جاء في خبر نشرته الغراء (آخر لحظة) يوم أمس أن النائب بتشريعي الخرطوم عبد الله الريح كشف وجود إعلانات ولافتات في طرقات وسط الخرطوم (تشمئز) منها النفس؛ وذلك لاحتوائها على صور نساء عاريات، وأضاف الريح أن اللغة التي تعرض بها تلك الإعلانات عبارة عن كلام شوارع.
للمرة الأولى عقب قراءتي لذلك التصريح أتحقق من المقولة الشعبية (الفاقة بتعلم المشاط) ، فالسيد النائب المحترم ترك هموم المواطنين جانبا والمشاكل الحقيقية ومعاناتهم في الحصول على ما يعينهم- ترك الرجل كل ذلك، وبحلق في صور النساء العاريات.
لو نظرت أيها النائب أسفل تلك الصور لوجدت شوارع متآكلة وحفرا ومجاري ممتلئة بالبعوض والحشرات والطحالب والمياه الراكدة، ولشاهدت جيوش الذباب، وأكياس النايلون الطائرة ، ولو أرخيت عينيك عن صور النساء العاريات لوجدت أن النفايات مكدسة، والمشردين يعبثون بها؛ بحثا عن قوارير البلاستيك الفارغة. لو تركت الانشغال بالصور العارية لوجدت المتسولون هم أصحاب المهن السائدة، وهم الموجودون الأكثر في الإشارات الضوئية، وفي المطاعم، وداخل المحال التجارية، ولو أرخيت عينيك قليلا عن صدور النساء وشعورهن لشاهدت الأطفال الصغار وهم يقرعون على زجاج سيارتك يطلبون منك جنيها مقابل نظافة الزجاج والمرايا الجانبية. لو نظرت - فقط- في وجوه المواطنين لحظات لرأيت البؤس والشقاء والمعاناة، ولعلمت أن ذلك المواطن يجر أذيال الخيبة؛ لأن نقوده لم تكفِ لشراء الدواء، أو إجراء الفحص، أو مقابلة الطبيب، وأن هذه المرأة تبكي لطرد ابنها من المدرسة؛ لعدم دفعه الرسوم، وأن هؤلاء قدموا في وظيفة، وعادوا بخفي حنين؛ لأن سؤال المعاينة كان أذكر إيجابيات فترة الحكم في عهد حكومة المؤتمر الوطني فأسقط في يدهم.. فأسقطوا في المعاينة. ولو أرخيت عينيك ذراعا عن متابعة الإعلانات في الطرق والتربص بصور النساء لاستطعت أن ترى جيدا الفقر يمشي على قدمين في شوارع الخرطوم ، تلك الشوارع والمدن ، التي أنت مندوب عن المواطن لتمثله في مجلسها، هل تعتقد أن المواطنين يرغبون في مناقشة صورة امرأة معلقة في لافتة (يوني بول) أم أنهم يرغبون في مناقشة انقطاع المياه.
سل المواطنين أي موضوع أهم بالنسة لهم مأكلهم ومشربهم أم صدر امرأة عارية؟.
ثم دعك من كل هذا حتى متى تقوموا ك مجالس تشريعية بالوصاية على اللافتات، وتنسون وصايتكم لرعاية مصالح المواطنين.
اترك صور النساء المعلقات على اللافتات، وانظر إلى النساء المعلقات شماعة في المواصلات....... وقل لي أيها خادش للحياء ومذل ومهين.
ضعوا سياسات ولوائح لضبط الأسواق، وتفريج كرب المواطنين، وإعانتهم كمجلس تشريعي، وتابعوا الحلول، واتركوا القضايا الانصرافية...... وتأكد ألا أحد من المواطنين قد رفع رأسه لرؤية تلك الصور العارية فظهورهم محنية من التعب والإحباط.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة