بسم الله الرحمن الرحيم خطاب السيد / رئيس الجمهورية أمام اجتماع الجمعية العمومية للحوار الوطني قاعة الصداقة ـــ السبت 6 / أغسطس / 2016 م قال تعالى : ﴿ وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للملائكة إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأرض خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ ﴾ صدق الله العظيم البقرة (30) (رَبَّنَا آتِنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا) الكهف آية (9) إن الشكر مستحق دوماً ـــ لله ولي النعم فبنعمائه تبلغ الأعمال كمال نجاحها وبفضله تتم صالحات الأعمال والصلاة والسلام على هادينا ونبينا سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة والتسليم وعلى آله اجمعين والسلام على جميع أنبياء الله ورسله للعالمين . الأخوة والأخوات أعضاء الجمعية العمومية للحوار الوطني من رؤساء الأحزاب والحركات والتنظيمات السياسية والشخصيات القومية الأخوة ممثلي الأجهزة الإعلامية بمختلف مشاربها أحييكــم تحية من عند الله مبــاركة .. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .. وارحب بكم جميعاً ونحن نستشرف بمشيئة الله في هذا الاجتماع مرحلة جديدة في مسيرة العمل الوطني نشحذ فيها الهمم ونجدد العزم لتحقيق تطلعات شعبنا في تجاوز التحديات واستكمال بناء بلادنا والارتقاء بأمتنا . مضى أكثر من عامين ونصف منذ إطلاقنا لمشروع الوثبة في يناير 2014م والتي استهدفنا بها تضافر الجهود الوطنية وتكاملها لإنفاذ اصلاح شامل يمس مناحي الحياة العامة كافة لوضع بلادنا في المسار المطلوب واستكمال جهودنا نحو تحقيق أهدافها التنموية من خلال حسن استغلال مواردنا وتوظيف طاقات مجتمعنا توظيفاً إيجابياً يتجاوز الهدر والإهدار . لقد جاء مشروع " الوثبة " في إطار وطني طموح لتحقيق انطلاقة راشدة قاصدة وبالغة مقاصدها بمشيئة الله ثم بعزم سياسي يعضدها وعزيمة صادقة تفضي بها لدفع بلادنا نحو التنمية المنشودة ولذلك سارت جهودنا حثيثة وجادة لتحقيق غايات الوثبة في مسارات ثلاثة ترسم فيها جهودنا على منوال متآزر نحو غايات الإصلاح الشامل للحياة العامة في بلادنا . لقد اختص المسار الأول للوثبة بإصلاح البيئة السياسية على مستوى الحياة الحزبية ، برامجاً ومواقفاً وممارسة من خلال حوار وطني استهدفنا منه الوصول إلى توافق سياسي يُعلي من الولاء الوطني المستنير على الولاء الحزبي الضيق ويؤسس لاجماع القوى السياسية على المقاصد العليا للدولة بما يكفل إحداث الاستقرار السياسي اللازم لتحقيق التنمية الشاملة باعتبارها الغاية الكبرى لأي جهد سياسي مهما اختلفت الأولويات والآليات .. وبحمد الله وتوفيقه نجحت جهودنا في هذا المسار في عقد مؤتمر الحوار الوطني عبر لجانه الست التي شهدتم وشاركتم وصنعتم أعمالها وتوصلتم من خلال جهد اتصل منذ افتتاحه في العاشر من أغسطس 2015م ليسجل التاريخ أنه الحدث الأبرز في تاريخنا المعاصر من حيث مشاركة الاحزاب والتنظيمات السياسية وحيوية القضايا التي تناولتها لجان الحوار بحرية وشفافية مشهودة كان لها صوتا وهديرا فتح المجال واسعاً .. حوار أخرج كثير من الهواء الساخن من الصدور انتهى بفضل الشفافية والصراحة والوضوح إلى حوارا مودة ودفء جعل من وجدان المتحاورين اكثر رحابة وسعة للتمعن والتدبر فيما يجمع وتجاوز ما يفرق بينهم وهذا ما أكدته شواهد المداولات وما انتهت إليه من التوصيات الأصل فيها الاتفاق والتوافق والاستثناء هو التباين الأمر الذي نوه عن أن الحوار الوطني سيبلغ مرافيه المطمئنة في مؤتمره في أكتوبر القادم بمشئية الله تعالى . أما مسارنا الثاني في تحقيق مشروع الوثبة فقد اطلقنا فيه حوارا مجتمعياً بين مختلف فئات المجتمع وقواه الفاعلة ورموزه في العمل العام ومنظماته المدنية من مثقفين وأهل فكر وشباب وطلاب رجالاً ونساء وحضراً وريفاً وذلك بغية فتح الباب أمام مشاركة المجتمع المدني في صنع القرار المتصل بإدارة شئون المجتمع والدولة ويمهد لقيادة المجتمع للدولة باعتبارات أن هذه القيادة هي التي تكفل تسريع التنمية الشاملة وقد بذلنا في هذا المسار جهوداً متصلة استهليناها باصدار القرار رقم (368) لسنة 2014م بتشكيل اللجان القومية للحوار المجتمعي لإدارة حوار مختص واسع حول قضايا السلام والوفاق الوطني ، الأول والحكم الرشيد ، الانتاج ومعاش الناس ، الهوية والمواطنة الحريات السياسية والاجتماعية ، بالإضافة لقضايا الثقافة والرياضة والتعليم والعلاقات الخارجية . وقد نحجت هذه اللجان بحمد الله في الوصول إلى التوصيات ناجعة استلمنا تقرير أعمالها خلال الأيام القليلة الماضية وهو جهد اتصل لأكثر من عام ونصف نجحت من خلاله هذه اللجان من صياغة وثيقة الحوار المجتمعي ـــ أكدت نجاح الحوار ــ كآلية في وضع حلول وصيغ المعالجة لمشكلات البلاد ووضعها في مسار النمو لتحقيق غايات المجتمع والدولة بما يحمي أمنه ويعزز استقراره وينجز برنامجه التنموي على النحو الاكمل وذلك وفق ما يتسم به مجتمعنا من تعددية في الرأي أو الانتماء السياسي أو العرقي أو المناطقي لأن الحوار يعطي هذه التباينات بعداً انسانياً بوضعها في إطارها الطبيعي ولا يسمح لها في التحول إلى اطار يولد العنف ومن ثم يحولها إلى طاقة تدميرية فالحوار يخفض الآثار السلبية لهذه الاختلافات لتكون في إطار تفاهمي واستيعاب لمكوناته ليصبح دافعاً للإصلاح والمراجعة المستمرة للأداء العام للمجتمع والدولة في إطار من التعايش الإيجابي والسلام الأهلي والتناغم المجتمعي . لقد نجح الحوار الوطني في التعرف على وجهات نظر أطراف المكونات الاجتماعية وتعزيز القدرة على قبول الحلول الوسطية لمشاكل متنوعة ولمواقف متباينة حولها وبلورة مفاهيم مشتركة حول الغايات والأهداف والأولويات العامة التي تحدد المقاصد العليا للمجتمع والدولة سياسية أم : اقتصادية أم اجتماعية باعتبارات ذلك هذا المدخل لإحلال التعايش السلمي وتعزيز الوحدة الوطنية . أما تنفيذ الوثبة في مسارها الثالث فقد انصبت فيه الجهود وتكاملت لتنفيذ برنامج لإصلاح أجهزة الدولة من خلال تقويم علمي منهجي لتعزيز الإيجابيات وتوظيف الفرص المتاحة بما يجعل أجهزة الدولة مؤهلة ومستجيبة لضرورات ومطلوبات استكمال بناء الدولة القوية اقتصادياً المتناغمة اجتماعيا وثقافيا ، القائمة على الشورى والديمقراطية والمنافسة الشريفة والقادرة على النهوض بأعبائها في خدمة المواطن وكفالة الحياة الكريمة له وتولي مجلس الوزراء تنفيذ برنامج إصلاح أجهزة الدولة من خلال لجنة برئاسة النائب الأول لرئيس الجمهورية أولت هذه البرنامج العناية اللازمة من خلال تقارير ومراجعات دورية نجحت في تنفيذ انجازات مقدرة لرفع قدرة اداء اجهزتنا إلى مستوى الإمكانات والموارد المتاحة وتدافعت خطى الاصلاح في هذا البرنامج نحو استكمال غاياتها في المرحلة التأسيسية للإصلاح وإنفاذ السياسات المطلوبة والمحدد لها نهاية ديسمبر 2016م في إطار النظر لإصلاح أجهزة الدولة كضرورة مستمرة تتطلب إجراءات وسياسات ذات بعد هيلكلي ووظيفي مستمرة ومتجددة وتستجيب للتحولات العديدة والمتداخلة التي شهدتها بلادنا في كل أصعدتها السياسية والاقتصاد والاجتماعية لذلك سيظل اصلاح أجهزة الدولة بعد استكمال مرحلته التأسيسية في ديسمبر 2016م عملية مستمرة ومتطورة لتتحول إلى منهج عمل مستديم في إدارة شئون الدولة . الاخوة أعضاء الجمعية العمومية مثلما ابتدرنا جهود عقد مؤتمر جامع للحوار الوطني بتقديم كل الضمانات بمشاركة حره لكل من لبى الدعوة للحوار الوطني واتخذنا ما يلزم لتهيئة مناخ الحوار من إطلاق سراح كل المعتقلين السياسيين وتحقيق ونشر وبســط الحريات السياسية في إقامة الندوات السياسية للأحزاب والحركات وحرية النشر والتعليق في كل وسائل الإعلام المرئي والمقروءة والمسموع وإفشاء خطاب التصالح ونبذ العنف والجهوية والعصبية في مجريات الحوار ووضع كل الضمانات بالسلامة لأعضاء الحركات المسلحة التي شاركت في الحوار فإننا بعد أن وصلنا بالمؤتمر إلى حوزة الجمعية العمومية فإننا نؤكد على : • اشــــادتنا بكل من شارك في هذا الحوار عبر مختلف لجانه وكل من قدم مساهمة فكرية أو ســياسية للوصول إلى موقف توافقي حول قضايا الوطن . • كما نعلن ترحيبنا بكل القوى السياسية التي التحقت بأعمال المؤتمر بعد انطلاقه ونؤكد لهم بأن ما أبدوه من ملاحظات وما أضافوه من مقترحات وتوصيات ستكون محل الاعتبار الكامل حرصاً منا على تكامل الرؤى . • كما نجدد ترحيبنا بكل القوى التي ألهمها لله سبحانه سبل الصواب بالموافقة على خارطة الطريق والتوقيع عليها خلال الأيام المقبلة في العاصمة الإثبوبية أديس أبابا كما يمتد ترحيبنا بكل من يلتحق بركب الحوار في أي مرحلة كانت حتى وصولنا إلى المؤتمر العام في العاشر من أكتوبر القادم بمشيئة الله . لقد أفلحنا في عقد حوار سوداني / سوداني وداخل السودان حول لقضايا بلادنا لم يشهد تداوله سقفاً للحريــــات داخل القاعات ولم نحجـــر أحداً من المشاركين لذلك خلص إلى توصيات في مناخ تداول صحي ومعافى ونجدد تأكيـــدنا أمامكم التزامنا التام بتنفيذ ما يخرج به المؤتمر في ختام أعماله من توصيات سنجعل منها الوثيــقة الوطنية لبناء مستقبل البلاد الدستوري والسياسي والاقتصــــادي والاجتماعي وتكــــامل فيها الرؤى التي أفرزتها مشاركة مســـارات مشروع الوثبـــة الثلاثة : الحوار الوطني والحوار والمجتمعي وإصلاح أجهزة الدولة بما يحقق المشاركة الشعبية الواســـعة في رسم مستقبل بلادنا الحبيبة . ربنا لا نؤاخذنا أن نسينا أو أخطأنا . والله ولي التوفيق
08-08-2016, 10:21 AM
Mustafa Mahmoud Mustafa Mahmoud
تاريخ التسجيل: 05-16-2006
مجموع المشاركات: 38072
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
Mustafa Mahmoud
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست