عباس بيضون و جار الله عمر

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-19-2024, 08:43 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف العام (2002م)
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-04-2003, 02:58 AM

osama elkhawad
<aosama elkhawad
تاريخ التسجيل: 12-31-2002
مجموع المشاركات: 20391

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
عباس بيضون و جار الله عمر





    2003/01/04




    culture


    --------------------------------------------------------------------------------


    جار الله عمر وولادة اليمن
    عباس بيضون




    تكاد اليمن تكون البلد الوحيد الذي يشكو امنه الى العالم. الوحيد تقريبا الذي جهر بوجود القاعدة فيه واستعدى العالم عليها في ارضه. ليس في هذا غضاضة، فحين لا تستطيع الدولة بقواها الخاصة ان تفرض سيادة القانون وسيادة الأمن وسيادة الدولة نفسها، لا جناح عليها في ان تعلن ذلك على الملأ وان تستعين بمن يقدر ولا يكلفها غاليا ثمن اقتداره وعونه. ذلك امر يختلف فيه الناس. أما حين تكون النتيجة ان يُصرع رجل في وزن جار الله عمرو لطف جار الله عمر وموقع جار الله عمر، فهذا امر لا يترك لنا رأيا ولا قدرة على رأي، سوى ان نقول في ما بيننا وبين انفسنا، اعان الله اليمن على أمرها. لكننا مع ذلك نفهم ان جار الله ليس الاول الذي يذهب غيلة في اليمن، وان لكل زمن اغتيالاته. بل نفهم ان القتل جزء من سياسات اليمن وان السلطات في شماله وجنوبه توسلته جزءا من سياساتها. نفهم ان القتل كان احيانا جواب السلطة على العشائر قبل ان يكون جواب العشائر على بعضها بعضا او على السلطة نفسها. حين نرى رجلا كجار الله عمر يُقتل على منبره، اي يُقتل وسط مفاوضته وإبان وساطته، نعرف ملء المعرفة ان شيئا ما لن يتحقق كما نشتهي في هذا البلد، ولربما هي الساعة لنسخط على ما اعتدناه من سلطاتنا حتى بتنا لا نأبه له ولا نهتم. اي تلك التسميات التي يتسمى بها الحاكم وتتسمى بها الدولة ويتسمى بها النظام، من مثل الثورة والاصلاح والتنمية والديموقراطية <<لادر درك>> وانت تعلم انها اسماء في غير موضعها وأنها اطلقت على عواهنها حبا بالألفاظ ذاتها من دون ان ينفذ ذلك، بأقل قدر وأقل صلة، الى الواقع نفسه والى حقيقة الامر.
    قُتل جار الله عمر ولا نعرف اذا كان القاتل جديدا ام انه يتابع مهنة لا يزال يزاولها من زمن طويل، مهنة لا تزال جزءا من بنية السياسة وبنية النظام في هذه البلاد التي تسند فيها البيروقراطية والمال العام وربما الجيش الحديث، القوة العشائرية، وتتطور فيها العشيرة بتطور الدولة وبموازاتها، ويتطور سلاحها بموازاة سلاح الدولة، اما النتيجة فهي ما ترى بوضوح وببساطة: عنف الدولة يضاف الى عنف العشائر، ونظام العشائر يخترق نظام الدولة، وفي النهاية يغدو القتل سيدا في بلادنا.
    لا أريد أن أرثي جار الله عمر سياسيا مع انه يستحق في الغالب، ومع ان قدَرا سياسيا خاصا اختار الرجل في اكثر الاوقات حرجا، كما ذكر جوزف سماحة في مقالته. الساعة بالنسبة إلي هي ساعة برم بالسياسة خاصة حين تصل الى حيث لا نستطيع ان نتصورها بعدُ سياسة او نراها بحت سياسة. قُدر لي ان ارى جار الله عمر وأسمعه مرات منذ اسابيع في زيارتي الأخيرة لليمن. ليس جار الله عمر الدمث الوحيد في اليمن التي تكثر فيها الدماثة قدر ما يكثر فيها العنف، انه دمث بالتأكيد بل هو من ليست الدماثة فيهم أدبا فحسب. انها أدب بقدر ما هي طبع وبقدر ما هي حقيقة الرجل الذي قدر في احرج الاوقات على ان يبقى رحبا. ليس لجار الله عمر عشيرة. كان شماليا في الجنوب وهو اليوم جنوبي في الشمال. ربما لأن الرجل من القليلين الذين قدْرهم في انفسهم ومصائرهم في ايديهم. قدر جار الله عمر على ان يكون لينا ودمثا حقا في معشره ولكن ايضا في سياسته، وخياراته. لين لا بد منه في بلاد ليست السياسة فيها سوى فن العصبية وفن العناد، بل هي بالطبع لعب بأقدار للدم فيها وللنسب نصيب.
    كان شماليا في الجنوب وجنوبيا في الشمال. اي كان جار الله عمر حرا بالمعنى الذي نفهمه اليوم، مصيره في يده وقدره في نفسه، ربما لهذا كان جار الله عمر شخصا يتكلم سياسة كالسياسة، وفكرا كالفكر، وخيارات كالخيارات، وكنا نصدق ان هذه حقا سياسته وذلك حقا فكره وخياراته، في منطقة ليست التسميات فيها سوى ترويج وتمويه. كان بوسعك ان تسمع جار الله وأن تسمع صوتا عاقلا، وأن تسمع تحليلا حقا، وان تسمع خطة فعلية، وان تسمع تحالفات حقة وخصومات حقة وطرحا مرحليا حقا، بل تسمع تطلعات وآمالا وتصدق انها تطلعات وآمال، وتسمع تصورا مستقبليا وتصدق ان ثمة هنا مستقبلا بلا ريب.
    سمعته في لقاء غونتر غراس يقول باسم الحزب الاشتراكي اننا ضد العمليات الانتحارية. ويقول بنفس الجهر والعلانية ان نتيجة حرب الانفصال بين اليمنين كانت انقلابا اجتماعيا للمحافظين على المجددين. سمعته يقول في اليمن وسط التهديدات التي نفذت فيه والتحذيرات والريب والتعبئة اليومية، كلاما لا يقوله سياسي معارض آخر سواه بالفم الملآن ويخشى في بلد اكثر امانا وسلما ان يجهر به. يلامس تابوات كبيرة بسهولة ويمرق منها بسهولة، يتصدى لكن من دون عنف ويخترق لكن من دون دويّ، يقول جرأته بألطف صوت واكثره ملاينة. سألته بعد ذلك متعجبا من جرأته فقال ببسمة تجمع عادة بين التأسف والانشراح، ان هذه هي عادته وقد اعتادوه، لذا يتيحون له ان يمر بهذا الكلام ويغضون عنه كأن لم يسمعوه. لم يكن الجواب مدعيا ولا عنيدا ولا طنانا. قاله ببساطة من يقول انهم لا يأبهون بقوله فحسب ولا يقيمون له وزنا. بسمة رجل لم اكن ادري حينها انه رجل ميت، وان ما كان يظنه شعرة معاوية كان في الاغلب سيفا عليه وعنفا سينقلب ضده.
    مشى مليون يمني في جنازة جار الله عمر الذي بلا عشيرة. هل نأمل انه ندم على العنف الاهلي وندم على جنون العصبيات وندم على التاريخ الإجرامي السياسي وندم على التعدي وندم على التفتت الوطني وندم على الشعارات الزائفة وندم على التعبئة اليومية، وندم على التطرف في بلد يحتاج لكل شيء إلا التطرف. هل كان ذلك ندما على الحرب المستترة الدائمة لا بين جنوب وشمال فحسب، بل بين كل عشيرة وعشيرة، ومنطقة ومنطقة.
    لقد سقط المواطن جار الله عمر، الذي ينتمي الى اليمن كله. قليلون هم كذلك. هل نستطيع الامل بأن دمه سيكون ثمنا عادلا، ولو باهظا، لولادة اليمن.

    ... الى منتدى الحوار



    الصفحة الأولى| أخبار لبنان| عربي ودولي| اقتصاد| ثقافة
    رياضة| قضايا وآراء| الصفحة الأخيرة| صوت وصورة

    ©2002 جريدة السفير








                  

01-04-2003, 11:20 AM

jini
<ajini
تاريخ التسجيل: 02-05-2002
مجموع المشاركات: 30716

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عباس بيضون و جار الله عمر (Re: osama elkhawad)

    شكرا يا خواض على هذا المقال الرائع المؤثر.
    جني
                  

01-04-2003, 05:11 PM

Mohamed Abdulhamid
<aMohamed Abdulhamid
تاريخ التسجيل: 11-29-2002
مجموع المشاركات: 94

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: عباس بيضون و جار الله عمر (Re: jini)

    إقرءنا مثل هذا يا اسامة دائما ...
    ...
    لك الامتنان الجزيل ومرحبا بعادل السعيد
    محمد
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de