|
حوار سعدي يوسف في سودانيز أون لاين بالوطن القطرية
|
نشر بالوطن القطرية الأربعاء بعد تحرير الحوار والإشارة للمصدر
سعدي يوسف : لن أعود إلى بلد يرتفع فيه علم أجنبي عرض ـ عماد البليك
«من بلد ستدور إلى آخر
ومن امرأة ستفر الى امرأة
من صحراء إلى أخرى
لكن الخيط الممدود مع الطائرة الورقية
سيظل الخيط المشدود
إلى النخلة
حيث ارتفعت طيارتك الاولى»
سعدي يوسف
دائما سيكون الشاعر مهاجرا منفيا‚ باحثا عن معنى الذات في الوجود‚ وعن معنى الوجود في الذات‚ هذا شأن سعدي يوسف‚ الذي يرتحل من فضاء الارض الى عمق الفضاء‚ ليحل ضيفا على منتدى سوداني على شبكة الانترنت‚ في حوار يحقق معادلة نفي فكرة المكان‚ واحلال الزمن الطويل في قاعدة ديناميكية تؤمن بأن «الزمن طويل لكنه مفتوح»‚
بدأ سعدي يوسف المثاقفة الفضائية على موقع «سودانيز اون لاين» بهذه العبارة: «الديمقراطية للعراق ستظل حلما صعب التحقيق خاصة مع وجود قوات الاحتلال» وفيما يلي جزء مختار من الاسئلة التي طرحت عليه‚ من قبل عدد من مثقفي السودان وما اجاب به:
بين الكائن الآن وما ينبغي ان يكون مسافة نقصرها بالشعر‚ عراقك يا سعدي في الشعر لا يشبه العراق الكائن في الواقع‚ لماذا؟
ـ على العموم يكون العمل الفني واقعا ثانيا او ثالثا احيانا‚ بمعنى ان العراق الشعري هو العراق الفعلي مصعدا فنيا مرتين او ثلاثا‚
اجادتك المبدعة للغتين الانجليزية والفرنسية كيف ساعدتك في تجويد لغتك العربية؟
ـ اطلالي على اللغتين جعلتني اخفف من الامكانات البلاغية للغة العربية‚ ودعني اقول إنني لن اعود الى بلد يرتفع فيه علم اجنبي على النخلة‚
ما هي طبيعة الخلاف الذي بدأته صحيفة «الخبر الاسبوعي» الجزائرية ولماذا تم تصعيده في كل اجهزة الاعلام؟
ـ لا يوجد خلاف بيني وبين احلام مستغانمي‚ الصحافة الثقافية اختلقت مشكلة وارادتها ان تكون فضيحة‚
تدور الآن قراءات جديدة للتاريخ العراقي الحديث‚ كيف واكبها الادب العراقي؟
ـ اعتقد ان علينا الانتظار طويلا حتى تتبين لنا مشاهد لوحة ثقافية عراقية‚
صدر بيان المثقفين الشهير بلندن‚ لماذا توقف العمل بفكرة البيان‚ هل تعتقد ان الاستقطاب السياسي ادى لعدم تكون خطوط عريضة للمشهد الثقافي وللفكر السياسي العراقي‚ فلجأت الى اسلوب جديد منذ مجيئك الى لندن‚ وهو قصر نسبي للقصائد مع زيادة الشحنة الانفعالية والمعنى‚ ما الذي ادى الى ذلك؟
ـ بيان المثقفين بلندن توقف لأن معظم المثقفين كانوا مؤطرين سياسيا لا ثقافيا بمعنى ان الاستقطاب السياسي عطل العمل الثقافي‚
ما هو تصوركم لمستقبل الثقافة العراقية بعد دحر صدام وما مدى تأثير العودة المتوقعة على تكوين ثقافة عراقية تواكب الحدث وتسهم في انشاء الدولة الديمقراطية؟
ـ تصوري لما بعد صدام‚ سيكون الاضطراب السياسي والاجتماعي طويلا ومعقدا ولا يبشر بامكانات ديمقراطية قريبة‚
اليسار العراقي غزارة في الانتاج الفكري والادبي وقلة في المؤيدين لماذا؟ اعني مثلا الحزب الشيوعي العراقي‚
ـ اليسار العراقي الآن قلة في الانتاج وغزارة في المؤيدين‚
كيف ينظر الشاعر سعدي يوسف ـ وهو الذي قال انه لا يستطيع ان يكتب دون احترام للمكان ـ الى هذه الفضاءات الجديدة؟ هل تجدها جديرة بعناية الشاعر وبالاكتشاف؟
ـ اولا اعبر عن سعادتي بالاقامة في هذا المكان السوداني‚ فأنا ذو علاقة وصداقة مع شعراء السودان وأهله والآن يمكن القول كما قال الشاعر العربي: «اعز مكان في الورى ظهر سابح» هذا السابح في عصرنا هو الموقع الحر مثل موقعنا الآن‚ صحيح انني لا استطيع الكتابة دون مكان‚ دون ان تكون لي جذور‚ في عصرنا هذا اختلف المكان والختلفنا نحن فيه‚ الهام هو الفضاء الحر حيث استطيع ان اعبر عن الفضاء المحدد نفسه بحرية‚ مثلا كيف استطعت ان اظل اكتب عن مكاني الاول البصرة بالرغم من مفارقتي اياه ثلاثين عاما؟ اذن هو الفضاء‚ في تطور الاتصالات والفيزياء صارت كل الامور خاضعة ومنطلقة مع نسبية معينة‚ انا لا يمكن ان اكون خارج عصري‚ وبالمقارنة اجد فضاء الموقع الطائر اكثر ثباتا وجدوى من الموقع الثابت‚
انت انجزت اشكالا متعددة من انواع الكتابة اعني الشعر/ الرواية والبعض الآخر‚ لكنك ظللت مطروحا كشاعر فذ‚ الذي اود ان اسأله الى اي درجة ترى صحة ان المبدع يظل ينتمي للجنس الابداعي الذي يجد نفسه فيه لاول وهلة ويظل يحقق اضافات فيه وحده‚ بينما يبقى متعديا او بحدة اقل يظل ضيفا على الاجناس الابداعية الاخرى دون ان يؤسس لاضافات فيها‚ من خلال هذا السؤال اسعى لتقييم الظاهرة ككل وليس انت كحالة فردية؟
ـ ارى مثلك ان على المبدع العمل في حقله الابداعي هذا هو الاساس‚ لكن الانواع الادبية والفنية صارت متداخلة حتى في العمل الواحد اي انك قد تجد في القصيدة تأثيرات من الرسم والسينما والمسرح والموسيقى ولهذا يحق للمبدع ان يجرب حظه في انواع مختلفة‚ انا لا استطيع ان افعل كثيرا في غير الشعر لكن بعض الانواع الادبية يغدو ضروريا حين تريد ان توثق على سبيل المثال اقامتك اليومية في حي من احياء باريس‚ انت كتبت قصائد عن المكان لكنك تشعر فجأة بان ما كتبته غير كاف آنذاك سوف تلتجىء إلى نوع آخر‚
في جنة المنسيات‚ تبحث كنت ‚‚ ملدوغا‚ عن ورقة واحدة حتى واحدة‚‚ كيف اذن‚ بعد نصف قرن تأتى للشاعر ان يصر على الورقة سؤاله الاخير في اغنية الصرار: لم لا تخذلني اغنية الصرار‚ كي اغفو قليلا؟
ـ قيل للرجل: ما شيبك؟ قال : شيبني صعود المنابر وتوقع اللحن‚ انا الآن عندما اقول لم لا تخذلني اغنية الصرار‚ كي اغفو قليلا اكاد اكون الرجل ذاته‚ انت دائما مع السؤال الأول‚ السؤال الذي لن يجاب عنه ذلك لأن الفن يظل يطالبك وقد يكون العمر أقصر مما يريده الفن‚
‚‚‚؟
ـ شكرا على التهنئة‚ انا سعيد ببلوغ العام السبعين‚ فخور ايضا بمسيرتي الفنية والشخصية والسياسية ترجمت بعد واثيونقو رواية خرائط لنور الدين فرح ورواية «المفسرون» لوولي شوينكا وروايات اخرى‚ حقيقة انا مطلع ضمن تخصصي ولي علاقات شخصية اعتز بها‚ رحل بعض اصدقائي مثل جيلي عبدالرحمن وصلاح احمد ابراهيم ومحمد عبدالحي ‚ لكن علاقتي بشعر السودان مستمرة منذ نار المجاذيب انا اعتبر محمد المهدي المجذوب واضع حجر الاساس في تحديث الشعر السوداني ووضعه في طريق الحرية‚
|
|
|
|
|
|