوعة ولاية البحر الأحمر بأن تعداد الثروة الحيوانية في الولاية كالآتي:- الأبقار 663،97، والضأن 738،496، والماعز 709،130،1، والجمال 980،117. تعتمد الحيوانات في معظم الشهور على المراعي الطبيعية التي تقدر بحوالى 4 مليون فدان، وتسجل الشهور أبريل، ومايو، ويونيو فجوة في الأعلاف المتوفرة. ويتم سد الفجوة بالترحال وبشراء الأعلاف وبتغيير نوع الحيوان وبمجموعة من هذه الممارسات. وبالنسبة للقوى البشرية العاملة في النشاطات ذات الصلة بالصحة والانتاج الحيواني، والمراعي والعلف، والأسماك والحياة البرية، فهي محدودة، وتتمركز في رئاسة الولاية. وتعتبر الكوادر ضعيفة من ناحية العدد والتوزيع، خاصة بالنسبة للمراعي والعلف، والأسماك والحياة البرية، هذا إذا وضعنا في اعتبارنا الإنتشار الواسع لهذه الموارد التنموية وإمكاناتها القابلة للتطور.

    يظهر من ميزانية الولاية ضآلة النسبة المنفذة من المبالغ المقترحة والمصدقة بصورة عامة، مع انتفائها بالنسبة لبندين هامين هما الخدمات العلاجية ودعم الخدمة البيطرية. وإذا شملنا مع هذين، مشروع مكافحة الأمراض، حيث أن المصدق له بدوره ضئيل، نجد أن المبالغ المخصصة لصحة الحيوان تبدو بوضوح غير كافية مقارنة بأعداد الحيوان بالولاية.

    ومن كبار مربي الإبل المشهورين في بورتسودان كان الشيخ عثمان عيسى هلال.


    الأبـقــار

    يوجد في محافظة كسلا من أبقار الكنانة 264،262 رأس ومن أبقار البطانة 886،681 رأس، ويوجد في محافظة البحر الأحمر من أبقار الكنانة 311،2 رأس، ومن أبقار البطانة 671، 34 رأس (80/1981). ويبلغ عددها الكلي حسب تقديرات ديوان الزكاة للعام 1996، 000،023،1 رأس من الأبقار. وفي ولاية كسلا تقدر الثروة الحيوانية بحوالى (269،661،5) رأس، منها (241،999) أبقار، و(625،256،1) ضأن، و(518،859،2) ماعز، و(885،545) إبل.

    وأبقار الكنانة هي نوع من أبقار الزيبو بين النيلين الأبيض والأزرق، وتنقسم إلى نوعين، أبقار الكنانة الشمالية وأبقار الكنانة الجنوبية. تعتبر أبقار الكنانة عموماً ذات حجم كبير نسبياً. ولونها عموماً رمادي فضي غامق عند الأطراف حيث يميل الذيل إلى السواد خاصة في الذكور، ويغلب اللون البني الفاتح على العجول عند الولادة ثم تتحول إلى رمادي فضي. يصل وزن الثور إلى 529 كلغم والبقرة 402 كلغم، والإرتفاع عند الغارب 140 سم للثور و130 سم للبقرة ــ طول الأذن حوالى 15 ــ 20 سم والقرون 15 ــ 35 سم. تعتبر أبقار الكنانة عموماً أبقار حليب، كما أنها تعتبر ثنائية الغرض للحليب واللحم. وتنتج البقرة من الحليب 5،4621 كلغم بمعدل 28 رطلاً في اليوم، وموسم انتاجها للحليب من 189 إلى 240 يوماً (أطول فترة 365 يوماً). أما أبقار البطانة فهي تنتسب إلى أبقار الزيبو الشمالية.

    وتعد من أحسن أبقار السودان من حيث إدرار الحليب حيث يصل الانتاج إلى 1900 كلغم في الموسم. وبعد تحسين تغذيتها أنتجت 2700 كلغم في فترة 300 يوم هي موسم الحلب. وهي عموماً كبيرة الحجم، ولونها أحمر غامق وأحياناً فاتح والأجزاء الأمامية والخلفية أحياناً تميل للسواد ... توجد بعض العلامات السوداء حول العنق والكتف والسنام والأرجل الأمامية والخلفية. والقرون صغيرة ورقيقة وبعضها بدون قرون، العنق قصير جيد الاتصال بالجسم، والسنام ضخم ولكنه صغير في الإناث، عادة فوق الصدر وأحياناً فوق العنق، والصدر .. اللبب متوسط قليل الحجم، والذيل طويل، الرجلين الخلفيتين طويلتين ضعيفتي التكوين قليلتي الامتلاء. الضرع جيد وممتليء.

    الـضـأن

    يبلغ عدد الضأن في بلاد البجه 000،648،2 رأس، وفق تقديرات ديوان الزكاة للعام 1996. وتسمى ضأن بركه، وهي ذات شعر طويل وذيل طويل كالضأن الصحراوي التي يقال أنها أيضاً من الضأن المصري القديم. يرعى هذا النوع من الضأن شمالاً عند سواحل البحر الأحمر شتاءً، وترحل جنوباً إلى المناطق الجنوبية الغربية صيفاً. تشتهر ضأن البجه باللون الأبيض وبقع سوداء أو بنية على الرأس، وأرجل بيضاء، وليس لها قرون، والذيل طويل وينتهي بزاوية حادة. إرتفاع النعجة 53 سم والذكر 64 سم، وطول النعجة 58 سم والذكر 69 سم. وصف بنيت (1940) هذا النوع من الضأن بأنه أصغر حجماً وشعره طويل (وعند البني عامر سماها مارشي (1941) ضأن خور بركه البجاوية. الأذن متوسطة، إرتفاع الجسم 75 سم، يصل وزنه 34 ــ 60 كلغم. الذكور ليس لها قرون، الشعر طويل (جوولدا العام 1951)). ويوجد في بلاد البجه أيضاً الضأن الأشقر. ويتصف بأن الشعر يغطي جسمه والذيل طويل، الأذنان طويلتان متدليتان، اللون أشقر، إرتفاع النعجة 78 سم والذكر 89 سم وطول النعجة 84 سم، والذكر 94 سم. أما الضأن الأبرق (الدباسي) والمسلمي، ومن صفاته الذيل الطويل، اللون أبيض مع بقع سوداء على الظهر، الرأس أبيض وأسود والأرجل سوداء ــ إرتفاع النعجة 75 سم والذكر 91 سم، وطول النعجة 83 سم والذكر 94 سم.




    المــاعـــز

    يبلغ عدد الماعز في بلاد البحه 000،330،2 رأس. والمعزة تعتبر من أكثر المجترات الصغيرة في البلاد. ومن أنواعها في البلاد الماعز النوبي، وتوجد الأغلبية لدى البني عامر، وهو يشبه الماعز السوري. ومن صفاته الشكلية أنه كبير الحجم طويل الأرجل وإرتفاعه بين 71 ــ 76 سم ووزنه 27 كلغم ولونه أسود غامق وشعره طويل. واللحية أساسية في هذا النوع من الماعز، والأنثى والذكر لهما قرون متوسطة صغيرة في الأنثى وملتوية في الذكر. والأذنان طويلتان على شكل البندول. والذكر له أنف روماني محدودب. ويتميز الضرع بالطول ويصل الأرض أحياناً. ويستعمل شعره الطويل في صناعة السجاد. يصل وزن الأنثى 35 كلغم والذكر 40 كلغم وقد يصل 60 كلغم. اللحية المذكورة أعلاه طويلة ويمتد منها خط من الشعر الطويل أسفل العنق. ويوجد في البلاد أيضاً الماعز الصحراوي، وهو أكبر من النوبي. ولونه أبيض فضي مع علامات بنية أو سوداء. الذكر له لحية جيدة وعرف. وللذكور والإناث قرون. غير أن قرون الذكر أكبر، وأفقية ملتوية. والأرجل طويلة. ويتراوح وزن الذكر بين 40 ــ 45 كلغم والأنثى بين 30 ــ 40 كلغم وإرتفاع الذكر عند الغارب 60 سم والأنثى 50 ــ 55 سم. كذلك يوجد بالبلاد ماعز جنوب (السودان) (النيلي) لدى البشاريين في منطقة حلايب ونهر أتبره. توجد أنواع أخرى من الماعز مثل الدمشقي والحبشي والسعانين والتوق أنبرج والماعز المهجن.


    الإبـــل

    تحتل الصومال المرتبة الأولى في كثرة الإبل في العالم إذ يوجد بها 2،6 مليون رأس، ويأتي بعدها (السودان) بــ 9،2 مليون رأس. يبلغ تعداد الإبل في بلاد البجه 300،678 رأس. وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم 10/1/2001م ما يلي (ذكر االدكتور عبد الله سيد أحمد وزير الثروة الحيوانية أن السودان يمتلك أكثر من 3 ملايين رأس من الإبل). وقد وصلت الإبل العربية إلى هنا خلال الفترة 2500 ــ 1500 عام قبل الميلاد. وذكر الإداري البريطاني أندرو بول في كتابه (تاريخ قبائل البجه) ترجمة الدكتور أوشيك آدم، بأن البجه إضافة إلى امتلاكهم لعدد كبير من الجمال، فقد استطاعوا وبجدارة أن يعتنوا بها ويتفننوا في ركوبها، فهم لا زالوا محافظين على هذه المهارة، ويجيدون استعماله في الحرب كما يجيد غيرهم استعمال الخيل. وأنا شخصياً شاهدت في بعض الاحتفالات القبلية المقدرة الفائقة للبجاوي في ركوب الجمل، حيث يقف الواحد منهم برجل واحدة على ظهر الجمل ويمسك بيد واحدة عنان الجمل ويده الأخرى ممسكة بسيف مشهور يلوح به في الفضاء. كذلك شاهدت أيضاً بعضاً منهم يمتطي الواحد منهم الجمل ويعدو به وفي يده وعاء مليء بالحليب ولا تنسكب منه قطرة واحدة. وتوجد السلالات الجيدة للجمال وسط البشاريين والأمارأر، وأشهر هذه السلالات هما بانقير وكلايواو اللذين اشتهر بهما الحمد أوراب وعلياب البشاريين على التوالي. ويقوم البشاريون حالياً بتهجين سلالة جديدة من كلايواو والعنافي، وهي نفس السلالة التي يتم تهجينها في دولة الإمارات العربية المتحدة.

    وكلايواو الذي فاقت شهرته الآفاق ما هو إلا هجين من سلالتين هما بانقير وعبيدية، والقبيلة التي ترعى هذه السلالة وتعتني بها هي العلياب. ولعل الجمل البشاري في عيتباي هو من أجود سلالات الجمال في (السودان) (أصله من المسلمية حيث جلب منها) وهو يمتاز بالقوة والرشاقة والسرعة وتقوم بتربيته قبائل البشاريين والهدندوة والأمرأر. وقد تمكن كرباب الأمارأر من تطوير سلالة جميلة من الجمال تصلح لكل الأغراض، غير أن جمالهم صغيرة وبطيئة ولا تصلح لحمل الأثقال. وعلى الجانب الآخر نجد أن النابتاب هم أول من أدخل الجمل إلى المناطق الجبلية جنوب خور بركة في عام 350 ميلادية. وفرع واحد منهم هم البرهماي استطاعوا أن يطوروا سلالة جبلية من الجمال. وهذه السلالة طويلة الأرجل غير مريحة في الركوب، لكنها تصلح للأراضي الجبلية أكثر من الساحلية، وفي وقت لاحق بدأت قبائل أخرى مثل الأفلنده واللبت وغيرها تملك أعداداً بسيطة من الجمال. لا تستطيع الجمال الصحراوية أن تتأقلم على المناطق الزراعية والعكس صحيح. عموماً فإن الجمال تجد مشقة كبرى في التأقلم على الظروف الرعوية المختلفة. هذه الخصلة أكثر مشاهدة في توكر بين قبيلتي الشعاياب والنوراب، حيث ترعى الجمال هناك الحشائش المالحة التي تنمو على ساحل البحر وخور بركة، لذا فإن الجمال التي تربى في منطقة توكر ليست لها قيمة تجارية خارج هذه المنطقة.

    وتنقسم الإبل إلى ثلاثة أنواع، الأول: إبل الركوب، وهي خفيفة الوزن كبيرة الصدر وصغيرة السنام. (ووصفها د/ فلاح العاني بالآتي: يمتاز هذا النوع من الإبل برشاقة الأطراف وخفة الحركة وحدة البصر وسرعة الاستجابة للمؤثرات الخارجية، لذلك فهي تستعمل لأغراض الحرب وحراسة المنافذ الصحراوية، وتستطيع أن تسير هذه الإبل بسرعة 15 ــ 20 كلم في الساعة لمدة ثلاثة أيام متواصلة). والنوع الثاني: ابل الحمل، وهي كبيرة الحجم ذات أرجل قصيرة ورأس كبير، (ووصفها د/ فلاح العاني بالآتي: يكون هذا النوع ضخم الجثة، متين الفطام، قوي العظام، ضخم السنام، واسع الصدر، كبير الخف. يستطيع الجمل من هذا النوع من حمل حوالى 290 كلغم). والنوع الثالث هو ابل السباق، وهي رشيقة الجسم خفيفة الوزن سريعة الحركة وتسمى الهجين. وتتميز تحركات الإبل هنا بالقصر. حيث تتحرك الإبل بين نهر الدندر ونهر أتبره في مناطق أروما وخشم القربة، وجبيت وحلايب وسنكات. وجنوباً حتى نهر الدندر وجنوب القضارف حتى أبودليق. ونتيجة لإنتشار المشاريع الزراعية المروية أصبح مشروع الرهد مورداً مستديماً لمياه الشرب ومخلفات المحاصيل الزراعية. وتنقسم الإبل هنا إلى أنواع، هي النوع الرشايدي، وتقوم بتربيتها قبائل الرشايدة. ويتميز بأنه جمل حمل خفيف قوي قصير الأرجل. ولونه عادة أحمر قرنفلي. والنوع الثاني هو العنافي، ويتواجد أساساً بالقرب من كسلا. ويتميز بأنه طويل وأرجله طويلة ورأسه صغير وطويل كذلك عنقه طويل ويشبه الزرافة، ولونه أبيض أو أشقر وأذناه صغيرتان متجهتان إلى الأمام. وهو جمل ركوب جيد وسريع. لذا يستعمل في السباقات والمطاردة على الرغم من أنه لا يستطيع العدو أكثر من 5 إلى 6 أميال فقط. والنوع الثالث هو الجمل البشاري، وتقوم بتربيته قبائل البشاريين والهدندوة والأمارأر، والبني عامر وهو أقوى من العنافي، كذلك فهو أحسن جمال الركوب في العالم (د. أبو العزائم) . ويتميز بصغر الجسم والرأس وكبر العينين. وهو خفيف الحركة يتحمل العدو لمسافات طويلة، وهو جمل سباق، والعنق جيد التكوين قوي، والصدر كبير والأرجل طويلة والشعر ناعم، واللون السائد هو الرمادي الرملي أو الأبيض. إرتفاع الغارب 200 سم مترابط والضلوع بارزة. وتنقسم الإبل البشارية إلى: ابل الأميراب، وهي أجود وأسرع الإبل البشارية. والنوع الثاني هو البشاري الأبيض أو الهدندوي، وهو أصغر حجماً من الأميراب. والنوع الثالث هو البشاري البني، وجسمه غير متناسق رديء الركوب والحمل. والنوع الرابع هو ابل الجرايش، وهو صغير الحجم كبير العظام يصلح للركوب والحمل أيضاً.

    جاء في كتاب تقديرات الزكاة والناتج القومي 1416هـ 1996م (مركز الدراسات الاستراتيجية ــ الخرطوم) ما يلي عن الثروة الحيوانية وزكاتها.

    تشتهر بلاد البجه بأبقار البطانة والقاش، كما تشتهر بالإبل، حيث يوجد العنافي والبشاري، ومن الضأن توجد سلالات الأشقر والأبرق. وتقدر الثروة الحيوانية بحوالى 000،783،6 رأس، تنقسم إلى:- 000،648،2 رأس من الضأن، و000،023،1 رأس من الأبقار، و000،330،2 رأس من الماعز، و300،678 رأس من الإبل.

    قيمة الثروة الحيوانية وزكاتها: تبلغ القيمة الإجمالية للثروة الحيوانية حوالى 000،760،350 دولار. وهي كالآتي:- القيمة الإجمالية للأبقار حوالى 600،204 ألف دولار وزكاتها 050،549،2 دولار. وتبلغ القيمة الإجمالية للابل 000،600،46 دولار وزكاتها 580،542،2 دولار. وتبلغ القيمة الإجمالية للضأن 000،960،52 دولار وزكاتها 290،511 دولار. وتبلغ القيمة الإجمالية للماعز 000،600،46 دولار وزكاتها 066،466 دولار. وهكذا تصبح جملة زكاة الأنعام المتوقعة 986،978،5 دولار.

    جاء في جريدة البيان الإماراتية عدد يوم 19/10/ 1998 (بدأت عمليات تصدير اللحوم من مسلخ البحر الأحمر الذي قامت بإنشائه شركة الرضوان للتجارة والخدمات بميناء بورتسودان، حيث تبلغ الطاقة الانتاجية للمسلخ (300) رأس من الضأن و(30) رأساً من البقر في الساعة الواحدة. ويضم المسلخ وحدة لتجميد اللحوم ومدينة ومصنع لمعالجة المخلفات وتحويلها إلى مرتكزات أعلاف. واشتكى السكان من تلويثه للبيئة وجلبه للأمراض.

    مركز أبحاث الإبل

    تستوعب منطقة البطانة حوالى (000،750) (تقرير ولاية القضارف) رأس من الإبل وهي تمثل 20% من ثروة السودان من الإبل، هذا الفصيل الهام من الثروة الحيوانية. لهذا نبعت فكرة قيام مركز لأبحاث الإبل في هذه المنطقة، ليكون منطلقاً للباحثين في مختلف مجالات وضروب البحث العلمي وكل ما من شأنه أن يؤدي إلى تطوير هذا الحيوان المليء بالأسرار. وتم اختيار مدينة الشواك لموقعها الممتاز حيث تتوفر فيها الخدمات لمركز البحث العلمي ولتوسطها مناطق اللحويين الذين يعتبرون من القبائل التي تهتم بتربية الإبل بالإضافة إلى قبائل البجه التي اشتهر، الجمل البشاري، أفضل نوع من الإبل بإسمها. تم بناء المركز في العام 1990 بمساهمة كريمة من وزارة الخارجية الفرنسية ــ برنامج مراقبة الساحل وحكومة السودان ومعتمدية اللآجئين بالشواك. ويعتبر المركز الوحيد في (السودان) ومن المراكز القليلة في أفريقيا المتخصصة في أبحاث الإبل.

    وتوجد بولاية كسلا مشاريع قائمة للإنتاج الحيواني تشمل مزرعة ألبان كسلا سعة 70 رأس، ومزارع دواجن، ومشروع إنتاج أعلاف الدواجن الدائري بسعة 20 طن في اليوم، ومشاريع تحسين نسل الحيوانات بكسلا وحلفا الجديدة، ومشروع تحسين الجلود، ومشروع مكعبات علف المولاس بحلفا الجديدة، ومشاريع شركة ايرشاي للمنتجات الحيوانية.

    الصورة: خادم الحرمين الشريفين المغفور له الملك خالد بن عبد العزيز آل سعود?? الصورة:صاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز آل سعود ولي العهد الأمين

    سباق الهجن الكبير في المملكة العربية السعودية

    في العام 1976 اشتركت في سباق الهجن الكبير في المملكة العربية السعودية بهجن بجاوية تعود للشريف إمام الدين محمد عبد الله وكان بصحبته الريس أحمد أوشيك موسى ومرافقين آخرين. واستقبلنا المغفور له الملك خالد بن عبد العزيز وصاحب السمو الملكي الأمير عبد الله بن عبد العزيز استقبالاً حاراً وأكرما وفادتنا، واستضاف الملك الوفد في قصره الخاص. ولمسنا فيهما معرفة تامة لقبائل البجه وتاريخها.

    الشيخ زايد بن سلطان وتطوير الإبل صورة: صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة

    صورة: صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد بن سلطان آل نهيان ولي عهد أبوظبي، نائب رئيس مجلس الوزراء في دولة الإمارات العربية المتحدة?

    وبعد عودتي للسودان تلقيت رسالة من سفارة دولة الإمارات العربية المتحدة في الخرطوم تفيد بأن صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة يطلب أربعة من هجن السباق البجاوية. وقد كان هذا تشريفاً من سموه وأرسلت الهجن التي جلبها الشيخ موسى بافوري على طائرة سي 130 هيركوليز يقودها الطيار المعروف محي الدين محمد علي. ولم أتمكن من السفر مع الهجن نسبة لحدوث إنتفاضة عرفت باسم (الغزو الليبي). وكانت تلك أول هجن بجاوية للسباق تصل لدولة الإمارات من خارجها، حيث فتح باب جديد للمهتمين بتجارة هجن السباق. ومنذ ذلك الوقت اهتم صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان بالهجن (السودانية) وظل يرعي على نفقته الخاصة سباقات الهجن السنوية في كسلا. وامتد اهتمام سموه ليشمل إقامة مزرعة لتطوير الإبل في مدينة العين بدولة الإمارات العربية. وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم الجمعة 29/5/1998 ما يلي عن مزرعة تطوير الإبل في العين (مع التطور الحضاري الذي يشهده العالم منذ عقود توقع بعض العلماء اندثار الإبل لكن دولة الإمارات أثبتت العكس. ويمثل اهتمام صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية برعاية الإبل وتشجيع المواطنين على تربيتها محوراً أساسياً في تلك الصحوة التي شملت هذا القطاع من الثروة الحيوانية. ويشير الدكتور جواد عبد الرحمن المصري مدير عام مركز أبحاث الهجن بالدائرة الخاصة بالعين إلى الاهتمام الخاص الذي يوليه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، حيث وجه بإنشاء مركز أبحاث الهجن بالعين مشيداً في هذا الصدد بمتابعة الشيخ سلطان بن حمدان آل نهيان لعملية تطوير وتحديث المركز الذي تم تزويده بالعديد من الأجهزة العلمية الحديثة، وهي تعتبر الأولى من نوعها في الشرق الأوسط. وخاصة تحليل الأحماض النووية والتي تستخدم في تحديد الصفات الوراثية للابل وتشخيص الأمراض، وبيان نوع السلالة وانتماء الأبوة للهجن، وأجهزة تشخيص الأمراض البكتيرية وهي أجهزة متقدمة جداً. وجهاز التحليل الكيميائي (آ. إكس. إل) ويقوم بتحليل 120 عينة إلكترونياً بالإضافة إلى جهاز تحليل الدم ويمكن للجهاز القيام بتحليل 60 عينة في وقت واحد.

    كما يضم المركز مختبراً للتلقيح الاصطناعي ونقل الأجنة، وحفظ الأجنة مجمدة، ويهدف المركز إلى المحافظة على الثروة الحيوانية وخاصة الإبل، وتعزيز القدرة الانتاجية للسلالات المتميزة منها، ويتميز هذا الجهاز بقدرته على اختصار الوقت في عملية الحمل والولادة، لأن حمل الناقة يستغرق 13 شهراً، وتلد رأساً واحداً وتقوم على تربية صغيرها لمدة عام كامل ولكن بتكنولوجيا نقل الأجنة يمكن زيادة الانتاجية، وبذلك تختصر تقنية النقل أكثر من 7 سنوات من عمر الأم كانت تضيع في الحمل والولادة، كما تفيد هذه العملية في تحديد أفضل السلالات والحفاظ عليها بعد ثبوت كفاءة انتاجيتها.

    وأشار إلى أن المركز يضم قاعدة بيانات إلكترونية حول هذه الأجنة تشمل الأم المانحة للبويضة، والأم المستقبلية أو الأم البديلة التي تم الحمل بها، والأم المرضعة وكذلك الأب صاحب الجينة الوراثية. وأكد على أن المركز يحقق نتائج قياسية في هذا الصدد).

    إننا نتمنى أن يهدي إلينا صاحب السمو الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، ببعض الأنواع المحسنة من الهجن لتطوير الإبل في بلادنا، ليس لأننا أول من أدخل هجن السباق البجاوية هنا، ولكن إكمالاً لجهود سموه في الاهتمام بالهجن التي حملت رسالة الإسلام الخالدة إلى أرجاء المعمورة. إن اهتمام سموه بالهجن جعل الدول الغربية مثل ألمانيا وأستراليا تهتم بها أيضاً وتقيم لها السباقات، وهذه أول مرة يقلد فيها الغرب العرب، إذ أن الشائع هو العكس، فبارك الله في سموه على هذا الإنجاز الرائع فقد قال عن الهجن (وفاء منا للإبل لما أسدته لأسلافنا ولنا من بعدهم من خدمات وقت أن كنا نعتمد عليها في كل حياتنا وتنقلاتنا ورحلاتنا فإننا نهتم بها ونكرمها لسابق أفضالها علينا وعلى أجدادنا).

    صورة: الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم ولي عهد دبي، وزير الدفاع بدولة الإمارات العربية المتحدة??

    منذ ثلاثين عاماً كنت في بريطانيا لتلقي العلم، وكنت أذهب أحياناً إلى مضمار سباق الخيل لأعيش بوجداني بين ماضي فرسان العرب الذين كانوا يجوبون ميادين القتال وهم على صهوات جيادهم، ورأيت كيف رفعت خيولنا من مكانتنا آنذاك أكثر مما فعلنا. والحمد لله فقد قيض الله للعروبة من أبنائها من يظهر حضارتها ومدنيتها في شخص الفريق أول سمو الشيخ محمد بن راشد المكتوم، ولي عهد إمارة دبي، وزير دفاع دولة الإمارات العربية المتحدة ،الذي تجلى حدبه على ذلك التراث الأشم في الاهتمام بالهجن العربية، والحيوانات العربية النادرة، حيث استنبط حيوان الكاما وهو هجين من الجمل واللاما. وإضافة لإسهاماته في مسابقات تحفيظ القرآن الكريم، والأعمال الخيرية والإنسانية ونصرة شعب فلسطين، فقد كرس وقتاً وجهداً لتربية الخيل التي في ظهورها عز وفي بطونها كنز. وقد جدد مجد العرب في مجال الخيول الكريمة في أهم ميادين السباقات في أوروبا وأستراليا، وتناقلت أخبار انتصاراته وانتصارات خيوله العربية الأصيلة، قنوات التلفزة الفضائية، لتدخل أمجاد العروبة كل بيت في أوروبا وأستراليا والغرب. وشارك سمو الشيخ محمد بن راشد في سباقات الفروسية لمنافسات القدرة وأحرز قصب السبق في العديد منها، حتى أصبح فارس العرب بلا منازع. فحمداً لله الذي جعل منا من يحفظ من شأن الأمة العربية وتراثها. فهو كما قال الشاعر:

    كـالبــدر من أيـن اتجهـت رأيتــه ـــ يهـدي إلى عيـنيـك نـوراً ثاقـبــاً

    كالشمس في الفلك البعيد وضؤها ـــ يغشى البلاد مشارقاً ومغارباً

    وفي شهر سبتمبر العام 2002، حقق سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد قصب السبق في سباق القدرة العالمي في أسبانيا ورفع رآية الإسلام والعروبة في أوروبا، ولا غرو فهذا الشبل من ذاك الأسد.صورة: سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان رئيس مكتب صاحب السمو رئيس الدولة رئيس مجلس نادي أبوظبي للفروسية صورة: سمو الشيخ الدكتور سلطان بن خليفة بن زايد آل نهيان عضو المجلس التنفيذي رئيس ديوان صاحب السمو ولي عهد أبوظبي، رئيس اتحاد الإمارات للفروسية والسباق، اهتمام كامل بسباقات الخيول ـ صورة: سمو الشيخ أحمد بن محمد بن راشد آل مكتوم
    الثـروة المعـدنيـة

    اشتهرت بلاد البجه منذ قديم الزمان بأنها من أهم مناطق التعدين في العالم، ولقد إمتلأت خزائن الفراعنة بالذهب من مناجم البجه. ويحدثنا التاريخ أن الفرعون سنفرو هو أول من استطاع استغلال مناجم البجه تجاريا، كما قام بتسخير البجه في أعمال التعدين. ذكر أندرو بول أن بعض المصادر ترى أن اكتشاف الذهب في الجبال التي تقطنها قبائل البجه كان في الفترة من 3000 إلى 2500 قبل الميلاد. ويعتقد أيضا أن أول حملة لاستغلال الذهب في جبال البجه كانت على يد الأسرة الفرعونية الخامسة (2745 قبل الميلاد). تزامنت هذه الفترة مع حكم بيبي الثاني عام 2644 قبل الميلاد، والذي أرسل القائد سيبني إلى الجنوب والجنوب الشرقي للمنطقة التي سميت فيما بعد بلاد الآلهة بنط. وشهدت مناجم البجه نشاطا متزايدا أثناء حكم الإمبراطورية الوسطى (الأسرة الثانية عشره ــ الأسرة الرابعة عشر 2000 ــ 1580 قبل الميلاد). في تلك الفترة بالتحديد عرف البجاوي لأول مرة لدى الأسرة الثانية عشره حيث ظهرت صورته في إحدى المقابر في مير بمصر العليا.

    لم يكن انتاج الذهب في فترة الأسرة الخامسة عشر بالمستوى المطلوب. غير أن مجيء تحتمس، فرعون الأسرة الثامنة عشر حوالى 1420 قبل الميلاد، أعطى دفعة وقوة جديدة للعمل بمناجم الذهب في المنطقة. انخفض انتاج الذهب في عام 1300 قبل الميلاد، ولكن مجيء سيتي الأول، الأسرة التاسعة عشر 1320 ــ 1300 قبل الميلاد، رفع الانتاج مرة أخرى. وحاول دون جدوى تطوير مناجم درهيب في وادي العلاقي. إضافة لذلك يرجع له الفضل في وضع أقدم خريطة في التاريخ لمناجم درهيب ووادي حمات.

    يتواجد في جبال البحر الأحمر ، وبالتحديد جنوب الخط الحديدي بين بورتسودان وأتبره، أكثر من 21 منجما هاما. تتكون هذه المناجم من أعمدة طويلة يصل إرتفاع الواحد منها إلى أكثر من 150 قدما، ودعمت في أعلاها بأخشاب سميكة لمنع أي خلل في مدخل المنجم.

    وعندما فتح العرب مصر، هاجرت أعداد كبيرة منهم إلى شمال بلاد البجه - التي كان يطلق علىها (بلاد المعدن)، واستقر العرب فترة من الزمن في هذه المنطقة.

    ولقد أجريت في البلاد بعض الأبحاث الجيوفيزيقية لمسح المعادن وبين عامي 1970م - 1974م قامت هيئة التكنواكسبورت السوفيتية بمسح في بلاد البجه في مساحة بلغت 130 ألف كيلو متر مربع. ولقد شمل هذا المسح كل سلسلة جبال البحر الأحمر وسواحله. وكان الغرض الرئيسي من تلك المسوحات هو إجراء أبحاث لتحديد التركيبات الجيولوجية الرئيسية واستطلاع تفاصيل أماكن تركز المعادن الصلبة في منطقة جبال البحر الأحمر، ولقد استطاعت هذه الأبحاث تحديد أماكن كثيرة جدا يمكن استغلالها تعدينيا بعد إجراء دراسات أخرى جيولوجية وحفريات أولية.

    إن البحث عن البترول في سواحل البلاد وداخل البحر الأحمر وجد إهتماما كبيرا من الشركات العالمية التي قامت بالتنقيب عن البترول منذ فترة الستينات، حيث قامت شركة أجب الايطالية بالبحث عن البترول على ساحل البحر الأحمر. وتضمنت تقارير الشركة نتائج مبشرة ولكن الشركة توقفت عن التنفيذ لأسباب مجهولة حتى الآن.

    وقد اتضح من المسح الجيولوجي الذي أجري في البلاد أن هنالك كميات تجارية من الحديد وخام المنجنيز والكروم والذهب والرخام والجبس الهام لصناعة الاسمنت.

    وتم اكتشاف خام الحديد بشمال شرق بلاد البجه في منطقة الصفية ويبلغ الاحتياطي المقدر بها 14 مليون طن ومتوسط نسبة الحديد فيه 40% إلىb56% كما أن خام الحديد الذي وجد بمنطقة قرورة يبلغ احتياطيه المقدر 2 مليون طن ومتوسط نسبة الحديد من 40% إلى 50%.

    الاسبستوس والغاز في قرورة

    يوجد في موقعين، الأول 32 كلم شمال قرورة، والثاني 8 كلم شمال شرق الموقع الأول ــ ومع وجود الغاز في منطقة قرورة وفق تقرير شيفرون فيمكن تحويل هذه المنطقة إلى منطقة صناعية لاستخراج المعادن الموجودة فيها بكميات تجارية مثل الحديد والاسبستوس والجبس والذهب وتصديرها من ميناء العقيق بعد تأهيله.

    تم استغلال الجبس الموجود شمال شرق مدينة بورتسودان منذ عام 1974م ويبلغ انتاجه السنوي حوالى 20 ألف طن ويباع الخام لمصانع الاسمنت بـ (السودان).

    أما بخصوص الذهب فلقد تم ا تفاق مع شركة مينكس للبحث عن الذهب واستغلاله في منطقة البحر الأحمر وأنفقت الشركة حتى الآن 200 ألف جنيه. وتقوم الآن شركة فرنسية باستخراج الذهب من شمال البلاد حيث بلغ قيمة ما تستخرجه من ذهب 500 مليون دولار سنويا تتقاسمه فرنسا مع أركان حكومة الإنقاذ الذين يحولون نصيبهم لحساباتهم بالخارج. وتعاون فرنسا معهم ليس غريبا إذ كانت تتلقى قطع الماس من الديكتاتور بوكاسا والدكتاتور موبوتو لتضفي على نظاميهما الفاسدين الحماية وهذا ما تقوم بتقديمه الآن لحكومة نظام الإنقاذ.

    التعدين

    جاء في مؤتمر التعمير والتنمية في منطقة البحر الأحمر الذي عقد في الفترة من 23 إلى 28 ديسمبر 1992م عن التعدين ما يلي:

    تبلغ مساحة جبال البحر الأحمر 300 ألف كيلو متر مربع. وتوجد المعادن في مناطق كثيرة فيها بالإضافة إلى الغاز الطبيعي. فيوجد في سواكن الغاز، وفي دورديب الرخام، وفي حلايب المغترايت والمنجنيز والتالك، وفي أبوسمر البارايت والرصاص والنحاس والزنك والفضة والذهب، وفي بئر إيت الجبس، وفي قرورة وفودكوان الحديد، وفي شلقونين الكاولين، ويوجد الذهب في جبيت المعادن وسيراكويت وابيركاتيب ووادي قببه، وفي دريبات اللاستونايت (سيليكات الكالسيوم)، وفي ترنكتات الرمال السوداء، وعلى طول الساحل يوجد الملح الذي يستخرج بطريقة طبيعية واقتصادية من قبل الشماللينأصحاب الملحات.

    منجم جبيت المعادن: يقع شمال غرب مدينة بورتسودان، على بعد 280 كيلو متراً، كما يبعد غرب مرسى محمد قول (بأيديب) بحوالى 100 كيلو متر. وقد تم افتتاح واستئناف العمل فيه من قبل شركة مينكس المناصفة لحكومة السودان العام 1980م، حيث بدأ الانتاج التجاري في نوفمبر 1987م، وتوقف العمل في شهر فبراير 1990م بعد أن تم تصدير حوالى 650 كيلو جراماً. منجم سيراكويت: يقع شمال غرب بورتسودان على بعد 220 كيلو متر و20 كيلو متر غرب قرية تمالا. ويوجد الذهب مع عروق المرو، ويمكن رؤيته بالعين المجردة. وتم عمل دراسات وإنشاء مقاطع وأنفاق للبدء في عملية التعدين التجريبي. ويقدر الذهب الخام الموجود هنا بـ120 ألف طن للجزء الأول، ويمكن استخلاص واحد ونصف طن من الذهب الصافي سنوياً، إضافة إلى واحد مليون طن من خام الذهب على عمق 50 متراً، يمكن استخلاص أربعة أطنان من الذهب الصافي سنوياً منها. منجم أبيركاتيب: يقع على بعد 270 كيلو متراً غرب بورتسودان، ويعتبر من مناجم القطاع الخاص (شركة باشكن) المتوقفة عن العمل. ويعتبر المنجم ذو التاريخ الطويل في التعدين من أغنى المناجم، حيث تدل الشواهد الجيولوجية وميزات الخام على إمكانات ذات انتاجية عالية. مناجم حزام الأرياب: وهي مجموعة من تمعدنات الذهب داخل الصخور البركانية الرسوبية التابعة لحزام الأرياب، والذي يمتد بعرض 15 ــ 20 كيلو متراً من منطقة مسمار وحتى شمال مدينة بورتسودان (أربعات). ويعتبر هذا الحزام أو الحوض المتعدن بخامات الذهب والزنك والفضة من أهم انجازات واكتشافات هيئة الأبحاث الجيولوجية في العشر سنوات الأخيرة. يوجد معدن الذهب في شكل حبيبات صغيرة دقيقة داخل عروق المرو أو البيايت والسيلكا والبيرايت أو القوسان. وتعتبر الأرياب من المناطق المنتجة الآن وتديرها شركة الأرياب (السودانية) الفرنسية. وأثبتت الدراسات أن مجموع خامات حزام الأرياب المكتشفة يفوق احتياطيها 40 مليون طن من الذهب الخام، وبنسب متفاوتة. أما منجم أرياب ففيه أكثر من 40 مليون طن من الخام وبنسب متفاوتة ويمكن استخراج ما يفوق الـ 22 طناً من الذهب الصافي سنوياً. وتوجد دراسات جاهزة لافتتاح مزيد من مناجم الأرياب التي تتميز بقلة التكلفة لأن التعدين فيها يكون مكشوفاً. ويعتبر منجم أبيركاتيب من المناجم الغنية ومرخص للقطاع الخاص بواسطة شركة باشكن (شركة الصحراء الوسطى وشركة كين مير الايرلندية) ورغم أن المنجم غني بالذهب، إلا أن عدم وجود مياه كافية يشكل عائقاً.

    إتفقت حكومة الخرطوم مع شركة كنمير لاستكشاف وتعدين خام الذهب في منطقة سيراكويت بجبال البحر الأحمر.

    وفي مجال التعدين عن الذهب إتفقت حكومة الخرطوم مع دولة فرنسا على استكشاف وتنقيب الذهب في منطقة الأرياب ببلاد البجه وكانت النتائج كالآتي:

    احتياطي مؤكد حتى عمق 50 متراً 12.870 كيلو غراماً

    احتياطي محتمل حتى عمق 50 متراً 20.860 كيلو غراماً

    احتياطي ممكن حتى عمق 50 متراً 6.400 كيلو غراماً


    وفي سبتمبر 1991م بدأ العمل الحقلي بالمنطقة التي تبعد 80 كيلومتراً عن بورتسودان، وهي منطقة جبلية وعرة جافة تعتمد على السيول الموسمية كمصدر وحيد للمياه. وفي ديسمبر من نفس العام أعلنت الشركة عن بداية انتاجها التجاري وذلك باستخلاصها أول سبيكة ذهب من منطقة الأرياب. والشركة التي تعمل حالياً في ثلاثة مواقع فقط قررت توسيع العمل ليشمل المواقع السبعة الأخرى المعدة لها للعمل فيها وذلك لرفع مخزون المناجم إلى 26 طناً. وقد دخلت عائدات الذهب لأول مرة في الميزانية العامة للدولة كأحد المصادر الإيرادية التصديرية. وتعمل شركة صينية في التنقيب عن الذهب في منطقة جبيت كما تعمل شركة صينية أخرى في منطقة (شولاي).

    وجاء في صحيفة البيان الإماراتية يوم السبت 15/10/98 ما يلي: اعتمد مجلس إدارة أرياب في اجتماعه الأخير في باريس مبلغ 200 ألف دولار سنوياً لصالح التنمية بمحافظتي البحر الأحمر وسنكات. بينما صرح وزير المالية في صحيفة الاتحاد الإماراتية عدد 5/6/2001 (صدر السودان عام 1999م ذهب قيمته 60 مليون دولار ــ ذكر وزير الدولة للمالية في أغسطس 2001م أن نصيب السودان كان 5،12 مليون دولار بنسبة 54% وأرباح الشركة 93 مليون فرنك فرنسي)، فهل يكفي هذا المبلغ المتواضع لتعويض السكان عن المخاطر التي يتعرضون لها ودمار التربة من جراء استخدام المواد السّامة في استخراج الذهب، ناهيك عن حقهم الطبيعي في هذا الذهب. ذكرالأستاذ محمد الأمين حمد بأن تعدين الذهب في أرياب جلب مصائب لسكان المنطقة. فقد أزعجت التفجيرات المستمرة راحة الحيوانات، وقضت الآليات في سيرها على المدرجات المزروعة، كما أن العمالة تجلب من خارج المنطقة.

    وجاء في صحيفة البيان الإماراتية يوم الأحد 12/10/97 ما يلي:

    حذر خبير جيولوجي سوداني من الطريقة التي تستخدم فيها مادة (السينايد) السّامة لتنقية الذهب بمنطقة الأرياب بشرق (السودان).

    وقال الخبير الجيولوجي فاروق جاد في تصريحات له أمس أن الطريقة التي تستخدم الآن لتذويب المواد الأخرى التي تختلط بالذهب بها كثير من المخاطر ... مشيراً إلى أن الجهات المسؤولة مضت في استخدام المادة السّامة في الهواء الطلق دون اكتراث لمخاطر التلوث خاصة وأن المادة ضارة وخطرة على صحة الإنسان والحيوان والنبات.

    ونبه فاروق جاد وهو عضو بلجنة الطاقة بالبرلمان (السوداني) إلى ضرورة اتخاذ الاجراءات الوقائية قبل انفلات الأمر. جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم 1 فبراير 1999م حول تفشي أمراض غريبة في أرياب (تفشت في منطقة أرياب أمراض غريبة قبل موسم التعدين والذي تقوم به شركة فرنسية. وقالت مصادر طبية أن قائمة الأمراض تشمل الأمراض الصدرية والجلدية والأسنان والسرطان الذي تسبب في وقوع وفيات لم تحدد المصادر عددها. وقال عبد القادر محمد رئيس منطقة أرياب إنه أجرى اتصالين مع الجهات الولائية لأخذ الاحتياطات اللآزمة للسيطرة على الوضع الصحي المتدهور، مشيرا إلى ارتباط الأمراض بشكل مباشر بعمليات التعدين. (وبالتأكيد فإن الحكومة التي تشترك معها فرنسا في الجريمة، والتي تدفن النفايات السّامة هنا مقابل المال لا يهمها إنسان هذه المنطقة الذي برغم ثراء أرضه التي تنتج عشرة الآف كيلو غرام من الذهب سنوياً، فإنه يعيش على إحسان منظمات الإغاثة، ويشارك المنجم السكان في مصادر المياه الشحيحة التي يستنزفها، ومن البديهي ألا يهمها الحيوان فكل همها هو نهب الذهب بأقصى سرعة قبل إنهيار نظامها، لذا فهي في تعجلها ليس لديها الوقت ولا يهمها اتخاذ الاحتياطات المعيارية للسلامة، بل هي تعمل هذا عن قصد بهدف إبادة السكان حتى تخلو لها المنطقة بما فيها من ذهب).

    جاء في كتاب (كفاح البجه) للمناضل الأستاذ محمد دين اسماعيل البجاوي عن مشاكل العمال في منجم الذهب بجبيت المعادن، ما يلي: (أما شركة جبيت المعادن التي تسيطر عليها ذلك الرجل الإيرلندي المستر بيشوب، فهي بلا شك شركة استعمارية احتكارية لا تعمل إلا لصالح صاحبها، الذي استطاع أن يفوز بها بعد مغامرات، كما وأنه لا تخفى علينا سياستها البغيضة التي لا تعمل لصالح العمال ولا لفائدة أهالي المنطقة وإنما تهدف لفائدة صاحبها وراعيها الإيرلندي الجبار ورجل الإرهاب والظلم المستر بيشوب.

    فمن طبيعة المستر بيشوب، كغيره من المستعمرين الاقتصاديين ألا يفكر في عمل الضمانات الكافية لحياة العمال، ولا القيام بفوائد عامة لسكان المنطقة، كما وأنه لا يريد أن يقرأ عن حقوق العمال، وساعات العمل في قانون العمل والعمال، ولا يكترث في معاملته لهم كما يريد بحكم مصالحه الخاصة لا كما تريد العدالة الاجتماعية، ولا تفرض عليه السلطات الحكومية الشروط والقوانين التي تضمن سعادة ورفاهية العمال.


    الحــديـد

    وجد في عدة مناطق في البحر الأحمر هي منطقة قرورة 02 مليون طن بنسبة حديد 40%، وفي الصفية 14 مليون طن بنسبة حديد 43%، كما يوجد في فودكوان وحلايب. ومنجم فودكوان للحديد (مرخص لشركة الصحراء الوسطى) يتفرد بموقع استراتيجي على ساحل البحر الأحمر على مسافة 11 كيلو متراً غرب ميناء أوسيف. ويتميز ببنية أساسية جيدة وتم تصدير كميات من الحديد قبل حرب السويس عام 1967م إلى يوغسلافيا. ويبلغ احتياطي خام الحديد فيه 5،4 مليون طن بنسبة 45%.

    تنجستين

    ويوجد التنجستين بكثافة بمنطقة جبل ابون في جبال البحر الأحمر ويبلغ 43 مليون طن به 11% من التنجستين.

    المنـجـنيـز:

    يوجد المنجنيز في منطقة البحر الأحمر في مناطق حلايب وسنكات وأبو سمر، وبدأ تعدينه في الخمسينات ثم توقف بعد فترة قصيرة نسبة للصعوبات الفنية. ومواقعه في منطقة حلايب يسهل الوصول إليها. أما في منطقة سنكات فتقع على مسافة 65 كيلو متراً شمال غرب المدينة، وقد تم التصديق في تلك المنطقة في عام 1957م. وبدأ استخراج المنجنيز بمنجم أبو سمر واللايكاليب وما جاورها في مساحات صغيرة عن طريق المناجم المكشوفة.

    النحاس

    يوجد في منطقة أرياب في هدل أواتيب حيث يقدر بحوالى 40 مليون طن. وفي هاساي يقدر بحوالى 13 مليون طن، وفي أوديروك يقدر بحوالى 9 ملايين طن. في دورديب يوجد النحاس في أبوسمر حيث يقدر بحوالى 2 مليون طن، كذلك توجد كميات تجارية كبيرة منه في كل من تاجوتيب وايماسا وتهاميام. ويوجد أيضاً في خور بنقر جنوب خور أربعات. وفي منطقتي جبيت وسنكات يتوفر النحاس بكميات تجارية وأيضاً في الصفية.

    الكروم

    يوجد في منطقة هميسان على مسافة 200 كلم من ساحل البحر الأحمر في منطقة حلايب، وعلى بعد 400 كلم عن النيل. يقدر الكروم فيها بحوالى 200 ألف طن والحديد بحوالى 500 ألف طن. وفي سول حامد شمال جبال البحر الأحمر توجد أيضاً كميات تجارية من الكروم.

    الطين الصلصال

    يوجد في خور إيت ويقدر بحوالى 27 مليون طن متري. وفي دلتا أربعات يقدر بحوالى 8 مليون طن متري. ويقدر في خور دورديب بحوالى 5، 4 مليون طن متري.

    الرمال السوداء

    والرمال السوداء على شاطيء البحر الأحمر وفيها عدة تركزات معدنية تحتوي على 600 ألف طن من معدن الألمنيت و110 آلاف طن من معدن الزركون و45 ألف طن من معدن الروتيل وهذه المعادن تدخل في صناعة الطائرات ويمكن تصديرها للمصانع في أمريكا وفرنسا وبريطانيا خاصة وأن أسعار هذه المعادن عالية جداً في السوق العالمية. توجد هذه الرمال السوداء شمال مدينة توكر بين مرسى ترنكتات ومرسى رأس عسيس. كما توجد كمية قليلة في بئر ديربات على مسافة 115 كلم شمال غرب بورتسودان. وتقدر الكمية في ترنكتات بأكثر من أحد عشر مليون طن من التركزات المعدنية تحوي 600 ألف طن ألمينايت، و110 طن زركون، و45 ألف طن روتيل. وتقدر الكمية في ديربات بأكثر من 200،10 طن متري.

    الجبس:

    يوجد الجبس في منطقة خور إيت (64 كلم) شمال بورتسودان بالإضافة إلى منطقة سقوم وجبل تونيام. ودلت الدراسات التي أجريت لتحديد الاحتياطي في منطقة خور إيت على وجود كميات كبيرة من خام الجبس قدرت كما يلي: 1 ــ الاحتياطي من السطح وحتى مستوى البحر 138 مليون طن. 2 ــ الاحتياطي من السطح وحتى 30 متراً تحت سطح البحر 224 مليون طن. 3 ــ الاحتياطي من السطح وحتى 100 متراً تحت سطح البحر 400 مليون طن. أما جبل سقوم فيقدر الاحتياطي فوق السطح بـ 34 مليون طن، أما الاحتياطي حتى عمق 50 متراً فيقدر بـ 124 مليون طن. وتستخرج مؤسسة التعدين السودانية حالياً ما يقارب 2000 طن من الجبس سنوياً، كما توجد بعض الشركات الخاصة تعمل في نفس المجال، ويتم استخراجه من المناجم المكشوفة. ويوجد الجبس على ساحل جبال البحر الأحمر. وأهم أماكن تواجده (ببرايت) حيث يوجد 220 مليون طن جبس عالي الجودة وحالياً يستغل الجبس في صناعة الاسمنت وفي عدد من الاستخدامات المحلية. يوجد في خور إيت على بعد 77 كلم شمال بورتسودان، وعلى مسافة 8 كلم من الساحل. وتقدر كمية الجبس في المنطقة بحوالى 1،2 مليون طن.

    مواد البناء: الرخام والجرانيت والحجر الجيري

    تعتبر محافظات البحر الأحمر من أهم المناطق التي يوجد فيها الرخام والجرانيت والحجر الجيري ومواد البناء الأخرى. وتتميز أكثرية هذه الخامات بتوفر البنية الأساسية لها من طرق وموانيء. ويوجد الرخام في منطقة دورديب. والأسمنت والحجر الجيري في أراكياي.

    سيليكات الكالسيوم (الولاستنايت):

    يوجد الولاستنايت أو الرمال السوداء، في منطقة بيرديربات على بعد 115 كيلو متر شمال غرب مدينة بورتسودان، عن طريق عقبة نكسيب. ويقدر الاحتياطي من الجزء البارز فوق سطح الأرض فيها بـ 3500،30 طن متري، وإذا أضيف ما في الأعماق فبالتأكيد ستزيد كميته المقدرة.

    التالك (هيدروكسيد سيلكات المغنسيوم): يتواجد التالك في منطقة حلايب في حزام يتراوح طوله من 300 ــ 400 متر وعرضه من 10 ــ 40 متر.

    المـلـح:

    يبلغ طول ساحل البحر الأحمر 717 كلم، وينحصر بين خطي عرض 23 و18 درجة شمال خط الاستواء، وهو مدار يتميز بدرجة الحرارة الحالية وجفاف الطقس وندرة الأمطار. وهذه تعتبر ميزات لانتاج الملح بتكلفة بسيطة واقتصادية تفتقرها كثير من بلدان العالم. وتبلغ الملاحات في محافظات البحر الأحمر (1992م) 40 ملاحة مصدقة في مساحة 928،17 فدان. وتقع جميعها ما عدا إثنتين بين بورتسودان وسواكن. وتوجد ملاحتان طبيعيتان في محافظتي توكر وحلايب. والملاحات المنتجة هي 7 فقط نسبة لعدم جدية المستثمرين من شماليين ومستوطنين الذين حصل معظمهم عليها عن طريق الرشوة والمحسوبية والفساد الشمالي. ويبلغ انتاج الفدان من الملح 1200 طن في السنة. وبما أن عدد الملاحات المصدقة 40 ملاحة (60 فدان للواحدة) فمن المفترض أن يبلغ الانتاج 2 مليون و880 ألف طن وقيمته 403 مليون و200 ألف جنيه، ولكن بما أن الانتاج الحالي لسبع ملاحات هو 504 ألف طن فإن الفاقد يبلغ 2 مليون و556 ألف طن. وبأسعار العام 1992م فإن قيمة المنتج لسبع ملاحات هو 70 مليون و560 ألف جنيه، وهذا يعني أن الفاقد هو 332 مليون و140 ألف جنيه. والعوائد الجليلة المهدرة تبلغ 16 مليون و632 ألف جنيه. (قدر أحد المسؤولين عائدات الملح بـ 50 مليون دولار عام 1998م).

    وجاء أيضاً في صحيفة الخليج الإماراتية، أوضح المهندس عبد الكريم الزين المشرف على انتاج الملح بسواحل البحر الأحمر، إن (السودان) هو الدولة الأولى في انتاج الملح في إفريقيا، حيث ينتج سنوياً أكثر من 100 مليون طن، وذلك بعمليات ترسيب مياه البحر الأحمر في أكثر من 6 ألآف حوض ترسيب على طول الساحل.


    ثروات البحر الأحمر المعدنية

    جاء في دراسة أعدها أحمد الحسب عمر من مركز الدراسات الاستراتيجية السوداني (أثبتت الدراسات والبحوث العلمية الحديثة أن البحر الأحمر يحوي رصيداً ضخماً من الثروة المعدنية والسمكية، وقد شهدت الفترة من عام 1948م حتى إغلاق قناة السويس في عام 1956م، إهتماماً فعلياً بثروات البحر الأحمر. وقامت سفن البحث العلمي بمسح معظم مساحته. وتبين وجود انبثاقات نشأت عنها تكوينات حديثة لطبقات من الماء المالح الأجاج الساخن الذي يحتوي على نسبة مركزة من الأملاح المعدنية الضرورية لكثير من المعادن الثقيلة، كالحديد والذهب والماغنزيوم والكاديوم، حيث يحدث انبثاق هذه المياه المعدنية عند تشبع صخور القاع بهذه الأملاح.

    وقد حددت تلك البحوث، أماكن وجود هذه المياه المعدنية الساخنة في أربعة مواقع منخفضة، المنخفض الأول ويسمى أتلانتس، ويقع على بعد 76 ميلاً من الإتجاه الجنوبي الشرقي من الحدود المشتركة بين السودان ومصر. والمنخفض الثاني وأطلق عليه اسم ديسكفري، ويقع على بعد 55 ميلاً إلى الشرق من الساحل السوداني، بينما يقع المنخفض الثالث الذي أصطلح على تسميته تشين، على بعد 59 ميلاً إلى الغرب من الساحل السعودي على البحر الأحمر. وتتراوح أعماق هذه المنخفضات الثلاثة بين 2047 ــ 2167 متراً، وتعد من أغنى مراكز الثروة البحرية في العالم، بينما يقع المنخفض الرابع تجاه الساحل المصري جنوب قناة السويس.

    وتأكد أن المنطقة الواقعة قبالة الساحل السوداني يوجد ماؤها الأجاج الساخن المعدن في ثلاث طبقات تمتد في منطقة مساحتها نحو مائة ميل مربع بعمق مائتي متر وسط قاع البحر، وإلى الغرب من خط الوسط الذي يتوسط البحر بين كل من الساحل السعودي ونظيره السوداني. وتمثل هذه المنطقة حالياً أحد مراكز الثروة المعدنية الغنية في العالم، حيث تقرر مبدئياً قيمة ما تحويه طبقاتها العليا فقط من صخور هذا القاع ــ (سمك 10 أمتار)، ودون حساب لكمية الحديد في منطقة مساحتها 38 ميلاً مربعاً، بما يزيد على 5،2 مليار دولار. وتعد نسبة تركيز المعدن في هذه الصخور البحرية على أنها نسبة مرتفعة واقتصادية إذا ما قورنت مع تلك التي تتركز بها الخامات المعدنية المستغلة حالياً على اليابسة. وهناك تقديرات عديدة لقيمة المعادن التي تحويها هذه المنطقة تتراوح بين 5،2 ــ 8 مليار دولار، بل إن هناك من يقدرها بما يصل إلى 25 مليار دولار.

    وقامت لجنة (سودانية) سعودية مشتركة عام 1970م بإجراء دراسات علمية اكتشفت ثمان عشرة منطقة عميقة، تتضمن المناطق الأربع المشار إليها، في منتصف البحر عند نقطة متوسطة الموقع بين السعودية و(السودان)، تأكد على أثرها أن المناطق المكتشفة هذه تحوي كميات متعددة من الزنك والنحاس الأصفر والفضة والكاديوم والمنجنيز والحديد والرصاص ومعادن أخري كثيرة، وكل الذي تم في هذا الخصوص، هو توقيع إتفاقية ثنائية بين البلدين في العام 1974م للتعاون المشترك بينهما تتعلق بأمر هذه الثروات المعدنية للبحر الأحمر.

    وإلى جانب هذا، فإن الدراسة تقول باحتمال أن يكون البحر الأحمر يرقد فوق بحيرة من النفط بطول الساحل الإقليمي لدولة (السودان)، ويدلل أنصار هذا الرأي بأن ما تستخرجه مصر من نفط خام يأتي معظمه من خليج السويس حيث يمثل 80% من جملة النفط المصري الخام. كذلك فقد أبدت السعودية إهتماماً بالغاً بتلك التوقعات فأبرمت إتفاقاً مع شركة دتينيكو الأمريكية تولت بموجبه الأخيرة مهمة عمليات الاستكشاف في المياه الإقليمية السعودية. ووفقاً لذلك تؤكد التوقعات أنه إذا ما ثبتت تلك الإفتراضات فإن البحر الأحمر قد يصبح أكبر مصدر لانتاج وتجميع النفط الخليجي في آن واحد تمهيداً لتصديره.

    وفي مجال التنقيب عن البترول فلقد منحت الإمتيازات لأربع شركات عالمية هي:

    1) شركة أميركان باسفيك سودان المحدودة للتنقيب في منطقة توكر.

    2) شركة بول اندكلنز.

    3) شركة اوشنيك للتنقيب عن البترول.

    4) شركة شيفرون (السودانية) للزيت.

    وبالإضافة إلى هذا فإن هناك إتفاقيات مع شركات تعدين عالمية أخرى من الإتحاد السوفيتي سابقاً وألمانيا الغربية وبلغاريا منذ عام 1961م بحصر الإمكانات المعدنية والبحث عن الثروة والبحث عن المعادن في المياه الإقليمية.

    (19) ولقد حصلت شركة أجب الإيطالية على تراخيص بحث في ساحل البحر الأحمر وجرفه القاري وقامت الشركة بالمسح الجوي المغناطيسي والمسح السايزمي الأرضي والبحري - وبعد إتمام هذه المسوح قامت الشركة بحفر ستة آبار استكشافية غطت معظم التراكيب الجيولوجية التي كشف عنها المسح الجيولوجي والجيوفيزيائي ولقد بلغ مجموع عمق الحفر 50500 قدم.

    وقامت شركة أجب بنشر المعلومات الجيولوجية في مؤتمر البترول العربي الرابع الذي عقد بمدينة بيروت عام 9621. ولقد دلت المعلومات التي تجمعت نتيجة للحفر أن منطقة البحر الأحمر تشتمل على الرسوبيات البحرية والتراكيب الجيولوجية المناسبة، والتى يمكن أن تشكل محابس للزيت زيادة على الغطاء الصحراوي (طبقات الملح) والتي من شأنها أن تمنع أي تسرب للمخزون الزيتي. ولقد وجدت بعض الغازات الهيدروكربونية. وعلىه فإن كل الشروط التي تؤهل المنطقة لتكون من ضمن المناطق الحاوية للزيت متوفرة توفرا تاما. ولقد تم اكتشاف الغاز الطبيعي في هذه المنطقة.

    ولقد اتضح من تحليل الصخور الموجودة في ساحل البحر الأحمر أن ما بين 96% و12و98% ميثين وحوالى 12،1% إيثين مع وجود كمية من البرونين تبلغ (12،0%) وكمية من ثانيbأوكسيد الكربون (05% ـ 02،1%).

    وفي تقرير لأحد خبراء الأمم المتحدة في التنقيب عن البترول معلقا على أعمال شركة أجب ومبديا رأيه في الطريقة التي اتبعتها يرى أن الهبوط الأرضي (الأخدود الأفريقي العظيم) قد لعب دورا كبيراً في تكوين منخفض البحر الأحمر وعلىه فإن الأنظار يجب أن تتجه إلى المصائد التي تكونت نتيجة الكتل الهابطة وليس المصائد والمنحنيات.

    ونسبة لطبيعة تكوين البحر الأحمر المعقدة والتي أدت إلى تحركات كتل الصخور بالنسبة إلى بعضها البعض في إتجاهات رأسية أو مائلة قليلا فإن هذا يؤكد لنا أهمية البحث عن المصائد التي تصاحب عادة هذا النوع من هياكل التكوين، ويستطرد في ملاحظاته قائلاً إن البحث عن هذا النوع من المصائد وفي مثل هذه الظروف يحتاج إلى استعمال طرق للبحث أكثر تعقيدا وتقدماً عن تلك التي أستعملت فعلاً، وحيث أن التكوينات الثانوية وطبقات الملح التي تقع في أسفل ترسيبات العصر الثلاثي تسبب نوعا من التذبذبات السايزمية وتضاعف في كمية الإنعكاسات التي تستقبلها أجهزة التسجيل السايزمي وبذا تحجب عنا الصورة الحقيقية للتكوينات الرئيسية الموجودة والتي يستهدفها البحث، وعلىه فإن التخلص من هذه المعلومات يتم عن طريق استعمال (الكمبيوتر).

    ومن المؤكد أن وضع الشركات الحالي قد تحسن كثيرا عن ذي قبل حيث تتوفر الآن الآت متطورة ومتقدمة، وبعد أن كانت تعمل هناك شركة واحدة هي شركة أجب توجد الآن شركات عديدة للتنقيب منها روسية وصينية وكذلك سويدية للتنقيب في دلتا توكر.

    وفي منطقة البحر الأحمر تختلف الصورة الآن عما كانت علىه في السابق فلقد زادت المساحة المرخصة حاليا 100% وبهذا فقد دخلت مساحات جديدة تحت الترخيص وذلك لأول مرة منذ أن عرف التنقيب.

    ولقد إزدادت الفرصة لاكتشاف مصادر بترولية عشرين مرة عما كانت علىه سابقاًbإذا أخذنا المساحة كمقياس للمقارنة وقد تزداد الفرص إلىbأضعاف ذلك إذا أخذنا التقدم في المعرفة العلمية وتطور الأجهزة في الإعتبار.

    البترول والغاز والأنابيب والمصفاة

    شيفرون

    قامت شركة شيفرون في عام 1976 باكتشاف غاز جاف وسائل في بئر سواكن وتوقف نشاطها الاستكشافي في عام 1979 م.

    شركة باناكو السويسرية

    في عام 1988 قامت شركة باناكو السويسرية بالعمل في منطقة سواكن وما حولها في مساحة تبلغ 13 ألف كلم مربع.

    الروس بعد الصينيين

    في فبراير العام 2001 خصصت الحكومة حقلي البترول (9 و11) لشركات البترول الروسية للتنقيب فيهما. وقبل ذلك خصصت بعض الحقول لشركات صينية واشترطت الحكومة الصينية نصب صواريخ بعيدة المدى على ساحل البحر الأحمر في المقابل.

    خطوط الأنابيب

    بدأ تشغيل خطوط أنابيب البترول بين بورتسودان والخرطوم عام 1977 حيث صمم لنقل 650 ألف طن في السنة من الجازولين والبنزين والكيروسين ووقود الطائرات النفاثة. وبعد علاج المشاكل الفنية التي كان يواجهها الخط في بداية التشغيل أصبح الآن مؤهلاً للعمل بالطاقة التصميمية. وقد إرتفع متوسط النقل في العام من 350 ألف طن إلى 480 ألف طن في السنتين الماضيتين مما كان له الأثر البالغ في حلّ الضائقة بالنسبة لهذه المنتجات وذلك لتدهور أداء السكة الحديدية، خاصة وأن من مميزات خط الأنابيب أنه يعتبر من وسائل النقل المستمر الذي لا يتأثر بمواسم الأمطار. كما أنه يتميز بقلة تكلفة نقله للبترول بالإضافة إلى تمتعه بطاقة تخزينية كبيرة.


    وبالنسبة للمشروعات المستقبلية، فهناك مشروع نقل غاز الطائرات الذي تمت كل دراساته ويتوقع العمل فيه عام 1991م. كما أن هناك مشروع التوزيع بمحطة شندي والذي يتوقع تنفيذه في السنوات القادمة.


    خط أنابيب ومرفأ تصدير

    تم اكتمال خط أنابيب النفط الجديد في موعده المقرر، ووصلت عبره كميات الخام من حقل الوحدة إلى مرفأ التصدير (بشائر) الذي جرى إنشاؤه جنوب بورتسودان على البحر الأحمر وتم تصدير أول شحنة في 30 أغسطس 1999م. وكلف خط الأنابيب أكثر من مليار دولار. وتبلغ الطاقة الأولية 150 ألف برميل يومياً لخط الأنابيب الذي يمتد من حقل الوحدة حتى بورتسودان (بشائر) بطول 1610 كلم وقطره 28 بوصة.

    وتقرر زيادة الطاقة إلى 250 ألف برميل يومياً بحلول عام 2000م عبر إضافة المزيد من محطات الضخ. وقام ببناء خط الأنابيب ومرفأ التصدير كونسورتيوم من شركات صينية وماليزية وكندية وسودانية تمتلك إمتيازات عمل في منطقتي الوحدة وهجليجة.

    ويشارك في الكونسورتيوم شركة البترول الوطنية الصينية وبتروناس الماليزية وأراكيس الكندية (اشترتها حالياً شركة تاليزمان الكندية) وشركة السودان للبترول المملوكة للدولة. وتتم تغطية تكلفة خط الأنابيب من رسوم النقل التي سيتحملها المستخدمون وستستغرق15 عاماً. وتوقع أن يجذب إنشاء خط الأنابيب انتباه شركات النفط الأجنبية.

    كنز البحر الأحمر (22)

    هو عبارة عن كميات هائلة من الثروة المعدنية من الكاوميوم والكوبالت والنحاس والحديد والرصاص والزنك والفضة والذهب. وتبلغ المساحة الموجودة فيها هذه المعادن 60ميلا مربعا في منطقة المياه الدولية الواقعة بين المملكة العربية السعودية وبلاد البجه شرق (السودان). وتعتبر هذه الثروة من أضخم الثروات في العالم، وتوجد على عمق يتراوح بين 2000 و2200 متر تحت سطح الماء. ويبلغ العائد السنوي للتقديرات الأولية لهذا الكنز ألف مليون ريال سعودي سنويا كحد أدنى من الثروة المعدنية التي تقدر قيمتها الكلية ببلايين الريالات السعودية.

    وقد تم في عام 1974م التوقيع على إتفاقية ثنائية بين المملكة العربية السعودية وحكومة (السودان) لتكوين لجنة كجهاز إدارى لاستغلال هذه الثروة.

    ومن أهداف اللجنة التنقيب والبحث عن الثروة المعدنية في هذه المنطقة وتنمية الخبرة الفنية لذلك. والتعاون مع المؤسسات المحلية والعالمية ذات التخصصات المتصلة بالمشروع.

    والمهمة التي يجرى تنفيذها الآن هي وضع اللمسات الأخيرة على دراسات الجدوى الفنية والاقتصادية وهو ما بدأ فيه العمل منذ خمس سنوات. أما المرحلة الثانية من هذه الدراسة فهى القيام بمرحلة تجريبية خطط لها أن تكون مماثلة تماما في كل تفاصيلها لما سيحدث في مرحلة الانتاج مستقبلا.

    والمساحة الكلية الموضوعة تحت تصرف اللجنة يبلغ طولها 450 كلم وعرضها ما بين 45و50 كلم. ويقدر احتياطي المعادن الموجود في منطقة (اطلنطا الثانية) 2 مليون طن من الزنك و2/1 مليون طن من النحاس و 400 طن من الفضة و80 طن من الذهب.

    ولقد بلغ مجمل نفقات اللجنة منذ تأسيسها حتى اليوم ما يزيد قليلاً عن 150 مليون ريال سعودى. ومن المتوقع أن تبلغ التكلفة حتى نهاية مرحلة دراسة الجدوى ما بين 700 و 800 مليون ريال سعودي - وتقدر التكلفة الكلية للاستثمار حوالى مليار ريال سعودي تقوم بتغطيته المملكة العربية السعودية.

    ووفقاً للمعلومات المتوفرة فإن المشروع رابح من الناحية التجارية ويماثل عائده تماما عائد مشروعات التنقيب في الأرض اليابسة ذات الحجم الكبير والمتوسط.

    والمعادن التي يراد استخلاصها توجد في شكل حبيبات صغيرة مختلطة مع كثير من المواد الأخرى غير المرغوب فيها، وتحتاج عملية الاستخلاص هذه إلى نوع خاص من التقنية تتوفر لدى الهيئة الآن - ومن المتوقع أن تنتهى المرحلة التجريبية في منتصف عام 1985م ويكون حينها قد تم الاستعداد للمضي إلى مرحلة الانتاج التجاري وفي نهاية الثمانينات تكون الهيئة قد مدت الأسواق العالمية ولأول مرة بالمعادن المستخلصة من قاع البحر الأحمر.

    وبالرغم من ضخامة حجم هذا المشروع وموقعه من بلاد البجه وأحقية البجه في الاستفادة من عائداته بحكم أنه جزء من ثرواتهم الطبيعية، فإن سلطات الخرطوم الشمالية لم تضع لهذه المسألة أي اعتبار مثلما تفعل في كل ثروات وموارد البجه الأخرى التي تنهبها الطبقة الشمالية الحاكمة في الخرطوم ولا يوجد في هذه الهيئة، ليس في لجنتها ولا حتى في أدنى المستويات شخص واحد يمثل البجه الشريك الحقيقى في هذا الكنز، بل تمت تعيينات الجانب (السوداني) كالعادة من محاسيب السلطة في الخرطوم.

    (21) إن التعدين ركيزة أساسية في بلاد البجه لما حباه الله لهذه البلاد من ثروة معدنية. وللاستفادة من هذه النعمة الجليلة يجب الدفع بمشاريع المسح الجيولوجي والتعدين بالبلاد إلى الأمام، وازالة كل الاختناقات والمعوقات التي تقف أمام النهوض بالتعدين. وأن تؤول كل مشاريع التعدين لسلطات بلاد البجه في حدود القانون.كما يجب أن تشجع رؤوس الأموال الأجنبية لتمويل التعدين والمشاركة فيه، بالإضافة إلى تشجيع صناعات الجبس وخام الاسمنت وخام الزجاج ومواد البناء والعمل على تصديرها. كذلك يجب خلق كوادر فنية وطنية لتقوم بعمليات التعدين والتحجير والتخطيط لإنشاء كلية لهندسة التعدين والجيولوجيا ببلاد البجه.


    الاقتصاد والصناعة

    الاستغلال الاقتصادي

    إن أول ما يسترعي نظر الباحث أو المحقق هو أن موارد بلاد البجه المعدنية الهائلة، جميعاً من الناحية العملية، وجزءاً كبيراًbمن أراضيها ومواردها الزراعية - دعك مما لديها من موقع استراتيجي واقتصادي على البحر الأحمر ومن تجارة وشحن بحري وبنوك وشركات نقل بحري وبري ومواصلات - في أيدي المستوطنين الشماليين والسلطة الشمالية في الخرطوم.

    والقسمة الثانية هي أن الجزء الغالب من منتجات بلاد البجه الأولية يتم انتاجه من أجل التصدير، سواء في حالته الخام، أو في حالة نصف مصنعة، ولا يستخدم أي جزء من هذه المنتجات في الصناعة المحلية.

    وقد يحاج كثيراً بأن الأموال التي تستثمر في بلاد البجه بواسطة الاحتكارات الوافدة أو الأجنبية أو من خلال حكومات الخرطوم المختلفة ذات عون لبلاد البجه، وفي الواقع يقال أن بلاد البجه تحتاج إلى رأس المال الوافد أو الأجنبي من أجل التغلب على ما تعانيه البلاد من فقر. ومع ذلك فإن خبرة بلاد البجه عبر العقود القليلة الماضية بعد خروج ا لانجليز، تدحض هذا الزعم تماما، وتجعل واضحا بما فيه الكفاية أن الاستثمارات الشمالية والأجنبية كان لها تأثير مدمر على البيئة والتنظيم الاقتصادي التقليدي للشعب، وإنها أدت لإفقاره وقهره، وإلى تشويه كامل لاقتصاد البجه، وإلى التركيز على الانتاج الأولي للمحصولات النقدية، والخنق المتمعد للمرحلة التالية للصناعة. إن تأثير وهدف الاستثمار الشمالي الوافد والأجنبي ليس في الحقيقة مساعدة لشعب البجه، وإنما امتصاص كل قطرة دم في البلاد، واستغلال شعبها من أجل المستثمرين الوافدين والأجانب.

    إن الغرض الذي تستهدف خدمته النفقات الضخمة على الطرق والسكك الحديدية والأنهار والموانيء والمطارات - هو غرض عسكري واقتصادي واستراتيجي. ويكون شعب البجه على حق عندما يؤكد أن ذلك بدوره ليس للدفاع عنه أو عن مصالحه وانما لحماية المغتصبين وبث الرعب والخوف في صفوف الحركات القومية في بلاد البجه، وتوفير القواعد ونقاط الوثوب للامبريالية على البحر الأحمر والقرن الافريقي.. بالإضافة لاستغلال موقع البلاد كمعبر لوارداتهم وصادراتهم واغتصاب أراضي البجه لهذه المشاريع وتدمير بيئتهم.

    إن خطط التنمية الاقتصادية في بلاد البجه التي تنفذها حكومات الخرطوم الشمالية المختلفة هي خطط لتنمية البنية التحتية، أي المواصلات والخدمات التي تمكن المغتصبين الشماليين وغيرهم من مواصلة استغلال الموارد الأولية في بلاد البجه ومن زيادة هذا الاستغلال حدة. أما التصنيع الحقيقي الذي يفيد البجه ويطورهم فيغفل عن عمد.

    إن شعب البجه يسعى إلى القيام جنباً إلى جنب مع التصنيع بتغيرات أساسية أخرى في أحواله الاقتصادية والاجتماعية، إن كل من يحكم بلاد البجه من الشماليين من الخرطوم، ويملك ثرواته، يكون بيده أن يقرر كيفية توزيع هذه الثروات، وما دامت بلاد البجه يحكمها غير أهلها، فإنه يوجد حاجز سياسي قوي يحول دون تمتع البجه بالقدرة على التحكم في ميراثهم الاقتصادي والاجتماعي الشرعي العادل. وهكذا ينظر إلى الاستغلال الراهن، وكسب الاستقلال السياسي على أنهما الخطوة الجوهرية الأولى للقضاء على فقر بلاد البجه وتنمية اقتصادها التجاري.

    إن بلاد البجه تعتبر إقليما استراتيجيا للاقتصاد والتجارة والتنمية الصناعية، وينبع هذا من كونها تتمتع بخصائص متميزة. فبلاد البجه تطل على البحر الأحمر الممر الاستراتيجي للتجارة الدولية والطاقة البترولية بين أوروبا والشرق، وتوجد بها كذلك مرافيء بحرية صالحة لأن تتطور لتصبح مرافيء حديثة بالإضافة إلى ميناء سواكن وميناء بشائر لتصدير البترول وميناء الغاز وأوسيف.

    وبما أن بلاد البجه تتمتع بثروة معدنية هائلة فإنه يمكن أن تكون مركزا للصناعات التحويلية والبتروكيمائية ومصافي البترول، خاصة بعد الاستكشافات الأخيرة للبترول في المنطقة. وهي أيضا مرتكز شبكة الطرق والمواصلات الممتدة غربي البلاد، حيث توجد الحاصلات الزراعية التي تصلح للتصدير مثل القطن والسمسم والفول السوداني والذرة وغيرها. وتوجد بمدينة بورتسودان صومعة للغلال، كذلك توجد أعداد كبيرة من المستودعات التي يمتكلها التجار والشركات من الشمال والسلطات الشمالية المهيمنة.

    وهذه العوامل تنشط البلاد كمركز للتجارة الخارجية. ومع وجود ميناء بورتسودان كمركز حيوي فإن هذا سيتبلور في تحريك قطاعات اقتصادية وتجارية عديدة لتحقيق التنمية والتطور في البلاد. والمجالات الاقتصادية والتجارية الهامة في البلاد تبدأ بأعمال الملاحة البحرية في مدينة بورتسودان، التي هي واحدة من أهم موانيء البحر الأحمر وتدر دخلا كبيرا من العملات الأجنبية والمحلية في مجال المرافيء والجمارك والسكك الحديدية. وقد بلغت حصيلة الصادرات عن طريق ميناء بورتسودان للعام 1999م، 2،367 مليون دولار تمثل 3،86% من جملة الصادرات. ويشكل النفط أعلى نسبة في الصادرات، تليه الأنعام 4،131 مليون دولار، ثم السمسم بحصيلة 127 مليون دولار ثم القطن بحصيلة 45 مليون دولار، وبلغت حصيلة الصمغ العربي 4،26 مليون دولار، أما الذرة فقد بلغت حصيلته 28 مليون دولار. وتذهب كل هذه العائدات إلى خزائن السلطات الشمالية في الخرطوم دون تخصيص ولو نسبة منها لتطوير البجه أو تحسين صحة البيئة.

    أما عمل المؤسسات والشركات فهو يتمثل في حجز البضائع الصادرة والواردة، وشحنها وتعبئتها وتفريغها من السفن، كما تقوم هذه المؤسسات بتقديم الخدمات الأخرى كالتخليص والتأمين وتموين السفن وصيانتها وترحيل البضائع وتملك هذه المؤسسات مستودعات ضخمة أثرت على صحة البيئة في البلاد بالتلوث وانتشار الباعوض والحشرات وما يتبع ذلك من ظهور للأمراض التي أضرّت بالبجه كما شرّدت موانيء البترول البجه.

    زكاة التجارة

    جاء في كتاب تقديرات الزكاة والناتج القومي 1416هـ 1996م (مركز الدراسات الاستراتيجية ــ الخرطوم) ما يلي عن زكاة عروض التجارة وضريبة الأرباح من أرباح الأعمال التجارية

    جملة رؤوس الأموال في الولايات الشرقية 8600 مليار (43 مليون دولار)

    جملة أرباح الأعمال التجارية 840،2 مليار جنيه (5،14 مليون دولار)

    ضريبة أرباح الأعمال للعام 92/1993م كانت 710 مليون جنيه (36 مليون دولار)

    زكاة عروض التجارة وضريبة الأرباح تعادل 750،219،1 دولار


    الميناء سبب البلاء ـ بورتسودان

    وتقع في بلاد البجه كل موانيء (السودان) ميناء بورتسودان الذي هو الميناء الأول (للسودان) بالإضافة إلى ميناء سواكن الجديد وبشائر لتصدير البترول. هذه الموانيء هي سبب كل مشاكل البجه البيئية والاقتصادية والصحية. فلقد جلبت لهم من يزاحمهم في مياههم الشحيحة كما جلبت لهم الأمراض بمستودعاتها وبترولها. وتدير الموانيء هيئة الموانيء البحرية وهى مؤسسة حكومية ورئيس مجلس الإدارة فيها وبقية الأعضاء من الجماعة الشمالية المسيطرة بالرغم من أن الموانيء بجاوية (قام مدير الموانيء ببيع كل المستودعات التي بالموانيء عن طريق الفساد 1999م، كما أن كل المشروعات والصفقات التي تمت تثار حولها الشكوك والعمولات ــ المؤلف)، ويعمل فيهما البجه كعمال مؤقتين بلا ضمانات وفي الوظائف الصغرى مهما علت مؤهلاتهم. وإذا أنعم عليهم بوظيفة قيادية تكون للاستهلاك السياسي. ونقلت حكومة الجبهة الجمارك إلى سوبا حتى لا يطالب البجه بنصيبهم فيها.

    انشيء ميناء بورتسودان العام 1905م، وبديء تشغيله العام 1909 م. يتكون الميناء من رصيف رئيسي ورصيف الجنوبية. والأول يوجد به أحد عشر رصيفاً وطوله 1663 متراً، والثاني به أربعة أرصفة وطوله 733 متراً. ويستقبل الميناء سفن تبلغ حمولة أقصاها 25 ألف طن. ويتراوح عمق القناة من 6 ــ 12 متراً. وفي يوليو العام 2001م افتتح مشروع امتداد مربط (17 ــ 1 والتعميق وساحات الحاويات، حيث أصبح الميناء الجنوبي يتسع لحوالى 3 آلاف حاوية وبلغت الرافعات الجسرية 7، وبلغت تكلفة المشروع 12 مليون دولار. كذلك تم افتتاح محطة الاتصالات العالمية وهي الثانية من نوعها في الشرق الأوسط، وهي تربط الموانيء (السودانية) بعضها ببعض والسفن في أعالي البحار وأصحاب البضائع ووكلائهم، ونفذت المشروع بتكلفة خمسة ملايين دولار شركة ماكاي الأمريكية (بالرغم من إدعاء حكومة الإنقاذ بأن أمريكا تقاطعها وتحاصرها ــ المؤلف).

    ميناء الأمير عثمان دقنه

    يقع على بعد 60 كيلومتراً إلى الجنوب من بورتسودان، وافتتح رسمياً العام 1990 م لحركة سفن الركاب. الغرض من إنشائه هو تحويل 20% من حركة ميناء بورتسودان إليه. توجد به أربعة أرصفة لرسو السفن، ويستقبل ميناء الأمير سفناً تبلغ حمولة أقصاها 6 آلاف طن، بطول 305 قدماً وعمق 28 قدماً. تم توسيع مدخل الميناء ليبلغ عرضه 200 متراً بعمق 12 متراً. وفي شهر يوليو العام 2001م، تم افتتاح رصيف لتصدير الغاز بتكلفة حوالى 500 مليون جنيه، ويستقبل بواخر حمولة 6 آلاف طن بأقصى طول للباخرة 120 متراً، ويتكون الرصيف من مربطين بطول 125 متراً لكل منهما بعمق يزيد على تسعة أمتار.

    ميناء أوسيف

    يقع على بعد 260 كلم شمال مدينة بورتسودان، وقد تم إنشاؤه العام 1962م، لاستقبال سفن شحن بحمولة 5000 طناً لتصدير الحديد من منطقة فودكوان التي تقع على مسافة 16 كلم فقط من الميناء. وتوقفت الحركة في الميناء بسبب حرب الشرق الأوسط العام 1967م. تمت إعادة تأهيل الميناء العام 1993 ــ 1994م. يبلغ عمق مرساه 3،12 متراً بطول 62 متراً، ويستطيع استقبال سفن تبلغ أطوالها من 500 ــ 600 قدماً.

    ويعمل ميناء بورتسودان بنسبة 47% من طاقته القصوى نسبة للتسيب الإداري والفساد والمحسوبية. وفي العام 80/1981م بلغ عدد السفن الزائرة للميناء 1214 سفينة - وبلغت جملة صادرات الميناء لنفس العام السابق من البضائع (1103) ألف طن كما بلغت جملة واردات البضائع (2881) ألف طن وبلغ جملة عدد الركاب 2 مليون راكب. أما جملة صادرات الثروة الحيوانية فبلغت لنفس العام السابق (481475) رأس - كما بلغت إيرادات الميناء للعام 81/82 (31) مليون جنيه سوداني. وبلغت جملة الصادرات لعام 1981م (357) مليون جنيه والواردات (839) مليون جنيه. وإتفقت هيئة الموانيء مع إثيوبيا على استقبال وارداتها بحجم 4 مليون طن في السنة.

    كشف تقرير صادر من مدير هيئة الموانيء في العام 2003م (يجب أن تؤخذ كل التقارير الرسمية بحذر شديد) أن إجمالي الوظائف المصدقة في الهيئة للربع الأول من العام الحالي بلغ 6353 وظيفة منها 3001 وظيفة داخل الهيئة و2782 وظيفة خارج الهيئة، بينما بلغ الموجود داخل الهيئة 2301 وظيفة بزيادة 700 وظيفة، وأن الموجود الخارجي في الهيئة بلغ 2896 وظيفة، بزيادة 114 وظيفة، أما وظائف القوات النظامية فإن المصدق منها 450 وظيفة، والموجود 449 وظيفة بنقصان وظيفة واحدة، أما الدفاع المدني فالمصدق عليه 120 وظيفة والموجود منها 119 وظيفة بنقصان وظيفة واحدة. (يا ترى من يشغلها!).

    وأكد التقرير أن الواردات في ميناء عثمان دقنه للربع الأول من هذا العام سجلت ارتفاعاً بنسبة 2،18% مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق حيث سجلت هذا العام 9136 طناً مقابل 7727 طناً للعام السابق، أما الصادرات فقد سجلت انخفاضاً بلغت نسبته 3،86%، حيث سجلت هذا العام 4645 طناً بينما سجلت في العام السابق 33949 طناً، وعزا التقرير هذا الانخفاض في صادر الغاز بنسبة 5،89%، حيث سجل في الربع الأول من العام نفسه 3366 طناً، بينما سجل في الفترة نفسها من العام السابق 31996 طناً.

    إلى جانب ذلك، تشهد الموانيء البحرية: بورتسودان، عثمان دقنه، والشهيد الزبير، نشاطاً كبيراً في الحركة المتكافئة للحاويات (صادر، وارد)، فقد سجلت ارتفاعاً بلغت نسبته 3،29% وكذلك سجلت حركة الحاويات الصادرة نسبة زيادة بلغت 3،29%، أما الوارد فقد بلغ في الفترة نفسها فقد بلغ 17401 حاوية متكافئة في الفترة نفسها من العام السابق، بينما سجلت حركة حاويات الصادر في الربع الأول من العام الحالي نحو 17099 حاوية وسجلت في الفترة نفسها من العام السابق 13226 حاوية متكافئة. أما صادرات الثروة الحيوانية فقد بلغت حوالى 865،434 رأساً بينما سجلت في الفترة نفسها من العام السابق 862،706 رؤوس، بنسبة نقصان بلغت 5،38%.

    وقد سجلت حركة السفن للربع الأول من العام الحالي انخفاضاً بلغت نسبته 9،26%، مقارنة بالفترة نفسها من العام السابق حيث سجلت في هذا العام 317 سقينة بينما سجلت في الفترة نفسها من العام السابق 359 سفينة.

    وتم اختيار مركز التدريب به، هيئة الموانيء البحرية كمركز إقليمي للتدريب من قبل برنامج الأمم المتحدة الانمائي يختص بالتدريب البحري تحت إدارة وإشراف الأمم المتحدة والهيئة الإقليمية للمحافظة على بيئة البحر الأحمر وخليج عدن، وذلك في منافسة مع ميناء عدن في اليمن.

    ويأتي اختيار مركز تدريب هيئة الموانيء البحرية ببورتسودان بعد الزيارة التي قام بها خبير التدريب بالأمم المتحدة جون بروكو لبورتسودان. ومن بين ستة مراكز للتدريب في العالم أصبحت بورتسودان مركزاً للتدريب للمنطقة الإقليمية الخاصة بالبحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي. ويهدف المركز إلى تدريب العمالة البحرية العاملة على ظهر السفن، وإعداد العمالة للعمل على ظهر السفن، ومتابعة وتطبيق المعاهدات الدولية البحرية الخاص بشروط التدريب والخفارة البحرية.

    في االتاسع من شهر يونيو العام 2003م تم تدشين الكيبل البحري بين المملكة العربية السعودية و(السودان). وجاء هذا في إطار سعي شركة الاتصالات السعودية لتوسيع وتطوير شبكاتهاالدولية. وسميت شركة الكيبل هذا (الشركة العربية للكوابل البحرية) وهي شراكة بين البلدين وبنسبة عشرين بالمائة للشركة العربية للاستثمار وليس للبجه فيها نصيب أيضاً.

    وقامت الشركة الجديدة باستثمار مبلغ (13) مليون دولار في إنشاء كيبل ألياف بصرية بحري بطول (333) كيلومتراً يعمل بأحدث التقنيات. وهو يزيد من الطاقة الاستيعابية للاتصالات. ويمتد المشروع عبر كوابل ووصلات أرضية لربط دول أخرى عبورياً مثل إثيوبيا عن طريق شبكة الاتصالات الأرضية بين (السودان) وإثيوبيا وربط (السودان) بدول مجلس التعاون الخليجي عن طريق شبكة الاتصالات السعودية بالإضافة إلى اليمن والأردن. يذكر أن الاتصالات الهاتفية بين المملكة و(السودان) يتم تمريرها حالياً عبر القنوات الفضائية لأقمار عربسات.

    ويوجد بميناء بورتسودان أكبر إدارة جمركية في (السودان) حولتها الإنقاذ إلى سوبا حتى لا يطالب البجه بنصيبهم في إيرادات الجمارك. وتقوم بتحصيل الجمارك على الواردات والصادرات - ولقد بلغت إيرادات جمرك ميناء بورتسودان للعام 81/1982م (495) مليون جنيه سوداني وهى تشمل رسوم الوارد ورسوم استهلاك ورسوم الصادر وضريبة الدفاع وضريبة التنمية ورسوم أخرى متنوعة. وتعتبر ايرادات جمارك بورتسودان المصدر الرئيسي للضرائب غير المباشرة. وبلغ متوسط نسبة متحصلات جمرك ميناء بورتسودان إلى جملة الضرائب غير المباشرة للعام 82/1983م -7،92%. كان أول مدير لجمارك سواكن هو إدريس بك إدريساي (1900م).

    وتقع في بلاد البجه أهم شبكة لخطوط السكة الحديد التي تقوم بنقل كل صادرات وواردات (السودان) إلى ومن مينائي بورتسودان وسواكن - وبلغ ما نقلته هذه الخطوط الحديدية من البضائع المصدرة لعام 1981م- (370) ألف طن و (920) ألف طن من البضائع المستوردة مما يحقق ملايين الجنيهات سنويا لخزانة السلطة الشمالية في الخرطوم.

    ويمتد من مدينة بورتسودان خط أنابيب البترول المستورد ليصل إلى الخرطوم - ولقد تم افتتاحه في ديسمبر عام 1977م وبلغت تكلفته (26) مليون جنيه - ويقدر طول الخط بحوالى 815 كيلو متر تمر معظمها على أراضي البجه - ويبلغ معدل تدفق البترول في الأنابيب مائة متر مكعب في الساعة وسيتم رفع طاقته إلى 140 متر مكعب في الساعة أي بطاقة سنوية تفوق (600) ألف طن متري تنقل كل من الجازولين والكيروسين والبنزين ووقود النفاثات. وفي عام 1981م تم نقل (666و311) طن متري من المواد البترولية التي لا ينتجها (السودان). أما الآن فإن خط تصدير البترول يمر عبر بلاد البجه ويصدر من ميناء بشائر التي تقع في البلاد. وتم تصدير أول شحنة منه إلى سنغافورة وقدرها 600 ألف برميل يوم الإثنين 30/8/1999م. وبالرغم من أنه يحتل أرض البجه، التي شردوا منها لمرور الخط وإنشاء المرسى، ويستغل بحرهم ويضر ببيئتهم، فلا يستفيدون منه شيئاً.

    الخطوط البحرية

    يوجد في مدينة بورتسودان مقر مؤسسة الخطوط البحرية السودانية التيbتمتلك اسطولا بحريا تجاريا يتكون من عشرة سفن. ولقد أنشئت هذه المؤسسة عام 1962م كشركة خاصة تابعة للدولة. جاء في صحيفة الإتحاد الإماراتية بتاريخ 6/4/1997م ما يلي عن الخطوط البحرية (السودانية): أعلن المدير العام للخطوط البحرية (السودانية) إن الشركة تستثمر حالياً حوالى 100 مليون دولار أمريكي لتحديث وتطوير أسطولها ليواكب القرن القادم وذلك قبل العام 2000م.

    وأجرت مفاوضات مع الصين لبناء ثلاث بواخر الأولى للركاب والثانية لنقل المواشي والثالثة لنقل الأغذية بواقع 25 مليون دولار أمريكي للباخرة ومن المقرر استلام البواخر الثلاث قبل العام 1999م. وتستهدف عملية التحديث زيادة حمولة السفن إلى 5 آلاف طن وأن الدراسات الخاصة بالتحديث والإحلال في مراحلها النهائية تمهيداً لبحث مصادر التمويل. ولقد قامت الخطوط بنقل حمولات وزنها حوالى مليون طن خلال العام الماضي، وأن نسبة النمو في عمليات الشركة تتراوح بين 25 و30% سنوياً موضحاً أن الخطوط البحرية (السودانية) أنشئت عام 1959م وباشرت عملها في العام 1962م كشركة (سودانية) يوغسلافية مشتركة ثم انتقلت ملكيتها بالكامل إلى (السودان) وتمتلك حالياً بواخر حمولة 12 ألف طن للحاويات والدحرجة والحمولات العامة وهي من أقدم الخطوط الملاحية العربية التي لها علاقات منتظمة مع الموانيء الأوروبية.

    وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية بتاريخ 19/9/1997م أن الخطوط البحرية (السودانية) تمتلك ثماني بواخر حمولة الواحدة حوالى 75 ألف طن، ويعمل في الشركة 450 شخصاً.

    كتب الدكتور أمين موسى الحاج في صحيفة الرأي العام، وهو أكاديمي من مدينة بورتسودان له اهتمامات بقضايا المنطقة التي نشأ فيها وارتبط بها، عن شركة الخطوط البحرية السودانية ما نوجزه هنا بتصرف.

    تحدث عن تكوين لجنة لجرد البضائع المهملة في الميناء وطريقة حل المشكلة. وفي خضم عمل اللجنة تقدمت الخطوط البحرية السودانية للجنة بأن لديها ملايين الدولارات والجنيهات عبارة عن أجور ونوالين بحرية على هذه البضائع المهملة لم تسدد، وتطالب بسدادها قبل تسليم البضائع. وبالتأكيد لم يستلموا شيئاً من وزارة المالية التي كانت تدفع على الورق، وهذا واحد من الأسباب الرئيسية التي أدت إلى تدهور الخطوط البحرية السودانية. ولقد بدأت عملها في العام 1962م برأسمال قدره أربعمائة ألف جنيه مناصفة بين حكومتي (السودان) ويوغسلافيا.

    لقد تعرضت الشركة لعوامل داخلية وخارجية منذ بداية الثمانينات أقعدتها عن سداد ديونها. ومن هذه العوامل:- تعثر خطى التنمية في البلاد وعدم تنفيذ العديد من المشروعات الاقتصادية التي بنت الشركة استراتيجيتها عليها والتي ارتفعت فيها طاقتها من 53 ألف طن إلى 123 ألف طن، مما أوجد فراغات غير مستغلة في السفن وأيضاً في الموانيء البحرية. عدم سداد الكثير من أجور النقل المستحقة على البضائع الحكومية. الحرب وآثارها السالبة. الركود الاقتصادي العالمي الذي انعكس على صناعة النقل البحري. ويكمن السبب الرئيسي في تدهور الشركة في الارتباك الإداري الذي سادها في العقد الأخير الذي حكم فيه انقلاب الإنقاذ البلاد والذي تم فيه تعيين أشخاص غير مؤهلين وليس لهم علاقة بصناعة النقل البحري في مناصب رفيعة في الشركة بحكم أنهم من أهل الولاء لنظام الإنقاذ فشهدت الشركة مآسي أقلها عدم دفع مرتبات البحارة المساكين الذين لا يزيد مرتب الواحد منهم عن مائة وخمسين دولاراً في الشهر بينما يتقاضى المدير ألف دولار في اليوم الواحد كبدل سفرية!!. وفي أول اجتماع لمجلس انقلاب الإنقاذ، كان القرار بأن تتولى الدولة إنقاذ بعض بواخر الشركة والتي كان الجرس سوف يقرع في اليوم التالي مباشرة في احدى الموانيء الأوروبية إيذاناً ببيعها وفاءً لمرتبات البحارة. ويذكر الناس قصة ذلك الكابتن الذي عذبه رجال الأمن لأنه رفع قضية على الشركة في احدى الموانيء الأوروبية مطالباً براتبه.

    أما قصة بحارة الباخرة النيل الأزرق الذين رفعوا دعوى قضائية على الباخرة في شهر أبريل العام 2001م، في احدى الموانيء الهندية مطالبين بمرتباتهم، فقد استدرجهم وزير الدولة للنقل لاحدى الموانيء العربية بوعد منه بتسليمهم مرتباتهم هناك، ولكنهم عندما وصلوا لذلك الميناء، تم ابدال الكابتن وزعماء البحارة بطاقم كان قد أعده الوزير سلفاً، وتم ترحيل الكابتن ومن معه إلى السودان بصورة أقل ما يقال عنها أنها غير مشرفة في بلد أجنبي، حيث تم احتجاز جوازات سفر الطاقم وتهديدهم بشرطة ذلك البلد. وعندما وصلوا إلى الخرطوم لم يجدوا لا مرتباتهم ولا الوزير الذي كان يتهرب منهم، وأوقفوا عن العمل. هكذا نرى أن اسم الشركة أصبح مشبوهاً في معظم موانيء العالم، وما حادثة التاجر العربي الذي احتجز الباخرة النيل الأزرق بدلاً عن الباخرة دنقلا في احدى الموانيء العربية الخليجية ببعيدة عن الأذهان، فلقد أصبحت بواخر الشركة تلوث سمعة بلدها في كل مكان. لا زالت الباخرة دنقلا محجوزة (7/2003) لأكثر من عامين، وقد تم بيع عدد من سفن الشركة كخردة بالرغم من أنها صالحة للعمل، بأرخص الأسعار مقابل عمولات لأركان النظام. وبينما تخسر الشركة الحكومية فقدقامت شركة من أركان الجبهة لتحل محلها.

    وعن موضوع عدم دفع مرتبات البحارة، كتبت صحيفة الزمان اللندنية بأن احدى بواخر الشركة محتجزة في ميناء احدى الدول الأوروبية لأن البحارة رفعوا دعوى قضائية يطالبون فيها بمرتباتهم. وذكرت أنه يتم تعيين البحارة لمدة ستة شهور لا يتقاضون خلالها مرتباتهم، ثم يفصلون ويعين بدلهم بحارة جدد وتقسط مرتبات المفصولين بنسبة ضئيلة تدفع لهم كل شهر. وهذا من الأسباب التي جعلت كوادر البحارة ضعيفة تفتقر للخبرة.

    تبلغ الحمولة الكلية للسفن 122679 طن ولقد نقلت هذه الشركة في العام 81/1982م من بضائع التصدير 217 ألف طن وهي نسبة 46% من صادرات (السودان) ومن البضائع المستوردة نقلت 248 ألف طن وهي بنسبة 51% من جملة واردات (السودان)، وبلغت ايراداتها مئات الملايين من الجنيهات وبالرغم من وجودها في بلاد البجه واستفادتها من موقع أرض البجه الاستراتيجي واعتمادها على هذا فإن رئيس مجلس الإدارة وبقية الأعضاء من الصفوة الشمالية التي تعين عن طريق المحسوبية أو للإنتماء السياسي. ويعمل بها عدد كبير من العمال والموظفين والمهنيين لا يمثل البجه فيهم نسبة تذكر، كما أنهم يشغلون الوظائف الدنيا ويتقاضون أجورا ضئيلة الشيء الذي يندرج على أوضاع المؤسسات الملاحية الأخرى التي تدعم اقتصاد السلطة في الخرطوم بما تدفعه من ضرائب ورسوم وأرباح.إن هذه المؤسسات التجارية يجب أن تخصص جزءا من أرباحها للسكان البجه في شكل خدمات اجتماعية وتنموية نظير الأرض البجاوية التي تقيم علىها، والتي هي ثروة لا تقدر بثمن بموقعها الاقتصادي الاستراتيجي. كما أن أسس التوظيف والعمالة فيها لا بد أن تكون للمواطنين البجه أصحاب البلاد (22). كذلك إنشاء هيئة علىا للتنسيق بين أجهزة الميناء المختلفة والشركات والمؤسسات التجارية في كل مجالات العمل لضمان أقصى قدر من الكفاية ولتقديم خدمات منافسة للسفن. بالإضافة إلى توسيع وتنويع النشاط الاقتصادي والتجاري وخلق فرص عمل جديدة. يتم تعيين مدير الخطوط البحرية في عهد الإنقاذ من الجبهة دون أي كفاءة أخرى، ويتقاضى مخصصات كبيرة بينما لا تسدد الشركة مرتبات البحارة المساكين، وطالما اعتصم البحارة المظلومين في الموانيء الأوروبية وأضربوا حتى تسدد لهم رواتبهم. كما قامت الشركة بتشريد جل العاملين فيها من البجه.

    إن لقيام وإنشاء الغرف التجارية بالمدن الكبرى دور هام في البلاد في مجال الاعلام التجاري وتنشيط التجارة وترشيدها.

    وفي مجال المرافيء الساحلية لا بد من تحسين طرق الاستفادة منها، واستغلالها في النقل البحري بين مناطق البلاد الساحلية وذلك لتوفير احتياجاتها التموينية خاصة في مواسم الأمطار وتوقف سبل المواصلات البرية بالإضافة إلى استغلال مواردها الطبيعية بنقل رخيص.

    إن تجارة الموانيء الحرة تشكل 10% من تجارة العالم (1974م)، وأصبحت الموانيء الحرة سمة العصر. لقد كانت مدينة سواكن قصبة حضارية وتجارية زاهرة وكان تجارها وكلاء للشركات العالمية ويتاجرون في البورصة. ولكن عندما انشيء ميناءbبورتسودان انتقلت كل توكيلات الشركات العالمية إلى تجار العاصمة فاحتكروا التجارة بما لهم من علاقات مع السلطة الشمالية المهيمنة في الخرطوم. ولم يكتفوا بهذا بل قاموا بفتح وكالات فرعية تابعة لهم في بلاد البجه ولم يتركوا للبجه فرصة لدخول مجال التجارة. إن بلاد البجه يجب أن يكون بها وكلاء للشركات العالمية من التجار ويجب أن تزول هذه التبعية التجارية.


    المنطقة الحرة

    تقع منطقة البحر الأحمر الحرة على ساحل البحر الأحمر الغربي، وتمتد من جنوب مدينة بورتسودان حتى جنوب مدينة سواكن (هذه كلها أراضي قبائل بجاوية منذ الأزل انتزعتها منهم الحكومة لتحقيق مكاسب خاصة بأركانها ــ المؤلف)، وتصل مساحتها إلى ستمائة كلم مربع مما يجعلها أكبر منطقة حرة في العالم. وتضم مطار بورتسودان الجديد وميناء الأمير عثمان دقنه وبشائر وأوسيف وغيرها. والمرحلة الأولى من المدينة الصناعية التجارية مساحتها 26 كلم مربع تم تسوير 14 كلم مربع منها، وتكتمل المراحل الأربع في 16 عاماً بكلفة 680 مليون دولار. وتربط طرق فرعية المنطقة الحرة بطريق بورتسودان الخرطوم. وشيدت 4مستودعات في مساحة 19 ألف متراً مربعاً ومنطقة تخزين مكشوفة في مساحة 20 ألف متراً مربعاً إضافة إلى استراحات. وتم تزويد المنطقة بمحطتين للكهرباء للخدمات فقط، ويتم اكثمال شبكة الكهرباء للصناعة خلال 6 شهور (5/2/2000). ويوجد 100 خط هاتفي عالمي إضافة لمحطة للهاتف الجوال. وشيدت محطة مياه بطاقة 700 متر مكعب، وانشئت محطات للصرف الصحي، ومكاتب للإدارة ومكاتب للجمارك ومحطة كشف جمركي مساحتها 2 ألف مربع. كذلك شيد مركزان للوزن. واكتمل موقع المستثمرين القطريين، ويمارس الأردنيون نشاطهم الآن، ويواصل السعوديون اتمام تجهيزاتهم. وبلغ عدد الشركات التي اكملت تسجيلها واستلمت الترخيص 101 شركة محلية وأجنبية من مجموع 250 شركة متقدمة. ويمثل القطاع الصناعي 20% والقطاع التجاري 80%. ويمثل الاستثمار الخليجي 80% من الاستثمارات الأجنبية. وتتمتع المنطقة بعضوية الاتحاد الدولي الذي يضم 258 دولة. وتقرر افتتاح المنطقة رسمياً في 19 فبراير العام 2000م. (الرأي العام).

    قام وفد من شركة الصداقة السودانية الأسبانية بزيارة إلى السودان. وتقوم الشركة بإنشاء ميناء حر بمنطقة الأسواق الحرة بمنطقة بورتسودان تبلغ تكاليفه أكثر من أربعمائة مليون دولار. وترغب الشركة في العمل في مجال التعدين والكهرباء. وتبلغ قيمة استثمارات الشركة حوالي الملياري دولار، 30% منها بالدول الأفريقية (1999م). في فبراير 2001، ذكر مدير المنطقة الحرة الآتي (سيتم تشييد ميناء للمنطقة الحرة بالبحر الأحمر بتكلفة تبلغ 200 مليون دولار، 187 مليون دولار منها للإنشاءات بينما خصصت 13 مليون دولار منها لإعداد الدراسات. وسيضم الميناء خمسة مرابط للسفن الكبيرة).

    ذكر وزير التجارة الخارجية في 15/1/2000 بأن زيارة الوفد السعودي الإماراتي الذي يصل (السودان) تهدف لبلورة متكاملة حول مشروع تشييد وإدارة المنطقة الحرة ببورتسودان والتي ستفتتح رسمياً في فبراير المقبل. وأن الهدف من الزيارة هو استثمار السعودية والإمارات في منطقة البحر الأحمر الحرة. وترأس الوفد الإماراتي سلطان بن سُليّم مدير عام موانيء دبي ورئيس سلطة المنطقة الحرة بجبل علي يرافقه السيد أحمد بطي المهيري مساعد المدير العام لسلطة الموانيء كما ترأس وفد السعودية الشيخ إبراهيم علي النملة. ووقعت الإمارات و(السودان) على مذكرة تفاهم للتعاون والتنسيق في مجال إقامة المناطق الحرة تقضي بتبادل المعلومات والبيانات وتطوير الموارد البشرية والتسويق وجذب خطوط الملاحة وتبادل المشورة الفنية وتأهيل الكوادر الوطنية. واستأجرت إثيوبيا في المنطقة الحرة مساحة 3 مليون متر مربع (1/2002م) بأبخس الأسعار.


    الصنــاعــة

    تتميز بلاد البجه بوفرة المواد الخام التي تحتاج لها الصناعة فالمواد الزراعية في جنوبها والتعدين في شمالها.

    ولقد أوصت شركة الكسندر جب وشركاه البريطانية في تقريرها عام 1968م في مجال التصنيع ببلاد البجه على إنشاء معاصر حديثة للزيوت ومصانع للسكر ومصانع للأخشاب، وأن تصبح مدينة بورتسودان منطقة صناعية هامة تنشأ بها الصناعات التجميعية المختلفة للعربات والتراكتورات والمعدات الزراعية والدراجات واطارات السيارات والأجهزة الكهربائية.

    ويوجد بالبلاد الآن محالج للأقطان، ومصانع لاستخراج الملح ومصنع للسكر ومصانع للاطارات ومصنع للدقيق ومصفاة لتكرير البترول ومصنع لتجميع السيارات ومصنع للاسمنت ومصنع للسماد ومصنع للجبس ومصنع للنسيج ومصنع لتجفيف البصل. بالإضافة إلى بعض معاصر الزيوت. ومن بين هذه المصانع مصنع غزل بورتسودان وتبلغ تكلفته حوالى 43،33 مليون جنيه سوداني و 2،23 مليون مارك الماني و4،17 مليون دولار أمريكي و 2 مليون جنيه استرليني و 28 مليون فرنك فرنسي. ويمثل المصنع كل من فرنسا وألمانيا وبريطانيا و(السودان) وتبلغ طاقته 5300 طن غزل رفيع للتصدير. ولا يستفيد البجه منه غير مزاحمته لهم في المياه الشحيحة، لأن الإدارة والتوظيف والأرباح تذهب كلها للجماعة الشمالية المسيطرة (1999م).

    أما مدبغة البحر الأحمر فيشترك فيها القطاع العام (75%) والقطاع الخاص الشمالي (25%) وطاقتها الانتاجية السنوية 300 ألف طن.

    إن مجموع المصانع في البلاد يبلغ 68 مصنعا منها 35 للصناعات الغذائية وكل هذه المصانع يديرها ويستفيد منها الشماليون وليس للبجه فيها غير تدمير بيئتهم (1982م).

    وتوجد بمدينة بورتسودان أول مصفاة لتكرير البترول في (السودان) وبلغ انتاجها للعام 81/1982م :-

    بوتوغاز 5048

    بنزين 141063

    كيرجيت 52303

    غاز اويل 397904

    فيرنس 238451

    فيرنس للتصدير 153537

    وتبلغ الطاقة القصوى لكل المشتقات 5،1 مليون طن في السنة وهي تعمل بطاقة تبلغ نصف مليون طن في السنة. ويتم استيراد مليون طن من خام البترول في السنة وربع مليون طن من المنتجات البترولية الجاهزة (جازولين وكيروسين وبنزين) وبلغت رسوم الانتاج على منتجات البترول لعام 81/1982م عشرة ملايين جنيه.

    جاء في جريدة البيان الإماراتية عدد يوم 8/11/1998م بأنه تم رفع الطاقة الانتاجية لمصفاة البترول في بورتسودان من 25 ألف برميل في اليوم إلى 70 ألف برميل في اليوم.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية بتاريخ 26 مايو 2001م ما يلي (دشنت وزارة الطاقة العمل في بناء خط أنابيب لنقل خام البترول من ميناء بشائر إلى مصفاة بورتسودان بطول 18 كلم بتكلفة تبلغ مليون دولار وبطاقة تبلغ 100 ألف برميل في اليوم، وطبقاً لمصادر وزارة الطاقة، فقد تم انجاز 13 كلم ويتوقع انجاز الباقي خلال أسبوعين لضخ الخام إلى المصفاة. وتقول الوزارة أنها تسعى لتطوير المصفاة لرفع طاقتها إلى 70 ـ 75 ألف برميل في اليوم، وتطويرها إلى مصفاة شبه معقدة.

    (23) وحتى تكون الصناعة ذات فائدة اقتصادية واجتماعية للبلاد، فيجب أن يعتمد انتاجها على مواد خام محلية، أو تعمل على تشجيع تلك المواد وأن يحقق انتاجها اكتفاءً ذاتيا كليا أو ذاتيا للبلاد، أو يساهم في التصدير بحجم تجاري وأن يوفر فرص العمل لمواطني البلاد وأن تنتشر المصانع في الريف بقدر الإمكان حتي تعمل على وقف الهجرة من الريف وتساعد في انعاشه اقتصادياً.

    إن البلاد في حاجة لمصانع تحقق الإكتفاء الذاتي من السلع الأساسية مثل السكر والأقمشة الشعبية والخيش. إن البدء بتصنيع المنتجات الزراعية مثل السكر والأقطان والذرة والقمح والكناف في شكل منتجات صناعية للاستهلاك المحلي والتصدير له آثاره الجيدة على المشتغلين في الانتاج الزراعي في شكل عائد أكبر يحفزهم لانتاج أكثر. كذلك يجب تشجيع رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية لاستثمار أموالها في الصناعة.

    ويجب إعداد وتنفيذ ومتابعة برنامج للتنمية الصناعية باسلوب علمي في جمع المعلومات ودراسة الموارد من زراعية وصناعية وتخطيط أراضي ومناطق صناعية تراعي البيئة.

    وإعداد دليل شامل للاسثمار الصناعي في البلاد في مجالات الصناعة يحوي مشاريع محددة ومعلومات عن المنطقة لاقناع المستثمرين المحليين والأجانب.

    واصدار المجلات الدورية وعقد الندوات والمؤتمرات بهدف زيادة الوعي الانتاجي وإنشاء مراكز تدريب وبحوث لدعم المصانع.

    وكذلك تنشيط القطاعين التعاوني والخاص ليؤديا دورا فعّالا في الإنماء الصناعي.

    إن الموقع البيئي المتميز للبلاد يجعلها مناسبة للصناعة ولا سيما الكيمائية والتعدينية وصناعة الأسماك والثروات البحرية والصناعات التجميعية. كما يجب تشجيع وترغيب المواطنين بالحوافز في الدخول في القوى العاملة الصناعية.

    إن أكبر مشاكل الصناعة في بلاد البجه هي عدم وجود الطاقة الكهربائية الكافية للصناعة كذلك عدم توفر المياه الكافية للصناعة مما يخلق نزاعا مستمرا بين المواطنين والمصانع حول الماء ولهذا يجب إنشاء محطة مركزية مشتركة للطاقة وتحلية المياه. والإهتمام بزيادة وتنمية الطاقة الكهربائية وتوفير طاقة كهربائية زهيدة للصناعة والري والعمران كذلك إقامة محطة تحلية لمقابلة احتياجات المصانع.

    وبالإضافة إلى المصانع يجب الإهتمام بالصناعات الريفية والتقليدية والحرف اليدوية بهدف ترقيتها وخلق التكافؤ المنشود في الأحوال الاجتماعية والاقتصادية كوسيلة لوقف تيارات الهجرة إلى المدن بحثاً عن فرص للعمل إذ يمكن عن طريق هذه الصناعات توفير التوظيف للرحل من الرجال والنساء.
    الثـروة البـحـرية والسمكية

    (24) إن بلاد البجه تتمتع بساحل يبلغ طوله حوالى 717 كيلومتراً على البحر الأحمر الذي ما زال بكرا وهو ثروة لها دورها الهام في التنمية بما له من موارد من الأسماك والأصداف والرخويات.

    وحتى تكون الفائدة ذات جدوى من هذه الموارد فإنها تحتاج إلى مسح شامل للمياه الإقليمية لاكتشاف مناطق صيد جديدة تكون غنية بالأسماك مع اجراء دراسة للأسماك نفسها وتتبع هجرتها وتحديد أماكن توالدها لحماية تلك الأماكن.

    والعمل على تحديث وسائل الصيد وذلك باستيراد معدات الصيد الحديثة، وتدريب المواطنين علىها، ومكننة قوارب الصيد في المناطق النائية والعودة بانتاجهم بالسرعة المطلوبة. واقامة المعسكرات بمناطق تجمعات المواطنين أو قربها حسب ملاءمة الموقع لعمليات الصيد وتجميع الإنتاج وتقديم الخدمات الضرورية لهذه المعسكرات من ثلج ومعدات ووسائل لترحيل الإنتاج لمناطق الاستهلاك وتسويقه وتوفير قطع الغيار للماكينات وغير ذلك من الخدمات اللازمة. وتملك الآن معدات الصيد لأعضاء الجبهة القومية من الشماليين الذين يعملون في وظائف حكومية بالميناء بواسطة قربهم من مركز اتخاذ القرار (1986م).

    وكذلك التوسع في المصائد الساحلية وتطويرها وترقيتها باتباع أحدث الطرق وسن القوانين اللآزمة لحماية هذه المصائد.

    وينبغى تمليك جميع معدات العمل للمواطنين العاملين بهذه المعسكرات وهو الطريق الأمثل الذي اهتدت إليه منظمة الأغذية، وبموجبه تستطيع الدولة التحكم في ضبط الانتاج وتسويقه، واستقطاع قيمة المعدات. ويتميز سكان الساحل بميل فطري واستعداد نحو مهنة صيد الأسماك.

    إن تنفيذ هذه الخطة يهدف إلى مضاعفة الانتاج الحالي إلى خمسة أضعاف على أقل تقدير وبالتالي فإن استيعاب الأيدي العاملة سيتضاعف هو الآخر، كذلك بالإضافة إلى إرتفاع دخل المواطن والذي ينتج منه تحسن مستواه المعيشي وحالته الإجتماعية، كما تساعد هذه الخطة على استقرار بعض الرحل إلى جانب توفير الغذاء الهام لهم.

    كما يقُترح في مجال استغلال الثروات السمكية والبحرية أن تقوم الدولة بالمساهمة في تكوين الجمعيات التعاونية والمحلية لصيد الأسماك ليعمل بها مواطنو المنطقة الساحلية وتتطلب هذه الخطة قيام مصنع لتعلىب الأسماك في مدينة سواكن التي تتحول إلى مركز لتجميع الانتاج السمكي وتصبح مصدرا لتزويد بورتسودان وتوكر وكسلا بالأسماك.

    أما بالنسبة للمحار فينقسم المورد إلى قسمين:

    الأول هو مورد المحار والكوكيان من المياه الطبيعية والثاني هو مورد المحار من مزرعة محار اللؤلؤ بخليج دنقناب.

    وفيما يختص بزراعة المحار فلقد تم في عام 1904م استقدام خبير في الأحياء المائية للاستفادة منه في معرفة مدى إمكانية استغلال الثروة المعدنية، وقام الخبير باختيار منطقة دنقناب شمال بورتسودان لتكون مزرعة للمحار، ونجحت المزرعة نجاحا باهراً حتى وصل انتاجها في السنوات الأخيرة إلى 300 طن في العام، ولكن تم اغلاق هذه المزرعة في عام 1922م بعد أن هبطت أسعار المحار عالميا.

    وفي عام 1958م قامت الحكومة باستقدام خبير لاعادة فتح المشروع ونجح المشروع مرة أخرى وأقبل مواطنو المنطقة يعملون في المشروع، ثم قسمت لهم مزارع جماعية وازدهر المشروع وإرتفع انتاجه السنوي وظهر أثره الطيب على سكان المنطقة.

    ثم فكرت الحكومة في زراعة اللؤلؤ واستقدمت الخبراء من اليابان. وأثبتت التجارب نجاح زراعة اللؤلؤ قدما منذ عام 1968م حسب الخطة المرسومة، ولكن في شهر مارس عام 1969م أصيب المشروع بكارثة ومات معظم المحار وتوقف المشروع.

    (25) وعلىه فإنه يجب إجراء الأبحاث على مزارع المحار واكتشاف سبب الوباء وعمل إجراءات وقائية للمستقبل.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عن الأصداف في بلاد البجه ما يلي: على بعد 80 ميلاً شمال مدينة بورتسودان يرقد خليج دنقناب حيث يزخر بالثروات البحرية وخاصة الأصداف. وهو منطقة التوالد لأصداف محار اللؤلؤ والكوكيان وتليه منطقتا الشيوخ وسواكن. ويبلغ سعر كيلو الصدف بين ثلاثة وأحد عشر دولاراً أمريكياً. وقدر عمر بعض الأصداف التي وجدت مطمورة في شواطيء خليج دنقناب بحوالى 1500 عام. وبدأت زراعة الأصداف عام 1905 عندما وفد إلى (السودان) من الغردقة بمصر الانجليزي سايرول كروسلاند، وبعد سبعة عشر عاماً من البحث توصل كروسلاند إلى طريقة لزراعة الأصداف في قاع البحر. وتوقف هذا النشاط عام 1922 بسبب كساد ما بعد الحرب العالمية الأولى. وجرت محاولة لإعادة هذا النشاط عن طريق خبير منظمة الفاو المستر ريد الذي عمل بالبلاد في الفترة من 58 ــ 1964. وفي مارس 1969 حدثت كارثة الهلاك الجماعي للأصداف حيث هلكت ستة ملايين صدفة، وتلت ذلك ثلاث مراحل، استغرقت الأولى بين 78 ــ 1985 في اجراء البحوث للبدائل وتقنين الوسائل وتدريب الكوادر في كندا. والمرحلة الثانية كانت بين 85 ــ 1991 حيث عنت بتطبيق الحزم التقنية في مزارع نموذجية، أما المرحلة الثالثة والأخيرة فقد بدأت عام 1991 حتى يومنا هذا (1997) وتعنى بتعميم زراعة الأصداف على ساحل البحر الأحمر بعد أن تم تقصير فترة الاستزراع من 7 سنوات إلى 3 سنوات. ويخلص تقرير أوردته مجلة البدائل المتخصصة إلى أن منطقة البحر الأحمر وخاصة منطقة دنقناب وسواكن بهما مخزون هائل من الأصداف الطبيعية، وخليج دنقناب هو المنطقة الوحيدة في العالم التي تتم فيها جميع مراحل الزراعة في الوقت نفسه، حيث أن الدول الأخرى تحتاج في كثير من الأحيان إلى الحصول على XزريعةZ الأصداف من دول أخرى نائية وهي مكلفة، وهذه ميزة استثمارية تقلل من التكلفة وترفع العائدات وهناك استراتيجية لبلوغ انتاجية أصداف في حدود 600 طن في العام.

    وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية أيضاً بتاريخ 27/12/1996م ما يلي:ــ بدأت عمليات زراعة الأصداف بالبحر الأحمر تنتشر بصورة كبيرة في اطار مشروع المزارع العائلية للأصداف بخليج دنقناب بمحافظة حلايب والذي تقوم بتمويله منظمة أوكسفام، حيث بلغ عدد المزارع في المشروع 36 مزرعة بالإضافة إلى البرنامج المقترح لإضافة 15 مزرعة أخرى للمشروع بنهاية هذا العام، كما ستتدخل إدارة المصائد البحرية في هذا المجال بزراعة 33 مزرعة بمنطقتي محمد قول ودنقناب وذلك بعد توقف المشروع الكندي لزراعة الأصداف.

    أوضح عبد الله جادين مدير قسم أبحاث البحر الأحمر بأن هذه المشاريع ستتم في تنمية المجتمعات الساحلية، وحماية الموارد البحرية بالمحافظة على المخزون الطبيعي للأصداف، إلى جانب تحقيق بعض من الايرادات لقسم الأبحاث لتمكينه من القيام بدوره كاملاً، وذكر أن المشاريع ستدر عائدات من العملات الأجنبية مؤكداً الإقبال المتزايد على مبيعات الأصداف في الأسواق العالمية.

    ويقوم قسم الأبحاث بتغطية كل الجوانب الفنية والبحثية، وإعداد الدراسات وتحديد الحزم التقنية وتدريب الصيادين في مجال زراعة الأصداف بالساحل، بالإضافة إلى علاقات التعاون بين القسم والمؤسسات التعليمية والبحثية وتقديم الدعم اللآزم لهذه المؤسسات والاستفادة من البيانات الخاصة بالقسم. ويقوم القسم أيضاً إلى جانب الأبحاث بمهام الرقابة والمتابعة وعمليات النظافة لمزارع الأصداف لتفادي ظاهرة الهلاك الجماعي للأصداف مؤكداً اختفاء هذه الظاهرة منذ العام 1994م.

    الاستثمارات البحرية

    أوضح محمد الحسن الدرديري مدير إدارة المصائد البحرية حجم التطور في مجال استثمار الموارد البحرية خاصة في مجال الأسماك، وذلك بعد الانتقال من مرحلة المشاريع الاعاشية، وقيام نظام الشركات وتشجيع رؤوس الأموال الأجنبية والمحلية للعمل في هذا المجال، مشيراً إلى قيام الشركة السودانية السعودية للأسماك، وشركة فيكود التابعة لبنك الثروة الحيوانية بالإضافة إلى مشروعات التنمية المشتركة مع هيئة المساعدة البريطانية، ومنظمة الأغذية والزراعة العالمية، حيث إرتفع حجم الانتاج إلى 35 ألف طن سنوياً دون التأثير على حجم المخزون الطبيعي للأسماك.

    وقال الدرديري بأن هناك مساع مبذولة حالياً لإكتشاف وتطوير مصائد الجمبري في المراسي جنوب سواكن، حيث توجد حوالى 71 ألف هكتار من المناطق البحرية التي يمكن استخدام طرق الصيد بالجرافات فيها، خاصة في مناطق مرسى ترنكتات وخليج عقيق وخور نوارات ودلتا توكر. هذا بالإضافة إلى زراعة الجمبري التي بدأ العمل فيها أوائل ديسمبر الجاري من خلال شركة الأقاليم الدولية لاستزراع الجمبري، لانتاج 30 ألف طن سنوياً، هذا إلى جانب التركيز الحالي على تصدير زعانف سمك القرش والحبّار للأسواق العالمية. وحول إنجازات إدارة مصائد الأسماك، فإنها قامت بتحديث وسائل الصيد وتمليك القوارب للصيادين، وتوفير معدات الصيد إلى جانب إنشاء ثلاثة مصانع للثلج لحفظ الأسماك. وإنشاء مركز حديث لتوزيع الأسماك وتوفير وسائل نقل الأسماك. بالإضافة إلى تشجيع النشاط التعاوني بإقامة جمعيات الصيد وتدريب الفنيين والصيادين على مهارات الصيد وحفظ الأسماك.

    زراعة الجمبري بولاية البحر الأحمر

    جاء في صحيفة البيان الإماراتية عدد يوم 10/8/1998م الآتي Xما زالت المساعي جارية من أجل انجاح زراعة الجمبري على ساحل البحر الأحمر، بعد نجاح الحكومة في اقناع شركة أجنبية ألمانية للعمل في هذا المشروع الحيوي، وتبلغ تكلفة المشروع (16 مليون دولار لانتاج 3 آلاف طن من الجمبري وتصنيع 40 ألف طن من التونة و65 ألف طن من الأعلاف علاوة على تشغيل 3 آلاف شخص، وتبلغ عائداته السنوية (400) مليون دولار.


    مشروع سوداني صيني لصيد الأسماك:

    جاء في صحيفة البيان الإماراتية عدد يوم 11/8/98 الآتي Xمشروع سوداني صيني لصيد الأسماك: أعلن مدير الإدارة العامة للأسماك والأحياء المائية بوزارة الثروة الحيوانية عن مشروع للصيد وتصنيع الأسماك بساحل البحر الأحمر بتكلفة 18 مليون دولار بالتعاون مع شركة (بانتاي الصينية) في إطار العرض التفضيلي الثاني المقدم من حكومة الصين. وقال إن التوقيع على هذه الاتفاقية سيتم في نهاية أغسطس الحالي وأن كافة مراحل المشروع ستكتمل خلال تسعة أشهر من تاريخ توقيع العقدZ. وجاء في صحيفة الرأي العام، 30/9/2000، Xوقعت الشركة العربية للاستثمار البحري والتجارة المحدودة (سودانية) مع شركة شانداو للتجارة الصينية على العقد النهائي لشراء أسطول صيد بقيمة 8،6 مليون دولار بتسهيلات سداد لمدة خمس سنوات يضم اثنتي عشرة سفينة صيد. ويتوقع أن يكون انتاج العام الأول ثلاثة آلاف طنZ.

    الـلــؤلــؤ

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد يوم 27/4/98 الآتي Xأعلن محمد خير حسن مدير إدارة الأسماك والأحياء المائية بوزارة الثروة الحيوانية، أن العائد المتوقع من مشروع استخراج اللؤلؤ بالبحر الأحمر يبلغ 50 مليون دولار. وقال إن العمل بالمشروع وصل مراحل متقدمة ويتوقع أن تكتمل المرحلة النهائية العام المقبل. وأضاف أن شركة لؤلؤ الخليج التي تبنت المشروع استطاعت خلال هذا العام زراعة مليون صدفة لانتاج مليوني لؤلؤة. الجدير بالذكر أن هذه الشركة هي مساهمة بين حكومة السودان وشركة أسترالية وأخرى عربيةZ.

    الثروة السمكية في البحر الأحمر

    جاء في (دراسة للأستاذ أحمد الحسب عمر من مركز الدراسات الاستراتيجية السوداني) يتبدى رصيد البحر الأحمر من الثروة السمكية، من خلال دراسة أجريت عام 1984م أوضحت أن ناتج الأسماك في تلك السنة قد بلغ 4،74 ألف طناً، جرى اصطياد معظمها من الطرف الجنوبي، حيث بلغ متوسط انتاجية الكيلومتر المربع 54،0 طناً سنوياً، مع ملاحظة أن معظم الانتاج كان من أسماك القاع. وقد توصلت الدراسة إلى نتيجة مفادها، زيادة انتاجية البحر الأحمر من الأسماك من 40 ألف طناً عام 1974م إلى 4،74 ألف طناً عام 1984م أي ما يقارب 100% خلال عشر سنوات. وقد أشارت وثيقة لمنظمة الزراعة والأغذية (الفاو)، صدرت عام 1976م، إلى وجود بعض مصائد الأسماك قصيرة السباحة (السطحية) التي لم تستغل استغلالاً كاملاً في الطرف الشمالي من البحر الأحمر، وهي من نوعية الساردين والتونة. وقد جاء في الوثيقة أن الإمكانات الكامنة للثروة السمكية في البحر الأحمر ربما تصل إلى 180 ألف طناً في العام. وأوردت منظمة الفاو أيضاً (حسن خليل، دراسة 1993م) أن حجم الثروة السمكية في البحر الأحمر (الساحل السوداني) تقدر بحوالى 000،10 طن في السنة دون تأثير على المصائد. وحسب تقديرات هيئة المساعدات يقدر الانتاج السنوي بحوالى 000،35 طناً سنوياً، المستغل منه حالياً حوالى 500،1 طناً عن طريق الصيادين التقليديين 1000 طناً، و500 طناً عن طريق الجرافات الأجنبية/ (السودانية). وتقدر السوق المحلية لمدينة بورتسودان، وفق تقديرات مصلحة الصيد بحوالى 500،1 طناً سنوياً، بمعنى أن المستخرج حالياً بواسطة الصيادين المحليين والشركات الأجنبية/ (السودانية) يمكن أن يغطي السوق المحلية للمدينة. وفي واقع الأمر فإن الناتج المحلي لا يغطي احتياجات السوق المحلية، إذ أن انتاج الشركات الأجنبية/ (السودانية) يتم تسويقه خارج السوق المحلية علاوة على شراء جزء من انتاج الصيادين التقليديين بواسطة هذه الشركات بتوفر إمكانات النقل والترحيل لدى هذه الشركات مع اغراءات السعر المجزي في الأسواق الخارجية، خاصة وأن احتياجات هذه الأسواق من الأسماك يقدر بحوالى 000،3 طناً وفق تقديرات مصلحة الصيد. (إنتهى). إلا أن دراسة أخرى أجريت في عام 1985م، أوضحت أن الانتاج السنوي الكامل الكامن يتوقع أن يصل إلى 160 ألف طناً، وأن أكثر من 50% من هذه الانتاجية تأتي من المصائد التقليدية، وما تبقى يرد من مصائد الجر الشانشولا. ويتميز الجزء الجنوبي الغربي للبحر الأحمر على شماله بكثرة انتاجيتة ما عدا خليج السويس.

    يمتد الساحل السوداني بطول 717 كيلومتراً، وبمساحة رصيف قاري تبلغ 9800 كيلومتراً مربعاً، ورغم ذلك فإن الناتج السوداني من الأسماك البحرية لم يتجاوز 5،4 آلاف طن عام 1984م، وهذه تمثل نسبة منخفضة إذا ما قورنت بالانتاج العربي من الأسماك البحرية. كما لم يزد متوسط انتاجية الكيلومتر المربع عن 46،0 طناً سنوياً، وهو أقل المعدلات بالنسبة للبلاد العربية المطلة على البحر الأحمر. وإذا علمنا أن انتاجية السودان لعام 1974م كانت 8،0 ألف طناً، لوجدنا أنها تضاعفت أربع مرات تقريباً، حتى عام 1984م. وقد عزت الدراسات التي أجريت على المصائد السودانية هذه الزيادة لاستخدام قوارب الصيد الميكانيكية وتوفر الثلج والنقل، خاصة في منطقة سواكن، كما أن معظم الانتاجية من الأسماك تصطاد في الربع الأخير من العام. ويستهلك السودان، بصفة عامة، كل ما ينتج من أسماك (5،29 ألف طناً). وخلال عام 1984م استوردت البلاد 12،0 ألف طناً وصدرت 4، 0 ألف طناً. أما معدل استهلاك الفرد فهو أقل المعدلات في البلاد العربية حيث لم يتجاوز 4،1 كلغم في العام، ومن الواضح أن المعدل ظل مستقراً منذ 1980م/1982م ــ 84/1985م، مما يدل على ضعف الانتاجية، بل صعوبة تسويق الجزء اليسير منها من ناحية ووجود البدائل البروتينية من ناحية أخرى.

    وتشمل المنتجات البحرية عدا الأسماك الطازجة، الأسماك المصنعة مثل الفسيخ والسمك المجفف والزرمباك والمحار والجمبري والصرصار والعذيري، وهذه منتجات ذات عائد مجزي من العملات الأجنبية. ولا تتعدى نسبة التصدير من هذه الأصناف 17% فقط. كذلك فإن البحر غني بأسماك تجارية تصلح للتصدير مثل أسماك القرش والحبّار والبهار والشعري والعربي والناجل والتونة والفارسي والكوريب.

    ولتأمين البحر كمصدر قومي للثروة يجب حماية ساحله وأعماقه باستغلال موارده استغلالا علميا واصدار القوانين الصارمة لحماية الشُعب والحيوانات والنباتات.

    وكذلك التأكد من عدم تلوث البحر بالنفايات من زيوت المصانع والبواخر وانشاء المناطق المحظورة والحدائق البحرية للمحافظة على توازن البيئة وتشجيع صناعة السياحة.

    وبالنسبة لصناعة الملح يقترح إنشاء مصنع حديث لانتاج الملح في مدينة سواكن وذلك بادخال الطرق والأساليب الحديثة والمطوّرة في الحصول على الملح من مياه البحر حتى يمكن تغطية الاستهلاك المحلي وتصديره للخارج خاصة لدول وسط افريقيا. وينتج عن ذلك الاستغناء عن تلك المساحات الكبيرة التي تشغلها منطقة انتاج الملح الحالية في أهم أجزاء مدينة بورتسودان، حيث حصل عليها الشماليون عن طريق المحسوبية بينما لا يجد أي من أهل البلاد قطعة صغيرة تأويه.

    الأسماك في ولايتي كسلا والقضارف

    يمثل النهران شبه الدائمين، أتبره والرهد (المشروع الهولندي EPKP)، أهمية كبرى كمزودين بالأسماك. ويعود صيد الأسماك في نهر الرهد إلى زمن بعيد. وقد أخذت قرية الحواتة اسمها من صيد الأسماك، فقد كانت في يوم من الأيام أكبر سوق للأسماك المجففة في (السودان) الشمالي. وقد ساعد وجود الخزان على توفر الأسماك التي يتم صيدها من البرك التي يخلفها النهر عند تراجعه أو تقطعه. ويبدو أن التجارة في الحواته بدأت تنحسر. ولا يعرف سبب ذلك، أهو المنافسة من المناطق الأخرى أو على صيد الأسماك، أو الاستخدام العشوائي للطعم المسموم. ويمكن صيد (800) طن من بحيرةخزان خشم القربة.

    السـيـاحــة

    (26) السياحة ظاهرة إجتماعية من ظواهر النشاط الإنساني. وهى عبارة عن عملية الانتقال الوقتية التي يقوم بها الأشخاص فيتركون مواطنهم الأصلية أو محال اقامتهم إلى أماكن أو بلاد أخرى لأغراض الإقامة على سبيل الإرتياد. ويترتب على انتعاش السياحة في أي بلد نتائج اقتصادية في دفع عجلة التنمية منها خلق فرص عمالة جديدة في القطاع السياحي وتنشيط بعض القطاعات الأخرى كخلق أسواق جديدة للصناعات الداخلية حيث أن السائح ينفق جزءاً كبيراًbمن إنفاقه في شراء منتجات محلية من البلد الذي يزوره والتأثير على حركة المشروعات العامة كالطرق والنقل وتخطيط المدن.

    ولقد أثرت السياحة إلى حد كبير في توازن ميزان التجارة الخارجية في كثير من الدول وتحتاج كثير من الدول إلى رسم سياسة عامة للنهوض بالسياحة بها. وقد وضعت بعض الدول أهدافا للتخطيط السياحي منها هذه الأهداف:

    1) رسم السياسة العامة والخطط والبرامج لتنشيط السياحة الخارجية والداخلية.

    2) الإعلام السياحي لتعريف السائحين بالمعالم السياحية وتوفير المعلومات.

    3) تنظيم وإعداد الإتفاقيات السياحية.

    4) تنظيم المؤتمرات والحلقات الدراسية المتعلقة بالسياحة.

    5) الإشراف على تنمية المناطق السياحية ومؤسساتها والفنادق.

    وتتميز بلاد البجه بمقومات سياحية نادرة من ساحل صاف بكر، وجبال وأودية تزخر بالحيوانات الوحشية النادرة. وكل هذا متوفر في زمن كثر فيه التلوث البيئي وتعرضت فيه الحياة البرية للفناء. وكذلك توجد فىbالبلاد الآثار التاريخية والحربية فىbمدينة سواكن وفي الشمال حيث توجد المناجم التي كان يستغلها الفراعنة لاستخراج الذهب. هذا بالإضافة إلى الجوانب التراثية والثقافية والدينية التي تشكل جانبا هاما من الحياة في هذه البلاد.

    في مجال المصايف يجب الإهتمام بمصيف أركويت وأهميته التاريخية حيث يوجد ضريح الأمير عثمان دقنة، إذ يجب إقامة متحف للآثار التاريخية التي تتعلق بالأمير والمعارك الحربية التي دارت في تلك المنطقة. وإقامة قرية للتراث وسباقات للهجن والخيول والحمير.

    كذلك يجب التوسع في بناء الفنادق في أركويت على أن تكون على مستويات مختلفة لتناسب معظم الطبقات. وإقامة معارض موسمية وإعداد مواسم للفرق الفنية والمسرحية، والتوسع في إنشاء حدائق الفواكه، ومشاتل الزهور، وقيام حديقة للحيوانات. بالإضافة إلى الإهتمام بتجهيز مطار أركويت، ورصف الطريق البري من أركويت إلى سنكات وجبيت. وكذلك يجب التوعية بالسبل المتاحة لأهمية الغطاء النباتي لجمال أركويت كمنطقة سياحية، وإعلانها منطقة حظيرة مقفولة لاستغلالها قوميا والاستغلال الأمثل للمنطقة للموارد الطبيعية من بساتين ونباتات الزينة.

    أما بالنسبة للحيوانات الوحشية النادرة والتي انقرض أكثرها من أنحاء العالم الأخرى، فإنها توجد بكثرة في البلاد.

    ويمكن الاستفادة من هذه الحيوانات النادرة باعتبارها موردا طبيعيا متجدداً عن طريق السياحة في عالم اليوم. ويوجد بالبلاد القدرة والنوعية من الحيوانات ما يمكن أن يحقق الهدف الاقتصادي.

    وللوصول إلى هذه الغاية يجب وضع الاعتبار لتوفير الحماية التي تحتاجها هذه الحيوانات حتى تتكاثر وتنمو للحجم القابل للاستثمار، وكذلك يجب شق الطرق وتسهيل سبل المواصلات إلى مناطق تواجد الحيوانات، مع توفير سبل الراحة والاستجمام. كذلك يجب تنظيم الدعاية اللآزمة لجذب أنظار العالم السياحي. وبهذه الطريقة يمكن جذب السياح للتصوير والصيد مقابل رسوم مالية. ومن الحيوانات النادرة بالبلاد معز الجبل والغزال بأنواعه، والطيور بأنواعها والجاموس والزراف والذئاب والحمر المخططة والنمور والثعالب. كما أن مدينة سواكن التاريخية تعتبر من أقدم الموانيء على البحر الأحمر ولقد نالت في فترة القرن التاسع عشر إهتماما عالميا كبيرا نتيجة للصراع الدامي الذي دار بين البجه وجنود بريطانيا على مشارف سواكن، ولا زالت آثار المعارك باقية في شكل قلاع وحصون وبوابات وأسوار. ويمكن قيام مشروع سياحي في منطقة سواكن لاستثمار ثرائها التاريخي وموقعها كمشتى بحري.

    السياحة البحرية

    (26) إن الساحل تكثر فيه المناظر الخلابة والمواقع الجميلة ولاستغلال هذا الساحل البكر اقتصادياً، يجب الإهتمام بصناعة السياحة الداخلية والخارجية، وتشجيع المشاريع السياحية مع توفير الخدمات السياحية وتشجيع الاستثمارات في السياحة.

    كذلك تجهيز لنشات حديثة للصيد في البحر، وزوارق آلية ذات قواعد زجاجية لرؤية الشعب المرجانية والأحياء المائية في قاع البحر، والتصوير تحت الماء وإقامة مهرجانات سنوية لصيد الأسماك، وانشاء فنادق واستراحات سياحية مجهزة بأحدث وسائل الراحة، وقيام مراكز لصناعات التحف معتمدة على منتجات البحر من الاصداف والقواقع المرجانية. كذلك يجب حماية الحياة البحرية من التلوث والفناء.

    يمتد الساحل (السوداني) لمسافة 717 كيلومتر (الأستاذ هاشم خورشيد، دراسة 1993م). وبه أكبر كمية من الشعب المرجانية الأكثر لفتاً للأنظار في العالم وتعتبر البكر الوحيدة. وتضمن المياه الصافية كالبلور ظروفاً مثالية للغوص على مدار العام حيث تكون درجة الحرارة حوالى 30 درجة مئوية. وتعد منطقة سنجانيب ببحيرتها من أمثل المناطق حيث أصبحت محمية بحرية ذات حماية عالمية. وتتيح في البحيرات التي تتوسط الجزر المائية والتكوينات المرجانية فرصاً ذهبية لمشاهدة الأحياء المائية مثل السلحفاة والسفن العملاق والقرش. كذلك القرش النمر الذي تنمو له ويستخدم ويستغني عن ألفي سن كل عام. ويوجد تحت سطح الماء الكثير من الحطام بما فيها السفينة الإيطالية الأسطورة الحربية XأمرياZ، حيث صوّر هانز هاس وجاك كوستو أفلامهما المشهورة. كذلك معمل الأبحاث الذي بناه جاك كوستو تحت الماء في شعب الرومي. وتوجد أيضاً على الساحل جزر غير مأهولة مثل أم القروش في شمال شرق بورتسودان، حيث يعتقد الصيادون المحليون أنها مستعمرة القروش وتقصدها إناثه عند الوضوع. وتوجد أيضاً جزيرة مكوار وبها جبل مقرسم حيث توجد فيها أغنام توحشت بمرور الأيام. وعلى الجنوب توجد كمية من الجزر غير المأهولة التي بها أطلال أثرية تعود للعصور الأموية وما قبلها وتمتاز بشواطيء رملية تجعلها مثالية كبلاجات. وتشاهد في أحيان نادرة قطعان الدولفين في منطقة أبو كيزان. أما قرية عروس السياحية فهي القرية السياحية الوحيدة Xقامت في هذه المنطقة بمبادرة مني وإرشاد لمكانها للدكتور الخلوق أحمد الضوي من مؤسسة السياحة آنذاك أملاً في أن تساعد في تنمية المنطقةZ. ومن المدن الساحلية القديمة سواكن وعيذاب بآثارهما التاريخية. أما مدن الداخل التي تستحق الزيارة فتوجد سنكات بأشغالها اليدوية التقليدية والآثار التاريخية. وتقف أركويت، الملاذ الصيفي للمصطافين، شامخة بضريح الأمير عثمان دقنة (اقترحت تشييده على السيد/ كرم الله العوض وتابعت التنفيذ حتى اكتماله مع المجسمات التاريخية الأخرى في سنكات ومجسم الأمير في بورتسودان حيث كان المجسم الأول من فكرة وتنفيذ الفنان المرحوم الأستاذ أحمد المصطفى) الذي حطم أسطورة المربع البريطاني، أما علوها فهو يعد الثالث بعد جبال الأماتونج وجبل مرة. وتوجد على امتداد الساحل أبراج تعود لزمن الحجاج اليهود والمسيحين الذين كانوا يسافرون من الحبشة إلى بيت المقدس. كذلك توجد مقابر حجرية قديمة شمال مدينة بورتسودان في سلاله أسير.


    محمية الصيد في الرهد

    تقع حظيرة الرهد المحمية في الجزء الجنوبي الأقصى للولاية. وقد تم إنشاؤها بمقتضى قانون حماية الحياة البرية لعام 1935م لحماية الحيوانات البرية في المنطقة. وهي امتداد جغرافي لحظيرة الدندر والتي تقع على الشاطئ الثاني لنهر الرهد، وهي تابعة أيضا لبلاد البجه، وقبل إنشاء المحمية كانت المنطقة ملاذاً لأعداد كبيرة من الحيوانات الوحشية في موسم الجفاف ومحطة في طرق هجرتها. لقد كان أول إضرار للحيوانات البرية والطيور بسبب حيوانات الرعي والرعاة، الذين طردوا من منطقة مشروع الرهد الزراعي. والسبب الثاني هو اتساع المشاريع الزراعية الآلية في المناطق غير المخططة التي ضايقت وأقفلت مسارات هجرة الحيوانات البرية وبدأت في تقليص وجودها في موسم الجفاف وقضت على مستوطناتها. وإضافة لهذا فإن النشاطات الأخرى مثل قطع الأشجار وصنع الفحم النباتي والصيد أدت إلى مزيد من التدهور في المحمية.

    علاوة على هذا فإن عدد المستوطنين الجدد على طول حدود الولاية الجنوبية قد تضاعف خلال الخمسة عشر عاماً الماضية. وأدى هذا إلى هجرة معظم الحيوانات إلى حظيرة الرهد أو عبر الحدود إلى أثيوبيا. وفي الوقت الحالي فتوجد في المنطقة مجموعة صغيرة فقط من الحيوانات البرية .

    وفي واقع الأمر فإن حظيرة الرهد للحيوانات البرية ليس لها وجود الآن، إذ لم تجد أي اهتمام كاف من الدولة. وحالياً فإن الحماية الوحيدة تتوفر لها من قبل مجموعة صغيرة من حرس الصيد، تقيم في دوكة، وتفتقر إلى وسائل النقل وهي غير فعالة إطلاقاً لوقف التعديات بواسطة المزارعين والصيادين. لقد بذلت جهود للحفاظ على أجزاء من الحظيرة لإقامة امتداد لحظيرة الدندر ولإقامة مزيد من الحظائر الأخرى في الولاية للغزلان والحمير الوحشية والحيوانات والطيور الأخرى، ولن تنجح هذه الجهود إلا باتخاذ إجراءات حاسمة لمنع الزراعة وتربية الماشية وصنع الفحم النباتي وقطع الأشجار والصيد. ولتنفيذ هذا يجب توفير فريق عمل مؤهل مزود بالمعدات اللآزمة لحماية الحياة البرية، وقبل هذا يجب إتخاذ سياسة فعالة لإنقاص مساحة المشاريع الزراعية الآلية.

    الإحصائيات السياحية

    بلغ عدد اليخوت العابرة عبر ميناء بورتسودان (د. أبوبكر عبد الحميد، دراسة 1993م) عام 1987م، 102 يختاً، دفعت 2606 دولاراً. وعام 1988م، 133 يختاً. وعام 1989م، 79 يختاً. وعام 1990م، 126 يختاً. وعام 1991م، 34 يختاً. وعام 1992م، 78 يختاً دفعت 75،3695 دولاراً. وتناقص عددها بسبب ارتفاع الرسوم المطبقة عليها.

    وبلغ عدد السواح القادمين عن طريق وكالات السياحة عام 1986، 647 سائحاً. وعام 1987، 865 سائحاً. وعام 1988، 922 سائحاً. وعام 1989، 710 سائحاً. وعام 1990، 670 سائحاً. وعام 1991، 245 سائحاً. وعام 1992، 513 سائحاً. وبلغ عدد السواح القادمين بدون وكلاء 229 سائحاً من 1986 إلى 1992، وهذا يمثل عدد السواح القادمين لغير السياحة في البحر. وبلغ إجمالي عدد السواح 5030 سائحاً، العرب منهم 1207 سائحاً. ويبلغ عدد وكالات السفر والسياحة في ولاية البحر الأحمر 17 وكالة، تعمل منها في مجال اليخوت 3 وكالات فقط. وورد في ورشة العمل لتطوير السياحة لعام 1998، أن عدد السواح في عام 1995 بلغ 744 سائحاً بعائد 130 ألف دولار، وفي عام 1996 بلغ 667 سائحاً من السواح العرب بعائد 120 ألف دولار. أما في عام 1997 بلغ عدد السواح العرب 634 سائحاً عربياً و10 سواح أجانب بعائد 140 ألف دولار.

    يرى الكابتن عبد الحليم محمد عبد الحليم (الكوامن والأسرار، دراسة 1998م) بأن الساحل (السوداني) له مزايا إيجابية بموقعه الجغرافي وخلوه من التيارات البحرية القوية، وتميزه بالنمو المتفرد للبيئة وخلوه من التلوث وصفاء مياهه، وشمسه الساطعة طوال العام، وتفرده أيضاً بكونه قبلة لهواة الغطس والتصوير تحت الماء. وأجرى مقارنة بالنمو الذي حدث للسياحة البحرية على الساحل المصري حيث تجاوزت عائداتها المليار دولار سنوياً. كما ذكر في دراسة سابقة المعوقات من صعوبة إجراءات التأشيرات والجمارك وتحويل النقد وعدم انتظام الرحلات الجوية والبيروقراطية، والتعسف الأمني والتفتيش الفجائي المسلح في عرض البحر، وسرقة أغراض السواح من اليخوت أثناء غوصهم مما يسيء للسياحة والبلد كله.

    قامت السياحة في البحر الأحمر وسواحله بمجهودات فردية من أبناء المنطقة. وكان هناك دور مشهود لكل من الكابتن عبد الحليم وموسوعة البحر الأستاذ عبد النبي سليمان والأستاذ هاشم خورشيد ورجل الأعمال حميدو والأستاذ إبراهيم طه والسيد أحمد الصادق والسيد إبراهيم آداب والسيد حسن علوي وغيرهم. وبالرغم من هذه الجهود الكبيرة إلا أن المعوقات والعراقيل التي تضعها السلطات في طريق هذا العمل تقف كصخرة سيزيف.
                  

01-14-2006, 06:26 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    المـواصـلات

    (2 تعتبر وسائل المواصلات في أي بلد من المقومات الأساسية التي تساعد على تنمية واستغلال ثرواته الطبيعية والبشرية. وكذلك فإن التبادل التجاري ودرجة نشاطه بين أجزاء البلاد يعتمد أساسا على مدى توفر وسهولة وسائل النقل بأنواعها المختلفة. لقد كان لشبكات الطرق البرية التي تربط المدن بالقرى الزراعية دور فعّال في توفير الطعام لسكان هذه المدن حيث ساعدت على نقل الخضر والفاكهة والحاصلات الزراعية التي تنتجها القرى إلى هذه المدن وفي نفس الوقت ساعدت على نقل الأجهزة الميكانيكية الزراعية. كما مدت الزراعة بحاجتها من الأسمدة الكيماوية والبذور والمبيدات الحشرية، بالإضافة إلى أنها ساعدت على تقريب الفوارق بين الريف والحضر على أن يراعى في الطرق سلامة البيئة.

    (29) إن وجود الطرق المعبدة وتوفر وسائل النقل من العوامل الهامة لتطور أي منطقة. والمواصلات هنا تمثل تحدياً للتنمية. فالطرق هنا لا تعدو أن تكون أما ممرات من الصخور أو الرمال وهذه الرداءة لها آثارها على نقل المواد التموينية وترابط السكان وسرعة تحركهم، مما أدى إلى العزلة والتشتت على أطراف البلاد المترامية وتبع ذلك عدم مواكبة السكان للتطور الذي يحدث حولهم وعدم الانفتاح إلى آفاق أخرى خارج قوقعتهم لتلقي ما هو مفيد، لذا اعتمدوا على الوسائل البدائية في كل مرافق الحياة وهذا قاد إلى تخلفهم.

    (30) يظهر من دراسة طبيعة وسائل النقل والمواصلات أنها متنوعة، ولكنها لا تفي بحاجة البلاد، وشكّل سوء وضعف المواصلات والنقل أهم العقبات التي تعترض خطة التنمية الاقتصادية. ويوجد بالمنطقة أطول خطوط للسكك الحديدية أكثر من أي اقليم آخر في (السودان). وأن جميع الطرق البرية غير مرصوفة، أو معبدة وتغلق الطرق الرئيسية والهامة أمام حركة النقل بأوامر ادارية في خلال موسم سقوط الأمطار. وتقوم السلطات المحلية سنويا بمسحها وإعدادها لحركة السيارات بعد نهاية تلك الفترة من العام وأصبح ميناء بورتسودان الوحيد لا يتحمل حركة السيارات بعد نهاية تلك الفترة من العام لإمكاناته المحدودة مما أدى إلى قيام ميناء سواكن الجديد.

    ولقد تم في السنوات الأخيرة الماضية تشييد الطريق البري للسيارات الذي يربط بورتسودان بالخرطوم ويمر بكسلا، ونسبة لضيقه وعدم وجود إرشادات مرورية عليه، أو وجود دوريات أو مراكز لشرطة المرور، فلقد كثرت حوادث السيارات وذهبت أرواح كثيرة نتيجة لرداءته ولعدم وجود سيارات اسعاف أو مستشفيات قريبة منه.


    ويمثل النقل الجوي أحدث وسائل النقل حيث يربط الخرطوم مع المدن الكبرى في البلاد ويعتبر مطار بورتسودان أكبر مطار في البلاد. وبقية المطارات ليست معدة إعدادا حديثا بالتسهيلات الضرورية ويمكن القول بأن جميع وسائل النقل والمواصلات تتأثر بل تتعطل في فصل سقوط الأمطار خاصة في منطقة جنوب توكر وغيرها، مما يجعل بعض مناطق البلاد في عزلة تامة عن باقي المناطق مما يصعب معه إسعاف المرضى أو مد المنطقة المنكوبة بالغذاء وتتساوى في ذلك السكك الحديدية والطرق البرية مع حركة النقل الجوي.

    إن عدم وجود طرق معبدة للمواصلات تتخلل كل البلاد يشكل أكبر العوامل التي ساعدت على استمرار الانغلاق الحضاري وعدم الإنفتاح. كما أنه ساهم في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية الضرورية لارتفاع تكاليف الترحيل إلى مناطق تتسم بإنخفاض الدخول والفقر. تعتبر الطرق من أهم البنيات الأساسية للتنمية (م. عبد الله محمد عثمان، دراسة 1993). وقبل الشروع في التنمية لا بد من بناء الطرق أو على الأقل تمهيدها. وبالرغم من أن تكلفة الطرق باهظة ولا توفر عائداً مباشراً غير رسوم الطرق، إلا أنها تدعم الاقتصاد القومي بالتوفير في استهلاك الوقود وقطع الغيار، وتساعد على نقل البضائع والخدمات والناس. وتساعد الطرق الجيدة في تنمية المجتمع وربطه بالحضارة، وزيادة دخل الأفراد من الخدمات التي تقدم للعابرين. ويظهر هذا في المناطق التي يمر بها طريق بورتسودان الخرطوم.

    وتفتقر البلاد إلى الطرق المعبدة، والطريق الوحيد الذي أنشيء، الهدف منه نقل الواردات والصادرات وفرض الأمن. كذلك أسهم بناء الطرق بدون دراسات في تدمير البيئة.

    ولهذا يجب الاهتمام بالطرق الفرعية التي تخدم أغراض استغلال الموارد الطبيعية.

    (31) كذلك فتح الطرق في المنطقة الشمالية الغربية وصولا إلى ربطها بمناطق التعدين وبقية أجزاء البلاد. كما وأن الطرق التقليدية الوعرة بالبلاد والتي تكلف صيانتها مبالغ سنوية كبيرة تحتاج إلى عمليات ضخمة لتعبيدها ورصفها وحمايتها من الرمال المتحركة عن طريق الأحزمة النباتية لتضطلع بدورها الهام - ومن أهم احتياجات ساحل البحر الأحمر في مجال المواصلات بناء طريق ساحلي طويل يربط كل الساحل من الشمال إلى الجنوب، وكذلك الاهتمام بالمراسي الساحلية الصغيرة، لربط الساحل بحريا بمدينة بورتسودان في حالة إنقطاع الطرق البرية، وبالإضافة إلى تسهيل المراسي لعملية تصدير المعادن في المناطق الشمالية والجنوبية مثل الحديد والاسبستوس والغاز في منطقة قرورة.

    الصحــة

    (32) تقاس قيمة المجتمع بقدر ما يتمتع به أفراده من صحة تساعدهم على العمل وتجعلهم قادرين على حماية حقوقهم وحقوق المجتمع الذي يعيشون فيه. فالفرد العليل الذي لا يستطيع أن ينتج أو يساهم في الإنتاج المثمر يكون خسارة مادية على بلده.

    ولذلك كان تحسين صحة الأفراد ضرورة أولى في عمليات التنمية الاجتماعية التي تحتاج إلى تخطيط طبي شامل، ويشمل هذا أهدافاً عاجلة وأخرى على المدى الطويل.

    تتفشى في بلاد البجه أمراض سوء التغذية والسل الرئوي الذي يحصد الأرواح. والدرن واحد من الأمراض التي اختفت من الوجود فيما عدا بلاد البجه وثلاث دول أخرى. وهو يفتك بالآلاف ويبيد أسراً بكاملها، وتسبب في مآسي اجتماعية مؤلمة، كالطلاق، والتشرد والتفكك الأسري (بتصرف من تحقيق أجراه الأستاذ التاج عثمان من صحيفة الرأي العام في اكتوبر 2001م) والوصمة الاجتماعية التي تلحق بالمصاب وأسرته!

    وينتشر الدرن الرئوي بصورة مكثفة في ولاية البحر الأحمر لأسباب عديدة. ومن هذه الأسباب الفقر حيث تضعف مناعة الإنسان ويصبح فريسة للمرض وهذه نتجت أيضاً من موجات الجفاف والتصحر والمجاعات المتكررة، كذلك قدومه مع اللآجئين والنازحين من الولايات الأخرى بسبب الحرب أو الجفاف حيث تجتذبهم ولاية البحر بموانئها التي هي سبب كل المصائب. ومما عمق المشكلة عدم اهتمام الدولة، إضافة إلى عدم انتظام المرضى في العلاج، وعدم وجود احصائيات بالمرضى، وتخفي الأسر مريضها عن الأطباء. وبلغت نسبة الوفيات بين المرضى عشرة في المائة. ويوجد الآن خمسة عشر مركزاً للدرن منتشرة في ولاية البحر الأحمر الشاسعة وهو عدد قليل بالنسبة لمساحة الولاية.

    وقد اختصرت وزارة الصحة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية فترة علاج المرض من (12ـ 1 شهراً إلى ثمانية أشهر. وتبلغ تكلفة العلاج خمسون ألف دينار.

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية عدد 19/9/2002، أن عدد المصابين بمرض الدرن في ولاية البحر الأحمر في النصف الأول من العام 2001 بلغ 270 حالة إصابة، منها 20 حالة وفاة، وتم شفاء 198 حالة، وفي النصف الأول من العام الحالي بلغ عدد الحالات المسجلة 333 حالة درن رئوي إيجابي معدٍ و136 حالة درن رئوي غير معدٍ، و140 حالات درن خارج الرئة.

    وبلغت جملة الوفيات الناجمة عن مضاعفات السل الرئوي في البلاد عام 1973، 1078 حالة في (السودان) كله، وللبجه نصيب كبير في هذا الرقم نسبة لحالة الفقر المدقع الذي يعيشه معظم السكان البجه وعدم توفير الرعاية الصحية الكافية. ويتضح هذا من بيان نصيب الفرد من الخدمات الصحية ففي المدن الكبرى هناك طبيب واحد لكل سبعة آلاف شخص، وسرير واحد لكل أربعة الآف شخص. أما في الريف والمدن الصغرى فهناك طبيب واحد لكل ثمانين ألف شخص، وسرير واحد لكل خمسة عشر ألف شخص (1974). لا بد من الإشادة بالجهود الشخصية للأطباء طه بليه ومحمد أحمد علي واسماعيل نابري، وحالياً الأطباء عبد الله أحمد عمر وسيد أحمد وأبو آمنة وخليل محمد علي وغيرهم.

    ويعد قصور الخدمات الصحية في البلاد واحداً من العوامل السلبية التي ساعدت على عدم اقبال المواطنين علىbالإنتفاع بالخدمات الطبية الحديثة واستمرار الاستعانة بوسائل العلاج التقليدية. ولا يوجد عدد كاف من الأطباء العموميين أو الأخصائيين في البلاد ووجودهم رمزي في عدد من التخصصات التي يحتاجها المواطنون.

    وبالرغم من أنه نتيجة للهجرة للمدن وقيام أحياء هامشية حولها تدهورت صحة البيئة إلى حد ما، إلا أن السبب الرئيسي لتفشي الأمراض من حميات وأمراض صدرية وغيرها نتج بصورة أساسية عن وجود الميناء ومستودعاتها والفقر المفروض على البجه، وما يسمى بمشاريع التنمية من صوامع غلال ومصفاة بترول ومقاصب (مسلخ) ومطاحن غلال ذات انتاجية عالية، والمحجر الصحي الذي يحتل 60 فدانا إلخ، حيث لا تراعى في هذه المشاريع لا سلامة صحة البيئة ولا السكان. وبالرغم من أن هذه المشاريع تدر للخزينة العامة المليارات، فإن العاصمة لا تخصص لهذه البقرة الحلوب نسبة لدرء مخاطر الأمراض التي تسببها مشاريعها. ومن المفارقات أن يقوم مدير هيئة الموانيء بصرف الملايين لتعمير ميناء في حلفا للكسب الوظيفي والسياسي، بينما لا ترصد أية ميزانية لتصحح الأضرار البيئية التي سببتها، أو حتى تحسن مصادر المياه والكهرباء التي تسببت في ضائقتيهما. وعجزت السلطات عن تقديم الخدمات اللآزمة للمواطنين خاصة البجه سكان الريف وأطراف المدن، عكس ما تقوم به في الجزيرة حيث تخصص ميزانية من المشروع للتنمية والصحة وغيرها.

    ونجد بدلا من التقدم والتحسن، اللذين تروج لهما السلطات في تبجح زيادة مطردة في سوء التغذية، وتدهورا متزايدا في بنية البجاوي وفي نمو السكان، وهذه شواهد محددة على أن الظروف تصبح أكثر سوءا. وتشير الإحصائيات الدولية إلى أن عدد البجه انخفض إلى النصف في العشر سنوات الأخيرة (1994).

    ومن المسلم به الآن بشكل عام، أن سوء التغذية الخبيث يعد سببا هاما من أسباب الإجهاد البجاوي - إن النساء البجاويات يكون لديهن عادة حوض أصغر مما لدى النساء عند بقية الشعوب، وذلك في حد ذاته يرجع إلى سوء التغذية خلال فترة النمو العظمى عندما كانت المرأة نفسها طفلا - ونتيجة ذلك ليس ولادة محفوفة بالمخاطر المتزايدة فقط، ولكن حجم الحوض وسوء التغذية في فترة الحمل يسفران عن طفل صغير الحجم بصورة استثنائية، وهو طفل يعاني من نقص في تكوين أعضاء داخلية معينة، ويكون وزنه أقل من الوزن الطبيعي. وثمة علامات أخرى تصاحب هذه الحالة مثل التغيرات في الدم، وفي البروتينات الموجودة بالسائل الدموي وفي هضم جميع أشكال الطعام وفي الكبد وفي البنكرياس والكلى أيضا. ولا يقتصر سوء التغذية على سلب البجاوي طاقته وجهده، فهو بالإضافة إلى ذلك يجعل منه فريسة سهلة للأمراض، التي ترجع مباشرة إلى نقص التغذية وكذلك الأمراض التي يعزى استسلامه لها إلى عجز جسده المتضور جوعاً عن توفير أي مقاومة لها. وتكشف الحقائق جميعا أن الصحة السيئة والمرض هما مصير البجاوي وقدره.

    وبالنسبة لعدد المؤسسات والكوادر الصحية الموجودة حالياً في بلاد البجه فتوجد الإحصائيات الآتية:-

    المرافق الصحية في ولاية البحر الأحمر

    يوجد في الولاية 17 مستشفى، وعدد أسرتها 860 سريراً، ويقابل كل سرير 502 شخصاً في مدينة بورتسودان، وسرير لكل 2028 شخص في بقية الولاية، أما في توكر فيقابل كل سرير 9729 شخص وهي أعلى نسبة. وتتركز المستشفيات في بورتسودان. ويوجد 6 مستشفى ريفي، و30 مستشفى خاص، ومجموع المراكز الصحية العاملة 17، والمتوقفة إثنان. الشفخانات العاملة 26، والمتوقفة 4. نقاط الغيار العاملة 25، والمتوقفة4. وحدات الرعاية الصحية165، والمتوقفة 21. ويوجد بنك واحد للدم في كل الولاية. ويستشف من هذا أن محافظتي حلايب وتوكر هما الأفقر من حيث الخدمات الصحية.

    بالنسبة للأطباء فيوجد 28 أخصائياً، يقابل الواحد منهم 036،24 شخصاً، و30 نائباً يقابل الواحد منهم 433،22 شخصاً، و36 طبيباً عمومياً يقابل الواحد منهم 694،18 شخصاً، و4 أطباء أسنان يقابل الواحد منهم 250،168 شخصاً. وهذه النسب لا تعطي صورة حقيقية للواقع، حيث يتركز كل الأطباء الأخصائيون في بورتسودان. ويندرج هذا الواقع على مراكز الأمومة والطفولة وغيرها من الخدمات الصحية، حيث هي فقيرة جداً في الريف، خاصة منطقة حلايب التي تعد الأفقر صحياً ولا يوجد مستشفى بين بورتسودان وحلايب بالغم من كبر المساحة والموجود في حلايب لا يمكن أن يسمى مستشفى.

    أما بالنسبة لكوادر مجال الطفولة والأمومة، فيوجد 6 أخصائي نساء وتوليد، و32 زائرة صحية، و155 قابلة قانونية، و28 ممرضة قابلة، و7 مساعدة زائرة، و163 قابلة تقليدية مدربة، و3 قابلة تقليدية غير مدربة، و5 ضابط تغذية، و53 مرشدة تغذية (2000م).


    صحة البيئة

    خدمات صحة البيئة بولاية البحر الأحمر تعتبر نشاطاً حضرياً، حيث تنعدم في أرياف الولاية، ويندرج هذا على كل ولايات البجه. وبالرغم من هذا، فإنها ضعيفة أيضاً في المدن الحضرية. فالمدن تعاني من تدهور مريع، تتمثل مؤشراته في إنتشار الأوبئة والأمراض البيئية مثل الملاريا، وتراكم النفايات الصلبة والأوساخ وتوسع رقعة الأحياء الشعبية والميناء بمستودعاته ومخلفاته وكيماوياته، مما جلب الداء للسكان. يقابل كل مفتش صحة أكثر من 72000 شخص، ويقابل كل ضابط صحة 37000 شخص في محافظة البحر الأحمر (في كل من بورتسودان وسواكن).


    المرافق الصحية في ولاية كسلا

    ويوجد في ولاية كسلا (11) مستشفى وعدد أسرتها (1113) (منها إثنتان متخصصتان). ويوجد (37) مركز صحي، و(81) شفخانة، و(56) نقطة غيار، و(153) وحدة صحية. وبلغ عدد المترددين على المستشفيات والمراكز الصحية خلال العام الماضي (32166 مريض. ويعمل في هذه المؤسسات الصحية (31) طبيب إمتياز وعمومي، و(9) أخصائي، و(7) أطباء أسنان، و(5) صيادلة، و(110) مساعد طبي عمومي، و(19) مساعد طب أسنان، و(7) سسترات، و(42) زائرة صحية، و(280) قابلة قانونية، و(190) قابلة تقليدية، و(6) ضابط تغذية، و(22) مرشدة تغذية، وواحد ضابط تحصين ولاية، و(6) ضابط تحصين منطقة، و(13) مفتش وضابط صحة، و(61) ملاحظ صحة، و(70) مساعد ملاحظ صحة، و(120) عامل ملاريا، و(72) عامل بلهارسيا. من هذه الإحصاءات يتضح ضعف الخدمات الصحية في الولاية، خاصة في مجال الوقاية، حيث يوجد طبيب واحد متخصص في هذا المجال، وأيضاً في مجال رعاية الحوامل فعدد القابلات والزائرات الصحيات ومرشدات التغذية وبقية العاملين في هذا التخصص القاتل قليل جداً بالنسبة لعدد السكان وتفشي الوفيات أثناء الولادة.

    المرافق الصحية في ولاية القضارف

    عدد العاملين في صحة البيئة في ولاية القضارف هم 4 مفتشي صحة، و(4) ضباط صحة، و(75) ملاحظ و(811 مساعد ملاحظ، و(262) عامل. والمؤسسات الصحية العلاجية بالولاية:- (15) مستشفى، و(27) مركز صحي، و(17) مركز طفولة وأمومة، و(50) شفخانة، و(73) نقطة غيار، و(107) وحدة صحية، و(23) منطقة صحية.

    وفي كثير من مناطق البجه تنتشر أنواع الأمراض المعوية. وتعد الملاريا والسل من الأوبئة الرئيسية، وفي كثير من المناطق تسجل الإصابة بأمراض الجهاز التنفسي، ومن بينها مرض السل، معدلا رهيبا. والبجاوي العادي يكون أقل من الحجم الطبيعي ومصابا بالانيميا وفريسة للأمراض. (وصلتنا الإحصائيات الصحية والتعليمية المنشورة هنا بجهود مقدرة من الأستاذة الفاضلة نعمات مصطفى محمد، الأستاذة سابقاً بكلية التربية بجامعة كسلا، وللأستاذة نعمات دراسات قيمة عن اللغة البجاوية وجهود مقدرة لتطوير البجه).

    (33) وفي سبيل الوصول إلى مجتمع ينعم بالخدمات الصحية فيجب تعميم الوعى الصحي والتغذية السليمة والطب الوقائي والاجتماعي وإنشاء وحدات للأمراض المستوطنة، وللتثقيف الصحي. ومناشدة هيئة الصحة العالمية للعمل على استئصال السل الرئوي والزهري والملاريا من البلاد. وكذلك إنشاء وحدات علاجية ووقائية متنقلة في الريف وبين قبائل الرحل حتى يتسنى التوازن في الخدمات بين الريف والمدن.

    كما يجب الاهتمام بالأمومة والطفولة إذ أن كثيراً من الأطفال حديثي الولادة وأمهاتهم يروحون ضحية سوء التغذية، وانعدام الوعى الصحي. ونشر مراكز رعاية الطفولة والأمومة في الأرياف والمدن، وتدريب الكوادر الفنية من أبناء وبنات الريف في مجالات الصحة الوقائية والعلاجية للعمل بمناطقهم. وأيضا إنشاء وتدعيم وحدات الإحصاء الصحي للقيام بالمسوح والدراسات لتحديد حجم المشاكل الصحية، وتوفير الدواء بالمستشفيات العامة لتكون في متناول المرضى.

    أما بالنسبة للأرياف فيجب إنشاء وحدات علاجية متنقلة ومد المراكز الريفية بسيارات إسعاف مجهزة بأحدث الوسائل. كذلك يجب الإهتمام بسلامة البيئة لدرء الأمراض.


    الأمراض ومكافحتها

    أوضحت تقارير مستشفى بورتسودان (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992، وهو من زعامات البجه المتعلمين وتولى مناصب عامة عديدة وأسهم في محاولات تطوير البجه) الحقائق الآتية:

    ــ عدد وفيات الأطفال هذا العام (1993) بلغت 8،12%.

    ــ عدد المصابين بسوء التغذية في 12/1990، 31%، وبلغ 7،19% في6/ 1992.

    ــ أما السل الرئوي الذي انتشر بصورة فظيعة في مدينة بورتسودان (وبشكل مكثف في الأحياء العشوائية ــ الشعبية) فقد بلغ 1638 حالة في شهري أكتوبر ونوفمبر 1992. كما بلغ عدد المصابين بالسل الرئوي الذين جاؤوا من الريف 1302 حالة في نفس الفترة.

    ــ بلغت وفيات النساء الحمّل في بورتسودان وحدها 8% عام 1991. والصورة أكثر فظاعة في الإحصائيات التي تستخلص من بقية بلاد البجه، هذا إذا كانت توجد هناك مستشفيات، أما الريف حيث من المؤكد أنه لا توجد مستشفيات ولا احصائيات فإن البجه يموتون من هذا الداء اللعين ولا عين رأت ولا أذن سمعت!

    وهذا كله يقودنا إلى حقيقة أن حجم الخدمات الصحية مع مقارنتها بالرقعة الجغرافية التي تشملها هذه المحافظات وحجم التشتت السكاني فيها، فإن ما يقدم يعتبر هامشياً مثل، احتفال ولاية البحر الأحمر في شهر فبراير 1999 بتدشين 12 سيارة إسعاف لخدمة المناطق الريفية في الولاية. وتستغل هذه السيارات في تنقلات المسؤولين والساسة وأسرهم إلخ.

    طرق مكافحة الأمراض ومسبباتها

    Xمن مذكرات بروفسير دينيس بيركتسZ

    إن تطور المعرفة العلمية قد زاد البراهين على أن كل الأمراض تقريباً ناتجة عن عوامل في البيئة. وبالرغم من هذا يمكن أن يتراوح تأثيرها حسب قابلية الفرد أو مقاومته ضد عوامل البيئة المختلفة. وهذا ليس صحيحاً فحسب في الأمراض التي تتطور بعد الولادة، ولكنه صحيح أيضاً في الأمراض الموجودة عند الولادة والتي تعرف بالأمراض الخلقية. وهذه قد تنشأ في بيئة ضارة داخل الرحم، وهذه النماذج تتمثل في بلاد البجه في التشوه الجنيني الذي تسببه الأمراض التي تتعرض لها المرأة أثناء الحمل، وسوء التغذية الذي ينتج عنه نقص المقاومة ضد الأمراض.

    وبما أن المسببات الرئيسية للأمراض موجودة في البيئة التي نعيش فيها، فهذا يعني أن طريقة تجنب الأمراض والاحتفاظ بصحة سليمة، يجب أن تكون في إتجاه تحديد سبب المرض ثم تخفيف حدته واستئصاله، أو توفير الوقاية ضد العوامل الضارة الكامنة بالبيئة.

    وبالإمكان على نطاقات مختلفة الإفلات من الآثار المرضية للعوامل المضرة في بيئتنا بطريقتين، تخفيف المسببات وتوفير الوقاية. كما يمكن استخدامهما معاً في آن واحد.

    إن خطر العدوى بالكائنات المجهرية يزداد عن طريق الإزدحام والذي يسهل نقل العدوى من شخص لآخر، وكذلك التصريف غير الصحي لمياه المجاري. وإلى حد بعيد مياه الشرب الملوثة التي تنتشر في بلاد البجه. ولقد أصبحت الصحة العامة المطوّرة والمحسنة عاملاً رئيسياً في الإقلال من الأمراض المعدية.

    ويمكن استعمال جهاز المناعة في الإنسان لتوفير مناعة محددة ضد أمراض معينة عن طريق حقن الجسم بجرعات آمنة من الجراثيم المسببة تحفز أعضاء جهاز المناعة إلى الاستعداد والهجوم. وبهذه الطريقة فإن أمراضاً كثيرة تنتشر في بلادنا، مثل الدفتيريا والسحائي والجدري والحمى الصفراء وحتى الحصبة يمكن تخفيف آثارها أو حتى القضاء عليها بالتحصين الوقائي، وهذا عائد إلى أن كل الأمراض تقريباً في بدايتها ، هي نتيجة للعوامل البيئية، وبالتالي فإن إنقاص هذه العوامل أو إزالتها يعتمد كثيراً على تحديد نوعيتها ومحاصرتها أو استئصالها.

    القضاء على الأمراض المعدية

    إن الأمراض المعدية ـ وهي التي تسببها البكتيريا والفيروسيات والجراثيم الطفيلية المتعددة الأشكال ـ هي من أكثر مسببات الوفيات في بلاد البجه.

    ولهذا فإن درهم وقاية خير من قنطار علاج. وبالرغم من هذا، فإن لدى كثير من الناس فكرة خاطئة، هي أن العلاج الأفضل والطب المطوّر المتقدم قاما بدور حاسم في القضاء على الأمراض المعدية، ولكن تاريخ تداعي هذه العلل الصحية يوضح جلياً بأن الحال ليس هكذا. إذ أن السبب الرئيسي لتحقيق هذا الإنجاز في البلدان المتقدمة هو الصحة العامة المطوّرة وعلى وجه الخصوص التصريف الصحي الأفضل للمياه سوية مع الاشتراط على مياه شرب نقية وحليب خالٍ من الدّرن ـ والذي ينتشر في بادية البجه ـ كما أن الإسكان المحسن المزّود بتجهيزات غسل أفضل وتخفيف الإزدحام السكاني أسهمت مع التدابير الأخرى في الإقلال من مخاطر الإتصال بالمرض وتقليل الكائنات العضوية.

    وكما سبق وذكرنا فإن أكثر أسباب الوفيات في بلاد البجه هي الأمراض المعدية.

    ويمكن إنقاص الأمراض الوبائية بتدابير توجه لتحديد نوعيتها، وتخفيف مسبباتها. أما الأمراض التي تنتج عن التلوث الغائطي فيتم إقلالها بتصريف مياه البالوعات بصورة صحية أفضل، وتلك التي يتم نقلها بواسطة الحشرات، مثل الملاريا الخ . . فيتم تقليلها بمهاجمة الحشرات الناقلة لها وبالنسبة للبلهارسيا فيتم تقليلها بالقضاء على القواقع الناقلة للميكروب، إذ أن إبادة الوسيط (الناقل) للجراثيم يخترق دورة إنتقاله.

    إن ما تجنيه الصحة في بلاد البجه من فوائد ينتج عن توفير إمدادات الشرب النظيفة والتصريف الصحي السليم للمياه وتوفير دورات مياه عامة صحية في السكن الشعبي (العشوائي) وهذا يفوق كثيراً الفوائد التي تنتج عن بناء مستشفيات ذات تقنية متقدمة في البلاد. وبالرغم من الحاجة لكليهما فإن ترشيد الإنفاق يجب أن يتم حسب الأسبقية، وليس كما هو الحال الآن، أو كما يعتقد الكثيرون.

    إن النقطة الهامة هنا، هي أن صحة الجماعة تعتمد على جهود الوقاية من المرض أكثر من محاولة علاجه. ولقد عمل الطب العلمي المألوف وما يعرف بالطب البديل، عملا كثيراً على معالجة أو تخفيف المرض مع اهتمام قليل لتحديد المسببات واستئصالها.


    أولوية الوقاية في ترقية وتحسين الصحة

    إن الافتراض الشائع عند العامة وحتى عند كثير من العاملين في المجال الطبي ـ من الذين يستثمرون أمراض الناس في جمع ثرواتهم ـ بأن الطب العلاجي له أثر عظيم على صحة المجتمع وهذا بالطبع غير صحيح. فالطب العلاجي هو طب إلتئامي، وهو بطبيعته يعمل على مداواة المرض وليس على الوقاية منه. وعن طريقه تم تخفيض تواتر عدد قليل جداً من الأمراض، بخلاف الأمراض الشديدة العدوى عن طريق تطوير نوعية العلاج. ولهذا فإن الأولوية تكون للوقاية من الأمراض بإزالة مسبباتها في البلاد،والتطعيم والتحصين.

    يقول الدكتور فؤاد حيدر Xإن تدني المستوى الصحي هو سبب للتخلف، إلا أنه سبب محدود، فالتحسن العميق للحالة الصحية لا يمكن تحقيقه بوسائل الوقاية الصحية والطبية فقط. فالحالة الصحية لمجتمع من المجتمعات ترتبط بالذهنية العقلانية وبالتربية، لأنه إذا تم التوصل إلى تحسينات ملموسة على مستوى الأوبئة والأمراض فإن الإنتقال إلى مستوى أفضل، يفترض تربية وذهنية عقلانية ووقاية صحية لا يمكن أن تأتي إلا كنتيجة للتطور، إن بناء المستشفيات الفخمة المتقدمة لا يحسّن المستوى الصحي، بل من الأنسب تعليم السكان طرق ووسائل الوقاية الصحية.Z


    وباء الكلازار في ولاية القضارف

    ذكرت منظمة الصحة العالمية في تقرير لها من جنيف أن 2500 مريض بالكلازار (اللشمانيا) عادوا مراكز أطباء بلا حدود في القضارف بين أكتوبر وديسمبر 97، وأن 200 إلى 250 شخصاً منهم توفوا، عدا كثيرين آخرين توفوا خارج المركز بسبب عدم توفر العلاج لهم. وقد تضاعفت نسبة الإصابة بالمرض بمعدل 400 في المائة بالنسبة للفترة نفسها من العام 1996، وإن كان منتشراً بشكل خاص بين اللآجئين من المناطق الحدودية. ومن أعراضه فقر الدم ونقص في كريات الدم البيضاء وارتفاع درجة الحرارة وانخفاض وزن الجسم وتضخم الغدد الليمفاوية والكبد، وهو من الأمراض التي تصيب كل الأعمار، إلا أن معدلات الإصابة ترتفع لدى الأطفال والشباب. ولولا كشف منظمة الصحة العالمية لهذا الوباء، لتسترت عليه حكومة الخرطوم كالعادة. وقد أدى هذا الكشف إلى توجه حملة للاستهلاك السياسي إلى القضارف تتكون من نائب رئيس الجمهورية ووزير الصحة الإتحادي. ويذكر أنه تم تسجيل أول حالة كلازار في (السودان) في محافظة القلابات بنهر عطبرة (جريدة البيان الإماراتية بتاريخ 26/12/199، وفي عام 1997 شكل المرض أكبر المشكلات الصحية في الولاية، وبالذات في جنوب الولاية على ضفاف أنهار الرهد وعطبره وسيتيت. ومن الاحصاء الصحي اتضح أن المستشفيات تستقبل ثمانية آلاف حالة في العام. وقد ارتفعت نسبة الوفيات مؤخراً لاتساع الخريطة الوبائية وعدم توفر وسائل المكافحة ومن ثم أصبحت محافظتا الرهد والقلابات هما الموبؤتان. وتصل تكلفة علاج الفرد إلى نصف مليون جنيه. وتنفق الولاية شهرياً مليون و200 ألف جنيه في معالجة حالات الكلازار. وقد عم الآن المرض في كل الولاية في مساحة 72 ألف كيلو متر مربع، ووصل عاصمتها القضارف. إن هذا الوباء يهدد بالإنتشار في كل بلاد البجه نتيجة للتجاهل الذي تلاقيه من الوالي وحكومة الخرطوم.








    المجـــاعـات

    السبب الرئيسي

    لقد أثرت المجاعات في ثقافة البجه وأصبحت لها أدبيات نسبة لكثرتها وضررها. واطلقت عليها مسميات مثل، مجاعة 20/ 1921 فقد سميت XكرباجيتZ لأن السلطات استخدمت السوط لتنظيم الصفوف، أما مجاعة 40/1941 فسميت XفوليهZ لأنه تم توزيع الفول المصري عليهم، ومجاعة 49/ 1950 فسميت Xسرار هيوكبياZ أي النجمة أم ذنب التي تزامن ظهورها مع المجاعة، ومجاعة 59/ 1962 فسميت XأمريكانيZ لتقديم أمريكا إغاثة للبجه، ومجاعة 69/ 1972 فسميت XكيلويتZ لتوزيع الإغاثة بالكيلو، وسميت مجاعة 84/ 1985 XخواجهZ لتوزيع الأوربيين للإغاثة، وكذلك يطلق عليها XأدروبZ وتعني الأحمر نسبة للون الأوروبيين. Xراجع التواؤم مع الجفاف في باب أسلوب الحياةZ.

    فالمجاعات ليست بالشيء الجديد على البلاد، فقد ظهرت مع دخول الاستعمار البريطاني للبلاد. وزاد تواترها نتيجة للتخطيط الاستغلالي والإدارة الفاسدة من قبل الحكومات الشمالية العنصرية التي تسمى زيفاً وطنية. وظهرت المجاعات لإهمال الريف وقيام المشاريع الزراعية على حساب المراعي في بلد معظم سكانه من الرعاة. وقبل قيام هذه المشاريع كانت المراعي كافية في مساحات شاسعة. وظهرت أول مجاعة معروفة عام 1913/ 1914، ثم توالى ظهور المجاعات في الأعوام 1918و1919 و1920 و1942، وأشهرها في أيام الحكم البريطاني هي مجاعة عام 1948، أي بعد فترة وجيزة من قيام مشروعات الزراعة المطرية في القضارف، حيث تضرر سكان المنطقة الرعاة من هذه المشاريع. فقد أدى اغتصاب المراعي وتدمير البيئة إلى فناء الثروة الحيوانية فأصبح الرعاة يهيمون بلا حيوانات بعد أن قضت من الجوع ولم يجدوا بديلا لها للإرتزاق. كذلك فإن إقامة المدن الكبيرة من موانيء وغيرها، تبعه قدوم أعداد كبيرة من الشماليين وغيرهم إلى بلاد البجه، وجلب الشماليون معهم عاداتهم وممارساتهم الضارة، مثل صنع الكسرة ومأكولات أخرى يستخدم في طهيها الحطب كوقود. ونتيجة لكبر حجم الوافدين فقد زادت الحاجة إلى حطب الوقود لتتدخن به نساؤهم ولخبز الكسرة وللاستعمال في أفران المخابز. ولمقابلة الاستهلاك الضخم، وصل التعدي حتى الأشجار الخضراء. وساعد إنشاء الطرق الحديثة على الوصول إلى الغابات البعيدة. وهكذا قامت المشاريع الزراعية والمدن ومشاريع التنمية، التي لا يراعى فيها مصالح سكان المنطقة، بتدمير البيئة التي يعيش عليها البجه من خلال رعي مواشيهم. إن بلاد البجه لم تشهد أي مجاعة مؤثرة قبل قيام المشاريع الزراعية الكبيرة وإنشاء الموانيء والمدن الأخرى وتشييد الطرق. من هنا يتضح أن المجاعات هي من صنع الحكومة الحالية وسابقاتها. بل تسعى الحكومة الحالية للقضاء على البجه بسرعة وبكل الطرق، مثل تسميم الأرض كما في مناجم الذهب، وتدمير البيئة وتلغيم المراعي وحظر تحرك الرعاة ومصادرة مواشيهم، وتجويعهم وتركهم فريسة للأمراض حتى تستحوذ على أراضيهم وثرواتهم من بعدهم.

    ولمكافحة حدوث هذه المجاعات، وإيقاف فناء البجه، يجب إزالة كل المشاريع الزراعية الكبيرة والصغيرة، والمؤسسات والمنشآت التي تسمى تنموية، خاصة الموانيء التي جلبت للبجه الحميات والأمراض والتلوث ولا يستفيدون منها شيئاً، بل هي لرفاهية الخرطوم والشمال، كما أنها جلبت لهم من يزاحمهم في بلادهم وأرضهم ومائهم. أما التعدين عن الذهب وغيره وميناء البترول وخطوطه والمنطقة الحرة فيجب إزالتهم على الفور لتدميرهم السريع للبيئة ومساهمتهم في تسريع فناء البجه.

    جاء في كتاب Xكفاح البجهZ للمناضل الأستاذ محمد دين اسماعيل البجاوي عن المجاعة، ما يليوأما المجاعة فقد لعبت دوراً هاماً في أواسط المجتمع البجاوي كغيرها من الأزمات والكوارث التي تصاب بها المجموعات البدائية الساذجة، ووجدته ضعيفاً هزيلاً فقيراً بعد تلك السنوات التي قلّت فيها الأمطار وهلكت مواشيه. ونتيجة لذلك حاول البجه اللجوء إلى المدن، بحثاً عن الطعام. وبدلاً من أن تشملهم السلطات بما يستحقونه من اللطف والرحمة، استعانت برجال الأمن كبارهم وصغارهم لتطردهم من الطرقات وساحات المدن الكبرى حتى Xكما تقول السلطاتZ لا يجدوا فرصة ليستفزوا غيرهم بمناظرهم المؤذية في هذه الجنان وحتى لا يشاركوا غيرهم في النعيم والخيرات، لذا اعتبرتهم السلطات أعداءً للإنسانية، ومجرمين في عرف الدستور وحق القانون، وأناساً يأتون بشيء نكراً، نتيجة لجهادهم لكسب القوت بهذه الوسائل التي كانت لا تتعدى النجدة والتوسل ــ لهذا اعتبرتهم الحكومة المركزية بأنهم يسببون الاشمئزاز لغيرهم من المواطنين، ويخلّون بالأمن العام، لذا لم تترد هذه السلطات وخاصة في الثغر لإخراجهم بقوة السلاح واللسان من حدود المدينة. هكذا حاربتهم الحكومة في المدن كما حاربتهم المجاعة في البادية). ا. هـ

    المجاعات في عهد مايو

    منذ عام 1969 بدأت تلوح في الأفق مؤشرات المجاعة نتيجة للجفاف والتصحر حيث حدثت مجاعة كالحة في جنوب توكر. وبالرغم من علم السلطات بها فإنه لم يتم اتخاذ أي إجراء لتطويق المشكلة أو مكافحة آثارها. وفي منتصف عام 1984 استفحلت المجاعة بصورة لا تمكن من السيطرة عليها - وبالرغم من استفحالها فإن نظام مايو المباد قام بالتستر عليها ومنع أي إعلان عنها حتى لا ينكشف النظام أمام الرأي العام العالمي الذي تسرب إليه الخبر بالرغم من التكتم الشديد عليها وكل ذلك خوفا من مساءلة النظام المباد عما كان يتلقاه من دعم وإعانات وما كان يدعيه من أن (السودان) سلة غذاء العالم - وأعلن السيد ادوارد صوما بأن هناك مليون وأربعمائة ألف شخص يتعرضون للمجاعة في شرق (السودان) - وانتقل الحال بالناس من التضور من الجوع إلى الإصابة بالأمراض نتيجة لإنعدام الغذاء وذهبت نفوس كثيرة وبلغ عدد الموتى مائة شخص في اليوم الواحد. وأمام هذه المأساة الإنسانية هبّ بعض المحسنين من أبناء البجا فقدموا ما جادت به أياديهم من إعانات للمتضررين وقامت الدول الخليجية وعلى رأسها المملكة العربية السعودية ملكا وحكومة وشعبا بإرسال الإعانات العاجلة من غذاء وكساء ودواء إلى البلاد - ولقد كان دور المملكة العربية السعودية بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز دورا إنسانياً كبيراً فلقد تم تجنيد كل وسائل الإعلام لجمع التبرعات كما تم تكوين لجنة لإغاثة المتضررين برئاسة وزير الداخلية وقام الهلال الأحمر السعودي بإنشاء مراكز للإغاثة في بلاد البجه وتم الإشراف المباشر من قبل السعوديين على هذه المعسكرات حتى يؤمنّوا وصولها إلى المقصودين الحقيقيين بعد أن اقتنعوا بفساد النظام. كذلك قامت كل من الكويت وقطر ودولة الإمارات العربية المتحدة بإرسال معونات ومساعدات مقدرة خففت من حجم المأساة.


    المجاعات في الصحف

    استغلال الجوعى لينتجوا للصوص

    جاء في صحيفة الخليج الإماراتية في شهر أكتوبر العام 1996 تقرير إخباري عن المجاعة في بلاد البجه بعنوان Xالمجاعة في شرق السودان تهدد ربع مليون نسمةZ ما يلي: (تعاني مناطق واسعة في شرق السودان من خطر المجاعة نتيجة الجفاف وعدم هطول الأمطار على مدى عامين متتالين. وتشير التقارير إلى أن عدد المتأثرين بالمجاعة بلغ مائتين وستة وسبعين ألف نسمة، فيما يقدر حجم المطلوب من الحبوب بصفة عاجلة للمنطقة تسعة عشر ألف طن من الذرة ونحو ثلاثة آلاف طن من الزيوت والبقوليات.

    وقد وجه الفريق الزبير السلطات السياسية والشعبية بولاية كسلا بضرورة قيام حملة تعبوية وسط المواطنين المتأثرين من النقص الغذائي للتحرك للعمل بمواقع الإنتاج في المشاريع الزراعية للإسهام في سد الفجوة، مع جدولة المبلغ المتبقى البالغ ثلاثمائة وأربعين مليون جنيه سوداني من جملة خمسمائة مليون جنيه، هي الدعم المقدم من الحكومة المركزية بالخرطوم إلى حكومة الولاية. Xيلاحظ أن الحكومة لا تعترف بوجود المجاعة التي هي موجودة أصلاً وتطلق عليها مسميات دبلوماسية مثل ــ فجوة غذائية ــ وهذا رياء منها، كما أنها تطلب من المتضررين أن يعملوا في المشاريع الزراعية التي تدر عليها العملات الأجنبية. فكيف يستطيع الإنسان الجائع أن يعمل، ليس هذا فحسب بل تريده الحكومة أن يعمل بعيداً عن أسرته الجائعة وتريد أن تستغل جوعه وحاجته ليعمل لديها وينتج لها ويترك خلفه أسرة تتضور من الجوع. كان يتوجب عليها أن تقوم بمده بالغذاء ليعمل في مزرعة خاصة به حتى يحصد إنتاجه، وليس للعمل في المشاريع التي تتحدث عنها الحكومة التي هي سبب المجاعة لأنها انتزعت من مراعيه فقلصتها مما تسبب في موت مواشيه وتعرضه للمجاعة. أما موضوع الدعم من الحكومة المركزية للحكومة الولائية فهو تلاعب بالألفاظ الهدف منه تهرب الدولة من مسؤوليتها نحو مواطنيها ــ المؤلف)

    وكان وفد يمثل الولاية برئاسة واليها أبو القاسم قد أطلع السلطات المركزية على الموقف الأمني والغذائي في الولاية وضرورة إيجاد الحلول المالية لتعمير وتأهيل دلتا القاش وإيجاد الآليات العاملة لحصاد الموسم الزراعي الجديد.

    وقد تم إعداد تقرير بواسطة لجنة مسح شملت وزارة الشؤون الاجتماعية والثقافية بولاية البحر الأحمر وشمال شرق السودان والمنظمات العاملة في الولاية ووزارة الصحة والزراعة. كما شمل المسح محافظتي توكر وسنكات، وجنوب بورتسودان.


    المجاعة والإغاثة في توكر وضواحيها

    كتب الأستاذ التاج عثمان في صحيفة الرأي العام في شهر سبتمبر 2001م عن المجاعة والإغاثة في بلاد البجه، وعن توكر وما حولها بالتحديد ما نورده بتصرف. وجدت للأسف توكر التي كانت قصبة زاهرة، تعج وتمتليء بشاحنات الإغاثة التي سارع بها المجتمع الدولي عبر برنامج الغذاء العالمي التابع للأمم المتحدة، لإنقاذ أهلها من الجوع.

    توجد سبعة مراكز داخل توكر لتوزيع الإغاثة، وشاهدت فيها مظاهر البؤس والفقر والعوز في أحلك صورها، والتي حاقت بسكان هذه المدينة الغنية الفقيرة. وبعد عمليات المسح التي أجريت في فبراير 2001م بواسطة برنامج الغذاء العالمي، ومفوضية العون الإنساني، ووزارة الصحة، بالمناطق المتأثرة بالمجاعة، وضح أن عدد المتأثرين بها في ولاية البحر الأحمر بلغ (223) ألف مواطن (الإحصائيات الدولية تقول أنهم 950 ألف مواطن ـ المؤلف) تقرر توزيع مواد غذائية لهم لمدة شهرين فقط، إضافة إلى (573،17) نازحاً، توزع عليهم المعونة الغذائية شهرياً طيلة عام .. وتم تقديم توصيات لتقديم معونات غذائية بحجم (1174) طناً مترياً لمدة شهرين فقط، لحوالى (74) ألف مواطن بسنكات .. وفي أطراف بورتسودان بلغ عدد المتأثرين بالجفاف والمجاعة حوالى (35) ألف مواطن، وزع عليهم البرنامج نحو (556) طناً مترياً خلال مايو ويونيو 2001م.

    أما داخل مدينة توكر فبلغ عدد المتأثرين بالمجاعة نحو (480،44) مواطناً، إضافة إلى (13) ألف مواطن بخور بركة و(280،11) مواطناً بسواحل توكر، حيث دخلت مدينة توكر (185) شاحنة محملة بالمواد الغذائية في الفترة من 13 إلى 19/9/2001م، بمعدل (26) شاحنة يومياً .. وبمنطقة XأوزورZ بلغ عدد المواطنين المتأثرين نحو (217،19) مواطناً .. وهذه المناطق تمثل شمال توكر فقط، وبلغت جملة الكميات التي وزعها البرنامج من المواد الغذائية نحو (1827) طناً مترياً (ذرة شامية + زيت + خلطة XيونيمكسZ). كما أشارت المسوحات إلى أن المتأثرين بالمجاعة في منطقة حلايب بلغ (600،12) مواطناً، ستوزع عليهم خلال أكتوبر القادم نحو (657) طناً مترياً من المواد الغذائية لمدة شهرين ... أما في جنوب توكر، حيث تضررت هذه المنطقة من الحرب والمعارك بين الحكومة والمعارضة وزرع الألغام والقتل والنزوح، فقد بلغ عدد المواطنين المتأثرين نحو (500،13) مواطناً، (كل سكان هذه المنطقة تأثروا ويبلغ عددهم على أقل تقدير 60 ألف شخص ـ المؤلف)، ستوزع عليهم نحو (704) طناً مترياً.

    أرقام مكتبي (برنامج الغذاء العالمي) في بورتسودان وتوكر تذكر أن ما وزعه وسيوزعه البرنامج على ضحايا المجاعة في ولاية البحر الأحمر هذا العام، يصل إلى حوالى (16) ألف طناً مترياً، تم توزيع (10) آلاف طناً مترياً منها على المناطق المذكورة أعلاه، كما تذكر التقارير بأن عدد القرى المتأثرة بالمجاعة بكل الولاية يبلغ (113) قرية!!

    إضافة إلى لذلك فإن البرنامج يوزع (260،45) طناً مترياً من الأغذية لحوالى (3900) مواطناً بالولاية، في إطار برنامج الغذاء مقابل العمل) .. وهناك (20) ألف تلميذ وتلميذة بمرحلة الأساس، و(450) طالباً بداخليات مدارس الأساس والثانوي يستفيدون من مشروع (التغذية المدرسية) الذي ينفذه البرنامج بالولاية .. كما يقدم البرنامج سنوياً (6،22 طناً مترياً لمساعدة (1500) مريض بالدرن الرئوي.

    ونسبة لشح محصولي الذرة والدخن في العام الماضي، فقد بلغت كمية الفجوة الغذائية (60) ألف جوال ذرة ودخن، وقامت المنظمات الدولية بمسح منطقة توكر فقط، باعتبار أن منطقة جنوب توكر يعمل فيها برنامج شريان الحياة، وتم حصر (103) ألف مواطن بشمال محافظة توكر، اعتبر (8 ألف منهم أكثر فقراً وتأثراً بالمجاعة، ويستهدفهم البرنامج حالياً دون الباقين الذين يتعرضون للهلاك.

    واستلمت توكر من المخزون الاستراتيجي حوالى (2716) جوال قمح و(1387) جوال ذرة شامية، تم توزيعها على المتأثرين بجنوب المحافظة. (كل هذه المساعدات الغذائية لا يصل منها غير النذر اليسير إلى المستحقين الحقيقيين حيث يستشري الفساد في كل أجهزة حكومة الإنقاذ التي يتاجر أركانها في أقوات وأرزاق الضعفاء ومن المؤكد أن هذه الكميات لم تغادر بورتسودان وإلا لما ظل سكان هذه المناطق حتى الآن عبارة عن أشباح بأرواح ـ المؤلف).

    لم يشمل المسح الذي قام به برنامج الغذاء العالمي مناطق عديدة من المحافظة ولذلك فإن أرقامه عن المتأثرين جاءت متواضعة، وبالتالي أصبح سكان تلك المناطق خارج دائرة المعونة الغذائية. وقد تعلل البرنامج بعدم زيارة تلك المناطق ليشملها الإحصاء، إما لأسباب أمنية أو لإنعزالها بمياه خور بركة، ويرفض البرنامج تقديم الإغاثة لهذه المناطق إلا بعد إجراء المسح والحصر، والمشكلة أنه لا يمكن الوصول إلى المناطق المعزولة إلا بواسطة الجمال، ولكن موظفي البرنامج يرفضون ركوب الجمال للوصول للمواطنين المتأثرين. وبرغم كل هذا فإن الحكومة تحكم البلاد وتركت واجبها نحو مواطنيها للبرنامج ووقفت تتفرج دون أن تقدم لهم أي مساعدة بل وتسرق المساعدة التي تقدم لهم! ويقدر عدد المعزولين بخور بركة حوالى (1972) مواطناً، يقطنون خلف خور بركة، وربما ترسل لهم المحافظة معونة من احتياطيها!

    ويخشى أحد المسؤولين أن تؤثر الإغاثة على العمليات الزراعية، لتشجيعها بعض المواطنين على عدم الزراعة (الحكومة تتبع سياسة تجويع المواطنين لتجبرهم كي يعملوا في مشروع القطن بتوكر ليوفروا لها العملات الأجنبية ـ المؤلف). ويرى البعض أن الإغاثة لا تناسب العادات الغذائية لمواطني البحر الأحمر، إذ أن الإغاثة التي وصلت عبارة عن ذرة شامية، وهي غير مرغوبة في المنطقة!




    فظائع احتكار الأرزاق

    وأوضح التقرير أن محافظات الولاية لم تشهد أمطاراً تذكر منذ عامين وأن الحالة العامة للمراعي فقيرة حيث تلاحظ قلة الغطاء النباتي في الولاية إلى جانب استمرار عملية التحطيب مما كان له الأثر الكبير في قلة الأشجار ولجوء المواطنين إلى الذرة في تغذية مواشيهم، مما رفع تكاليف تربيتها، وأدى هذا إلى عرض أعداد كبيرة من المواشي للبيع لعدم توفر الأعلاف وارتفاع أسعار الذرة وانخضت بالتالي أسعار الماعز والإبل والأبقار إلى النصف تقريباً. Xلم ينف هذا التقرير وجود مجاعة رهيبة ولكنه ألقى اللوم على الطبيعة والأهالي ونسي واجب الحكومة نحو مواطنيها ودورها في درء الأخطار عن الناس بالإجراءات الوقائية والمكافحة، كذلك أغفل التقرير دور تجار الجبهة الذين احتكروا تجارة الأرزاق الأساسية من ذرة ودخن وغيرها وصاروا يرفعون أسعارها في الداخل ويصدرونها للخارج ليثروا بالعملات الأجنبية التي يستثمرونها بالخارج خوف مجيء يوم يستعيد الشعب سلطته على البلاد. كذلك يستفيدون من تدني أسعار المواشي بسبب رفعهم لأسعار الحبوب التي تربى بها حتى يبيعها الرعاة بأرخص الأسعار فيشتريها تجار الجبهة ويصدرونها أيضاً للخارج. إن هذه الطريقة في بيع المواشي بلا تمييز يقضي على نوعيات التكاثر منها ــ المؤلفZ.


    التدهور الصحي

    ويضيف التقرير بأنه نتيجة لذلك حدثت هجرات للمواطنين إلى المدن للبحث عن فرص للعمل إلى جانب الهجرات التي تمت بسبب المجاعة. كذلك اجبرت أعداد كبيرة من الأسر على الرحيل من مواطنها، حيث سجلت سنكات رحيل 220 أسرة ودورديب 73 أسرة وتهاميام 34 أسرة وجبيت 25 أسرة.

    وأظهر التقرير تدني الأحوال الصحية في المنطقة، وإصابة الأطفال بسوء التغذية بنسب تراوحت بين 17% و38% وأوصى التقرير بتوزيع 19878 من الحبوب و1488 طناً مترياً من الزيوت ومثلها من البقوليات وهي كمية تكفي لمدة ستة شهور بواقع أربعمائة غرام للفرد توفر كمية السعرات الحرارية المطلوبة للفرد يومياً.

    وطالب التقرير باستمرار عمليات المسح كل ثلاثة شهور بواسطة المنظمات الطوعية ووزارة الصحة وبدعم الزراعة التقليدية بالبذور والمعدات وتحسين المراعي بنثر البذور وتوفير المعدات وصيانة الآبار وحفر آبار جديدة والاستمرار في توزيع الذرة المدعومة Xتشترى من تجار الجبهة بالتأكيد، لأنهم يحتكرون هذا الصنف، ويستفيدون حتى في ظروف المجاعة حيث تشتري منظمات الإغاثة الأجنبية الذرة بالدولارات التي تنتهي لتجار الجبهة ــ المؤلفZ. إلى جانب مساعدة سكان الساحل على إقامة دورات تدريبية في الصيد ومدهم بالأدوات المساعدة للإنتاج) (أ. ش. أ).

    وجاء في صحيفة الخليج الإماراتية في شهر نوفمبر العام 1996م، عن المجاعة في بلاد البجه أيضاً ما يأتي (أعلنت ولاية البحر الأحمر الشهر الماضي أن 277 ألف مواطن من مجمل سكانها البالغين 690 ألفاً قد تأثروا بموجة الجفاف التي ضربت الولاية. وأنهم في حاجة فعلية إلى عون غذائي عاجل.) تنكر حكومة الإنقاذ دائماً حدوث المجاعات، وعندما أعلن محافظ حلايب في يونيو العام 2003م حدوث مجاعة في حلايب فما كان من حكومة الجبهة العنصرية إلا أن أدانت تصريحه، وفي نفس الوقت فإن وكالات الإغاثة الدولية تؤيد حدوث المجاعة. راجع ما نشرته سودانيز نيوزأونلاين:

    الصليب الأحمر: آلاف الأشخاص يعانون من الجفاف بشرق السودان

    سودانيز اون لاين

    20/7/2003

    جنيف - أ ش أ

    قالت منظمة الصليب الأحمر الدولية أن فترة الجفاف الطويلة فى محافظة البحر الأحمر فى شرق السودان تركت مئات الألاف يعانون من نقص حاد فى الغذاء والماء وعرضة لسوء التغذية والأمراض.

    ونقل راديو العالم الأن عن المتحدث باسم المنظمة دينيس ماكلين قوله ان المنظمة أصدرت نداء بتوفير الأغذية لأكثر من ألف شخص غير أنه وصف مساعدات الجهات المانحة بأنها متواضعة للغاية.

    وقال ان معدل سوء التغذية العالى فى البحر الأحمر يبلغ الأن تسعة وعشرين وستة من عشرة فى المائة وخمسة وثلاثين فى المائة فى بعض المناطق وأن الأسر لا تتناول سوى وجبتين فى اليوم من الذرة الرفيعة.

    وقد أثر ذلك على الحياة الاجتماعية وأدى الى الفقر والجوع والى تخلف الأطفال عن الذهاب الى المدارس وقلة النشاط الزراعى ونقص أعداد الدواجن والماشية .




    نزوح جماعي

    وذكرت تقارير نشرتها الصحف أن مئات الأسر هجرت قراها نحو المدن وأن آلاف الرؤوس من الثروة الحيوانية قد نفقت. وذكر تقرير أعدته لجنة ولائية أن محافظات الولاية لم تشهد أمطاراً تذكر منذ عامين وبصفة خاصة ريفي بورتسودان وحلايب. وذكر التقرير أن 80% من سكان سنكات، و90% من سكان جنوب توكر و25% من سكان شمال توكر،50% من سكان حلايب و90% من سكان ريفي بورتسودان و10% من سكان مدينة بورتسودان في حاجة إلى عون غذائي عاجل من الحبوب والبقوليات والزيوت. وقدرت اللجنة الاحتياجات العاجلة للستة أشهر القادمة بحوالى 19878 طناً مترياً من الحبوب، و1488 طناً من البقوليات، و1488 طناً من الزيوت).

    وفي تحقيق لصحيفة السودان الحديث الحكومية، قال مدير الرعاية المحلية بسنكات، إن 86% من السكان البالغ عددهم 53 ألف نسمة في حاجة إلى عون غذائي عاجل).

    ونشرت صحيفة البيان الإماراتية في عددها الصادر يوم 29/6/1997، بأن الصليب الأحمر الدولي حذر بأن هناك مجاعة تهدد 300 ألف من البدو البجه في شرق السودان، وأنهم بحاجة ماسة لمساعدات عاجلة وأن هناك خطر حقيقي يهدد بفنائهم.

    في يونيو العام 2001م، ضربت المجاعة شمال البحر الأحمر وهددت حياة أكثر من 700 ألف شخص، وبرغم إعلانها من المنظمات الدولية إلا أن الحكومة لم تهتم كالعادة. وفي أغسطس العام 2001م قامت منظمة الفاو بتوزيع 65 طنا من بذور الذرة المحسنة لمحافظة سنكات وهي جزء من المعونة الأمريكية.

    وعن المجاعة في بلاد البجه في العام 1985م، جاء في صحيفة الأيام بتاريخ 14 يونيو 1985 ما يلي:

    الصورة في شرق (السودان) كالحة أيضا، فلقد ورد في تقرير، مفصل سلمه وفد التجمع النقابي ببورتسودان إلى أمانة التجمع ومجلس الوزراء والمجلس العسكري عن وضع المجاعة في البحر الأحمر ما يلى:

    ولعله من المناسب أن أبدأ بنبذة قصيرة توضح خلفية مشكلة نقص الغذاء في هذه المديرية وما ترتب عليه من مشاكل سوء التغذية. فقد أعد فريق من العلماء السودانيين من كلية طب المجتمع بجامعة الخرطوم وبعض الخبراء الأجانب من هيئة الصحة العالمية دراسة استطلاعية أولية للمنطقة الغربية التي تشمل مناطق سنكات وهيا ودورديب وهي المنطقة التي تم اختيارها للاستفادة من المنحة المقدمة من الحكومة الايطالية البالغة خمسة مليون دولار من منظمتي الأمم المتحدة للأطفال (اليونسيف) وهيئة الصحة العالمية.

    وقد اتضحت الحقائق المذهلة التالية بعد هذه الدراسة وهي:

    1) إن الحالة الغذائية لأكثر من 85 في المائة من الأطفال دون الخامسة من العمر أدنى من المتوسط المقبول.

    2) أوضحت الدراسة ايضا أن 54 في المائة من جملة الأطفال يعانون من قصور خطير في النمو، إذ يقعون خارج حدود النمو المقبولة وأن 27 في المائة من جملة الأطفال دون الخامسة في أدنى من ذلك وهذه نسبة نادرة الحدوث في العالم مما حدا بالباحثين إلى خلق درجة رابعة من سوء التغذية في هذه المنطقة. وللدلالة على خطورة الموقف فإن الدراسات المماثلة التي أُجريت بقرى مديرية الجزيرة قد أوضحت أن 1% فقط من الأطفال يقعون في الدرجة الثالثة من سوء التغذية.

    3) أوضحت الدراسة أيضا أن نسبة أمراض سوء التغذية العلاجية يعاني منها 5% من مجموع الأطفال وهذه نسبة عالية إذا قورنت بأي بلد في العالم.

    4) من مؤشرات الدراسة أيضاً أن معدل نقص فيتامين (أ) وصل إلى 107 من الألف من مجموع الأطفال وبلغ 283 من الألف أيضاً حسب المستويات العالمية وبالرغم من أن النقص في فيتامين (أ) من الأمراض التي يسهل تشخيصها وعلاجها في الأطوار الأولى إلا أن تأخير العلاج قد يؤدي إلى العمى الكلي المستديم ومن ظواهره الأولية العمى الليلي الذي انتشر مؤخراً بهذه المناطق بدرجة كبيرة.

    وقد كان متوسط نسبة الهيموجلوبين عند إجراء الدراسة 4،60% وهذه نسبة لا مثيل لها إلا في حالات المجاعات وهنالك قطاع من الأطفال تقل نسبتهم عن 40% ولم يوجد طفل واحد تزيد نسبة الهيموجلوبين عنده عن 74%.

    برزت هذه الحقائق المخيفة بعد الدراسة العلمية المتأنية في مارس من عام 1983م وازداد الجفاف حدة في خريف نفس العام وفي العام التالي 1984م، ومن المؤكد أن الموقف كان أحسن بكثير مما هو عليه الآن، وفي أكتوبر من العام الماضي حيث بلغت نسبة قسوة الجفاف ذروتها وتدهورت البيئة وانعدم الغطاء النباتى وقد أثرت كل هذه العوامل سلبيا على المرعى وتربية الماشية والزراعة المطرية، وانهارت بذلك الدعامة الأساسية لمقومات الحياة الضرورية وتوفير الإحتياجات الغذائية. ومن ثم أصبحت الهجرة الجماعية والنزوح من الريف إلى المدن والقرى الكبيرة والطرق الرئيسية من المظاهر المألوفة ولم يتخلف إلا من قعدت به الظروف الصحية وعدم وجود وسائل الترحيل .

    ومع بداية أكتوبر من العام الماضي أُقيمت معسكرات علاجية وغذائية بهذه المناطق لمكافحة الحالات الخطرة من سوء التغذية والنقص الحاد من الفيتامينات والمواد الحديدية والنزلات المعوية والأمراض الوبائية. وتم تكثيف كافة المجهودات وتسخير الإمكانات المتاحة لإنقاذ الموقف، وتم تكوين ثلاث فرق صحية برئاسة أطباء من المستشفى لمسح كل مناطق المديرية لاستقصاء أبعاد المشكلة وحجم المواطنين الذين تأثروا أكثر من غيرهم والتوصية بالخطوات اللآزمة لعلاج الموقف بشقيه العلاجي والغذائي.


    الأسعار والماشية

    مع مجيء فترات الجفاف والمجاعة، يزداد التأثير المأساوي للوضع البنيوي للبجه. فخلال تلك الفترات يتلقى الرعاة ضربات قاسية، مع تغيرات أسعار السوق، و مع هبوط أسعار الحيوانات وارتفاع أسعار الحبوب. وفي كثير من الأوقات نجد أن الأوضاع التجارية المناهضة للرعاة، هي التي تؤدي إلى خسارتهم للماشية وليس تأثير الجفاف نفسه. وتنتهز جماعات الرعاة الأغنياء الفرصة لتحقيق مكاسب من الموقف، حيث يشترون الحيوانات بأسعار زهيدة ويتاجرون فيها تماما كما يفعل التجار ورجال الخدمة المدنية.

    إن السياقات التي تعمل في اطارها العمليات التكيفية، هي من صنع البشر، فمثلا عمليات إعادة توزيع الأرض بين مجموعات الأهالي، أو انتزاعها من أجل المشاريع التنموية القومية، أو الموجهة نحو الرعاة، فإنها تنطوي على عمليات استغلال للبجه أصحاب الأرض من قبل الحكومة المركزية أو الأجانب الذين يستثمرون في المنطقة مثل كسلا وغيرها. ومن شأن هذا أن يقيد العمليات التكيفية للبجه. وهناك وجه خاص لهذه العلاقة الاستغلالية، نجده في العلاقة بين الدولة والسكان فبينما كانت الدولة تنتزع أراضي السكان كانت في بعض الأحيان، أمام ضغوط الرأي العام العالمي، تهرع لنجدتهم في فترات الجفاف والمجاعات، أما الآن فإن المساعدات توقفت وأخذ الوجه الاستغلالي للدولة يزداد عنفاً وسفوراً.



    المجاعة وقطع الأخشاب

    خلال أعوام المجاعة في الثمانينات تزايدت ممارسات قطع الأخشاب وهي تشكل الآن أخطر التهديدات للبيئة الطبيعية ولبقاء البجه أنفسهم.


    تدخلات المنظمات غير الحكومية

    دخلت بعض المنظمات غير الحكومية بلاد البجه عقب إعلان المجاعة عام 1984 للمشاركة في عمليات الإغاثة وقد تسجلت 17 منظمة بالإضافة إلى 4 منظمات من الأمم المتحدة، التي اقتصر دورها على الإمداد بالأغذية والتنسيق، ومنظمتان سودانيتان اعتمدتا كلياً على موارد المنظمات الأجنبية ووكالات الأمم المتحدة وكان هدفهما الأساسي الكسب السياسي. واشتهرت أوكسفام بالعمل في منطقة توكر حيث تباشر مشروعات لمساعدة السكان على كسب العيش بعد المجاعة والجفاف، وقد توقفت نشاطاتها بعد مارس 1997 نتيجة للحرب الدائرة هناك. وتقدم منظمة سودان بلان والحكومة الهولندية إعانات للتنمية في منطقة كسلا.



    المنظمات الطوعية

    سيلاحظ القاريء الكريم العدد الهائل للمنظمات الطوعية، ولكنه لن يلاحظ أي مردود إيجابي مؤثر في المنطقة، وقد يكون ما يصرف في إدارة هذه المنظمات الكثيرة كافياً لتقديم شيء ملموس أفضل لو كانت هناك جهة تنسيق واحدة كفوءة تتولى إدارة كل المنظمات. من المنظمات الطوعية التي تعمل في ولاية البحر الأحمر المنظمات الآتية مع تواريخ دخولها ونشاطاتها:- الساحل البريطانية (1994)، تنمية خور أربعات، أكورد أكشن (1984)، تمويل حرفيين وأسر منتجة وتدريب وتنمية هياكل محلية. رعاية الطفولة (برتغالية 1986)، وتشيد دورات مياه. أوكندن فنشر (1982)، دعم اللآجئين والنازحين بالتدريب المهني. الإيثار الخيرية (1992)، رياض الأطفال، ودعم الأسر الفقيرة. أوكسفام (1984)، التنمية الاجتماعية وبناء القدرات، ودعم الأسر الفقيرة والنشاطات المدرة للدخل والخدمات الاجتماعية. برنامج الغذاء العالمي (1985)، الإغاثة، المياه، الخدمات الصحية. مفوضية الأمم المتحدة للآجئين (1979)، الإغاثة، إمداد المياه، المدارس إلخ. إتفاقية العمل الأوروبي (1982)، دعم المشروعات الصغيرة، التدريب المهني. الصليب الأحمر النرويجي (1986) في منطقة سنكات، المياه، الزراعة، غرس الأشجار، حفظ التربة، الأنشطة النسائية، التدريس والأنشطة المدرة للدخل. مساعدة المجتمع في الخارج {CAA} (1986) شمال توكر وبورتسودان، الخدمات الاجتماعية للآجئين والأنشطة المدرة للدخل. الهلال الأحمر السوداني، الإغاثة من برنامج الغذاء العالمي. العون السوداني (1985) بورتسودان وسواكن، التغذية التكميلية. رابطة الهلال الأحمر والصليب الأحمر، الإغاثة. الصليب الأحمر البريطاني، بورتسودان وهيا ودورديب (1983)، صحة وتنمية المجتمع. الهلال الأحمر الفلسطيني (1983م)، تسيير مستشفى سنكات. الهلال الأحمر السعودي (1983) سنكات وهيا، الإغاثة. المحسنين السعوديين (1985م)، الإغاثة والزراعة. الأطباء الدوليين المتطوعين (1985) هيا، الإيواء. أطباء بلا حدود، هولندا (1985م)، الصحة. برنامج الأمم المتحدة الإنمائي (1982). كير (1985م) بورتسودان. المنظمات الطوعية التي تعمل في ولاية القضارف هي:- دوقاب، وأطباء بلا حدود، والبر الدولية، ووحدة السودان للتعليم المفتوح، منظمة الدعوة الإسلامية، والمنتدى الإسلامي، عيون الحياة، وتعمل في حفر آبار مياه الشرب بولايات البجه، والجمعية الطبية الإسلامية، وإيثار الخيرية. في العام 2000م، بلغ اجمالي تبرعات المنظمات الطوعية لمشروعات ولاية كسلا أكثر من مليوني دولار (5 مليار جنيه) وهذا ما يقارب ميزانية التنمية في الولاية. وفي المناطق المحررة التي تقع تحت سيطرة مؤتمر البجه تعمل عدة منظمات منها: الوكالة السودانية للإغاثة (شرا)، منظمة البجه للإغاثة، منظمة السودان للرعاية الإجتماعية (أمل)، جمعية السودان للإغاثة والتنمية (الشروق)، منظمة العون الكنسي الهولندي، منظمة لجنة الإنقاذ الدولية، منظمة الأثر العالمي، ساماريتان بيرس للإغاثة الدولية.

    المنظمات الخيرية البجاوية

    توجد منظمات بجاوية خيرية أنشأها أفراد وجماعات من البجه، وتقوم بتقديم مساعدات على نطاق محدود للمنطقة حسب جهودها وإمكاناتها. وظهر في بعض المنظمات أشخاص من ضعاف النفوس يقومون بجمع التبرعات من مغتربي البجه وغيرهم في الخارج، ثم يقدمون هذه المساعدات بأسمائهم الشخصية لتحقيق مكاسب خاصة، وهذا يسيء للعمل الطوعي. ومن المنظمات البجاوية العاملة بالداخل: جمعية عقيتاي الخيرية، وجمعية البحر الأحمر والقاش، وجمعية أرياف، وجمعية تطوير المرأة البجاوية، وكذلك جمعية أبو هدية الخيرية، وهذه أسسها الدكتور محمد بدري أبو هدية، وتهتم بالمرأة بصفة خاصة، وتنشيء الداخليات للطالبات الجامعيات في الخرطوم وأم درمان وغير ذلك من الأعمال التي تحتاجها المرأة. ومن ضمن مساهمات البجه بالخارج، قدم المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار ستين مضخة ماء لإحدى الجمعيات العاملة في حفر الآبار بالمنطقة. توجد بالخارج منظمة إغاثة البجه وهي تابعة لمؤتمر البجه بالخارج، وتقدم الإغاثة والمساعدات للمناطق الخاضعة لسيطرة المؤتمر. أما مؤسسة العشي الخيرية فقد أنشأها السيد علي العشي، وهو من أبناء مدينة بورتسودان الذين تفاعلوا مع مجتمعهم. وقد شيّد مدرسة ثانوية للبنات ومستشفى في مدينة بورتسودان. كما قام، من خلال منظمة الساحل التي أسسها، باستقدام منظمة (اس أو اس) لتطوير خور أربعات. وقامت المنظمة خلال ثلاثة عشر عاماً بتشييد ستة مشاريع وزرعت مئات الكيلومترات المربعة بالأشجار. وتقوم حالياً بتنفيذ مشاريع لتطوير البجه وتنمية مناطقهم، ولها مؤسسات صحية رائدة ومتقدمة. كذلك توجد منظمة عالمية لتطوير وتعليم البجه مسجلة ببريطانيا. وتفرض الحكومة جمارك ورسوم على كل الإغاثة والمساعدات المرسلة للبجه حتى المصاحف التي أرسلتها في أبريل العام 2000م، بينما تعفي كل ما يخص الشمالية من هذه الرسوم، بل وتوفر لهم حتى النقل مجاناً من الخارج بالبواخر والطائرات وكذلك في الداخل، وتقوم بتحويل بعض المساعدات المرسلة للبجه للشمال، وأثار هذا العمل سخط دولة عربية أرسلت مساعدات لولاية كسلا تم تحويلها للشمالية.

    برنامج أوكسفام لشمال توكر

    ترى أوكسفام منطقة شمال توكر بأنها: منطقة قليلة الأمطار، ولا يعرف موعد سقوط الأمطار فيها. والسكان هم من البجه. ويعيش البجه على الزراعة ورعي الجمال والضأن والماعز. ولكن سنوات الجفاف الطويلة قضت على أعداد كبيرة من الحيوانات، مما جعل من العسير على البجه الإعتماد الحيوانات فقط في العيش. ولقد تضررت الأرض أيضاً كثيراً، ليس بسبب الجفاف فحسب، ولكن أيضاً بفعل الرعي الجائر نتيجة لتقليص مساحات المراعي لصالح المشاريع الزراعية الآلية ونزوح اللآجئين الإريتريين بحيواناتهم لمراعي البجه وقيامهم بقطع الأشجار للوقود وإقامة المعسكرات التي دمرت مساحات هائلة من مراعي البجه. وأمام تدهور مصادر دخل البجه بسبب موت حيواناتهم قاموا بتدمير الغابات من أجل الحصول على دخل بديل من بيع حطب الوقود والفحم النباتي، وذلك نتيجة للاغراءات المادية التي يقدمها التجار الجشعون والنازحون إلى مشاريع التنمية في المدن التي زاد سكانها وبالتالي زاد طلبهم على الوقود، كذلك أدى تعبيد الطرق وتحسنها إلى تقريب المسافة بين الغابات النائية والأسواق البعيدة مما دمر البيئة على مساحات أكبر. (هكذا نرى أن مشاريع التنمية من زراعية وتشييد للطرق أضرت بالبجه ودمرت مصادر رزقهم من أجل رفاهية الخرطوم والشمال ــ المؤلف).

    يعمل برنامج أوكسفام لشمال توكر بالتعاون مع لجان القرى والإدارات الحكومية المحلية ويهدف إلى تطوير وتحسين الاقتصاد المحلي، ومساعدة السكان على التعايش مع الجفاف، واكساب البجه المهارات والمعرفة. ويساعد البرنامج الناس على كسب العيش بطريقة إضافية للإعتماد على تربية المواشي، وليست بديلة لها. ويشمل هذا صحة الحيوانات، وذلك بتدريب السكان المحليين على المهارات البيطرية البسيطة وعن طريق تزويدهم بالأدوية ومدهم بمصادر المياه النقية للاستعمال في المنازل ولسقيا الحيوانات وأيضاً للزراعة، ويعمل البرنامج كذلك على تدريب السكان على مهارات جديدة مثل صيد الأسماك بالشباك من المياه العميقة في البحر الأحمر. وحماية مناطق الغابات. يشمل برنامج أوكسفام أيضاً مساعدة البالغين على تعلم القراءة والكتابة وتشجيع المرأة على القيام بدور أكبر في المجتمع. وتوقف عمل أوكسفام في هذه المنطقة بعد إندلاع الحرب الأهلية فيها منذ مارس 1997م.

    البرنامج النرويجي للبحر الأحمر

    بدأ برنامج منطقة البحر الأحمر في منطقة سنكات عام 1987م وهو برنامج نرويجي يقدم مساعدات تنموية نرويجية لاعادة الأوضاع إلى حالتها الطبيعية في أعقاب الجفاف والمجاعة. يتكون البرنامج من دعم للمنظمات الدولية بحوالى 50% من التمويل ودعم للمنظمات الأهلية النرويجية بحوالي 40% ودعم المؤسسات العلمية النرويجية ببقية التمويل أي 10%. ويهدف البرنامج عموماً إلى تحسين الناتج الغذائي المحلي والأمن الغذائي وتحسين القاعدة البيئية لتطوير أنظمة إنتاج مستدامه. أما الأهداف الخاصة فهي بحثية لتحسين الأبحاث لتطوير عملية التنمية والكفاءة العلمية.

    بعد الدراسات الميدانية والأكاديمية التي قام بها البرنامج، توصل إلى أن المجاعات لا تحدث بسبب الجفاف، ولكنها نتيجة لسياسات الحكومة الخاطئة. فهي تسن القوانين التي تقلص المراعي لصالح المشاريع الزراعية القومية، ويصبح الرعاة البجه بدون مراعٍ كافية. ويرى البرنامج أن المشكلة سياسية في المقام الأول، فالسلطات تهمش البجه، ولا تستمع لهم ولا تشركهم في السلطة وإتخاذ القرارات، وتعتبرهم كرعاة ليس لهم أثر إيجابي على الاقتصاد.

    سلبيات منظمات الإغاثة

    تعد المنظمات الطوعية ضمن منظمات المجتمع المدني وتعد في الإسلام جزءاً من نظام التكافل الإسلامي. وظهرت هذه المنظمات في الغرب لأسباب كثيرة منها إنسانية ودينية وسياسية واقتصادية. ولكل منظمة أجندة خفية وراء الشعارات التي ترفعها. فالمنظمات الغربية تهدف في نهاية المطاف إلى تنصير الناس، أما المنظمات التي تمولها المؤسسات الاقتصادية الغربية فهي تهدف إلى تحويل الناس إلى مستهلكين لسلعها بعد أن تقوم بتعويدهم على استهلاكها، وهناك منظمات غربية أخرى تهدف لجعل الناس مستهلكين لعقاقيرها بمدهم بأغذية تسبب أمراضاً عديدة وبصورة خاصة الأمراض الغربية مثل السكري والضغط .. إلخ إذ تمدهم بمأكولات مثل الزبدة والسكريات والدقيق الأبيض وغيرها. وتصرف المؤسسات الاقتصادية الناس عن الاعتماد على النفس بمدهم بالإغاثة فينصرفون عن الإكتفاء الذاتي ووسائل كسب الرزق التقليدية التي جبلوا عليها من زراعة ورعي، وبعد فترة ينسون هذه الوسائل وأكلاتهم التقليدية ويصبحون فريسة لمنتجات هذه المؤسسات الاقتصادية الغربية بعد أن يكونوا قد تعودوا على تناولها. وبالنسبة للمنظمات الطوعية الإسلامية والعربية، فإن أفريقيا تأتي في آخر قائمة أولوياتها، بالرغم من أنها أول دار للهجرة في الإسلام. وتهدف بعض هذه المنظمات إلى الكسب السياسي أو الإعلامي ومنح المساعدات عبر القنوات الفضائية ولذوي العيون الخضر والشعر الأشقر.

    وبعد حدوث المجاعة في بلاد البجه، كان أهم أهداف المنظمات غير الحكومية والأجنبية الحفاظ على حيوات الناس وساعدت على بقاء 40% من السكان على قيد الحياة فقط من خلال الجهود الإغاثية. ومع موت حيوانات الرعاة والجفاف هجروا الريف إلى المدن. وبما أن المنظمات أقامت مراكز توزيع الأغذية في المدن فإنها أسهمت في هجر الريف والتكدس في المدن. باءت محاولات المنظمات الأجنبية بالفشل ولم تحقق غير القليل في مجال التحول نحو التنمية بعيدة المدى. ومن أهم أسباب الفشل التصورات الخاطئة لهم لأسباب التدهور البيئي في بلاد البجه ووسائل منع المجاعات، أي المعطيات التنموية لهذه المنظمات. وقد كان المبدأ الرئيسي الذي يكمن وراء الجهود التنموية لمعظم المنظمات غير الحكومية في المنطقة هو أن الأزمة كانت ترتبـط بالجفاف ومشكلة التدهور البيئي وليس الإعتراف بالعمليات الأعمق المتعلقة بتجاهل السلطات العامة في السودان للقطاع الرعوي. والفكرة الأخرى الخاطئة هي وضع البجه في المؤخرة حيثما كانوا قبل الجفاف، وبالتالي غض الطرف عن المؤشرات المتغيرة مثل النمو السكاني والتكنولوجيا والتحضر والهجرة. والفكرة الثالثة الخاطئة، هي النظرة المحلية لحل المشكلة والتنمية من داخل بلاد البجه في شكل متشظي عزل مناطق البجه عن باقي البلاد وأولى اهتماما محدوداً بالمتغيرات داخل مرتفعات البجه، بالرغم من أن الهجرة تطرح بشكل بارز في كل تقارير المنظمات غير الحكومية.

    الإخفاق في تنسيق أو ادماج أنشطة المنظمات غير الحكومية مع أنشطة المصالح الحكومية، ومن ناحية الموارد بين هذين النوعين من المؤسسات، عوق غياب البنية التحتية الأساسية عمليا المصالح الحكومية وهي البنية التي امتنعت هذه المنظمات على الدوام من تقديمها لها. ونتيجة لذلك نشأت علاقة عدائية دائمة بين الطرفين، مما أدى إلى إنهيار العديد من مشروعات المنظمات غير الحكومية وغياب سياسة شاملة للتنمية لبلاد البجه. وقد قلص هذا كثيرا احتمال استدامة أي مشروعات ناجحة تنشئها المنظمات غير الحكومية.

    شكلت بعض العوامل الفنية الملازمة لهيكل المنظمات غير الحكومية وطرق عملها عائقا كبيرا أمام التنمية. وتشمل هذه العوامل:-

    مركزية صنع القرار التي تغمط حق متلقي القرار في القيام بأي دور قيادي لتنسيق العون. الأفق الزمني القصير والحيز المحلي لعملها الذي يمليه عدم اليقين حول التحول وميزانياتها المحدودة. الإنخراط في أنشطة ومجالات متنوعة افتقرت المنظمات غير الحكومية بسببها للمدخرات الفنية اللآزمة في غياب التنسيق مع المصالح الحكومية المختصة. غذى نظام التقييم الشخصي الذي تبنته معظم المنظمات بعض المنافسة بين وداخل المنظمات غير الحكومية وقلل الحافز على التدخل في الجهود التنموية طويلة المدى.


    تأثير تدخل المنظمات غير الحكومية

    بالرغم من أن تدخل المنظمات غير الحكومية أنقذ حيوات الكثيرين خلال فترة الجفاف، إلا أن تأثير هذا التدخل على العملية التنموية على المدى الطويل مشكوك فيه، سواء كان تدخلاً مباشراً (تأثير العون الغذائي) أو بشكل غير مباشر، بتأثيرها على الأوضاع الاجتماعية المحلية. لقد صاحب العون الغذائي وبرامج الغذاء مقابل العمل نتائج عكسية تمثلت في تقليص الحوافز للعمل ورفع الأجور وتراجع أسعار الغذاء في السوق المحلية وتمزيق أنماط هجرة العمل المستقرة في المجتمع المتلقي. لقد كرست التواكل والعطالة.

    وتزايد اعتماد الدولة والأفراد على العون الغذائي. كما سلمت معظم المصالح غير الحكومية المحرومة من الموارد الأساسية بعض واجباتها الأساسية كلية إلى هذه المنظمات. وهيمنت المنظمات بمواردها الضخمة نسبياً على دور الدولة في بعض المناطق ما عدا مجالات الأمن والتعليم. ومن أمثلة ذلك الصليب الأحمر النرويجي في ناحية سنكات واوكسفام في ناحية توكر. وعزز هذا الفجوة الغذائية إذ لم توجه أموال الدولة الموفرة نحو إنتاج الغذاء. ومن ناحية أخرى هز ثقة الناس في جهاز الدولة كما هز ثقتهم في زعاماتهم التقليدية. وقد رسخت مجهودات هذه المنظمات قيماً غريبة جديدة تشكك في التعاليم الدينية.

    ونتيجة لهذا، أفرز تدخل هذه المنظمات نقلة مهمة في تركيبة السلطة، بعيداً عن الدولة والزعامات التقليدية ولمصلحة البجه المتعلمين المقيمين في الحضر الذين يستطيعون الوصول إلى موارد هذه المنظمات. لقد كانت هذه النقلة في تركيبة السلطة رغم أنها كانت بسبب غياب الآخرين، قوية لدرجة استخدمتها سياسياً الجبهة القومية لحشد الدعم وسط البجه من خلال تنظيماتها الطوعية لغزو ما كان منطقة مغلقة لحزب الختمية. وكان هذا التحول البداية لتولي البجه المتعلمين، بعد انقلاب 1989، قيادة اللجان الشعبية التي شكلتها الحكومة في الحضر. والمؤشر الآخر المهم لذلك الإرتباط القوي بين المنـظمات غير الحكومية والموقع الاجتماعي، هو أن شيوخ الخلاوي، حولوا خلاويهم إلى مراكز لتوزيع الإغاثة (ظهر عدد جديد منها أثناء فترة توزيع الإغاثة) لكي يستعيدوا موقعهم الاجتماعي. وأضعف هذا سلطة الإدارة الأهلية خاصة وسط من هاجروا إلى المدن بحثاً عن الإغاثة. وبالرغم من هذا استمر دور الإدارة الأهلية في حل النزاعات والوساطة. إن تدخل المنظمات غير الحكومية كان أحد العوامل الهامة في تغيير التحالفات السياسية المحلية التي تم السعي لها لتدبير المطالبة؛ بالسلطة السياسية والموارد الاقتصادية.

    الإغاثة (العملية نفسها وجوانبها)

    إن إغاثة المجاعة ليست عملية جديدة في تاريخ البجه، إذ تم تقديم مثل هذا العون في العديد من فترات الجفاف التي ضربت المنطقة. ففي عام 1928 تم توزيع مئات الأطنان من الذرة كإغاثة لعمال المناجم وغيرهم في منطقة جبيت المعادن شمال بورتسودان. وفرضت مجاعة همشكوريب 1947-1949 توزيع الإغاثة، فتم توزيع ما يزيد على 3 آلاف طن من الذرة. وخلال أواخر الستينات ومطلع السبعينات تم ترحيل عشرات الألوف من الجبال إلى بورتسودان والمراكز الحضرية الأخرى في المنطقة. وقد شاركت المجالس الريفية في هذه المنطقة في توزيع الإمدادات الغذائية منذ عام 1968، واستمر هذا النشاط لمدة خمس سنوات. وفي صيف عام 1973 تم توزيع أكثر من 500 طن من الحبوب في الجزء الشمالي من بلاد البجه. وفي السنة المالية 1972 ــ 1973 جمعت سلطات المحافظة أكثر من 70 ألف جنيه لشراء حبوب إضافية.

    تم ضخ العون الغذائي أثناء جفاف الثمانينات أساسا من خلال (صورة لفساد الحكم المركزي والمحلي) وكالات الإغاثة الأجنبية. فقد تقاعست الحكومة المركزية عن الاستجابة بالرغم من إلحاح السلطات الإقليمية الرسمية والأهلية. وكانت أكثر العناصر فعالية في عمليات الإغاثة هي اليونسيف ممثلة في برنامج العون الغذائي المشترك.

    كان نقل مراكز توزيع الإغاثة من مدينة سنكات إلى المستوطنات المبعثرة (أي نقل الإغاثة مباشرة من بورتسودان إلى المعسكرات المتأثرة) قيداً للجدل، لأن هذا يمنع تسربها لغير المستحقين وربما المتاجرة فيها.

    وقد نظر المستفيدون للقائمين على توزيع الإغاثة في سنكات بوصفهم فاسدين وغير عادلين في تقسيم الحصص. واتهمت الوكالات مسؤولي المجلس بأنهم بيروقراطيين وغير منظمين (أي أنهم قللوا من شأن حدة المجاعة).

    لكن المسؤولين السودانيين احتجوا على الصلة المباشرة بين وكالات الإغاثة والمستفيدين. وكان هاجسهم الأساسي هو أن وكالات الإغاثة أصبح ينظر إليها بوصفها وكالات منخرطة في منافسة مباشرة مع المجلس الريفي على توزيع الغذاء. فقد هددت الوكالات الأجنبية، بمواردها المتفوقة، صورة الدولة بين الأهالي هناك. لقد ثبت عمليا للأهالي عدم مسؤولية الدولة وفسادها بالرغم من تدثرها بعباءة الإسلام. غطى العون الغذائي أكثر من 40% من حاجة السكان الغذائية وقد فاق في كثير من الأحيان احتياجات السكان. لذا فإنه بهذا القدر له أهمية كبرى في تكيف الناس في هذه المنطقة. فهو أولاً يقدم الفرص للناس للبقاء في مواطنهم. وفي نفس الوقت هو قرار سياسي ذا أهمية كبرى حيث كانت السلطات قلقة من تأثير العون المتزايد من الذين شردتهم المجاعة الذين يتجولون حول المدن وعلى طول الطريق البري السريع. وكانت النتيجة غير المتعمدة، بالطبع، هي أن الإغاثة أتاحت للناس البقاء في مناطقهم مكتفين غذائيا، مما دفعهم إلى الإنخراط في حرق الأشجار لصنع الفحم النباتي للحصول على النقود التي يحتاجونها لسد احتياجاتهم الأخرى، وقد أضر هذا كثيرا بالبيئة. ثانيا يوفر غذاء الإغاثة العلف للحيوانات مما يقلل معدلات موتها. ثالثا، وفرت هذه الإغاثة الفرص للبجه ليواصلوا حياتهم الاجتماعية بتوفير الموارد للزيجات والمناسبات الاجتماعية الأخرى.


    بدائل وكالات الإغاثة

    ترى وكالات الإغاثة أن حل مشكلة الرعاة والمزارعين التقليديين البجه يجب أن تتم داخل مناطقهم أي يجب أن توفر للناس فرص دخل بديلة مثل الصناعات اليدوية المحلية وتحسين الزراعة المحلية. وركزت وكالات أخرى على الأنشطة داخل القطاع الرعوي مثل صيانة الآبار والخدمات البيطرية وإعادة تكوين القطعان على أساس أن الرعي ظل هو المخرج الوحيد لبقاء الناس في هذه المناطق المهمشة. وشكلت المشروعات التنموية الآلية الرئيسية التي يمكن من خلالها التصدي لهذه المشكلات. والمشروعات المقترحة صغيرة وتقوم على المجتمع المحلي مع التركيز على المشاركة والتكنولوجيا الملائمة. ويجعل نظام ملكية الأرض لدى البجه وتعريف المجموعة الملائمة ونظم إدارة الموارد أو التنمية المحلية مهمة تنفيذ مشروعات التنمية المقترحة صعبة، لأنه يمكن بسهولة إنشاء مجموعات على الأرض لا تعمل وفق النظام التقليدي المفترض حمايته. وقد كشفت فترة العون الغذائي (1984 ــ 198 عن دلالات واضحة في مستوى استجابة الأهالي لنظام حاول أن يستخدم الهياكل المحلية لتنظيم توزيع غذائهم. وقد ظهر العديد من Xشيوخ الغذاءZ ناسبين الزعامة لأنفسهم. وبالمثل زاد عدد الخلاوي في سنكات وحدها من 50 في منتصف الثمانينات إلى حوالي 150 بحلول عام 1988م. وهناك قناعة بأن معظم هذا ارتبط مباشرة بالهياكل المحلية التي استغلها الأهالي أنفسهم ليحصلوا على الغذاء الذي اشتدت الحاجة له. ويمكن الاستفادة من تجارب بعض الدول التي استعانت بالإدارات الأهلية والزعامات الدينية في توصيل المعلومات والارشاد وتوزيع الأغذية لما يتمتعون به من مكانة تراكمت عبر سنوات طويلة وأن يتم ربط الغذاء بالتعليم الديني الذي يضاف إليه تعليم مدني.

    ويعتبر التركيز المحلي للتنمية مشكلة أخرى، إذ أن الرعاة البجه يعتمدون على المراعي البعيدة، ويتأثرون بالسياسات المتخذة في تلك الأماكن البعيدة لأسباب مختلفة ومتناقضة تماماً مع رفاه الرعاة البجه. ففي بلاد البجه تتزايد المشروعات التي لا تتصدى لقضايا تطوير البجه ولا تتضمن دعماً للخدمات المحلية التي تحسن قدرة البجه على العمل، بل تتجاهلهم وتدمر البيئة التي يحيون عليها وتستغل أرضهم.


    استغلال موارد البجه وتهميشهم

    تسيطر على مصادر العائدات الرئيسية مثل مشروع الرهد والقاش وتوكر والقضارف وحلفا الجديدة، مؤسسات حكومية تقع تحت السيطرة المباشرة للخرطوم. ويتدفق عائد هذه المشروعات إلى الوزارات المركزية في الخرطوم، ولا تستفيد بلاد البجه منها بل على العكس فهي تضر بالبيئة والسكان. والفائدة التي تزعم الخرطوم أنها تقدمها للبلاد هي مرتبات تذهب لكبار الموظفين من غير البجه الذين تم توظيفهم عن طريق المحسوبيه والفساد. وفي هذا الوضع يذهب نصيب الأسد من الميزانية إلى البقاء على موظفي الحكومة. والمشكلة الثانية هي عدم القدرة على التنسيق بين السلطات المحلية وسلطات المشروعات الزراعية التي في بلاد البجه. ونفس الوضع بالنسبة للعمال في ميناء بورتسودان التي تديرها الحكومة المركزية. والمسألة الأخيرة أن نظام الإدارة الحالي لا يمكن للناس الوصول إليه ولا يسمح لهم بالدفاع عن مصالحهم وقلّص مشاركتهم في الحكم المحلي بقوانين تكرس السلطة المركزية في الخرطوم التي تعين المسؤولين البجه في النظام فيدافعون عنها للاحتفاظ بمناصبهم، بدلاً عن الدفاع عن أهلهم الذين لولاهم لما وصلوا إلى هذه المناصب. وقد أثبتت تجارب المجاعات والجفاف أنه لا الحكومة المركزية ولا الحكومات الإقليمية تكترث لمشاكلهم.

    اللاجئون :

    وكأن المجاعة لم تكن وحدها تكفي فتدفقت أمواج اللآجئين من إريتريا بكثافة لا يتصورها العقل، حتى بلغ عددهم مليون ونصف المليون. وبالرغم من موارد البلاد الشحيحة فإنهم قوبلوا أحسن مقابلة واقتسم معهم السكان البجه لقمة العيش نسبة لروابط الدم والجوار مما أدى إلى ضغط هائل على مرافق الخدمات والمواد التموينية والمراعي والغابات إلخ.

    وبوصول اللآجئين إلى البلاد نشطت الهيئات الدولية والصليبية وقامت بارسال المعونات العاجلة وإقامة المعسكرات للآجئين. وانحصرت مساعداتها في اللآجئين ولم تتخطاهم للمتضررين من سكان البلاد إلا لأهداف تنصيرية فالبلد الذي لم يعرف أهله دينا غير الإسلام، قامت فيه نتيجة للمجاعة معسكرات ومراكز غوث تنصيرية وهذا هو الشيء الوحيد الذي كسبه البلد من نظام مايو المباد الذي جلب التنصير لبلاد البجه.

    أغلب اللآجئين في الولاية هم الأريتريون والأثيوبيون واستمر تدفقهم نتيجة للحروب ومشاكل الجفاف الحادة. ودخلت أكبر موجة من اللآجئين بين 1973 إلى 1979م. ووصلت موجة كبرى ثانية بين 1980 و1985م. ويستقر العديد منهم في مناطق مختارة في جنوب القضارف وقرب المشاريع الزراعية. كذلك استقرت مجموعة كبيرة منهم في كسلا والقضارف. ويوجد أيضاً عدد كبير منهم في مراكز الاستقبال والمعسكرات الحدودية.

    مسألة اللآجئين ليست موضوعاً اجتماعياً واقتصادياً ساخناً في البلاد ولكنها أيضاً موضوع هام يتعلق بالبيئة. وفي الوقت الراهن فإن 30% من السكان من اللآجئين. ويصل عدد اللآجئين إلى 50% من السكان المستقرين في المناطق الجنوبية والوسطى من ولايتي كسلا والقضارف.

    أدى توطين اللآجئين إلى خلق زيادة مفاجئة في احتياجات المصادر. وقد تمت إزالة مساحات كبيرة من الغابات لتشييد معسكرات توطين اللآجئين المؤقته. ونتج عن الحاجة إلى حطب الوقود والرعي الجائر من قبل قطعان المواشي القادمة مع اللآجئين، تدهور سريع في البيئة المباشرة للمعسكرات.

    إن استراتيجية إقامة معسكرات للآجئين في المناطق الهامشية بجوار المناطق التي تحتاج إلى عمالة كبيرة قد تجاوزت أسس المصادر إلى أقصى حد. وقد أدى التشييد غير المنظم لمعسكرات اللآجئين قرب المراكز الحضرية إلى تفاقم مشاكل صحة البيئة وزاد من الضغط على الخدمات في المدن.

    لا يزال معظم اللآجئين يعتمدون على برنامج المساعدات الغذائية، وفي المستقبل عندما تنقص هذه المساعدات، يتوجب على اللآجئين أن يشبعوا احتياجاتهم من أسس المصادر. وقد يكون لهذا السبب أثر سلبي أقوى على البيئة مما هو عليه الآن. وتسبب المساعدات التي تقدم بغرض الإكتفاء الذاتي شعوراً بالمرارة بين المواطنين الذين يغبطون المساعدة المكثفة ومستويات التسهيلات التي يتلقاها اللآجئون ويحرمون منها.

    ونتيجة لذلك، فإنه من ناحية بيئية ومن وجهة نظر اجتماعية اقتصادية، من المهم تجهيز معسكرات اللآجئين ببرامج لتطوير الريف تكون شاملة ومستدامة.

    تعمل السياسة الحكومية لوقف النزوح من إريتريا (اثيوبيا سابقاً)، وهي لن تتوقف إلى الولاية، طالما أن عدد من يطلق عليهم Xلاجئو البيئةZ المتزايد يأتي إلى الولاية من أجزاء أخرى من السودان، وتجذبهم إمكانات المصادر الطبيعية العالية نسبياً.


    اللآجئون في القضارف والإيدز

    يبلغ عدد اللآجئين في ولاية القضارف (ديسمبر 1999م) X12618Z يتوزعون على ثلاثة معسكرات داخل ولاية القضارف. فيوجد في معسكر أم قلجة يوجد 6118 لآجئاً، وفي معسكر الطنيدبة، وهو من معسكرات مشروع Xأبو رخمZ يوجد 1500 لآجئاً، وفي معسكر أم راكوبة يوجد 5000 لآجئاً. وفي معسكر أم قلجة يوجد 1759 من الأمهرة، و4074 من التقراي و285 إريتري. يمتهن 40% منهم الزراعة و46% عمال و9% رعاة و5% يقومون بأعمال أخرى. أشارت تقارير وزارة الصحة الولائية مؤخراً إلى وجود إصابات إيدز بأرقام مخيفة بهذا المعسكر.

    من حديث للسيد حامد شاش حاكم الإقليم الشرقي في صحيفة الأيام بتاريخ 23/3/1985م Xنحن قبل أن نجيء كحكومة إقليمية في عام 1981م وجدنا أن هناك معسكرات للآجئين وجهاز يتحمل المسؤولية مع المعتمدية .. ويمد خدماته لمناطق المعسكرات في الحدود، ولم يكن هناك اعتبار كبير للمدن الرئيسية الثلاث: كسلا والقضارف وبورتسودان. وفي عام 1981م شعرنا بوجوب التنسيق بيننا وبينهم لسبب أساسي واحد، هو أن اللآجئين الموجودين في المعسكرات لا يزيدون عن 15% من اللآجئين الموجودين في الإقليم . إذ أن 85% منهم موزعون على كسلا والقضارف وبورتسودان ومدن الإقليم المختلفة ... يشتغلون ويذهبون إلى المستشفيات ويدخلون المدارس ودخلوا معنا في حياتنا العادية وشاركونا العيش .. وحتى بالنسبة للمواد التموينية وغيرها.

    ومما زاد المشكلة تفاقماً على تفاقمها أن الإقليم نفسه تعرض للجفاف ... إننا نعتقد أن الأقاليم المجاورة لنا يمكن أن تساعدنا وبالذات الإقليم الأوسط والذي به أراضي شاسعة.

    نحن عندنا مشكلة جفاف وحسب إحصاء الأمم المتحدة هنالك 600 ألف مواطن تأثروا بالجفاف في مديرية البحر الأحمر منهم 200 ألف في عداد الحالات المستعجلة إذ تعرضوا للمجاعة واصيبوا بفقر الدم .. ولقد كانت نظرتنا الإقليمية في الظروف العادية هي أن نربط العون الغذائى بالعمل .. وتحفيز الناس للعمل في مشاريع إنتاجية تحسن ظروفهم المعيشية .. ولكننا مع هذا اللجوء الكبير وأثر الجفاف على الإنسان والمراعي والحيوان فنزح الناس من تهاميم وهيا ودورديب وغيرها من أماكنهم التقليدية.

    والإخوة السعوديون أمدونا بــ 75 ألف جوال ذرة .. ونتوقع من الهيئات الإقليمية والدولية مزيدا من الإعانات لتغطية فترة الجفاف التي قد تمتد لشهر نوفمبر القادم على الأقل.

    إن الواجب الانساني يملي على البجه تقديم كل المساعدات اللآزمة للإخوة الاريتريين اللآجئين هذا بغض النظر عن وشائج الرحم والجوار التي تجعلهم يعتمدون على بلاد البجه كعمق استراتيجي ينطلقون منه في نضالهم لتحقيق الحرية والاستقلالZ.

    أما في مجال المجاعة التي تجتاح البلاد فلا بد من تكثيف الجهود إقليميا ودوليا للسيطرة عليها ومكافحة آثارها والإشادة بالدور السعودي الإنساني الرائد حتى يكون قدوة للبلدان الإسلامية والعربية الأخرى لدرء شبح المجاعة وإيقاف البعثات التنصيرية التي وجدت في المجاعة منفذا تدخل منه إلى البلاد في محاولة لتحسين صور العالم المسيحي وتشويه صورة العالم الإسلامي.


    التهجير القسري

    إرتبط التهجير القسري في بلاد البجه بالتنمية التي لا تراعي مصلحة السكان الأصليين، وتعمل على تهجير الرعاة البجه من أراضي أجدادهم التي عاشوا فيها لآلاف السنين. وكل المشاريع التي أقيمت في بلاد البجه أدت إلى نزع أراضيهم وتشريدهم لمصلحة غيرهم. وتسبب هذا في تقليص المراعي وظهور المجاعات بشكل دوري. فقد بدأ الاستعمار البريطاني هذا النوع من التهجير في بلاد البجه في مشروع القاش. وقام بتهجير الرعاة البجه من أراضيهم ليقيم فيها مشروعاً لإنتاج القطن لتزويد مصانع النسيج في بريطانيا به. ونزعت الأراضي من البجه الرعاة ومنح بعضها لشماليين تم تهجيرهم لبلاد البجه. كذلك تم تهجير الرعاة البجه قسرياً من مراعيهم ومزارعهم في القضارف والرهد وتوكر ونهر أتبره، الذي قتله خزان خشم القربة. واستمرت حكومات الخرطوم في هذا المنحى، حتى جاء نظام الإنقاذ، الذي لم يوفر وسيلة لتشريد البجه. فعلى امتداد خط أنابيب البترول تم تشريد البجه بالإرهاب لأسباب أمنية، وكذلك في منطقة التنقيب عن الذهب التي استخدمت الحكومة في استخراجه مادة السينايد للقضاء على البجه وحيواناتهم. وعلى ساحل البحر الأحمر، فقد قامت حكومة الإنقاذ بتشريد البجه من مواطن أجدادهم لإقامة ميناء لتصدير البترول ومنطقة حرة، كذلك أعلن مدير الميناء في يونيو العام 2003م عن نيته لمصادرة الأراضي الواقعة بين بورتسودان وسواكن. أما الطرق البرية السريعة، فبالإضافة إلى طرد البجه من أراضيهم، فقد ساهمت كثيراً في تدمير البيئة وقتل القرى والمدن الصغيرة التي كانت نقاطاً هامة في الطرق القديمة والآن لا تمر بها هذه الطرق السريعة. لم يستفد البجه من كل هذه المشاريع التي تسمى تنموية غير التشريد وتدمير البيئة. وعلى امتداد الحدود مع إريتريا استغلت حكومة الإنقاذ قتالها مع المعارضة ذريعة لتهجير البجه من قراهم بزعم أن هذه المناطق مناطق عمليات عسكرية، ولكن السبب الحقيقي وراء ذلك هو أن الحكومة تهدف لإفناء البجه حتى يحل محلهم أهل الشمال، لذا تريد التخلص منهم بسياسة الأرض المحروقة حيث زرعت الألغام في كل المناطق التي تم تهجيرهم منها. ففي ولاية كسلا وحدها تم تهجير السكان من أربعين قرية أما في ولاية البحر الأحمر فقد تم تهجير السكان من عشرين قرية. ويأتي هذا ضمن سياسة حكومة الإنقاذ الشمالية للتوسع في بلاد البجه لصالح الشمالية، حيث أن الشمالية منطقة طاردة كما هو معروف، تسعى الحكومة لإبادة البجه بالحروب والأمراض وغيرها حتى تخلو لها أراضيهم. كذلك تهدف الحكومة لتغيير التركيبة السكانية في بلاد البجه بنزع أراضي البجه ومنحها للشماليين وغيرهم، كخط دفاع متقدم ضد محاولات البجه للمطالبة بوطن قومي.

    حسب بيان المفوضية السامية، فإنه من المفترض تحديد نهاية مايو 1998 كتاريخ نهائي للعودة الطوعية للآجئين الاثيوبيين لبلادهم لزوال أسباب اللجوء. وصدر مؤخراً من المفوضية قرار في جنيف يحدد الأول من مارس العام ألفين لـ Xبنود الإنقطاعZ أي إيقاف خدمات اللآجئين، وهذا يشمل جميع اللآجئين الاثيوبيين في العالم كله.

    النازحون في كسلا والقضارف

    المشكلة العامة التي يواجهها كل النازحين هي أنهم يصبحون يدفعون قيمة خدمات ومواد كانوا يحصلون عليها مجاناً، مثل السكن والماء والوقود والألبان من الأشياء التي كانت تتوفر لهم مجاناً في مواطنهم الأصلية، وهذا يشكل بالطبع عبئاً اقتصادياً.

    جاء في تقرير لوالي كسلا عام 1999، عن النازحين في ولاية كسلا ما يلي: (تأثرت مناطق شاسعة من حدود الولاية المتاخمة لإريتريا بالحرب الدائرة في الجبهة الشرقية مما أدى إلى نزوح المواطنين من قراهم مخلفين وراءهم منازلهم وممتلكاتهم، ووحداتهم الخدمية. وبلغ عددهم في سبعة معسكرات جديدة حوالى ستين ألفاً، ومن المعسكرات قدماييت وأدارمان وفاتو والشقراب ودبلاويت، ولم تصل الجهات المعنية بهم إلى بعض مناطق النازحين لحصرهم وتقديم الخدمات اللآزمة لهم بسبب الظروف الأمنية، ونزح بعضهم إلى منطقة القاش وسط ذويهم وأقربائهم.

    نزح المواطنون من قراهم التي كانوا يتمتعون فيها بمنشآت خدمات محدودة في التعليم والصحة إلى مواقع جديدة لا تتوفر فيها أسباب الحياة فقط بسبب وجود الأمان فيها. وكان أكبر الأثر على التعليم حيث هجر النازحون (36) مدرسة مشيدة، بها (169) فصلاً و(6007) تلميذاً وتلميذة، منهم (4872) تلميذاً و(1135) تلميذة. وحرم النازحون من نشاطاتهم الاقتصادية التقليدية وبالتالي من الدخول وأصبحوا فقراء ومحتاجين. ومن جانب الحكومة فإنها لا تقدم لهم أي مساعدات، بل تستغلهم وتطلب مساعدات باسمهم من المنظمات الإسلامية وغيرها وعندما تصل هذه المساعدات المخصصة للولايات الشرقية، تحولها الحكومة إلى الولاية الشمالية أو للمجندين لإبادة الأقليات العرقية، أو يبيعها تجار الجبهة في السوق السوداء. وقد سبق وأن أرسلت إغاثة خصيصاً لولاية كسلا وحولتها الحكومة للولاية الشمالية مما أغضب سفارة تلك الدولة العربية. وفي مايو العام 2000م، أفرزت الحرب الإثيوبية الإريترية نزوح مئات الآلاف من الإريتريين لولاية كسلا.

    النازحون في البحر الأحمر

    اشتعلت الحرب في جنوب توكر في مارس عام 1997م. ونتج عن هذا تعرض عشرين قرية للحرب تمتد من قرورة إلى مرافيت. ونزح سكان هذه المنطقة البالغ عددهم حوالى مائة ألف نسمة إلى توكر وبورتسودان. وأقام النازحون على أطراف المدينتين في أعشاش وأكواخ مزرية ومكتظة، ليس فيها مرافق صحية ولا خدمات صحية ولا مدارس حيث تم هجر (17) مدرسة. ولم تقدم الدولة أي مساعدات لهم بالرغم من أنها كانت تحرضهم للدفاع عنها. وقضى منهم المئات نتيجة لاصابات الكوليرا والملاريا والحميات الأخرى.



    النازحون من الجنوب والغرب

    وإضافة لنازحي الحرب من جنوب توكر وحول كسلا، جاء نازحو الحروب في الجنوب وجبال النوبة والغرب إلى مدن كسلا والقضارف وبورتسودان، هرباً من الحرب وبحثاً عن كسب الرزق. وجلبوا معهم ممارساتهم وعاداتهم وطرقهم في كسب الرزق ومنها صناعة الخمور المحلية وغيرها، مما أفرز مشاكل أمنية وأخلاقية. وتضاعف عدد السكان في هذه المدن، حيث وصل عددهم في بورتسودان فقط نصف مليون شخص تقريباً، وتدنت الخدمات الصحية واكتظت المدارس والتي كانت فقيرة أصلاً. كذلك ارتفعت أسعار المساكن ومياه الشرب والسلع الاستهلاكية والمواد الغذائية وضايق النازحون السكان الأصليين في سوق العمل والمواد التموينية الشحيحة. ووصلت احتياجات المعيشة، في بورتسودان في مناطق النازحين مثل الإنقاذ ألف وباء ودال وغيرها، لكل أسرة حوالى 10 آلاف جنيه لمياه الشرب فقط، و15 ألف جنيه لأكياس الخيش، و12 ألف جنيه للذرة. واستقطبت المجموعات النازحة منظمات طوعية أجنبية فقدمت لهم مساعدات دون البجه. وكونت لهم هذه المنظمات صناديقاً لتمويل أعمال اقتصادية صغيرة وفتحت لهم فصولاً تعليمية وتدريبية ومؤسسات اجتماعية حتى صارت أحوالهم أحسن من أحوال مضيفيهم.


    سكان المناطق المحررة

    يبلغ عدد سكان المناطق المحررة الخاضعة لسيطرة مؤتمر البجه في ولايتي كسلا والبحر الأحمر حوالى ربع مليون نسمة. ويبلغ عدد القرى التي يسكنون فيها أكثر من ستين قرية صغيرة وكبيرة منها في ولاية كسلا همشكوريب وربسم وأقماييت وقدماييب وكوتنيب وراساي وهشنيب ومامان وتوقان وشقلوبا وتلكوك وتندراي وانقواتيت وتهداي وتكروف وأدرديب وقرقر وكرباويب وقمبلياييب وفِلّك وكدبوت. وفي جنوب ولاية البحر الأحمر يسكن البجه في قرية النازحين بقرورة وعريرب وعيترا وسرع وحتاترا وفلحيت ودمبوبيت.




    التـعـليم

    عرف البجه التعليم مع إنتشار الإسلام في بلادهم، ولم تكن لهم قبل ذلك طريقة خاصة لكتابة لغتهم بالرغم من ثرائها بالتراث والأدب . . وأول من كتب لغة البجه هو ملكهم خاراشين الذي سجل انتصاراته الحربية بحروف اغريقية.

    ومع دخول الإسلام في بلاد البجه ظهرت المساجد التي كان يدرس فيها القرآن الكريم. وأول مسجد من هذا النوع شهدته البلاد هو جامع جزيرة عيري الذي تم تدميره مضمن الجزيرة حوالى العام 1115م (رواية الميجر هيربرت)، كما شهدت البلاد أيضاً المسجد الكبير الذي يعرفه البجه بإسم (أمسجد إبرِّي)، ومعناها المسجد الواسع، الذي أسسه قبل قرون الشيخ حامد الملهيتكنابي في خور بركة ثم انتقل إلى المنطقة الوسطى في القاش بين دقين وتندلاي وأخيرا منطقة جمام شمال كسلا.

    التعليم السلفي

    ولقد أدى دخول الطرق الصوفية إلى البلاد وخاصة سواكن إلى إنتشار المساجد المذهبية في سواكن وكسلا وسنكات وتوكر وبعض القرى الكبيرة، ودأب كل مسجد إلى تدريس مذهب ديني معين. واستفاد البجه إلى حد ما من هذا التعليم السلفي الذي حاربه الاستعمار البريطاني بعد استيلائه على البلاد عام 1898م. وبالرغم من محاربة الاستعمار لهذا النوع من التعليم وعدم اعتراف الحكومات به، إلا أن بعض شيوخ البجه الدينيين استطاعوا حمل رآيته وأولهم الشيخ عثمان بليه الذي نشر عدداً كبيراً من خلاوى القرآن، وأنشأ الشيخ علي بيتاي، قرىً تعج بحفظة القرآن من كل أنحاء (السودان) وأفريقيا. وساهم في نشر الخلاوى أيضاً كل من الشيخ سليمان علي كرار والشيخ بشير يعقوب في عقيتاي، والشيخ يعقوب في قرورة، وشريف تمالا وغيرهم. على أن أكثر من نذر حياته (أمد الله عمره) لخدمة التعليم وقضايا التنمية وتطوير المرأة وتوظيف الرجال والنساء، فهو الدكتور محمد بدري أبو هدية. فقد سخّر هذا الإنسان الشهم كل حياته لرفعة البجه والاهتمام بكل قضاياهم، فليس هناك عمل تعليمي أو إجتماعي يتم في البلاد إلا كانت له يد فيه. وقام قبله الأستاذ القاسم صالح ضرار بتوظيف العديد من أبناء البجه، وكذا السيد محمد مختار أول مدير بجاوي للموانيء حيث وظف العديد من البجه.

    وعلي أيام الاستعمار البريطاني كان عدد المدارس محدوداً للغاية، ومتركزا في المدن، حيث يتواجد موظفو السلك الاستعماري. ولم يكن للبجه أي وجود في هذه المدارس، كما أنه لم يكن هناك أي وجود للمدارس في ريف البجه الخاضع لقانون المناطق المقفولة.

    ولقد كانت المدرسة المتوسطة الوحيدة في البلاد بمدينة سواكن (انشئت 1895م)، ثم انتقلت إلى مدينة بورتسودان وكان معظم الطلاب فيها من أبناء الوافدين الذين جاؤوا مع الاستعمار. وساهم في نشر التعليم الحكومي كل من الشيخ عبد القادر أوكير ــ استبعد من منصب وكيل الوزارة في السودنة لصالح شخص شمالي ــ والشيخ القدال سعيد القدال. وقام المرحوم محمد السيد البربري بإنشاء أول مدرسة وطنية في بورتسودان، وكان ناظرها الأستاذ محمد أحمد سليمان (والد بدر الدين وغازي سليمان) وأمين لجنتها المؤرخ الأكبر محمد صالح ضرار. وبعد رحيل الإنجليز قام عدد من الخيرين ببناء مدارس منها الخاصة ومنها المعانة. على أن الأستاذ محمد دين أحمد اسماعيل XالبجاويZ يعد رائد التعليم الشعبي. فقد أسس مدارس التنوير المسائية الشعبية للطبقة العاملة، وقد صادرها نظام مايو المباد. أما الأستاذ رفعت صالح ضرار وحرمه السيدة كلثوم عمر موسى الأمير يعقوب، فقد افتتحا أول مدرسة متوسطة لتعليم البنات في بورتسودان عدا كمبوني والمصرية والقبطية، حيث لم تكن هناك لا مدرسة حكومية ولا خاصة للبنات في بورتسودان، مما كان يتطلب من تلميذات بورتسودات الصغيرات تجشم مصاعب السفر بالقطار إلى كسلا حيث توجد المدرسة المتوسطة للبنات في كل المديرية التي تتبع لها بورتسودان. ومن المتعلمين البجه الذين رفعوا اسم قومية البجه عاليا بما قدموا من تراث إنساني محلي ووطني وعربي وعالمي، المؤرخ الأستاذ ضرار صالح ضرار، الذي ألف الكثير من الكتب التاريخية والأدبية، كما قام بمراجعة ونشر مؤلفات والده التي بعثت تاريخ البجه. كذلك أستاذ الرياضيات ومعرب كتاب Xحرب النهرZ لونستون تشيرشل، الأستاذ عبد الله محمد سليمان الأنصاري، وهو أول من عزف آلة الكمان بالنوتة الموسيقية في السودان، حيث تعلمها من أستاذه البريطاني في كلية غردون، وهو السوداني الوحيد الذي تحدى صلف مدير كلية غردون البريطاني ورفض الإعتذار له مما كلفه الكثير.

    وبعد خروج الاستعمار البريطاني ازداد عدد المدارس نسبيا في البلاد. ونسبة للاستمرار في نفس السياسة التعليمية السابقة، فإن البجه لم يستفيدوا من ازدياد عدد المدارس المحدود. إذ يتم فتح المدارس في المدن الكبيرة حيث البجه أقلية بالإضافة إلى العوامل الأخرى، مثل مشاركة بقية أقاليم (السودان) الأخرى لهم في المدارس والمعاهد التي تسمى قومية بينما كانت قبل عام 1938 توجد مدارس خاصة لأبناء البجه. كذلك كانت لهم حصة معينة في القبول في المدارس المتوسطة وانتهت بخروج الإنجليز Xالمدرسة الثانوية الوحيدة في البلاد تم فتحها عام 1956م (1974)Z. وقد قام الأستاذ الخضر محمد عبد الله بجهود كبيرة لنشر التعليم النظامي في الريف ولكنه جابه مشاكل عديدة لم تثنِ عزمه. (راجع الدراسة التي قدمها في مؤتمر أركويت عام 1975). ومن ضمن ما جاء في الورقة التي قدمها ما يلي Xذهبت مرة في عام 1965م إلى منطقة شمال هيا، بعد أن علمت أن بها عدد غير قليل من المواطنين، لكي أتفق معهم على فتح مدرسة ابتدائية لهم. فوجدت نحو 50 رجلاً تتجاوز أعمارهم الثلاثين عاماً حول بئر، وعندما تحدثت معهم في مختلف أوضاع حياتهم، اكتشفت أنه لا يوجد لدى هذه المجموعة أي أطفال غير طفل واحد لا يتجاوز الرابعة. (يموت الأطفال قبل سن الخامسة هذا إذا لم يدركهم الموت مع أمهاتهم في الولادة من سوء التغذية وعدم وجود الرعاية الصحية). زرت مرة أخرى منطقة غرب دورديب، تقع بينها ونهر أتبره، تسمى كوديت، ولكن كانت الزعامات الدينية المحلية تعترض فتح مدرسة لهم. غير أني علمت أيضاً بظاهرة ندرة الأطفال لموتهم مع أمهاتهم معاً وأحصوا لي حالات عديدة للوفاة، كانت تملأ القلب أسى وحسرة ويندر أن تنجو إمرأة واحدة من الموت أثناء الوضوع ... لما كانت قرى المساجد لم تختر مواقعها على أسس علمية أو بسبب علاقات إجتماعية، سوى إقرار المساجد في المكان بأمر ديني، حصلت مجاعات كاسحة في كثير من قرى المساجد في السنوات الأولى. وقد شاهدت في سنة 1965م، بقرية همشكوريب وفيات كان معدلها 7 في اليوم الواحد، ووجدت مرضى كثيرين في حالات حرجة بسبب سوء التغذية، وشاهدت أطفالاً أحياء، ولكن لا تغمض عيونهم ... ولا تنسد أفواههم بسبب الهزال والجوع، وهم هياكل من العظام بغطاء رقيق من الجلد، ولاحظت أن مواقد النيران للأسر الفقيرة مضى عليها وقت طويل دون أن تشعل فيها أي نار، وبالقرب من كل أسرة عدد من حب الدوم بعضها عليها آثار الأكل على بعض أجزائهZ.

    التفرقة بالإحصائيات

    إن إهمال التعليم بالنسبة للبجه والتفرقة في المعاملة بينهم وبين الشماليين تظهر جلياً في إحصائيات وزارة التربية (العام الدراسي 95/1996م). وقبل هذا يجب أن نعرف أن نسبة الطلاب البجه من جملة الطلاب في المدارس التي في بلادهم هي 5% فقط. وإذا قارنا نسبة المدارس واستيعاب التلاميذ والتلميذات في المدارس، فنجد أن المستوعبين في الصف الأول من مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 سنوات من البنين في الولاية الشمالية (690، من (206،6) بنسبة (03،140%)، وفي نهر النيل (351،11) من (657،11) بنسبة (37،97%)، وفي البحر الأحمر (725،6) من (798،9) بنسبة (64،68%)، وفي كسلا (308،10) من (981،21) بنسبة (90،46%)، وفي القضارف (790،15) من (907،20) بنسبة (52،75%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (232، من (032،6) بنسبة (80،135%) وبالنسبة للجنسين (94،137%)، وفي نهر النيل (677،9) من (726،10) بنسبة (22،90%) وبالنسبة للجنسين (95،93%)، وفي البحر الأحمر (962،5) من (534،12) بنسبة (57،47%) وبالنسبة للجنسين (81،56%)، وفي كسلا (968،7) من (841،23) بنسبة (42،33%) وبالنسبة للجنسين (89،39%)، وفي القضارف (994،12) من (882،20) بنسبة (22،62%) وبالنسبة للجنسين (88،68%).

    ونجد أن المستوعبين في مرحلة الأساس ممن هم في سن 6 إلى 14 عاماً من البنين في الولاية الشمالية (509،57) من (873، 55) بنسبة (93،102%)، وفي نهر النيل (384،75) من (021،90) بنسبة (74،83%)، وفي البحر الأحمر (578،36) من (007،76) بنسبة (12،48%)، وفي كسلا (506،55) من (754،167) بنسبة (09،33%)، وفي القضارف (774،79) من (387،155) بنسبة (34،51%). وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (350،52) من (212،53) بنسبة (38،98%) وبالنسبة للجنسين (66،100%)، وفي نهر النيل (597،70) من (383،87) بنسبة (79،80%) وبالنسبة للجنسين (27،82%)، وفي البحر الأحمر (038،30) من (141،79) بنسبة (96،37%) وبالنسبة للجنسين (04.43%)، وفي كسلا (980،46) من (477،156) بنسبة (02،30%) وبالنسبة للجنسين (61،31%)، وفي القضارف (592،63) من (088،149) بنسبة (72،42%) وبالنسبة للجنسين (03،47%).

    ونجد أن المستوعبين في المرحلة الثانوية من البنين في الولاية الشمالية (330،11) من (031،19) بنسبة (61%)، وفي نهر النيل (309،17) من (425،30) بنسبة (57%)، وفي البحر الأحمر (101،7) من (683،27) بنسبة (7،25%)، وفي كسلا (701،6) من (570،55) بنسبة (6،11%)، وفي القضارف بنسبة (30،14%) للجنسين. وبالنسبة للبنات في الولاية الشمالية (849،12) من (540،17) بنسبة (25،73%) وبالنسبة للجنسين (94،66%)، وفي نهر النيل (292،20) من (150،30) بنسبة (29،67%) وبالنسبة للجنسين (54،62%)، وفي البحر الأحمر (058،5) من (846،21) بنسبة (15،23%) وبالنسبة للجنسين (58،24%)، وفي كسلا (171،6) من (541،50) بنسبة (21،12%) وبالنسبة للجنسين (91،11%). من هذا يتضح أن وجود كل المسؤولين في الدولة من الولاية الشمالية أدى لتركيز السلطة في أيديهم ومن ثم استئثارهم بالتعليم ضمن ما اختصوا به إقليمهم من مكاسب غير شرعية أخرى على حساب ذهب البجه ومواردهم الأخرى.

    المدارس في ولاية القضارف

    التعليم قبل الأساسي

    يبلغ عدد رياض الأطفال حسب إحصائية 98/99، (120)، منها (5) خاصة. عدد التلاميذ والتلميذات بها (6664)، منهم (3903) ذكور، و(2761) إناث. عدد المرشدات بها (217).

    مدارس الأساس والثانوي

    يبلغ العدد الكلي لمدارس مرحلة الأساس في ولاية القضارف حسب إحصائية 98/99، (513) مدرسة. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (142885) وكان عددهم قبل عام (129820)، منهم (75042) تلميذاً، و(5478 تلميذة. وعدد المعلمين والمعلمات بها (4492). عدد المعلمين والمعلمات (4492). ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية (67) والفنية (11) مدرسة، منها خمس مدارس فنية، منها صناعيتان وواحدة تجارية وواحدة فنية ومعهد ديني وتجاريتان إنشائيتان. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (12563)، والفنية (2276)، منهم (1446) طالباً و(830) طالبة. عدد المعلمين والمعلمات بها (561). توجد (6) مدارس ثانوية خاصة. عدد تلاميذها (426)، وتلميذاتها (280). والمعلمين (54)، والمعلمات (16).

    تعليم الكبار

    تتبع ولاية القضارف منهجية جديدة في مجال محو الأمية (للعالم البرازيلي بالو قريري) تعمل على ربط برامج محو الأمية ببرامج التنمية المحلية، تطبق لأول مرة باللغة العربية في العالم. حسب تقرير الولاية فقد تم محو أمية (176479) شخص من مجموع (531663) شخص في الفترة من 91 إلى مايو 99. المتبقي من الأميين (337821) شخص. عدد المعلمين (6، والمعلمات (136)، والمتطوعين (1329). يوجد (15) مركزاً للثقافة الغذائية. تعمل بها (26) مرشدة.

    المساجد والخلاوي والكنائس في القضارف

    يوجد في ولاية القضارف (51 مسجد، و(1019) خلوة، و(960) زاوية، و(22) كنيسة.

    مدارس اللآجئين والجاليات

    عدد مدارس اللآجئين والجاليات (23)، والتلميذ (3491)، والتلميذات (3105)، والمعلمين (15.


    المدارس في ولاية كسلا

    يبلغ العدد الكلي للمدارس لمرحلة الأساس في ولاية كسلا(1999م)، (351) مدرسة، عدد المعلمين والمعلمات بها (3914). منها 132 مدرسة للبنين، و(111) مدرسة للبنات، و(10 مدرسة مختلطة. أقفلت منها 36 مدرسة جراء الحرب الأهلية الدائرة في حدود الولاية Xالأستاذ أحمد ترك وزير التعليم أكتوبر 1999مZ. ويبلغ عدد المدارس الخاصة والشعبية (41) مدرسة، والتلاميذ والتلميذات في هذه المدارس من أبناء وبنات الإخوة الإريتريين، وتتلقى هذه المدارس الدعم من المنظمات الدولية والأجنبية والإسلامية واشتراكات مجالس الآباء. ويبلغ عدد التلاميذ الكلي في المدارس الحكومية في مرحلة الأساس من الجنسين (98049)، منهم (5543 تلميذاً، و(42611) تلميذة. ويبلغ عدد المدارس الثانوية الحكومية الأكاديمية والفنية (44) مدرسة، منها (32) للتعليم الأكاديمي، و(12) الفني، أما الخاصة فعددها (10) مدارس ثانوية بالإضافة إلى (4) معاهد دينية. ويبلغ عدد طلاب وطالبات المدارس الثانوية الأكاديمية (946، منهم (454 طالباً و(4920) طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (636). أما المدارس الفنية فعدد طلابها من الجنسين (2313)، منهم (1065) طالباً، و(124 طالبة، وعدد المعلمين والمعلمات (81).


    المدارس في ولاية البحر الأحمر

    التعليم قبل المدرسي

    مؤسسات التعليم قبل المدرسي تشمل الخلاوي ورياض الأطفال. يلاحظ في توزيع هذه المؤسسات، إنتشار الخلاوي في كل محافظات الولاية، بينما يقتصر وجود رياض الأطفال على محافظتي البحر الأحمر (3،79%) وسنكات (7،20%). يتضح من العرض أن رياض الأطفال بالولاية ما زالت مؤسسات حضرية توجد بالمدن خاصة بورتسودان إضافة إلى سنكات وهيا وجبيت ودورديب. وهي أحد مجالات الاستثمار لرأس المال الخاص بمدينة بورتسودان. من مجموع رياض الأطفال ببورتسودان (9 نجد أن (1،53%) تابعة للقطاع الخاص بنسبة استيعاب تمثل (8،46%) وبها (2447) دارساً من الجنسين، والرياض الحكومية ببورتسودان (46)، بها (2781) دارساً من الجنسين. اجمالي عدد رياض الأطفال في الولاية (110) والدارسين فيها (6025) من الجنسين، منهم في الخاصة (2447)، وفي الحكومية (357. ويبلغ عدد الخلاوي في الولاية (344) ولا يعرف عدد الدارسين فيها.


    تعليم الأساس

    مجموع مدارس الأساس في الولاية (295 احصائية 98/99) مدرسة، بمتوسط مدرسة لكل (246 شخص (لا توجد مقارنة مع النسبة الموجودة في ولايتي النيل والشمالية يرجى مراجعة احصائيات وزارة التربية). توزيع هذه المدارس يشير إلى أن (7،39%) هي مدارس بنين و(3،28%) مدارس بنات، بينما تشكل المدارس المختلطة (32%). نصف مدارس الولاية ببورتسودان، بمعنى آخر لا يستفيد منها البجه شيء، لأنهم في الريف. تشير النسبة المقارنة، بين عدد السكان والمدارس، إلى أن محافظة حلايب هي أكثر المحافظات فقراً من حيث توفر خدمات تعليم الأساس، حيث توجد مدرسة واحدة لكل (6219) شخصاً في المتوسط، مقارنة بـ (2575) شخصاً في محافظة البحر الأحمر، و(2409) شخصاً في كل من محافظتي سنكات وتوكر على التوالي. مجموع مدارس الأساس في الولاية (295)، منها (130) بنين، و(84) بنات، و(81) مختلطة. مجموع التلاميذ الملتحقين بمرحلة الأساس، بالمدارس الحكومية بالولاية (436،66) تلميذاً وتلميذة، منهم (37903) (3،55%) ذكور، و(28533) (6،44%) إناث. تتفاوت نسب التوزيع النوعي هذه بين المحافظات، حيث تصل إلى (70%) للذكور في محافظة حلايب، و(3،63%) و(2،61%) في كل من محافظتي توكر وسنكات على التوالي.

    في محافظة البحر الأحمر تمثل نسبة الذكور (2،53%) بزيادة ضئيلة نسبياً على عدد الإناث. وفي الريف تقل نسبة الإناث في المدارس لأسباب اجتماعية واقتصادية وعدم وجود مدارس كافية وبعدها وسوء توزيعها وغيرها مما يفسر ارتفاع نسبة الأمية بين الإناث فيها. يشكل الأطفال في سن تعليم الأساس (6ــ14 عاماً) حوالى (20%) من مجموع السكان بالولاية، نجد أن غالبية الأطفال (4،52%) في ريفي الولاية، هم خارج نطاق التعليم الرسمي. تصل نسبة هؤلاء حوالى (94%)بمحافظة حلايب، و(75%) في محافظة توكر.

    يضاف إلى أعداد الأطفال الملتحقين أعلاه، أعداد التلاميذ بمدارس المجموعات الخاصة، وهي، تحديداً مدارس الرحل ومدارس النازحين. توجد مدارس الرحل في ريف الولاية، وعددها 10 مدارس، منها 3 للبنين والبقية مختلطة، ومجموع تلاميذها (577)، بمتوسط (5 تلميذاً للمدرسة، مما يوضح ضعف الإقبال عليها نتيجة لأسباب بها أو مرتبطة حولها. تتركز مدارس النازحين في محليات مدينة بورتسودان، (31) مدرسة، و(5) مدارس في سواكن. مجموع تلاميذ هذه المدارس (2612)، أي بمتوسط (57) تلميذاً للمدرسة، ويعزى هذا إلى أنها جميعاً حديثة الإنشاء، ولم تتعد الصف الثالث أو الرابع.

    في شهر يونيو العام 2003م جاء في صحيفة الرأي العام Xشرعت ولاية البحر الأحمر في إعداد مشروع متكامل لإعادة الداخليات بمدارس الولاية كافة حسب توجيه رئيس الجمهورية بعد أن ثبت أن إغلاق الداخليات أسهم بصورة مباشرة في زيادة الفاقد التربوي بالولاية.

    وقال الأستاذ عثمان إبراهيم شوف وزير التربية والتعليم بالولاية إن الولاية نفذت تجربة ناجحة بإنشاء X12Z داخلية بمدارس الريف في السنتين الأخيرتين أبرزا تحسناً كبيراً بتلك المدارس مقارنة بالمدارس الأخرى مشيراً إلى أن عدد الجالسين لإمتحان الأساس X8Z آلاف طالب وطالبة حققوا نجاحاً بنسبة X69%Z مع تحصيل جيد. وكشف وزير التربية عن خطة متكاملة لتأهيل المعلمين واستيعاب X450Z معلماً جديداً لسد النقص. وذكر بأن الولاية رصدت مبلغ X05،1Z مليون دينار للمعلمين ليتم استثمارها في مشروعات التعليم نفسها.


    المعلمون

    يبلغ مجموع معلمي مرحلة الأساس بالولاية (2928ــ 98/99م) من الجنسين، الذكور (1085)، والإناث (1810)، منهم (4،66%) في محافظة البحر الأحمر، و(1،20%) في محافظة سنكات، و(6،10%) في محافظة توكر، و(9،2%) في محافظة حلايب. متوسط عدد التلاميذ مقابل المعلم الواحد (27) تلميذاً، غير أن هذا الرقم يتأرجح بين (27) تلميذاً في محافظة البحر الأحمر و(11) تلميذاً في محافظة حلايب. هذه النسبة ناتجة عن نقص التلاميذ عن المعدل العادي في المدارس ولا يعني أن عدد المعلمين كبيراً أو كافياً، فهناك العديد من المدارس التي يقل فيها عدد المعلمين عن القوة المحددة مما ينتج عنه تأخر الدراسة لشهور طويلة. وبالرغم من قلة عدد طلاب الصف مقابل المعلم إلا أن نتائج المدارس ضعيفة جداً. وفي النهاية فهناك هدر في الكفاية الداخلية بسبب قلة عدد التلاميذ في المدارس، وغالبية الأطفال الذين يفترض أن يكونوا في المدارس هم خارجها. يشير التركيب النوعي للمعلمين إلى ارتفاع نسبة الإناث (5،62%) مقارنة بالذكور (5،37%). وعموماً يتناسب عدد الإناث طردياً مع درجة التحضر، حيث تصل نسبة الإناث إلى (1،72%) في ولاية البحر الأحمر، و(3،31%) في محافظة حلايب. نسبة المعلمين المدربين في المتوسط للولاية هي (56%)، مما يجعل أمر تدريب المعلمين والمعلمات إحدى الأسبقيات الهامة في حقل التعليم في بلاد البجه.

    التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي

    يبلغ مجموع مؤسسات التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي بالولاية، 31 مؤسسة، تتوزع بالتساوي تقريباً بين البنين (16) والبنات (15). متوسط عدد السكان، مقابل المدرسة الواحدة، للولاية هو (21656) شخصاً. وبالرغم من قلة المدارس إلا أن محافظة توكر هي الأفقر. مجموع الملتحقين بهذه المدارس (8667) تلميذاً وتلميذة، منهم (51%) ذكور و(49%) إناث. غير أن هذا التوزيع يتباين جغرافياً حسب المحافظة، حيث تنخفض نسبة الإناث إلى (5%) في محافظة حلايب. توزيع الطلاب حسب الداخليات، يوضح أن كل طلاب الداخليات بمحافظة حلايب هم من الذكور مما يشير إلى عدم وجود داخلية للبنات مما يقلل من فرص تشجيع سكان الريف على الوصول ببناتهم إلى مستوى التعليم الثانوي (هذا ينطبق على كل ريف البجه). يشير توزيع المعلمين إلى أن (8،88%) من مجموع المعلمين هم في محافظة البحر الأحمر (مدينة بورتسودان) ويعكس هذا التفاوت الشاذ في رتب المراكز الحضرية بالولاية (بورتسودان تعادل 22 ضعف المدينة الثانية بالولاية، سنكات/ توكر). يشير التوزيع النوعي للمعلمين إلى أن الأغلبية (3،54%) من الإناث، وتصل هذه النسبة إلى (5،75%) في محافظة البحر الأحمر. يبلغ عدد معلمي التعليم الثانوي الأكاديمي الحكومي (402) من الجنسين، منهم (167) ذكور (7،45%)، و(235) إناث (3،54%). عدد الطلاب بالنسبة للمعلم في الولاية (22). توجد بالولاية (5) مدارس فنية مجموع طلابها (934) منهم (8،41%) إناث. أصبح حقل التعليم الثانوي الأكاديمي أحد ميادين الاستثمار الخاص، وهذا واضح في مدينة بورتسودان. عدد المدارس الثانوية الخاصة بالمدينة يشكل (50%) من مجموع المدارس الحكومية، بينما يشكل طلابها (31%) من مجموع طلاب هذه المرحلة. يتركز التعليم المهني ومعاهد تعليم الكمبيوتر في مدينة بورتسودان. عدد مركز التدريب المهني (1) والدارسين به (136) دارساً. وعدد مركز الكمبيوتر (4) بها (132) ذكور، و(166) إناث.


    تمويل التعليم

    تعليم الأساس

    أسند قانون الحكم الفيدرالي إلي المحليات مسؤولية تعليم الأساس. بالنظر إلى تفاصيل الصرف على هذا القطاع يتضح جلياً أن هذا الصرف يقتصر على الفصلين الأول والثاني فقط (يوجد 44 ضابط إداري بالولاية، جيش! وكان يدير الولاية كلها في الماضي معتمد بالدرجة دي إس). هذا يشير إلى عجز كل المحليات بالولاية عن تمويل الفصل الثالث (التنمية)، والذي هدفه تجويد وتركيز العملية التربوية وتهيئة البيئة المدرسية الصالحة من خلال تدريب المعلمين، توفير الكتب، والوسائل التعليمية، التربية العملية وتكثيف النشاط الطلابي ... إلخ. كل هذا جعل مشروعات التنمية في مجال التعليم متخلفة وتعتمد على الدعم الإتحادي التي يأتي بمزاج النخبة الشمالية الحاكمة. تراوحت نسبة الصرف على قطاع التعليم من جملة الدعم التنموي العام 94/95 (10%). يشير جدول الإنفاق الولائي إلى: ارتفاع نسبة الصرف على الفصل الأول والذي يشكل حوالى (5،82%) من جملة الصرف العام 97/98م. وصلت هذه النسبة إلى (5،90%) في محافظة توكر و(7،85%) في محافظة البحر الأحمر. ارتفعت نسبة الصرف على الفصل الأول في محلية الشرقي العام 96/97 بزيادة سنوية تعادل (4،47%) ووصلت هذه الزيادة إلى (2،73%) في محلية الأوليب و(2،55%) في محلية الجنوبي. على مستوى الولاية ارتفعت نسبة الصرف على هذا الفصل من (7،56%) العام 96/97م إلى (5،82%) العام 97/98م.

    بينما شكل الصرف على الفصل الثاني (6،31%) من جملة الصرف على الفصل الأول في محلية الجنوبي العام 96/97، نجد أن النسبة وصلت إلى (4،67%) العام 97/98. في محلية القنب ارتفعت النسبة من (5،33%) العام 96/97 إلى (310%) العام 97/98. في محلية عقيق إنخفضت النسبة من (3،83%) إلى (3،3%) Xهذا الإنخفاض ليس ترشيداً للإنفاق ولكنه نتج عن خروج منطقة جنوب توكر من سيطرة الحكومة في مارس العام 1997 إلى سيطرة قوات المعارضة وتوقف الحكومة عن تزويد المنطقة بالخدمات وغيرها، وهذا التحليل بصورته هذه يخفي الحقائق ويعكس معلومات غير صحيحة تجعل المرء يشك في كل كلمة وردت في هذه الموسوعة التي صرف عليها من أموال الشعب ــ المؤلفZ.

    الأمية وتعليم الكبار

    ترتفع الأمية في ولاية البحر مثل باقي ولايات البجه خاصة في الريف، حيث تصل إلى (158734) بنسبة (8،79%) للجنسين، وترتفع النسبة أكثر بين النساء في الريف (81%)، ولدى الرجال (74%). وتصل في المناطق الحضرية إلى (105493) بنسبة (8،34%) للجنسين، وتصل لدى النساء (5،43%)، ولدى الرجال إلى (26%). ويوجد بالولاية 183 فصلاً لتعليم الكبار، منها (1،66%) بمحافظة البحر الأحمر، و(6،18%) بمحافظة سنكات، و(7،8%) في محافظة توكر، و(6،6%) بمحافظة حلايب. تمثل فصول الرجال (2،55%) من المجموع الكلي للفصول في الوقت الذي ترتفع فيه معدلات الأمية أكثر بين النساء. مجموع الدارسين بهذه الفصول (6661) دارساً منم (2،57%) ذكور، و(8،42%) إناث. توزيع المعلمين لصالح الحضر حيث يوجد منهم في البحر الأحمر (6،65%)، وفي محافظة حلايب (7،6%) فقط. وتبلغ نسبة المعلمين الذكور (6،55%) والإناث (4،44%).

    يبلغ عدد المدارس في محافظة حلايب 10 مدارس ابتدائية فقط (من دراسة للأستاذ محمد الأمين حمد في ديسمبر 1992م، وهو من زعامات البجه المتعلمين وتولى مناصب عامة عديدة وأسهم في مبادرات لتطوير البجه)، منها 9 للبنين ومدرسة واحدة للبنات. ولا توجد أية مدرسة متوسطة أو مهنية ومن البديهي لا توجد مدرسة ثانوية. ومجموع التلاميذ والتلميذات يقل عن الألف وهو يقل عن عدد تلاميذ مدرستي حي وسط مدينة بورتسودان (بنين وبنات) الابتدائيتين (ا. هـ). أما في جنوب توكر، حيث توجد عشرون قرية، فتوجد 17 مدرسة ابتدائية يقل تلاميذها عن (2624) تلميذاً وتلميذة. وتوجد في محافظة توكر 42 مدرسة أساس تقابلها مدرسة ثانوية واحدة فقط في مدينة توكر وهي بدون داخلية أيضاً. أقفلت كل مدارس القرى الواقعة جنوب توكر جراء الحرب الأهلية الدائرة هناك من 27/3/1997م، وتشتت التلاميذ والتلميذات بلا تعليم في البلاد (ديسمبر 1999م). وكذلك الحال في مجلس ريفي منطقة بورتسودان الذي يشكل 99% من مساحة محافظة البحر الأحمر، وينسحب هذا على كل ريف بلاد البجه الشاسع.

    تعليم الكبار والتنمية

    ولا توجد مراكز لتنمية المجتمع وتعليم الكبار، فالأمية بين الكبار تبلغ نسبتها 100% بين النساء و99% بين الرجال. وتقل مدارس البنات كثيراً عن مدارس البنين. وتنتشر ظواهر العزوف عن التعليم، بين البنات بصفة خاصة بسبب عدم التوعية الاجتماعية. أما الأسباب المشتركة لعزوف البنين والبنات عن التعليم وانتشار ظواهر التسرب والهروب من المدارس فمنها، اعتماد الأسر على الأبناء اقتصادياً في الرعي والزراعة، وبعد المدارس عن القرى، والجهل باللغة العربية الذي يجعلهم اضحوكة أمام المعلمين وزملائهم من غير البجه، والفقر، حيث لا يستطيعون توفير الملابس المدرسية والمستلزمات الأخرى، وكذلك انعدام الخبز لعمل السندويتشات لوجبة الفطور. إن هذا ينسف الجهود المبذولة ليصبح المردود الاستثماري المتوقع للقليل الذي يقدم للتعليم بدون عائد. فكثير من المدارس كما هو واضح لا يتقدم منها أي تلميذ أو تلميذة إلى المرحلة المتوسطة ولعدة سنوات. كما أن التعليم الفني والثانوي متمركزين في المدن الكبرى لكي يستفيد منهما غير البجه سكان الأرياف وأصحاب الحق.

    لقد كان هدف الاستعمار من ادخال التعليم في السودان، هو ايجاد قطاع من الإداريين والموظفين يمتثلون بأمره، ويسيرون في ركابه. وهذا النوع من التعليم بعيد عن الأهداف الوطنية لكل أمة، حيث يجب أن تضم مقررات التعليم تراث وتاريخ البجه وأن تتم تنشئة الطلاب بصورة وطنية حتى يكونوا رجالا صالحين لوطنهم، يدفعهم حب الوطن والاخلاص له لتحصيل المزيد من التعليم وذلك بما يتم غرسه في نفوسهم من قيم وطنية ومباديء قومية، في اطار ما يتلقونه من مواد التربية الوطنية.

    إن الفترة الطويلة التي قضاها الاستعمار البريطاني في (السودان) مكنته من تنفيذ سياسته الرامية إلى تحطيم حضارات الشعوب العريقة، وزعزعة الثقة في نفوس أصحاب البلاد المستعمرة، وتشكيكه لهم في قدراتهم وامكاناتهم المعنوية والمادية. وكان للحرب التي قادها البجه في القرن التاسع عشر ضد بريطانيا أثرا مباشرا في انتهاج الاستعمار البريطاني لسياسة معادية للبجه طيلة حكمه للسودان، ولا زال البجه يعانون آثارها حتى اليوم خاصة الإشاعة الكبرى التي أطلقها الإنجليز، ومن بعده الشماليون، بأن البجه لا يرغبون التعليم بينما هناك أسباب كثيرة تقف حائلا بينهم وبين التعليم أهمها حاجز اللغة.

    إنه من المحتم بطبيعة الحال أن تلعب السلطة دورا معينا في إقامة تعليم رمزي، بأمل تشجيع قطاع من البجه المتعلمين (المسئولين) الذين يمكن أن يضطلعوا بدور الحلفاء السياسيين، بيد أن هذا التعليم كان لحفنة قليلة فقط - وكان هدفه إنتاج صورة فوتوغرافية لأصل أجنبي، بدلا من المساعدة على التقدم الثقافي للبجه أنفسهم.

    المتعلم البجاوي

    إن المتعلم البجاوي واقع تحت تأثيرين متعارضين. فمن ناحية يحاول المسيطرون اغراءه واغواءه بمنحه بعض الامتيازات المحدودة، وقتل كبريائه القومي واخلاصه للوطن من خلال عملية خبيثة متعمدة قوامها القضاء على طابعه البجاوي وصبغه بالصبغة الأجنبية. ومن الناحية الأخرى فسبب تلهف السلطة على أن تحتفظ بين يديها بكل الخيوط الرئيسية، وبسبب رغبة المستوطنين في الاستئثار بكل الوظائف والمهن الممتازة، يجد البجاوي مطامحه سواء بالنسبة لنفسه أو بالنسبة لقومه بأسرهم، تتعرض بصورة دائمة للمقاومة والاحباط. وهكذا لا يدرك لا مصالحه الشخصية، ولا مصالح الجماعة التي ينتمي إليها، ولا حضارة شعبه بأسرها يمكن أن تخطو إلى الأمام ما دام السيطرة جاثمة على صدر بلاده. والطبيعة المزدوجة الواقعة على المتعلم البجاوي - أن يحصل على امتيازات تضعه في مرتبة أعلى بالنسبة لباقي شعبه، ومع ذلك يكون خاضعا خضوعا تاما للحكام في الخرطوم، ولا يقدم أي شيء لأهله، بالرغم من أنه وصل للمنصب عن طريق أهله، وهذا ما يفسر مظاهر الحيرة وعدم الحسم بل التحولات المفاجئة من موقف متطرف إلى آخر، التي كثيراًbما ميزت دورهم في الحركة القومية. وكثير من الذين يتولون منهم مناصب يتسمون بالسلبية مقارنة برصفائهم من الشماليين، ويستغل البعض أهله البجه لصالح السلطة، بينما العكس هو الصحيح. ولولا تصعيد معارضة البجه لنشاطها لما حصل هؤلاء على شيء من الإنقاذ، فكلما XسخنتZ استفادوا أكثر وهم انتهازيون يعرفون هذا ولكنهم ينافقون ويتبرأون حتى من أهلهم. ولا يعني هذا أن كل المتعلمين البجه سيئين، فالقلة هي التي تجري وراء مصالحها الخاصة، مثلما يحدث في كل العالم، ومع ذلك فإن تأثير المتعلمين هام، ولا يوجد حزب وطني واحد في العالم لا يلعب فيه المثقفون دورا ًمؤثراً. وهناك نفر من المتعلمين البجه نذروا أنفسهم لخدمة أهلهم مثل الدكتور طه بليه الذي هجر العمل في بلاط إمبراطور إثيوبيا ليعمل في بلاط المزاورية، وذلك الطبيب البجاوي الذي نصب خيمة في هيا أيام مجاعة العام 1985. أما الدكتور سيد أحمد الذي يسافر للمحطات الخلوية متطوعاً بتقديم العلاج والدواء مجاناً، فهو مثال يحتذى. ومن هنا نناشد الأطباء البجه الذين يعملون بالداخل والخارج، أن يقدموا لأهلهم العلاج والدواء وأن يمنحوهم شيئاً من علمهم لأن الحكومات لا تقدم شيئاً للبجه. وهناك من البجه من يحتمي من مساعدة أهله بستار من التدين المظهري، ويسافر للعمرة والحج مرات ومرات ولا يعرف أن أهله بحاجة إلى شربة ماء من بئر تحتسب صدقة جارية.

    معوقات التعليم

    ويعتبر شظف العيش لدرجة لا تكفي لشراء ملابس، وعدم توفر المياه والأكل في المدارس، من أسباب تغيب الطلاب البجه عن المدارس القليلة الموجودة في ريف بلادهم. بالإضافة إلى عدم توفر الأمن والرعاية الصحية والاجتماعية، وعدم استقرار السكان الرعاة الرحل، وبالرغم عن اعتماد ميزانيات منخفضة لمقابلة نفقات ايواء وترحيل وتغذية الطلاب فإنها لم تكن كافية لهم، بالإضافة إلى التسيب في توزيعها. كما كان هناك من يمنعون بنات وأبناء أتباعهم من دخول المدارس بدعوى أنها مفسدة لهم. وقد قاوم زعماء الطريقة الختمية ادخال التعليم في بلاد البجه خاصة في سنكات، ففي الأربعينات حاول كل من السيد محمد صالح الشنقيطي والمؤرخ محمد صالح ضرار، فتح مدرسة إبتدائية في سنكات فقاوم الختمية ذلك. وأذكر في الستينات سفر والدي وأنا معه بصحبة مفتش التعليم آنذاك المرحوم الشيخ القدال سعيد القدال، خلال تفقده للمدارس الإبتدائية في مديرية كسلا (كانت تشمل ولايات كسلا والقضارف والبحر الأحمر)، حيث كان الوالد يقوم بجهود طوعية لحث التلاميذ والمعلمين على مواصلة التعليم في المناطق الريفية القاحلة. وبينما يفرض بعض خلفاء الختمية الجهل على البجه، فإنهم يشجعون غيرهم على التعليم. فقد أرسلوا آلاف الطلاب الشماليين للتعلم في مصر وسوريا والعراق، خاصة في عهد نظام مايو المندحر. أما من حيث المدارس نفسها، فهي أعداد في إحصائيات أكاذيب الدولة، إذ أنها تفتقر لأبسط مقومات المدرسة، من مقاعد وطاولات ودفاتر وكتب وغيرها. ومن حيث المباني فهي في حالة يرثى لها، خاصة مساكن المعلمين والمديرين، مما جعلهم يهجرون مواقع عملهم في كل فرصة مواتية، ومعظم شهور السنة تظل المدارس بلا معلمين، وربما يدرس أوفر التلاميذ حظاً ثلاثة أشهر في السنة. وبالرغم من وضع المدارس المتدني، فإن الدولة لا تستح في التبجح بنشر التعليم العالي وإفتتاح جامعات وهمية، وصرف الأموال في نشر هذه الأكاذيب الإعلامية والجامعات الوهمية بدلاً عن إنفاقها لتقويم مدارس الأساس المنهارة، خاصة في الريف حيث معظم مدارس الأساس في محافظات كاملة لم يتقدم منها أي تلميذ للمرحلة الثانوية ولسنوات عديدة متعاقبة.

    إن الاهتمام بتعليم يلبي متطلبات البلاد هو الطريق الوحيد لتطوير شعب البجه بالإضافة إلى الاهتمام بالثقافة وقيام معاهد للغة وتراث البجه، ومحاولة إيجاد تجمعات مستقرة للرحل حول مناطق المياه والكلأ تتوفر فيها المرافق الصحية، والاجتماعية .

    وإنه للحصول على نتيجة أفضل في التعليم في بلاد البجه يجب إقامة المدارس بعد دراسات إحصائية وإجتماعية، وتحسين مبانيها وإيجاد السكن المناسب فيها للتلاميذ والمعلمين وتقديم الوجبات المجانية للتلاميذ بالإضافة إلى الملابس. كما أن وجود معلمين من أبناء البجه أنفسهم يجعل التفاهم أكثر سهولة بين المعلمين والطلاب خاصة وأن البجه يتحدثون لغة مختلفة عن اللغة العربية. مما يتطلب وجود مدارس خاصة بالبجه تكون فيها دروس اللغة العربية أكثر تدرجاًbوسهولة وتدرس باللغتين البجاويتين على أساس أنها لغة جديدة، إذ أن دخول أبناء البجه في منافسة مع أبناء الأقاليم الأخرى الذين يتحدثون العربية (كلغة أم) يجعل أبناء البجه يتحرجون من نطقهم للكلمات العربية وكذلك يفقدون فرصهم في المراحل التعليمية المتقدمة بالإضافة إلى هذا فإن طبيعة البجاوي الرعوية ذات النزعة الاستقلالية والفردية يجب أن يوضع لها اعتبار، كما تقام مدارس متنقلة في مناطق الرحل لأن المجتمع الرعوي تحتاج فيه الأسرة إلى مجهودات كل أبنائها في كسب الرزق.

    لقد كانت بلاد البجه في الماضي غنية بالمدارس التي تعلم (القرآن) والتي كان يقيمها العلماء والفقهاء وكانت ذات أثر جيد في محو الأمية، ولكن الآن اندثر هذا النوع من التعليم السلفي بدخول المدارس الحديثة التي لم تستطع أن تستوعب كل من يصل إلى السن المقررة لدخول المدرسة. ومن هذا يتضح أن هناك من فاتهم التعليم وصاروا اليوم شبابا أو شيوخا خاصة النساء، والاهتمام بهذه الفئات واجب عن طريق فتح مدارس محو الأمية.

    (35) إن التعليم في البلاد يحتاج إلى دراسة وتقييم خاصة ريفه والمناطق الأشد تخلفا، حتى يمكن ترشيده وتنفيذ خطة ذات فعالية ترصد لها ميزانية استثنائية على ضوء خطة خمسية لتطوير التعليم خاصة في الريف ليتمكن من مسايرة ركب التطور الذي يملأ عالم اليوم كذلك إنشاء معاهد لتدريب المعلمين والمعلمات من أبناء البجه وإنشاء معاهد فنية وابتعاث شباب البجه للخارج لدراسة التكنولوجيا والمهارات الحرفية.

    كما يجب الاهتمام بالمدارس الموجودة بالأرياف وسد حاجتها من مدرسين ومدرسات من أبناء وبنات الريف بشروط خاصة كما يتاح لهم التدريب المناسب.

    أما حاجز اللغة والذي يعتبر عقبة في استمرارية الطفل في التعليم فيجب أن يذلل بالاستعانة بالمؤسسات التعليمية ذات الاختصاص في تدريس اللغة العربية للبجه. أما عدم صرف مرتبات المعلمين فقد أدى إلى إفراغ البلاد من المعلمين وهجرتهم للعاصمة والشمال حيث تتركز السلطة والثروة وتتوفر المرتبات والحوافز والدخل الإضافي من الدروس الخاصة.

    التعليم الفني والمهني

    كذلك فإن الحاجة إلى كوادر فنية في مجال الزراعة والصناعة تدعو للإهتمام بالتعليم المهنى والزراعي للمساعدة في تطور البجه لمواكبة عصر الصناعة والتكنولوجيا كما تبرز الحاجة إلى إنشاء معاهد ومدارس للتدريب المهني والصناعي والاجتماعي لتوفير الكوادر المؤهلة في شتى مجالات الإنتاج بما يساعد على ربط الطلاب بمناطقهم، كما يساعد على تنمية هذه المناطق صناعيا وزراعيا وإجتماعيا، والاستفادة من ثرواتها ومواردها الطبيعية.

    إن السكن الداخلي ضرورة للطلاب والطالبات في كل مراحل الدراسة نسبة لبعد المدارس عن قرى الطلاب وعدم توفر غذاء لوجبة الفطور صالح للحمل للمدرسة.

    ولتحقيق ثورة إجتماعية واقتصادية تدفع بالبجه بخطوات أسرع لا بد من إعلان برنامج محدد ومكثف لمحو الأمية في البلاد في فترة معينة وتوفير التمويل والإمكانات المادية والبشرية اللآزمة لهذه البرامج.

    الاهتمام بالإدارات والمدارس

    كذلك خلق مناخ مناسب لإدارات التعليم في البلاد وللمعلمين والمعلمات العاملين تحت ظروف قاسية في مناطق الريف النائية وتسهيل السكن وسبل الاتصال بهم. والاهتمام بالمدارس وصيانتها ومدها بالأدوات اللآزمة خاصة في مناطق الشدة. والتجاوز المناسب فيما يتعلق بشروط عمر القبول بالمدارس في ريف البلاد. وتوطيد الصلة بين أسرة التلميذ ومدرسته والعمل على توفير اعانات للتلاميذ تساعدهم على الاستمرار في الدراسة والاهتمام بالحالة الاجتماعية للطلاب وأسرهم ووضعها تحت اشراف أخصائيين إجتماعيين.

    وحتى تتم الاستفادة القصوى من مباني المدارس الموجودة يجب استقبال الطلاب للدراسة على نوبتين واحدة في الصباح وثانية بعد الظهر ويتم في الأخيرة قبول من زادت أعمارهم عن سن القبول الرسمية المحددة. وعلى جانب المواطنين البجه، فيجب على الشباب منهم أن يتطوعوا لمحو الأمية ونشر التعليم كل في منطقته، على أن يقوم بها طلاب الجامعات والمعاهد العليا أثناء عطلاتهم الدراسية، كما يقوم بها خريجو الثانوي والجامعات كل لمدة عام دراسي قبل إلتحاقه بأي وظيفة. لأنه من الواضح أن الحكومات لن تقدم لهم شيء، لذا يجب أن يعتمدوا على جهودهم الشعبية والإمكانات المتاحة الرسمية والشعبية لتوسيع قاعدة الهرم التعليمي وأن يكون التوسع في فتح المدارس يتم في الريف حيث يوجد البجه الذين يحتاجون للتعليم وليس في المدن حيث يتعرضون لمنافسة غير عادلة بسبب اللغة وغيرها.

    ?? الصورة: صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، جعل من إمارة الشارقة مركزاً اكاديمياً رائداً يشع منه العلم والثقافة والآداب والفنون ويزخر بصروح التعليم حتى نالت الشارقة جائزة عاصمة الثقافة، وأخذ بأسباب العلوم الحديثة مع التمسك بتعاليم الدين الإسلامي والأصالة العربية. نتمنى أن يشمل بلاد البجه بشعاع من نور العلم الذي ينشره.

    صور: جامعة الشارقة في إمارة الشارقة ـــــ الجامعة الأمريكية في إمارة الشارقة

    ?? الصورة: صاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي عضو المجلس الأعلى حاكم عجمان، خصص منحاً لتعليم أبناء البجه في إمارة عجمان

    صورة: العميد يوسف بابكر بدري

    كلية الأحفاد الجامعية

    لا بد هنا من الإشادة بكلية الأحفاد الجامعية للبنات، احدى مؤسسات مدارس الأحفاد، هذا الصرح العلمي والوطني الشامخ الذي شيده الشيخ بابكر بدري بعد أن ألقى السيف مجبراً في معركة كرري ليحمل القلم ويواصل كفاحه الضاري ضد الاستعمار بكل ألوانه. ثم قام العميد يوسف بدري بتطوير مدارس الاحفاد وافتتاح كلية الأحفاد الجامعية للبنات. وواصل مسيرة العلم والوطنية البروفسير قاسم يوسف بدري، الذي عرف من خلال انجازاته الكبيرة وعمله واجتهاده من أجل نشر النور ومحو دياجير الظلمة، فقد عاصر قاسم بداية تشييدها والصعوبات الجمة ولكنه انتصر في النهاية. إن كل شبر من هذا الصرح السامق يشهد له بكده واخلاصه ووفائه وبفضل الله وبقاسم هذا ففي كل بقعة نائية من ربوع وطننا الغالي هناك قبس من نوره وخريجة تنشر العلم والمعرفة والحضارة، بل كذلك وصلت الخريجات إلى مرافيء الغربة ونشرن العبير الطيب في كل بيت سوداني تقريبا سواء بالداخل أو الخارج. ونحن نذكر هنا هذه الكلية لأنها خصصت منحاً مجانية لبنات البجه.
                  

01-14-2006, 06:21 AM

AMNA MUKHTAR
<aAMNA MUKHTAR
تاريخ التسجيل: 07-31-2005
مجموع المشاركات: 13702

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    شكرا أخى ابراهيم بقال..والله ما قصرت تب.


    أما الشيخ على بيتاى فقد كان رجل دين معروف فى منطقة شرق السودان

    وأنشأ عددا كبيرا من الخلاوى لتحفيظ القرأن وتدريسه

    خصوصا فى منطقة همشكوريب...التى تدور فيها رحى الحرب الآن

    ويقتل أهلها وتدمر قراهم.




    وتتشابه قضية الأسود الحرة وجبهة شرق السودان عموما مع قضايا

    المهمشين فى كل أنحاء القطر.


    نعم ان التهميش موجود...كذلك الخيانة

    وأن ظلم ذوى القربى أشد مرارة.

    (عدل بواسطة AMNA MUKHTAR on 02-15-2006, 08:36 PM)

                  

01-14-2006, 06:29 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: AMNA MUKHTAR)

    اختتم لك هذه النبذه التعريفية التاريخية عن اهلنا البجا برق السودان
    العزيز بهذه القصيدة التي تحكي عن اصل قضية اهلنا في شرق السودان
    قضيتي

    قصيدة من الشرق

    ابوندي البجاوي



    البجا هويتي قوميتي وقضيتي

    أستل سيفي واكتب بمداد الدم

    خير البلاد كله خيرنا ونحن في

    أرياب يسرق خيرها ليلا

    الكل يأكل خيري ويأخذ موقعي

    لا الكل قال أعطوا البجاوي حقه

    يا للظلم يا للمهزلة الكل

    أنا البجاوي انتفض لكرامتي

    دروب النضال مريرة عند اللقاء

    إذا كانت الدولة لا ترعي حرمة

    الرب معنا إن كنا على الحق

    فمهما تفنن الجلاد في ظلمنا

    شهداؤنا مهر قضيتنا وفي حلق

    جرحانا دماءهم مداد لنا نكتب

    اسرانا يعنوا استمرار استهدافنا

    فاججوا نار النضال يا أخوتي

    سنناضل حتى الظلم عنا ينتفي

    حتى البجاوي أعلى المراتب يرتقى

    الشرق جرعة ماء نبتغي

    وأهلنا بالدرن أوصالهم تتقطع

    ولا صديق ولا شفيق لحالتي

    ولا قالها من كنا منهم نرتجي

    يسعي لتهميشي وتغييبي وسرقتي

    وتأبي الإهانة نفسي وعزتي

    فلا تهني ولا تجزعي يا أمتي

    شعبها فيا عذابي ومصيبتي ومحنتي

    والظلم يهوي كما يهوي عرش الباطل

    فتأكدوا بأن ليل الظلم يوما سينجلي

    جلادنا كأس مرير من حنظل

    به الحق الذي للباطل يدمغني

    فيا أمتي للباطل أبدا لا تركعي

    فماذا بعد الموت وفقد المنطقي



    ابوندي البجاوي

                  

01-14-2006, 06:36 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: AMNA MUKHTAR)

    لمذيد من المعلومات عن تاريخ البجة بشرق السودان يمكنك زيارة موقع حركة العدل والمساوة السودانية عبر هذا العنوان http://www.sudanjem.com
    تجد في صفحة المواقع الاخري موقع مؤتمر البجا

    (عدل بواسطة ابراهيم بقال سراج on 01-14-2006, 06:43 AM)

                  

01-14-2006, 06:37 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: AMNA MUKHTAR)


    شهداء انتفاضة البجا

    حسين أركه حمد

    إبراهيم ابو فاطمة بشير

    مكي ادروب حامد

    أوهاج علي حمد أونور

    حمد علي محمد حمد

    عمر أحمد عمر البدري

    محمد محمد طاهر أحمد

    طاهر حسين حسان

    محمد بدري بادنين محمد أحمد

    أحمد أبو فاطمة همزة مكاوي

    عبد الرحمن محمد آدم

    علي حسين ريهين

    اوشيك الأمين كرار

    عمر عبد الله محمد عيسى

    محمد دين عمر حسن

    عيسى حسين علي محمد

    طاهر محمد طاهر

    علي حسين محمد

    عثمان محمد آدم

    فقيري أحمد حامد

    راشد حسين عثمان



                  

01-14-2006, 06:51 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

                  

01-14-2006, 01:47 PM

abcde
<aabcde
تاريخ التسجيل: 07-04-2002
مجموع المشاركات: 975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    إبراهيم
    إنت الكلام ده قريتو ولا لصقتو لصيق
                  

01-14-2006, 03:11 PM

فيصل نوبي
<aفيصل نوبي
تاريخ التسجيل: 09-16-2005
مجموع المشاركات: 14194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    Quote: إبراهيم
    إنت الكلام ده قريتو ولا لصقتو لصيق


    تعرف نفسي اقابل بقال ده عشان اقدر اعرف اذا كان بيلصق ولا بقرا ؟؟؟
                  

01-14-2006, 06:01 PM

Yassir Tayfour
<aYassir Tayfour
تاريخ التسجيل: 08-18-2005
مجموع المشاركات: 10899

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: فيصل نوبي)

    Quote: إبراهيم
    إنت الكلام ده قريتو ولا لصقتو لصيق




    لوووووووووووووووووووول يا abcde


    و الله قبل ما اصل مداخلتك، كنت ناوى اكتب لى ابراهيم نفس الكلام...بى ضبانتو ذى ما بيقولو..


    أو
    تانى
    لووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووووول
                  

01-15-2006, 05:23 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Yassir Tayfour)

    شكرا يا أخ أبراهيم بقال
    في انتظار المزيد عن :
    (جنجويد الشرق )
    سليمان بيتاي
    الأسود الحرة
    وأوجه الشبه بين قضيتهم وقضية دارفور
    وجبهة تحرير كونامى
                  

01-15-2006, 07:18 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    Quote: شكرا يا أخ أبراهيم بقال
    في انتظار المزيد عن :
    (جنجويد الشرق )
    سليمان بيتاي
    الأسود الحرة
    وأوجه الشبه بين قضيتهم وقضية دارفور
    وجبهة تحرير كونامى



    أما الشيخ على بيتاى فقد كان رجل دين معروف فى منطقة شرق السودان

    وأنشأ عددا كبيرا من الخلاوى لتحفيظ القرأن وتدريسه

    خصوصا فى منطقة همشكوريب...التى تدور فيها رحى الحرب الآن

    ويقتل أهلها وتدمر قراهم.


    أما سليمان بيتاى قائد جنجاويد الشرق فهو ابنه.


    وتتشابه قضية الأسود الحرة وجبهة شرق السودان عموما مع قضايا

    المهمشين فى كل أنحاء القطر.


    نعم ان التهميش موجود...كذلك الخيانة

    وأن ظلم ذوى القربى أشد مرارة.
                  

01-15-2006, 07:36 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    Quote: إبراهيم
    إنت الكلام ده قريتو ولا لصقتو لصيق


    قريتو قبل شهرين وبراجع فيه كل يومين تلاثة وانا بتابع كل المواقع الثورية
    وبدخل عليه يومياً ,, اقراء انت !!!!!
                  

01-15-2006, 08:17 AM

مجدى محمد مصطفى
<aمجدى محمد مصطفى
تاريخ التسجيل: 11-06-2005
مجموع المشاركات: 1700

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    الأخ بقال
    وجميع الأخوه الكرام

    كل عام وانتوا طيبين وان شاء الله عام سعيد وعمر مديد ملئ بالأنجازات


    يا ياسر طيفور والنوبى و abcde

    بقال بيقرأ ولا بيلصق ممكن تصل للنتيجه دى من سياق ما كتبه وليس بالضروره ان تشيروا الى ذلك الا اذا كانت هناك (....)

    الكلام المبطن دة ما فى ليهو اى داعى وارجو ان يسود الأحترام المتبادل بيننا
                  

01-15-2006, 02:02 PM

فيصل نوبي
<aفيصل نوبي
تاريخ التسجيل: 09-16-2005
مجموع المشاركات: 14194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: مجدى محمد مصطفى)

    مجدي

    Quote: يا ياسر طيفور والنوبى و abcde

    بقال بيقرأ ولا بيلصق ممكن تصل للنتيجه دى من سياق ما كتبه وليس بالضروره ان تشيروا الى ذلك الا اذا كانت هناك (....)


    بقال عندو كيبورد يرد بيو

    بعدين طال الزمن ولا قصر ، سوف نلتقي بالاخ بقال و حينها نقاشه يحدد اذا كان بقرا ولا بيلصق ساي ولا دي فيها كلام مبطن كمان !!!!!!!!!!!!!!

    اذا ده مبطن تعال قول الواضح شنو ؟؟؟؟؟
                  

01-15-2006, 01:44 PM

abcde
<aabcde
تاريخ التسجيل: 07-04-2002
مجموع المشاركات: 975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    إبراهيم والله مافي داعي للنفس الحار

    ويا مجدي
    Quote: بقال بيقرأ ولا بيلصق ممكن تصل للنتيجه دى من سياق ما كتب

    الزول ده لصق ما كتب وكان ممكن يشير أو يورينا نمشي نلقى الكلام ده وين

    Quote: الا اذا كانت هناك (...


    أنا غايتو من جهتي لا في هنا أو هناك

    Quote: وارجو ان يسود الأحترام المتبادل بيننا

    الأوحى ليك غير كده شنو

    Quote: وانا بتابع كل المواقع الثورية

    ثم ماذا بعد هذا
                  

01-15-2006, 06:57 PM

Yassir Tayfour
<aYassir Tayfour
تاريخ التسجيل: 08-18-2005
مجموع المشاركات: 10899

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: abcde)

    Magdi or wuteva

    What does RESPECT have to do with what i said???
    it was just a feeling... i still believe Bagal did NOT read what he cut-n'-pasted here, neither did u... please stop insisting yourself in a bussiness does NOT belong to you. any ways, i think Bagal can handle it better than the way you did... when you fight for nothing, you get nothing... zip-up your mouth, unless you are asked to say something...

    thank you
                  

01-15-2006, 10:50 PM

MAHJOOP ALI
<aMAHJOOP ALI
تاريخ التسجيل: 05-19-2004
مجموع المشاركات: 4000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Yassir Tayfour)

    الاخ بقال
    لك التحية
    هلا ابنت لى وجه الشبه بين معاناة البجاوى والرشيدى وكيف يستوى نضالهم؟
    ولك وافر الاحترام
    محجوب
                  

01-16-2006, 02:13 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: MAHJOOP ALI)

    الأخ ابراهيم بقال
    يبدو ان رسالتي
    اليك لم تكن واضحة
    يا أخي
    ابراهيم
    ما أردت قوله لك هو الاتي:
    تصديك لقضية دارفور
    لا يمنحك الحق في الخوض
    في قضية الشرق
    دون علم
    هناك فرق كبير بين قضية الاسود الحرة
    ومظالم عموم أهل الشرق
    كما أن هناك فروقات كثيرة
    بين دارفور والشرق.
    وقضية دارفور لو تشبه قضية الاسود الحرة (ويقيني غير ذلك)
    يبقى ما عندك قضية صدقني
    ختاما
    لم أقم بتوثيق الاساءات
    التي وجهتها الى الشيخ سليمان
    وأرجو منك التراجع عنها
    والا فتحمل تبعات ذلك
    مع وافر احترامي
    وصادق المنى لأهل دارفور بالسلام العادل
    --------------
    ال سليمان
                  

01-16-2006, 07:20 AM

abcde
<aabcde
تاريخ التسجيل: 07-04-2002
مجموع المشاركات: 975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    أها يا مجدي طلع لصيق ولا شنو
    حسي في داعي
                  

01-16-2006, 07:26 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: abcde)

    يا أخي
    ابراهيم
    ما أردت قوله لك هو الاتي:
    تصديك لقضية دارفور
    لا يمنحك الحق في الخوض
    في قضية الشرق


    طيب متعب رقبتك كدة مالك ؟؟ من زمان كان تشوف ليك زول من الشرق وتسألوا
    وتجاوب غلي اسئلتك براك ,, عامل بوست معنون بأسمي لشنو ؟؟
                  

01-16-2006, 07:55 AM

abcde
<aabcde
تاريخ التسجيل: 07-04-2002
مجموع المشاركات: 975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    إبراهيم إنت زول قاصد مشاكل ولا شنو, حسي أسألك بالعزيز(الهو لا من الشرق ولا الغرب ولا شمال لاجنوب) الزول ده قال

    Quote: يا أخي
    ابراهيم
    ما أردت قوله لك هو الاتي:
    تصديك لقضية دارفور
    لا يمنحك الحق في الخوض
    في قضية الشرق

    ولا قال

    Quote: يا أخي
    ابراهيم
    ما أردت قوله لك هو الاتي:
    تصديك لقضية دارفور
    لا يمنحك الحق في الخوض
    في قضية الشرق
    دون علم



    ما أي زول بيقرا لي فولتير معناهو إنو زول ثوري
    ما أي زول قعد في الدركسون وأداها جاز معناهو زول سواق

    خت دايمافي راسك إنو أي حرف بتكتبو هنافي ناس بيطلعو عليهو, عشان كده حاول توزنو و توزن نفسك وأفكارك

    والقصه هي ماموضه, مالازم أي زول يكون عندو قضيه والسلام

    وتاني بقول ليك ما في داعي للنفس الحار

    بالمناسبه, في حاجه إسمها أدب الثوره, للأسف ما ممكن تلقينها إلقاء
                  

01-17-2006, 01:25 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: abcde)

    الأخ
    أبجديات شكرأ
    -----------
    الأخ ابراهيم
    عليك اثبات الاتي :
    Quote: أما الشيخ على بيتاى فقد كان رجل دين معروف فى منطقة شرق السودان
    وأنشأ عددا كبيرا من الخلاوى لتحفيظ القرأن وتدريسه
    خصوصا فى منطقة همشكوريب...التى تدور فيها رحى الحرب الآن
    ويقتل أهلها وتدمر قراهم.
    أما سليمان بيتاى قائد جنجاويد الشرق فهو ابنه.

    أو الاعتذار
    لك وافر احترامي
    ال سليمان
                  

01-19-2006, 07:16 PM

فيصل نوبي
<aفيصل نوبي
تاريخ التسجيل: 09-16-2005
مجموع المشاركات: 14194

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    بق بق

    الصف بقا طويل و انت ما بترد

    انت كويس !!
                  

02-07-2006, 05:05 PM

abcde
<aabcde
تاريخ التسجيل: 07-04-2002
مجموع المشاركات: 975

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    كوييييس
                  

02-14-2006, 08:21 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: abcde)

    ?
                  

02-14-2006, 08:30 AM

ابراهيم بقال سراج
<aابراهيم بقال سراج
تاريخ التسجيل: 10-12-2005
مجموع المشاركات: 10842

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    ؟
                  

02-15-2006, 01:54 AM

صلاح الدين عبدالله محمد
<aصلاح الدين عبدالله محمد
تاريخ التسجيل: 01-02-2005
مجموع المشاركات: 1403

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: ابراهيم بقال سراج)

    Quote: ما أي زول بيقرا لي فولتير معناهو إنو زول ثوري
    ما أي زول قعد في الدركسون وأداها جاز معناهو زول سواق

                  

03-06-2006, 01:28 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: صلاح الدين عبدالله محمد)

    sHvn
                  

05-04-2006, 07:14 AM

ناصر محمد خليل
<aناصر محمد خليل
تاريخ التسجيل: 10-25-2005
مجموع المشاركات: 848

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    Quote: افلاطون البورد محمد سليمان .

    كعادتك وعادة بوستاتط الكثيرة في عددها الفارغة من مضمونها كتبت هذا البوست البئيس لمجرد انني سألتك عن جبهة تحرير كونامي !

    مالي انا ومال محسن خالد فيما سألتك عنه ؟

    مشكلتك يا هذا انك شخص تعتقد في نفسك كثيرا وأنت بالضبط مثل الغوريلا التي تحاول ان تلفت الانظار لها بدق صدرها بقوة في الغابة ولكن عندما تبرز اليها غزالة تبادر بالفرار والاختباء .

    كنت اظنك ستستغل بوستي ذاك للتبصير والتعريف بجبهة تحرير كونامي التي أخبرتنا عنها ولم نسمع بها الا منك ولكنك كعادتك لجأت الى تمييع الأمر برمته

    وبما انك بهذا الحال فسأذهب الان لرفع جميع بوستاتك الفارغة في هذا المنبر وسأرى أن كان احدا يفهم منها شي .

    فلتذهب أنت وتوبلوجيتك وجبهة كونامي نفسها الى الجحيم

    ناصر
                  

05-04-2006, 04:34 PM

حميد حامد

تاريخ التسجيل: 12-12-2005
مجموع المشاركات: 0

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    الاخ محمد سليمان كتب

    Quote: وقضية دارفور لو تشبه قضية الاسود الحرة (ويقيني غير ذلك)
    يبقى ما عندك قضية صدقني


    ما هو رأيك وتقييمك لقضية الاسود الحرة ؟
    أتمني الاجابة
    ملحوظة :- السؤال موجه للاخ محمد أي سليمان الحبشي
                  

05-05-2006, 09:25 AM

degna
<adegna
تاريخ التسجيل: 06-04-2002
مجموع المشاركات: 2981

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: Mohamed E. Seliaman)

    الأخ حبشي
    الســـــــــــــــــــــــــــــلام عليكم ورحمـــــــــــة الله وبركا ته
    شايفك سئلت الأخ ابراهيم بقال ماذا يعرف عن الشيخ سليمان بيتاي وعن جبهة الشرق وعن الرشايدة والجنجويد
    حقيقة لي سؤال اريد له اجابة واضحة وهوه ماذا تعرف عن جبهة الشرق وهل الماريه هم بني عامر ام يتبعون نظارة البني عامر كعمودية لك الشكر
    دقنه
                  

05-05-2006, 09:39 AM

هاشم نوريت
<aهاشم نوريت
تاريخ التسجيل: 03-23-2004
مجموع المشاركات: 13622

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: degna)

    دقنة
    دبايوا
    ما تحرج الراجل وخليوه فى الكونامى حقتو
                  

05-05-2006, 10:33 AM

MAHJOOP ALI
<aMAHJOOP ALI
تاريخ التسجيل: 05-19-2004
مجموع المشاركات: 4000

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: هاشم نوريت)

    الظلامى الطائفى هاشم
    قلته ماتحرج الراجل
    انت فاكروا الجنجويد حميد صاحب الرسالة الالهية بالاستطان فى ارض البجا
                  

05-07-2006, 09:22 AM

Mohamed E. Seliaman
<aMohamed E. Seliaman
تاريخ التسجيل: 08-15-2005
مجموع المشاركات: 17863

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الأخ ابراهيم بقال ممكن تحدثنا عن همشكوريب وسليمان بيتاي وقضية الأسود الحرة وجنجويد الشرق ؟ (Re: MAHJOOP ALI)

                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de