كشفت معلومات نشرتها مجلة “فورين بوليسي” الاميركية (الخميس) أن الخرطوم تعاقدت مع مكتب محاماة ومجموعة ضغط بارزة في واشنطن بغية مساعدتها على رفع العقوبات الأميركية الصارمة عليها والمفروضة منذ عقدين من الزمن. وذكرت إنه مقابل 40 ألف دولار كل شهر سيعمل مكتب Squire Patton Boggs على مساعدة حكومة السودان لـ”تلافي عودة العقوبات الأميركية على السودان”، وأيضاً لـ”تعيين وتطبيق استراتيجيات لتحسين مُناخ السودان الاستثماري”، وفق استمارات تصريحية قدمها مكتب المحاماة بنفسه هذا الشهر إلى وزارة العدل الأميركية. يقول جون بريندرغاست، مؤسس مشروع The Enough Project (كفى)، وهو منظمة مقرها واشنطن: “من الممكن قانونياً لمكتب Squire Patton Boggs أن يفعل ذلك، لكن السؤال: هل ثمة خط ما ينبغي عدم تجاوزه في شارع K بواشنطن؟” (شارع K بالعاصمة الأميركية هو مقر المجموعات الناشطة والضاغطة واللوبي)، ويتابع قائلاً: “في رأيي أن هذه أموال دية”، حسب تعبيره. و أحجم مكتب Squire Patton Boggs عن التعليق على تفاصيل شراكته مع السودان عندما تقدمت وسائل إعلام أميركية بطلب للتوضيح، لكن متحدثاً باسم الشركة كتب في رسالة إلكترونية لـ “فورين بوليسي”: “لقد مثلنا على مر العقود حكومات أجنبية كثيرة ومؤسسات حكومية أجنبية تربطها بالولايات المتحدة علاقات حوار مثمر، أو تكون الولايات المتحدة قد اتخذت تجاهها خطوات لتعميق أو تجديد العلاقات”. ولجأت الخرطوم إلى التعاقد مع هذا المكتب في “يونيو” الجاري تزامناً مع اقتراب موعد انتهاء أجل العقوبات الأميركية، فقد خفف الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما من العقوبات الأميركية على السودان أواخر أيامه في “يناير” الماضي، مشيراً إلى تقدمٍ أحرزته السودان في مجالات مكافحة الإرهاب وغير ذلك من الأولويات الأميركية، ومنح السودان فترة 6 أشهر أوقف فيها العقوبات، حيث شهدت هذه الأشهر الـ6 رفع بعض القيود عن قطاع صناعة النفط السوداني وغير ذلك من قطاعات التجارة. وبحلول ” يوليو” المقبل سيكون القرار في يد إدارة ترامب، حيث من الجائز أن تقرر إدارته رفع العقوبات وشطبها إلى غير رجعة إن رأت أن السودان قد أحرز تقدماً كافياً في مجالات وقف النزاع الدائر بإقليم دارفور، وإيقاف التدخل في جنوب السودان التي مزقتها الحرب، وتحسين التعاون على مكافحة الإرهاب، وتعزيز وصول المساعدات الإنسانية إلى منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق، والتعاون في محاربة حركة متمردي “جيش الرب” للمقاومة الأوغندية. وسيقدم وزير الخارجية ريكس تيلرسون إلى الرئيس دونالد ترامب توصياته برفع العقوبات من عدمه في موعد أقصاه 12 يوليو، لكن مسؤولاً في الخارجية رفض التعليق على سير عملية التقييم والتفحص، قائلاً إن وزارة الخارجية “ستبت بقرارها النهائي في يوليو مستنيرة بما يقوله شركاؤها من عدة أجهزة ومؤسسات”. ورجح مسؤولون أميركيون رفع العقوبات الاقتصادية عن السودان لكن ستظل البلاد خاضعة لعقوبات تشريعية فرضت بسبب دارفور، بجانب إبقاء اسم السودان في لائحة الدول الراعية للإرهاب. ولفتت “فورين بولسي” إلى أن السبب في ترجيحها بعدم رفع العقوبات بالكامل هو “أنه باستخدام هذه العقوبات، فضلاً عن حاجة السودان الماسة لتخفيف ديونها الخارجية، قد تكون نقاط ضغط تستغلها واشنطن، حسبما قاله برنستون لايمان، المبعوث الخاص الأميركي السابق إلى السودان وجنوب السودان. أسباب المعترضين على رفع العقوبات؟ وفيما يدور الجدل والنقاش في واشنطن يكرر ناشطون وجماعات حقوقية مزاعم عن ميليشيات يتهمون الحكومة السودانية بدعمها تقف وراء انتهاكات بحقوق المدنيين، وفقاً لما تنقله “فورين بوليسي” عن مجموعات حقوق الإنسان وتقارير محلية. يقول رايان بوييت، الناشط الأميركي الذي عاش في السودان 15 عاماً تقريباً: “إن رفع هذه العقوبات يمنح الشرعية للحكومة السودانية. لكن مسؤولين أميركيين كباراً سابقين يشجعون رفع العقوبات، فهم يرون أن عقدين من العقوبات لم تفت من عضد حكم الرئيس عمر البشير أبداً وأن نظام العقوبات قد أضر بالمواطنين السودانيين فيما ترك كبار المسؤولين وجيوبهم عامرة بالثراء والنقود من حساباتهم المسجلة خارج البلاد. كذلك يشير هؤلاء المسؤولون الأميركيون السابقون إلى التقدم الذي أحرزته الخرطوم في الأشهر الأخيرة في التزامها بمجالات التحسين الخمسة، خصوصاً مكافحة الإرهاب التي تعد أولوية كبرى للإدارة الأميركية الجديدة. ولم يصدر عن سفارة السودان أي رد أو تعليق مباشرة على القضية، حسب تقرير فورين بوليسي. وأوصى مساعدان رئيسيان لوزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون، في تقرير لهما برفع العقوبات المفروضة على السودان بشكل نهائي، وذلك بعد مراقبة تنفيذ الخرطوم لشروط الولايات المتحدة فيما يتعلق بملف مكافحة الإرهاب وغيره من الملفات التي ظلت مثار حوار بين الخرطوم وواشنطن وراء أبواب مغلقة طوال الشهور الماضية. وقد أوضح الرئيس دونالد ترامب ووزير خارجيته تيلرسون بجلاء أنهما يوليان الأولوية للأمن القومي والجيوسياسة الصلبة فوق قضايا حقوق الإنسان. فرغم أن السودان استضافت أسامة بن لادن 4 سنوات أواسط التسعينيات قبل أن ينقل معسكره إلى أفغانستان، تحاول السودان أن تظهر بمظهر الحليف لأميركا في معركة ترامب المتجددة ضد الإرهاب؛ فالسودان ترسل جنودها إلى حرب السعودية في اليمن وكذلك تتعاون مع أجهزة الاستخبارات الأميركية لتعقب الإرهابيين بالمنطقة.+
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
زهير عثمان حمد
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست