لقاء مع اللاعب الأبنوسي فيلسوف الكرة العطبراوية المخضرم حسين جبريل
(لاعب الأمير السابق)
أجرى الحوار : الهادي الشغيل :
أجمع النقاد الرياضيين على أنه لاعب من طراز فريد صاحب مراوغات ساخرة وتمريرات مذهلة حاسمة صنعت نجوماً وتسببت في كثير من الانتصارات وترجيح كفة فريقه ، يمتلك ترسانة مهارات وموهبة كروية يصعب تكرارها ، عبقري يجيد قراءة الميدان ويعلم متى يمرر ومتى يراوغ ـ لديه حاسة سادسة تمكنه من رؤية المكان المناسب للتمرير فيجعل الفريق كله يتحرك ويلعب كما يريد هو ، قائد وربان ماهر داخل الميدان يرى ما وراء الملعب وما خلف الأفق إن جاز التعبير ، شكل ثنائيات مرعبة مع الجناح الخطير ود يونس مما شكل هاجساً وخلخلة لفك طلاسم أقوى الدفاعات فضلاً عن ثنائياته مع مبارك جمعة لاعب الوسط فكان وسط الأمير هو الرئة النابضة للفريق ، كذلك من منا ينسى ثنائياته مع كمال ريحان الذي نال لقب هداف الدوري لخمسة مواسم متتالية وأحرز الكثير من الأهداف بفضل التمريرات البينية الساحرة التي كان يمررها له هذا الفتى الأنيق ، لاعب أطرب كل من شاهده فوجوده داخل الملعب يعني أنك موعود بعزف منفرد وجماعي لسيمفونية ومقطوعة موسيقية نادرة , أكثر ما يميزه أنه أحد القلائل الذين يجيدون قلب نتائج المباريات بتمريرة متقنة حاسمة ربما تكون في الثواني الأخيرة يحرز منها المهاجم هدفاً ، فالمهاجمون الذين يجاورونه محظوظون فوجوده بينهم يجعلهم أكثر قرباً للمرمى كما أنه يزرع فيها الثقة التي تحفزهم في تحقيق الانتصارات ويزرع في ذات الوقت الرعب في نفوس الخصوم.
جمع هذا الفتى الأبنوسي مواصفات عديد الأفذاذ الذين لعبوا في نفس الخانة كعبقرية بشارة عبد النضيف (أبضان) لاعب (المريخ) وغيرة وحماس عبدو مصطفى (الهلال) وفلسفة يوسف الثنيان ( الهلال السعودي) واستحق لقب ملك (النص) كما كان يلقب فاروق جعفر لاعب (الزمالك) ولقب الأنيق كما كان يلقب خالد مسعد لاعب ( الأهلي السعودي) الذي حاز على أفضل لاعب عربي عام 92م ، لاعب أسطوري يداعب الكرة ويقودها بطرف حذائه بكل سلاسة مذهلة رافعاً رأسه يميل يمنة ويسرة كما هو موج البحر في منظر يدخل البهجة والسرور على الجماهير التي تتابعه ، إنه لاعب يملك الكفاءة والجودة وروح الدعابة والشخصية القيادية والأخلاق العالية داخل وخارج الملعب ، يلعب السهل الممتنع يأخذ الكرة من خصمه بمنتهى الأريحية دون أن يحتك به ويمررها كذلك بكل أناقة وبالتالي لم يتحصل على كرت أحمر أو أصفر طيلة حياته الكروية الحافلة التي امتدت لسنين طويلة سوى كرت أصفر وحيد ألصق به زوراً وبهتانا سنورد سببه وسنسأله عنه سؤالاً منفصلاً في ثنايا الحوار . ليتني وليتني ثم ليتني أملك ناصية الكلم ورصين القول لأجد ما أصف به هذا اللاعب الفيلسوف بحق .
أتمنى منكم الترحيب معي بصاحب التاريخ المشرف محبوب الجميع الذي يعتبر اسمه علامة بارزة في تاريخ الكرة العطبراوية اللاعب المخضرم الأمير / حسين جبريل لاعب الأمير السابق الذي أجاب مشكوراً على أسئلتي بتواضع الكبار وتمخض الحوار عن الآتي :
س 1 : البطاقة الشخصية (الإسم كاملاً ) الميلاد والنشأة ؟
ج 1 : بادئ ذى بدء أشكر الأخ الكريم / الهادى الشغيل على هذه الفرصة الطيبة والإستضافة لتوثيق مسيرتى الرياضية عبر نادى الأمير الرياضى بعطبرة ، وأتمنى أن أوفق في تقديم المعلومات التى يمكن أن تضاف الى بقية المعلومات السابقة لبعض اللاعبين والرموز الرياضية بعطبرة.
الإسم : حسين جبريل طلبه كلام ساكت
اللقب الرياضى : حتيتة
النشأة : بحكم عمل الوالد (عليه الرحمة) كضابط بالشرطة عشت ونشأت فى مختلف أنحاء السودان حيث كان الإستقرار بمدينة عطبرة.
س 2 : حدثنا عن بداياتك مع كرة القدم ؟
ج2: كانت بداية علاقتى بكرة القدم بعطبرة بالسكة الحديد بحى السودنة منذ العام 1968م حيث كنا مجموعة من صغار الحى نلعب مع بعضنا فى الفسحات وأيضا بعض المبارايات الصغيرة مع الأحياء المجاورة مثل (حلة الصاج – الداخلة)
س 3 : ماسر لقب حتيتة حيث كان يردد كثيراً على ألسنة معجبيك ؟
ج 3: هذا اللقب جاء بواسطة الجمهور بعطبرة او مشجعى نادى الأمير على ما أعتقد وكان بسبب صغر جسمى فقد كنت ضئيل الجسم ضعيف البنية . وعندما رآنى الجمهور ضمن فرقة نادى الأمير فى مباريات الدرجة الأولى صاروا يرددون (اللاعب الحتة ده جاء من وين) وعليها سار لقب حتيته .
س 4 : تعتبر الدورات المدرسية هي القاعدة والفرصة لاكتشاف المواهب وقد لمع نجمكم وبزغ في سماء الكرة العطبراوبة في تلك الفترة مع مدرسة عطبرة الحكومية القديمة مع نفر من المبدعين أمثال إبراهيم فلقو والمرحوم عادل التولة ، مامون لاعب الوادي ، بدوي عوض لاعب الاتحاد ، بدر الدين القوصي لاعب المريخ وسعيد خاطر لاعب النيل ، عوض عبد الرحيم (النيل).. حدثنا عن تلك الفترة الذهبية لمدرسة الحكومية القديمة ؟
ج4: نعم هى فترة ذهبية وفترة ولادة مجموعة من النجوم الذين تركوا بصماتهم فى الكرة العطبراوية فى تلك الفترة. حيث كنا مجموعة أصدقاء وزملاء دراسة ننتمي لمدرسة واحدة وأندية مختلفة ، وكان الأخ بدوى عوض هو قائد هذه المجموعة (العصابة) فى الميدان حيث كان يمتاز بكاريزما القيادة والى جانبه ابراهيم فلقو المشاكس وعادل التولة (رحمه الله) فاكهة المجموعة بضحكته المميزة الحلوة وقد كان من ضمن ضباط دفعتى فى الشرطة عام 1983م, وقد وجدت هذه المجموعة المكانة الخاصة فى قلوب الطلاب والأساتذة وكانت دعوات الفطور تنهال علينا من وقت لآخر من طلاب الداخلية ، ولا أنسى في هذه السانحة أستاذنا الجليل محمد الحسن رئيس شعبة الرياضة بالمدرسة حيث وحد بيننا وجدانيًا فله التجلة والإحترام.
س 5 : من هو وراء اكتشافك وأسهم في صقل موهبتك الكروية ؟
ج5: كان الأخ عبدالقادر هيبة هو أول من شاهدنى ألعب الكرة وذلك لأنه كان يسكن جارنا فى حى (السودنة) وكان من مشجعى نادى الأمير ومن الاعضاء الشباب حيث أشار لإدارة النادى بخصوصى وتم تسجيلي بأشبال نادي الأمير .
س 6 : كيف انتقلت لفريق الأمير العطبراوي ؟ حدثنا عن كواليس تسجيلك لهذا النادي العريق ؟
ج6: فى السنين السابقة وكالعادة غالبًا ما يلعب الشخص للفريق الذى يقع بالحى او يجاوره خاصة إذا كان من الناشئين او الروابط وكنت بأشبال الأمير لذلك كان تسجيلى بنادى الأمير شئ طبيعى رغم أن والدى كان من مشجعى نادى الأمل. وهنا أترحم على روح عمنا مجذوب المادح سكرتير النادي وعبد العظيم عاشور رئيس النادي الى جانب محمد احمد خيرى ومصطفى عبده.
س 7 : ماهي أول مباراة شاركت بها كلاعب اساسي مع نادي الأمير ؟
ج7: نظراً لطول الزمن ولكوننا كنا صغاراً آنذاك لا أتذكر جيداً ، لكن على ما أظن أن أولى المبارايات الودية مع فريق الدكة بربر ومن ثم الثانية مع الرابطة او النهضة الدامر.
س 8 : حصل حسين جبريل خلال مسيرته الرياض على كرت أصفر وحيد ألصق به زوراً وبهتانا ... حدثنا عن هذا الكرت الظالم ؟
ج 8: أيام مباريات الدورة المدرسية عام 1977م خلال المباراة التي جمعت مدرسة الحكومية القديمة التي كنت ألعب لها بمدرسة الأقباط تحت إدارة الحكم فرغلي ، منح خلالها فرغلي اللاعب إبراهيم فلقو كرت أصفر وكان آنذاك يتم تسجيل إسم اللاعب المخالف وليس رقم الفانيلة ، وعندما قام ابراهيم فلقو بارتكاب مخالفة ثانية تستوجب الكرت الأصفر الثاني وبالتالي طرده من الملعب سأله الحكم فرغلي عن إسمه فقال له (إسمي حسين جبريل) فتم تقييد إسمي وحصولي على كرت أصفر .
س 9: ضم الأمير آنذاك خيرة النجوم الذين بذلوا وقدموا الغالي والنفيس وشكلوا قوة ضاربة للنادي أمثال شخصكم الكريم الحارس الأمين علاء الدين ، الحارس حميدي (رحمه الله) عبد الله حماد ، ربيع كامل ، بلقة ، حسون ، النور مبارك ـ محمد عز الدين (التخه) ، ود يونس ، عمر البيلي ، سانتو ، حموري ، كمال ريحان ، خالد ريحان ، تية ، مزمل عبد الكريم .. هل من كلمة في حق هؤلاء النجوم الذين صنعوا المجد لنادي الأمير .
ج9: إذا ما نظرنا الى هذه المجموعة التى ذكرتها وغيرهم لم نذكرهم فى تلك الفترة يمكن ان تعرفهم بجيل السبعينات حيث إختلط هؤلاء اللاعبين كدماء جديدة بالنادى مع من تبقى من لاعبى جيل أواخر الستينات الأفذاذ أمثال تيه وغاندى والرشيد وعثمان عيسى واحمد موسى وبابكر مولى (رحمه الله) فحدث التمازج والتلاقح فى الأفكار والمبادئ والسلوكيات التى تميز نادى الامير بها فى مجتمع الرياضة بعطبرة فصنعت فريقا صعب المراس يؤدي كرة حديثة .
س 10 : بما أنك كنت تلعب برجلك اليسرى فدائماً ماكنت تميل للعب في الطرف الأيسر من وسط الملعب بالقرب من الجناح الأيسر المزعج (ود يونس) مما جعلك تخلق ثنائية قمة في الإبداع معه .. هلا حدثتنا عن التفاهم الكبير بينكم داخل المستطيل الأخضر ؟
ج10: والله الواحد يقول يا حليل ود يونس حيث كان يعتبر ديسكو الفريق بلعبه الجميل والمراوغة المتعبة لدفاع الخصم والسرعة الفائقة والتوقف المفاجئ (طبعًا دى حاجه ما ساهله) وطبعاً هذه الثنائية جاءت بسبب تشابه طريقة (Style) لعبنا داخل الميدان فضلاً عن ضرورة خلق قوة ضارية تحقق المصلحة للفريق .
س 11 : ربطت بينك وبين اللاعب الموهبة مبارك جمعة لاعب وسط الأمير الذي كان يلقب بالفك المفترس كذلك ثنائية رهيبة جعلت وسط الأمير أكثر قوة وديناميكية، هلا سلطت الضوء على هذه الجزئية ؟
ج11: والله الحديث عن فترة لعبى بجوار الكابتن مبارك جمعه دى حاجه مهمة وأرجو أن أكون أمينا مع نفسى ومعكم وللتاريخ حيث أن 50% من نجاحى وما قدمته للجمهور والنادى كان بسبب هذا النجم. ففى تلك الفترة كانت خطة اللعب بصفة عامة فى السودان 4/2/4 حيث يشكل ذلك عبئًا كبيرا على لاعب الوسط وذلك لأنهم يلعبون فى مساحات طولية وعرضية حيث يدافعون مع الدفاع ويقدمون مع الهجوم وبناء الهجمات ويحتاج ذلك لمجهود كبير ولياقة عالية. وكما هو معروف عن مبارك جمعه أنه كان يمتاز باللياقة البدنية العالية والطاقة الزائدة والبنية الجسمانية والقوة حيث كان يصول ويجول ويغطى منطقته وأيضا منطقتى ويتصدى لبعض اللاعبين الذن كانوا يمارسون اللعب العنيف معى. على هذه الأساس تفرغت تمام بواجبى فى بناء الهجمات وصناعة الأهداف. لذلك أنا أحترمه بشدة وقد كنت محظوظا باللعب بجانبه .
س 12 : ماهو الفريق العطبراوي الذي كنت تتمنى اللعب له لو لم تلعب للأمير ؟
ج12: فى تلك الفترة كان اللاعب منا لا يتوانى ويتردد في اللعب لأي من الأندية العطبراوية العريقة حيث تجد في أي نادي شقيق أو زميل دراسة أو صديق أو إداري ، فلن تجد نفسك غريبا فى أي من هذه الأندية ، لكننى منذ أن شبيت عن الطوق وفتحت عيوني كان أمامي شعار الأمير الذي أعشقه وأحمله على حدقات عيوني ، فالحمد لله على ذلك وكل الإحترام لبقية الأندية.
س 13 : صف هؤلاء في كلمات :
ج 13 :
كمال ريحان (الأمير)
* لاعب معروف للجميع بأدبه الجم وأخلاقه العالية وبيننا ود ومحبة حيث لعبنا للنادى فى يوم واحد ، كنت أفهم طريقة لعبه وأقوم بتمرير الكرة إليه بحسابات خاصة وتوقيت معين فاى تأخير فى إرسال الكرة ولو لثانية يكون متسللاً وذلك لسرعته الفائقة.
عمارة (الشاطيء)
* كان من لاعبى فريق الثوار وكنت معجب به قبل أن يلعب للشاطئ وكنت أشجعه ومعه عادل برسى وعابدين.
غاندي (الأمير)
* كان من الجيل الذى سبقنا ووجدناه بالفريق أمامنا ، يمتاز بأسلوبه الجميل في اللعب علاوة على أنه معلم وقيادي وصاحب أخلاق عالية .
سانتو (الأمير)
* سانتو فيهو صفات عجيبة ، من اللاعبين الذين صلنا وجلنا معه لفترة ليست بالقصيرة وأعرفه عن قرب أهم ما فيه إنسانيته فلديه عاطفة غريبة تجعلك تحبه ولا تخالفه الرأى ، وقد حدث بينى وبينه تفاهم قوي قمنا بإحراز العديد من الأهداف وكان كابتنا عظيما يعرف متى يوجه ومتى يلوم ومتى يعنف زملائه وكان ذلك مقبولاً ، كما أنه كان كريما سمح السجية حلو المعشر .. حقا تمتعنا تحت قيادته.
عدولي (الكوكب)
* ينطبق عليه مقطع فى أغنيه الهرم محمد وردى – أمامه يطيب الجلوس إحتراما لأخلاقه الجمة والنادرة ومهارته الفذة ، ويكفيه فخرا انه من الذين لعبوا لمنتخب عطبرة وفريقه آنذاك في الدرجة الثالثة قبل صعودهم للأولى مما يبرهن انه لاعب متميز وموهوب.
عوض عبد الرحيم (النيل)
* ما رأيته يوما خلال عشرتنا الطويلة وحتى الآن إلا وهو ضاحك مبتسم .. يحب الجميع والجميع يحبونه وقد إستطاع أن يملأ خانة الجناح الأيمن الذى كان يبرع فيها باشرى (رحمه الله) .
كمال بشير (الهدف)
* لم إختلط به كثيرا لكنى عند اللقاء فى المباريات كنت أضع له الف حساب حيث أقارنه الآن باللاعبين الأوروبيين لقوة جسمه وحماسه لفريق الهدف وخاصة عندما يسمع تشجيع الذين وأغانى المريدين خلف السياج.
النصير (الوادي)
* من اللاعبين الذين سبقونا فى الملاعب وطبعًا معروف بقوة رجله اليسرى وكان يمزق الشباك ويشكل ثنائى قوى مع ببو.
شمبات ( الأمل)
* عاصرناه لفترة فى الملاعب وكان يشكل ثنائى رهيب جدًا مع شاويش وكنت أقارن بينهم وبين ثنائى المريخ العاصمى كمال عبدالوهاب والفاضل سانتو حيث أجد شمبات ذو صحة جيدة ولونه فاتح ويلبس الرقم 8 كذلك كمال عبدالوهاب ، كذلك شاويش لديه الطول واللون الغامق ويلبس الرقم 10 مثل الفاضل سانتو. ويا حليل أهزوجة الاملاب (صوت الامل جاني من نومى صحانى قال لى لازم الكأس لازم لازم يعود تانى لازم يعود تانى) .
س 14 : يعتبر اللاعب في جيلكم هو من يصنع مجده بنفسه معتمدا على جهده دون صحافة تلمعه ونقاد يمهدون له الطريق ويزفونه ، بينما نجد اليوم أنصاف لعيبة لا يملكون المواهب صنع منهم الإعلام والميديا والصحفيين مشاهير ومنحوهم ألقابا لايستحقونها .. ماذا تقول في ذلك الخصوص ؟ .
ج 14 : صدقت القول أخي الهادي الشغيل ، ففي السابق لم تكن الصحافة والكتاب والصحفيين تلمع وترفع درجة أي لاعب حيث كانوا يكتبون ما يجب أن يكتب ولا يصفونك بما ليس فيك ، لذلك يجب أن تكون عند حسن الظن والمستوى بالمحافظة على نفسك والإلتزام الذى يرفع من مستواك ويكون الحكم الأخير للجميع (إدارة وجمهور) .
س 15 : كلنا نذكر المباراة التي جرت بين الأمير وفريق الهلال العاصمي عام 1979م باستاد عطبرة وانتهت بالتعادل الإيجابي هدف لكل فريق ؟ تحدث بإيجاز عن تلك المباراة التاريخية ؟
ج 15 : نعم كانت ملحمة بحق قدم فريق الأمير أقوى العروض واعتبرها النقاد آنذاك من أقوى وأفضل مباريات الأمير الذي كان في قمة مجده (جيل السبعينات) ، وقد إنتهت تلك المباراة بالتعادل بهدف لكل فريق حيث أحرز هدف الأمير كمال ريحان وهدف الهلال ابو زعبل.
س 16 : من أشهر المباريات التي يذكرها الجمهور العطبراوي كذلك والتي طبق فيها فريق الأمير اللعب النظيف Fair Play كانت ضد الأمل والتي فزتم فيها على الأمل 1/3 وهبط على إثرها فريق الأمل للثانية .. صف لنا الكواليس التي صاحبت هذه المباراة ؟
ج 16 أذكر هذه المباراة حيث كنا نتربع على قائمة الدوري ولا تعنينا نتيجة المباراة سواء فزنا أو خسرنا ، فوز الأمل يعني ثباته ونزول الهدف ، أما في حال فوزنا على الأمل يعني هبوطه وبقاء الهدف في الدرجة الأولى ، وقد حضر الأسطورة عوض الحاج من الخرطوم آنذاك لحضور هذه المباراة الحساسة وانتهت بفوزنا بثلاثة أهداف لهدف تناوب في إحرازها كمال ريحان هدفين ، وهدف صاروخي من وسط الملعب بقدم المرعب مبارك جمعة الذي كان يلقب بالفك المفترس وبالتالي هبط الأمل وبقي الهدف في الدرجة الأولى ...
س 17 : نما إلى سمعنا أن فريق الهلال العاصمي الذي كان يعج بنجوم كرة القدم في تلك الفترة أمثال خضر الكوري فوزي المرضي والدحيش وشواطين وقاقرين .. الخ ، قد رغب في الاستفادة من خدماتك وضمك إلى صفوفه وقد كنت قاب قوسين أو أدنى من التسجيل له ... ترى ما الذي حال دون إتمام هذه الصفقة ؟
ج 17 : نعم هذه حقيقه ففى عام 1979م بعد مباراتنا مع الهلال العاصمى فى عطبرة إتصل بى السيد العميد شرطة فاروق عزالدين وهو قطب هلالى وكان نائب مدير شرطة السكة الحديد بعطبرة حيث عكس لى رغبة الهلال فى ضمى لفريقهم ، وعليه رتب سفرى الى الخرطوم حيث إستقبلني صباح الجمعة بمحطة السكة السيد/ كمال وهبة الذي كان يشغل منصب مدير الكرة بنادى الهلال. أقمت معه بمنزله بإمتداد ناصر لمدة أسبوع تمرنت خلاله ثلاثة تمارين بإستاد الهلال ، وأذكر فى تلك الفترة تم تسجيل اللاعب محمود القضارف بالهلال ، وفى نهاية الأسبوع يوم الخميس أخذني كمال وهبة لمقابلة رئيس النادى الطيب عبدالله (عليه الرحمة) بمخازن الصدارة بالسوق الأفرنجي وقدم لى التهنئة بالموافقة على تسجيلى بالهلال. عدت الى عطبرة قبيل العيد ونقلت ما تم للوالد والوالدة الذين رفضوا بشظة لأسباب كثيرة وبناءً على ذلك بقيت بعطبرة وتركت التسجيل لصالح نادي الهلال العاصمي .
س 18: حسين جبريل قليل ما يحرز الأهداف لكن كان يصنع 95% منها .. مارأيك في هذه المقولة ؟
ج 18 : بالفعل خلال مسيرتى الرياضية مع نادى الأمير لا أعتقد أن عدد الأهداف التى احرزتها قليل ولكنني كنت صانع ألعاب فقد صنعت المئات من الأهداف .
س 19: عرف حسين جبريل بولائه وإخلاصه للنادي فقد لعبتم لفريق الأمير عند دخولكم لكلية الشرطة وحتى وأنتم تحملون رتبة رفيعة ، كيف توفق بين عملك ومباريات النادي ؟
ج 19 : الحمدلله مجتمع عطبرة كان مجتمعًا رياضيا فريداً يعشق الرياضة ويشارك على كل المستويات المهنية والإجتماعية والشعبية لذلك كنت أجد التفهم من قادتى فى الشرطة.
س 20 : بما أن فريق الأمير يملك في تلك الفترة مجلس إدارة قوي (حكومة) فكان كثيراً ما يتم استدعائكم من الكلية لأداء بعض المباريات الحساسة ... هل هذا صحيح ؟
ج 20 : نعم فقد كان هناك تعاون وتفاهم وعضوية لقادة الشرطة مع الأندية بعطبرة فكانوا متابعون مثل تلك الامور مع قيادة التدريب وكلية الشرطة بالخرطوم.
س 21 : صف لنا شعورك وأنت مع فريق الأمير في مدينة بورتسودان في دوري السودان تتأهبون لمنازلة التحرير البحراوي بقيادة سكسك عندما أبلغوك لكونك ضابط شرطة بمقتل لاعب الأمير (عبد الكريم) في كبري هدل والذي كان يعمل عسكري في قطاع الشرطة ... كيف تلقيت الخبر ؟ وكيف كان وقع الصدمة على بقية أعضاء الفريق وأنتم تتأهبون لخوض تلك المباراة ؟
ج 21 : هذه الحادثة ستظل عالقة بمخيلتي وذهني مدى الحياة . حيث أن الأخ عبدالكريم (عليه رحمة الله) من أبناء الفاشر وكان يعمل بشرطة السكة الحديد وقد تم تسجيله بفريق الأمير حديثا و لم يكن أساسيا ، وعند سفر البعثة الى بورتسودان سمح له بالسفر كمرافق وكان طيب المعشر محبوب لكل أفراد البعثة، ويوم وفاته خرج بعد العشاء حيث كان ينام مع بعض معارفه. وفى صباح اليوم الثانى أخطرنى رئيس البعثة بصورة خاصة بالحادث وطلب ان أذهب معهم لقسم الشرطة ومن ثم التعرف على الجثمان وقد كان. لكن الخبر تسرب لكل أفراد البعثة فكانت والله الصدمة كبيرة للغاية خاصة اللاعبين الصغار فى عمره فكان البكاء حارا من الجميع لأن الوفاة كانت غير طبيعية وفى وقت صعب.
س 22 : حدثنا عن بعض المواقف الطريفة والمحرجة التي مرت بك أثناء مسيرتك الرياضية ؟
هناك موقفين يجب أن أذكرهما:
الموقف الأول : وهو ما تربينا عليه أخلاقيا ونحن نحب الخير لبعضنا حيث كنت آنذاك برتبة نقيب شرطة بمباحث عطبره ، ومن ضمن أفرادى العاملين معي اللاعب الخطير المرعب عبد الناصر تكرونى لاعب الأمل وكان هداف الأمل فى تلك الفترة. أذكر أن هنالك مباراه تجمع الأمل بالأمير حيث حضر لى بالمكتب عمنا التوم سكرتير نادي الأمل واستأذنني في الموافقة على منح للاعب عبد الناصر إذناً لمدة ثلاثة أيام قبل المباراة المرتقبة ، وبالفعل منحته الإذن وأبدع في تلك المباراة وإنتصر الأمل بأهداف عبد الناصر، وهذا الأمر لم يزعجنى أبدا لأنه أمر طبيعي جدا وواجب أخلاقي يجب القيام به .
أما الموقف الثاني : حدث لي مع اللاعب الكبير أحمد موسى حيث كان مدرب الفريق فى تلك الفترة وكان يتميز بالجدية والصرامة ، وفى إحدى التمارين حضرت متأخرًا ووجدت اللاعبين يجرون عملية الإحماء ووقفت خارج الخط طلبت من المدرب أحمد موسى أن أدخل لكنه أشار لى من وسط الميدان أن أبقى خارجًا، وكان ذلك وعند نهاية التمرين استدعاني وسألني عن سبب تأخري ، فأخبرته كنت اقوم بمهمة معينة كلفنى بها المدير ، فقال (داك فى الرئاسة مدير وأنا هنا مدير). فانفجر اللاعبين ضاحكين وأنا من ضمنهم ، لقد كنت سعيداً برده لي لأن وظيفتى لم تميزنى عن بقية زملائي اللاعبين، كل الإحترام والتجلة للكابتن والمدرب أحمد موسى.
استطراد من الهادي الشغيل :
(( هؤلاء هم لاعبي الأمس كورة وأخلاق ومواقف رجولية وإنسانية فقد جمعوا بين الحسنيين فعلاوة على أنهم كانوا موهوبين بالفطرة وأصحاب مهارات كانوا في ذات الوقت يتحلون بالإلتزام والروح الرياضية العالية والأخلاق الرفيعة... أذكر لكم موقفاً إنسانياً لهذا اللاعب الفلتة الرجل الإنسان حسين جبريل سمعته من الأخ / أسامة علي كديمة الذي حكى لي أنه ذهب بمعية والدته – رحمها الله – إلى الجوازات بعطبرة لاستخراج شهادة جنسية وأوصاه شقيقه الأكبر (عبود) والذي كان يلعب في فريق النيل أن يقابل ضابط الجوازات حسين جبريل لأنه سوف يخدمه بحكم الزمالة الكروية ، قابل أسامة دردمة الكابتن (جنابو حسين ) وأخبره بوصية شقيقه عبود ، فتغير وجهه وتأثر وقال له : لماذا تتعب الوالدة ؟ !! لماذا لم تأتيني لوحدك .. لو أتيتني هنا وأخبرتني كنت سأذهب معك إلى المنزل وأقوم بإنهاء الإجراءات الأولية ومن ثم أكمل بقية الاجراءات هنا دون الحاجة إلى حضورها ، ثم وجه الكلام إلى الوالدة : يا حاجة أنا آسف إبنك أسامة أقلق راحتك وأتعبك .. أمسحيها لينا في وجهنا .. أنا مفروض أجيك إلى المنزل لأنهي إلإجراءات وأنت مرتاحة في بيتك .. سامحينا))
الحكم لكم على هذه الأخلاق وهذا التصرف ونواصل اللقاء ....
س 23 : متى أعتزل حسين جبريل ؟ وما السبب ؟
ج 23 : إعتزلت الكرة تقريبًا عام 1988م بسبب ظروف العمل وبرضو اللياقة البدنية.
س 24 : حال فريق الأمير الحالي لا يسر صديق حيث يقبع في الدرجة الثالثة في وضع أحزن الكثير من عشاق هذا النادي العظيم ، فمن منا ينسى ذلك الفريق في زمنكم حيث كان شبحاً مرعباً يرعب جميع الأندية ؟ ما هي الأسباب برأيك ؟
ج 24 : والله حال فترة الأمير حاليا مؤسف جدًا. حيث يصارع في السنتر ليق للبقاء بالدرجة الثالثة وهذا أمر لا يصدق بتاتًا (سبحان الله) ، لكن هذه هو واقع الحال حيث أن فريق الأمير كان محوره وقلبه النابض هو كوادر السكة الحديد من إداريين ولاعبين وجمهور كما ان عملية إحلال الكوادر بإدارة النادى لم تتم ، لذلك تحمل البقية الباقية المسئولية كل حسب ظروفه ومقدرته حيث قلت وشحت المعينات المادية والبشرية بصورة كبيرة بل وتكاد تكون انعدمت ، لذلك لا بد من نفرة قوية حقيقية من داخل عطبره والسودان وخارج السودان ليعود فريق الأمير إلى مصاف الكبار .
س25: حدثنا عن منتخب عطبرة وأنت في عهدكم لا سيما وأنت مثلت المنتخب في عديد اللقاءات ؟
ج 25 : لا زلت أذكر تماما منتخب عطبرة فى فترة السبعينات حيث كان على رأسه المدرب القدير عبد القيوم حسن طه (عليه الرحمة) وقيادة الأسطورة عوض الحاج ، وكان يضم أفذاذ اللاعبين منهم على سبيل المثال لا الحصر عوض الحاج – دردوق – حسون الكومر – شخصى الضعيف – مبارك جمعه – السر زغبير – أنور طه – عبدالعزيز حارس المرمى – غراب – بكرى سمكه ، وغيرهم ، وهنا لابد لي أستذكر تلك المباراة الماراثونية التي خضناها ضد الفريق القومى السودانى بعطبرة عام 1979م والذي كان يضم لاعبين مميزين منهم : حسن الطيب في حراسة المرمى ، في الدفاع سليمان عبدالقادر ومصطفى سيماوى ، وفي الوسط الريشة - سامى عزالدين ، وفي الهجوم حمورى- سعد زكريا - عبده الشيخ - علي عبدالقادر ، تحت قيادة المدرب الألمانى سيزار على ما أعتقد وكانت مباراه قوية جدًا أبدع فيها كل لاعبى المنتخب حيث إنتهى الشوط الأول بهدفين للفريق القومى احرزهما حمورى وسعد زكريا وكان ذلك فى المرمى الجنوبي ، وفى الشوط الثانى عدنا الى الملعب بقوة وأستطعنا احراز التعادل بهدف عوض الحاج من دائرة السنتر حيث لعب حسن الطيب حارس المرمى الكرة فوصلت للاعب عوض الحاج الذي أرسلها من فوق حارس المرمى (لوب) هدف روعة ، وقام دردوق بإحراز الهدف الثاني ليعادل النتيجة ، وأذكر أنه قدم أداءً أسطوريا في خانة الجناح الأيمن وأشعل المدرجات بحماسه وغيرته في الملعب .
س 25 : : كلمة أخيرة ونحن ندلف لخواتيم هذا اللقاء .
فى خاتمة هذا اللقاء أتقدم لك أخى الهادى بوافر الشكر والتقدير على هذه الاستضافة التى جعلتنى أطل على عطبرة مدينة وسكانًا ، وأتمنى أن يكون هذا اللقاء إضافة ثرة لمجموعة لقاءاتك التوثيقية للنخب الرياضية بعطبرة حتى نحفظ لعطبرة تاريخها الرياضى العريق ... وفقكم الله وسدد خطاكم.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست