|
|
 بين نقد والخطيب .,,,, بقلم الجميل الفاضل
|
بين نقد والخطيب (1)
{ اخيرا تكلم (محمد مختار الخطيب) الذي لم يدر بخلد احد ابدا قبل عامين من الآن.. ان يكون هو البديل الذي ادخره الحزب الشيوعي السوداني لموقع الرجل الاول فيه، ذلك الموقع الذي تعاقب عليه منذ العام (1946) ثلاثة رجال بقامات متطاولة في كل شيء.. هم عوض عبد الرازق، وعبد الخالق محجوب، ثم محمد ابراهيم نقد الذي حضر ولم يجد احدا في مفارقة ميدان أبي جنزير الشهيرة قبل ان يذهب هو نفسه الآن في رحلة للغياب لا أوبة بعدها إلى هذه الفانية. له الرحمة والمغفرة.
{ المهم فإن من يتكلم يُرى، وها أنا قد بت أرى (الخطيب) من وراء لسانه الذي أنحلَّ وسال وتدفق في حوار نادر الحدوث نشرته بالأمس الزميلة (المستقلة) بل وصدَّرت به ووضعت على هامة صفحتها الأولى قوله المجازف الجريء، بقطع وجزم تامين : (ماركس ليس ضد الدين) هكذا ضربة لازب رغم أنف (المادية التاريخية) التي قال بها كارل ماركس والتي لا ترى وجوداً إلا للمادة فقط، ولا تؤمن بالطبع بما وراء هذه المادة.. ناهيك عن أن لصاحب كتاب (رأس المال) هذا مقولة سار بذكرها الركبان تصف الدين دون مواربة بأنه (أفيون الشعوب) لا اكثر ولا أقل.
{ ورغم أن جهيزة ماركس في هذا الصدد من شأنها ان تقطع قول كل خطيب، إلا أن خطيبنا (محمد مختار) رد على محاوره (الحاج الشكري) عندما قال له : (إن ماركس نفسه ضد الدين) بسؤال من جانبه (أي الخطيب) من أين لك هذا الاتهام؟، بل وذهب إلى القول : (ماركس لم يتحدث عن قضايا في السماء، ولم يقل أنه يحارب السماء، إنما هو يحارب في الارض في سبيل تحقيق العدالة في السودان وفي العالم أجمع).
{ وعلى ذكر السودان في هذا المقام أذكر أني قد وجهت سؤالاً مشابهاً لسلف (الخطيب) طيب الذكر (محمد ابراهيم نقد) والنقاش يحتدم حينها في الجمعية التأسيسية أبان ما عرف بالديمقراطية الثالثة وأثناء مداولات ساخنة كانت تجري هناك حول ما سمي بالقوانين البديلة لقوانين سبتمبر، وهي صيغة معدلة لمشروع قانون قدمه الدكتور الترابي بوصفه نائباً عاماً آنذاك يعتمد على مرجعية الشريعة الاسلامية.. المهم في الأمر عندما سألت الأستاذ نقد عن موقف الشيوعيين من القوانين الاسلامية البديلة وأنا أذكره بمقولة ماركس (الدين أفيون الشعوب) رد على بحصافته المعهودة : (إن الدين جزء من مكونات وموروث وثقافة الشعب السوداني، بل ومن خصائص الشخصية السودانية، وهذا هو واقعنا الذي نحيا فيه ولا ننكره او نقفز عليه وفي هذا لا يهمني ماذا يقول ماركس لأن ماركس ليس سودانياً ولا يعلم عن واقعنا شيء).
{ بل ان سكرتير الحزب الشيوعي الحالي محمد مختار الخطيب ذهب بغير ما نأى عنه نقد الى حد القول وفق ما أوردته الزميلة (المستقلة)، بألا تناقض بين الشيوعية والاسلام.
في الوقت الذي لا يرى فيه ماركس نفسه أن الدين ليس إلا نتاجاً لبؤس اجتماعي تعيشه الطبقة الكادحة التي لم تجد حلاً آخر لوضعيتها المادية البائسة غير الاعتقاد في عالم آخر بوسعه أن يكون أرحم وأجمل، ولذلك فإن ماركس يرى بأن البؤساء يذهبون عوضاً عن الثورة من أجل تغيير العالم الى الاكتفاء بالاعتقاد في آخرة بعد الموت.. ربما ان هذا أفضل ما يفسر نظرة ماركس تجاه الدين عموماً.
{ ولأن الشيوعية في أصلها نظرية سياسة نجد مصدرها الاساسي في كتابات كارل ماركس وفيريدريك انجلز خاصة في بيان الحزب الشيوعي (1848م) لابد أن أحيل السيد سكرتير الحزب الشيوعي السوداني الى ما قال به انجلز كذلك في موضوع الدين، إذ يقول انجلز في كتابه (ضد دوهرنخ) : (ليس الدين سوى انعكاس خيالي وهمي في اذهان الناس عن القوى الخارجية على حياتهم اليومية، وهو انعكاس تتخذ فيه قوى العالم شكل قوى فوق الطبيعة).
بين نقد والخطيب (2 – 2)
{ وبالطبع كما اثبت المهندس محمد مختار، الخطيب السكرتير العام للحزب الشيوعي السوداني حقيقة أن مؤتمر حزبه الاخير قد وضع حدا للجدل حول ماركسية هذا الحزب من عدمها، بتأكيده القاطع ان حزبه حزب ماركسي الهوى والهوية، وانهم في الحزب الشيوعي السوداني متمسكون بالمرجعية الماركسية للحزب بالمنهج الماركسي كآلية لقراءة الواقع في السودان وللعمل وفق ذلك المنهج لتغييره.
{ لكن الحقيقة التي لا مراء فيها تظل هي ان الماركسية ليست نظرية معلقة في الهواء، فهي جزء ضخم من تراث وأرث التجربة البشرية بأخطائها وخطاياها الفادحة والتي اثبتت خطلها وفشلها في حيز الممارسة والتطبيق منذ ما عرف بالثورة البلشفية وما تبعها وصاحبها من سلوك وممارسة، وبرغم ان الخطيب قد حاول القفز في معرض حديثه عن تجربة الاتحاد السوفيتي وما لف لفه من منظومة كانت تدور في فلكه سميت بالمعسكر الاشتراكي آنذاك، بخلاصة مبتسرة أغلق بها (الخطيب) هذا القوس الخطير الذي دفعت البشرية بين (معكوفتيه) اثماناً باهظة وفي أغلى ما تملك، حيث ذهب سكرتير الحزب الشيوعي الى ان حزبه قد ناقش هذا النموذج، وعمل على تحديد وصفه، ثم توصل الى ان الماركسية كنظرية هي نظرية صحيحة، هكذا، وبهذا الاطلاق الكامل. دون اعمال لمنهج علمي في التحليل والنظر لهذه التجربة الضخمة ولمآلاتها التي أورثتها في النهاية عاقبة الانهيار.
{ ودغمائية الخطيب، التي تتجلى في شرائه وحزبه وفق ما فهمت على الأقل. لهذه التجربة شراءا بالجملة مع الجزم بصحتها أمر مزعج للغاية، لكن الأدهى والأمر هنا هو محاولة السيد محمد مختار الخطيب المستميتة لإقناعنا بأن الماركسية في أصلها الأول لا تناقض الاسلام ولا تقف ضد الدين، مطلق دين (أي دين).
{ حيث اختصر (الخطيب) الأمر برمته في أن الاسلام جاء لإكمال مكارم الأخلاق مردفاً بأن هذا هو عين ما يدعو له هو وحزبه، غير أنه عاد مستدركاً بالقول : (ولكن لا يمكن ان تكون هناك مكارم اخلاق في ظروف فقر أو جوع او ظروف اجتماعية ولذلك نفتكر انه بتحقيق هذه الغاية في الارض بشكل مادي هو الذي يؤدي الى ارتفاع قيم الناس).
{ فالخطيب يجرد الاسلام هنا تجريداً مخلاً من كل محمولاته القيمية وآفاقه اللا دنيوية الغيبية، وكأني به يضع عربة الدنيا امام جواد الغيب والآخرة.
{ ولعل آفة الفكر المادي تتجلى هنا في أنصع صورها والخطيب يحاول بكل ما أوتي من منطق وقوة ان يقنعنا بتطابق الغايات بين الاسلام والشيوعية، برغم ان غلاة الماركسيين قد قطعوا في هذا الامر بحسم.. فأن (مولوتوف) احد زعماء الشيوعية يقول : (لن تنتشر الشيوعية في الشرق إلا اذا أبعدنا أهله عن تلك الحجارة التي يعبدونها في الحجاز، وإلا اذا قضينا على الاسلام).
{ وعلى ذات الغزل قالت صحيفة (البرافدا) لسان حال الحزب الشيوعي السوفيتي آنذاك : (من قال إننا لا نؤمن بشيء.. إن من يقول بذلك يتجنى علينا ولا يذكر حقيقة وضعنا.. نحن نؤمن بثلاثة أشياء : كارل ماركس، ولينين، وستالين، ولا نؤمن بثلاثة أشياء : (الله والدين والملكية الخاصة)، بل ولينين نفسه يقول : (إن البحث عن الله لا فائدة منه، ومن العبث البحث عن شيء لم يخبأ، وبدون ان تزرع لا تستطيع ان تحصد وليس لك إله، لأنك لم تخلقه بعد، والألهة لا يبحث عنها، وانما تخلق).
{ فأي اسلام يريد السيد الخطيب ان يقنعنا بعدم تناقضه مع الماركسية،.
{ اذ أن محور حياة المسلم وغاياته هي الدين والعبادة ؛ والآخرة عنده هي الحيوان، لا الدنيا وزخرفها وزينتها وبريقها الزائف الخلاب.
{ ولعل من أصدق ما قيل في هذا الصدد قول ابراهيم بن أدهم : (نرقع دنيانا بتمزيق ديننا.. فلا ديننا يبقى ولا ما نرقعُ).
|
|
  
|
|
|
|
|
|
|
 Re: بين نقد والخطيب .,,,, بقلم الجميل الفاضل (Re: mustafa mudathir)
|
Quote: أن لصاحب كتاب (رأس المال) هذا مقولة سار بذكرها الركبان تصف الدين دون مواربة بأنه (أفيون الشعوب) لا اكثر ولا أقل.
|
أنا شخصياً لم أصادف مثل هذا القول في رأس المال.
قل لي في أي كتاب من كتب ماركس قرأته
وحينئذٍ سأناقشك فيه .
ثم ما قولك في قول أبي العلاء المعري :
أفيقوا ! أفيقوا!! يا غواة فإنما
""دياناتكم"" مكر من القدماء
أرادوا بها جمع الحطام فأفلحوا
وبادوا وماتت سنة اللؤماء .
أليست مقولة المعري أخطر من مقولة ماركس؟؟
أنا في انتظار أن تأتيني بمرجعك عن مقولة ماركس هذه.
تحياتي
| |
|
|
|
|
|
|
| |
عمر صديق
mustafa mudathir
عبدالحفيظ ابوسن
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست