فلقد أتانا اليوم الصديق إبراهيم الكنزي بهذا الجمال الذي كاد ان يطويه التاريخ ... _________________________________________________
كتب عبد الرحمن على طه مع آخرين فى بخت الرضا كتاباً عن الجغرافيا ليدرّس فى السنة الثالثة الأولية سُمي : (سبل كسب العيش فى السودان)، وموضوعه زيارات حقيقية قام بها نفر من أساتذة بخت الرضا الى مناطق شملت شمال وجنوب وشرق وغرب البلاد. قد قام بهذه الرحلات الاساتذة: مكى عباس والنور ابراهيم والشيخ مصطفى وعبد العزيز عمر الأمين وعبد الحليم جميل واحمد ابراهيم فزع وعبد الرحمن على طه وعثمان محجوب ومستر ومسز سمث وسر الختم الخليفة. كان إسهام عبد الرحمن على طه الإضافى الى الكتاب أنشودة رائعه لخصت الرحلات التى تمت، وظل التلاميذ فى المدارس يرددونها لعقود من الزمان. يعلق الأستاذ المرحوم الفكى عبد الرحمن على هذه الأنشودة بقوله: إن عبدالرحمن على طه ممثل وكاتب مسرحي، أدخل الجغرافيا باب الأدب.. وقد كنت وما زلت مولعاً بالأنشودة مما جعلنى فى حالة بحث دائم عن نصها الأصلى إلى أن وجدته فى نسخة من الكتاب المدرسى الشهير (سبل كسب العيش فى السودان)، وايضاً فى كتاب آخر للدكتورة فدوى عبد الرحمن على طه بعنوان (أستاذ الأجيال عبد الرحمن على طه)، وكل المعلومات فى صدر هذا المقال منقولة من هذا الكتاب القيم. ولعل سبب ولعى بهذا النشيد هو افتتان به شأن كل قديم نفيس، لذا مضيت أقرأ الأنشودة وأعيد قراءتها المرة تلو الأخرى، بل ظللت أنشدها مع أطفالى بلحنها المميز بعد أن رويتها لهم فى شكل زيارات فتوطدت أواصر المودة بينهم وبين: صديق عبد الرحيم فى القولد .. محمد القرشى فى ريرة .. سليمان فى الجفيل .. محمد الفضل فى بابنوسة .. منقو زمبيرى فى يامبيو .. حاج طاهر فى محمد قول .. احمد فى ود سلفاب .. ادريس فى امدرمان .. وآخرهم عبد الحميد فى عطبرة. ولا أجد ما أقدم به أنشودة الزمن الجميل سوى كلمات الاستاذ مكي أبو قرجه التى يقول فيها : (ظلت حناجر الأطفال الغضة لأكثر من خمسين عاماً تردد نشيداً شجياً فى كل المدن والقرى والبوادى السودانية بحماس وغبطة وحبور فى آخر كل حصة للجغرافيا فى السنة الثالثة الابتدائية ... كان هذا النشيد الذى شدّ نياط القلوب بأوتار لا ترتخي بكل بقاع الوطن .. من القولد حتى يامبيو ومن محمد قول حتى بابنوسة ، وفعل فى النفوس فعل السحر ولا يزال يتوهج فينا نحن الكبار بعد مرور عشرات السنين ويبعث حنيناً وروحاً وطنية متأججة فى كل الأجيال).
في القولد التقيت بالصديـق أنعم به من فاضل ، صديقي خرجت أمشى معه للساقية ويا لها من ذكريات باقيــة فكم أكلت معــه الكابيدا وكــم سمعت آور أو ألودا
ودعته والأهل والعشيرة ثم قصدت من هناك ريره نزلتها والقرشي مضيفي وكان ذاك في أوان الصيف وجدته يسقى جموع الإبل من ماء بئر جره بالعجـل
ومن هناك قمت للجفيـل ذات الهشاب النضر الجميل وكان سفري وقت الحصاد فســرت مع رفيقي للبــلاد ومر بي فيها سليمان على مختلف المحصول بالحب امتلا
ومرةً بارحت دار أهلي لكي أزور صاحبي ابن الفضل ألفيته وأهله قد رحلـوا من كيلك وفى الفضـاء نزلوا في بقعة تسمى بابنوسـة حيث اتقوا ذبابة تعيســــة
ما زلت في رحلاتي السعيدة حتى وصلت يا مبيو البعيدة منطقة غزيرة الأشجار لما بها من كثرة الأمطــار قدم لي منقو طعـام البقرة وهو لذيذ كطعام الكسرة
وبعدها استمــر بي رحيلي حتى نزلت في محمد قـــول وجدت فيها صاحبي حاج طاهر وهو فتى بفن الصيد ماهـــر ذهبت معه مرةً للبحـــــر وذقت ماء لا كماء النهــــر
رحلــت من قول لودْ سلفاب لألتقي بسابع الأصحــــاب وصلته والقطن في الحقل نضر يروى من الخزان لا من المطر أعجبني من أحمد التفكيـــر في كــــل ما يقوله الخبيرُ
ولست أنسى بلدة أم درمــان وما بها من كثرة السكـــان إذا مرّ بي إدريس في المدينة ويا لها من فرصـــة ثمينة شاهدت أكداساً من البضائــع وزمراً من مشتر وبــــائعْ
وآخر الرحلات كانت أتبره حيث ركبت من هناك القاطره سرت بها في سفر سعيد وكان سائقي عبد الحميـــد أُعجبت من تنفيذه الأوامر بدقة ليسلم المســـــافر
كل له في عيشه طريقـة ما كنت عنها أعرف الحقيقـة ولا أشك أن في بلادي ما يستحق الدرس باجتهـــاد فأبشر إذن يا وطني المفدى بالسعي مني كــي تنال المجدا *****
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة