|
Re: عندما تتحول الكلمة الي طلقة .. قوة محاربة. عبد الرحمن منيف نموذجاً (Re: Hassan Makkawi)
|
الأشجار وأغتيار مرزوق!!!!... صديقتي التي فتحت علي نوافذه تركت قلبي بين بين بكتابها الأخضر... ورقه الأصفر... وقلبها الأبيض.. في البدء عندما قرأت الأشجار إنتابني إحساس غريب بالفاجعه ، أن ثمة احد ما تحبه تركك في الحال... دون أن يمد لك حتى يديه بالوداع.. بعد أعوام من الخيبه تركني والدي... مثلما ترك مرزوق الأرض... ود,ن أن يمد يديه لي بالوداع..!!! ترى لم لمستني تلك الروايه؟؟!!
مدن الملح تشبه مدناً كثيرة تعالجك بألألم...بأن تجعلك متفرجاً ، تتحور الي أشواك مثلما تتحور اوراق أشجار الصحراء... ثم تطعنك بعنف كزعانف سمكة سامه!!! أحياناً كنت أفكر أنه كان من الأفضل أن أكتفي بعناوينها فقط... أو ربما واحد منها فقط ..."التيه" مثلاً.. أحياناً تحس أن ثمة شيء ما يجر رأسك من المؤخرة للأعلى... ربما كان منيف كذلك عندما كتبها او كذلك كنت اتخيله وانا في سنوات التيه.... ثم النهايات!! يا الهي سأسكت..."إنه القحط مرة أخرى"!!!!
"إنه القحط.. مرة أخرى! وفي مواسم القحط تتغير الحياة والأشياء, وحتى البشر يتغيرون, وطباعهم تتغير, تتولد في النفوس أحزان تبدو غامضة أول الأمر, لكن لحظات الغضب, التي كثيرًا ما تتكرر, تفجّرها بسرعة, تجعلها معادية, جموحًا, ويمكن أن تأخذ أشكالاً لا حصر لها. أما إذا مرَّت الغيوم عالية سريعة, فحينئذ ترتفع الوجوه إلى أعلى وقد امتلأت بنظرات الحقد والشتائم والتحدِّي! وحين يجيء القحط لا يترك بيتًا دون أن يدخله, ولا يترك إنسانًا إلاَّ ويُخلّف في قلبه أو في جسده أثرًا. وإذا كان المسنّون قد تعودوا, منذ فترة طويلة, لفرط ما مرَّ بهم من أيام قاسية, على سنوات المُحْل وعضّة الجوع, وكانت المخاوف تملأ قلوبهم حين يفكّرون فيها, فالكثيرون غيرهم لا يقدرون على مواجهتها بالتصميم نفسه, لأن الكميات القليلة من الحبوب التي توضع جانبًا, بإصرار قوي أول الأمر, لتكون زادًا في أيام الجوع لا تلبث أن تتسرّب أو تختفي, كما يتسرّب ماء النبع أو كما يجفّ المجرى. وتبدأ بعد ذلك محاولات البحث المضني عن خبز اليوم, وخلال هذا البحث تتراكم الأحزان والمخاوف لتصبح شبحًا مرعبًا تظهر آثاره في وجوه الصغار, وفي سهوم الرجال وشتائمهم, وفي الدموع الصغيرة التي تتساقط من عيون النسوة دون أسباب واضحة! إنَّه القحط مرة أخرى. وها هو ذا يسوق أمامه أشياء لا حصر لها, ولا يعرف أحد كيف تتجمع هذه الأشياء وكيف تأتي. فالفلاحون الذين كانوا يحملون سلال البيض وينزلون بها إلى أطراف المدينة, ويتجرأون بعض الأحيان ويصلون إلى وسط الأسواق المليئة بالبشر, والرعاة الذين كانوا يأخذون أجر سنة كاملة بضعة خراف, وكانوا يسوقونها في بداية فصل الربيع, ومعها الحملان الصغيرة, وكانوا يضعونها على صدورهم لأنها ولدت لتوّها, لكي يبيعوها في المدينة, ثم أولئك الباعة الماكرون الذين يحملون على دوابهم العنب والتين والتفاح, ويحملون موازينهم البدائية ومعها قطع الحجارة المصقولة التي تعوّدوا استعمالها أوزانًا, ويبالغون أول الأمر في الأسعار التي يطلبونها إن كل هؤلاء إذا جاءوا في مواسم القحط يجيئون بهيئات مختلفة شديدة الغرابة: كانت ملابسهم ممزقة وغريبة الألوان, وعيونهم مليئة بالحزن والخوف, أمَّا أصواتهم القوية الصاخبة فكانت تنزلق إلى الداخل, وبدلاً عنها تخرج من الصدور أصوات غير واضحة, حتى إنهم كانوا يضطرون إلى إعادة ما يقولون بضع مرات, بناء على الأسئلة الفظة التي يوجّهها لهم أصحاب الدكاكين في المدينة, والذين لم يكونوا ينظرون إلى وجوه هؤلاء الناس قدر ما ينظرون إلى الأيدي أو إلى تلك الصرر الصغيرة المربوطة بإحكام في أطراف الملابس التي يضعونها على أجسادهم أو على رؤوسهم. كان هؤلاء إذا جاءوا في مثل هذه السنين لا يبيعون البيض والفاكهة والزيتون والخراف, وإنما يحاولون شراء أقصى ما تسمح به نقودهم القليلة من الدقيق والسكر. حتى الرعاة الذين كانوا شديدي النزق ويبالغون في المقابل الذي يطالبون به ثمنًا للخراف, وكانوا يفضّلون العودة مرة أخرى ومعهم دوابهم, دون شعور بالأسف لأنهم لم يبيعوا ولم يشتروا حتى هؤلاء يتحولون في مثل هذه السنة إلى رجال متردّدين متوسّلين, لأنهم يريدون التخلص من الدواب الضعيفة المسنّة, إذ أصبحوا يخافون خوفًا حقيقيًّا أن تموت بين لحظة وأخرى من الجوع والعطش. " منيف- النهايات
| |
|
|
|
|