فراشات سيسيليا الحزينة!

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-18-2024, 01:39 PM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الثانى للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
11-19-2014, 01:20 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
فراشات سيسيليا الحزينة!

    نقرت علي بابي بِظاهرِيدِها المُتْعبة المُتعرِّجه عروقها كلحاء شجرة تحكي عن ماَسي العمل اليدوي، أمّا باطن كفّها يحاكي ليلاً غازله قمر مُبتل قميصه. قالت: مساء الخير بإنجليزيه تفحّمت أطراف حُروفِها علي حافّة إسبانيتها التي تهتّكت في صقيع إنجلترا الماطر. لم أعرف سبب الزّيارة حتّي أبرقتني بأسنانها البيضاء، قائلةً: كل سنة وأنت طيّب وعيد ميلاد سعيد! قالتها مِثل ربيع بِعمر عام كامل. قبل أن تخطو داخل المنزل في شكلٍ دائري لتفسح مجالاً لتتبعها مؤخرة منحوته بعناية إزميل إلهي، فعلت كل ذلك بلهفة من يخلع رداءً عن شمس فبراير البليد.
    تلبس قميصاً فضفاضاً لا يعترف ببردِ هذه البلاد. تحمل معها باقة أزهار بيضاء إلتوت أطرافها من أثرِ شمسِ لا تحرق، بطاقة معايده، وإناء طعام مُغطّي بعناية واضِحة، تضع علي كتف فُستانها زهرة حمراء وأخري تتفجّر قرمزاً علي شعرها المعقوف، ومهرجان ألوان علي بستان إبتسامتها ذات البريق اللّاتيني. وجهها الملائكي يضيئ رغم التّعب المعشوشب حول عينيها الواسعتين, مُشَكَّلاً هالات بلونٍ أخضريعتريه الأزرق بخجلٍ. تجلس علي خدّيها فراشةً فاردةً جناحيها بلونٍ طوبي مُحْمرْ (جسد تِلك الفراشة) يتمطّيّ بكسلٍ علي عمود أنفها المستقيم, بين عينيها تتبثّر (شامةً سوداء) يستدير حولها رداءٍ أخضر.
    إرتدي منزلي ذو الطابع الفيكتوري، ضوء شمعاتٍ خافت فأصبح، كظلِّ كنيسة باهِته لا يرتادها المصلين، ثُمّ إكتوي بموسيقي هادئه، تدفقّت في أوردته وتتخللت صفحات الكتب والأوراق فسالت علي الأرض قبل أن تعتلي جسدي لتفتح فيه جرحاً رطباً، نابضاً بغلواء شهواتي.
    وضعت إناء الطعام علي المنضدة وأخرجت منه (كيكة) عيد الميلاد، غرزت عليها شمعة، أشعلت طرفها بأنفاسها المتلاحقة، كأنها علي موعد مع شمس إفريقية لا تموت، قالت لي أغمض عينيك، ثُمّ قُل أمنية قبل أن تطفئها، لم أتمني شيئاً ولم أغمض عيني ولكنّي توجّست قمراً سيتفّجر أمامي ليصير حقيقةً. تصاعدت الموسيقي مع أنفاسي التي سرقت ضوء الشمعه، ومعها أطفأتُ شمعة سنيني الرتيبة، ثمّ تسامت سيسليا راقصةً لتبين كل هيئتها الأنثويه، تشبّع جسدها بأنغام الموسيقي فأصبحت أوتارها، ثُمّ تفرّدت قبل أن تتكور كبقعة ماء لتعشقها بحيرة مساءنا.
    أشعلت الشمعة مرّة أُخري فرقصنا حتي إنبجس العرق كمرجس أخضر علي تضاريسها اللدِنة لتنهار بين أحبال التعب المُتمرس علي جسدها، فعشقتنا أهداب السماء قبل أن تنطفئ خلاياها واحدةً بعد الأخري لينكسر عمودها المنهك علي الأرض وتغيب عن الوعي نائمةً دون حراك لا تصدر صوتاً، فقط أزيزاً هادئاً كأنّها تودع جسدها.
    تململت تلك الفراشة التي تجلس علي وخديها ثم ضمّت عليها أجنحتها بهدوء ميممة وجهها نحو صُبحٍ سيأتي.
    نقرت علي بابي
                  

11-19-2014, 01:22 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    يتبع


    ما عارف الواحد بعد المدة بيكبر الخط كيف !!
                  

11-19-2014, 01:41 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    نقرت علي بابي بِظاهرِيدِها المُتْعبة المُتعرِّجه عروقها كلحاء شجرة تحكي عن ماَسي العمل اليدوي، أمّا باطن كفّها يحاكي ليلاً غازله قمر مُبتل قميصه. قالت: مساء الخير بإنجليزيه تفحّمت أطراف حُروفِها علي حافّة إسبانيتها التي تهتّكت في صقيع إنجلترا الماطر. لم أعرف سبب الزّيارة حتّي أبرقتني بأسنانها البيضاء، قائلةً: كل سنة وأنت طيّب وعيد ميلاد سعيد! قالتها مِثل ربيع بِعمر عام كامل. قبل أن تخطو داخل المنزل في شكلٍ دائري لتفسح مجالاً لتتبعها مؤخرة منحوته بعناية إزميل إلهي، فعلت كل ذلك بلهفة من يخلع رداءً عن شمس فبراير البليد.
    تلبس قميصاً فضفاضاً لا يعترف ببردِ هذه البلاد. تحمل معها باقة أزهار بيضاء إلتوت أطرافها من أثرِ شمسِ لا تحرق، بطاقة معايده، وإناء طعام مُغطّي بعناية واضِحة، تضع علي كتف فُستانها زهرة حمراء وأخري تتفجّر قرمزاً علي شعرها المعقوف، ومهرجان ألوان علي بستان إبتسامتها ذات البريق اللّاتيني. وجهها الملائكي يضيئ رغم التّعب المعشوشب حول عينيها الواسعتين, مُشَكَّلاً هالات بلونٍ أخضريعتريه الأزرق بخجلٍ. تجلس علي خدّيها فراشةً فاردةً جناحيها بلونٍ طوبي مُحْمرْ (جسد تِلك الفراشة) يتمطّيّ بكسلٍ علي عمود أنفها المستقيم, بين عينيها تتبثّر (شامةً سوداء) يستدير حولها رداءٍ أخضر.
    إرتدي منزلي ذو الطابع الفيكتوري، ضوء شمعاتٍ خافت فأصبح، كظلِّ كنيسة باهِته لا يرتادها المصلين، ثُمّ إكتوي بموسيقي هادئه، تدفقّت في أوردته وتتخللت صفحات الكتب والأوراق فسالت علي الأرض قبل أن تعتلي جسدي لتفتح فيه جرحاً رطباً، نابضاً بغلواء شهواتي.
    وضعت إناء الطعام علي المنضدة وأخرجت منه (كيكة) عيد الميلاد، غرزت عليها شمعة، أشعلت طرفها بأنفاسها المتلاحقة، كأنها علي موعد مع شمس إفريقية لا تموت، قالت لي أغمض عينيك، ثُمّ قُل أمنية قبل أن تطفئها، لم أتمني شيئاً ولم أغمض عيني ولكنّي توجّست قمراً سيتفّجر أمامي ليصير حقيقةً. تصاعدت الموسيقي مع أنفاسي التي سرقت ضوء الشمعه، ومعها أطفأتُ شمعة سنيني الرتيبة، ثمّ تسامت سيسليا راقصةً لتبين كل هيئتها الأنثويه، تشبّع جسدها بأنغام الموسيقي فأصبحت أوتارها، ثُمّ تفرّدت قبل أن تتكور كبقعة ماء لتعشقها بحيرة مساءنا.
    أشعلت الشمعة مرّة أُخري فرقصنا حتي إنبجس العرق كمرجس أخضر علي تضاريسها اللدِنة لتنهار بين أحبال التعب المُتمرس علي جسدها، فعشقتنا أهداب السماء قبل أن تنطفئ خلاياها واحدةً بعد الأخري لينكسر عمودها المنهك علي الأرض وتغيب عن الوعي نائمةً دون حراك لا تصدر صوتاً، فقط أزيزاً هادئاً كأنّها تودع جسدها.
    تململت تلك الفراشة التي تجلس علي وخديها ثم ضمّت عليها أجنحتها بهدوء ميممة وجهها نحو صُبحٍ سيأتي
                  

11-19-2014, 01:45 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    في باكر الصباح ودّعتني بشفتين ممللتين، بعصارة البارحة، ثُمّ غمزت بيسري عينيها لتعيدني مذعوراً إلي قسوة أيامي الرتيبه، تركتني جالساً في منتصف الغرفه أعيد ما حدث أمساً، فما سحبتني لأختبئ معها في أزقة حديقتها الخاصة ولم تغادرني في باكر الصباح ودّعتني بشفتين ممللتين، بعصارة البارحة، ثُمّ غمزت بيسري عينيها لتعيدني مذعوراً إلي قسوة أيامي الرتيبه، تركتني جالساً في منتصف الغرفه أعيد ما حدث أمساً، فما سحبتني لأختبئ معها في أزقة حديقتها الخاصة ولم تغادرني لأرتب ما بعثرته من أعشاب داخل أروقة ذاكرتي الحزينة. لكني أحدثت فيها فجوة لأحتفظ داخلها برماد مساءٍ مجنون. قضيت معظم صباحي الكتوم جالساً في منتصف الغرفة أشعل سيجارة وراء أخري، لم أستطع فعل شئ غير وضع أزهارها البيضاء في إناءٍ زجاجي وصببت عليها بعض ماء وقليلاً من عطر أنفاسها، الذي خلّفته.
                  

11-19-2014, 01:51 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    إسمها ( سيسليا مريا رودريجس). تنطقه في كل مرةً كاملاً، صاخباً، فيأتيك كفيلقخريفِ إستوائي، كانت تشتغل كعاملة نظافة في عطلة نهاية الأسبوع وفي أيام الأسبوع العادية، تعمل في مقهي وفي كثير من لياليها التعيسة توزع جرائد اليوم الذي سيأتي فهي إمرأة من مجرّات أُخريات، لا تعرف التعب. ألتقيها كل صباح تنظف النوافذ فتخالها معلقةً فيها أو جزء من أستارها، وتمدد يدها لتمسح الحوائط فتصبح مُلصقاً دعائياً لإمرأءة عاملة ممشوقة القوام مغطاة بالغبار ويهطل علي وجهها مطر حزين، تغني وهي تعمل فيخرج صوتها كأنيناً جنائزياً يصيب سامعه بالخدر، ويجعل جسدها النحيل راجفاً كأنها تهدهده ليتحمل قسوة ما تقوم به.
    كنت الوحيد الذي يلقي عليها تحية الصباح فترد علي بإيماءة من طرف وجهها الأنيق الوضئ ببريق العمل الجّاد، ثُم تواصل في عملها كأني لم أكن هناك!. وبعد ثمانية وعشرين تحية صباحية ردت علي تحيتي بصوتٍ لاتينيٍ هادر، أفرجت عن أسنانٍ بيضاء، ثُمّ إبتسامة إجتهدت كثيراً لترتق عليها قميص بشاشة، دعوتها إلي فنجان قهوة فوافقت لتصب علي قلبي خفقانٍ متوجس وتكسو جلدي حُبيبات مطر بارد أثار رعشةً خفيفة في جسدي إجتهدتّ كثيراً لأُخفيها!. إقترحت أن تكون الدعوة في منتصف النهار حينما تحين ساعة الراحة، وافقت دون تردد، فحملتني ريح خفيفة إلي مكان عملي, الذي أديته بروح عالية، وفي بطني تتراقص أعناب صغيرة تزيدني توجّساً وإبتسامات تعتلي وجهي دون سبب. عندما إلتقينا كانت ملطّخة بغبار التعب، لكنها كانت تخفيه بإبتسامة جميلة وحبّات عرق تسيل علي خديها فبدت جميلة ويتقافذ بريق الإنجاز من وجهها، طلبت قهوة (إسبريسو) مضاعفة وفعلت مثلها، إرتاحت جرعة القهوة في فمي، تفرقّت حُبيباتها تداعب مسام التذّوق في لساني، وإنفرجت أسارير وجهي فتمطّي في كسلٍ معسول، إغرورقت بعده عيناي بدمعٍ غمامي خفيف، لم تفعل سيسليا شيئاً فقط أفرغت كل محتويات فنجان القهوة دفعةً واحده ثُمّ طلبت فنجان اَخر وأغمضت عينيها وأشعلت سيجارة سحبت منها نفساً إستمر لدقائق عديدة قبل أن تنفثه في حلقاتٍ مُتقاربة كفعل حاوٍ، لطّفت فعلتها تلك بإبتسامة خفيفة قبل أن تطفئ سيجارتها في قاع الفنجان. في ذلك اللقاء تحدّثنا في كل شئ إلاّ السماء والملائكة. أصبحنا نلتقي كل يوم وفي ذات الساعة، نتحدث في أشياء عديدة رتيبة كأخبار السادِسه مساء، تتخللها مداعباتٍ مُباغتة وضحكات هادئات، في بداياتها، ثم تحولت إلي إنفجارات، لنصبح أصدقاء بعدها، هي تقول ما أُفكّر به وأنا أسمع همس أعنابها قبل أن يتقطّر خمراً، فأصبحنا أصدقاء. كانت تختفي كثيراً دون إنذار وتظهر في ذات المكان وبذات الهمّة تعمل، وترد علي تحياتي الصباحية مثلما تفعل كل مرة. رأت علامات التّساءل تتناسل علي تعاريج وجهي، فقالت: ستعرف كل شئ اليوم، عندما نلتقي في ساعة الرّاحة، ثُمّ أردفت، أنا أختفي لأزور والدتي في قريتنا بالقرب من برشلونه وفيها يسكن عشيقي (فريدريكو) الذي يملأني حبّاً كلما أنهار، فأتماسك وأعود للحياة مرّة أخري. سأكمل لك ما بدأت لاحقاً، واصلت في عملها بذات الهمّة التي عهدتها فيها دون أن تعرف أنّها بقولها ذلك جعلت قطط صغيرة تخربش بمخالبها داخل معدتي، فتصيبني بدوار وإحساساً بفراغٍ عظيم لم اعرف كنهه.
    عنما إلتقينا في ساعة القيلولة، تحّدثت عن حياتها مع أُمّها وفريدريكو الذي كان يعمل في إحدي الشركات الصغيرة، وكيف إلتقت به في إحدي حانات القرية، في البدء كان ينظر إليها بعينين حالمتين، ثُمّ دعاها إلي كأس خمرٍ بلدي، بعد تردد وتوجّس بعمرِ ثلاث دعوات مِلحاحة من فريدريكو وباصرار إناث الأسود، وإعتزاز فقير بذاته المُتقعة، وافقت من باب اللياقة، وشربت معه دون إحساساً يذكر، ثم تكررت الدعوة بشرط أن تدفع هي ثمن المشروب مرّةً ويدفع هو المرة التي تليها فوافق مَتنحيّاً عن أسباب ذكورته اللاتينية، وبعد شهر أو يزيد بقليل إنحلّت عقدة قلبها المعتد، بدمائه الحارة وإيقاعه (الماتدوري).
                  

11-19-2014, 01:53 AM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    ماشي أنوم

    يتبع !
                  

11-19-2014, 08:14 AM

ibrahim fadlalla
<aibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)


    شكرا يا كوجان ..

    نصك يضج بالألوان والمشاعر الفتية ...أعجبتني براعتك في صيد " يرقات " التفاصيل ..
    فراشة الأنف ...دوائر الدخان ...وصوت الأنفاس ...الفستان ..القوام ...وشكل الشعر ..وحديقة الأزهار ...
    وما يضج في الجوانح ...
    نص ..متفلت ..مثل مهر بري ..يفر من الترويض ...جامح ..كأهل تلك البلاد القصية ...
    لاتيني الهوى والهوية ....

    شكرا ..وعودة بلا غيبة ..يا دوك .

                  

11-19-2014, 09:01 AM

محمد الجزولي
<aمحمد الجزولي
تاريخ التسجيل: 08-16-2007
مجموع المشاركات: 2983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim fadlalla)

    Quote: ماشي أنوم


    أمشي آنت نوم ، ونحن سنرتشف القهوة هنا ..



    تحياتي وتحيات للعودة
                  

11-19-2014, 10:51 AM

عبدالكريم الاحمر
<aعبدالكريم الاحمر
تاريخ التسجيل: 01-09-2013
مجموع المشاركات: 424

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: محمد الجزولي)

    ابراهيم ... كن دا كوجانك ف دا كوجان له طعم يذهب العقول ... استطيع ان اقول : انت تمتلك خيال يضج بعبارات الوصف الذي يجعل من الاشياء تتحرك و لو لم يكن ما وصفتهم من البشير هم من خيال ابداعك ، لسارعت في القاء التحية عليهم عندما مقابلتهم لاول مرة .
    شكرا لهذا الفرح الذي نحن فيه .

    عبدالكريم الاحمر
                  

11-19-2014, 04:49 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: عبدالكريم الاحمر)

    محمد الجزولي إزيك ياخ.. زالله وجودك هنا جميل وممتع زي النص دة وخليك قريب ياخ
                  

11-19-2014, 07:58 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: عبدالكريم الاحمر)

    إستدارت دورة كاملة أمامي لتفسح المجال لؤخرتها المقدسة .....

    يا عبدالكريم الاحمر شكراً كتير علي هذه القراءة الجميلة ربما نلتقي يا صديق..
                  

11-19-2014, 04:29 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim fadlalla)

    ذات مساء يا إبراهيم فضل الله أتت فكرة سيسيليا بعد فكرة (طبية)



    أرجو أن تقرأ نهايتها .. حتي تبين لك الفكرة الطبية

    شكراً علي وجودك الجميل

    دمت يا صديق
                  

11-19-2014, 11:58 PM

Adam D.El-Asha
<aAdam D.El-Asha
تاريخ التسجيل: 04-26-2005
مجموع المشاركات: 410

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    كوجان...

    لك التحية..هذا نص وإن لم يكتمل بعد ملئ بوصف بازخ ..شئ من تلافيف الحضور البهي ..شخوص حية مليئة بالعنفوان ..سيسليا نغم تانغو متوثب ..وأنت تضرب بعصاك جذور اللغة الطاعمة فتشق عباب الاشياء التي لا تتواني أن تجعل الآخرين متشبسين بمراكب الصبر العصي آملآ في الوصول لمرفأ آمن...
    لك من الود بحر قاني ومحبة بمد آشبيلية..


    آدم العشا
                  

11-20-2014, 00:02 AM

ملهم كردفان
<aملهم كردفان
تاريخ التسجيل: 02-16-2013
مجموع المشاركات: 4742

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Adam D.El-Asha)

    دى الكتابه والا بلاش ياكوجان

    احترامى
                  

11-20-2014, 02:35 PM

ibrahim fadlalla
<aibrahim fadlalla
تاريخ التسجيل: 06-09-2007
مجموع المشاركات: 2585

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ملهم كردفان)

    Quote: أتت فكرة سيسيليا بعد فكرة (طبية)



    أرجو أن تقرأ نهايتها .. حتي تبين لك الفكرة الطبية



    الصديق ..كوجان ..

    ما أحراها بالجمال ...تلك الأفكار الطبية التي تتشابك ...مع سرد بديع رفيع ..كهذا...
    أنتظر النهاية ..بشغف ..
    وأتعجب في نفسي ...عن تلك الأنساق التي تنبت فوق طاولة عمليات - برهبتها وصرامتها -. ...كيف تأتى لها أن تورق كل هذا الجمال الجامح !!

    وهنيئاً .. قلمك ..مشرطك..
                  

11-20-2014, 05:20 PM

Osman Musa
<aOsman Musa
تاريخ التسجيل: 11-28-2006
مجموع المشاركات: 23082

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim fadlalla)

    عزيزنا مستر كوجان
    التحية ليك مطبوقة يا دوق علي النص المترع بي ال Knafeh .
    جميل ياخ الحومتنا معاك في ديك الهضاب والمراعي والبحيرات . بديع الشوفتنا سيسيليا طال عمرها
    بي وجهها الاسكتلندي الأنيق .
    والله المنبر في قمة السعادة بي عودتك .. تحياتي
                  

11-20-2014, 08:15 PM

محمد حيدر المشرف
<aمحمد حيدر المشرف
تاريخ التسجيل: 06-20-2007
مجموع المشاركات: 20357

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Osman Musa)

    يا سلاااام ياخ ..
    هسع عليك الله دي عمايل فكرة طبية ؟!!
                  

11-21-2014, 08:07 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: محمد حيدر المشرف)

    بات أنت يا ود المشرف خليك قريب لأنك من أهل مكة... هه

    الجزء القادم دا ليك !
                  

11-20-2014, 09:25 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ملهم كردفان)

    أصبحت ترقص معه الصالصا والفلامنكو، دون أن يتلامس جسديهما، وفي ليلة (التانقو) وهي ليلة خاصة تحدث كل شهر في حانة القرية رقصا حتّي أبتلّ جسدها بعرق شهوةٍ مالحة وتعاركا، ملتفين في بعضهما كثعبانين حتّي الساعات الأولي من الصباح لتنفك منه بشكلٍ فجائي، تركته مشدوهاً وخرجت من الحانة تحت هزيع المطر، مهرولة إلي منزلها وهي ترسم شارة الصليب علي صدرها وتصلي في صمت لمريم العذراء رغم أنّها لا ترتاد الكنيسة إلاّ من أجل أُّمها المصابة بداء المفاصل. لم تستطع النوم تلك الليلة، ولم تبرح سريرها حتّي أنهمرت أجراس الكنيسة مُعلنةً صلاة الأحد، جمعت أطرافها سريعاً، ساعدت أمّها علي إرتداء ملابسها، ثم ساعدتها علي النهوض وأعطتها العصاة التي تتوكّأ عليها ثم توجها نحو الكنيسة.
    جلست في نفس المقعد في الصفوف الأمامية بعد أن أجلست أمها ورسمت علامة الصليب علي صدرها، إستسلمت لموال الموسيقي الكنائسية، ثم حديث القديس المكرر، وهي مُغمضة العينين وتتمتمت بنفس الكلمات اللاتي تعلمتها في الخامسة من عمرها، ولا تعرف معانيها حتي لحظة هذا القُداس، حلّت صورة فريدريكو محل القديس في مخيلتها عندما سمعت همسه خلفها فإنبثقت ليلة البارحة كلها في دماغها فتراقص قلبها وتسارعت أنفاسها وكاد صدرها أن يلتصق بصورة السيدة العذراء لولا ان صوت أمها أتاها اّمراً أن تنتبه للصلاة، ففعلت صاغرة، ولكنها فشلت أن تخفي إنفعالها. بعد إنتهاء القداس تقدّمت سيسيليا نحو القديس، قبّلت يده، ثم صلت أمام مريم العذراء وأخذت زجاجة ماء مقدّس لتمسح به مفاصل أمها، ساعدها في ذلك فريدريكو بعد أن قدم نفسه لوالدتها. خرج ثلاثتهم من الكنيسة، تغطّيهم غيمة صمت باردة، أذابها فريدريكو بسؤاله عن صحة الوالدة، ثُمّ بحديثه عن تاريخ القرية، وعن داء المفاصل الذي يعاني منه معظم سكان السواحل في إسبانيا، ثم ببصيرةٍ شيطانية عزا ذلك كله لتوقف البشر عن رقص الصالصا والتانقو، فتوقف قلب سيسيليا عن الخفقان لنصف دقيقة، قالت له يا لك من شرير، في سرها، وإبتسمت جهراً، قبل أن توافق علي كل ما قاله صديقها، في ذلك الأحد المُزهر توقّف فريدريكو لتناول طعام الغداء بعد إلحاحٍ دائري من سيدة المنزل، والدة سيسيليا ليصبح جزء من الأسرة في كل أحد وإلي أيام اَحاد أُخريات فاق عددها المئتين.
    أصبح فريدريكو يأتي صباحاً ومعه أزهاراً بيضاء ويتناول إفطاره مع سيسيليا ووالدتها، وفي أحياناً كثيرة يصنع الطعام بنفسه، وفي هذه الزيارات الصباحية يحكي لها عن أحوال القرية، ويحدّثها في السياسة ويقرأ لها من الكتاب المقدس، ويلقي عليها ظلال حكمته الطاعنة في اللامنطق، فأحبّته بذات اللامنطق ودون شرط. كان يطلق عليها لقب القديسه (تيريزا) لعلاقتها بالكنيسة وتتراص كل برامجها حولها، فهي لا تفعل شيئاً دون صلاة أو إستشارة القديس في كل يوم أحد، حتي عندما تحصّل علي أدوية من طبيب القرية لعلاج مفاصلها الملتهبه كانت تحدثه قبل تناولها، رغم أنّ طبيب القرية كان يعالج كل سكانها وحيواناتها علي السواء، وبذات الأدويه، مدعياً أن ما يصلح للحيوان يصلح أيضاً للبشر، ويقول كل مخلوقات الله لها نفس المفاتيح البيولوجية!.
                  

11-20-2014, 09:29 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ملهم كردفان)

    كنت أستمتع بسؤال إحدي اللاتينيات عن إسم زوجها السوداني فتقول لي ...... إسمه مهههههلم ! مشددة علي كل الحروف التي تمر بين شفتيها


    في ذلك اليوم أحس بصوتها كدمس يجري في عروق اللغة

    ملهم كردفان يا قريبي حبابك ياخ ... كا إسمه ملهم ؟؟
                  

11-20-2014, 09:10 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Adam D.El-Asha)

    إسمها ( سيسليا مريا رودريجس). تنطقه في كل مرةً كاملاً، صاخباً، فيأتيك كفيلقخريفِ إستوائي، كانت تشتغل كعاملة نظافة في عطلة نهاية الأسبوع وفي أيام الأسبوع العادية، تعمل في مقهي وفي كثير من لياليها التعيسة توزع جرائد اليوم الذي سيأتي فهي إمرأة من مجرّات أُخريات، لا تعرف التعب. ألتقيها كل صباح تنظف النوافذ فتخالها معلقةً فيها أو جزء من أستارها، وتمدد يدها لتمسح الحوائط فتصبح مُلصقاً دعائياً لإمرأءة عاملة ممشوقة القوام مغطاة بالغبار ويهطل علي وجهها مطر

    الصديق ادم العشي لك التحايا العاطرات

    أشكرك كتير علي المرور وتعال قريب

    وأشكرك علي الاطراء ياخ

    لك الجمال الذي تشتهي
                  

11-20-2014, 09:46 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    flamenco-11-manuel-garcia.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  

11-21-2014, 09:09 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    أمّا سيسيليا فقد أصبحت لّينة ووشديدة الهمّة وتعمل بنشاط ثلاثين فتاة في عمرها، تستجيب لمغازلة فريدريكو التي أصبحت واضحة وأمام (القديسة تيريزا) والدة سيسيليا، وكثيراً ما تتشابك أصابع أقدامهما تحت منضدة الطعام فتبتسم في صمتٍ وإستسلام زهرة. إستمر الحال هكذا لشهرين كاملين تتخللهما مشاوير ليلية قصيرة إلي حانة القرية للشراب والرقص، ليعودا في الساعات الأولي للصباح، تودّعه امام الباب بقبلة سريعة دون أن تترك في قلبه سبباً للدخول.
    في ليلة التانقو التي تأتي كل شهر تواعدا للَّقاء في منزلها والذهاب للرقص، أخبرت والدتها أنها ستتأخر قليلاً من المعتاد، ثم أردفت: فريدريكو سيأخذني وسيرجعني كما أنا فلا تقلقي. وافقت (القديسة تيريزا) بإبتسامة راضية وهمهمات تبريكية أعطتها ملامح كاهنة من القرون الوسطي.
    إرتدت سيسيليا فستاناً أحمراً ووضعت وردة بيضاء عليها وعطراً خفيفاً علي صدرها ورقبتها، إستدارت أمام المراَة ألقت نظرة إستحسان سريعة علي مؤخرتها التي تكوّرت كفاكهة ناضجة، سحبت فتحة فستانها للأسفل بقصد لتظهر الجزء الاعلي من نهديها وتترك قلادتها التي تحمل رسم المسيح أن تنحسب مرتاحةً بينهما، فعلت ذلك كأنّها تطهو طبق مُقبلات، وضعت عليه كلما هو شهي من توابل قبل أن تقدمه علي طاولة جسدها الممشوق.
                  

11-21-2014, 09:16 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    حضر فريدريكو في تمام السابعة يرتدي قميصاً وسروال أسودين، شعره أجعد وبشرته محمصة علي شمس المتوسط الهادئة، وبسمته أكثر إتساعاً من رحمة القساوسة في أيام الاحد. قبلها بلطفٍ واضح، ألقي التحية المسائية علي الأم، وخرجا قبل أن تسد فمها الفاغر، وتنزل حاجبيها اللذين إرتفعا حتي حدود شعرها المنحسر. خرجا من المنزل صامتين، وبأصابعٍ متشابكة بدأ جسديهما في الرقص علي أعتاب الحانة حتي قبل أن تبدأ الموسيقي في العزف.
    تتدفّقا علي جسديهما، سال العرق المختلط بالخمر الأحمر، تتلألأت عليه خيالات الأجساد المتلاحمة، تحول إلي نهر صغير، جارياً حتّي البحر، إنكسر مع إنكسارات الموسيقي، تهدّل مع كل خصلات الشعر المسترسل علي كتفي سيسيليا، ثم تماهى النهر مع فضة القمر المنعكس علي سطح البحر، فاندغما. إقتربت الساعة من الثانية بعد منتصف الليل الذي تشقق سطحه علي أوتار الموسيقي، وتناثرت بقاياه علي صفيح القرية الساخن بحمي الرقص. لم يتحدّثا طوال الليل، وتركا الرقص وإلتواءات التانقو الثعبانية تنطق أقوالهم. كانت الكلمات قليلة باهتة مشتتة كسقوط بِتِلّاتأزهار في بدايات الخريف. إنسحب فريدريكو من حلبة الرقص، ضاغطاً علي أصابع سيسيليا الصغيرة التي كانت ترتاح علي كف يده اليمني، تَبِعا نهر حياتهما المتتدفّق نحو البحر مشياً علي الأقدام، كانت سيسيليا تحمل حذائها في يدها اليسري. تترنّح وهي تغني وتبتسم للضوء والبيوت وأصوات المارة الباهتة، مُستمتعة بخدوش الرمل علي قدميها الحافيتين، وترتجف برفق عند مرور المياه المخموره بين أصابعها تسقط أحياناً فتعدّل ذاتها بجسد فريدريكو المدود كدعامة بجانبها، مشيا هكذا حتي أصطدما بجدار البحروغمرهما الموج للحظة، سقطا بعدها علي رمل شاطئ البحر فغطّاهما برغوته البيضاء وشتت عليهما بذور رعونته اللاتينية. رقصت معه السامبا والفلامنكو بخطى مترنحة ، ثُمّ صارعا الثيران، كانت تمثل دور الثور، واضعةً قبضتي يديها علي رأسها، كقرني ثور، فهزمها مرتين، لأنها لم تستطع مناطحة منديله الأحمر، فسقطت بينه وحافة البحر،غطّاها بملاءة جلده المحمص، مستمرئاً صراعاً هادئاً، أفرغته علي رمل التّمنُّع لحظة، هربت من بين يديه لتعود إليه مع مدِّ البحر همهماتٍ باهتة تهتّكت علي تردد خرير رغباته، فاعتصرها كبرتقالة ناضجة، تمنّعت لثوانٍ متناثرة ثُمّ حملها الموج وهي مستسلمة، إلي سماواتٍ بلونٍ أزرق، بنفسجي، أخضر، ألوانٍ مُتداخلة، ظنت أنّها تسبح في هواءٍ حالم وهي مغمضة العينين، تمنّت أللا تصل نهاياته وأحشائها تردد نشيد نشوةٍ أليمة دون وجع تتذكّره، فاستسلمت لقوانين ذاتها، لاعنةً وصايا جدّتها التي أسرتها في أذنها قبيل موتها، إرتعدت قليلاً قبلأن تفتح له تعاريج نهرها الخفيّة، نثر عليها ماء نشوته الراعفة فأعطته زهرتها الوحيدة، ثم من باب حديقتها السّرية، أطلقت تأوهاتٍ طويلة متقطعةً كمن يودّع نبي.
                  

11-21-2014, 09:27 PM

جمال ود القوز
<aجمال ود القوز
تاريخ التسجيل: 01-25-2013
مجموع المشاركات: 5925

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    حضور ..
                  

11-21-2014, 09:56 PM

حبيب نورة
<aحبيب نورة
تاريخ التسجيل: 03-02-2004
مجموع المشاركات: 18581

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: جمال ود القوز)

    ده كوجان بديع.
    حبيب نورة يبتسم.
                  

11-22-2014, 05:09 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: حبيب نورة)

    خليك مبتسم وقريب يا حبيب نورة يس......................

    سألتقيك قريباً يا صديقي

    شكراً على المرور
                  

11-21-2014, 10:33 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: جمال ود القوز)

    شكراً كتير يا جمال ود القوز ياخ وشكراص لحضورك الحميل ولي الشرف والله


    ............................
                  

11-22-2014, 00:43 AM

Adam D.El-Asha
<aAdam D.El-Asha
تاريخ التسجيل: 04-26-2005
مجموع المشاركات: 410

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    رقصت معه السامبا والفلامنكو بخطى مترنحة ، ثُمّ صارعا الثيران، كانت تمثل دور الثور، واضعةً قبضتي يديها علي رأسها، كقرني ثور، فهزمها مرتين، لأنها لم تستطع مناطحة منديله الأحمر، فسقطت بينه وحافة البحر،غطّاها بملاءة جلده المحمص، مستمرئاً صراعاً هادئاً، أفرغته علي رمل التّمنُّع لحظة، هربت من بين يديه لتعود إليه مع مدِّ البحر همهماتٍ باهتة تهتّكت علي تردد خرير رغباته، فاعتصرها كبرتقالة ناضجة، تمنّعت لثوانٍ متناثرة ثُمّ حملها الموج وهي مستسلمة، إلي سماواتٍ بلونٍ أزرق، بنفسجي، أخضر، ألوانٍ مُتداخلة، ظنت أنّها تسبح في هواءٍ حالم وهي مغمضة العينين، تمنّت أللا تصل نهاياته وأحشائها تردد نشيد نشوةٍ أليمة دون وجع تتذكّره، فاستسلمت لقوانين ذاتها، لاعنةً وصايا جدّتها التي أسرتها في أذنها قبيل موتها، إرتعدت قليلاً قبلأن تفتح له تعاريج نهرها الخفيّة، نثر عليها ماء نشوته الراعفة فأعطته زهرتها الوحيدة، ثم من باب حديقتها السّرية، أطلقت تأوهاتٍ طويلة متقطعةً كمن يودّع نبي.

    د. كوجان

    كمن حملوها علي كف الضراعة ..محفوفة برغوة النهر ..ذبد النشوة ..هذا وصف خرافي ..تغار منه الفراشات الحبلي بالندي ويهيم الورد عاشقا يتلو القداس لحين مولد الذي يأتي.. ولي عودة ..


    آدم العشا
                  

11-22-2014, 05:17 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Adam D.El-Asha)


    إقترب البحر بهدوء من جسدها المسجي علي رمل شاطئه، تمرّغ فيها، خلخل شعرها، تماها مع تكاوينها فغرق حتي حدود ثمالته في نشوتها، ثُمّ كساها بزبده لتعود إليه ذاكرته كاملة فينحسر تاركاً جسداً لا يغطّيه شئ فقط خيوط شمسٍ تطل برأسها من بين أفخاذ أفقٍ أخّاذ. أستيقظت من نومها، تحسست نفسها، كانت نصف عارية لا يغطيها شئ سوي ورقات ثوبها المبتلْ، فتعدّلت داخله قبل أن تتمطّي في كسلٍ مريح لتشعل سيجارة، ثم بللت شفتيها لتمتص منها ملح البحر، وقفت متماوجه، تاركةً البحر خلفها وفريدريكو الغارق في سباتٍ عميق وعلي وجهه بعض من رغوة البحر وتعابير طفل، لم تزعجه، ولكنها تأمّلته لبرهةٍ ثم تركته في سباته لتتوجه نحو القرية وعلي وجهها إبتسامة رضيً واسعةً بعرض الشاطئ خلفها، في طريقها كانت تلقي تحية الصباح علي المارة والقطط والكلاب الضاله، وتترك عليهم أثر ليلتها السابقه، فيرتفع الشارع أمامها وينبسط محتوياً لها في زهوٍ ليشاركها النشوة التي تسيل من وجنتيها المحمرّتان بجمر الإنفجار.
    كانت مشيتها كمن يسيل علي الشارعمائعه، ساهلة متسامحة مع نفسها، ظلّت هكذا كانّها في مسيرة أبديه، تتخللها ضحكات وهمسات المارة، وإبتساماتهم الغامزه، ورائحة طبيخ الإفطار.
    نهرها الدّفاق يسوقها نحو منزلها وهي شبه نائمة حتي وجدت نفسها أمام أمّها التي قضت كل الليل جالسةً علي عتبات المنزل، ألقت عليها تحية الصباح، ردت عليها أمّها التحية بعينان مليئتان بحريق التّساءل. كانت إجابتها:
    أنّها ليلةً مالحة وشديدة الغليان وأنّا سعيدةً بها، لم تخفي شئياً مُردِفة:
    وجدت نفسي نائمة علي شاطئ البحر وقد غطّاني برغوته وهديره، فأهديته زهرة مبللة. لم ترد عليها أمها التي شغلت نفسها بإعداد الإفطار، أمّا سيسيليا فقد غسلت نفسها من ملح البحر، وإرتدت قميصاً نظيفاً، وأعلنت لأمّها أنّها لن تذهب إلي الكنيسة هذا الأحد، لم ترد عليها (القديسة تيريزا) فقط أشارت للطعام موافقة بمضض علي رأيها. إرتمت سيسيليا علي سريرها مُنْكبّة علي وجهها، ثم غرقت في نومٍ عميق لم تصحو إلاّ في بعد منتصف النهار علي صوت أجراس الكنيسة وضربات القديس علي باب منزلهم مُستفسراً عن غياب الأم عن الكنيسة، لم تجد إجابة شافية فقط أشارت ناحية سيسيليا، ووجها المتورّم وعليه أثار رمل وخدوش فريدريكو. قدّمت القهوة للقديس، الذي تناولها دون كلامٍ ثم وضع قبعته العتيقه علي رأسه وخرج بعد أن حذّر الام من مغبة الغياب عن صلاة الأحد، قبّلت الأم تيريزا يد القديس وطلبت منه المغفرة والصلاة من أجلها ثم ودعته علي أعتاب المنزل، قفلت راجعة، أوصدت الباب خلفها ثم سألت سيسيليا، هذه المرة بشكلٍ مباشر ونبرة لوم: ماذا حدث في ليلة البارحه يا سيسيليا؟ فردت عليها سيسيلا بصوت متهدج وعلي حروفه جلست علامات خجل سيعتلي وجهها وتتورد وجنتيها بعده: لقد إستمتعت بليلةٍ جعلت الدم يفور في شراييني، يالله، كانت كغناء الغجر! أتعرفين غناء الغجر يا أُمّاه؟ حتي هذه اللحظة أحس بدبيب الماء في جسمي. لم ترد عليها أمها. ولكنها همهمت في سرها: لو فعلتي ما خطر ببالي يا سيسيليا، سيصيب أسرتنا عيب عظيم، وستنقرض سلالتنا التي تبقّت، وستتململ جدّتك داخل قبرها. ثُمّ أردفت بصوتٍ شبه مسموع: أخاف أن تنمو علي وجهك فراشات حمراء، إذا حبلتِ بطفل حب. هذه الفراشات الحمراء تنمو علي وجوه كُلَّ نساء قبيلتنا التي تمتد حتي الشمال الإفريقي، عندما يقمن بمثل أفاعيلك هذه، ثم يمتن عند الولادة!. ويتبعهن العار حتي قبورهن التي عادةً يتركونها دون إسم علي شواهدها.
    أصبح ذهاب الأم (القديسة تيريزا) إلي الكنيسة يتضاءل كل أحد، وفي المرّات القليلة التي تذهب فيها، يحضر الأب إليها ويأخذها معه، أمّا سيسيليا فقد أصبحت تقضي معظم أيام الأحد في مكتبة القرية القابعة في الجزء الاَخر من القريه بعيداً من صليل أجراس الكنيسه، تدرس اللغة الإنجليزية، التي أجادتها في زمنٍ وجيز ثم أنبرت، تقرأ كتب الروايات والتأريخ والجغرافية والفلسفه، كانت تقرأ كل ما يسقط علي نظرها بنهم وأعين جائعة، وفي ايام الاحد من بداية كل شهر، والذي يصادف ليلة التانقو في حانة القريه، تحرر جسدها بالخمر البلدي والرقص ثم تهدي ما تبقّي من ليلتها للبحر وفريدريكو حتي الصباح وتعود سالكة نفس الطريق إلي البيت و مُتدثرة بذات البتلّلات المبتله، تردد نفس اللحن وتلقي تحية الصباح بذات البهجة
    لكل المخلوقات في طريقها لتجد أمها قابعة أمام المنزل وفي وجهها علامات عدم الرضي والتّساءل، ودون أن يتبادلا أي حديث، تختبئ سيسيليا داخل الحمام، تغسل نفسها من رائحة البحر ورمله وملوحته وتغسل طعم فريدريكو من فمها ثم تجلس مع أمها لتناول طعام الإفطار بعده تذهب في نومٍ عميق تراقبها أمّها بعيني صقر، تحاول أن تعرف إذا ما نمت علي خديها فراشة حمراء أم لا؟ ولا تطمئن إلا بعد أن تعرف أنّ ذلك الإحمرار فقط من من اَثار السهر والخمر البلدي فتذهب هي الأخري لتنام وفي قلبها توجس وإنقباض غير مطمئن!.
                  

11-23-2014, 07:22 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    بدأ سكان القرية الحديث عن علاقتها بفريدريكو، كانت همسات العجزه في الشوارع، وهم يلوكون التبغ، تقول ذلك، المارة في صباحات الأحد، النساء في السوق، حتي القطط والكلاب تنظر إليها بأعين مريبة وهي تجرر بتلّلاتها في الشوارع، حتي القديس في قداس الأحد يردد كلاماً عن علاقتها المريبه بفريدريكو، ويدعم أقواله بضرورة الزواج، وعدم حضورها للصلاة، وأن ما تفعله سيسيليا ليس من المسيحية في شئ. وعندما تحّول رذاذ الكلام إلي أمطارٍ صاخبة كادت أن تحرّك القرية وتغرقها في البحر،قررت ان ترحل خاصة بعد أن اصبح المشوار قصيراً بين البحر والقرية إذ أنّها كانت تهرول بدلاً عن مشيتها المعتاده. عندها أتي خبر موت جدّها لأمها بالسكتة القلبية، وبعد أسبوعين ماتت خالتها الوحيدة
    وبعد ليلة فلامنكو ملتهبة قررت أن تواجه فريدريكو بقرارها، في البدء حاول فريدريكو أثناءها عن عزمها، بإغراءاته، ولباقته الذكورية، ففشل وعندما حاول مناطحتها مزّقت قميص نصائحه لها بخنجر نرجسية أمرأة ناضجه.
    سألها: وأين ستكون وجهتك؟ أطاحت بكل حيله دفعة واحدة وبلغةٍ إنجليزيه تساقطت من فمها كمن يبوّغ لحربٍ لا هوادةً فيها!. قالت مدينة (ليدز) في إنجلترا!، ثم أفرغت في أذنيه، أسماء الشوارع والأندية الليلية بتلك المدينة، ولم تترك حتي أسماء المحلات التجارية وتاريخها وتاريخ أقليم (يوركشير)، ولكنتهم التي تشبه مواء القطط، قالتها بإبتسامة منتصر. فعرف فريدريكو أن أحاجيجه قد ذابت في بحر معرفتها باللغة الإنجليزية وأهلها وعرف أنّها كانت مستعدة لهذه المعركه مذ حديثها مع أمها القديسة تيريزا وعلمها بأن نبوءتها بموت الأسرة وإنقراضها سيكون حقيقةً. وضع فريدريكو قميصه الأبيض علي سن رمحهه الذي إلتوي في نهاية معركته الكلامية مع سيسيليا وأعلن إذعانه مستسلماً، بسوءالٍ واحد: ومتي ستذهبين؟ قالت بعد غد العاشرة صباحاً، الثلاثاء. كانت إجابة قاصمة فجّرت بها كُرات البهارات اللاتينيه الحارقه في أسفل بطنه ثُمّ عدلت من قصعة شعرها وتركته يحترق في نيران قلبه الملتهبة.
    الثلاثاء، يا إلهي، ليس يوماً جيداً للسفر، هكذا همهمت الأم تيريزا وهي تداعب مسبحتها، ثم أردفت، ولكنها سيسيليا! إنها صعبة المراس كوالدها تماماً، وهو ذات اليوم الذي تغيّرت فيه سحنتها وكنتور وجهها إلي الأبد، وهو ذات اليوم الذي لا تقرع فيه أجراس الكنائس إلاّ إذا حدث أمرٍ جلل. في يوم الثلاثاء المشئوم، إلتصقت فراشات حمراء في وجه الام تريزا فغادرت قريتها إلي هنا وإلي الأبد!. اجهضت مرتين قبل أن ينصحها القساوسة بزواج والد سيسيليا لكي تتفادى الموت! ففعلت، ومات والد سيسيليا مات في الحرب الأهلية، قبل ولادتها، وفي يوم ثلاثاء أيضاً!.
    لم تَعِرْ سيسيليا أُمّها إهتماماً يُذكر، فقط باشرت في جمع حاجياتها، ووضعتها في حقيبة واحده، وكأنّها تعدُّ نفسها لحياةٍ جديده حتي ملابسها ستظل قابعة في غرفتها التي قضت فيها كل حياتها حتي هذه اللحظه.
    قالت بهدوء مقصود حتي لا تعطي أمها حق التفكير في أنها تريد أن تهرب: فالنتوجّه نحو محطة البص، تبعتها أمها دون ان تفلت منها كلمة واحدة.
    في محطة البص جلست والدتها في إحدي المقاعد، تشغل نفسها بِقصف الأوراق من شجرة مللها الحزين وتلقي بها بحركات كئيبة في بركة إنتظارها الجامده، تقلِّب حياتها منذ أن أطلقت تلك الصرخة الأولي، مروراً بحبها الأول ولعبها مع صديقاتها في شوارع قريتها الأولي، إبتسمت في صمتٍ عندما تذّكرت (ميناركويا)، أو دورتها الشهرية الأولي! وكيف أنها ذهبت في ذُعرٍ إلي والدتها مُتخيلةً أن أسفل بطنها قد إنفجر أو ذٌبِحَ فيه أرنب (هكذا كان رد النساء علي الفتيات عندما يرد مثل هذا الحدث!).
                  

11-24-2014, 09:10 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    كانت سيسيليا تهتز من خفقان قلبها وتوقعاتها اللهوفة لما يخبئه لها المجهول الذي لا تعرف سوي إسمه، ولكنها حزمت أمرها ولا رجعة فيه. تشجّع قلب سيسيليا وإسترجع نبضه الطبيعي، عندما رأت فريدريكو قادماً لمحطة البص لوداعها، فانفجر في وجهها خريف لوعةٍ شبقٍ.
    بينما خرجت أمها من رتابة ذكرياتها ونهضت لتصافح فريدريكو وتعود بحضوره إلي عالم اللحظة مُمْسِكةً بيده دون أن تشعر. سحب فريدريكو يده برفقٍ من يد الأم تيريزا، ثم إندلق علي أحضان سيسيليا بحركة مصارعي ثيران فغرقا في عناق كاد أن يكون أبدياً، دسّ رأسه بين نهديها، جمّعت رأسه المدسوس بين نهديها بشكلٍ فراشي ثم أطبقت علي عينيه بقبلةً سالت علي شفتيه، فتهاديا في عناقهما الذي إستمر حتي بديات خريف نزوتهما التي بدأت تُحدث صريراً وصوتاً كبدايات المطر لحوح في صبحٍ ألج، إلتوت حينها ساعة الزمن وإستطال ظلًيهما حتي أطراف المباني التي تتماوج حول محطة البصات،ثم إنكسر منهما الظل علي أرصفة القرية الترابيه، ثم تصاعد كالدّخان علي جدار مبني البلدية ليلقي برطوبة عنفوانه علي حائط الكنيسه قبل أن يسدل لونه علي أجراسها فأرسلها في رنينً دفّاق، يشبه إنتهاء صلواتٍ جنائزية إستمر حال الأجراس هكذا ولمدة عشريت دقيقةً كاملة، ليخرج كل سكان القرية ليشهدوا منظراً كأنه رجس من أعمال الجن،! رسمت الأم (القديسة تيريزا) علامة الصليب علي صدرها بعنفٍ راض، لِما رأت وحامدةٍ ربها في تناقض من إهتزّ إيمانه وقالت: يالله أشكرك كثيراً إذ أنّك لم تأخذني قبل أن أشهد معجرة أُخري من معجزاتك! .( تصطرع أجراس الكنائس من أجل محبّين؟ يا للهول)!
    وعندما بلغ رنين أجراس الكنيسة قمة هزيعها إنسحبت سيسيليا من بين ثنايا فريدريكو وتوجّهت نحو البص ملوحةً له بيديها، وجسدها الذي إستّلته من جراب جمالها اللاتيني، ومؤخرتها الكاملة الإستدارة بفعل الرقص الدائم، وتساقط بتّلّاتها الرطبة، وعينين مٌحمرّتين تكسوهما سحاباتٍ ضالّاتٍ ضائعاتٍ كأنها سقطت من إناء فخار، تجمّد فريدريكو في مكانه مسمماً برحيق حبها الذي أخذ يتجوّل في أحراش جسده واخذ يلوّح هو الاخر كأنّه في حلمٍ، وكاد أن يلتفت للذهاب ليجد أنّ ظليهما ما زالا في ذات العناق الإلهي وأنّ أجراس الكنيسة ما زالت ترن، فابتاع باقتي ورد، واحدةً حمراء والأخري بيضاء، قذف بالحمراء ناحية البص ووضع البيضاء علي حافة الظل. ثم قفل راجعاً ساحباً معه الأم وكل سكان القرية من خلفه.
                  

11-25-2014, 06:07 AM

محمد الجزولي
<aمحمد الجزولي
تاريخ التسجيل: 08-16-2007
مجموع المشاركات: 2983

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    .
                  

11-25-2014, 08:57 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: محمد الجزولي)

    عادت القرية إلي هدوئها، وتكوّرت بجانب البحر كطفلٍ ينعم داخل رحم أمّه ، شوارعها التي تضج بأنين قيثارات الفلامنكو، هدأت، عيون فتياتها المكحلات بالأحمر القاني المنسرب من نبيذها المعتّق، أصبحت أقل لمعاناً، شورعها التي تددلل بتهادي سيسيليا عليها أيام الاَحاد، صارت باهتة، نسائها العجائز اللاتي يهمسن وينمنمنَ كُلّما سقطت أعينهن علي سيسليا خمد صوتهن وأصبح هواءً خاوٍ بلا صوتٍ مسموع، أمّا الأم تيريزا فقد عادت إلي رتابة أيامها وإلي الكنيسة تمارس صلواتها بحزنٍ متنامي علي وجهها، تزرع شوارع القرية بهدوءٍ عجيب تمشطها شارعاً شارع من قمل رتابتها! تحسب الأيام والسنين وتجرر علي حيطانها القديمه خطوطاً تعدُّ بها ما تبقي لها من عمر، حتي أصبحت كل الشوارع والبيوت القديمه تُنبئها بعمرها الذي سوف يقارب المائة بقليل فتذهب إلي سريرها في أخر الليل ووجهها مغطّي بإبتسامة طمأنينة علي عمرٍ لن يذهب قريباً.
    أصبحَ فريدريكو يحمل علي كتفيه سماءً ملبدة بغيوم أحزانه السّوداء، يسير هادئاً هائماً علي وجهه منسدل الأكتاف مُتهدِّلها، عيناه ملتصقتان بالأرض، وبعض المنازل المتناثره، يتخيل صورته، بملامح سيسيليا وهي تخرج من الجُدر التي تدثُره، لتفتح أبواب الحياة داخله، يتمنّي ضحكتها الرنانة لو إنفجرت من ثنايا الأصوات التي تتدفّق من جنبات القرية فتصبح غناءً بإسمها في شرايينه، خطواتها التي خلّفتها وراءها تعتلي قدميه فتزيد من رعشته. إعشوشبت سهول وجهه بلحية كثيفة وتنكّر له بريق عينيه الضاحكتين. أزهار تلك الحديقة التي تضئ لرؤية سيسيليا ذَوت وانحني ظهرها. أصبح عاشقاً للطرقات يتجولها مُتحسساً رائحتها، وفي يأسه الذي غمره، حاول في إحدي أيام الأحد أن يذهب لرقص الفلامنكو، خانته ساقيه وترجّل حصان عنفوانه رغم تبرّج الحياة من حوله وصخبها، تناثر جسده دون إيقاعٍ علي الأرض جثةً هامدة متمدداً علي أرض المرقص، منزعجاً من أنغام الموسيقي التي بدت له كأنها عواء كلب، بدأ يهضرب بِكلامٍ مُبهم، ولكنه مفهوم لِكُلِّ من يعرفه: كانت تخترقني في نومي، تجزّئني إن شاءت، عرفت نفسي فيها، شققتني إلي نصفين، نصف ذهب معها ونصفٍ قلبي.اختبأ داخلها. أسقط علي حافة ظلالها وهمس خطواتها ، خلقت مني شمساً ورقرقة ضوء. جعلتني أنايِ!. ثم خرج ناحية البحرمُلوِنناً جسده برطوبة رمل ذكراها واحشاؤه مُمرّغة في دفء الخمر الحارق وأحبال صوته مشدودة علي أوتار غناء حزين.
    6
    الضّباب العالق في أجواء مدينة ليدز، يكسي وجوه سُكّانها بلون رمادي، وأمطارها الخفيفة والتي تنزل بإصرار كبقايا طفح جلدي علي وجه بنت مراهقة، رغم علمها التام بما يسمي بالجو البريطاني لكنها أُصيبت بإحباط سرعان ما تلاشي في وجوه الناس الباردة، التى ليست بها تعابير تُذكرْ، لون بشرته تشبه رئة خروفٍ مذبوح، ورائحتهم في الشتاء كمحتويات إمعاء دجاجة.
    إستقبلت سيسيليا كل ذلك جرعةً واحدة وهي تلامس أرض مطار المدينة الرئيسي بقدميها ذات الإيقاع اللاتيني فبردت أطرافها الملتهبة بإيقاع الفلامنكو الحارق فلم تذّوب ما أصاب أصابعها من برد، فانكمش وجهها داخل تعابيره وهي تصافح رطوبة الجو ببشرتها المحمّصة بالشمس الأسبانية التي تركتها خلفها.
    عندما خطت أولي خطواتها علي تراب المدينة إختارت عربة تاكسي، كانت الأولي التي وقعت علي عينيها، لم تنظر للسائق فقط قالت له خذني إلي شابل تاون، قال لها أأنتِ متأكده؟ كانت لكنته غريبة عليها، يفوح منها دخان عجيب عرفت أنّه كاريبي ولونه أقرب للون حجارة الجبال!.
    قالت نعم متأكدة إذ أنّ فنادقها رخيصة وليست بها كنائس! وبها مكتبة عامة! ويسكنها السود والاسيويون والذين أتوا من دول العالم الفقيرة، يجمع بينهم الفقر والعوز وحبهم البوهيمي للحياة!
    قال لها: كيف عرفتي كل ذلك وملامحك تقول أنّك أسبانية؟ وأنّك جديده في هذه المدينة!
    ردت عليه: وأنت كاريبي أليس كذلك؟.
    كيف عرفتي ذلك؟
    صوتك يتصاعد منه الدخان، كانت إجابتها! دون الإشارة إلي لونه المخنوق في مزجة أناقته الزنجية!.
    إرتاح سائق التاكسي للحديث معها شارحا لها أسرار المدينة الضبابية، و مُلوّحاً لها بأسنانٍ بيضاء، مرحباً بنبرات صوته الجبلية والدخان يتصاعد من بين كلِّ حرفٍ واَخر.
    غادرت سيارة التاكسي أمام الفندق والوحيد بضاحية شابل تاون الملعونة بضجيجها وناسها من كل أجناس الدنيا، وما أن إستقرّت بغرفتها حتي طلبت طعاماً وقهوة وجرائد للبحث عن عمل، فوجدت إعلانات عن كل نوع عمل ممكن أعمال عوالق علي حافة مجتمع يصيح بِرأس مطموسةً معالمه في الرأس مالية، أعمال هامشية غريبة كتشبّث خيوط العنكبوت علي بوابة قصر.
    لم تتردد كثيراً، وضعت خطوطا علي بعض الوظائف الممكنة، والتي لا تحتاج لخبرة، عاملة نظافة، مربية أطفال، موزع جرائد، غاسل في مطاعم، صانع قهوة، وقائمة طويلة من الوظائف، قاسمها المشترك، أنّها لا يقوم بها الإنجليز إلاّ من وجد نفسه في حاجةٍ قاسية. في نهاية بحثها المستفيض قضت علي علبة السجائر قاموس الشتائم والسباب علي حالها ولكنها لم تيأس، فقط نظرت لنفسها في المرآة جيّداً ثم كررت قولتها التي تتجوّل في رأسها منذ مغادرتها لقريتها ( لن أرجع إلي تلك القرية إلاّ وأنا مالكةً لنفسي) ثم سقطت علي سريرها ودفنت رأسها تحت الوسادة، كأنّها مخمورة، ثم تعالي غطيطها حتي الصباح.
    في الصباح الباكر، كوّرت نفسها داخل ملابس ثقيلة لتحميها من البرد وإشترت مظلّة لتحميها من المطر، خرجت الي الشارع الذي تراءى لها كحصانٍ جامح، فامتطته في هدوءٍ إبتدائي مُتوجّس و بدأت تمشي كما يفعل الإنجليز، عيناها مُلتصقتان علي الأرض، وخطواتها ثابتة سريعةً دون إيقاعها الرّاقص الذي تعودت عليه، دخلت علي محلات العمل التي وضعت عليها علامات في الليلة السابقة، قدمت أوراقها، قُبِلت في كل عمل قدّمت له. في مساء ذات اليوم كانت عاملة نظافة وموزّعة جرائد، وحاضنة أطفال.
    في شهرها الأول عملت في كل الأعمال التي فُبلت فيها، تخرج في الصباح الباكر ولا تعود إلاّ في منتصف الليل لتنام وتذهب الي عملها وهي شبه نائمة ولا تستيقظ كلياً إلا بعد ساعتين وثلاث فناجين قهوة.
    كانت بالكاد تنام وعندما يأتي يوم الأحد تقضي معظمه في سريرها، تشرب القهوة وتتحدث مع أمها وفريدريكو وصاحباتها، فبهت لونها واصبح خديها مثل الطماطم، وذابت مشيتها الوثّابة في أيقاع الخطوات الأنجليزية الرّتيبة.
                  

11-26-2014, 03:21 PM

Bushra Elfadil
<aBushra Elfadil
تاريخ التسجيل: 06-05-2002
مجموع المشاركات: 5252

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    معاك.

    باستمتاع للحكي ..
                  

11-27-2014, 09:08 PM

ibrahim kojan
<aibrahim kojan
تاريخ التسجيل: 03-29-2007
مجموع المشاركات: 1457

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: Bushra Elfadil)


    عندما ألقيت عليها تحية الصباح لأول مرّة كانت مغمورة في العمل المرهق وكادت تنضج، قد قضت شهرها الخامس بمدينة ليدز، و زارت قريتها للمرة الثانية، تفوح من جسدها رائحة (أسماء الاطبق ) الإفطار الإنجليزي، فتداخلت أحرفها الإسبانية مع لكنة أهل يوركشير التي تتضخمّ حروفها في أفواههم قبل أن تخرج منتفخة كأنهم ينطقونها وفي أفواههم بقايا طعام مشحوم، في تلك الأيام الأولي التي عرفتها فيها بدت علامات الفراشات تظهر علي وجهها وهي لاتدري ولم تراها إذ أنّها لا تنظر إلي المرآة إلاّ قُبيل سفرها كل شهر إلي قريتها لتقابل فريدريكو.
    حدّثتني عن فريدريكو وعن علاقتها به، بل وصفته بالساحر لما يملك من مقدرات علي تفجيرها كلّما إلتقيا، فاستمتعت بعلاقتي البريئة بها وأصبحت أكثر عمقاً كلما يمر عليها يوم، وبحديثها الهادئ وصوتها الذي يمغنطني، فأنام في حضرتها، إستطاعت أن أن تريحني من تلك القطط التي تخربش معدتي كلما تأتي سيرة فريدريكو حتّي خلته صاحباً لي، علّمتني كيف أرقص الفلامنكو، علّمتها رقصاتٍ من بلادي. دعتني إلي قريتها أكثر من مرّة، لم أستجب رغم وعودي لها أنّ ذلك سيحدث يوماً ما، في إحدي الليالي حدّثت فريدريكو عني، دعتني للحديث معه، توجّست شراً في البدء، إنتابتني حالة فزع غريبة كأني تلميذ علي موعد مع مدير مدرسة، كان صوته هادئاً ممتلئ فخراً بسيسيليا، وعندما عرفني جيداً حذرني ضاحكاً من السحر اللاتنيني، ثم حذرها هي من دمائي الإفريقية.
    أصبحنا كأُسرةٍ واحده بدمائها الحارة وألوانها المتعددة، وكثيراً ما نتحدث ثلاثتنا ثم أصبحت أمها جزءا من المنظومه الكونية التي أنشأناها. أثناء عملها وقُبيل سفرها الأخير إلي قريتها أصابها دوار في العمل في البدء عزته للإرهاق ولكنها لم تستطع المداومه في عملها كما ينبغي. أخذت إجازة علّها أن تطيب، قضت كل اليوم في سريرها مُكتئبة لا تعرف ماذا أصابها، نظرت إلي جسدها جيداً ثم دلكته بأعشابٍ من صنع أُمها وإستنجدت بالسيده مريم والمسيح، وفي سرها تعلم أنهم لن يصنعوا شيئاً فجلست أمام المراَة ونظرت إلي وجهها لمدة نصف ساعة كاملة تسترجع كل الأمراض التي عرفتها في أسرتها فلم تجد حالة مُشابهة لحالتها، فأرخت أستار جسدها المنهك وإستسلمت لنومٍ مُتقلّب بهواجس محمولة علي ماضي الأسرة، وأنّ قلبها يحدّثها بأمرٍ جلل.
    8
    لم تك تدري أنّها حامل إلاّ عندما حطّت تلك الفراشة علي وجهها مُرفرفةً جناحيها بهدوء إستمر لثلاث أيام كاملاتٍ، في أثنائها كانت تحس بدبيب نمل علي جسدها وأن صدرها بدأ يتكور وكست جسدها نعومة فراء أرنب حديث الولادة. وعندما إسترجعت الأسابيع الثلاث الأخيرة من عمرها فهمت تماماً ما حدث لها، فعرفت أن تلك الأعراض هي بداية حياة داخلها وأن هذي الفراشات هي علامة القيامة داخل أسرتها!. أُصيبت بذعرٍ شديد أرادت أن تستنجد بأمّها ولكنها خافت، فحادثت فريدريكو المستغرب لأن اليوم كان منتصف الأسبوع ولم يتعود علي صوتها الشروخ، عندما عرف رقص طرباً وصاح صيحةً (باسكية) مهيبة كمن يسترجع أناشيد الحصاد، لكنها هدأته وحكت له أسطورة أسرتها، في البدء إقترح لها أن تجهضه فأبت أن تفعل ذلك بعزيمة قِطة ونرجسية أنثي غارقةً في فوضي هرموناتها.
    كانت تحّث أُمّها كل أحد كما تفعل تماماً من قبل دون أن تذكر ما أحل بها، ولكن في الأحد الأخير من شهر مايو وأثناء حديثها، قاطعتها أمها قائلة: بدأت أحلم كثيراً بشياء مثل الكوابيس وأنني أصحو في منتصف الليل وقلبي يحدثني بأن العالم يوشك علي الإنتهاء!
    نصحتها سيسيليا: أرجوك لا تأكلي بيض البط بصلصة عش الغراب فهي، قد تساعد علي النوم ولكنها أيضاً تساعد الكوابيس علي الدخول في أزقة أحلامنا!،
    قالت أمها بعد صمت أبدي: سيسليا أظن أنك حامل! وأنّ تلك الفراشات الحمراء بدأت التكاثر علي خديك؟ هكذا رأيت في أحلامي علي أي حال! وأنتي تعلمين جيداً أنّ أحلامي تصدق! قولي لي أليس هذا صحيحاً؟
    إنّي أكاد أن أراك الاَن قولي لي الحقيقة! قولي بحق العذراء؟!
    لم تجد سيسيليا مناصاً من قول الحقيقة كاملة وبدون مقدمات، أجابت بصوتٍ خارج من قعر بئر عميقة. نعم يا أمّاه! شعرت سيسيليا بشئ يسقط، بجمود تبعه صمت، و شخيراً يشبه تدفق دمٍ من ثورٍ مذبوح، تبعه صمت خالته عاماً من الحزنُ ثم تدافع صوت أمها كأنها تسلم روحهها!: الموت لا يعرف إلا هذه الاسره، يستمتع بصرير إحتكاك سكاكينه اللئيمة برقابنا، لا يبتسم إلاّ ليزيح النورمن أعيننا بظلمته اللعينة، هذا الموت يا سيسيليا كإنسحاب الظل تحت مقبرة الحائط،، تبع هذا الحديث المهول صمتاً جنائزياً ثم مات التلفون في يدها.
    في الشهور التي التي بدأت تمضي بطيئاً كان جسد سيسيليا ينتفخ سريعاً، يتقرمز، يغمق لونه، وأحياناً يصفر ويخضرْ خاصةً عندما تصحو في منتصف الليل بركلاتً في بطنها من ذلك الشئ الغريب الذي ينمو إلي مخلوقاً حياً بداخلها، لكنها لم تستسلم ولم تترك العمل رغم جسدها الذي تكوّر مثل فرس بحر. لم تترك عادة الإتصال بأمها وفريدريكو كل إسبوع، تخبرهم بتطور حملها، فتسألها أمها عن لون الفراشات! علي وجهها، وحجمها وهل بدأت في الطيران؟ فتنفي سيسليا في تعجب واضح! من إهتمام والدتها بهذه الفراشات اللعينة.
    كانت تعلم أنّ تاريخ ولادتها سيكون في أكتوبر من العام، وأنّ المولود سيكون أُنثي، هكذا أخبرها الطبيب المتابع. أعلنت كل ذلك بصخبٍ شديد لأمّها في مكالمتها الروتينية، ولكن أمها لم تشاركها في فرحتها ولم تقول شيئاً فقط همهمت والحزن ينسج حباله حول صوتها الذي تتربّص به ذبذبات خوف تعرف مصدره قائلة: (أنتونيا)!
    ماذا قلتي يا أمي؟
    سنطلق عليها أنتونيا!
    ولماذا أنتونيا؟
    إنها مؤنّث القديس (أنتونيو)، قديس الأشياء المفقودة! ليحميك من فقد روحك عند الولادة! وسيحميها من تلك الفراشات الشريرة التي تتربص بالأسرة منذ أوجدها الله في الأرض!.
    لم تأبه سيسيليا كثيراً بقول أمها ولكنها أصرت علي أن يكون إسمها (أنتونيا سيسيليا) إسماً مركباً، رغم عدم إيمانها بما تسميه بخزعبلات والدتها، ووايمانهاً بالكنيسة، لكنها أضافت إسمها لإسم البنت التي ستأتي حتي تعطيها شعوراً بالطمأنينة! فالذي جعلها تعيش كل هذا الوقت إسمها وإصرارها علي الحياة، وليس دعم القديس أنتونيو أو أي شخص اَخر، هكذا أردفت بصوتٍ خافت. وافقت الأم علي إقتراح إبنتها، قائلة: لا بأس، سوف نكون أنا وفريدريكو معك أثناء الولادة وسنصلّي وندعو الرّب من أجلك، ثم خفت الكلام بينهما كضوء شمعة تاَكل لحم جسدها.
                  

11-29-2014, 03:14 AM

Adam D.El-Asha
<aAdam D.El-Asha
تاريخ التسجيل: 04-26-2005
مجموع المشاركات: 410

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: فراشات سيسيليا الحزينة! (Re: ibrahim kojan)

    butterfly21.jpg Hosting at Sudaneseonline.com
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de