دعواتكم لزميلنا المفكر د.الباقر العفيف بالشفاء العاجل
|
في حوار مثير مع الرئيس عمر البشير عن مستقبل السودان: لن أترشح للرئاسة
|
الرئيس عمر البشير في حوار اللحظة التاريخية عن السودان وقضايا الساعة : (26) سنة في الحكم أكثر من ما يجب بالنسبة لي وللشعب .. لا أستبعد تحول الجنوب إلى قاعدة لإسرائيل والغرب
يقف السودان على مشارف لحظة تاريخية حاسمة وحافلة بعشرات التساؤلات حول المصير والمستقبل والانعكاسات والتداعيات.. تساؤلات بحجم الهواجس والقلق من تاريخ لا يرحم ومن واقع ضاقت فيه الخيارات عندما غاب أو تغيب الجار الشقيق الأكبر قسرًا فكان الخيار الصعب تجنبًا للأصعب .. يقترب السودان من لحظة انفصال جنوبه عن شماله وساحته ترزح تحت وطأة إشكالات تنخر في جسد هذا الإقليم أو ذاك فيما الوطن العربي تجتاحه ثورات التغيير من مشرقه حتى مغربه..
في هذه اللحظة الحاسمة جاء حوار ( صحيفة الشرقِ القطرية) مع فخامة الرئيس عمر البشير فكان حديثه شاملاً وجريئًا وصريحًا وصادقًا أماط فيه اللثام عن كثير من الأمور التي تشغل بال المواطن السوداني وتستأثر باهتمام المواطن العربي.. لقد تحدث فخامته بلغة القائد المسؤول عن كل الأمور بدون مواربة فكان الحوار تاريخيًا بحجم اللحظة التاريخية في السودان .
يحدد الرئيس البشير 9 يوليو موعدًا لمرحلة فاصلة سيدخلها السودان مع انفصال الجنوب واستقلاله عن الشمال بعد مائة عام من الوحدة.. وهو انفصال واقع لا محالة ولا تراجع عنه لكنه مكلف وله أثمان باهظة وأبرزها خسارة عائدات النفط الجنوبي التي كانت رافدًا مهمًا للاقتصاد الوطني فضلاً عن القضايا العالقة التي مازالت قيد الحوار مثل ترسيم الحدود والعملة وإقليم أبيي. السودان هذه الأيام منشغل ـ كما يقول الرئيس البشير ـ بتصفية تركة السودان القديم لإنجاز عملية الانفصال وهي تركة ثقيلة قد لا تنتهي قبل موعد الانفصال ولذلك ستستمر انطلاقًا من حرص الشمال على دعم الجنوب بالإمكانات والخبرات والحفاظ على أفضل العلاقات معه.. لكن الرئيس يحذر من أن الأمر سيأخذ منحى آخر فيما حاول الجنوب فرض أمر واقع بشأن أبيي، مؤكدًا رفضه لأي حل يقضي بضم أبيي إلى الجنوب، معلنًَا استعداده لخوض حرب لأجل هذا الهدف. أما احتمال أن يتحول الجنوب إلى قاعدة للغرب وإسرائيل فإن الرئيس البشير لا يستبعده مطلقًا نصيحة وتحذير في آن واحد فالنصيحة تقول أن مصلحة الجنوب في العلاقات الجيدة مع الشمال أما التحذير فهو أن الجنوب سيكون الخاسر الأكبر فيما لو تحول الى شوكة في خاصرة السودان.
لحظة الانفصال لم تحجب لهيب الثورات العربية في دول الجوار لكن الرئيس البشيريقول بثقة المدرك للواقع والمعطيات أن السودان ليس محصنًا تحصينًا تامًا لكنه بعيد عن الثورات لأنه قريب من نبض الشارع ومتاح للجماهير حرية التعبير وإبداء الرأي استنادًا إلى الدستور الذي يكفل الحريات للأحزاب التي يفوق عددها 80 حزبًا مشيرًا إلى أن الشعب السوداني يعبر عن نفسه بحرية وقد شهد العالم بنزاهة الانتخابات التي جرت العام الماضي، ويضيف الرئيس السوداني أن الإصلاح هدف دائم حيث المشاورات تجري مع جميع القوى السياسية والأحزاب والعلماء والمفكرين لإعداد دستور دائم يعبر عن تطلعات وآمال الشعب السوداني. ولعل أبرز مقوِّمات الإصلاح هو التجديد في الحكم وتداول السلطة ولذلك يعلن الرئيس البشير قراره النهائي بالعزوف عن الترشح للرئاسة في الانتخابات المقبلة حيث إن 26 عامًا في الحكم مدة أكثر مما يجب كاشفًا أن يدعم ترشيح أحد الشباب لأن السودان غني بالكوادر الشبابية المؤهلة للحكم . وإذ يعترف الرئيس البشير بوجود مشكلات اقتصادية جراء الأزمة العالمية يؤكد أن الدولة أعدت برنامجًا للإنقاذ ثلاثي الأبعاد لمواجهة التداعيات الاقتصادية لانفصال الجنوب أبرز خطواته خفض الإنفاق الحكومي بنسبة 30% وزيادة الصادرات لتغطية العجز في الميزان التجاري. وتترافق هذه الخطوات مع مبادرة طيبة لجذب المستثمرين لإنعاش الحركة الاقتصادية حيث أعلن إلغاء وزارة الاستثمار وتشكيل مجلس أعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية .
ويتحدث الرئيس البشير بكثير من الفخر والاعتزاز عن قدرة السودان على مكافحة الفساد معلنًا تحديه لأي جهة تثبت أن مسؤولاً حكوميًا مرتشٍ، مشيرًا إلى أن السودان يمتاز عن غيره من الدول بوجود تشريعات ومؤسسات تحمي المال العام حيث إن المراجع العام يقدم تقريره المالي سنويًا للبرلمان . وعندما يأتي الحديث إلى ثورة 25 يناير المصرية والعلاقات مع مصر يتحدث الرئيس البشير بفخر كبير لأن التغيير في مصر لمصلحة السودان مئة بالمئة، خصوصًا وأن غياب مصر عن دورها المعهود قبل الثورة كان أبرز أسباب انفصال جنوب السودان.. وذلك باعتبار أن الأمن القومي السوداني يمثل الضمانة الأساسية للأمن القومي المصري مؤكدًا أن العلاقات مع مصر تتقدم على علاقات السودان مع سائر الدول.
وأما التطورات في ليبيا فيرى فيها الرئيس البشير أنها خفَّفت كثيرًا من المشكلات التي عانى منها السودان مبشرًا بانعكاسات إيجابية للتغيير المرتقب في ليبيا. لكن ما يجري في اليمن يثير هواجسه محذرًا من ضياع اليمن لأنها ستتحول إلى بؤرة عدم استقرار في المنطقة. أما التطورات السورية فقد أعلن فخامته أنه وجَّه جملة نصائح للقيادة السورية أُخذ بجزء ولم يؤخذ بالكثير منها مؤكدًا وجوب المضي بالإصلاح وإتاحة الفرصة للمواطنين .
ولدى انتقال الحوار إلى العلاقات القطرية السودانية يصبح للحديث طعم آخر فهو الحديث عن أهل الدار حيث يغدق فخامة الرئيس عبارات التقدير والثناء لقطر أميرًا وحكومة وشعبًا منوهًا بدورها الداعم للسودان ولسائر القضايا العربية.
الحوار مع الرئيس البشير كان بحق حوار اللحظة التاريخية وهذا نصه :
السودان مع نبض الشارع
فخامة الرئيس.. تسارع الحديث في الوطن العربي خلال الأشهر الماضية عن الإصلاحات السياسية، وشهد العالم العربي ثورات في أكثر من دولة.. أين هو موقع السودان بالنسبة للإصلاحات السياسية؟
لو دققنا في كل دولة شهدت هذه الأحداث لوجدنا أن هناك أسبابًا حقيقية لتحرك الشارع، وربما أهم عنصر هو بُعد القيادة عن نبض الجماهير في كل شيء سواء قضاياهم الداخلية أو الإقليمية أو الدولية، فالانفصام هو الذي خلق حالة من التذمر والغليان، وهنا أضرب مثالاً بسيطًا عندما حدثت أحداث غزة والعدوان الإسرائيلي على غزة في نهاية 2008 كان الشارع العربي كله عنده موقف واحد وهو الوقوف إلى جانب أهل غزة وتقديم الدعم لهم، لكن في المقابل الكثير من الأنظمة العربية كان لديها موقف مغاير تمامًا لشعوبها، بدليل أن هذه الأنظمة رفضت حتى عقد قمة للتشاور حول ما يدور في غزة، فهذا نموذج واحد لحالة الانفصام بين الشعوب والأنظمة .
نحن في السودان ظللنا في تقييم مستمر كان آخرها الانتخابات التي جرت العام الماضي تحت رقابة دولية وإقليمية ومحلية، والجميع أكد نزاهتها وشفافيتها والحرية التي تمت خلالها، الشعب السوداني من المهم لديه التعبير عن نفسه، ويقول ما لديه .
إذن هل نستطيع القول إن السودان بمنأى عن هذه الثورات؟
لا يمكن القول إن السودان محصَّن تحصينًا تامًا وبالمناسبة فإن السودان أول من خرج شعبه لتغيير النظام وكان ذلك في أكتوبر 1964 حيث خرجت الجماهير وانحازت لها القوات المسلحة وتم تغيير النظام، وفي أبريل 1985 تكرر نفس المشهد، فالشعب السوداني عندما تكون هناك أسباب موضوعية للنزول إلى الشارع يقوم بذلك . نحن لا نقول إننا محصنون، لكن نحن نقول إننا لسنا بعيدين عن نبض الجماهير ومتاح أمام الجميع التعبير عن آرائهم في مختلف وسائل الإعلام بالداخل والخارج إيجابًا أو سلبًا تجاه الحكومة.. لدينا دستور يتيح الحريات ويكفلها للجميع، لدينا حرية تنظيم الأحزاب، حيث لدينا أكثر من 80 حزبًا .
هل هي أحزاب فاعلة أم مجرد ديكور؟
ليست جميعها فاعلة، عندما فتحنا باب تسجيل الأحزاب تم تسجيل العديد من الأحزاب، لكن عندما جاءت الانتخابات اتضح أن الكثير من هذه الأحزاب مجرد لافتات وليست أحزابًا حقيقية ، لكن لديها عضوية ولها دورها وتملك حرية التعبير والتنظيم والانتخاب والمشاركة في كل المجالات.
مرحلة جديدة
فيما يتعلق بالإصلاحات السياسية فخامة الرئيس.. إلى أين وصلت هذه الإصلاحات.. هل هناك إصلاحات جديدة تعتزمون القيام بها خلال المرحلة المقبلة؟
نحن داخلون مرحلة جديدة بعد 9 يوليو القادم وهو الموعد المحدد لقيام دولة الجنوب، وهي مرحلة جديدة بعد الانفصال..، ثم إننا الآن نحن في حوار مع القوى السياسية، والإصلاح يبدأ بالدستور حيث سيتم التشاور مع هذه القوى حول الدستور الدائم للسودان خلال المرحلة المقبلة بعد 9 يوليو، وهذا ستشارك فيه كل القوى السياسية أو القوى المجتمعية، بمعنى ليس بالضرورة أن يكونوا بالأحزاب، لأن الحكومة عريضة جدًا وهناك أشخاص مؤثرون بالساحة، وهناك العلماء والمفكرون وأساتذة الجامعات ليسوا بالضرورة منتمين للأحزاب.. هذا التشاور سينتج عنه إعداد دستور يعبِّر عن تطلعات وآمال الشعب السوداني، هذا بداية الإصلاح.
تصفية تركة السودان
كيف تسير خطوات استحقاق الانفصال؟
العمل الأساسي تم وهو الاستفتاء، وخرجت النتيجة وقبلنا بها، وأصبح الأمر واقعًا، وفي 9 يوليو ستنشأ دولة في جنوب السودان، الفترة التي نحن بها الآن هي الفترة التي يمكن وصفها بأنها فترة تصفية تركة السودان القديم، فليس كل القضايا وصلنا فيها إلى حل، فهناك قضايا معلقة جارٍ الحوار حولها مثل قضية أبيي وترسيم الحدود والقضايا الاقتصادية فيما يخص العملة والبترول وقضايا الجنسية.. وغيرها من القضايا المعلقة، وهناك لجان مشتركة تتحاور حول هذه القضايا، وسيستمر الحوار وما يتم الاتفاق عليه سيتم تطبيقه وما لم يتم الاتفاق عليه سيتم الاستمرار في الحوار بشأنها .
وماذا إذا ما حاولت الحركة الشعبية فرض أمر واقع حيال بعض القضايا المختلف بشأنها مثل قضية أبيي؟
العودة للحرب
هذا معناه العودة للحرب، فنحن لن نقبل فرض أمر واقع، ونحن أعلنَّا أنه إذا حاولوا فرض أمر واقع في أبيي مثلاً والادعاء بقرار منهم أنها جنوبية، ونحن قررنا أنها شمالية إلى أن يتم حسمها عن طريق الاتفاق بين الطرفين .
وفي حال عدم التوصل إلى اتفاق؟
ستظل شمالية لأنها هي أصلاً جزء من الشمال، فالحدود بين الدولتين هي حدود 1/1/1956، والمكان الوحيد الذي فيه تغيير هي منطقة أبيي، فلابد أن يتم الاتفاق والحل بالتراضي بين الطرفين ونرفض أي حل يضم أبيي إلى جنوب السودان غير ذلك .
نصيحة لأهل الجنوب
البعض يرى أن الجنوب قد تكون شوكة في خاصرة السودان، أو أنها تتحول إلى قاعدة إسرائيلية.. في حال حدوث مثل هذا الأمر كيف سيكون التعامل مع هذه الدولة؟
نحن ننصح إخواننا في الجنوب أن مصلحتهم في علاقات مع الشمال، فالترابط الموجود بين الطرفين لا يوجد بين أي دولتين أخريين، فنحن كنا دولة واحدة لأكثر من 100 عام والآن أصبحنا دولتين، نشترك في أطول حدود، وأكبر تداخل اجتماعي قبلي واقتصادي هي بين الطرفين، وأي توتر في هذه العلاقة سيخسر الطرفان، والجنوب سيكون الخاسر الأكبر، فمصدر الدخل في الجنوب هو البترول، وهذا البترول لابد أن يمر عبر شمال السودان، وأي محاولة لنقله عبر إثيوبيا إلى جيبوتي أو كينيا، فإن عملية النقل ستكون مكلفة جدًا، لأن الضخ سيكون لأعلى، بينما هو العكس باتجاه الشمال حيث سيكون باتجاه انسياب المياه، فالمياه تأتي من الجنوب نحو الشمال، وبالتالي فإن الانحدار الطبيعي هو شمالاً، وبالتالي ستكون أقل تكلفة، كما أن بناء المنشآت اللازمة سيكون على حساب الدولة، فشركات البترول لن تتحمل التكلفلة، وبمجرد أن يكون هناك إنتاج تجاري تكون التكلفة بالكامل على الدولة، والجنوبيون حتى يشيدوا منشآت ستكون بتكلفة عالية جدًا، وعملية الضخ اليومي ستكون بتكلفة أعلى، والبترول كما نعلم هو ثروة ناضبة قد يكون ما تبقى من البترول لا يكفي تكلفة المنشآت .
لكن قد يجدون دعمًا غربيًا أمريكيًا فخامة الرئيس؟
ليس هناك دعم لوجه الله ودون مقابل، فالدعم سيكون له ثمن .
قاعدة مناهضة للشمال
المقابل استخدام الجنوب كقاعدة لتحركات الدول الداعمة بالمنطقة؟
احتمال وارد وكبير جدًا، واحتمال دفع فواتير، نحن لا ننسى أن التمرد في الجنوب منذ بدايته كان مدعومًا تمامًا من الغرب، دُفعت فيه أموال طائلة جدًا، وجد دعمًا سياسيًا وعسكريًا قويًا، وبالطبع هذا ليس لوجه الله، إنما هي فواتير في النهاية تُدفع، وفي الغالب فإن هذه الفواتير لن تكون في صالحنا نحن في الشمال، فاحتمال استخدام الجنوب كقاعدة لخلق مشكلات للشمال هي واردة، لكن بنفس القدر الجنوب سيكون خاسرًا أيضًا . إذا ما تم التوقيع على اتفاقيات تمثل إضرارًا بالأمن القومي السوداني بين دولة الجنوب سواء مع دول غربية أو دول جوار أو أي أطراف أخرى .. ما هو موقفكم في هذه الحالة؟
نحن موقفنا الثابت هو إقامة علاقات حميمية بين الطرفين، علاقات تعاون، موقفنا الثابت أن كل إمكاناتنا سنسخِّرها لدعم إخواننا لإقامة دولتهم بالجنوب، لأننا نعرف أنهم بحاجة إلى دعم كبير جدًا، خاصة دعم فني وخبرات في بناء دولة، لأنه لا توجد دولة حاليًا بالجنوب، فالحرب عطلت أي تنمية في الجنوب، وهذه الحرب بدأت عام 1955 اي قبل الاستقلال، واستمرت لمدة 17 عامًا، وتوقفت لمدة 10 سنوات ولم تحدث خلالها تنمية حقيقية في هذه الفترة، ثم بدأت الحرب بصورة أعنف من الحرب الأولى لأنها جاءت بإمكانات وتسليح أكبر وأخطر، وبالتالي فإن الجنوب بحاجة إلى الاستقرار ومال ودعم فني وخبرات لبناء دولته، ونحن في الشمال الأقرب والأعرف بأوضاع الجنوب وعلى أتم الاستعداد لدعم إخواننا في الجنوب.
انتخابات كردفان اتهمتكم الحركة الشعبية مؤخرًا بالتزوير في انتخابات جنوب كردفان .. ما هو تعليقكم على ذلك؟ أولاً هذه الانتخابات جرت تحت رقابة إقليمية ودولية ومحلية، ثم إنها تديرها مفوضية مستقلة، ليس للحكومة أو وزارة الداخلية أي دخل فيها ولا تديرها، وشارك في تكوين هذه المفوضية كل القوى السياسية الموجودة بالساحة وهي التي تديرها .
ولغاية ما تم الفرز على مستوى الدوائر والمراكز الخاصة بالاقتراع فإن مراقبي الحركة أنفسهم وقَّعوا على النتائج، ولما ظهرت النتيجة الكلية أن المؤتمر الوطني هو الفائز قالوا إنها مزورة، لكن كل النتائج الأولية والفرز الذي تم على مستوى المراكز ممثلو الحركة وقعوا عليه، والعملية الأخيرة التي تمت ما هي الا تجميع للاصوات من الدوائر المختلفة، وهذه عملية تخص المفوضية فقط، وما كان مطلوبًا اصلاً حضور ممثلي الأطراف، لأنها نتائج سبق أن وقعوا عليها بعد أن شاهدوها، وكون عملية الجمع النهائية اثبتت أن المؤتمر الوطني هو الفائز فان ذلك يمثل سلاح الخاسر دائمًا .
لا اعتراف بالمحكمة الجنائية لكن فخامة الرئيس ربما البعض وضع علامة استفهام على قيام حزب المؤتمر الوطني بطرح احمد محمد هارون كمرشح وهو المطلوب لمحكمة الجنايات الدولية.. فهل هو تحدٍ للمحكمة؟ نحن اصلاً غير معترفين بمحكمة الجنايات الدولية، وبالتالي اعمالها لا تسري علينا، وتعرف ان رئيس الجمهورية نفسه مطلوب للمحاكمة،
احمد هارون من الكوادر والطاقات العاملة، وكان واليًا لهذه الولاية، اقنع مواطني الولاية من خلال عمله وانجازاته، وكانت فترة ولايته تعد اكبر فترة حدث فيها استقرار وتنمية ضخمة جدًا، وبالتالي فان احمد هارون قدم بناء على رغبة المواطنين.
الرئيس مطلوب لمحكمة الجنايات الدولية.. هل هناك من جديد في هذه القضية؟ القضية هي سياسية، ومدعي المحكمة الجنائية واضح انه ليس قانونيًا ولا مدعيًا، انما هو ناشط سياسي، لانه يتنقل بين الدول ويعمل الندوات ويسافر لتعبئة الدول الافريقية وغيرها من الدول ضد السودان ورئيس السودان، وهذا ليس عمل المدعي، عمل المدعي داخل المحكمة، هو ناشط سياسي ومتحرك في الاعلام ويعقد الندوات والمؤتمرات الصحفية .
ألم يحدث في الفترة الأخيرة أي تواصل مع المحكمة؟ نحن نرفض اي تعاون مع هذه المحكمة، وليس لدينا اية علاقة بها، نحن لسنا اعضاء في بروتوكول روما، هو تغول على السودان، وعمل سياسي بحت، وبالتالي نحن لا نتعامل مع المحكمة .
لن أترشح للرئاسة فخامة الرئيس اعلنتم انكم لن تترشحوا في الانتخابات الرئاسية القادمة الا ان مصادر بحزبكم المؤتمر الوطني قال ان الخيار ليس بيد الرئيس انما بيد الحزب.. هل اذا ما تم اختياركم لخوض الانتخابات القادمة ستوافقون؟ في الانتخابات القادمة اكون قد اكملت 26 عامًا في الرئاسة والعمر سيكون 71 عاماً، والعمر في فترة الحكم وخاصة في حكم الانقاذ السنة ليست بسنة، فحجم التحديات والمشكلات التي واجهناها كبير، بالقطع ان 26 سنة في الحكم هي اكثر مما يجب سواء بالنسبة للشخص او بالنسبة للشعب السوداني .
نحن نعمل على ان يقدم المؤتمر مرشحًا جديدًا، فنحن لدينا حزب مطمئنون اليه جدًا، لديه قاعدة وقاعدة شبابية تحديدًا، فالحزب حزب شاب، ولدينا العشرات من الكوادر الشبابية المؤهلة للترشح لرئاسة الجمهورية . بالنسبة لي فان قرار عدم الترشح للرئاسة قرار نهائي، وفترة السنوات الاربع القادمة كافية لترتيب الأوضاع داخل الحزب لتقديم قيادة جديدة في الانتخابات القادمة .
الحكم ليس نزهة لكن هناك من اتهمكم ان اعلانكم عدم الترشح ما هو الا مناورة؟ اقول لك الحكم في السودان ليس نزهة، هو بكل المقاييس امانة ثقيلة جدًا، ولو راقبت الفضائيات فان السودان حاضر باستمرار ولا يمكن ان تمر نشرة اخبارية دون ان يكون للسودان خبر فيها، وهذا حجم التآمر على السودان .
السودان بحد ذاته بحاجة الى طاقات من الشباب خلال المرحلة المقبلة، فمن المهم تجديد الطاقات لقيادة هذا البلد الى الامام .
استئصال الفساد فخامة الرئيس انشأت مفوضية للمحافظة على المال العام، لكن الى الآن هناك شكاوى من وجود مخالفات وبؤر فساد.. كيف يسير عمل هذه الفموضية اولاً وكيف يمكن ـ ثانيًا ـ استئصال بؤر الفساد؟
اولاً نؤكد ان لدينا من المؤسسات والقوانين القائمة الآن للحفاظ على المال العام ما ليس موجودًا باي بلد في المنطقة، فمثلاً لدينا المراجع العام لحكومة السودان وهو المراجع الوحيد في المنطقة العربية والافريقية الذي سنويًا يقدم تقريره اولاً للبرلمان، لا يقدمه لا لرئيس الجمهورية ولا الى مجلس البرلمان، وعندما يناقش هذا التقرير امام البرلمان فيه تجاوزات او ما يمكن تسميته بالمخالفات الادارية اكثر من كونها تجاوزات، وهذه المخالفات تصحح على المستوى الاداري، وفي بعض المرات فيما يتعلق بالميزانية مثلاً تكون المخالفة بأن تم صرف من بند الى بند، والميزانية بعد ان يجيزها البرلمان الحكومة ليس لديها الحق في تغيير الصرف من بند الى بند الا بالرجوع الى البرلمان مرة اخرى، في الغالب فإن تقرير المراجع العام يتحدث عن مثل هذه التجاوزات، لكن كلها يسميها الاعتداء على المال العام، فالتسمية نفسها تشعر ان هناك هجومًا حصل على المال العام، لكنها في الغالب تمثل مخالفات ادارية كما اشرت لكم بذلك، او في عدم الالتزام باللوائح المحاسبية والمالية .
في بعض الحالات التي يكون فيها قضايا جنائية تظهر في التقرير بعد ان يناقش التقرير في البرلمان تحول مباشرة الى وزارة العدل التي لديها نيابة تسمى نيابة المال العام التي تتولى مثل هذه القضايا اذا ما وجدت قضايا تستحق المضي فيها قضائيًا ترفعها الى القضاء الذي يقوم بدوره بالمحاكمة .
هذه السلسلة وهذه الاجراءات الموجودة عندنا لا نراها باي دولة بالمنطقة، بان هناك مراجعًا عامًا وتقريرًا يقدم الى البرلمان ويناقش بكل شفافية، وفي النهاية محاسبة البرلمان إما محاسبات ادارية او اصلاحات ادارية او في النهاية قضايا تذهب الى النيابة ومنه الى القضاء، والقضاء حكم بالفعل في عدد من القضايا التي بها مخالفات وتعدٍ حقيقي واختلاسات او تجاوزات حصل منها مكاسب شخصية لجهة ما .
كذلك لدينا ادارة الثراء الحرام، وهي ادارة قوية جدا، وتختلف قوانين الثراء في السودان عن قوانين الدول الاخرى، ففي تلك الدول اذا ثبت ان هنالك شخصًا ارتكب المخالفات التي مكنته من الاستيلاء على المال هنا يدخل تحت بند الثراء الحرام، لكن ما هو لدينا بالسودان ان هناك مادة تسأل من اين لك هذا، ليس هناك اي تهمة.. ليس هناك اي بينة ان الشخص قد اخذ مالاً عامًا لنفسه لكن هناك علامات وآثار الثراء غير المبرر او غير المنطقي الذي ظهر على الشخص المسؤول في الدولة او في اي موقع قيادي بالدولة، هنا يساءل من اين لك هذا، إما يثبت مصدر هذا المال او انه مال عام حصل عليه بطريقة غير مشروعة، رغم انه ليس هنالك اي تهمة محددة او مخالفة بناء عليها تمت المحاسبة
انواع الفساد ونؤكد ان الحرية متاحة في الاعلام وغيره من المنابر لتناول هذه القضايا. وانا ارى ان الفساد في الدولة يمكن تقسيمه الى 3 اقسام، القسم الاول هو فساد المسؤولين الكبار الذين يقومون بتوقيع العقود نيابة عن الدولة وياخذون عمولات، ونحن حتى هذه اللحظة نتحدى اي جهة تدعي ان هناك مسؤولاً حكوميًا سودانيًا قد اخذ رشوة او عملات رغم اننا وقعنا اعدادًا ضخمة من مشاريع الطرق والسدود والكهرباء وغيرها في مختلف القطاعات.
النوع الثاني من الفساد هو فساد الموظفين الصغار التي تمثل عملية اختلاس او تقديم خدمة مقابل الحصول على منفعة او عمولة او رشوة، وفي هذه الحالة تمثل قضية جنائية، والكثير من الحالات التي تم القبض عليها احيلت الى القضاء وتمت محاكمتها، ورئيس القضاء في آخر تقرير اشار الى ان هناك 32 قضية عُرضت على القضاء، هناك 30 قضية حسمت بالحكم، فيما تنظر قضيتان للحكم .
الا اننا نرى ان الفساد الخطير، والذي يهدد كيان الدولة، هو فساد المؤسسات الامنية والعدلية، فهذا يكون فسادًا محميًا، فلو حاول الناس محاربته سيجدون ان من خلف ذلك الفساد لديهم من الصلاحيات والسلطات التي تمنع المحاسبة، وهذا الفساد ايضًا نحن بريئون منه .
عندما جاءت حكومة الانقاذ الى الحكم عام 1989 كانت حسابات جمهورية السودان لم تقفل ولم تراجع لمدة 5 سنوات، نحن اليوم حسابات حكومة السودان تراجع سنويًا، وكما قلت فان تقرير المراجع العام يقدم الى البرلمان وليس الى رئيس الجمهورية او مجلس الوزراء .
الاستقرار الاقتصادي فخامة الرئيس.. الثورات العربية التي حصلت في عدد من الدول احد محركها كان الجانب الاقتصادي.. اذا سألنا عن الاقتصاد السوداني كيف يسير وفي اي اتجاه؟
لا ننكر اننا نواجه مشكلات اقتصادية، لكن استطعنا ان نعمل نوعًا من الاستقرار الاقتصادي، ونحقق نموًا اقتصاديًا بعد ان كان في عام 1989 وهو تاريخ استلامنا الحكم حسب تقرير صندوق النقد الدولي اشار الى ان نسبة النمو في السودان سالب واحد، خلال سنوات الانقاذ وبشهادة صندوق النقد الدولي وصل الى 8 بالمائة، واستطعنا كذلك تحقيق تنمية في مختلف القطاعات وبشهادة الجميع، وفي نفس الوقت استطعنا السيطرة على التضخم، لكن عندما حصلت الازمة المالية العالمية رغم عدم ارتباطنا الوثيق بمؤسسات التمويل العالمية الغربية والتي كان لها اثر كبير على الدول المرتبطة بها، لكن تأثرنا، لأن اسعارنا وصادراتنا انخفضت بدرجة كبيرة جدًا، وعائداتنا من البترول انخفضت بصورة كبيرة جدًا، هذه الازمة خلقت نوعًا من الشح في واردات العملة الاجنبية وهو ما ادى الى ارتفاع التضخم من رقم 1 الى الرقم 2 .
هناك ارتفاع في اسعار السلع الغذائية في العالم وهذا ايضًا كان له تأثيره وانعكاساته على السودان، واقول اننا لسنا مبرئين، هناك مشكلات وهناك غلاء في الأسعار..
برنامج إنقاذ ثلاثي الأبعاد
هل هناك معالجات لمثل هذه المشكلات خاصة فيما يتعلق بالحياة المعيشية اليومية للمواطن السوداني؟ نحن عملنا برنامجًا اسعافيًا ثلاثيًا، وسنواجه امرًا آخر انه بعد 9 يوليو سوف تفقد الحكومة عائدات النفط الجنوبي، ولمواجهة ذلك عملنا برنامجًا اسعافيًا ثلاثيًا لتلافي هذه الآثار، آثار العجز في الموازنة، وهذا يشكل خطورة، وهو ما يستلزم البحث عن كيفية سد العجز في الموازنة، كذلك العجز في الميزان الخارجي، وأحد الإجراءات لخفض العجز في الموازنة هو خفض الانفاق الحكومي، وبدانا بالفعل في اجراءات صارمة جدًا في خفض الانفاق الحكومي بنسبة 30 بالمائة في عدد من المواقع، وهذا الخفض سيكون له تأثير على الخدمات المقدمة وعلى التنمية، لكن هذا احد الاجراءات التي اتخذناها .
الخطوة الاخرى التي اتخذناها هي خفض الواردات وزيادة الصادرات لتغطية العجز في الميزان التجاري . البرنامج بدأ بالفعل، وسيكون فيه نوع من الشدة، ولكن لاننا نصارح مواطنينا نقوم باطلاعهم على مثل هذه الامور اولاً بأول، ونضعهم بالصورة ونطلعهم على المشكلات والمعالجات التي تتم والنتائج المتوقعة .
قوانين جذب الاستثمار ماذا عن الاستثمار واستقطاب المستثمرين.. هل هناك خطوات لجذب مزيد من الاستثمارات الاجنبية وماذا عملت على هذا الصعيد؟
بالتاكيد، نحن الآن نعيد النظر في قانون الاستثمار نفسه، ونخضعه حاليًا لنقاش واسع جدًا، حتى يكون قانونًا اكثر جاذبية وقانونًا ييسر للمستثمر الاجراءات اكثر، فنحن في ظل حكم اتحادي، هناك سلطة اتحادية وهناك سلطة ولائية، ولا نريد للمستثمر ان يضيع وقته ما بين السلطات، نحن الآن نعمل على اعداد قانون جديد.. شكلنا مجلسًا اعلى للاستثمار برئاسة رئيس الجمهورية، وعلى رأس العمل التنفيذي في هذا المجلس الدكتور مصطفى عثمان اسماعيل مستشار رئيس الجمهورية، وسنلغي وزارة الاستثمار، لأن المجلس ممثل به كل الوزارات والولايات ذات العلاقة، وبالتالي فان كل مشكلات الاستثمار سوف تحل لأن كل المعنيين بالاستثمار ممثلين في هذا المجلس، فهذا احد الخطوات لتشجيع الاستثمار .
كذلك وجهنا بان تقوم الوزارات والولايات بتجهيز مشاريع، بحيث لا يقوم المستثمر بالبحث عن المشروع انما تكون هناك مشاريع جاهزة ومدروسة ومشكلاتها الاولية كلها محلولة، وترفع للمستثمرين سواء في المجال الزراعي او التصنيع الزراعي او التعدين والبلد غني جدًا بالمعادن، وكذلك في مجال النفط.. هذه هي المجالات الأساسية، وهناك مجالات اخرى خدمية سواء مصرفية او غيرها .
العلاقات مع دول الجوار
فخامة الرئيس.. اذا انتقلنا الى ملف دول الجوار.. كيف هي علاقات السودان مع دول الجوار حاليًا؟ لقد اجتهدنا لتحسين علاقاتنا مع دول الجوار جميعها، اثيوبيا واريتريا الآن العلاقات معها ممتازة جدًا، الحدود اصبح بها تبادل منافع، وبدأنا حتى بالغاء تأشيرة الدخول للمواطنين مع هذه الدول، ومع تشاد وافريقيا الوسطى لدينا اتفاقيات لحماية الحدود، ولدينا قوات مشتركة لمنع التفلت من الطرفين، وكانت هناك العديد من العصابات مستفيدة من سوء العلاقات فيقومون بالنهب من السودان والدخول الى تشاد، والعكس ايضًا، والمعارضة تتحرك عبر الحدود، الآن حدودنا ممتازة جدًا، كانت لدينا اشكالية كبيرة جدًا في حدودنا مع ليبيا بالذات لأن كل الدعم الذي كان يأتي للمتمردين كان يأتي من ليبيا، الوضع في ليبيا الآن خفَّف كثيرًا من المشكلات التي كنا نعانيها، والتغيير الذي يحدث الآن في ليبيا سيكون له انعكاسات ايجابية ، قطعًا التغيير الذي حصل في مصر كان لصالح السودان مائة بالمائة، ويكفي انه تم انتخاب الدكتور نبيل العربي امينًا عامًا للجامعة العربية، وهنا اود الاشادة بالتوافق العربي الذي حصل في اختيار الامين العام الجديد، الذي نرحب به، ونشيد كذلك بالموقف القطري الذي اتسم بالحكمة في هذه القضية، كعادته دائمًا .
مصر والسودان
لوحظ ان اول زيارة خارجية لرئيس الوزراء المصري عصام شرف كانت للسودان.. ما هو مغزى ومدلول هذه الزيارة؟ السودان هو العمق الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي والاستراتيجي لمصر، فمصر دون السودان دولة ضعيفة جدًا، مساحتها محدودة، عمقها غير مؤمن، واضرب مثالاً على ذلك، ففي سنة 1967 في العدوان على مصر عندما ضربت المطارات المصرية تم نقل ما تبقى من القوة الجوية المصرية الى السودان.. نقلت مراكز التدريب والكلية الحربية وخلافها الى السودان.. القوات السودانية ظل لها وجود مستمر على الجبهة المصرية طوال سني الحرب، مصر امنها الغذائي بالسودان، ..، الوضع الطبيعي ان تكون علاقات مصر مع السودان مقدمة على اي علاقة مع اي دولة اخرى او اي طرف آخر، لكن نجد انه في الفترة السابقة هذا الدور تعطل بل اصبح دورًا سالبًا تجاه السودان، فأحد اسباب انفصال الجنوب هو عدم قيام مصر بدورها تجاه الأمن القومي السوداني الذي يمثل الضمانة الاساسية للامن القومي المصري، فالرؤية التي انطلق بها العهد الجديد في مصر رؤية صحيحة مائة بالمائة، وقراءة صحيحة تمامًا، وان اي امن سواء كان غذائيًا او مائيًا او عسكريًا .. ليس هناك غير السودان .
الأوضاع العربية
كيف تنظرون فخامة الرئيس الى الاوضاع القائمة حاليًا في كل من ليبيا واليمن وسوريا؟
بالنسبة لليبيا نرى ان الفترة طالت وكنا نأمل ان تحسم في وقت اسرع، لان ما يحدث تدمير وتخريب وتعطيل للحياة في ليبيا، بالرغم من اننا قلنا ان هذا شأن ليبي، لكن ارتباطنا بالشعب الليبي وقربنا منه وتأثرنا بالأوضاع فيها، نأمل ان يحسم الموقف في ليبيا وان تدعم عملية الاستقرار، لان البلد بحاجة الى عملية بناء وتعمير بصورة ضخمة جدًا، استمرار الحرب يمثل عبئًا على الشعب الليبي، والحلفاء يتدخلون اليوم في ليبيا بالتاكيد في مقابل، وسوف يقدمون فاتورة بالذي صُرف والذي لم يصرف، ومن يدفع الثمن هو الشعب الليبي، والتدمير الذي حصل بحاجة الى اعادة بناء وهذا تكلفته عالية جدًا . مطلوب اعادة ترتيب الأوضاع في ليبيا وبناء مؤسسات الدولة، لأنه لم تكن هناك مؤسسات للدولة، كان هناك فوضى، وهذا سيأخذ وقتًا واجراء طويلاً، واي تأخير سيترتب عليه المزيد من المشكلات، فنتمنى ان يتم التغيير باسرع وقت ممكن.
اما بالنسبة لليمن فاننا قلقون على الاوضاع فيها، ومشفقون على هذا البلد، فالشعب اليمني شعب مسلح، وشعب قبلي، ومناطق وعرة جدا، فنحن نخشى على اليمن مصير الصومال، لأن القبائل الآن تتسلح، على الرغم من ان الحركة الى الآن حركة سلمية، حتى مع الخسائر البشرية التي وقعت ما زالت حركة سلمية، نحن نخشى ان تتطور الى حركة مسلحة، واذا تطورت الى حركة مسلحة فان اليمن يكون قد ضاع، واليمن اذا ضاع فانه سيكون بؤرة عدم استقرار للمنطقة كلها، وكل الدول سوف تدفع ثمن ذلك، اذا كانت الكثير من الدول تدفع اليوم ثمن عدم الاستقرار بالصومال فما بالكم باليمن.
بالنسبة لسوريا فنحن نعتبر سوريا دولة مواجهة، قوتها والاستقرار فيها مهم جدًا، الحاصل حاليًا فيها هو اضعاف لسوريا بكل المقاييس، وبالتالي اضعاف لموقفها كونها دولة مواجهة .
نحن من جانبنا اتصلنا بالاخوة في سوريا، وقدمنا لهم مجموعة مقترحات لكيفية تجاوز الازمة، وهم قدروا ذلك، وقاموا بتنفيذ بعضها لكن هناك جزءًا كبيرًا جدًا لم يتم تنفيذه من الأشياء التي نصحناهم بها، وما زلنا ننصح الاخوة في سوريا بالمضي في خط الاصلاح واتاحة الفرصة للمواطنين، وسنستمر بالعمل مع الاخوة في سوريا والتواصل معهم، وفي نفس الوقت ايضًا متواصلون مع الاخوة في اليمن، وارسلنا اكثر من وفد لليمن، ودعمنا المبادرة الخليجية وشجعنا الاطراف المختلفة للقبول بها، لاننا نبحث عن مخرج، لان في النهاية فان المنتصر سيكون الشعب اليمني والخاسر سيكون الشعب اليمني، ليس طرفًا واحدًا، ليس الرئيس وليس الشعب، نحن نتحدث عن اليمن وعن الشعب اليمني .
قائمة الإرهاب علاقاتكم فخامة الرئيس مع امريكا.. هل من جديد فيما يتعلق بهذا الملف؟ نستطيع القول ان هناك هدوءًا في هذه العلاقات الى حد كبير، لا نقول انها تحولت ايجابًا لكن اقل سوءًا الا توجد محاولات لرفع اسم السودان من قائمة الارهاب؟ نعم هناك محاولات، وهناك حوار يبحث في واشنطن والحوار مستمر، والطرف الامريكي اكد انه بدأ اجراء من خلال المبعوث الامريكي السابق والمبعوث الحالي ومن خلال رئيس لجنة العلاقات الخارجية بالكونجرس، هؤلاء يتحدثون عن بدأ الإجراءات لرفع اسم السودان من قائمة الدول الداعمة للارهاب، وفي النهاية رفع العقوبات المفروضة على السودان، نحن ننتظر تلك الخطوات
العلاقات القطرية السودانية
اذا تحدثنا فخامة الرئيس عن العلاقات القطرية ـ السودانية .. كيف تنظرون الى هذه العلاقات وكيف تستشرفون مستقبلها ؟
علاقات قطر والسودان علاقة نموذجية لثبات العلاقة، فالاوضاع والدنيا تتغير حولنا لكن العلاقة بين البلدين تظل علاقة تعاون وثيق جدًا، وتشاور مستمر، وما كنا نتحرج نحن في السودان انه في ادق قضايانا الداخلية نشرك فيها اخواننا في قطر، فهذا المكان الذي نتحدث فيه شهد سهرات لسمو الامير ولرئيس الوزراء، كانوا يسهرون معنا في قضايا داخلية، عندما حصل خلاف بيننا وبين د. الترابي كانوا يسهرون معنا في هذا المكان حتى يؤدوا صلاة الفجر، وكانوا في حركة مجيئًا وذهابًا بيني وبين د. الترابي، هذا الموقف يُظهر مدى العلاقة التي تربط بيننا .
كذلك هذه العلاقة النموذجية انعكست في المعاملة الراقية والطيبة التي يجدها السودانيون بالدوحة، واقول ان السودانيين في قطر اليوم ولاؤهم لقطر اكثر من السودان، لماذا، للمعاملة الطيبة والحميمية والثقة التي يجدونها والمواقع التي يتبوأونها في قطر، كل ذلك يدل على مدى عمق هذه العلاقة . في كثير من الاحيان نكتشف اننا في السودان وقطر متطابقان في الكثير من القضايا الخارجية دون ان نعلم وقبل ان نتشاور فيها، فنجد انفسنا في اتفاق تام، وموقفنا موقف واحد كأننا قد سبق ان جلسنا وتحاورنا واتفقنا على ذلك .
التواصل المستمر فيما بيننا جعلنا قريبين من بعضنا البعض .
كيف ترون الجهد القطري في مختلف الملفات العربية؟
نقدر عاليًا ونثمن جدًا الدور القطري في مختلف الملفات العربية، واذكر في القمة العربية في دمشق كان الانقسام واضحًا في الموقف العربي، بدليل ان عددًا من الدول لم تحضر تلك القمة، فتقدمت باقتراح بتشكيل لجنة من 3 دول لديها قبول في الساحة، ولديها مقدرة في الحركة، من اجل رأب الصدع في الصف العربي، فاقترحت الجزائر واليمن وقطر، فقال لي سمو الامير نحن لسنا على قدر ذلك فقلت له انتم اكبر من ذلك، وبالفعل لم يمض شهران حتى تم حل الازمة اللبنانية التي استعصى حلها على جميع الاطراف بما فيها نحن في السودان عندما كنا نرأس القمة العربية، الازمة اللبنانية انحلت في الدوحة .
الاخوة في قطر لديهم صبر عال جدًا، الآن في ملف دارفور وما واجهتم من مشكلات كثيرة الا انهم مصرون على المضي في انجاح هذه المفاوضات، ونأمل ان تستمر قطر في هذه الادوار الايجابية التي تخدم قضايا الأمة العربية .
ملف دارفور
ماذا عن ملف دارفور.. متى نتوقع ان يكتمل ويتم التوصل الى حل نهائي؟
اذا استطعنا تحجيم التدخلات الخارجية نكون قد حققنا نجاحًا، ففي احيان كثيرة نكون على وشك الاتفاق والتوقيع لكن يحدث تخريب من قبل بعض الجهات الخارجية، والموعد الذي حددناه مارس من العام الماضي، اي قبل الانتخابات التي جرت في ابريل العام الماضي، وكانت الامور (ماشية) والقراءة تقول انه يمكن ان نصل الى اتفاق، ولكن تأجل ذلك لشهرين ثم شهر ثم 3 أشهر .. .
للاسف معظم الحركات تحت سيطرة وهيمنة اطراف اخرى، وليس لديها حرية الحركة، وبالتالي هم سبب تعطيل الوصول الى الحل النهائي، اطراف خارجية تعطل التوصل الى حل، وحركات غير جادة للتوصل الى سلام، مستمتعون بوضعهم الحالي، شخص مثل عبد الواحد نور يعيش في الفنادق بينما اهله يعيشون في المعسكرات وهو غير مبالٍ بمعاناتهم .
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: في حوار مثير مع الرئيس عمر البشير عن مستقبل السودان: لن أترشح للرئاسة (Re: عمران حسن صالح)
|
قال إن السودان ليس محصناً ضد الثورات لكن قيادته قريبة من الجماهير البشير: وجودي (26) عاماً في الحكم (أكثر مما يجب) وأرفض أي حل يضم أبيي لجنوب السودان
وصف الرئيس عمر البشير أية محاولة من الحركة الشعبية لفرض أمر واقع حول أبيي بأنها تعني العودة للحرب، وشدد البشير على رفضه القاطع لسياسة فرض الأمر الواقع بشأن القضايا المختلف عليها، وقال: لابد أن يتم الإتفاق والحل بالتراضي بين الطرفين ونرفض أي حل يضم أبيي إلى جنوب السودان.
وأشار البشير إلى أن مصلحة الجنوبيين تكمن في علاقات طيبة مع الشمال، وأكد في حوار مع صحيفة (الشرق القطرية) ينشر بالداخل أنّ الترابط الموجود بين الطرفين لا يوجد بين أي دولتين أخريين، وأضاف: موقفنا الثابت هو إقامة علاقات حميمية مع الجنوبيين.
واعتبر البشير أن أحد أسباب إنفصال الجنوب هو عدم قيام مصر بدورها تجاه الأمن القومي السوداني الذي يمثل الضمانة الأساسية للأمن القومي المصري.
وفي سياق آخر، أعلن الرئيس البشير بصورة حاسمة ونهائية أنه سيتنحى عن الحكم بعد إكمال دورته الحالية، وأضاف - رداً على سؤال حول ترشحه للإنتخابات القادمة -: (في الإنتخابات القادمة أكون قد أكملت 26 عاماً في الرئاسة والعمر سيكون 71 عاماً، والعمر في فترة الحكم وخاصة في حكم الإنقاذ السنة ليست بسنة، فحجم التحديات والمشكلات التي واجهناها كبير، بالقطع أنّ 26 سنة في الحكم هي أكثر مما يجب سواء بالنسبة للشخص أو بالنسبة للشعب السوداني).
وأبدى البشير، ثقته في قدرة المؤتمر الوطني على إختيار الشخص المناسب، وقال إن فترة السنوات الأربع المتبقية كافية لترتيب الأوضاع داخل الحزب لتقديم قيادة جديدة في الإنتخابات القادمة، وأشار إلى أن الحزب شاب ولديه قاعدة شبابية والعشرات من الكوادر الشبابية المؤهلة للترشح لرئاسة الجمهورية. لكن البشير لفت إلى أن الحكم في السودان ليس نزهة، هو بكل المقاييس أمانة ثقيلة جداً. ورفض البشير القول بأن السودان محصن تماماً من الثورات التي إنتظمت المنطقة العربية، وقال إنه لا يمكن القول إن السودان محصن تحصيناً تاماً، (فالشعب السوداني عندما تكون هناك أسباب موضوعية للنزول إلى الشارع يقوم بذلك).
وأضاف: لكن نقول إننا لسنا بعيدين عن نبض الجماهير ومتاح أمام الجميع التعبير عن آرائهم في مختلف وسائل الإعلام بالداخل والخارج إيجاباً أو سلباً تجاه الحكومة. وفي سياق تعليقه على الإتهامات بالفساد تحدى البشير أية جهة تدعي أن هناك مسؤولاً حكومياً سودانياً قد أخذ رشوة أو عمولات، وتابع: (رغم أننا وقعنا أعداداً ضخمة من مشاريع الطرق والسدود والكهرباء وغيرها في مختلف القطاعات). واتهم البشير، ليبيا بدعم المتمردين في دارفور، وذكر أن الوضع في ليبيا الآن خفَّف كثيراً من المشكلات، وتوقع أن تكون للتغيير الذي يحدث الآن في ليبيا إنعكاسات إيجابية.
| |
|
|
|
|
|
|
|