الاسرة (ام بريرة )

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-25-2024, 09:39 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف للعام 2015م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
01-08-2015, 08:30 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
الاسرة (ام بريرة )






    تجري احداث هذه القصة في ارض كوش في زمن غارق في اللا تعيين
    زمن عدم وجود خيام الذل على اطراف المدن

    مهداة الى امنا مريم كراتي التي عاشت وماتت ولم يذكرها احد


    ************

    سوف تمر الفصول بتواليها الابدي (خريف شتاء صيف) والايام بمسبحتها السداسية ذات شاهد الجمعة دون أي مشاكل ، سوف يتذكر (ماهل) كل ايام طفولته المليئة بالترحال وهو الان كهل اخرق ، تمقته زوجته اكثر من (التمباك) ، ايام كان فيها ماهل راعي متطور بتدريج عمره فبعد ان كان ينش الدجاج عن فناء الدار بات ينش حيونات ذات اربعة ارجل ، -عندما وصل سن الخامسة اولكت اليه مهمة تقديم العجول الى تخوم الفريق وجلبها قبيل المغرب حتى لا (تلاقي) امهاتها ويبيت البيت دون حليب -، وقد ابلى بلاء حسن في ذلك ، لم تظهر عليه علامات السهو و الاستغراق في عالم الالعاب بعد ، عند بلوغه السابعة (ليس على وجه من الدقة فقط ارتبطت السابعة بتساقط اسنانه الامامية!) اوكلت له مهمة اكثر شرفا ، و-تعبا ايضا-، لكنها كانت سعيدة حيث كلف ماهل برعي الاغنام ، كانت اغنام الماعز شقيه مثله تحب الركض في الفلوات والشغب ، للدرجة التي جعلته يعتقد انها خلقت لاجله ، المروج الخضراء ذات نبتات (الدفرة )و (ابصابع) و(البيوض) كانت تفرش الارض بساطا سندسي كما ثياب اهل الجنه ، متساوية كملعب كرة قدم حديث ، بيد انها لا تستهوي الاغنام بالقدر الذي يحمله تصور عشاق (بوليود) فقد كانت تركض فيها كلاعب محترف ،سرى فيه سم التشجييع، تتطارد شجيرات ( الشحيط) و(السدر) و (التكو ) و(الانضراب) طالبة وريقاتها المخضره مع الرشاش ، والمرطبه بزخات المطر ، هو يركض خلفها وبذات الحماس ، لايطلب الشجيرات ، كما اغنامه ،و انما يطارد جراد (ام بقبق) وجميلات (ام سميسمان) تلك الجرادة الجميلة بلون الاصيل لها عينان خضراوتان يمنحن رأسها المتكورة قداسة وفتون ، وهي تنط في عجز من نبته الى اخرى ، يطاردها الموت بالمطارق الغضة ، او الاسر في ايادي اكثر بؤسا من المطارق ، كان سعيدا كسخل رضيع وهو يؤوب الى الدار بحصيلة لابأس بها من صغار الجراد ليغيظ بها شقيقه الصغير ، عندما بلغ العاشره اوكلت اليه مهمة استراتيجية ، من اهم مهام القروي الراحل منها يتعلم اسرار الحياة عبر الزمن في مدرسة الادغال ، حيث بعث الى التنقل مع (الظعينه ) للرعي بالابقار والابل ، وخصصت له اجره معلومة شهد عليها اعمامه ، وجده .
    كان اقسى الدروس هو درس الطبخ والرعي في الادغال دون عوده ولكن كل ذلك اصبح الان امام عينينه ضربا من الترف ، والسياحة ، فها هو الان مزارع بائس يذهب الى الحقل ويعود كما حمير الري يردد في اسى (خرباني ام قدود) ، فقد فقد قطعان الابل والاغنام التي اكتسبها من سياحته ،بين جدب الارض وفاجعة (ابو قليق) ، ليعود الى الارض التي لاتتأفف من معانقة الفقراء ، الان وبعد عقده الخامس بخمس سنين، فقد حتى اسمه فلم يعد احدا يعرف (ماهل )الا اذا قلت (ابو امبريرة) ، فام بريره هي ابنته البكر التي سلبته اخر مايملك !.

    تلبو




    _______________
    التعديل لاضافة توضيح المقدمة

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 01-08-2015, 08:58 PM)

                  

01-08-2015, 08:44 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    مرت الايام والسنون وها هو ابو امبريرة احد ظرفاء القرية غير المحبوبين ، فهو يحمد ويسبح بأسم من اعطاه ، باختلاق امجاد كذوبه وادلاء شهادات كرم مزورة ، مع خلق سلالات شريفة من خياله لقاء قليل من الدخن و (الضرابه)، ابو امبريرة ذلك الرجل المهزوم الباحث عن اضواءه التي سرقها الزمن ، عرف بادخال انفه في كل شيئ ، من مناسبات زواج ، ختان ، كرامة حج او عزاء، بل يتدخل حتى في شئون ادارة القرية وذلك بملازمته للعمدة ، ونفاقه الزائد ، تدنيه المفرط ، ولكن رغم ذلك يبقى ابوامبريره هو ريحانة المجالس وفاكهتها ، فقد اثبت انه لا احد على امتداد ((قرى (وادي كساره الدقلية) وصولا الى قرى (دلمانة – دقريس) ورجوعا بقرى (حرازه) ذات الكثافة الرعويه وقطعان الخراف ))، يستطيع خلق النكتة ، وفرج الشفاة ، و نظم الشعر الهزلي هجائي كان ام مدحي مثله ، بل اكثر من ذلك فهو الوحيد الذي لايرى حرجا في ان يقبل يد امرأة عجوز مدعيا انها جدته ، وكذلك ايدي الشيوخ بدواعي البركة ، فكٌون جمهور مزاجي نوعا ما ، لا احد يصرح بحب ابوامبريرة ، وكذلك لا احد يستطيع ذمه او إساءته امام الملأ ، فنشأ اتفاق صامت بين اهل القريه بأن يسكتوا عن امره ، فلا يزمونه ولايمدحونه ، وظل ذلك الاتفاق ساري الى ان اتى اليوم الموعود .

    تلبو
                  

01-08-2015, 08:48 PM

ابو جهينة
<aابو جهينة
تاريخ التسجيل: 05-20-2003
مجموع المشاركات: 22488

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    سرد ممتع

    تحياتي دهب
                  

01-08-2015, 09:16 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: ابو جهينة)

    كان ابو امبريره اضافة الى سماجته وعمله في الحقل كسائر اهل القرى يمتهن عملا غريبا وتجارة فريده من نوعها (راجت بعد موته بقرون في بلاد كوش مجددا ) ، تجارة لا اخلاقيه حتى اذا مورست بمهنيه وصدق ، اما ان تمارس بطريقة اكثر خسه ودناءة فتلك هي ثلاثة الاثافي ! التي كان يأتيها ابومبريرة ، فقد كان يمارس( تجارة الدين بالوكالة) ، في خطوة شيطانية تمكن من اقناع شيوخ (الام بررو )الذين ياتون في فصل الخريف من على تخوم بانقي تطردهم غزارة الامطار ، توصل معهم الى أن يشتري منهم جميع تمائمهم واحجبتهم وعروق اشجارهم الشافيه بثمن حاضر على ان يتعهدوا له بان لايبيعوا ما يتركه لهم لاحد ، وان يخبروه بالتفصيل عن اسرار الاعشاب ، ومفاعيل التمائم ، هو بدوره يلعب دور الشيخ والمعالج طوال اشهر الشتاء والصيف ، فيربح ارباحا مضاعفة ويكسب وجاهة هي ما يصبو اليه في الاساس .
    في اوائل شهر مايو عندما كانت خيام الامبرروا تغطي مابين مزارع القريه الشرقية ونقعت (دولمانه) الى جروف وادي (دقريس) بألوانها الصارخة وكأنك في عيد للفيلة (بمومباي) جلس ابوامبريرة الى الشيخ (نوقري) امام خيمة البروش ذات القلائد الجلدية المصبوغة بعصارة زهرة (امسبخة) البنفسجيه ، على بساط من لحى اشجار (المر) وهو يسأله بعض الاسرار ، اجابه الشيخ ومن ثم ذم شفتيه وهو يقول
    امممممممم اللاهو
    يااللاهو شغل انا نوريك ده سأب قاسي
    اممممممممم اللاهو يا اللاهو
    بعد مقدمات دراميه ادخلت ابوامبريرة في هلع حقيقي واستشعر خطر النبأ قال له الشيخ ان جموع الجن الساكنة في اشجار العرديب في زرع (عيسى فساد) التي قطعها ابنه حامد غاضبون لذلك الفعل ولولا ان منعهم حكمائهم كانوا احرقو القريه قبل ان تهوي مساكنهم في سعير (كمينة) فحم حامد ، فقر ابوامبريره فاه وسعق بذلك النبأ المدهش ، مستغرقا في تفاصيله الى ان وصل الشيخ الى نتيجة مفادها (ان للجن صقر بحجم الفيل يأتي كل عام للنظر في القضايا الخلافية بينهم وبنو البشر ، فأن وجدهم محقين انتقم لهم بنفسه والا ازاقهم ويلات العذاب ) سوف يأتي في فصل الدرت ، بعيد حصاد الدخن ،وانه قد يصل غضبه الى ابتلاع القرية بأكملها اذ اوجد الحق مع عشيرة الجن المشردة الان بين نبات (العوير) في جروف الوادي ، دخل المهرج العجوز في غم حقيقي ، وبدى كالمكلوم في عزيز، رجع يجرجر حزنه ، فبدى بوقار شيخ صوفي يتجهز لدخول خلوته الكبرى ، ولأول مرة مذ ان سكن (كسارة) يغيب عن وليمة ، -قد كانت هناك سمايه لوليد هو من ابتاع اغراضها من السوق الاسبوعي ، ليريح ابا الوليد نظير دجاجتين وخمسة بيضات - ، احتبس نفسه في الكوخ لايام، امتدت فيما بعد لتصل شهور بعثت الهلع والخوف في نفس( ام امبريرة ) ، هزل جسده ، طالت لحيته وشعر رأسه ، فبدى كشبح لشيخ وقور ، عندما خرج من عزلته كانت حفلات الحصاد قد بدأت لتوها ، الوفود تقاطرت من القرى وجماعات الرقيص انشغلت بتنظيم صفوفها ، السوح نضفت من الشجيرات الشوكيه تمهيدا لليالي السمر ، النساء النجيبات بدأن في صناعة (الدبنقات) الكبيرة من الطين اللبن وروث الحمير اما الكسولات منهن فما زلن لم يطلين (مدقات ) عيشهن بعد ، خرج في وقار وتقوى ، يلازمه ابريق الطين اينما حل وهو يصيح في الجموع الجالسين (حييي مدد ياشيخي يا الماحي مدد) ثم يردف ( السنه يجيكو شغل لابنشال ولا بنزقل) لم يساور احدهم شك في عته ابو امبريرة ، فصاروا يكرموا وفادته ، اينما حل عرفان لفكاهته وطيبة مجلسه ، بدأ بترحيل بيته ترحيلا صامتا ومتمهلا كما النمل ، لم يحلظ ذلك احدا من سكان القرية ، تسلل كالظل الى ما وراء الوادي في تعمير موازي ، فأصبح يغيب في الادغال طوال النهار للاحتطاب وقطع قصب الدخن الذي يستغله في بناء (قطيتين) وراكوبه كبيرة ، بعد ان اتم البناء ، خبأه ككنز ثمين ، ثم بدأ يظهر بعد غياب اسبوعين وراء الوادي.
    في يوم جمعة كانت (قروه ) تزمجر غضبا كثور مجنون ، وبعد صلاة الجمعة وقف ابو امبريرة واعظا الناس بتقوى الله ، والحذر مما سماه البلاء القادم ، لم يفصح اكثر ، ولم يستوضحه احد ، فمن يستوضح رجل مجنون؟! ، سألته زوجه عن الامر فأجابها بأن صقرا بحجم الفيل سوف يبتلع القريه عقب حصاد (جباريك الضرابه الشتوية) ، لم يغظه استهزاءها بالامر وهي تقول (وما المشكلة في ذلك فالموت مع الجماعة عرس!) عرف انها تسخر منه وعرف انها ماسألته الا لتتأكد من جنونه فأردف (بكرة تقولو الشايب قال) ، ومسد شعر ابنه الصغير الذي كان ينام في حجره ، بعد رفع رأسه من الارض ليسنده بفخذه ، تأمل وجهه الملائكي فبدى له كجنة عدن ، تفرسه ، بانت نضرة الوجنتين اكثر اشعاعا ، استرجع طفولته ، قلبها ككف ، لم يجد ما يستوقفه ، خرج منها بأنكسار محاصر الى وجه الصبي ، لاحظ ان ثقره ينفرج عن بسمة ميته ، كأي نائم سعيد ، دقق فوجد ان الانفراج يتسع ، الى ان شهد تتويج بسمه كامله حية كسمكة داخل ماء ، حينها عرف صغيره كان يتناوم ليسمع الامر ، بطريقة مفاجئة نهض الصغير سائلا
    متى سوف ياتي الصقر الذي بحجم الفيل يا ابي؟
    وهل هو يشبه الصقر (كلدنق ) ؟
    تحاشى العجوز اسئلة الطفل ونهره امرا بأن ينام ، لكن النزق الصغير اخبره انه يعلم كل الامر فقد اخبره (سوباجو) طفل (الامبررور) عن سر الصقر ، بل ذهل الشيخ عندما اخبره صغيره عن انشودة اغضاب الصغر ، حينها صرخ في وجهه (انت شيطان شيطان) وخرج الى الخلاء .
    تلبو

                  

01-08-2015, 09:35 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    Quote: سرد ممتع

    تحياتي دهب

    استاذي ابو جهينة سعيد بمرورك من هاهنا
    وكما هو معروف انتم الينابيع التي ننهل منها بهذا الدلو الخرب
    دم طيب يا شفيف



    تلبو
                  

01-09-2015, 03:05 AM

جلالدونا
<aجلالدونا
تاريخ التسجيل: 04-26-2014
مجموع المشاركات: 9387

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    يا سلام يا تلبو
    اجمل حاجة فى الدنيا دى
    الرسم بالكلمات
    ابداع ما بعدو ابداع
    و متابعين يا استاذ
                  

01-09-2015, 03:10 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: جلالدونا)

    القريه جميعها مذعورة من هذا البلاء العظيم ، الابناء لايعودون ان ذهبوا للرعي ، والاغنام باتت كسوله ، تتحاشى وريقات الاشجار وكأن بها سم، الدجاج اصبح يموت في اقنانه جوعا خوفا من الخروج ، وكزوه بالمطارق وعصى القنا الغليظة الا ان الدجاجات ظلت متمسكة باقنانها ، كقاتل يجر الى ارض القصاص ، كسروا العصى ، والاقنان وبعض رقاب الفراريج ، ولكن دون جدوى فجميع الدجاج تسمر في عصيان دجاجي عن المرعى ، (القناطير) الترابية باتت لاتفور ، ودابة الارض التي بها -والتي تعمل كما النحل - توقفت عن العمل وغابت عن الانظار ، الحمر عزفت عن مطاردة الأُتُنٌ ، والكلاب هجرت القريه وهامت في الادغال ، ظل جميع اهل القريه مستغرقون في هذا المصاب الجلل ، لم ينتبه احد للغمام الذي اصبح يظلل الغريه طوال النهار ، فالمصاب اكبر من تفاهات التأمل في السماء ، عندما رفع رجل من الرجال -الجالسين على شمس الضحي -، رأسه يستقرأ الوقت ، بهت واصابته رجفه ، فصرخ وهو يشير الى السماء ، كطفل يشير الى عقرب لدغته ، عندها رفع الجمع رؤسهم لتصيبهم هاء الضجه فيفروا صارخين في ذعر من رأى جهنم .
    القريه الان اضحت خاويه على رواكيبها وقطاطيها كقرية دخلها ملوك ، لم يعد احدا يسأل عن صحة احد ، او يعزيه ، فجميعهم مكلوم ، الموت يطارد الكل طال ما شبح الظل الشحيح لم يغادر المساكن ، يخرجون الى المزارع مكرهين ، كرهوا الحياة ، وزهدوا عن مباهجها ، كرهوا المال ، الماشيه ، الغلال ، والدجاج ، هامت الانعام في الادغال والوديان كما الوحوش ، تسبعت الكلاب وباتت تصيد المعز في مطاردات حرة ليس للانسان دخل فيها ، الجميع يذهب للحقل، ليس حبا في العمل (وهل هناك عملا في الصيف؟) وانما هربا من شبح الظل ، وخوفا من التساؤل حول المصير الليلي ،مطرقي الرؤس ، ترهقهم اسئلة البقاء فالصقر الفيل ، لايسأل احدا بالنهار ، فقط يخيم على سماء القريه ،اذا دعونا نهرب نحو مزارعنا اذا ، ولكن ماجدوى الامر اذا كانت يده تطول من في الخلاء اسرع ممن داخل القرية ؟ ، الليل بات يعني الموت في كل ارض واي بلاد ، لم يسلم الفارين من كرش الصقر الى البلدات البعيدة ، فبلعهم الصقر في غضبه حقيقية بأنعامهم، اذا هو الصبر وليس شيئا غيره ، الشيخ العالم بالبلاء لم يفتقده احد ، فليس للمجانين حضور في ذاكرة يملأها الموت ، تسلل الى البيت البديل ومعه بعض جوالات الدخن وزريته ، تاركين الموت والصقر ، (اللذان ينتصران لمشردي العرديب )، وضحاياهما المستهزئين ، لم يكن احدا يعلم بأمر البيت الحصين ، والا كان سيكون البيت قرية مضغوطة !، لم يكن احد يعلم بأن داخل هذا البيت الليل لايعني الموت ، لايعني الحمى وغليان الدم ، الليل هنا ليس له ضربات قلب بصخب مطرقة حديديه في صفيح بحجم العدم ، ظل الشيخ ابوامبريره ، وزوجه يصليان مايزيد عن الخمسين صلاة في اليوم والليلة ،متوسلان بالاسلاف الصالحين ، يعدان اطفالهما في كل صباح مائة مره ، قالت ام امبريرة ( يجب علينا الخروج الى الحقول ) اجابها في ذعر ( وما لنا بها ) اجابت ( حتى نعلم مايسير في القرية وحتى لاينتبه اهل القرية الى غيابنا ) استحسن الفكرة واصبحا يخرجان للحقول كل يوم ، الايام مرت بطعم الموت ورائحة الصقور الكبيرة ، دون تجدد الا من الظاهرة الاتنحارية التي اصابت البيوت ، فكل من فقد ابنائه خرج ليلا الى فناء داره ينتظر الموت كسمكة قتلتها الوحشة في حوض مترف ، ويكون له ما اراد ، لم يروى احد كيفية اكل الصقر الفيل للانسان لان ليس هناك من نجى من منقاريه المشئومين ،ظل الامر كذلك والتناقص ايضا الى ان وجد ابو امبريره وعائلتة نفسهم وجها لوجه مع الصقر وذلك عندما مات الجميع او ذهبو للعدم احياء
    (لكل اجل كتاب ) هكذا ردد الشيخ في سره وهو يعد اول نقص لأطفاله ، نصحته زوجه بالهرب الا انه اخبرها بأنه لامفر من البلاء لذلك يجب الصبر والتضرع لله ، للحظه احس انه الامل الوحيد لبقاء الانسان على وجه الارض ، عزز ذلك من ثقته في النجاة .

    تلبو


    _________________________
    التعديل لقلب القاف غين في كلمة - الادغال-

    (عدل بواسطة Dahab Telbo on 01-09-2015, 03:14 PM)

                  

01-09-2015, 04:18 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: جلالدونا)

    Quote: يا سلام يا تلبو
    اجمل حاجة فى الدنيا دى
    الرسم بالكلمات
    ابداع ما بعدو ابداع
    و متابعين يا استاذ


    العزيز جلالدونا شكرا يا صديقي على كلماتك
    المذهبة وقولك المشجع ما هي الا اضغاث
    خيالات نرتقها في شكل سرد لنزيل به كدرة الايام
    شكرا ياصديقي على كلماتك التي تشد الاذر
    فمغبوط بظهورك ياصاحب


    عشت
    تلبو
                  

01-10-2015, 06:13 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)


    الليل في كمال انصاته يصيخ السمع الى تضرعات الشيخ المهرج ، وهو يبكي بصدق ويسأل الله النجاة ، تسلل صوت هامس الى اذن الشيخ ظنه في الاول جوابا من السماء ، فأنصت هنيئة ، قبل ان يصعقه صوت ادم الصغير وهو يردد نداء الغضب الصقري في حبور
    (كلدنق الكبير ودالعزبا
    بلدنا العامرة ما بتقدر تخربا)
    عندها عرف سبب زوال الصغار قبل الكبار ، تنبه لنقص صغاره عندما يعدهم في دجاه الوقور ، بل استطاع ان يفك تلاصم معرفة صغيره -الشيطان - بأدق تفاصيل اختفاء الصغار ، ففي كل صباح كان ادم الصغير يتنبأ بأسم الطفل المفقود ولما يفرق ابو امبريرة من شراب كوب شايه الصباحي ، بل يجزم على ذلك ويندهش ابوه عندما يجد صدق نبوئته في الحقول ، وعرف سبب وصول الصقر الى مخبأهم ايضا ، بعدها تشهد وانتبه لحاله وجد فراش الصغيرين خالي ، ظن -لوهلة - ان الصقر الفيل اتى على الصغيرين في ان واحد، ارتجفارتجافة المسلوع بالصقيع ، كاد يفقد عقله ، لولا ان رأى الصغير يخرج وهو يضحك من بين قصب الدخن عندها اصابه غضب اعمى بصيرته ، مسكه ، واخرجه الى الفناء ثم نادى
    (كلدنق الكبير ود العزبا
    بلدنا العامرة مابتقدر تخربا)
    جاء الصقر وخطف الصغير في موكب اسطوري كتنين طائر ، تملكت الحماقة الشيخ فأخرج زوجته لينشد
    ومن ثم خرج بنفسه شاهرا سكينه فأنشد نشيد الموت ليصعد الى ظلمات الصقر .

    تلبو
                  

01-11-2015, 02:45 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    من يصدق كل هذا العالم تحويه هذه التجويفة اللحمية ، اسواق وبيوت ومباني ،اخاديد ، اعشاش واقنان ، واواني ، صغار وكبار نساء وصبايا ، بل اكثر من ذلك زروع ذرة حقيقية لها سوق وقناديل ! ،تفرس ابومبريرة وجوه احد الماره ، فوجد انه ليس لديه انف ، ظنه معاق ، تفرس اخر ، ايضا بلا انف !، ثم ثالث فرابع ، ليقول للذي بجواره في حديقة الانسان وبنبره اكتشافيه ( هؤلاء القوم ليس لهم انوف) اجابه جاره بغنوط (اظنك لم تلحظ انه ليست لهم ارجل كذلك!).
    جميع رجال القريه يجلسون في قفص ضيق ، كاملين لاخدش او اعاقة وكذلك النساء كاملات بأطفالهن ، دنيا اخرى وعالم اخر يعيش في هذه الكرش العالم ، انزوى الصغار من بني البشر وتعلقوا بثياب امهاتهم ، امام جموع المتفرجين على هؤلاء الادميين الغرباء الواقفين بتأفف كقطيع من الضأن في حظيرة مسلخ ، تفرج المارة على هذه المجموعة الغريبه ، هتف اطفال بلا انوف بهتاف لم يفهمه احد من جماعة ابوامبريرة عقب خلو الساحة من المتفرجين ومن ثم رشقوهم بالحجارة ،انحنى الجميع واضعين رؤوسهم بين ايديهم ، متواريين من موجة احجار الشياطين ، بعدها ساد هدوء بغيض يتخلله تأرجح الهواء في الرئات شهيقا وزفيرا بطعم الضياع، عندما سأل الشيخ المهرج من سبقوة الى المكان ، عن ماذا سوف يحدث اجابوه بأن لاشيئ سوف يحدث يوميا يتفرج المتفرجون الى الليل ثم نخلد للنوم كأي قرود في حديقة حيوان ، وكعادة من يأخر حكمته للمواقف المفصلية ، فكر في الخلاص ، تشاور معهم ، لم يكن احدا يحمل فكرة واضحة ليقدمها ، عندها امرهم بأن يبدأوا في حفر الارض الجلدية التي تحتهم بما لديهم من سكاكين ، بدت الفكرة سخيفة للجميع ولكنهم شرعو في العمل الذي لابد منه ، ما هي الا ايام وفتحت سلة للعالم ، فتشجع الجميع ولمع لهم برق الخلاص ، في ذات ليل (الذي هو نهار العالم) تشتتوا في فضاءات الارض صارخين كأطفال كبار ، معلنين ميلادهم الثاني للوجود، تشتت الجموع في الادغال ، لم يدروا في أي ارض هم ، ولكن على كل حال انها ارض ترابية وليست جلدية كالتي اتو منها !، مات من صادف الاشجار الحقوده ، وتأذى صاحب الحظ الطيب ، تمكن ابومبريره من جمع اسرته رغم فقده لصغيره النزق واخته الكبيرة ، الان هو وزوجه واطفاله الست في غابة ، يعيددون كفاح ادم وحوا عند هبوطهما الاول .

    تلبو
                  

01-12-2015, 12:34 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    فوق لحين ميسرة
                  

01-15-2015, 07:28 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    الاسرة (ابومبريرة) تتمشى في دغل كعانة مجنون ، الجميع سليم الا من خدوش او جروح طفيفة ، كانت الامور ستكزن بأحسن حال لولا ان شيئا من (الزهللة) اعترت ابو امبريره ، اكتشفوا ذلك عندما حلف بجده انه يعلم هذا المكان وانه سرح فيه بأبله ، بل اكثر من ذلك صرح بأن البيت من هنا قريب لايكلف من المشي سوى (ضحويه) ، ليسير بهم يوميين متتاللين دون هدى ، عندها و عندما علمت ام امبريره بالمهزله تسنمت الامور في حزم من يواجه الضياع وراء ترهات مخبول ، بعد ان اجلست الصغار تحت شجرة (جميز) ظليلة استطلعت الغابة ، وجدت بعض اشجار (الطلح) اخرجت منها صمغات لبنه ، عادت بها الى صغارها الجياع ، لتجد الاب المخبول تناسى كل الالام وطفق يقص على صغاره بطولات توره عند (المنشاق) ! ، جمعوا بعض الاشجار الطريه وطرحهوها على (سيداب ) الاعواد المنصوب تحت شجرة الجميز ، معلنين عن اول سرير في حياتهم الثانية، ناموا جميعهم الا الام ظلت تفكر في هذه المهازل وكأنها تستوضح ربها (الى اين تسير بنا يا ذا الطول؟)
    عند الصبح خرجت الام بعد ان اودعت الاب المخبول اطفالها لتتبصر رزقا ، تجولت في الغابات التي لا تفضي الا الى مزيدا من الغابات ، جالت حتى ظنت انها لن تستطيع العوده الى صغارها ، والمخبول ، عندما يأست رجعت تتبع دربها الملتوي علها تتمكن من العوده ، في طريقها لاحظت ان شجر الطلح في هنا جميعه (مطقوق) فعرفت بأن احدا يدير هذه الاشجار ويجني صمغها ، اخذت انجب الصموغ وعادت صانعة خريطة ، على جزوع الشجر ، عند المساء وبعد عناء وجدت مخبأها وكلبوة عائده الى اشبالها ، استقبلها الصغار بمرح ، وسألها زوجها عن اهل القرية التي ذهبت اليها !، مدققا في السؤال عن اناس بعينهم ماتو قبل ان تولد هي ، تبسمت وهي تضع حصادها للصغار ، واجابت بأن الجميع بخير ، ظل الحال كذلك تذهب لغابة الطلح ،تأخذ صغار الصمغ لتصنع (النشاة) لصغارها وتترك الكبار لاصحابه ،لكن زوجها المخبول ظل يلح عليها بان تأخذه معها ليجلبا ما يكفيهما لشهور ، معلل بأنه كان يعمل في مصلحة الغابات وانه خبير بالصموغ ، لا سيما صمغ اللبان!! ، وظلت هي ترفض ولكن اللحاحه القوي رقق قلبها فساقته معها بشروط .
    عندما ذهبا للغابة ،ظل الزوج المعتوه يتسلق رؤوس الاشجار وهو يقول ( كم انت حقودة ، تبخلين لنا بأنجب الصموغ هل هي غابة ابوك؟ ) نازلا من شجرة ليصعد على الاخرى وهو يصب اللعنات على زوجه دون ان يجني صمغة ، عندما اخذت ما يسد رمق اطفالها امرته بأن ينزل ليعودا ، الا انه رفض وامرها بالانصراف وانه سوف يجلب لاطفاله من الصمغ ما يكفيهم لحول كامل ، لحت عليه الا انه كان متمسكا برأيه وحازما ، لدرجة انها شكت في عتهه ، رجعت باكية وهي تعلم مصير من وجد على مزارع الناس يسرق ، عادت وهي تبكي زوجا كان هو الانس ، والسند.
    لما غابت الشمس استعصى على ابو امبريرة النزول من رأس الشجرة فبدأ يضج بالصراخ مناديا زوجته واهل القريه ،صراخه الطفولي هدى الذئاب الى فريستها ، تجمعت تحت الشجرة تتشهى لحم الانسان الطاعم ، لما سمع نزاع الذئاب حول جثته ، احتفظ بموقعه بل تسلق الى اعلى لتطمئن نفسه ، وظل متماسكا الى ان بزقت الشمس ،مع شخشخة العصافير ورتق انسجة الشمس لثوب الصباح ، جاء العمال ورب العمل الى المزرعة ليبدأوا عملهم ،ما ان رأهم ابو امبريرة حتى هتف فيهم مستنجدا ، لينزلوه ،ووعدهم بأنه سوف يهبهم بعضا من ضمغه !، ، تجمع العمال حول الغريب، انزلوه ، وكتفوا ايديه ،منتظرين قضاء صاحب العمل ، لماسأله المالك عن سبب طلوعه الشجره اجاب
    -لم اكن انا الذي يسرق صمغك الصغيرطوال الشهرين الماضيين ، ام امبريرة هي من تفعل ذلك منذ ان خرجنا من كرش الصقر
    وبدأ بالاستنجاد
    - لا تقتلني سيدي سأوصلك الى السارق الحقيقي وصغارها لتقتص منهم حقك

    تلبو
                  

01-17-2015, 08:31 PM

Dahab Telbo
<aDahab Telbo
تاريخ التسجيل: 12-03-2014
مجموع المشاركات: 1160

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: الاسرة (ام بريرة ) (Re: Dahab Telbo)

    فوق
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de