أولاد الخوف يتلون البيان الشيوعي في سدرة المنتهى.. رسالة إلى السيزيفيين الجدد الذين يحملون اللحى على ظهور محدودبة!
لينا أبو بكر
إننا نربي الخوف كما لو كنا أبناء ! نربيه في نفوسنا قبل أن نخلق، فما أن نوجد حتى نستدل به على عناصر الوجود ، كأنه فطرتنا ، مما يجعل منا كائنات خارقة لقواعد المنطق العلمي والفلسفي الذي تناول في معظمه الخوف على اعتباره اكتسابا مطعما ببعض الفطرة …فهل نحن مُعجزون أم عاجزون؟ “الخوف أحد أهم مظاهر القسوة ” والانتصار عليه يدخل في باب الرحمة ، الرحمة التي يحتاجها القساة حتى يحسوا بطعم الأمن ، دون أن يضطروا لتبرير قسوتهم مادامت هي الحضيض الأسفل الذي يعبر عن أعلى درجات الضعف .. أن تخاف ، يعني أن تضمن بقاءك على قيد الشجاعة ما دمت قادرا على الاستغناء عن الجبن لصالح ما رآه فردريك نيتشه بأن الخوف أبو الأخلاق ، ولكن حذار أن يمسسك عارض مزمن مما يتسرب من الخوف من شوائب باستطاعتها أن تجعل منك لوثة عار على الشجاعة .. هناك شعرة غير مرئية تفصل بين خوفين ، أحدهما إيجابي يحتاجه المرء كي يعزز ثقته بقرون الاستشعار التي تحفظ له توازن الأب الأخلاقي هذا ، وبين خوف سلبي يدخل المرء في غرفة مظلمة في الدرك الأسفل من النفس ، ويجعل العار وصمة على من ارتضاه لنفسه مدعيا الحيطة .. ألبير كامو احتقر الاحترام الذي بُني على خوف ، فلن تتوقع إذن من مبدع سوى أن يتسلح بالشجاعة كي يحافظ على كرامة خوفه ، حين يكون المبدع ابنا شرعيا لأبيه ….فهل نحن المثقفون العرب خائفون أم خائفون ؟! هذا ليس جلدا للذات ، بل إنه سياط يدغدغ جلدا ميتا ، حتى لو لم يكن لجرح بميت إيلام ، ولكن الدغدغة واجب ثقافي ، في حلبة المشايخ الثقافيين الجدد ، لأنهم يتجهون نحو تلة المقبرة وهم يحملون على ظهورهم لحى مستعارة ، وعمائم مقدودة من دبر الثورات المغدورة ! فسلام إذن على الميتين ! ******************************* نحن أمة ضحكت …. بل قهقهت من جهلها ونفاقها وفزعها الأمم ، وربما بهذا البيت وحده تُوج المتنبي على عرش العروبة الشعرية والقومية الإبداعية ، فهو وإن افتخر بكونه عربيا ، إلا أنه احتقر العروبة التي لا تشرف العربي ، وهذا هو مفتاح المجد في ثقافة من تنبأ فاتُّهِم بادعاء النبوة ! قفْ ! إنها أول إشارة مرور نحو الحقيقة ، يشهرها في وجهك كل من تجرأ على الارتعاد من خوفك على شجاعتك أمام جبنه ، فالجبن لا يهزم الشجاعة ولكنه يحظرها ، وهذا مربط العروبة ! أصبحت الثقافة في العهد الإخواني تهمة إلحادية يُستعان بها عند الضرورة كتعويذة لموالد ملغومة ، يضعها المثقف تحت وسادته المخملية كلما أصيب بنوبة فزع من كوابيس إبداعية طارئة ، وبهذا يضمن انصهاره وذوبانه في ظلال حجرية جعلت من الوثنيات الإيديولوجية رموزا للانعتاق من الحرية ! بالتالي يصبح التفسير العلمي منطقيا حين يرى الظل الكبير انعكاسا لكتلة صغيرة الحجم …. وما الانعتاق الذي أشرت إليه سوى التحرر من الحرية ، بمعنى أكثر فضائحية ، إنها العبودية ! سلام إذن على الخوف والخوّافين ! **************************** وإنه فولتير ….الذي عبر عن أزمة الخوف حين ربط السعادة بالضمير ، فإن كان ضمير المثقف نفاقه فهذا يعني فعلا ما رمى إليه الفولتري حين اعتبر أن الخوف يتبع الجريمة وأنه عقابها ، وهو ما لاينافي أن يكون الخوف أيضا دافعا لارتكابها ، وبهذا يصبح المثقف رازخا تحت وطأة الخوفين : ما يسبق الجريمة وما يليها ، فإضمار النية و القصد بارتكاب الجريمة هو عقاب ذاتي على احتراف الجريمة بالفكرة ، بالتالي هو العقاب الأول السابق لها ، أما العقاب اللاحق فيتعلق بالخوف من أثر النوايا التي تصبح فاعلة طالما أنها فعل ولم تعد مجرد فكرة ، وهو مايثبت فعلا أن “الخوف فكر الاعتراف بالنقص ” …الخوف يبدأ بالفكرة ، كالإثم تماما ، وهنا ينتصر فولتير مجددا لأنه يؤكد أنه من الخطر أن تكون على حق ، حين تخطئ الدولة ، ولكن في حالتنا لا يتعلق الأمر بالدولة ، إنما بالثورة كونها الوجه السلطوي العروبي للدولة ، وهنا تحديدا تكون الغربة ، فالخوف عامل اغتراب بين البشر عموما ، وبين المثقف وهويته الوطينة على وجه الخصوص ! فسلام إذن على المجرمين ! ************************* إنه عصر الباروك الإخواني ، الذي يجند له أبناء الخوف كل عدتهم الثقافية ، فيركبون الموجة ، بتماثيل باروكية ينحتونها في حيز وهمي يقع بين الكتلة والفراغ ، فيمسرحون الباروك الإخواني بنفحات ميثولوجية ، لا واقعية ، تفرزها انفعالات خداعة ومبهرجة ، مثقلة بالتكلف الفظ ! وهذا كله يصب في خانة الخوف ، لأن الشجاعة ستكون منقاة ومنزهة من كل تلك الفوائض المجانية عن حاجة الإبداع ، والإبداع سيكون تصويرا مشوها للبوركة وليس تعبيرا عنها ، فإن استحكم الخوافون للأمن تحولوا لهاكرز باروكيين وقراصنة أمنيين ، فكيف يستوي الذين لا يخافون مع الذين لا يُؤمن جانب خوفهم ، هم المصابون بالعصاب الإخواني ! سلام إذن على الباروكيين ! ************************** هذا عصر ابن حرام ، تصبح فيه الثقافة فعلا فاضحا في الطريق العام ، إن لم تتحيز للباروك الإخواني ، و ” للمراهقات الإعلامية ” التي لا تحتاج إلى إصلاحيات بقدر حاجتها لأمصال حشيش ثقافي تنعش نشوة الخدر في عروقها الرخوة ، حينها لا تقل لي أن المثقف صاحب اللحية الشيوعية محلوقة كانت أم طليقة سيشذبها لتصبح أكثر ملاءمة للحية الإخوانية ، لأن الضمير الشيوعي لا بد أن ينقح على صاحبه ، إلا إذا ……………………. جاءه ماركس في الحلم ، على هيئة ملاك ، يرتدي عمة إخوانية ، و يتلو بيان الحزب الشيوعي في سدرة المنتهى ، ويؤسس لرابطة شيوعية في عاصمة الضباب ، يرأسها حسن البنا …. فيا لغرابة الرؤيا ! إنها قامات محدودبة ، لم يتبق لها من حجر سيزيف سوى ظهور مصابة بانفصام عظمي ، وهشاشة فكرية ….فسلام إذن على الإخوان الماركسيين !
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست