كتب عادل الباز (صحيفة اليوم التالي) غالباً ما يكسب اليأس المعارك 1 الآن يتأكد أن الحكومة لا تملك مخرجا من الأزمات التي ترزح تحتها البلاد وتكاد تعصف بها. ليس بين يديها حل اقتصادي ولا سياسي ولا أمني، والأخطر أنها لا تهب الشعب حتى الأمل ولا وعدا بغد سعيد!! 2 الميزانية التي قدمها السيد وزير المالية بالأمس لا تعد بشيء، عجزها 18 تريليونا (بالقديم)، موبوءة بالتضخم، ميزان المدفوعات الخارجي معجز بأكثر من ثلاثة مليارات دولار، ميزانية الصحة والتعليم مخجلة، ميزانية الأمن والدفاع مخيفة، هي موازنة بلا تنمية، ولا أمل في صادرات ولا مقدرة على الاستدانة من الخارج.!!. باختصار ليس لدى الحكومة حل للمعضلة الاقتصادية على الأقل لعام مقبل. 2 بالتعديلات الجزئية التي أجيزت في البرلمان بالأمس اتضح أن الحوار لم يلد سوى جنين معاق ومشوه لم يحلم به أحد. فالتوصيات التي أجيزت بصورة عاجلة في مرحلة القراءة الأولى مضحكة وتثير الرثاء. هل هذا كل ما كان منتظرا؟ تكوين حكومة مترهلة وبرلمان أكثر ترهلا لتسكين عطالى الأحزاب السياسية التي لا قيمة لها؟. آخر الأحزاب – الشعبي - الذي كان يأمل أن يخرج بشيء من مولد الحوار أحبط ويواجه احتمال أن ينشق هو نفسه بسببه. في ظل غياب أي أفق لتسوية سياسية مع الحركات المسلحة والأحزاب التي لها قيمة يتلاشى الرجاء في حل سياسي يخرج البلاد من أزمتها. ستشكل الحكومة الجديدة من أحزاب كثيره بلا وزن ولكن الأزمة السياسية ستظل قائمة والبلاد محتقنة بالصراعات والغبائن والضائقة الاقتصادية، كأننا لا وثبنا ولا رحنا ولا جئنا. 2 لن يكون أمام النظام، مع اشتداد وطأة الأزمة الاقتصادية وانسداد الأفق السياسي، من خيار سوى الحل الأمني. وهو الخيار الذي يبدو أن الحكومة اعتمدته واستعدت له جيدا فخصصت له (29 تريليون جنيه بالقديم) من ميزانية العام المقبل. غير أن هذا الخيار يعاني من إشكالين رئيسين، الأول يتعلق بعدم جدواه، وهو ليس ممكنا، بل مستحيل، وبلا أفق، لو أنفقت فيه الحكومة الموازنة كلها، تلك الحكمة التي لم يتعلمها الساسة من دروس التاريخ بعد، رغم حروبنا المتطاولة، ذلك أن قضايا السلام المعقدة لن تحل بالحرب.. ذلك محض وهم. الأمر الثاني اتضح أن القوة الناعمة التي تقبع خلف الكبيوردات بإمكانها أن تهدد الأمن وتعصف بالاستقرار وتهدد الإنتاج بأكثر مما تفعل الحركات المسلحة والأحزاب المعارضة. ثم إن الذي بيده الأمن كله قدم إطعام الناس على تأمينهم (الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآَمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ). ومتى ما اختلت معدلات الاقتصاد وانتشر الجوع (46 % معدلات الفقر) فلا يمكن أن يستتب الأمن لو أنفقت الحكومة ما في خزائن الأرض جميعا. أوهام القوة (غشاشة) تعصب أعين السلطان وتضع عليها غشاوة، وذاكرة الإسلاميين مليئة بالعبر التي يتلونها في القرآن، وقد شاهدوا بأعينهم أشد تجاربها فصاحة ونصاعة، فكيف يغفلون عنها؟.!!. 4 في بهيم هذا الليل الذي عسعس، لا تهب الحكومة وقياداتها أملا ما بغد سعيد، لا بل حتى الكلمة الطيبة التي تواسي الشعب في ضيقه وحزنه، تغيب عن خطابها.. خطاب يفيض بالوعيد والتهديد، نعصركم، نضربكم، نسجنكم، نقتلكم، فلماذا هذا العنف اللفظي والفظاظة؟، ما داعيها، ما جدواها، (لو كنت فظا..)... ده شنو.. حسبنا الله ونعم الوكيل. حال لا يسر وكلام لا يسعد وأفق للمستقبل مسدود، هل هذا كل ما عند الحكومة؟. رحم الله صديقي الشاعر الفلسطيني محمد القيسي المتفائل دوما، كان حين تظلم الدنيا ويظللنا اليأس.. يقول لي: "غالبا ما يكسب اليأس المعارك".
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة