مفاكرة حول حشد و تحريك الجماهير بالانترنت. بدأ الحديث عن الدور الفعّال لوسائط التواصل الإجتماعي بالانترنت منذ أيام انتخاب الرئيس باراك اوباما في فترة رئاسته الأولي و الكلام حينها كان عن قنوات اليوتيوب و الفيسبوك و غيرهما من قوائم اصدقاء في الايميل. و بلا شك قراء العربية مستمسكون بأهمية هذه الوسائط في بناء الحشود الجماهيرية و تحريكها خاصة بعد نجاح الثورة المصرية و اسقاط نظام حسني مبارك. فهل ستكون هذه الوسائط بديلاً لوسائل العمل الجماهيري المباشر في بناء الحشود و تحريكها بما يخدم الثورة السودانية إجمالاً؟ في السودان، ارتبط استخدام هذا الوسائط بأفهام عن الحداثة ذات طبيعة متصلة بتطور وسائل الإتصال و التواصل و بالثورة في هذا القطاع الحيوي النامي و المتطور بوتائر سريعة و حاسمة في مجال صناعة الهاتف النقال و الكمبيوتر و البرمجيات و التطبيقات و هو أمر لا يحتاج لكثير حماس يدفع صاحبه للإحجام عن الطرائق الأخري في الوصول للجماهير بغيرها إنما يحتاج لعملٍ دؤوب و صبر. إعلام التيار العام و المقصود الصحف العالمية الكبري و رقية و الكترونية و الفضائيات بنسخاتها المتنوعة محطات و مواقع الكترونية ليست وسائط إعلام محايدة بل لها رسالة طبقية شديدة الجلاء، منحازة وخادمة لأجندة رأسمال المحلي و الدولي في صيغته العولمية. ربما كانت رتابة برامجها و بذاءة الدعاية و البرامج الترويجية للسلع فيها أحد أهم عوامل الإبعاد لقطاعات كبيرة من المستخدمين تيمموا صوب وسائط التواصل الإجتماعي فلحقت بهم طرائق إعلام التيار العام علي الأقل في الدعاية للمنتجات. سيكون من المفيد التعليق علي ما حاق بالراديو و الإذاعة هنا في تورنتو فلقد إقتصر عدد المستمعين علي سائقي السيارات في الطرق السريعة و بعضاً من أماكن العمل اليدوي أو الفيزيائي و اصبح التركيز أكثر علي الغناء و الموسيقي و برامج المنوعات الخفيفة و ليس البرامج التي تتطلب إنصاتاً وتركيزاً. السؤال المطروح الآن هل ستكون وسائط التواصل الإجتماعي من فسيبوك، توتيتر، واتساب و انستغرام و غيرها كافية في بناء الحشود الجماهيرية و تحريكها بما يخدم التغيير المنشود في السودان؟ الإجابة المبدئية التي تحتاج لمزيد من الإستقصاء هي لا. و يعود ذلك بالأساس لأن قطاعاً كبيرا من السودانيون نتيجة لضعف البنية التحتية مبعدون عن نطاقات التغطية السايبرية التي تشترطها تلك الوسائط و المقصود الهاتف الذكي و خدمة الانترنت فائقة السرعة و واسعة التغطية. فالسودانيون في قطاعات الرعي و الزراعة المطرية و العمل اليدوي ربما يكون لهم هواتف نقالة لكنهم يعتمدون بالأساس علي الرادايو كمصدر للمعلومات و الأخبار و الترفيه و ربما يرتبط ذلك بنسبة الأمية العالية في السودان مقارنة بمحيطه الإقليمي. و هنالك مهمشو المراكز الحضرية الكبري الذي ضربهم الفقر و إهمال الدولة في مقاتل متعددة منها منعهم من القدرة علي التوفر علي هاتف نقّال ناهيك عن اللابتوب هذا إذا فلتوا من الأمية و عدم القدرةعلي القراءة. من هنا يتضح أن أمر البيان الورقي و توزيعه، الصحيفة الورقية غناها بالمفيد و توزيعها، المخاطبة المباشرة و الطواف للكلام مباشرة مع الناس هذا الأمور ما زالت لها اهميتها الكبري الحاسمة في استقطاب حشود إضافية لتمليكها المعلومات و من ثمّ تحريكها بما يخدم أهداف التغيير. واحدة ربما من الأمور التي تشبه السودانيين كثيراً و هم يمارسون السياسة طرائق الإستقطاب و الضمّ في مجموعات الفيسبوك و الواتساب هي فكرة العزومة invite و لا يك و ديسلايك و المشاركة و قائمة الأصدقاء و غيرها. هذا الحواجز الإجرائية الهامة لإنجاز الخصوصية و حماية المجموعات في الوسائط التواصلية المذكورة باتت أحد كوابح انتشارها الجماهيري و جميعنا يعرف إحتياج تلك المجموعات لدرجة من المعرفة الإجتماعية السايبرية علي سبيل الفيسبوك و الواتساب و غيرهما من إيميل و معرفة دقيقة بطرائق الجداد الإلكتروني في التثبيط و تغبيش الوعي و جهجهة المعلومات. هنالك عدد كبير من مستخدمي التقنيات التواصلية التي تتيحها مواقع الكترونية رائدة مثل سودانيزاونلاين و الراكوبة و قرأء الصحف السودانية في الإنترنت يحتفظون بدرجات قرب و ابتعاد عن الواتساب و الفيسبوك متفاوتة و يعود ذلك لتنوع المادة المطروحة في تلك المواقع الإلكترونية السودانية الرائدة و ذات الدور الماضي في نشر الوعي السياسي و توفير بديل صحفي حرّ و غير مقيّد في ظروف المصادرات و الإلغاء التي تمارسها السلطة في السودان. مما سبق يمكننا القول أن حشد و تحريك الجماهير بالانترنت يتطلب استخداماً ذكياً لقدرات تلك الوسائط من فيسبوك، واتساب و تويتر و غيرها و كذلك استخدام ذكي و دؤوب لمواقع الكترونية مثل الراكوبة و سودانيزاونلاين و استخدام قائمة المعارف و الأصدقاء في الإيميل و الشبكات مثل لكندإن linkedin و غيرها من تلفونات عادية بالدرب و ذلك للوصول لأكبر عدد من المشتركين شريطة أن يكونوا مداومين علي زيارة تلك المواقع و الإطلاع الإستقصائي الباحث عن موضوع محدد في تلك الوسائط التواصلية و الراغب في الفعل و ليس لمجرد الخبارات و الشمارات. و يسلتزم الحشد الجماهيري الناجح و التحريك الإيجابي للجماهير أيضاً العمل علي الأرض بتوزيع البيانات و النشرات و إنجاز المخاطبات و الطوافات و غيرها من طرائق الوصول للناس و محادثتهم و توصيل المعلومات لهم بتجاوز ذكي لجميع العقبات أمام سيل المعلومات التي يتطلبها الحشد و التحريك الجماهيري الناجح.
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة