يروى أن النعمان بن المنذر كان له جليس اسمه الربيع بن زياد العبسي يؤاكله ويؤانسه وينادمه ، وكان للبيع عداوة مع بني جعفر بن كلاب . وحدث أن وفد بنو جعفر على النعمان - وكان يجهل قدرهم - فرأوا منه جفوة وازدراء وإهمالاً ، فاتهموا جليسه الربيع بأنه سبب هذه الجفوة والإهمال ، وكان رئيس الوفد : عامر بن مالك الملقب ب ( مُلاعِب الأسنة) وكان من بين وفدهم لبيد بن ربيعة ( وكان إذ ذاك غلاماً قد خلفوه في حالهم ولم يقصد مجلس النعمان معهم ) فلما أخبروه يما كان من النعمان من جفوة وأن سببها وشاية الربيع بن زياد بهم ، قال لبيد : هل تقدرون أن تجمعوا بيني وبينه فأزجره بكلام لا يلتفت النعمان إلى الربيع أبداً؟ قالوا : نعم ، فكسوه حلة ، وغدوا به على النعمان ، فوجده يتغدى مع الربيع ، فأنشد لبيد :- يا واهب الخير الجزيل من سَعَه*-*-*- نحن بني أم البنين الأربعة سيوف حق ، وجفان متــــرعة*-*-* ونحن خير عامر بن صعصة إليك جاوزنا بلاداً مسبعة *-*-*-* نخبر عن هذا خبيراً فاسمعه مهلاً أبيتُ اللَّعن لا تأكل معه*-*-* إن................. .................................................. كأنما يطلب شيئاً فأودعه فالتفت النعمان إلى الربيع قائلاً : ( كذلك أنت ياربيع ؟) فقال : لا والله ، لقد كذب ابن الأحمق اللئيم . فقال النعمان : أف لهذا طعاماً ، لقد خبُث ، انصرف عني يا ربيع ، فلحق بأهله ، وأرسل إلى النعمان أبياتاً يعتذر فيها قائلاً :- لئن رحلتُ جمالي لا إلى سعة *-*-*- ما مثلها سعةٌ عرضاً ولا طولا بحيث لو وزنت لُخَم بأجمعها-*-*-* لم يعدلوا ريشة من ريش سمويلا ترعى الروائم وأحرار البقول بها*-*- لا مثل رعيكم ملحاً وغسويلا فاثبت بأرضك بعدي ، واخل متكئا*-*-* مع النطاسي طوراً وابن توفيلا فأجابه النعمان :- شرِّد برحلك عني حيث شئت ولا*-*-*-تكثر عليَّ ، ودع عنك الأقاويلا قد قيل ما قيل إن صدقا وإن كذبا *-*- فما اعتذارك من قول إذا قيلا الشاهد في الموضوع : النميمة والتي تعني نقل الكلام بين طرفين لغرض الإفساد ، وتعد من الكبائر كما ورد في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:- " لا يَدْخُلُ الجَنَّةَ نَمَّامٌ" ومن آثارها: التَّفرقة بين الناس، قلق القلب، عارٌ للناقل والسامع، حاملة على التجسُّس لمعرفة أخبار الناس، حاملة على القتل، وعلى قَطْع أرْزَاق النَّاس . روى ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبرين فقال إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشي بالنميمة .
ورد في القرآن قوله تعالى ( ولا تطع كل هماَّز مشَّاء بنميم)فكلمة (هماز) صيغة مبالغة على وزن (فعّال)، وهذه الصيغة ـ كما يقول أهل اللغة تدل على الحِرفة والصنعة، فيقال لمحترف النجارة نجّار، ولمحترف الحِدادة حدّاد. والهمز : أشد ; لأن الهمز الدفع بشدة ومنه الهمزة من الحروف وهي نقرة في الحلق . دوافع النميمة:
إن مما يدفع الناس إلى النميمة بواعث خفية منها:
أولا: جهل البعض بحرمة النميمة وأنها من كبائر الذنوب وأنها تؤدي إلى شر مستطير وتفرق بين الأحبة.
ثانيا: التشفي والتنفيس عما في النفس من غل وحسد.
ثالثا: مسايرة الجلساء ومجاملتهم والتقرب إليهم وإرادة إيقاع السوء على من ينم عليه.
رابعا: أراد التصنع ومعرفة الأسرار والتفرس في أحوال الناس فينم عن فلان ويهتك ستر فلان.
قال الشاعر : من نمّ في الناس لم تؤمن عقاربه
على الصديق ولم تؤمن أفاعيه
كالسيـل بالليل لا يدري به أحد
والويل للـودّ منه كيف ينعيه وقال آخر: يسعى عليك كما يسعى إليك فلا
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة