حقيقة إنى أشكر الظروف التى جعلتنى أرى الفنان ابراهيم الكاشف بأم عينى فقد حدث هذا قبل وفاة الفنان الكبير عليه رحمة الله بأسبوع واحد فقط وقد كان المكان مقابر أحمد شرفى بأم درمان فكنا وقتها صبية يافعين وقد ذهبنا الى المقابر لنوارى جثمان أحد أجدادنا الذين توفاهم الله الى مثواهم الأخير وتابعنا النعش من بيوتنا فى ودنوباوى حتى المقابر وهى مسافة قريبة جدا نمشيها على الرجل ونرى الرجال يتبادلون فيها حمل النعش ويسرعون الخطى والتهليل اتباعا للسنة المطهرة ويكون مشينا خلفهم بحكم السن وكأنه هرولة ونحن نتفرس فى وجوه الحضور لعلنا نجد تفسيرا للموت أو نرى أثر ذلك على قسماتهم القاسية فتدهشنا الدموع على خدود الفرسان منهم فنتعجب أكثر فأكثر وندرك حينها أننا بشر من لحم وطين وأن كل نفس ذائقة الموت وأن لكل أجل كتاب كما علمونا فى المدارس ولا نملك الا أن نستغفر الله ونسبح ملكوته
وصلنا الى حيث القبر الذى سيوارى جثمان جدنا الطاهر وتبع ذلك وصول الكثير من الخلق والأمم ، فمنهم من أتى سائرا خلف الجثمان ومنهم من لحقنا بالكارو أو بعربة عادية ومنهم على ظهر حمار أو على بسكليت ونحن لا هم لنا الا ملاحظة المراسم والتدقيق فى الخلق لنرى ان كانوا يتباكون أو يبكون وفجأة ظهر الفنان الكاشف وهو مرتدى لبنطلون جميل ومشنط قميصه الأبيض الزاهى الجميل ذو المكوة السنينة وتسريحة شعره الناعم المسبسب وهى تميل على يمين جبهته وبوجه صبوح يتلألأ كما القمر عليه رحمة الله ووفى وجهه آثار حزن عميق لوداع من كنا نواريه وهو يقرأ الفاتحة على الميت ويصافح أهل المرحوم
وصرنا نتهامس مع أقراننا ده الكاشف ده الكاشف وامتزج اعجابنا بالحزن الدفين بسبب المناسبة الحزينة وانفض الجمع الكريم وأثر قسمات وطلعة ذلك الفنان ذو القامة الكبيرة ما زال باقى فى نفوسنا حتى كتابة هذه الكلمات
كان شعورنا ممزوج بنشوة عجيبة امتزجت فيها أرواحنا الغضة بروح ذلك الهرم العجيب وبقى معنا هذا الشعور حتى حدثت المفاجأة التى لخبطت كياننا وأثرت فى نفوسنا أيما تأثير فقد جاءنا النبأ بعد أسبوع واحد بالتمام والكمال عن انتقال فناننا الكبير الى أعلى عليين فبكيناه بدموع حرى كنا نخفيها عن بعضنا البعض ثم أتتنا بعدها الأنباء حيث لم نتمكن لصغر سننا من مرافقة أهالينا الى حيث وورى فقد أتى الكبار من المقابر وحكوا لنا العجب العجاب
خلق كثير حضروا مراسم الدفن وبكى الشعب السودانى وداع ذلك الهرم ولكن أعجب ما فى الأمر أن الناس فى أثناء التشييع وفى أثناء وضع الفنان الكبير وتوسيده قره قام الفنان الكحلاوى وغنى فى المقابر وبأعلى صوته
وداعا روضتى الغنا وداعا معبدى القدسى
غناها كلها وهى التى ترنم بها فنان السودان فى حياته فقد شيع بها أيضا
ولم يعترض أحد ولم يقل للكحلاوى أسكت يا مبتدع لم يقولوا له هذه بدعة بل حرك المآقى وهز القلوب وذرفت الأمة دموعا كادت أن يفيض النيل بسببها
فنحن شعب يشيع فنانيه ومبدعيه بالغناء دون اعتراض أحد وهذا سر تميزنا وسر تفردنا والسر السارى فى أرواحنا
حقيقة رحم الله الكاشف وكل مبدعى بلادى نحن شعب يحب الغناء حد العشق ولا نميز بين فنان وفنان بل نتفاعل معهم جميعا دون تمييز سياسى او عرقى او جهوى لذا يبقى الفنان خالدا فى اعماق السدان حتى بعد رحيله ونبقى نترحم عليه دوما..
حقا اتحفتنا سيدى بتلك الحكاية ورحم الله المبدع الكحلاوى ذلك الرائع الذى اثرى ليالينا بالطرب والذكريات الجميلة
متع الله استاذنا الموصلى بالصحة والعافية واعطاه طول العمر ليعطى اكثر واكثر ..
عزيزي هشام قرشو مبدع مثل ابراهيم الكاشف لا يحفظ تلفزيوننا القومي له سوى أغنيتين حتى الاغنيتين المزيكه ماشة شمال والتصوير ماشي يمين وتخليد أغانيه نشكر عليه الواعدين الذين اغتنو من هذا التراث وقد تكون أسرة المرحوم تعيش الكفاف ابن هذا المبدع واسمه وحيد درست على يديه الحاسب الالي في كومبيوتر مان قبل أن تصبح كلية بهذا الحجم وسألته حينها هل هناك شارع رئيسي في السودان يحمل اسم والدك الفذ قال لي نعم شارع صغير في واد مدني وأسال هنا ما معنى أن نطلق على أكبر شوارع الخرطوم اسم شارع الجمهورية هل لذلك دلالة كيف لنا أن نعبر عن وفاءنا كشعب لمبدعينا هل شارع عبد الله خليل يتناسب وعطاء ذلك الرجل ألف علامة استفهام تنهض ونحن نتحدث عن تلك الرموز
لم لا نقوم سويا وانطلاقا من هذا المنبر بحملة شعواء لنعيد صياغة تسمية شوارعنا ويكون من بينها شارع الكاشف بدلا من شارع الجمهورية وشارع جماع وشارع كرومة وشارع مصطفى سيد أحمد وشارع عثمان حميدة وشارع سيد خليفة وشارع صلاح أحمد أبراهيم
الاحباب يازول قرجه وقرشوا اضافة لحديثكم عن عبقرينا الكاشف ونعليقا علي موقف المرحوم الكحلاوي اري انه قام بشيئ جميل يوضح ان الفن هو تعبير لكل حركه وحدث في الحياه ايا كان نوعه وليس للبهجة حدث فعندما رحلت والدتي لم ابكي وانما ذهبت الي المعهد ولحنت رساله الي امي هذه الاغنيه ما ان اغنيها في حفل الا وان اجد بعض الحضور يبكي رحم الله كل من الكاشف والكحلاوي
طرفت عيني والله وانا اقراء هذا السرد الرائع عن الراحل المبدع الكاشف الا رحم الله كل من الكاشف والكحلاوي رحمه واسعه وكل من اثري الساحه الفنيه بالفن الاصيل
حقيقة اشكر الظروف التي جعلتك تروى هذه الذكرى العطرة ولم تكن فيما سبق من بوستاتك. من محاسن الصدف قبل أن اقرأ ما كتبته عن الهرم إبراهيم الكاشف كنت استمع إلى إحدى أغانيه ، وعندما رأيت هذا البوست وقرأته وأنا استمع له كانت الروعة والروضة وكم تمنيت أن يكون كل السودان معي في هذه اللحظة يستمع إلى الهرم ويقرأ كلماتك هذه. انه إحساس يصعب على اللسان وصفه ، عندما تمتزج النشوة بالحزن هنا تربا النفس ولا ترى شي غير تلك الروضة التي تغنى لها هذا الهرم .
الكاشف فنان بقامه وطن الكاشف تنبئه بخرطه جديده للاغنيه السودانيه واسلوب جديد وعمل له .. الكاشف طالب قيام مدينه الفنانين وهى منطقه المهديه الان فى الثوره ....
سلام عليك يا اصيل ،واله العظيم وكت قريتكلامك دا حسيت باعبرة في حلقي،لانوسرد بتاع ناس حنان،فاقدين وجودهم معانا الليله شايفكيا زول مدخل ناس ( سودان نت)في حيص بيص،باله عليك الله امشي شوف حالهم بقي كيف تحياتي
الأخ الفاضل يا زول ضرب تلاتة والله سردك قمة فى الروعه وياخى منعول أبو الرئاسة لو بتحرم البورد من قلمك دا يا خى والله يا تكون رييس وتواصل كتابة يا تقدم إستقالتك من بكرة وتقعد تكتب وما عليك الماهية الخمسين الف جنيه البديك ليها بكرى دى أنا بلتزملك بيها بس شغلك كل يوم تنزل موضوع جديد فى اى حاجة لك كل الود
شكرا يازول على هذه التداعيات حقيقة ابداع كاتب متمكن وتنفع للكتابة فى الصحافة خاصة فى الاعمدة الخفيفة التى توجد عادة فى الصفحة الاخيرة ..... وعندما يصلها القارىء يدنكل سفة اذا كان يسف او يولع سيجارة اذا كان يدخن ويتمدد يقرأ العمود اليومى بمزاج رائق
واصل على هذا النوع من الكتابات تجدنا من قراءك والسلام
سلام يازول متعك الله بالصحة والعافية...وجعل ايامك كلها سعادة ..احيانا اعجب كيف تجد كل هذا الوقت وتستثمره في هذه الكتابات المتنوعة (عينا باردة وما شاء الله) والرائعة ...شكرا جزيلا يا بحر
زولي ياازول زول بس سؤال صغير عليك الله ... ده كلام ولا غنى , دي حروف ولا درر ... اتاري في ناس كانوا ما سكنك مننا ابدع الكاشف وابدع الكحلاوي رحمهم الله جميعا وابدعت انت حتى تنملت اطرافي هل من مزيد؟
كتر خيرك يازول على هذا الموضوع الرائع وعلى هذا السرد الممتع ..ورحم الله الفنان الكاشف ورحم الله شاعر الاغنية حميدة ابوعشر .. قيل - والله اعلم - ان هذه الاغنية نظمها حميدة ابوعشر مودعا مدرسة حنتوب التى كان يعمل بها كنجار حيث نقل منها الى مكان اخر ..لا أدرى مدى صحة هذه الرواية ومن ثم قلت الله اعلم
شكرا ليك كتير يا زول (تكعيب). وهذه القصة فعلا حقيقية وقد رواها لي أحد الذين حضروها، أعني غناء المرحوم الكحلاوي في المقابر، وفعلا أهم شئ استوقفنا فيها هو أن أحدا لم يستنكر هذه (البدعة) كما هو حال أهل الغلو اليوم، والحاصل أن الناس أجهشوا بالمزيد من البكاء ولم يكن الموقف موقف طرب بل موقف تعبير عن إحدى أقوي مشاعر الإنسان، وما أقدر الغناء علي التعبير العميق، الذي يخرج من عمق القلب ويمس مباشرة أعمق شغاف القلوب المتلقية. خاصة القلوب النقية الحساسة، بل حتى القلوب الصلبة كثيرا ما تلين بفعل الأثر القوي للفن
وبالمناسبة كثيرا ما لفت نظري أن الشعوب الأفريقية تستخدم الغناء والموسيقى في التعبير عن كل أنواع الأحاسيس والمواقف، لا الطرب فقط، ولا أنسى ونحن صغار كنا نشاهد المظاهرات في جنوب أفريقيا العنصرية حينئذ، وهي تشيع الشهداء بالغناء، وتتظاهر بالغناء، وتفرح أيضا بالغناء، ونحن ناس أفارقة تجري في دمنا هذه الخصلة، والغناء عندنا كثيرا ما يتناول أشياء بعيدة عن مألوف الغناء العربي مثلا، وإلا فقولوا لي أية اغنية عربية بمستوي مريم الأخري أو يا ضلنا أو حتى الرحلة الشهيرة بين طيات السحاب، غناء العرب غالبه من نوع حبيبتي وبموت فيكي وكده!! وخلاصة كلامي أننا كنا منسجمين مع أنفسنا ووجداننا الفطري ومع ثقافتنا الموروثة، حتى هبط علينا (ما عارفين من وين) قوم اصطنعوا الوقار وزعموا أن الجدية والتدين لا تتفق والغناء ثم عادوا بعد ثلاطاشر سنة كايسين حفلات وردي
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة