الخيانة الأعظم

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-24-2024, 09:02 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
10-15-2015, 05:52 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الخيانة الأعظم

    04:52 AM Oct, 15 2015
    سودانيز اون لاين
    عليش الريدة-
    مكتبتى فى سودانيزاونلاين



    الخيانة الأعظم

    ما إن أكمل أمجد إجراءآت تسجيله في الجامعة,حتى تلقى الإفادة من إدارتها بأن سكـن الطلاب الجدد مازال تحت الإنشاء,وأنه يتعين عليه إسوة بباقي أبناء دفعته أن يتدبـر أمر سكنه لفترة الثلاثة أشهر المقبلة .. بدد لديه هذا الخبــر كثير من مشاعر الفرح والاستمتاع بالمغامرة التي كان يتلذذ بها, فهو لأول مرة في حياته يغادر محيطـــه الموغل في الريفية, وتنبسط عضلات وجهه بهذا الإهمال الفضفاض, ويستمر فمه مفتوحا من أثرالاستطلاع المباشر لذلك النمط الغريب والجذاب من التفاعل, الذي وصلت إليه قرائح أهـل المدينة واتخذوه شعارا لهم في ميادين اللهث اليومي وراء فــرص البقاء والكسب والتنقيب في المتاهات العصية للفوز بجائزة الرضا العزيزة.
    وكان أمجد قد أمضى ثلاثة أيام مع أقارب له,مقررا من البداية أن هذا اليوم, سيكون آخر أيام ضيافتهم له متوقعا نفسه في الغـد عندما تبدأ الدراسة, سيكون قد استقـر في السكن الجامعي .. غمغم: يبدو أنهـــم سيضطرون لإظهار المزيد من مشاعر السعادة لوجودى معهم,وأرجوأن أوفق عاجلا في إيجاد سكن مؤقت مناسب,قبل أن يضطروا لإظهار مشاعر أخرى.
    ولحسن حظه عثر بعد أيام قـلائل على غرفة مناسبة بسعر معقول, وما إن بدأ الاسبوع الثاني من دراسته في كلية القانون,حتى كان هو قد استقر فى تلك الغرفة الصغيرة كسـكن مؤقت له.
                  

10-15-2015, 06:54 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    كانت المدينة العجوز كعادتها, آخذة بأسباب الإسراف في التزين للناظرين الجدد.. وكالبعير الذي تصمغت كبده مــن ادمان التسكع في الصحاري , نهل أمجد بأكوابه المثقوبة من شواطئ المتع واللذات , كان يجوب الطرقات على ساقي الانبهار والرغبة في التجريب, وبدا الأمر وكأنما خسر الحياء الفطري الجميل,مباراته في الملاكمة ضد رواسب الحـداثة, خسارة سريعة ومذلة, بالضربة القاضية الموجعة والفاضحة .
                  

10-15-2015, 07:06 AM

بله محمد الفاضل
<aبله محمد الفاضل
تاريخ التسجيل: 11-27-2007
مجموع المشاركات: 8617

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    أنت شاعر يا عليش أكثر من كونك قاص (حسب وجهة نظري وكيفية مناولتك للسرد)
    القراءة لك متعة عظيمة وفوائد لا حصر لها...


    التحايا لك والمحبة
                  

10-15-2015, 09:43 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: بله محمد الفاضل)

    مرحب أستاذنا..
    كلامك بختنا دائما أمام تحدي صعب، بسؤال متكرر عند كل مرة نهم فيها بكتابة جديدة، وهو، ماذا سيكون رأي الأستاذ في بضاعتنا هذه المرة؟..
    الكتابة كما تعلم لاتخرج عن (ماذا تقول وكيف تقول)..
    من ناحية عامة أعتقد أن أسلوب الكتابة (كيف تقول) عند أي شخص،هو خاتم أو طابع يتبلور أو يُهب، ويصعب جدا تغييره..لذا الاختلاف حوله من قبل القراء لا أساس له من العدل (يعني زي مابنقول بالبلدي كدا،كل فولة وليها كيالا) ..
    تبقي المسألة في الأفكار التي تُطرح (ماذا تقول)..وفي هذا الصدد لو جاز لي الحديث عن نفسي،فأنا لا أحب الكتابة جزافا، وإنما لأطرح نفسي وماتعتقد هي في هذه الحياة..وما اكتبه أعيشه، أو بالأحرى ما أعيشه اكتبه..
    لكن بعيدا عن الثوابت ،لابد أن يبقى القلب مفتوحا لسنن الله في التبدل وما سمي القلبُ قلبا إلاّ لتقلبه..
    *متابعك برضو لكن في صمت شديد..
    تحياتي وشكرا


                  

10-15-2015, 10:27 AM

طلحة عبدالله
<aطلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

                  

10-15-2015, 10:40 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: طلحة عبدالله)

    طلحة ياحبوب..
    أنا ماشايف أي حاجة في مداخلتك دي والفاتت برضو..
    شبكتنا كعبة بصورة مستديمة..
    وبي ضعف تكنولوجي..وأعجب كيف بي ضعف..
    هل يمكن أن ترفع البوست من غير أن تكتب في مداخلتك شيئا..
    بوستيك داك جاك لي خير كتير،زي ما أنا شايف..
    ليه إنت زهجت منو..أنا ح أرشحو لبوست الموسم..
    تحياتي
                  

10-15-2015, 10:59 AM

طلحة عبدالله
<aطلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    الأريب عليش
    أنا سبق وقلتا ليك ( على ما أذكر ) انو القاعد تتفضل
    بيهو من كتابات هنا يعجز الكيبورد عن التعبير أو التعليق
    عليهو .. في البوست دا استمرت حالة كبسة الرأس القاعدة
    تنتابني كل ما أدخل ليك بوست + انو الشاعر بلة الفاضل
    عبر عني تماما في مداخلتو أعلاه وكمل الناقصة ..
    صراحة والله يا عليش الأديب أول مرة في حياتي الإسفيرية
    أو المنبرية أعجز عن التعليق على بوست أو كتابة عجبتني..
    المهم .. طبعا يمكن رفع البوست بدون إضافة حتي شولة صغيرة..
    لله درك أيها الأديب والله شغلت فراغا يحتاجه المنبر بشدة
    أرجو أن ينتبه الريس بكري أبو بكر لهذا .
                  

10-15-2015, 11:01 AM

طلحة عبدالله
<aطلحة عبدالله
تاريخ التسجيل: 09-14-2007
مجموع المشاركات: 18010

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: طلحة عبدالله)

    وللعلم يا عليش الأريب ..
    أزعم أني اتمتع بذائقة حساسة جدا لكتابات البديعة
    والطاعمة + اني ما بعرف أبدا بابا للمجاملة ( حقاني شديد )
    والله على ما أقول شهيد .

    (عدل بواسطة طلحة عبدالله on 10-15-2015, 11:02 AM)

                  

10-15-2015, 11:34 AM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: طلحة عبدالله)

    وفي صباح يوم, بينما كان أمجد يتهيأ للخروج إلى الجامعة , لفت نظره على حائط الغرفــة عنكبوت من النوع الصيــاد, كان كبيرالحجم نوعا ما, يتقدم ببطء نحو ذبابة على مقربـــة.. اتخـذ ذلك العنكبوت المناورات اللازمة, حتى جعل لنفســـه موقعا مناسبا خلف الذبابة, ثم استمر في التقدم ببطء شديد,وقرر أمجد أن يمثل دور الجمهورالمتعطش لتلك الملحمة المتوقعة, فوقف في مكانه يراقب ساحة المعركة بشغف وسكون.
    و كأنما أراد العنكبوت أن يختبر صبره, فقد ظل قابعا في مكانه فترة ليست بالقصيرة ..
    غمغـم أمجد:هيا اقفز ماذا تنتظر؟
    وفجأة.. قفز العنكبوت وجثم على ظهر الذبابة, فشهق أمجد وارتد برأسه للخلف,ثم تابع ببصره العنكبوت وهو يسحب فريسته إلى حيث الظلام الأبدي.
    حفزت تلك الممارسة البدائية هرمونات البطولة وحب التغلب داخل أمجد, فخرج من غرفته كزجاجة المياه الغازية عند رجها, تفور في جوفه حماسة السطوة والجبروت.
                  

10-15-2015, 12:47 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    تكررت على أمجد بعد ذلك اللهفة على مراقبة العناكب الصيادة في غرفته, لكنه دائمـا ما كان يرى عنكبوتا واحدا , لم يحدث أن ظهر أكثر من عنكبوت في الوقت نفسه , لذلك شدت أمجد فكرة أن يتأكد: هل هو عنكبوت واحد فعلا,أم مجموعة عناكب تتعاقب في أزمنة مختلفة.. وهداه تفكيـره إلى أن يوسم أول عنكبوت يراه حتي يجد حلا لهذا السؤال, فقام بملئ قلمه بالحبرالأزرق السائل, ووضعه فــي مكان سهل منتظرا الفرصة المناسبة.
    ولم يطل انتظاره, فسرعان ماظهر أحد العناكب , كان يتقدم نحو فريسة بعيدة ,التقط أمجد القلم بسرعة , ثم تابع العنكبوت حتى سنحت لـــه فرصه مواتية , وضغط على مكبس القلم من الخلف,واندفعت دفقات الحبرالأزرق وارتطمت بجسد العنكبوت, الذي ولى هاربا واندس في ثنايا الحائط..و قضى أمجد فـــترة الانتظار على جمر التوقعات المتوهج, كان يتمنى أن يكون الموجود في الغرفة عنكبوتٌ واحدا, وكان يتسآءل هل ثبت الحبر على جسده أم تلاشى.. وصنعت هذه التجربة دون وعـي منه, درعا صغيرا تجاه بطش مطرقة التحضّر التي ما زالت تتهاوى على رأسه الفطير.
    وفي أحد الأيام رجع أمجد من الجامعة منهك القوى, كان يوما دراسيا طويلا وشاقا, دخل إلى غرفته وليس في تفكيره سوى النوم العميق,و دون أن يشعر جال ببصره على الجدران.. كان هناك مخلوقٌ صغير ولابد، رفع من ضربات القلب, وزاد من استهلاك الأكسجين, عدل خطط هذا اليوم, ودفع أمجد ليقفز عاليا, مطلقا صيحة جهيرة ولاطما بيده في الهواء, تماما مثل المهاجم, الذي يحتفل بإحراز هدف الفوز في الزمن بدل الضائع للمباراة... ورغم بشاعة هذه الضجة المفاجئة,إلا أن العنكبوت المصبّغ بالزرقة ظل رابضا في مكانه خلف فريسة قريبة, لم يجفل ولم يتـحرك,وكأنه قد علم أن هذه الضوضاء المنفرة, مورست خصيصا للاحتفاء به .
                  

10-15-2015, 01:55 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    بعد أن تمالك نفسه غمغم أمجد: الآن بعد أن ميزتك لابد أن أجد لك اسما, لكن ماذا يكون؟ الوحش,الكاسر, المدرع... وبرقت فى رأسه فكرة بسيطة , كانت عبارة عن عادة شعبية قديمة, وهى اختيار الاسم حسب مقتضى الحال الأول للمسمى , صاح للمرة الثانية منذ أن دخل إلى غرفته: سأسميك الأزرق.
    وتحديدا من منوال هذه الصيحة المجيدة,نسجت علاقة متينة ومحفزة,بين مخلوقين صغيرين فـي غرفة صغيرة, بخيوط البساطة والتعقيد معا .
    كانت أجمل أوقات أمجد وأكثرها تشبعا بالتواصل , تلك اللحظات التي يرى فيها الأزرق ,إن هيئته النبيلة المتخمة بالعنفوان, وتلك المناورات الرشيقة الذكية , وذلك الصبرالجليل الذي ينتزع الاحترام انتزاعا, والإصرار المستمر على الإمعان في الكر بعد كل فشل ،وتلك القفزة الجسور التي تحصد الأرواح كما يُحصد الثناء في مجالس النفاق.. كـل ذلك الحضور المتجبر كان يسكب عطره المركز في جو الغرفه جلالا وبهاء وثقة مترعة بالنفس..وصارالأزرق في تلك الغرفة الصغيرة مثل المفاعل النووي الذي تتسرب منه الإشعاعات, حتما سيغير حياة من دخل في مداه .
    ومن شدة ولعه بالأزرق, قام أمجد باستلاف كاميرا حديثة من أحد زملائه, واستطاع بعد جهد أن يلتقط بها مجموعة من الصور للأزرق في أوضاع شتى, ثم زين بها جدران الغرفة .
    واستبدل أمجد بعد حين , عين التعود على المدينة بعين الاندهاش , فبدت له في ثنايا الوجه المجمل بالمساحيق والأصباغ, تجاعيد الزيف والتآكل, وظهرت من تحت ديباج الحرير الموشح باللؤلؤ, تشوهات الجسد المتفسخ بقيح الخطايا والانحلال, ولاحت من خلف البنايات الجسيمة الفخورة, مشانق أخلاق الشرف والبطولة.. وتعجب كيف لجسد ما, أن يجمع فـي الوقت نفسه, بين ترف الزينة الجهير,وبين بؤس الفقر المدقع.
    وحضنت تلك البذرة التي تهـيأت في مناخ الغرفة في تربة النشأة الفطرية الخصبة ,لذا لم تستغرق الكيمياء داخل أمجد زمنا طويلا, إذ سرعان مانضحت منه روائح كرام المعادن , حتى صار في محيطه مركـز الثقل الجذاب والملهم , الشئ الذي جعل أستاذ تاريخ القانون بالكلية يلوح في مجمع من الأساتذة, بعصا خبرته التي يمشي عليها قائلا: إن هذا الفتى هو أمل مدينتنا المنتظر.
                  

10-15-2015, 03:50 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    وفي يوم ما , رجع أمجد إلى غرفته متكدرا , مضت أربعة أيام ولم يظهر الأزرق, ترى ماذا حل به.. إن أصابه مكروه فستكون تلك هي الطامة الكبرى.. غير ملابسه ثم استلقى على الفراش.. إن هذه الغرفة من دون الأزرق كالسجن.. لاحظ فجأة صفوف متراصة من النمل في ركن قصي , إنه منظر غريب في هذه الغرفة,وشده الفضول لمعرفة سبب تجمعات النمل, فنزل من فراشه واتجه إلى ذلك الركن..ويآآ لهول الألآم التي تجلبها العيون..
    كان الأزرق إذن، محمولا على أكتاف النمل القاسي ميتا .. كانت تلك الحشود التي تتسابق متموجة, وذلك الجثمان المهيب الذي يعلو ويهبط , وذلك القلب الذي انفطر , والعيون التــي ضاقت عنها المحاجر, والأنفاس التي عجزت عن حصرها المواعين.. كل تلك الدراما السـوداء , جعلت الغرفة كساحة كبيرة احتلتها الجماهيرالمصدومة حزنا على عظيم قد ولى , وهي تحمل نعشه إلى مثواه الأخير..
    وهكذا مثلما عاش الأزرق كما يعيش العظماء , أبي إلا أن يموت كما يموت العظماء.
    وكحيلة جبانـة و قديمة له عند الصدمات , اعتزل المخ العمل , وترك الجسد يتكدس على ثقوب غربال الوعي الضيقة.. فتقدم أمجد بهدوء وخلص الأزرق من براثن النمل,و كنس النمل الذي اضطربت صفوفه, داخل إناء من الحديد.. ثم أضرم فيه النار تلو النار..و رجع للأزرق وحمله على راحته, ويا لسخرية الموقف..إذ حقق له المـوت الكريه أمنية حيببة, فقد كان يتوق منذ زمن,إلى أن يلمس الأزرق بيديه..
    ورقدعلى الفراش واضعا الأزرق بجانبه , وأخيرا غرق في بحار النحيب الأليم.
    وبعد أن هدأت نوبة البكاء , أخذت الهواجس والأفكار السوداء تتناوشه: كيف سأستمر من غيره, ترى كيف كان مقتله؟ وهــل يوجد شئ في هذه الغرفة يستطيع أن يقتله.. و دهمه خاطر ما, فنزل مسرعا من فراشه,وتحرك إلى نفس الركن الذي وجده فيه ميتا, وحفر بلاط ذلك الركن وصنع قبرا صغيرا.. ودفن فيه الأزرق ...ثم هجمت عليه نوبة النحيب مرة أخرى.
    اعتكف أمجد بعــد موت الأزرق أربعة أيام في غرفته ولم يخرج منها أبدا, وفي اليوم الخامس ظهرت على جدران الغرفة عناكب صغيرة, كانت ضئيلة وبطيئة, راقبها أمجد بفتور, قرابة الساعة ولم تنجــح كلها في اصطياد ذبابة واحدة..
    قام أمجد بقتل ذبابة و وضعها على سطح أحد دفاتـــره الدراسية, وتحايل بالدفتر حتى جعله أمام أحد تلك العناكب وعلى مقربة منه, وكمن العنكبوت الصغير المستدرج في مكانه فترة قصيرة,ثم قفز رابضا على الذبابة الميتة الممدة علـى الدفتر الدراسي.. وباشمئزاز شديد، قذف أمجد بالدفتر وعلى سطحه الذبابة الميتة , ومن فوق ظهرها ذلك العنكبوت المسكين داخل محرقة النمل... ثم أضرم النار,وهو يصيح :إن الأزرق ما أكل فطيسا قط.. وتناول المكنسة مواصلا صياحه في العناكب: أين كنت عندما كـان الأزرق موجودا, لم تصيدي في حرمه حيا, ولن تفعلي ميتا.. وانهال عليها ضربا.
                  

10-15-2015, 07:37 PM

عليش الريدة
<aعليش الريدة
تاريخ التسجيل: 08-17-2015
مجموع المشاركات: 1709

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الخيانة الأعظم (Re: عليش الريدة)

    وكأنما نفس هـذا التطهير العرقي الأخير من غلواء الحزن في داخله, فقد قام لأول مرة منذ خمسة أيام بفتح هاتفه..وبمجرد أن سرت فيه رعشة الشبكة, أخذ يطلق صافرات استلام الرسائل, لكن أمجد تجاهلها كلها,وبعد لحظات رن الجرس, نظر إلى الشاشة, كان المتصل زميله وصديقه عزمي, بعد تردد ضغط أمجد على زرالاستقبال
    :ألـو
    :أمجد,كيف حالك لقد قلقنا عليك,لماذا هذا الغياب؟
    :أنا بخير
    :حسنا, الحمد لله هل ستحضر إلى الجامعة اليوم ؟
    : لا أدري
    :لابد أن تحضر, لقد انتهى العمل في السكن الجديد , وسيرحل إليه الطلاب اعتبارا من اليوم , وكنت أفكر أن نسكن في غرفة سويا.
    صمت أمجد للحظات , وفكر كيف أن التوقيت المناسب,هو النخاع الذي تسيرعليه الأحداث.
    :أشكرك ياعزمي, ولكني لن أرحل إلى السكن الجامعي.
    : ماذا؟ ولكن لماذا وأنت تسكن بالإيجار؟
    :يسكن معي رفيق عزيز ولن استطيع تركه.
    :آه فهمت, إلى اللقاء إذن .
    أغلق أمجد الهاتف , ومرة أخرى تمدد على فراشه ,و جال ببصره على صور الأزرق التي تزين الجدران, وانحنى برأسه ليتطلع إلى القبر الصغير, وغمغم
    : كيف أخرج من هذه الغرفة؟ وهل كنت شيئا قبل أن أدخلها ؟ سأبذل حياتي للحفاظ على هذا التراث المنير.. وانقلب على جانبه, وتغطى متكورا كالجنين في رحم أمه, ومن جديد انهمرت الدموع من البركة التي يبدو أنها لن تجف أبدا.
    وهناك, من وراء نافذة الغرفة الصغيرة , كانت المدينة العجوز ماتزال تتلوى من أمراضها المزمنة التي أعجزت الأطباء .. وفى ساحة الجامعة سأل أحد الأساتذة الخبثاء, أستاذ التاريخ
    :أين أمل مدينتنا المنتظر؟
    رفع أستاذ التاريخ حاجب الدهشة الكثيف,وضرب بكفيه متحسرا,ثم تمتم فى غيظ
    : لا استطيع ياعزيزي أن أقول إنها الخيانة العظمى , فذلك المصطلح يستخدم لوصف بؤس أقل من هذا... لكنى استطيع أن أقول دون أي خوف من التبعات : إنها الخيانة الأعظم.
    تمــــــت
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de