في مثل هذا التاريخ من العام الماضي وبينما نحن على متن طائرة الخطوط الجوية القطرية الفخمة محلقين من بكين إلى الدوحة كنت في دوامة من التأمل في خطوط الطول والعرض والزمن .. سرحت وتذكرت أستاذنا الجليل محمد عبداللطيف – معلمنا لمادة الجغرافيا - رحمه الله يوم أن علمنا علما نافعا وفهَّمنا كيف أن خطوط العرض تعطيك بُعد كل موقع عن خط الإستواء شمالا أو جنوبا.. وكيف أن هذه الخطوط العرضية تتقاطعها خطوط طولية من الشمال إلى الجنوب عددها 360 خطا ، بين كل خط والآخر فرق أربعة دقائق في التوقيت أي بين كل خمسة عشر خطا ساعة كاملة.. أقلعنا من مطار بكين عند الثانية إلا عشرا صباحا ووصلنا الدوحة بعد طيران دام ثمانية ساعات وثلث عند الخامسة والدقيقة الحادية عشر فجرا.. تقع بكين عند خط الطول مائة وعشرين و الدوحة عند خط الطول الواحد وخمسين .. بينهما تقريبا سبعين درجة عليه ففرق التوقيت بينهما هو خمس ساعات تقريبا.. لو كانت سرعة الطائرة بمثل سرعة دوران الكرة الأرضية لوصلنا الدوحة في نفس توقيت قيامنا من الصين أي لغادرنا الساعة إثنين ولوصلنا أيضا الساعة إثنين، ولكُنَّا نحلق فوق كل بقعة من بقاع الأرض بين الصين وقطر عند الساعة الثانية .. لكن كانت سرعة الطائرة أبطأ من سرعة الأرض، لذلك وصلنا الساعة الخامسة صباحا ..
08-19-2017, 07:16 AM
الأمين عبد الرحمن عيسى
الأمين عبد الرحمن عيسى
تاريخ التسجيل: 10-25-2011
مجموع المشاركات: 1680
أيضا سرحت وتذكرت قصة الكاتب الفرنسي جول فيرن ذلك الذي قرأ معظم طلاب وطالبات السودان في زمن القراءة كتابه حول العالم في ثمانين يوما وقصة رهان بطله "فيليس فوج" العجيب مع أعضاء نادي الإصلاح على قدرته السفر حول العالم في ثمانين يوما.. غير أنه تأخر ووصل لندن عن طريق الغرب في واحد وثمانين يوما.. فظن أنه خسر الرهان وقبع في بيته.. لكنه حينما تأكد من التاريخ ووجد أنه ما زال في اليوم الثمانين .. فهرول إلى نادي الإصلاح ليخبر من راهنوه أنه استطاع كسب الرهان وأن يطوف حول العالم في ثمانين يوما، رغم انه انجز المهمة في واحد وثمانين يوما.. فقد كسب الرجل يوما كاملا باتجاهه في رحلته من الغرب إلى الشرق.. وجول فيرن أشتهر بكتاباته العلمية الرفيعة فقد كتب قصصا شيقة إطلعنا عن بعضها فهناك قصته .. عشرون ألف فرسخ تحت الماء وهناك رحلة من الأرض إلى القمر .. وهناك رحلة إلى مركز الأرض.. وهناك الجزيرة الغامضة وتلك قصة قرأناها في السنة الثانية الوسطى مع ناظرنا الزاكي عبدالمحمود وكانت أول قصة نقرأها باللغة الإنجليزية.. وشاهدناها من بعد فيلما رائعا من تمثيل الممثل المميز يول برينر.. أذكر أن عشرون ألف فرسخ تحت الماء كانت تعرض على حلقات أسبوعية في مجلة سمير غير أننا في ذلك الوقت كنا نميل أكثر للقصص المصورة . وجول فيرن أو جولس فيرن كما اعتدنا خطأ أن نقرأ إسمه له قصة من أجمل القصص التي كتبها وهي قصة لم تنشر.. فقد أودع قصته تلك لناشره الذي اعتاد طباعة كتبه غير أن الناشر ردها إليه قائلا لقد إعتدت يا جول أن تقدم لنا دوما أعمالا مقبولة لكن هذه القصة لا تصلح للنشر ففيها من الخيال ما لا يمكن تصديقه أو قبوله.. فأعادها فيرن ووضعها في خزانته.. وبعد مائه عام تقريبا ووجدها أحد أحفاده الذين آلت إليهم تركته.. وبدأ يقرأها فإذا بها قصة عن مدينة بها برج يناطح السحاب بديع في تصميمه وفيها قطارات تسير تحت الأرض وتحت النهر.. وفيها .. وفيها لقد تخيل جول فيرن مدينة باريس الحديثة في خياله وكتب عنها .. غير أن الناس في زمانه لم يكونوا ليتصوروا ما جنح إليه خيال كاتبهم .. فحرموا العالم من إحدى أروع الروايات..
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة