محجوب محمد صالح جنوب السودان في مفترق طرق أنهى مجلس الأمن زيارة استمرت ثلاثة أيام لدولة جنوب السودان، نجح خلالها في التوصل لاتفاق مع رئيس جمهورية الجنوب على نشر قوات الحماية الدولية التي قررها المجلس في وقت سابق، لتشرف على الأمن في جوبا. ورغم أن المجلس حرص على أن يتضمن البيان الختامي المشترك لهذه الزيارة كافة الأسس التي بني عليها القرار، إلا أن (التفاصيل) هي التي ستجهض القرار، خاصة أن حكومة الجنوب وقعت على البيان دون أن تكون على قناعة بمبدأ نشر القوة، لكنها آثرت التوقيع بدلا من الدخول في مواجهة مع المجتمع الدولي قد تكون نتائجها وخيمة بالنسبة لها. وقد وضح ذلك من تصريحات وزير الإعلام في دولة الجنوب وبعض المتحدثين باسم الحكومة، الذين أوضحوا أن عدد عناصر قوة الحماية ستحدده حكومة جوبا، وأفتوا بأن الأربعة آلاف عنصر التي حواها القرار هي الحد الأقصى للقوة، وأن الرقم غير ملزم لحكومة الجنوب، وتستطيع أن تحدد عدداً أقل من ذلك، وأن على المجلس أن يقبل بالعدد الذي تحدده الحكومة حتى لو كان مجرد عشرة عناصر. كما قال إن حكومة الجنوب هي التي ستحدد الدول الإفريقية التي ستشارك في القوة العسكرية، وأنها لن تقبل مشاركة دول الجوار! يبدو أن الولايات المتحدة التي لعبت دوراً أساسياً في حمل حكومة الجنوب على قبول نشر القوات، تدرك أن حكومة الجنوب تسعى جاهدة لتقويض ذلك المشروع، لأنها مصممة على حسم صراعها مع ريك مشار بالقوة، وأنها ستتخذ من الإجراءات ما يعرقل نشر قوات حماية دولية في الإقليم، ولذلك نلاحظ حملة إعلامية أميركية تحمل تهديدات مباشرة لحكومة الجنوب من الإعلام الأميركي والمسؤولين الأميركيين تحذر حكومة الجنوب من مغبة الالتفاف حول مشروع قوة الحماية، وهي حملة تزامنت مع زيارة مجلس الأمن واستمرت بعده، ونتوقع لها أن تتصاعد في الأيام القادمة لمزيد من الضغط على الجنوب. لقد نشرت صحيفة واشنطن تايمز بالأمس مقالاً للنائب الجمهوري عن دائرة نيوجرسي كريس سميث، الذي كان في مقدمة الداعمين لانفصال الجنوب وقيام دولة جنوب السودان المستقلة، شن فيه هجوما كاسحا على حكومة الجنوب، إثر زيارة قام بها إلى جوبا نهاية الشهر الماضي، قال فيها: إن دولة جنوب السودان هي الآن في مفترق الطرق، وأنها تعيش واقعا مأساويا، وأن الولايات المتحدة والمجتمع الدولي فقدوا الصبر تجاه سوء الإدارة والعنف المتزايد في تلك الدولة، وقال إن قادة الدولة بدءاً من سلفاكير ووزير دفاعه يعترفون بذلك الفشل، وطالب بوضع حد لحالة الإفلات من العقاب ومحاسبة مرتكبي الجرائم، وحذر من أن أي تأخير أو مماطلة في استعادة الاستقرار سيكون مأساويا. لكن الأخطر مما أثاره عضو الكونغرس الأميركي، ذلك التهديد الذي صدر عن مجموعة من المنظمات غير الحكومية الأميركية، من أنهم سيكشفون في مؤتمر صحافي ينعقد في واشنطن يوم الاثنين القادم –أول أيام عيد الأضحى المبارك– تفاصيل تحالف إجرامي بين قيادات جنوبية وبعض دوائر المال العالمية، لنهب أموال دولة جنوب السودان في عمليات فساد وإمداد بالسلاح وغسيل أموال مع شركات ورجال أعمال في شتى أنحاء العالم، اغتنى عن طريقها الكثير من قادة الجنوب خلال السنوات الماضية. لقد أسس رئيس حركة كفاية جون برندرقاست، والممثل والناشط السياسي الأميركي جورج كلوني، مشروعا تحت اسم (سنتري)، ظل يعمل سريا على مدى عامين للتحقيق حول نهب أموال دولة الجنوب، عبر تحالف من شركات عالمية وأفراد وقادة جنوبيين، كشف أنهم نهبوا أموالا طائلة. وقد استخدم المشروع عشرات المحققين والخبراء الدوليين، الذين جمعوا آلاف الوثائق والحسابات المصرفية وتفاصيل الصفقات المشبوهة لغسيل الأموال وصفقات الأسلحة للأطراف المتحاربة في دولة الجنوب، وأنهم في المؤتمر الصحافي الذي سينعقد في واشنطن الأسبوع المقبل سيكشفون كل التفاصيل وأسماء الشركات العالمية المتهمة والقادة الجنوبيين المتورطين في هذه العملية، منذ وصول الحركة الشعبية للسلطة إبان الفترة الانتقالية، وطوال عمر دولة الجنوب المستقلة. وهذه هي المرة الأولى التي يتم فيها جهد دولي للكشف عن الصلة بين الفساد والنزاعات المسلحة في قُطْر إفريقي بهذا النهج المتكامل، حسب ما يقول القائمون على أمر هذا المشروع، ولذلك يتوقع المراقبون أن يكون لهذه المعلومات أثر مدمر على كثير من القيادات الجنوبية وعلى العديد من الشركات ورجال الأعمال في أوروبا وأميركا، وإذا صحت هذه الادعاءات التي كشف عنها أصحاب المشروع، فإن جنوب السودان يشكل الدولة الأولى التي استهدفها البحث، والمجموعة ستواصل مراجعة أوضاع دول أخرى، أعلن منها عن بعض الدول. وستعتمد مصداقية هذا المشروع على مدى مهنية وصدقية ما ينشر عن الجنوب يوم الاثنين القادم، وسيكون للمعلومات المنشورة أثرها المباشر على الأوضاع في جنوب السودان!;
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة