ذكريات الألم و العذاب- ما بين سراب و صحارى الإغتراب

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 02:36 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2016-2017م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
07-20-2016, 05:55 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
ذكريات الألم و العذاب- ما بين سراب و صحارى الإغتراب
                  

07-20-2016, 06:05 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    سبحان من جعل الإلفة حبل متين يربط بين الإنسان و من نشأ بينهم و بينه و بين والديه و بينه و بين إخوانه و ابنائه.
    ما قولكم في إنسان حنين القلب يتم إقتلاعه فجأة من بين أهله و أسرته لكي يفارقهم و يفارق بيته و موطنه
    و يترك الذكريات التي عاشها و الناس الذين يلقون إليه بالتحية و الحب صباح مساء و الأصدقاء
    الذين ألفوا وجهه الصبوح و ابتسامته الساحرة و تعليقاته الساخرة التي كان يوزعها عليهم كل مساء.
    كيف يفارق ذلك الحي الذي فيه حاجة عاشة المرأة الطيبة الحنون التي ما أن تراه حتى تلقي هي
    و ليس هو كل حبها لأولادها في صدره و يظل في حضنها إلى أن تكتمل كل طقوس الحنان
    الذي توزعه مجاناً لكل أبناء الحي و كأنها بذلك تعيد إبنها الذي سافر في رحلة مجهولة الأمد و مقطوع منها الأمل
    و يستحيل فيها عودته لأن كل ذي غيبة يؤؤوب إلا غائب الموت لا يعود.
                  

07-20-2016, 06:36 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اقسم بالله أنه كان يتلقى تحية الصباح و يلقي تحية الصباح لنفحة الصباح البدري
    و هي تمسح الوجوه النائمة و يلقيها حتى للطيور التي تأتي عند كل صباح لتلتقط الحب
    الذي تدخره لها والدته للطيور و هي ترتقب مجيئها كل يوم. كيف لا تجيء تلك الطيور
    و قد ادمنت تناول الحَب الذي تنتظرهم به والدته، و هي تنظر مجيء الطيور المسافرة
    في صفحة السماء لتهبط آمنة مطمئنة في فناء الدار لتلقط وجبتها ثم تنطلق في فضاء الله الواسع.
                  

07-20-2016, 06:53 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كان منذ أن يلقي الليل سدوله يحضن إبنه و إبنته في صدره و إلى جواره و يبدا في سرد القصص اليومية.
    كانا يجدان في قصصه عوالم خرافية تسرح فيها الحيوانات الأليفة و الطيور و حوريات البحر .
    و يجدون فيها البحار و الأنهار و الاسماك الملونة. قصص كان يحرص أن تزرع فيهم الامل
    و الرجاء قصص تتنوع مداراتها ما بين وصول المسافر و درس النعجات الثلاثة و الغناء
    اليومي للبلبل الصداح و رسالة الخروف إلى والده بعد أن تم ترحيله من حقله.
    و كان تلك القصص التي يسردها عليهم تتضمن بلا قصد منه أو ترتيب مسبّق ذكرياته
    و مخاوفه و آماله و احلامه. كان ذلك السرد ياسرهم و يهديْ مخاوفهم و يسري في خيالهم
    كما يسري الكرى حانياً و هادئاً في تلك العيون الجميلة الوادعة فيسرق خلسةً متابعتهم لسرد
    والدهم الحنون ليأخذهم في حضنه الدافيء. فيحملهم والدهم الشاب الحنون في عطف
    و رقة واحدا إثر واحد إلى مراقدهم و يغطيهم بالدعاء الصامت و الأماني الصادقة
    ثم يختم ذلك بأن يسحب عليهم دثارهم ليقيهم شر البرد
    و الحشرات الهائمة ثم يستودعهم في سره للذي لا تضيع ودائعه.
                  

07-20-2016, 07:41 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كان يلتقي كل صباح بمن كان صديقه و من كان يسمر معهم
    و من يلتقيهم دائماً و بمن احياناً. كما كان يلتقي صدفةً
    بمن كان يحبها و من كانت مقيمة على حبه في صمت، و لا تزال.
    و لكنه كان يتعلل بالقسمة العنيدة التي تماثل القرعة
    ليس لمن تقع عليه خيار إلا أن يرضى بما قسمته و اختارته.
    كان يرى في نظراتها الحسرة و في عينيها السماح.
    و ماذا كان ليفعل إذا كان خيار المثنى و الثلاث و الرباع عصي عليّه
    لأسباب شتّى و إلا لكان قد ارضى من تحب و اوفى لمن وعد.
    و لكنها الدنيا فليس كل ما يتمنى المرؤ يدركه.
    ها قد جاء ذلك اليوم الذي كان يرتجيه كان يتمناه
    و يخاف منه. كان يدعو في سره أن يأتي و لا يأتي ذلك اليوم.
    و لكن الله غالب على أمره.
    فقد مرت الأيام و لكن ذلك اليوم الذي ينتظره و يخافه قد جاء.
    جاء بعد أن ازاح سُدُل الزمان و الايام ليأتي هكذا منتصباً امامه
    و يدعوه للإستعداد للرحيل.كأنه السجان ينتظره ليأخذه للتنفيذ.
                  

07-20-2016, 09:00 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    جاء اليوم الموعود.
    و كان لا بد من الفراق و الاستجابة لنداء السفر و الغربة.
    هذا هو الإغتراب الذي كان يتمناه و يخافه في نفس الوقت.
    يتمنى الإغتراب ليروي ظمأه من ماله و لتمتلي جيوبه
    من عملاته الصعبة والحرة. و تنتفخ حقائبه من خيراته الوفيرة
    ، ليشبع غروره و ليروي ظمأه و ليحقق أمنياته الدفينة
    بتوزيع الهدايا في رضىٍ كغنائم حرب على الأصدقاء
    و الأحباب و الجيران. و لكل من يسأل عنه في غيبته؟
    و بالله من لا يسأل عنه ؟ و من لا ينتظر اوبته سالماً غانماً؟
    .و هو الذي رضع حب الناس و حب المساكين و رحمة المحتاج
    و مساعدة الضعيف مع أول رشفة رشفها من حليب إمه.
                  

07-20-2016, 09:19 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هذه قصة واقعية. و هي قصتي مع الإغتراب.
    دخلت اليوم المكتب و وجدت رغبة غامضة و ملحة تضغط علي لكي أكتب وقائع تلك الرحلة
    التي قدت فيها سيارتي لأعود للوطن بعد مرور شهور فقط على اغترابي.
    و لأنها كانت رحلة فيها بعض الأخطار و المخاطر التي لم اكن أعلمها و لكنها الحمد لله مرت بسلام.
    و لما بدات اكتب عن تلك الرحلة المثيرة صباح اليوم وجدت نفسي أبدا من بداية الفكرة في الإغتراب
    و بكل احاسيسي بدات أكتب تلك الذكريات التي بدات عام 1998 و لكنها باقية بتفاصيلها في الذاكرة.
    و ما كتبته و ما ساكتبه أكتبه بكل حواسي و بكل صدق و بكل تفاصيله.
                  

07-20-2016, 09:30 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اواصل ما انقطع:
    قبل يوم السفر بدأ يطوف على الجيران ، على الأصدقاء ،
    على الأحباب.الصغار و الكبار. حتى منظر البيوت و الشوارع
    و الأبواب و النوافذ لم يشبع منها. حتى أصحاب الحوانيت
    في الحي أخبرهم بأنه مسافر.و كذا صاحب محل الخضار
    الوحيد في الحي. كلهم كانوا يدعون له بالسلامة
    و كان يرى صدق دعواتهم التي في قلوبهم في رفة نظراتهم
    و في عيونهم اللامعة والدمع يطفر خفية في أطرافها.
    لم ينم بالطبع تلك الليلة كان همه همٌ كثيف؟
    كيف يودع كل هؤلاء؟ الاب الحنون
    الوالدة الشفوقة... الإخوة الاحباء .
    ...الأصدقاء الأعزاء....الأحباب.... الجيران.
    تابع
                  

07-20-2016, 09:30 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    اواصل ما انقطع:
    قبل يوم السفر بدأ يطوف على الجيران ، على الأصدقاء ،
    على الأحباب.الصغار و الكبار. حتى منظر البيوت و الشوارع
    و الأبواب و النوافذ لم يشبع منها. حتى أصحاب الحوانيت
    في الحي أخبرهم بأنه مسافر.و كذا صاحب محل الخضار
    الوحيد في الحي. كلهم كانوا يدعون له بالسلامة
    و كان يرى صدق دعواتهم التي في قلوبهم في رفة نظراتهم
    و في عيونهم اللامعة والدمع يطفر خفية في أطرافها.
    لم ينم بالطبع تلك الليلة كان همه همٌ كثيف؟
    كيف يودع كل هؤلاء؟ الاب الحنون
    الوالدة الشفوقة... الإخوة الاحباء .
    ...الأصدقاء الأعزاء....الأحباب.... الجيران.
    تابع
                  

07-20-2016, 09:38 AM

Adam Youssif
<aAdam Youssif
تاريخ التسجيل: 03-26-2015
مجموع المشاركات: 576

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    الاخ محمد عبدالله الحسين
    واصل واصل
    متابعنك النضمي بالنضمي
                  

07-20-2016, 09:47 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: Adam Youssif)

    شكرا للأخ ادم يوسف على متابعتك الكريمة:
    اواصل:
    كيف يودع كل هؤلاء؟ الاب الحنون
    الوالدة الشفوقة... الإخوة الاحباء .
    ...الأصدقاء الأعزاء....الأحباب.... الجيران.
    و فوق كل ذلك الزوجة العزيزة و الصغار الزغب،
    الذين كان الفراق يطوف على خيالهم كطائر كاسر مخيف.
    لا يفهمون معناه و لا كنهه، لكنه يدركون أنه شيء كريه
    سيحرمهم من أبيهم الحنون الشفوق الذي يداري عنهم كل يخافونه
    و ينثر عليهم الحب حلوى و قصص و ابتسامات تهدهد مخاوفهم.
    كيف يسافر و لم يشبع من رؤية النيل
    و لا وداع الأشجار الحبيبة في شاطئه النبيل.كل الأشياء
    و الرموز التي كان يمر عليها مرور الكرام اصبحت تستوقفه
    و كانه تطلب منه أن يودعها.
    في صباح ذلك اليوم انهمرت الدموع مدرارا ... و
                  

07-20-2016, 12:40 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    جاء الليل و أنا غداً سأسافر .إذن ساعات فقط تفصلني عن مفارقة من احب.‏
    قضيت وقت العصر و المساء و أنا اودع الصحاب ‏
    و الاهل و الجيران في غير تركيز و انا مشوّش الفكر
    ‏ و الوجدان و العاطفة و المشاعر.‏
    لكن ما كان يقلقني هو كيف سأودع والدي و إخوتي ‏
    و ابنائي و زوجتي؟ إنه اختبار مزلزل. تُختبر فيه رجولتي
    ‏ و تماسكي و قدرتي على التحكم في دموعي و مشاعري.‏
    ‏ فقد تربينا على ان نزول الدموع من عيون الرجال عيب.‏
    فلابد إذن من التماسك و كتم المشاعر و حبس الدموع. ‏
    و لكن كيف احبس دموعي، و انا أبكي سراً منذ ثلاثة ايام؟
    ‏ كيف اكتم مشاعري و انا سريع جريان الدمع من العيون .؟
                  

07-20-2016, 12:53 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    قررت ان ابدأ المواجهة الختامية لوداع الاحبة على مراحل.‏
    سوف أبدأ بودع والدي و والدتي و اخي و أختي في ‏
    المنزل الكبير كمرحلة أولى. و ليكن ذلك ليلاً على اعتبار
    ‏ أنني سوف أغادر مبكراً. فانجزت المهمة الحزينة ليلاً. ‏
    و أنا انتقل من حضن إلى حضن في صعوبة و ‏
    افتك بعد لأي من هذا لأمسك هذا و الدموع تتساقط ‏
    بيننا لا فرق بين دموعي و دموع الوال أو الوالدة أو ‏
    الأخ أو الأخت .المهم كان وداعا حارا و مؤلما و
    ‏ كانت لحظات ثقيلة و أنت تنسل من بين احضان ‏
    من تحب في رحلة مجهولة الأمد غير معروفة ‏
    المصير و المآل .و ما بين الأحضان الصادقة التي ‏
    أكدت لي من جديد صدق مودتها و المدموع الحارة ‏
    السخينة التي كوتني بنارها..ثم بدات خطوات الإنسحاب
    ‏ المنهزم و انا اتقهقر لخارج المنزل و تبعوني إلى ‏
    خارج المنزل و انا اتراجع و اتراجع في خطوات ‏
    غير محسوبة لأن الحساب الختامي معروف نهايته
    ‏ ...الفراق المر.‏
    ‏ خلال طقس الوداع الأخير كان الظلام نصيري ‏
    فلم يرى أحد دموعي. و غادرت المنزل الكبير ‏
    إلى منزلي و الحزن يطيح بي يميناً و يساراً و
    ‏ وجهي يغطيه الدموع و احشائي ملؤها الحزن و الألم..‏
                  

07-20-2016, 01:29 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كما ذكرت لم أكن أنوي أن أسرد تلك اللحظات المؤلمة و لكنها فرضت نفسها على قلمي ‏لأكتبها قبل أن أكتب ما اود ان اكتبه من تلك الرحلة المثيرة.‏
    لابد ان تلك الذكريات ظلت منطبعة طيلة ستة عشر عاما ‏
    ليس في الذاكرة فقط بل في الوجدان و الشعور و اللاوعي ‏
    و اللاشعور و الامكان و لكنها تكمن في كل مكان و ‏
    في كل شعور في مكان غير محدد من ذاكرتي الواعية
    ‏ و من وجداني في حلمي و في يقظتي. إنها بذلك تعلن
    ‏ عن خلودها تعلن عن سرمدية تعيش في كل مسامامي ‏
    و في كل الهيولى التي تحيط بي. ..إنها في كل مكان.‏
    و لكنها تكمن هكذا في مكر. متحفزة و متيقّظة لتخرج ‏
    من مكمنها عند اي ذكرى او كلمة للوداع او الإغتراب. ‏
    عدت إلى منزلي الصغير و مسحت في حزن ‏
    و تؤدة و ألم دفين سرير ابنائي و هم مغمضي ‏
    العيون مفتوحي الافواه و وجوههم تنضح بالبراءة
    ‏ و الطيبة .‏
                  

07-20-2016, 02:11 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    عدت إلى منزلي الصغير و مسحت في حزن ‏
    و تؤدة و ألم دفين سرير ابنائي و هم مغمضي ‏
    العيون مفتوحي الافواه و وجوههم تنضح بالبراءة
    ‏ و الطيبة . فاثارني منظرهم المستسلم و ملامحهم البريئة السمحة ‏
    و أسلمني مرأهم للحزن الشجي و الألم الوجداني المبرح.‏
    ‏ ساعات فقط يا ابنائي و تستيقظون و لا تجدون والدكم الحبيب .‏
    طيلة الليل كان الأفكار و الهواجس و همسات ‏
    الشجن و تهويمات الفراق تأخذ بي ‏
    و تطيحني في هاوية من الاسى لا آخر لها ‏
    كأنني خارج الكوكب و خلت نفسي خارج إيقاع الزمان
    ‏ و ترتيبات الوجود.‏
    من فيهم يا ترى سيكون آخر ‏
    ‏ لقائي به ؟ ‏
    أهو والدي؟ ‏
    اخي؟ ‏
    أختي؟ ‏
    والدتي..؟

    لا ..لا.. لا و لا واحد منهم. كلهم أحبتي .‏
    كلهم يشكلوني عالمي الخاص الذي آوي إليه
    ‏ إذا اشتدت عيّ الهموم و وجدت نفسي مغلوب على أمري. استطيع تحمل ذلك.. ‏
    فاعمد إلى قطع حبل أفكاري بنفسي. ‏
    ثم أسأل الله في سري أن لا يكون ذلك آخر لقاء لي مع أي منهم.‏
    جاء الصباح الباكر و تبقت لي الخطوة الأخيرة في
    ‏ وداع الأحبة. صغاري الثلاثة نائمون و الحمد لله ‏
    بعد ان استباحهم الكرى و اراحهم .و بالتالي كفاني ‏
    الله مؤنة وداعهم الحار. و الذي كان سيكون ممزوج
    ‏ بلا شك بالبكاء و النحيب و بالتمسك و الإلتصاق بي.‏
    ‏ و كيف سيكون الفكاك حينئذٍ؟ ‏
    تفاجأت في آخر خطوة لي لوداع زوجتي بانها تبكي ‏
    بكاء مراً. و لم اكن أتوقع ذلك لانها دوما متماسكة. ‏
    فابكاني ذلك الموقف المفاجيء. و انهيت مراسم ‏
    الوداع الختامية بسرعة و اسرعت إلى السيارة التي ‏
    تنتظرني لأواري بقية مشاعري داخلها. و انا ادخل ‏
    إلى السيارة التي تنظرني،و طول الطريق كانت ‏
    الدموع تنسال مني مدرارا.و الأسى يأخذ مني كل مأخذ.‏
    ‏ و هكذا افارق الأهل و الأحبة و الأبناء و الرفيقة.‏
    و بعد ساعات سافارق هواء الوطن و نسماته الشتائية ‏
    و ملامح مواطنيه الاحباء.‏
                  

07-20-2016, 08:35 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ملحوظة:‏
    نسيت في غمرة اندماجي في الكتابة و تأثير استعادتي ‏لاحاسيس تلكم الأيام أنني تحوّلت دون قصد مني من ضمير ‏الغائب إلى ضمير المتكلم عند سرد الحكاية. كما اكتشفت بعد ‏مراجعة عجلى أن هناك كثير من الأخطاء الإملائية التي لا سبيل ‏لتصحيحها الآن لكثرتها .و لو أتيحت لي فرصة للكتابة المتأنية ‏لكنت قد تفاديت بعض ما وقعت فيه من أخطاء بسبب التسرع ‏وظروف الكتابة غير المواتية..فليعذرني إخوتي و اخواتي من ‏القراء.‏
    فلنواصل:‏
    بعد دقائق من الوداع المر الذي لم تزل مرارته باقية في الفم و ‏في المشاعر
    و في الوجدان وجد نفسه أمام الأمر الوقائع...أمام ‏الصفوف التي تتكدس
    في التواءت عشوائية و إنبعاجات غير ‏منتظمة امام الحقائب و (الكراتين) المتناثرة.
    و بين جموع ‏المسافرين و المودعين...و الزحام الذي سد الطريق امام ‏المدخل.‏
    كان قد انزل حقيبته الصغيرة الوحيدة . يشعر بانه الآن و كانه ‏قد انتقل إلى عالم آخر
    أو مرحلة برزخية ودع فيها العالم الذي ‏الفه و احبه.,عالم ترك فيه احبته و اعزاءه
    إلى عالم مهما يكن ‏البريق الذي جذب الآلاف من المغتربين لكنه لم يفلح في ‏إغرائه
    على الأقل حتى الآن. إنه عالم بلا شك جامد و كئيب و ‏بارد الإحساس.. إنه عالم الكفيل
    و ما ادراك ما الكفيل. عالم ‏القيود ، عالم العبودية الإختيارية و الدوام الطويل كما سمع أنه. ‏
    عالم لا تنقضي فيه الليالي الطويلة الشاحبة الملامح إلا بلعب ‏الورق. و ماذا سيفعل هو امام
    هذه الصورة القاتمة للحياة التي ‏سيذهب إليها؟ و هو الذي اعتاد على قضاء بهجة يومه
    بين ‏رائحة الاعزاء والاحباء من افراد الاسرة و الرفاق و الصحاب و ‏حتى العابرين
    و المتسكعين دونما قصد و دونما هدف كانوا ‏يجدون لديه الوقت ليجاملهم.‏
    كيف سيعتاد على هذه الحياة و هو الذي اعتاد على قضاء الامسيات بالترنم مع اغنياته ‏
    المفضلة و السهر مع قراءة الروايات و القصص و القصائد الشعرية و المجلات الثقافية ‏‏.
    ترى هل سيجد بعض ما ترك هناك؟ هل ستتاح له الفرصة لممارسة هواياته؟
                  

07-20-2016, 09:36 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مدّ اليد بجواز السفر لإكمال إجراءاته .الجميع أمامه ‏
    و خلفه و بجانبه في إهتمام و عزم لإكمال إجراءاتهم ‏
    و قد فارقتهم روح المجاملة و الإبتسام. ‏
    منذ الآن بدت تتضح ملامح الحياة التي تنتظره. ‏
    ساعة من الزمان مرت ثم وجد نفسه داخل الظائرة. ‏
    لا مجال إذن للتراجع او تغيير الراي فقد اصبح الآن امامه طريق ذي اتجاه واحد .‏
    صعد سلّم الطائرة .وجد الطائرة ممتلئة و المقاعد ..‏
    ‏....كلهم يتزاحمون للسفر من اجل بريق المال و الكسب .‏
    ‏ يستبدلون به الحياة التي الفوها و عرفوها و احبوها إلى حياة مجهولة. غداً ستصبح مثلهم ‏‏. سوف تتخلى كما يتخلون هم طواعية عن احبتهم، و يجرون وراء ابواب الخروج و متاهات ‏الفراق و البعاد.‏
    بعد أن وصل في تفكيره إلى تلك النقطة بدأ يحس بغير قليل من الصمود و شدة الباس.‏
    جلس في المقعد الشاغر بجانب في المقعد شابة لدنة رقيقة الملامح
    ‏ و المشاعر تفوح من نبراتها و صوتها بعض من ملامح حياةٍ قروية محببة.‏
    ‏ دقائق استعاد فيها بعض من ملامح الذين من حوله ...و نسيَ مؤقتا ‏
    الوداع بطقوسه الدموعية الساخنة و احضانه الدافئة و عيونه المحمرة و دموعه الساكبة.‏
    كان معها طفلين يقلان في عمريهما عن عمر اطفاله بسنوات قليلة . ‏
    سال المراة في محاولة لتكسير الجليد الذي شعر بأنه لم يكن صلباً : ‏
    ‏- مسافرة إلى الدوحة؟ ‏
    ‏- لا....إلى مسقط..زوجي يعمل هناك.‏
    ‏- و انت؟ ‏
    ‏- مسافر إلى الدوحة
    ‏- هل تعمل هناك؟
    اجابها ‏
    ‏- لا. ..( و كانه يعتذر او كأنه يحاول استدرار عطفها):...هذه اول مرة اسافر .‏
    ‏ احسس بنظراتها تفتش عن معلومات إضافية؟
    ‏- متزوج ؟
    ‏- نعم
    ‏- لديك اولاد؟
    لماذا تصر هذه الشابة القروية الجميلة ان تعيده إلى النقطة التي طالما يحاول الهروب ‏منها؟
    إلى تلك اللحظات التي كان يحاول جاهداً ان ينساها ،و لو مؤقتاً .‏
    الآن احس بها و كأنها تحمل مشرطاً حاداً . أو كأنها تفتح مستودع الآلام الذي افلح بعد ‏لأيٍ في إغلاقه.‏
    و تهدج صوته: ن ن ن ع...م
                  

07-20-2016, 09:47 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ‏- متزوج ؟
    ‏- نعم
    ‏- لديك اولاد؟
    لماذا تصر هذه الشابة القروية الجميلة ان تعيده إلى النقطة التي طالما يحاول الهروب ‏منها؟ إلى تلك اللحظات التي كان يحاول جاهداً ان ينساها ،و لو مؤقتاً .‏
    الآن احس بها و كأنها تحمل مشرطاً حاداً . أو كأنها تفتح مستودع الآلام الذي افلح بعد ‏لأيٍ في إغلاقه.‏
    و تهدج صوته: ن ن ن ع...م
    ثم تفاجا و تفاجات هي بالدموع تنسكب في غزارة من عيونه.‏
    ‏- مسكيين... قالتها بصوت منخفض .لكنه سمعه .‏
    خلال ثواني استحالت الرؤية امامه جراء فيضان الدموع
    الذي ما ان كفكفها إلى انبثقت من ‏جديد و احمرت عيناه.‏
    شعر كأن كل ركاب الطائرة ينظرون إليه في شفق’‏
    شعر بالخجل لحرج موقفه. و لكن لم يراه غلا المراة التي تجلس بجانبه و الاطفال
    الذين ‏حاروا لمنظر الشاب الذي يبكي و المضيفة التي وقفت امامه تمد له كوب الماء.‏
    دقائق عشرة مرت في صمت. استطاع بعدها كفكفة دموعه بعد ان انتقل إلى مقعد
    آخر بعيداً ‏عن مكمن الأحزان و مبعث الذكرياتز
    ثم كمن في مقعهده الجديد كراكب جديد.‏
    مر زمن لم يدري ما مقداره حتى سمع نداء الميكرفون الداخلي بربط الاحزمة استعدادا ‏للهبوط.‏
    نصف ساعة و كان بين أحضان شقيقه و اسرته و بين احضان أحباء بديلي.‏
    و هكذا انتهت المرحلة الأولى و سنواصل إن شاء الله إلى المرحلة الثانية:‏
                  

07-21-2016, 08:24 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    هل يا ترى يستحق الإغتراب كل هذا الالم؟
    و كل هذه العذابات؟
    و كل هذه الجرسة؟
    و هل العائد منه يتناسب مع الفراق الأسري؟
    و فراق الاحبة؟ و المخاطر؟
    و المآسي؟
    و المخازي؟
    و البلاوي؟
    و الغربة؟
    و البعاد؟
    و التضحيات الأخرى؟ العظام، و الجسام، و المنظورة و غير المنظورة؟
    اجيبوني بصدق إن كنت للحق و بالحق تنطقون!

                  

07-22-2016, 08:56 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    الآن انتهى الجزء الأول من الموضوع.‏
    و هو مقدمة للموضوع الرئيسي ‏
    و لكن المقدمة فرضت نفسها لأنها ‏
    كانت تفرض نفسها عليّ و على مشاعري منذ سنوات.‏
    ملحوظة هامة:‏
    بالرغم من أنه الموضوع تابعه الكثيرون ‏
    و قرأه أكثر من ألف قاريء لكن لم يعلق عليه بي زين أو شين غير نفر واااحد ‏بس.‏
    و أنا لا بزعل و لا بغضب من النقد في الموضوع البكتبو. ‏
    بالله اكتبوا قولوا أي شيء كويس و لا نقد و لا أي حاجة.‏
    و بطلوا الحساسية دي بالله. ‏
    و الأهم كمان بطلوا الدغالة!‏
                  

07-23-2016, 01:07 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    up
                  

10-21-2016, 08:16 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)


    أهلا من جديد..
    ممكن نواصل؟
    مرت ثلاثة شهور تقريبا منذ آخر مرة كنت أواصل الكتابة في الموضوع.
    و لكن ماذا نعمل مع المشغوليات و زحمة الحياة.
    سأحاول أن ألملم أطراف الخيط من جديد
    فعذرا يا صحاب و يا رفاق و يا أخوان و يا قراء و أعضاء و ..
    فحديث الغربة ذو شجون لا يدانيه شجون مهما حكينا و مهما روينا.

    فاعذرونا لو كنا ندور و ندور ثم نعود إلى نقطة البداية فنحن هكذا مثل ثور الساقية.


                  

10-21-2016, 10:58 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    قد يكون هناك بعض التعديلات أو الترتيبات في سرد القصة فتحمّلوها حيث أن طول الفترة الزمنية استدعى بعض المراجعات.-----------مددت اليد بجواز السفر لإكمال إجراءاتي . كان الجميع من حولي و أمامي
    و خلفي ‏في انتباه و تركيز ممزوج بالإهتمام و القلق و العزم البادي في الملامح و الحركات ‏و هم وقوف
    لإكمال إجراءاتهم و قد فارقتهم روح المجاملة و الإبتسام. إذن من ‏الآن بدأت تتضح ملامح الحياة التي تنتظرني.
    ‏ساعة من الزمان مرت ثم بعد دفع و تقدم و تراجع أنتهيت. ‏صعد سلّم الطائرة .وجد الطائرة ممتلئة
    و المقاعد ...كلهم يتزاحمون للسفر . ‏بالطبع لكل واحد منهم حلمه الخاص. فمن تنتظره خطيبته
    و من تنتظره زوجته و ‏أولاده.و من ينتظره أهله. لكل واحد منهم حلمه الخاص. كلهم يسعون
    و يركضون ‏وراء الحلم. هو الحلم من أجل المال.ذلك الغول ذلك الوحش الكاسر الذي يفرق ‏الإخوة
    و الصحاب و يستعدي القوب المتآلفة فتتباعد . إنه المال يستبدلون به ‏الحياة التي الفوها و عرفوها
    و احبوها غلى حياة مجهولة. غداً ستصبح مثلهم ‏سوف تتخلى كما يتخلون هم طواعية عن احبتهم
    و يجرون وراء ابواب الخروج من ‏الوطن إلى ساحات الهروب الإختياري إلى متاهات الفراق
    و صحارى البعاد الجافة. ‏جعلتني تلك الخاطرة أحس بشيء من الراحة و بغير قليل من الصمود
    و شدة ‏الباس.‏و هكذا وجدت نفسي أخطو إلى داخل الطائرة. لا مجال إذن للتراجع او تغيير الراي
    ‏فقد اصبح الآن امامي طريق ذي اتجاه واحد . المضيفة تبتسم إبتسامة مصطنعة ‏تتواءم مع واجبها
    و أنا لا أهتم إلا بالدواخل الصادقة.ناولتها بطاقة الصعود و ‏قادتني إلى مقعدي.‏

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 10-21-2016, 04:35 PM)

                  

10-21-2016, 04:22 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    جلست في المقعد الشاغر الوحيد . جاء مقعدي بجانب شابة لدنة رقيقة الملامح و ‏براءة الريف
    كانت تلوح من ملامحها و من نبرات صوتها. بجلوسي قرب تلك الشابة و طفليها ‏نسيت مؤقتا ...
    ...الوداع المؤلم بطقوسه الدموعية الساخنة و محاولات الفكاك من الأحضان ‏الدافئة و من
    مرأى العيونه المحمرة الذاهلة عند لحظات الفراق.هربت من ذكرى الدقائق الفائتة ‏المضمّخة
    بسحائب الدموع السواكب و نهنات الوداع و أدعية الأحبة بعودٍ ميمون.‏وجدت تجلس بقربي في
    المقعد. كان معها طفلين يقلان في عمريهما عن عمر ‏اطفالي بسنوات قليلة..
    باحاول أن نسى كل ما حدث منذ الصباح
    فأسأل المراة الشابة : ‏‏
    مسافرة إلى .....؟ ‏‏
    - لا....إلى (..............) حيث يعمل زوجي هناك.‏‏-
    - و انت؟
    - أنا ذاهب غلى .....
    - هل تعمل في (....)؟
    - اجبتها و كاني اعتذر او استدر عطفها: لا. هذه اول مرة اسافر .‏‏
    احسست بنظراتها البريئةتفتش في فضول عن معلومات إضافية؟‏
    - متزوج ؟
    ‏- - نعم
    لحظات ثم القت بالسؤال الذي كنت أتمنى أن لا تسأله .
    و كنت أحاول أن أنسيها تسلسل الأسئلة بالهروب و الالتفات ناحية النافذة .............
    .....لكن ‏مذا أفعل مع فضولها القروي ؟
    حاصرني ...رغم تحفظي. ‏‏..فاسترسلت:
    .. لديك اولاد؟
    يا لله! هذا ما كنت أحاول الهرب منه! ‏......

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 10-21-2016, 04:32 PM)

                  

10-21-2016, 06:39 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    ثم القت بالسؤال الذي كنت أحاول أن أهرب مني بالالتفات ناحية النافذة ...لكن ‏فضولها القروي حاصرني .......
    .............رغم تحفظي. ‏
    ‏- .. لديك اولاد؟
    يا لله!
    هذا ما كنت أحاول الهرب منه! ‏

    لماذا تصر هذه الشابة القروية الجميلة التي اراحني ملامحها البريئة من أو لحظة ‏....
    ................و كأنها تريد معاقبتي على حسن ظني ابالمظهر الخارجي...بمجرد الملامح؟
    لماذا تستدرجني ببراءتها البادية إلى هذه النقطة المحرّمة...
    ..................النقطة التي أحاول ‏تخطيها مسرعاً لكنها تعيدني إليها.‏
    أنظر خارج نافذة الطائرة و لا أرى بالطبع إلا زجاج النافذة الغائم و صورة أولادي و ‏هم يتقافزون .و هم نائمون و هم ...‏
    ‏.........يا ترى ماذا يفعلون الآن.؟
    الآن احس كأن تحمل مشرطاً حاداً قد فتح كل مكامن الأحزان داخلي .....
    ................. و أحس ‏بتلبّد في الجو داخلي و بتشابك في مسارات أعصابي
    تسيل دموعي رغما عني فأحاول مدارة خجلي و ضعفي الرجولي المشين و لكن ‏دون جدوى. ‏
    كأن المرأة الشابة احست بالحرج و ربما بالوجل و الارتباك فمالت للأمام و تنظر ‏لترى أي
    بركان خامداً فجرته و أي احزان كان مسنخفية في الوجدان فأزاحت عنها ‏الغطاء!‏
    نظرت إلي في حذر ممزوج بالوجل و الخفر نظرات طفر منها كل اسى يمكن أن تتخيله
    يخرج من شابة ‏غريبة أمام رجل غريب انكشفت كل دواخله و بان ضعفه .....و
    ....و فقد زمام مشاعره. نظرت إلي في اسى و كانها كانت تود لو سمح موقفها ‏بمسح دموعي. ‏
                  

10-21-2016, 08:29 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    كأن المرأة الشابة احست بالحرج و ربما بالوجل و الارتباك فمالت للأمام علّها تستطيع أن ترى أي بركان خامداً
    فجرته و أي احزان كان مسنخفية في الوجدان فأزاحت عنها ‏الغطاء!‏نظرت إلي في حذر ممزوج بالوجل و الخفر
    نظرات طفر منها كل اسى يمكن أن ‏تتخيله يخرج من شابة غريبة أمام رجل فقد زمام مشاعره.
    نظرت إلي في اسى و ‏كانها كانت تود لو يسمح الوضع بمسح دموعي.‏متابعة: ‏نظرت من بين
    دموعي و بين الإحمرار في عيوني المحمرة فوجدت المضيفة تمد إلي ‏بكوب ماء و مناديل ورقية .
    استطعت أن أرى من بين المضيفة الواقفة و نظرات ‏الشابة الريفية عيونا فضولية لركاب
    فضوليين في الصف الجانبي و الصف الأمامي ‏يستطلعون ما يجري. زاد خجلي من نفسي
    ودِدّت لو أستطيع أن أغوص في ‏مقعدي.....و لكن.‏ساعة مرت ثقيلة مرت و أنا أحاول
    استعادة جأشي الذي ضاع مني في لحظة ‏مفاجأة . إن كان للفضول من حولي من فضل
    فقد جعلني أتغلب على مشاعري و ‏أن أحاول لوم نفسي على تفريطي في مشاعري
    الخاصة للكل. فحاولت أن أنسى ما ‏حدث و أن أبدو طبيعيا ...على الأقل لمن حولي.
    ‏أنقذني من ذلك الوضع الحرج و تثاقل مرور الوقت إنشغال القوم فجأة مع ربط الأحزمة
    و الانتباه لدفع ‏المقاعد للأمام و مرور المضيفات بنظراتهن الفاحصة و إشاراتهن المؤنّبة
    أحياناً. حمداً لله فقد انشغل ‏من حولي بما هو أهم مني. دقائق بطيئة مرت و بدأ الجميع
    في لهفة يفكون الأحزمة و يقفون إستعداد ‏لإنزال أمتعته من الرفوف. دقائق و وجدت ن
    فسي أصطف معهم فقد نساني من ساقه الفضول قبل دقائق ‏و كأنهم لا يعرفوني.
    نفضت حزني و ضعفي و هواني و وقفت منتصبا في صوت الركاب اذين يتهيأون ‏للنزول.‏

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 10-21-2016, 09:02 PM)

                  

10-22-2016, 08:02 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    أفلح ازدحام المطار الباذخ الاناقة الشديد الإتساع في إزالة ‏سحائب التوتر النفسي و الإحتقان العاطفي الذي حدّ من
    ‏تواصلي مع ما يحيط بي بشكل طبيعي طيلة يوم امس.طيلة ‏الشهر الاول من وجودي في تلك البلد الخليجية كنت احاول ‏
    ان انغمس بكلياتي في حياتي الجيدة لكي اخفف وطاة ‏احساسي بالباد و الفراق و الغربة.أعرف أن الكثيرين ‏يغبطونني
    على هذ الفرصة التي أتيحت لي بالسفر للعمل في ‏الخليج.ولكني اعرف أنهم لا يدركون ما أشعر بي أنا ‏حقيقة.فأنا آخر
    من كنت أظن أنني سوف اسافر للخارج ‏مهاجرا بحثا عن عمل. و لكنها الأقدار المكتوبة.‏بعد ثلاثة شهور من البحث
    و التوصيات و التقديمات وجدت ‏وظيفة لا بأس بها و لكنها مغرية بحساب من يودون الهجرة ‏من شبان بلادي. أنغمست
    في العمل الجديد.و في الحياة ‏الجديدة.يمكنك أن تتخيل أنك مجبر على أداء عمل لا تشعر ‏في أدائه بأي استمتاع أو لذة
    و بحياة ( ماسخة عجوز كما ‏يقول شاعرنا محمد المكي ابراهيم).‏بعدت عن ونسات الأصدقاء و الأصحاب
    و عن رؤية فتيات ‏بلادي السمراوات و هن يلهمننا القصائد و الفرح و ‏الشاعرية.بعدت عن الحياة البسيطة
    و عن اسلوب الحياة ‏العفوي و عن التلقائية في القول و الحركات و السكنات.‏ب
    ماذا أحلم و أنا هنا بعيد؟
    كان عندما يضيق بي المكان و ‏المزاج أضع القلم و أسرح مع الكابلي عندما يطير بنا إلى ‏ربوع جبل مرة في
    أغنيته السابحة بين سحاب الجبل أو إلى كسلا و (الأباريق ‏صرعى)...
    ............... أو أتخيل نفسي قرب البئر و امتّع نفسي بمرأة فلانة ‏و بحسن عيونها(المتل الفناجين)
    فلانة( و الرقبة قزازة ‏العصير)...تائهاً في إنبهار بجمال الغيد
    قولي لي بماذا أحلم هنا؟
    بل كيف أحلم و في كل شوارع المدينة تنتصب رموز الحضارة الرأسمالية الشرهة...
    ....بكنتاكي ..... ماكدونالدز ....و بقية ‏أصنام حضارة اليانكي ؟
    قولوا لي ماذا أفعل؟
    هل أخبيء أحلامي في صدري ؟
    أم أتخلى عن رومانسيتي هكذا بكل بساطة أمام قشور الحضارة؟
    أم أبيع كل ما اكتسبته من مشاعر و خيالات و ما تشكّل في داخلي ...
    .....من ميول و إعجاب بكل جميل....و كل رقيق مقابل دراهم مغموسة بعرقي الغالي
    و بسهر الليالي و خبرات السنين؟تلك إذن قسمة ضيظى...و خسر البيع إن كان ذلك المقابل ...خسر البيع.

    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 10-22-2016, 04:46 PM)
    (عدل بواسطة محمد عبد الله الحسين on 10-22-2016, 04:52 PM)

                  

10-22-2016, 05:30 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مرت الأيام و الشهور.مرت كأنها سنوات. بل كأنها الدهور .و ‏التصقت في الذاكرة محطات و ذكريات عابرة
    لمحاولات جادة ‏لإدخاله في لعبة الغربة الخاسرة من أناس فضلاء و شباب ‏كادحون و رجال عركوا الغربة
    و عركتهم بثِفالها و لم تضع ‏الغربة بالنسبة لهم أوزارها بعد . حتى بعد أن اقاموا لديها ‏الثلاثين و الأربعين عاماً.
    فاعتادت عليهم الغربة كما اعتادوا ‏عليها. خبروا مداخلها و مخارجها و أزقتها و حواريها . صادقوا ‏ملائكتها
    و روّضوا شياطينها. و صاحبوا أجواءها الكالحة ‏بطقوسٍ هي للإستسلام أقرب. فاصبحت صورة الوطن في ‏مخيلتهم غائمة.
    و كذلك ذكريات الصبا و الشباب.فهم يستعيدونا ‏للحظات عندما يرن الهاتف فيلملون بسرعة و إنزعاج شتات
    ‏ذكريات هائمة ليثبتوا أنهم على عهد الوطن باقون و أن ارتباطهم ‏بالوطن ليس موضوعاً للتنازل أو المساومة.‏
    لم تعجبه تلك الحياة و لن تعجبه.فلجأ إلى المسكنات المؤقتة علّها ‏تخفف عنه نوستالجيا تناديه لتنفرد به .فتناديه من
    وسط ‏إنشغالاته و طقوس الغربة المملة. فيستجيب هو في استسلام ‏لاجئاً إلى كهف ذكرياته الحبيبة . هي في الحقيقة
    ليست ذكريات ‏محضة تلك التي كانت محبوسة في داخله و التي تود أن تخرج ‏للملأ. بل هي أحلام و أضغاث ذكريات
    و تهويمات و خيالات و ‏هوىً و بنات أحلام اللاوعي الحبيسة و التي لم تفارقه منذ أن بلغ ‏الحلم و التي يخجل
    أن يبوح بها إلا لزوار أحلام الليالي الهانئة الغائصة في ‏وسائد النوم الوثير. ...
    ........النوم الذي جافاه و لم يذق طعم هنائه منذ أن جاء ‏إلى تلك البلدة.‏
                  

10-24-2016, 04:50 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مرت الأيام و الشهور.مرت كأنها سنوات. بل كأنها الدهور .و ‏التصقت في الذاكرة محطات و ذكريات عابرة
    و محاولات جادة ‏لإدخاله في لعبة الغربة الخاسرة . هي محاولات جاءت من أناس فضلاء
    و من شباب ‏كادحون و من رجال عركوا الغربة و عركتهم بثِفالها. و لم تضع ‏الغربة بالنسبة لهم أوزارها بعد .
    حتى بعد أن اقاموا فها ‏الثلاثين و الأربعين عأعواماً حسوما.
    فاعتادت الغربة عليهم كما اعتادوا ‏عليها. فخبروا مداخلها، و مخارجها و أزقّتها و حواريها . صادقوا ‏ملائكتها
    و روّضوا شياطينها. و صاحبوا أجواءها الكالحة ‏بطقوسٍ هي للإستسلام أقرب.
    فاصبحت صورة الوطن في ‏مخيلتهم غائمة...بل شبه غائبة،و كذلك ذكريات الصبا و الشباب.
    فقد يستعيدون صورة ‏للحظات أحياناً عندما يرن الهاتف.. فيلملون بسرعة و إنزعاج شتات
    ‏ذكريات هائمة، ليثبتوا أنهم على عهد الوطن باقون. و أن ارتباطهم ‏بالوطن ليس موضوعاً للتنازل أو المساومة.‏
    بالطبع لم تعجبه تلك الحياة و لن تعجبه،و كيف تعجبه و هو يحمل صورة الوطن في داخله و بين جوانحه و في قيامه و قعوده.
    فلجأ إلى المسكنات المؤقتة علّها ‏تخفف عنه نوستالجيا عنيدة..نوستالجيا من الحنين الجموح تناديه لتنفرد به .
    فتناديه تلك النوستالجيا في عناد من وسط ‏إنشغالاته .تناديه لتنتشله من بين طقوس الغربة المملة.
    فيستجيب هو في استسلام ‏راضياً ،ليلجأ إلى كهف ذكرياته الحبيبة .
    هي في الحقيقة ليست ذكريات ‏محضة تلك التي كانت محبوسة في داخله. بل هي أحلام و أضغاث ذكريات
    و تهويمات و خيالات و ‏هوىً و بنات أحلام اللاوعي الحبيسة. و التي لم تفارقه منذ أن بلغ ‏الحلم و التي يخجل
    أن يبوح بها إلا لزوار أحلام الليالي الهانئة، الغائصة في ‏وسائد النوم الوثير. ...
    ........النوم الذي جافاه و لم يذق طعم هنائه منذ أن جاء ‏إلى تلك البلدة الباردة الأحاسيس.‏
                  

10-24-2016, 06:16 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    توضيح:
    كنت أنوي أن أكتب ذكريات محددة حدثت لي في الغربة و هي مغامرة قمت بها دون أن أدري بأنها مغامرة.
    و هي مغامرة سفري بالسيارة للسودان و معي أبنائي الصغار و لم أكن قد امضيت في الغربة
    أكثر من خمسة شهور و لكن الشوق للأهل و الوطن غلبني.و كنت قد سافرت بالسيارة
    بعد أن حزمت أمتعتي و أشواقي و قدت السيارة و توكلت على الله .
    و كان ذهني أعد لتلك الرحلة خالياً مما يمكن أن ألاقيه من عقبات متعددة .
    عقبات إدارية و عقبات رسمية و عقبات المرور و مخاطر الطريق و مفاجآت الخريف.
    الخريف الذي فاجأنا بهطله المفاجيء الغزير منذ وصولنا كسلا و حتى مدني.
    قمت بالرحلة و كل ذلك دون أن أتخذ اي احتياطات و تحوّطات(كما يقول المسئولون)...
    ..... لأنني كنت فقط مدفوعا بالحنين للوطن الذي لم تكتمل دورته لدي بل و لم أتذوقه بالكامل
    و لم أقاسيه إلا بضع شهور. فصادفت مخاطر جمة في تلك الرحلة لا أنساها أنا
    و لا أولادي حتى الآن فأصبحت ذكريات.و لكن ربي سلّم.
    المهم كنت أود أن اكتب عن ذكرياتي الخاصة عندما بدأت في كتابة هذا الموضوع.
    و لكن وجدت نفسي أحاول كسر النطاق الذاتي و أحلّق عاليا بحرية دون وعي مني
    لأحكي ذكرياتي و ذكريات غيري في الغربة و أن أحكي المشاعر المختلفة
    و المتضاربة و المتشابكة و ليس خبرتي أو تجربتي أنا فقط.
    فتلاحظون أنني استخدم ضمير المتكلم ثم انتقلت لضمير الغائب .فأرجو أن
    تعذروا و تتفهموا عدم التركيز و القفز المتكرر مما قد ينتج عنه تشويش للقاريء المتابع.
    أتمنى لكم إبحاراً سلساً و رفقة سعيدة مع ذكريات الغربة.
                  

10-24-2016, 07:44 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    إن كان للغربة من ميزة فهي تتيح لك الفرصة للنظر إلى داخلك لاختبار مشاعرك.
    الغربة باب موارب للتعرف على إنسانية البشر و على حقيقة البشر.
    الغربة مرآة تتعرف فيه على نفسك على حقيقتها.ترى فيها مكامن الضعف و القوة فيك.
    و لكن الغربة تضخّم لك نقاط ضعفك و تجعلك تواجه هزائمك و انكساراتك.تجعلك تواجه نفسك في شجاعة.
    و هكذا وجد صاحبنا في الغربة فرصة سانحة للتعرف على نفسه و رآها فرصة
    لكي يكتشف ذاته لكي يسقوّي مهاراته لكي يستعيد مواهبه و لكي يستعيد بعض من هواياته السابقة.
    خرج ليستكشف المدينة المدينة التي لم يحدد مشاعره تجاهها حتى الآن لأنه لم يراها
    لم يستكشقف ساحاتاها ناسها حواريها لم يختبرها بعد.
    -هل تحب مدينتنا؟
    لنفسه(سؤال محرج. لأجرب أن اجامل)
    - يبدو انها جميلة و لكني لم ارها
    الإجابة لم تعجب إبن المدينة . فقبلها على مضض.
    لأقطع الطريق على أي مجاملة أخرى سأقوم بجولة سريعة لكي أحدد مشاعري.
    في المساء جلست و رأسي متعب و الأفكار المتداخلة تطرق على رأسي بقوة.
    لم تعجبني المدينة. ناسها يبدو انهم طيبون و لكن حين تختبرهم تكتشف أنهم.....
    لو سالني مرة أخرى سأقول له الحقيقة:
    - مدينتكم مزيفة
    - مدينتكم مصنوعة
    - مدينتكم لا تحترم الأجنبي و الغريب
    - مدينتكم بلا قلب
    مدينتكم..
    .. آه يا زمان الصدق
                  

10-24-2016, 08:56 AM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)

    مساء الجمعة قرر أن يذهب إلى المطار الوحيد في المدينة.
    أوقف سيارته في الموقف المزدحم و دخل إلى صالة المستقبلين. أخذ مكانه بين المستقبلين كأنه واحداً منهم.
    كان من يراه متأنقاً يظن انه اتي ليستقبل زوجته او أسرته أو لاستقبال صديقه أو قريبه.
    كان يقف وسط جموع المستقبلين كانه واحد منه. لكنه لم يلفت إنتباه أحد.
    اما هو فكان يقرأ في الوجه أشواقهم... ترقبهم ..توتّر أعصابهم و هم يمدون أعناقهم و أشواقهم
    في انتظار وصول الأعزاء و الاحباب و الاصدقاء. أما هو فكان يقف مستكيناً
    هاديء الأعصاب مرتاح البال. وقف بعيداً ينظر إلى باب الخروج من المطار.
    وفود المسافرين يفدون و هم يدفعون أمامهم ابتسامات عريضة وصلت مع عتادهم و متعلقاتهم و حقائبهم.
    جاء للمطار علّه يرتشف بعضاً مما يجعله يستطيب الغربة أو على الأقل يتحمل ضرّائها
    و يصبر على مكابدة معاناتها. جاء ليرى في عيون الواصلين توقهم للغربة و البعاد علّ يكون في ذلك سلواه
    ليستعين بها لمداواة سهد غربته و نارها حتى يحقق الحلم.
    و لكن بالنسبة كيف يتحق الحلم إليس بمقايضة الحاضر بالمستقبل؟
    و الوطن بالوطن البديل؟ و بطاقة بلدي ببطاقة أجنبي قابل للطرد.
    وقف ساعة و لم يجد ما يجعله يقبل و لو مؤقتاً ببيع تذكاراته العزيزة ....
    .....او .بنسيان رائحة الأشجار في دار أسرتنا الكبيرة..
    ..............بشفتي أمه في قبلة صباحية على خده ...بكوب الشاي الصباحي ....
    على أنغام تأتأة طفله الصغير............ و بسمات أخته الغريرة. هل يستوي هذا بذاك؟؟
    إذن يبيع ماذا بماذا؟
    اخيراً ...
    رجع حيران كما جاء.
                  

10-24-2016, 05:47 PM

محمد عبد الله الحسين
<aمحمد عبد الله الحسين
تاريخ التسجيل: 01-02-2013
مجموع المشاركات: 10869

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مغامرة مغترب جديد: شاب اصابه فقد الوطن و ا� (Re: محمد عبد الله الحسين)


    كان يقضّي سحابة يومه في العمل في تلك الوزارة ‏الكبيرةز كان مثله مثل كل الأجانب الذين يتواجدون ‏في ذلك المكتب الوثير.
    لا شيء يشغله غير العمل في النهار .وكان لا يجد ‏الوقت ليفكر في أي شيء آخر خلاف العمل
    و لا حتى ليفكر ‏في صغاره الاعزاء الذين تركهم خلفه مع شريكة حياته ‏التي لم تعتاد بعد على غيابه
    و لا على أن تواجه أعباء ‏هولاء الصغار لوحدها. فكان يحس بمناجاتها الصامتة ‏لطيفه البعيد عنها.
    إلا أنه موقن بأنه يسمعها بل و ‏يراها و هي تبث إلفها الغائب لواعج شوقها و حنينها ‏‏.بل يكاد يقسم
    بأنه يسمع كل حرف و كلمة و هي ‏تناجي رب الوجود بدعواتها المتوسلة بأن يحفظه و ‏يوفقه بالتوفيق و أن يعيده سالماً غانماً.‏
    أما هو فكان لا يسمع كل ذلك إلا بعد تهدأ تلك المدينة ‏التي يشعر فيها بأنه غريبة عنه كما هو غريب عنها
    و التي شاءت أقداره أن يُلقي بها عصا الترحال. و كان ‏حين يمِضّه السأم و القلق و الهواجس
    و يضيق صدره ‏عن الإحتمال يقوم ليجلس إلى ذلك الكرسي المقابل ‏للنافذة الكبيرة المطلة على الشارع
    ذلك الصاخب ليكتب. ‏كان يكتب رسائل حبه و شوقه و رسائل حنين و توق ‏لأحباء بعيدين بحكم المسافة
    و لكنهم قريبين بحكم ‏المشاعر و العاطفة و الإحساس. كان يكتب الرسائل ‏المضمّخة بالتوق و الشجن
    و لكن للأسف يدرك بأن ‏لن يقرأها اي واحد منهم إلا بعد عشرة أيام على أحسن ‏حال.فالبريد الحكومي
    كان هو الوسيلة الوحيدة إلا إذا ‏عددت البريد الشخصي الذي يأخذه المسافرون معهم ‏ضمن الوصايا العديدة
    التي يحملونها بأنه وسيلة ‏مضمونة و اسرع من البريد الحكومي.‏
    كان أحيانا يكتب الرسائل بدم القلب و بشوق الشهور ‏الثلاثة التي قضاها و يحمّل تلك الرسائل كل ما ‏يستطيع
    أن يبثّه فيها من حنين و نواح صامت و ‏مكتوم و معاني أخرى عميقة لا تستطيع الكلمات حملها ‏و لكن تجملها
    الدعوات الصامتة .. الدعوات الليلية ‏الصادقة الملحاحة و التي تتجاوز الحدود و الفيافي و ‏السهول و البحار
    لتصل إلى كل واحد في شغاف قلبه ‏و في صميم وجدانه فيحس بها طازجة كما بُثّت و ‏
    و صادقة كما خرجت من فؤادٍ صادق و مخلص.‏
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de