|
أحمد سليمان المحامي (يهوذا)
|
08:59 PM Nov, 03 2015 سودانيز اون لاين أبوبكر عباس-الإمارات مكتبتى فى سودانيزاونلاين
أحمد سليمان من الشيوعيين إلى الإخوان: انقلابي بلا حدود بقلم: د. عبد الله علي إبراهيم
لم نكف يوماً عن الحديث عن أننا أمة مصابة ب"حلقة خبيثة" من ديمقراطية إلى ديكتاتورية ثم بالعكس. وهي حقيقة لا يبخس منها إلا أننا جعلناها للندب وشق الجيوب أو التلاوم: من جاء بالانقلاب؟ أي حزب؟ من نصير الديمقراطية؟ من فرط فيها؟ وهلمجرا.ومثل حقيقة "الدورة الخبيثة" كفيلة بأن تقودنا لإنشاء علم سياسي يخرج بنا من بولتيكا بيت البكاء الأمدرماني. ولكن لم يقع لنا هذا العلم على طول ما طاف بنا طائف تحولنا من الديمقراطية إلى الانقلاب وبالعكس.
ويقوم علم السياسة بتحليل مثل هذه الدائرة الخبيثة بالنظر الى القوى الطبقية والإثنية والجندرية. وهي معطيات اتفق عليها علماء المجتمع في تحليل الظواهر ولكننا لا نقترب منها لانشغالنا بتذنيب بعضنا البعض في غلواء التحزب الضار. بل لأن أكثر علماء السياسة عندنا ممن خلعوا ما ألبسهم الله من علم واستطابوا الحزبية مقاتلين وقاعدين.
أحاول منذ أيام تحليل هذه الحلقة الخبيثة ناظرأ إلى أصلها الطبقي في الفحولة السياسة للبرجوازية الصغيرة الحضرية. وهي طبقة حالت القوى التقليدية الإرثية في الجماعات الصوفية والعشائر بينها وبين الحكم الذي هيأها الاستعمار وحداثته له. فأهل الإرث، متى جرت الإنتخابات البرلمانية، فازوا وتركوا أهل الكسب ملومين حسيرين يتربصون للديمقراطية بالانقلاب بعد أن يشبعوها تهزئة وتهويناً. وبلغوا من النجاح في ذلك أنه رموا الديمقراطية الثالثة على قارعة الطريق حتى قال قائل إذا جاء كلب لا يهشونه عنها. وعرضت في مقالاتي السابقة إلى تخلق الانقلاب في سياسة هذه الطبقة (بما فيهم أفرادها في الحزب الشيوعي) في نطاح مع خطة الشيوعيين للصبر على الديمقراطية لتوظيف الحقوق الديمقراطية الليبرالية للدفع بالطبقة العاملة والكادحين برلمانياً في مدارج النهضة الوطنية الديمقراطية.
وأنتقل هنا لوجه آخر من وجوه الفحولة السياسة الانقلابية للبرجوازية الصغيرة. فقد كنت أخذت على الشيوعيين أنهم يصفون انقلاب 1989 بأنه انقلاب "الكيزان". وقلت لهم: أين التحليل الطبقي هنا. وتجدهم مرات يقولون إن الكيزان هم الرأسمالية الطفيلية. وبيقى السؤال: هل الرأسمالية الطفيلية برجوازية كبيرة أم صغيرة ؟ وهل الكيزان برجوازية صغيرة أم كبيرة؟ والسؤال هام إذا أردنا للشيوعيين ان يتصلوا بتاريخهم العائد إلى 1969 الذي حلل الانقلاب كتكتيك للبرجوازية أو البرجوازية الصغيرة في الثورة الوطنية الديمقراطية.
أريد هنا أن القول إن انقلاب 1989 هو انقلاب للبرجوازية الصغيرة ذاتها ولكن كان الذي قام به قسم ديني محافظ منها هو الأخوان المسلمون. ولنقف على فساد الألوان السياسة في تحليل الانقلاب (مثل قولنا هذا انقلاب شيوعي أو كيزاني) سأتطرق إلى يعض سيرة رفيقنا المرحوم أحمد سليمان المحامي. فسيرته الانقلابية فضحت فساد تحليل الانقلاب باللون السياسي أو الفكري.
فإن كان لفرد ان يمثل بمفرده الفحولة السياسية لطبقة اجتماعية بأسرها فهذا الفرد في ما تعلق بالبرجوازية الصغيرة السودانية هو سليمان هو وحده لا غيره. ومروراً نقول إن هذا التطابق بين الرجل وطبقته قديم ووقع قبل ما يقارب الستين عاماً. وأصّله وفصَّله المرحوم صلاح احمد إبراهيم في مجموعة قصصية بعنوان " البرجوازية الصغيرة " صدرت عام 1958م بقلم كاتبين شيوعيين (أحدهما مغيظ على الحزب) كانا قد تركا الحزب قبل النشر أو بعده.
عاش سليمان، وهو محام بالمهنة،حياة كان الانقلاب أول ما يخطر له فيها عند كل منعطف سياسي. وكان شارك في سلسلة من الانقلابات الفاشلة إبان ديكتاتورية عبود 1958م-1964م ونال تقريعاً على مشاركته المرتجلة بغير تفويض من الحزب في المؤتمر الرابع له في 1967 كما جاء إجمالاً في وثيقته المنشورة بعنوان "الماركسية ووقضايا الثورة السودانية".
سليمان واحد من مؤسسي الحزب الشيوعي وصديق صدوق لعبد الخالق محجوب، سكرتير الحزب الشيوعي (1949-1971) وزميل دراسته في مصر في نهاية الأربعينات. وهو الذي مثل الحزب في مجلس وزراء حكومة ثورة اكتوبر 1964م الذي كانت الغلبة فيه لليساريين. و مما يحكي عنه من نوادر أنه قال لجلالة الملكة اليزابيث عندما قدموه لها أثناء زيارتها الملكية للبلاد إنه يفخر بكونه الوزير الشيوعي الوحيد في امبراطورية صاحبة الجلالة.
دعا سليمان لقيام انقلاب يساري علناً وسراً في ملابسات الثورة المضادة لثورة أكتوبر 1964 التي قادتها الاحزاب التقليدية والإسلامية ضد الحزب الشيوعي وحلفائه. ولم يثنه عن ذلك نقد الحزب لسابقته الانقلابية بغير علم الحزب في 1959. وكان من بين قادة الحزب الذين وقفوا مع التكتيك الانقلابي في اجتماع اللجنة المركزية في مارس 1969 في وجه تكتيكات الحزب القائمة علي مراكمة القوى العاملة تحضيراً لهبة ثورية جديدة. وخرج سليمان بخطته للملأ فنشرها في جريدة "الأيام." فرد عليه عبد الخالق رداً تجده في كتاب المؤرخ المرحوم محمد سعيد القدال "الحزب الشيوعي وانقلاب مايو".
والواضح أن سليمان لم يرعو بل مضى الى سبيل حاله وانضم لانقلابي مايو 1969م وأصبح بعد نجاح الانقلاب سفيرا للسودان بالاتحاد السوفيتي، ثم وزيراً للاقتصاد الوطني والتخطيط في ما بعد حيث قام بتأميم البنوك والشركات الاجنبية بجانب بعض الاستثمارات السودانية. ولقد رأينا من قبل كيف أن عبد الخالق لم يتحمس لصديقه القديم الذي حقق التأميم الذي كان من أحلامه هو نفسه كمناضل اشتراكي. بل ذهب عبد الخالق أبعد ووصف تأميم مايو للأموال ومصادراتها بأنه مجرد حاجز من الدخان أخفت وراءه حكومة الانقلاب خطة للغدر بالحزب وتوجيه ضربات موجعة تبدأ باختطاف أحلامه العزيزة وتطبيقها في غير وقتها.
وعندما حدث انقسام 1970م في صفوف الحزب كان احد سليمان من ابرز "المتعاونين" مع انقلاب مايو ضد التيار الآخر، الذي قاده عبد الخالق، والذي تمسك باستقلالية الحزب. ومن فرط اخلاص سليمان لنميري والجهود التي يعتقد بعض الناس أنه قام بها لتخريب الحزب اطلق عليه عبد الخالق لقب "المصفى الرسمي" للحزب. ثم سماه "يهوذا" كأنه يستطلع الغيب ويرأى استشهاده الوشيك من أجل القضية التي خانها الحواري سليمان. وقام انقلاب 19 يوليو 1971 وترتب على هزيمتة تنامي قوة اليمين التي لم تميز بين شيوعي تعاون مع النظام أو ناصبه العداء. وفي ثنايا هذا الظفر اليميني فقد الوزراء الشيوعيون " المتعاونون " مناصبهم الوزارية. وما ان تأسس الاتحاد الاشتراكي، بوصفه الحزب الحاكم والوحيد، حتى تحلل شيوعيو مايو من قيود ارتباطهم بحزبهم المنشق واسرعوا للانضمام لحزب الدولة. و لم يتقلد احمد سليمان المناصب القيادية في التنظيم الجديد فحسب بل عين كذلك وزيرا للعدل .
وحمل سليمان جرثومة الانقلاب معه إلى الجبهة القومية الاسلامية التي انضم إليها بعد سقوط دولة نميري في 1985م وصار عضواَ بلجنة الجبهة القومية. وقد أغرته تحولاته الكبيرة هذه ليستدعي من مجازات الإسلام نفسه لتصوير حالة هجرته من حر "الإلحاد" الشيوعي إلى نعيم "الإيمان". فلم يصدأ حسه المعروف بالفكاهة لمجرد انضمامه للأصوليين الذين يظن الناس الظنون بمزاجهم للدعابة. فقد روي عنه أنه قال إن حياته مع الاسلاميين، التي لم تخل من خيبات، هي جاهليته الثانية. وعلى كل فإن هناك من القرائن والادلة أنه كانت لسليمان يد في انقلاب يونيو 1989م الذي وصلت به الجبهة الاسلامية الى سدة الحكم.
لا يبدو أن سليمان ممن يوقرون الأيدلوجيات حتى وهو يتجشم هذه الهجرة الشقية من اقصى اليسار الى اقصى اليمين، من الالحاد الي اليقين، من ماركس الى محمد ومن موسكو الى واشنطون، ومن المجون الى فروة الصلاة. فالايدلوجيات عنده محض جاهليات: أولى وثانية وهلمجرا. وهي عنده في المقام الأدنى قياساً بولعه بالشوكة. وقد استغرب عبد الخالق كيف تسنى لسليمان ان يكون القائم بشؤون التأميم والمصادرة وهو الذي لم يعرف عنه أنه ممن يجلس علي صلبه لما يكفي لقراءة تقرير من صفحة واحدة عن المال والأعمال. الا أن سليمان كان يعلم من جانبه ان السلطة تفعل الافاعيل وتصنع المعجزات وتعطي القرط لمن لا اذن له كما يقول المثل الشعبي السائر. ونراه يستبدل المعتقدات بالمعتقدات والأصنام أو الآلهة بأخرى والسكرتير العام بآخر إلا أن عقيدته في سحر الانقلاب ووجوبه لم تنقص قيد أنملة.
ولعل في تطواف سليمان وهجراته ما يشئ بروح طبقته البرجوازية الصغيرة التي ترف حائرة مصارعة بالظفر والناب من أجل السلطة وهي بين رمضاء طبقة تقليدية مكنكشة بالوراثة ونار طبقات عاملة خفيفة الوزن مظنون أنه لا قدرة لها على تولي مقاليد البلاد أبداً. فاليسر الذي صادف أحمد الدخّال الخّراج في أحزاب بونها شاسع للناظرين من مثل الحزب الشيوعي والحركة الإسلامية لدليل على حضور البرجوازية الصغيرة في الأحزاب جمعاء. وقد خرج سليمان داعية لها، عبر ألوانها السياسية والحزبية، أن هلموا إلى كلمة سواء لتطلبوا الشوكة عن طريق الانقلاب لا العقائد الواهمة.
إن الحكمة من سيرة سليمان أن الناس تظن أنه أبعد النجعة بصيروته إسلامياً بعد أن كان شيوعياً. والحق لا. فلم يفعل سوى أنه ترحل من قسم من البرجوازية الصغيرة إلى قسم آخر حاملاً جرثومة الانقلاب الذي هو طريق طبقته للحكم لا غيره.
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: أحمد سليمان المحامي (يهوذا) (Re: أبوبكر عباس)
|
اليس هم ذات النخبة التي دمغها د. منصور خالد بالفشل ؟ متى نعترف؟ بالتأكيد هذا العسر الذي صاحب نهضة وتطور السودان لم يكن لرعاته و زراعه وعماله دور فاعل .. فهم كانوا يساقون ولا يسوقون .. كل الأحزاب اليسارية واليمينية والطائفية .. ظل لسانها لسان من يساقون .. وسيفها بيد النخبة أو البرجوازية الموظفة لصالح أحزابهم .. هذا الفشل المتراكم لم يزد الفقراء فقرا فحسب .. بل هدم روح المسؤولية المهنية وحيادها بين النخبة إلى أن صار ت الدولة مختزلة في الحزب .. على كل حال : فلا الشموليات العسكرية (48 سنة ) وضعتنا في مصاف الدول المتطورة النامية .. ولا الديمقراطية التعددية (12 سنة) عالجت اختلالات السلطة والثروة .. وجعلت منا مجتمعا وطنيا ناهضا.. فهل ما زلنا ندور في محور السؤال والبحث عن أصنام نرجمها أو كبير نضع على كتفه الفأس؟ : الحبشة جابت .
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أحمد سليمان المحامي (يهوذا) (Re: محمد على طه الملك)
|
سلام يا ملك، هي ليست أصنام نرجمها، لكنني معجب جدا بسرد دكتور عبد الله وتوثيقو لسيرة ناس ساهمو في صناعة أحداث كبيرة. أحمد سليمان دا شخصية فعلا غريبة؟! بالأمس وبعد قرايتي للمقال دا، فكرت، كيف تعايش هذا الرجل مع مقتل عبد الخالق؟ كيف يكون عندك في وقت من أوقات حياتك رفيق وصديق بعظمة عبد الخالق، نفترض اختلفت معه، لكنني لا استطيع أن استوعب تعايش سليمان مع النميري والعمل معه بعد مقتل عبد الخالق؟! يقال أن يهوذا بعد أن وشى يالمسيح لليهود، ندم بعد مقتل المسيح وقتل نفسه، لا أقول أن سليمان وشى بمكان عبد الخالق بشكل مباشر، لكنه تسبب في مقتله.
أحمد سليمان في رواية مندكورو: سوف أحاول انزال الفقرات التي تشير لسليمان في الرواية
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أحمد سليمان المحامي (يهوذا) (Re: محمد المسلمي)
|
Quote: ليس هم ذات النخبة التي دمغها د. منصور خالد بالفشل ؟ متى نعترف؟ |
مولانا الملك .. تحياتي ولصاحب البوست .. مولانا أرى أننا متفقان تماماً في الرؤى .. حتى ينطلق السودان .. لا بد من جلوس كافة الاحزاب التاريخية والحديثة والشخصيات وغيرهم .. والاعتراف بالخطأ .. والاعتذار للشعب السوداني في الفضاء عبر التلفزيون .. صدقني يا مولانا مشكلتنا سوف تحل .. لأن الاعتذار فضيلة إنسانية .. ومهما كانت التبريرات لا يمكن أن يقتنع بها الجميع .. وهكذا فعلت الحكومات والافراد للانطلاق نحو الرقي والتقدم رغم أنها إرتكبت مجازر ..
الاعتراف والاعتذار هو الحل ..
تحياتي ومودتي ..
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أحمد سليمان المحامي (يهوذا) (Re: علي عبدالوهاب عثمان)
|
حبيبنا المسلمي إزيك؟ قبل أرد على تساؤلاتك الأربعة حول مقال إمام الإستنارة استاذي بروف ع ع إبراهيم خليني أضرب مثال هنا في البوست بشكل هزلي: عليك الله، عاين لشيوعي المنبر وكيزانه عليك الله، في فرق بيناتم؟ مرات لمان يتعاركوا هنا، الواحد إلا يعاين للون اللستك حتى يعرف إلى أي قسم من اقسام البرجوازية الصغيرة المعفنة ينتمى المتعاركين!! جاهلية في جاهلية علي قول أحمد سليمان المستهبل
بجيك أجاوب على تساؤلاتك، بس طلع لينا حرمة الموت وعلاقة أمين الاسرية من الموضوع، ينوبك ثواب في الآخرة لو في.
| |
|
|
|
|
|
|
Re: أحمد سليمان المحامي (يهوذا) (Re: أبوبكر عباس)
|
هسع يا مسلمي، لو تأملت سيرة أحمد سليمان ومنصور خالد، بتكون داير ليك دليل عشان تصل لعدم إنتمائهم لأي أيدلوجية؟
مقال البروف يا مسلمي، مقال تحليلي لسيرة الرجل لا يحتاج في كل نتيجة يصل ليها لدليل
| |
|
|
|
|
|
|
|