حينما كنا طلابا بالجامعة فى اول السبعينات،كنا نجوب الخرطوم طولا وعرضا(كدارى)للتعرف على معالمها.لفت نظرى حينذاك يافطة صغيرة بعد كبرى الحرية مباشرة فى إتجاه السجانة مكتوب عليها( الدكتور لويس عبدو،اخصائى الباطنية وطب الأطفال.الكشف مجانا يوم الأحد). ظل ذلك محفورا فى ذهنى فكان كل ما ذهبت إلى الخرطوم بشارع الحرية إلتفت تلقائيا بحثا عن تلك اليافطة فإذا هى شامخة فى مكانها بذات كلماتها وبذات بساطتها الخالية من الألوان والأصباغ والألقاب التى عادة ما يزين بها الأطباء مداخل عيادتهم. فى إجازة صيف عام 2004 دفعت مبلغا محترما لعلاج حالة فى الأسرة فى عيادات الخمس نجوم وسط الخرطوم دون جدوى فكان ان اوصت إحدى قريبات الأسرة بالذهاب إلى الدكتور لويس عبدو. رن الإسم فى ذهنى فقررت الذهاب إليه يدفعنى حب الإستطلاع اكثر من اي شي آخر. اولى المفاجاءت هناك كانت قيمة الكشف.خمسة اف جنيه فقط لاغير(8 ريالات آنذاك) والفحص فى معمل العيادة كانت قيمته الف جنيه فقط(ريال ونصف) فكان العلاج الناجع بمشئة الله. لفت نظرى ان الرجل قد كبر فى عمره(40 عاما فى نفس الغيادة) وكانت تبدو عليه علامات المرض(علمت لاحقا انه كان مصابا بالسرطان). لفت نظرى ايضا ان عيادته كانت مزدحمة بالفقراء والمساكين وإن لم تخلو من بعض اصحاب المارسيدسات. كان رغم السن والمرض يؤدى عمله فى همة ونشاط يحسد عليهما. بالصدفة فقط علمت ان الدكتور لويس عبدو مات فى العام الماضى. *مات فى صمت كما كان يعمل من دون ان تنعيه وزارة الصحة او ينعيه برنامج صحه و عافية. *مات بعد ان هزم المرض وهزم الجشع وهزم حواجز اللون والعرق والدين المصطنعة. *مات وهو إبن المدينة بعد ان هزم جشع الأطباء ابناء الأرياف والمزارعين اللذين يتقاضون 30 ضعفا مما يتقاضاه للكشف فقط واللذين جعلوا شعارات عيادتهم(ان لايدخلنها اليوم عليكم مسكين). *مات بعد ان ترك رسالة قوية مفادها ان الطب مهنة إنسانية وليست تجارة او سمسرة. *لو كنت المسئول لمنحته وسام إبن السودان البار التى ناله حتى الحرامية. *لو كنت المسئول لأطلقت إسمه على إحدى شوارع الأحياء الشعببية التى يقطنها الكادحون اللذين عاش لهم. يا اطباء السودان الجدد(القدام ما فيهم فايدة) خذوا الدرس من الدكتور لويس عبدو.
أرجو التوضيح أن المداخلة من بوست يعود للعام 2007 حتى لا يختلط الأمر على القراء اللهم ارحم الطبيب الإنسان لويس عبده بقدر ما داوى من آلام المرضى الفقراء) ----------------------------------------------------------------------------- نعم أخى معاوية الزبير لقد انتقل الدكتور لويس الى رحمة مولاه عام 2006 وقد نعاه الاخ ابراهيم عدلان هنا http://sudaneseonline.com/msg/board/50/msg/1146817457/rn/1.html
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة