أحمد عواض ــ عام على الرحيل المر ولازال الحزن يعتصر الدواخل ـ صور ومواقف

ونحن نتفيأ بركات يوم الجمعة أسالك ربي أن تتقبل عبدك أحمد عواض قبولاً حسناً ، اللهم وسع مرقده وأكرم نزله ، اللهم أجعل قبره روضة من رياض الجنة

في مثل هذا اليوم قبل عام أسودت الدنيا على أهل وأحباء ومعارف الفقيد الراحل أحمد المصطفى علي عواض رئيس جميعة مدني الخيرية بالرياض ، وعارفي فضله وخصاله ومرؤوته ،
في مثل هذا اليوم أنهد ركن عتي من لوحة بازخة عامرة بالجمال والحسن تسر الناظرين ، وأنطوت صفحة مشرقة من حياة إنسان ترك بصمة مميزة بأعمال خالدة ومواقف لاتنسى
أحمد عواض نسمة خريفية مرت على سماء حياتنا على عجل فترك في نفوسنا إنطباع جميل وذكرى عطرة بمواقف تختزنها صدور الرجال ، وتشهد عليها دور الأرامل والثكالى وذوي الحاجات.
كان الراحل أحمد عواض رجل سمح تنؤ دواخله بروح عامرة بالقيم و الجمال والطيبة ، دواخل ناصعة لا تحمل غل ولا حسد ، ونفس لا تضمر سؤ لأحد حتى أولئك الذين أصابوه بالأذى في نفسه ولده وماله الوفير الذي أنعدم على حين غرة
الموت جزء من ناموس الحياة نتعايش بصورة دائمة معه ، ولكن أصبح بعضنا لا يحفل به كثيراً ولا يكترث له لما أصاب حياتنا من الكدر والغم ، وغشى نفوسنا من القسوة جراء ضربات الحياة الموجعة ، ولكن لازال قليل من الناس رحيلهم يشكل عبئا ثقيلاً علينا ، وضربة موجعة لا قبل لنا بها ، ولعل فقد أحمد عواض كان أحد النوازل الجسام التي أدمت المقل ولازالت توجع دواخلنا وتنغص حياتنا ونحن نسلم بقاضء الله وقدره .
في السنوات الأخيرة من حياة أحمد عواض الحافلة بمواقف وأعمال ستظل محفورة في ذاكرة كثير من الناس ، خصني الراحل بتواصل حميم وعلاقة صداقة رائعة رغم فارق السن بيننا ، فهو يكبرني بعدد كبير من السنوات فحينما كان له أحفاد لم أتزوج أنا بعد .
كان أحمد عواض متديناً دون تزمت أو تصنيف أو أنحياز لتيار أو فئة ، ويتمتع بوازع ديني يحضه على الخير ويكف عنه الشر ، كان الدين فيه سماحة ويسر وتكافل ، وعمل خير لا ينقطع .

يبدو أحمد عواض رجلاً عادياً في عرف كثير ممن يعرفون الرجل في محيطه الأجتماعي ، ولم يسود هذا الإنطباع في نظرهم إلا لزهد الرجل وبساطته المتناهية وأدبه الجم وتواضعه المزهل ولكن بالنسبة لي لم أفق من هول الصدمة بعد ، لأنني أعرف عن الفقيد ما يجهله كثير من الناس بل أقربهم اليه ، فقد كان أحمد عواض يتحلى بصفات نادرة قل أن تتوفر في شخص واحد في زمن تضاءل فيه الخير وتلاشت القيم وأندثرت المرؤة .
أود أن أقف في بعض المحطات في حياة أحمد عواض أثمن من خلالها قيمة هذا الرجل .

الراحل المقيم طيب الذكر ـحمد عواض (طيب الله ثراه )



المحيط الإجتماعي :
مشاركة الناس أفراحهم وأتراحهم ، رابع مستحيلات أن يتقاعس عن أداء واجب رغم ظروفه الصحية الحرجة ومعاناته الكبيرة ـ
ساهم أحمد عواض بماله وجهده وزمنه ودعمه المعنوي في كثير من اعمال وأنشطة الجالية السودانية بالرباض ، فقد كان أحد مؤسسي الرابطة الرياضية الصالحية وأكبر دعم قدمه لها ـ كان توفير الدار حينما أسس مع أخرين دار مدني التي كانت مقر الرابطة ، وأسس بالإشتراك مع الإخوة في جمعية أوربي ملعب مدني المشترك ولو لا تلك الدار والملعب لما صمدت الرابطة الصالحية ـ
كان يحرص أشد الحرص على زيارة المريض ، وأتذكر أنه ظل لفترة طويلة يحمل وجبة الغداء من منزله ويذهب في كل يوم جمعة لمعاودة صديقه الذي المت به معضلة صحية جعلته جليس البيت . فكان غداء الجمعة مع ذلك الصديق برنامج ثابت في عرفه الإجتماعي وقد دعاني يرحمه الله عدة مرات لمرافقته زيارة ذلك الصديق .
لم يسمع أحمد عواض عن مشكلة أسرة سودانية أو معاناة أرملة رحل عنها زوجها وخلف لها تركة أو مريض مقعد عجز عن تسديد قيمة الدواء أو إيجار المنزل وإلا كان له سعي محموم في حل المشكلة أو المساهمة في حلها أو التخفيف من المعاناة وقد وقفت بنفسي على مواقف عدة كان يقوم بها الراحل في الخفاء ولم أعرفها إلا بحكم مشاركتي له العمل العام بإسم جمعية مدني الخيرية حيث كان يرغب دائماً أن يكون كل عمل خير يقوم بها مجيير لها ، وأتذكر تماماً تكفله بقدر وافر من مصروفات أسئجار شقة أحد مبدعي بلادي والذي المت به ظروف مرضية أقعدته عن الكسب ردحاً من الزمان ، فقد كنت تلقى اتصاله الهاتفي يدعوني لمرافقته في مشوار بعد نهاية الدوام ،
بعد الجلوس مع ذلك المبدع ومحاولة التخفيف عنه وبعد طلب الإسئذان بالإنصراف و بعد أن يجعلني أخطو بضع خطوات للخروج من باب الشقة ، يودع ظرف تحت المخدة بمنتهى الرقة دون أي كلمة أو تصرف يجرح مشاعر هذا المبدع ذائع الصيت ـ كان هذا ديدنه في أي حالة إنسانية رافقته فيها ـ يرحمه الله .
محطة أخرى ـ العمل المهنة ـ فقد عرف بنبوغ الكبير في مهنة المكانيكا وبفضل الكفاءة العالية التي يتمتع بها أسس الراحل أحد أكبر المجمعات الصناعية لصيانة السيارات بصناعية العنوز بتكلفة تجاوزت عدة ملايين كانت ملك خالص له ، وبفضل قدرته الكبيرة في على الإبداع والإبتكار وعدم الركون لليأس ، كثير ما وفق في صيانة سيارات أستعصى صيانتها ، مما خلق له علاقات وتواصل مع شخصيات ورجال أعمال وأمراء ـ وكثيراً ما أستغل هذه العلاقات في اعمال خير يشهد عليها كثير من الناس

الراحل المقيم أحمد عواض مع كاتب البوست



الظروف التي عاشها ـ
الصبر على الإبتلاء :
نزع ممتلكاته
عاش أحمد عواض في ثراء وبحبوحة ورغد عيش يعلمه كل معارفه والمحيطين به ولكن فجاء أدارت له الدنيا ظهرها وأنقلب حاله راس على عقب بعد أن تعرض لمؤامرة يعلم كثير من الناس تفاصيلها ومآلاتها ، فقد كان أكثرها قسوة مواقف الكفيل وماترتب على ذلك من عدم تجديد للإقامة لأكثر من 10 أعوام ، فقابل ذلك بصبر وجلد وقناعة بما كتب الله في صورة لم أرى مثلها ، عاش بعدها في ظروف قاسية ولكن كان يكافح ويكد ويبذل الغالي والنفيس من أجل حياة كريمة له ولأسرته رغم ظروفه الصحية ووضعه غير القانوني لعدم سريان الإقامة لهو وأسرته .
دخول إبنه الأكبر السجن ـ حيث غرر به بعض رفقاء السؤ وهو في سن المراهقة ، فقد كان أحمد عواض على قناعة تامة من براءة أبنه الذي أستمر حبسه بالسجن لأكثر من عام ظل خلالها الراحل يبذل الغالي والنفيس في سبيل إثبات براءة إبنه ولم يترك باب لم يطرقه ، فكلل جهده بالنجاح وأفلح في إخراج إبنه من السجن وقد أبلى في ذلك بلاء حسناً وتحصن بقناعته وثقته الكبيرة في الله ، فلم يخيب ظنه .

جعل الله كل ما قدمت وعملت في ميزان الحسنات يا أبا علي


الظروف الصحية
كان الرحل أحمد عواض يعاني من زيادة الوزن وقد ترتب على ذلك معاناة دائمة من أمراض العظام فكان يقهر الألم بالصبر الجميل ويقاومه حتى لا ينتصر عليه ويقعده عن التواصل مع الناس فقد فكان لا ينقطع عن مواساة الناس ومجاملتهم وهو في أشد المعاناة والألم
ولكن فجاء نزل علينا خبر أصابته بسرطان الكلية كالصاعقة ، فكنا نحن محبيه أكثر تأثراً منه ، فقد قابل الخبر بصبر وقبول بقضاء الله وقدره ، فلزم منزله فقط وهو يكابد الالام المرض ومراحله المتسارعة في جسده المنهك فلم يجزع ولم يبدي أي رغبة في تكليف الناس ما لا يطيقون وهو الذي أمتدت يده بالخير والإحسان للأخرين لسنوات دون كلل أو ملل ، لقد أنبهر الناس من صبر هذا الرجل فقد لزم سرير المرض بمنزله يخفف عن الامه بالأعشاب التي يعتقد فيها كثيراً ، ويداوي جراحه بالبسمة أمام الجميع ، فقد كان يستقبل الجميع هاشاً باشا ، يسألهم عن كل صغيرة وكبيرة ويفرح أي ما فرح لو سمع منهم ما يسعدهم
ولكن وحينما أصبح وضعه الصحي يسؤ يوماً بعد يوم ، تنادى محبيه وعارفي فضله وأخص هناء رجال الرابطة الرياضية الصالحية الأوفياء وعلى رأسهم الأستاذ عبد المنعم عبد العال الذي بكى حرقة والم حينما شاهد حاله بعد عودته للملكة من السودان ، وتحرك في كل إتجاه بغية عمل ما يمكن عمله ، فأدخل لمستشفى الشميسي رغم الكلفة العالية جداً للتنويم في المستشفى ، كانت حالته متأخرة بعد أن أستحفل المرض وأنتشر في أنحاء متفرقة من الجسم ، هنا لابد من الإشارة لكل من وقف بجانب الفقيد الراحل في محنته ونذكر منهم رئيس الصالحية الأستاذ عبد المنعم عمر ، البروفيسور عثمان الحسن محمد نور ، والأستاذ جعفر التيجاني ، والأستاذ سعيد نمر ، والرائد معاش حسن أحمد حسن الأستاذ التيجاني محمود



كنت أتواجد بصورة شبه دائمة بجوار صديقي الراحل بالمنزل والمستشفى في أيامه الأخيرة ، و في يوم الأربعاء 30/04/2014 حضرت للمنزل متأخراً جراء أعباء عملية إضافية وكنت منهكاً للغاية فأستسلمت للنوم وصحوت قرابة الساعة 1:00 من فجر الخميس ، ولكن رغم ذلك أصريت على الذهاب للمستشفى فأصطحبت زوجتي وطفلتي ووصلت لمستشفى الشميسي حيث يرقد صديقي الراحل حوالي الساعة الساعة 1:30 ـ فأعترضني رجال الأمن وقالوا لي أنه من رابع المستحيلات دخول المستشفى في هذا الوقت ـ ولكن كنت الح عليهم بشدة ـ وكأن إحساسي يقول لي لا تفوت فرصة النظرة الأخيرة للرجل الذي طالما أحببته حتى النجاع ، وبعد محاولات مضنية مع رئيس السيكيورتي ، سمحوا لي بالدخول لوحدي وتركت زوجتي وطفلتي بالسيارة ـ صعدت للغرفة القابعة بالدور الرابع حيث يرقد ـ القيت عليه نظرة الوداع ـ حيث كان في غيبوبة تامة ويجلس بجواره أبنه الأكبر علي عواض ممسكاً بمصحف ويقرأ أيات القرأن ، أنتظرت قرابة 10 دقائق مرت بخاطري حينها شريط من ذكريات وأحداث ومواقف ، وأشهدت الله حينها أنني لم أرى صديقي في معصية منذ أن تعارفنا قبل أكثر من عقد ونصف ـ خرجت بعدها . وفي صبيحة اليوم التالي ـ الخميس 01/05/2014 م وفي حوالي الساعة 11 ص تلقيت إتصال من على عواض الإبن الأكبر يعزيني في رحيل الوالد أحمد عواض
أسكنك الله الفردوس الأعلى مع الشهداء الأبرار يا أبي علي بقدر ما قدمت وبحجم ما أجزلت العطاء دون من ولا أذى .

(عدل بواسطة محمد علي البصير on 05-01-2015, 04:27 PM)
(عدل بواسطة محمد علي البصير on 05-01-2015, 04:34 PM)
(عدل بواسطة محمد علي البصير on 05-01-2015, 08:01 PM)

Quote: اللهم ارحمه واغفر له واجعل مثواه خير الجنان جزاء أعماله الطيبة في الدنيا وزده من فضلك أمثال هؤلاء يا محمد نماذج ليقتدي بها الناس البركة فيك يا رجل الوفاء

Quote: اللهم ارحم أحمد عواض واغفر له واجعله من أصحاب اليمين لم اسمع خبر وفاته من قبل ، وكان قد قدمه لي الأخ عبدالمنعم عبدالعال رئيس رابطة الصالحية قبل عدة سنوات وعرفت أنه من رجال البر والإحسان وعرفت بعض ما ألم به من ظروف لكن الاخوة في الصالحية كانوا يعرفون الرجل تماما ويعرفون قيمته الحقيقية وأفضاله وكرمه ومواقفه الطيبة وكان عند اللقاء وقورا مهذبا طيبا ومرحابا .. إلا رحم الله أحمد عواض وأدخله فسيح جناته وجعل البركة في ذريته وأعزي فيه كل من عرفه

Quote: أللهمم تغمده بواسع الرحمة والمغفرة وأدخله فسيح الجنان

Quote: نسأل الله أن يتغمد الأخ أحمد عواض .. فقد كان رياضياً مرموقا، كما هو أحد رموز مدينة ودمدني بالرياض وأحد أقطاب الرابطة الرياضية .. ربنا يتولاه برحمته ويبارك في ذريته ولا حول ولا قوة إلا بالله. الشكر للأخ البصير

Quote: الأخ الحبيب ## ود البصير .. لعلك طيبة ؟ فعلآ يا ود البصير الانسان ببكوهو افعالو وطيلة ما النعي والحزن منك دا راجلآ ماهو هين .. ربنا يتقبلو ووسدو الباردة وشهادتكم يا الناس الطيبة ماها هينة .. وتعيشوا وتترحمو .. ربنا يدكم العافية وطولة العمر .

Quote: حينما كنت حديث العهد بالرياض وكنت اشارك هنا وهناك في بعض الفعاليات الاجتماعية والثقافية والرياضية لفت نظري رجل تبدو على ملامحه التقوى ويكسيه الوقار رجل كبير الحجم يملا عليك المكان بهندامه وزيه الانيق وهو الزي السوداني الاصيل العمة والجلابية والشال والمركوب ومما يجعله مميزا انك تجد كل الناس تاتي للسلام عليه وتحيته وكل الناس تحترمه وتوقره ( فكان هو العم المروم باذن الله احمد عواض ) فمرت الايام واصبحت اعرفه من بعيد ولكن في احد ايام رمضان لا اذكر من اي عام بل قبل كذا عام وردني اتصاال من الاخ العزيز والزميل الاستاذ معاوية التوم وطلب مني ان اجهز نفسي غدا لتسجيل سهرة لقناة الشروق وكان هو في تلك الايام مراسلا لقناة الشروق فرحبت بالفكرة وسالته عن المكان الذي سيتم فيه التسجيل فقال لي سنقوم بالتسجيل في منزل العم احمد عواض بالملز فوعده انني ساكون في الموعد على الرغم من انني الى تلك اللحظة لم اتشرف بمعرفة العم احمد عواض عن قرب فتهيبت في بادئ الامر ولكن عزمت على الذهاب والمشاركة وقد كان ومنذ ان وطات قدماي تك الدار الطيبة دار العم احمد عواض حتى شعر انني امام رجل من طراز فريد وصاحب تجربة ثرة في شتى المجالات ورحب بنا ايما ترحيب وزاد عن ذلك بكرمه الفياض الذي غمرنا به ولسؤ الحظ ام لحسن الحظ تم التسجيل ولكن لم يكن بالمواصفات المطلوبة ,, وقد قرر الاخ معاوية اعادته في اليوم التالي فلم يتضجر العم احمد عواض بل كان كرمه في اليوم التالي اكبر واحسن من اليوم الاول وكان هاشا باشا يقدم لنا المشروبات والماكولات بنفسه فكانت فعلا فرصة طيبة ان اتعرف على هذا الرجل عن قرب وعن كسب وبعد ذلك صارت بيننا علاقة جميلة مبنية على الاحترام والتقدير المتبادل على الرغم من انني لم التقيه كثيرا بعد ذلك ولكن كان كلما يلاقني يشملني بعطفه وارشاده وتوجيهه بروحه السمحة ، فعلا فقد افتقدناه كاب واخ عزيز عرفناه هنا في رياض الخير نسال الله ان يتقبله قبولا حسنا وان يلهم اسرته ومعارفه واهله واصدقاءه الصبر والسلوان ,, اللهم ارحم العم احمد عواض احسن اليه واجل الجنة مسواه ,, جزاك الله خيرا اخي ود البصير لفتح هذا البوست الذي ينم عن وفاءك وصفاء معدنك يا اصيل ,, والرحمة والمغفرة لعمنا عواض .. ياسر العيلفون