مقال جدير بالقراءة - صناعة الشهداء

مرحبا Guest
اخر زيارك لك: 04-16-2024, 09:20 AM الصفحة الرئيسية

منتديات سودانيزاونلاين    مكتبة الفساد    ابحث    اخبار و بيانات    مواضيع توثيقية    منبر الشعبية    اراء حرة و مقالات    مدخل أرشيف اراء حرة و مقالات   
News and Press Releases    اتصل بنا    Articles and Views    English Forum    ناس الزقازيق   
مدخل أرشيف الربع الاول للعام 2014م
نسخة قابلة للطباعة من الموضوع   ارسل الموضوع لصديق   اقرا المشاركات فى شكل سلسلة « | »
اقرا احدث مداخلة فى هذا الموضوع »
03-30-2014, 08:27 AM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
مقال جدير بالقراءة - صناعة الشهداء

    03-29-2014 07:18 PM
    خالد بابكر أبوعاقلة


    (1) من أسوأ ما يمكن أن يفعله الأحياء للأموات هو أن ينبشوا حالة موتهم وأن يقللوا من تجربة سكراتهم الأخيرة , وأن يحاولوا دمج الطريق الطويل في قرص تقييم أو شهادة أو رفعة , إذ لا رفعة للميت سوى موته . ولكن الإخوان المسلمين الذين تذرعوا بكل سلم يرفعهم إلى الشمس الظاهرة , وإلى أبواق الفضائيات , وإلى التمكين , كانوا ومازالوا يستغلون أيضا الموتى من أجل رفعة الشأن , وتلميع الصورة , وتوسيع زوايا المكانة التاريخية التي لا تثبت إلا بدفع ثمن وجودهم من موتاهم ( الشهداء ) .

    (2) ولذلك كانت أول صور الاحتجاجات والصراعات بينهم , وأول سلاح امتشقه حسن الترابي في ضرب أتباعه الذين قنصوا منه السلطة , وانتزعوا منه الكرسي الذي أقامه من العظام والضلوع , هو ضربهم فوق الحزام , ونبش أهم أفكارهم الوهمية , وهي أن كل الذين ماتوا من أجل شعارانهم ليسوا سوى ( فطايس ) لا يفوح منهم المسك , ولا يرزقون عند المليك المقتدر في عالم حياة جديدة . لماذا عندما غضب العراب تفوه بحديث يخص الشهداء من الذين دفعت بهم ما يسمى بالحركة الإسلامية إلى الشظايا واللهب والعبث ولم ير فيهم سوى موتى غررت بهم ألاعيب السياسة وأطماعها الخفية ؟ أولئك أناس ذهبوا إلى بارئهم بما اعتقدوا , ولكن لماذا صرح هو بما اعتقد ؟

    (3) كانوا في الجنوب دائما يحاولون أن يصنعوا من الشهادة صورة أو قصيدة شعر أو أيقونة بل كانوا دائما كما اعترف الكثيرون يدفعون الأحياء البعيدين من قدر الموت إلى دانة تمزق أجسادهم أو إلى لغم يمكن تلافيه والعبور بعيدا عنه إلى العبور فوقه والطيران مع الهواء من انفجاره وكان معظم الشهداء الظاهرين قد حددت المعارك التي سيموتون فيها والظروف التي ستحيط بهم قبل مقتلهم والحديث الذي سيتغنون به قبل إزهاق أرواحهم البريئة قبل الزخات الهائلة التي لا يفهمون ماذا تعني وهي تحمل أجسادهم إلى حيث الهباء والموات والسكون . كانت صناعة الشهادة هي صناعة ( الفطايس ) بحق وحقيق , وهي صنعة تخرج من آلة عقلية لا تفهم الحياة , ولا تعترف بمعناها , ولا تمجد من خلقها وبراها وقال لها كوني فكانت . كانت الشهادة عندهم مجرد صورة فضائية , وسيرة ذاتية تقبر في غبار الأضابير المكتبي إلى حين , وذريعة من ذرائع وأدوات ومعاول ( التمكين ) التي جعلتهم ببطر المجرم ولامبالاته يبنون قصور الجنة في الأرض دون أن يتجشموا الطريق الطويل المدمج بحياء في كتب الفقه والدين .

    (4) كانوا من أجل صناعة الشهداء الذين تحولوا فيما بعد إلى فطايس لا تشم ولا تستقبل رحيق الجنة بغررون بزعاماتهم الشبابية الجامعية وهي فترة طموح وتوثب وبطولة فيموتون دون أن يروا بصيصا من المستقبل ومن نشوة الحياة العظيمة ودون أن يكونوا هم أنفسهم قدوة لشباب يأتي بعدهم ويمشي في طريقهم ويؤمن بمصيرهم . وكان ذلك المرقى الهش هو قمة أزمة ما يسمى بالحركة الإسلامية , وهي أنها لا تأكل بنيها وحسب في المعارك , وإنما كذلك تأكل أخلاقها ومثلها , تلك الأزمة الخلاقة التي تجسدت في أروع مثال في التمكين الذي أزاح الدين ومثله وأزاح القدوة من الطريق حتى صار الترابي شبحا بلا صورة وأزاح ضرورة الشهادة حتى ولو كانت كاذبة ومصنوعة وليس سوى سيف من سيوف التمكين والبقاء في السلطة والحماية من المساءلة , وجسدت تلك الأزمة التي كشفت في وضوح الشمس أن الصراع ليس من أجل المبادئ وإنما من أجل الخلاص الفردي وربما من أجل الخلاص الأسري حيث قدمت كل أسرة من كبار المتنفذين قربانها الخاص في المعارك المصنوعة . تلك الشهادة التي كشف من حث عليها ونادى بها وحض إليها كل أبجدياتها وجذورها ومحص كذبها وحقيقتها , فكل شخص في ( الحركة ) إنما يموت من أجل ( نفسه ) , ومجده الشخصي , أو من أجل وسادة حريرية يتكئ عليها , ولذلك فكل شهداء ( الحركة ) لا يذكرهم أحد , ولا يجرؤ من يكتب منهم أن يسجل شيئا خاصة تاريخهم القتالي وطريقة موتهم .

    (5) قتل علي عبد الفتاح في 1996 وكانت شهادته مصنوعة ومفتعلة ومدبرة . وكان الصيت من حوله مزيفا ومفتعلا من أجل التمكين والضجيج الذي حذقته ومرنت عليه الحركة ( الإسلامية ) , وكان قبل إرساله إلى الجنوب يصورونه وهو يخطب في مسجد الجامعة وهو يقرأ الشعر قبل المعارك وكل من صور كان لقمة سائغة ولحما مباعا في برنامج ساحات الفداء . جاء إليه الرائد إبراهيم شمس الدين ذات ليلة وقال له إن الدبابات تقترب من جوبا وكانت المعركة خاسرة ومميتة بكل المقاييس ومنن هناك حيث مقره البعيد أرسلوه وهم يعلمون أنه لن يرجع مرة أخرى . صنعوا أعراس الشهيد كما صنعوا القتلى , وكان هو أحد قتلى هذه الأعراس . كانوا يصنعون الشهداء بكل السبل , الأطواف الهمجية المخدوعة تهاجم خطوط ( العدو ) وتتعرض لمواقعه المحصنة فينتقم العدو على الفور بقذائف الهاون من المواقع الثابتة , فيمتشق الترابي ملفحته ليخطب في بيوت أعراس الموتى . وليزجي المزيد من فتية الجامعات إلى حقول الألغام وقذائف الهاون . الخوف كان هو الحاكم الفعلي , فالمجاهدون كانوا يتهربون من واجبات الحراسة والأطواف حتى لا تقنصهم قذائف عرس الشهيد . وهكذا وبتدبير محكم لقيت كوادر الجبهة ( الإسلامية ) مقتلا غامضا وظروفا جهادية غير واقعية تستحق الدراسة والمتابعة .

    (6) ومن أغرب المقاتل والمصائر , ومع تزايد بيوت العزاء في القرى والمدن السودانية , وكأول خطة من خطوات التمكين بالموت والتصفيات التي لاحقتهم فيما بعد , مقتل عثمان حسن البشير وهو أخو الرئيس في هجوم كان يدفع فيه بتقدم الصفوف , ومقتل أخ للدكتور حسن الترابي الذي ضن بفلذات أكباده على تلك المقاتل المؤلمة وربما ذلك لأن الرئيس لم يقدم للموت سوى أخيه حيث أنه لا ذرية له ولا أنجال فكما قدم الرئيس أخاه كقربان كان على الترابي أن يساويه في هذه الكارثة أخا بأخ . ويقال إن زوجته هي التي نجت بأبنائها من الموت المجاني في الجنوب حينما رفضت ذهابهم بأي حجة من حجج زوجها , وكان في ذلك أول إشارة عملية على عبثية ا لشهادة الإخوانية , وأنها ليست سوى عملة مقايضة , وأنها ليست سوى صك لدخول جنة الدنيا على جثث المخدوعين والواهمين . وقدم السنوسي أبنين كأنه سينصب ملكا أو أمبراطورا , فصار بذلك زعيما للمخدوعين ورئيس هيئتهم لأن شهادتهم لم تنشر الدين ولم تزد الأتباع ولم توسع رقعة دار الإسلام ولم ترفع راية الإيمان , وقدم المتسرع المغمور , الحالم بالسلطة ويطلبها الآن بالمال والقرابة , الطيب مصطفى , ابنا , فلم يجن سوى شهرة عرجاء , وميدالية عار انفصال الجنوب . ويقول العارفون إن هؤلاء القتلى مع كوادر رئيسية بارزة في الحركة ((الإسلامية ) أمثال عبيد ختم الذي كان أكثرهم تطرفا وانغلاقا كانوا يقتلون في معارك هامشية أو داخل معسكراتهم الآمنة , أو في معارك لا تحتم موتهم المجاني بهذه السهولة إلا إن كان الأمر مدبرا من هيئات عليا لا تعرف الرحمة ولا السبق ولا وشائج القربى , وهكذا قتل أحمد محجوب حاج نور الذي قيل إن الترابي صنفه من أصحاب الأجساد النجسة , ولم يمت في معركة بل مات ذات مساء هادئ بقذيفة متطرفة مدبرة انطلق من وسط كتيبته . وشهد بذلك كما كتب ضباط وضباط صف وجنود القوات المسلحة الذين كانت تصاحبهم قوات الدفاع الشعبي , وبذلك كانت تصفية القوات المسلحة تسير جنبا إلى جنب مع تصفية كوادر الحركة ( ا لإسلامية ) . وكشف عمار محمد آدم في بعض اعترافاته وهو من كوادرهم النشطة والأكثر عنفا وشططا أن قادة الإنقاذ كانوا يتخلصون من العضوية المشاكسة أو ( المتدينة ) بإرسالها إلى الحرب في الجنوب . وهذا يفسر مقتل الكثيرين من أصحاب الفكر المتطرف والعنف الديني والعنف الطلابي من الصفوف الأمامية ذات التأثير والحركة بالإضافة إلى أن الحركة ( الإسلامية) لم تكن سوى حركة تنافس داخلي عنيف وسعي للسلطة والمكانة وحركة مكونات متنازعة ومختلفة بين المتطرفين والأكثر عقلا .

    (7) بدأت واستمرت الشهادة المزيفة كأسطورة وحقيقة يزيدون فيها ويضيفون ووصلت ذروتها مع الإنقاذ بموت أقرباء وأبناء المتنفذين البارزين كشهادة إعلامية تكتظ بها ساحات الفداء وكأساس لشرعية الدم ( الدنيا ) بعد أن فاتتهم كل شرعية سياسية بعد الانقلاب العسكري وكذريعة لينة للتدخل في تكوين القوات المسلحة التي اتهمت لأول مرة من كوادر الإخوان بالجبن والتقاعس والهروب من المعارك , وصنعوا ما صنعه النازيون حينما أرسل هتلر ابن أخيه لحروب السوفيت كي يزيدوا من أوار الحرب ولهيبها وامتدادها حتى دمروا إلمانيا بما فيها ومن فيها . وأصبحت بذلك الحروب حروب أسر وليست حروب وطن وحروب مليشيات موالية وليست حروب جيش وطني وحروب تمكين لجماعة محدودة العدد يفرط فيها بالأخ والابن والصديق .

    (8) قتل المرحوم عبد الإله خوجلي في غزو سنة 1976 كأحد كوادر الإخوان المسلمين , وكأحد صغار السن الذين غررت بهم الحركة , وبدأت من تلك المحاولة مشروعها الكبير في ضم المنغلقين والمتطرفين وأنصاف المتعلمين لمحرقتها القادمة في التسعينات . وقتل كمثل غيره من الذين أعدموا في تلك الأحداث الجائرة من الطرفين حيث تعرض السودان لأول مرة إلى غزو خارجي من أبنائه دون أن يعلم بهم أحد , ودون تنسيق مع القوات المسلحة , ودون إعلان عن مرامي الحركة لمدة ثلاثة أيام , ولذلك تعرضت تلك الحركة لقمع عنيف من القوات المسلحة في أيام الرئيس جعفر نميري . ومن ضمن القتلى كان عبد الإله خوجلي . ولكن الحركة ( الإسلامية )حاولت أن تصنع على لسان حسين خوجلي أخيه أسطورة كاذبة لمقتله , فيزعم حسين خوجلي أن أخاه أعتقل وهذا صحيح وانه علق في شجرة في جهاز الأمن تسمى الآن شجرة عبد الإله لمدة ثلاثة أيام بلا طعام ولا شراب إلى أن لفظ أنفاسه ولذلك يقول متأثرا : " إن أخي مات صبرا " أي موثقا مقيدا وذلك كأخر خط يجعل منه شهيدا حسب الفقه الإسلامي , وليس في ما يقول شيء صحيح , والصحيح المعروف أن قوات الأمن أيام النميري , أعتقلت كل شخص استسلم لها , ووضعته في السجن بعد أن تبين أنهم سودانيون لا علاقة لهم بالقوات المسلحة , وأطعمتهم في سجونهم , وحاكمتهم بعد ذلك بالإعدام , وأنهم دفنوا في مقابر جماعية في الحزام الأخضر , ولا مزيد على ذلك . ولكن حسين خوجلي الذي يستغل ذكرى بطولة وهمية , ورفات فتى غر لم يكمل سنوات دراسته غرر به شيوخ الحركة , يحاول أن يأكل من ذكراها أيضا ويشرب , ويحاول أن يلمع نفسه أمام أجهزة الأمن التي قتلت أخاه كما يزعم صبرا , ويداجيها , وينافقها , ويركع لها من أجل أملاكه الواسعة التي صنعت في زمن التمكين , ومن أجل شهرة عرجاء يعتقد أنها توسعت وبلغت الملايين وهو يعتقد أنه بين نارين , نار الإنقاذ التي تتفكك وهي تحميه , ونار أملاكه التي سيسأل عنها يوما في الحياة الدنيا من أين لك هذا ؟

    ومن الناحية ا لوطنية فلا يعد المرحوم عبد الإله شهيدا تلك الشهادة التي يطبل ويرقص على ضوئها وجثمانها حسين خوجلي كلما سنحت له الفرصة أو لم تسنح , وذلك لأنه اشترك في قتل الكثيرين من الأبرياء من المواطنين العزل الذين ذهبوا ضحية تلك الإحداث لا لسبب سوى أنهم كانوا ذاهبين إلى أشغالهم صبيحة 2 يوليو 1976 , وقتلوا الكثيرين من الجنود النائمين في أسرتهم , والذين يحق لأهلهم أن يطالبوا بالدية المغلظة من حسين خوجلي وأهله , وأنه اشترك في قتال قوات بلده القومية , ورئيس دولته الذي كان مسلما , وكان يشجع القرآن , ويفتح له المعاهد العلمية , ويقيم مسابقات تحفيظ القرآن , ويبني المساجد , وعاش فقيرا , ومات فقيرا , ولم يكن يتقاضى كمرتب شهري أكثر من 229 جنيها , وحينما كان في مصر منفيا لم يكن يملك قصرا في ا لقاهرة أو الإسكندرية بل كان يعيش على نفقة الدولة . وكذلك لا يعد المرحوم عبد الإله شهيدا من الناحية الفقهية , لأن الشهيد في الاصطلاح الشرعي هو من مات في سبيل الله , وليس في سبيل عرض من أعراض الدنيا , ولم يكن في أرض ا لسودان حينما دخله عبد الإله بليل كافر واحد , أو مجاهر بكفر , أو مشرك يقول إن الملائكة بنات الله أو يقول , ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر , أو من يقول لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة , ويطلق اسم الشهيد على من يقتل أثناء حر ب العدو حيث يفوح المسك من دمه وليس على المدبر والمستسلم الذي رمى سلاحه , ورفع يديه , وتخلى عن طلب الشهاد كي يقيد ويرمى به في السجن ليحاكم فيما بعد بالإعدام سواء أكانت المعركة معركة ( جهاد طلب ) أي لفتح البلاد ونشر كلمة لا إله إلا الله ( كدخول أرض ا ليهود أو المجوس ) أم جهاد ( دفع ) أي دفع العدو الذي هاجم بلاد المسلمين كدخول معارك في الفشقة أو حلايب وشلاتين ) ,

    فالسودان بلد إسلامي منذ قرون عديدة , وتبنى فيه المساجد , وتقام فيه الصلوات , وتنتشر فيه الطرق الصوفية , فقتال المرحوم عبد الإله خوجلي لم يكن بهدف فتح السودان البلد الكافر الذي يعذب ويصادر حريات المؤمنين برسالة النبي محمد , ولم يكن قتاله قتال دفع لعدو متقحم اقتحم الحدود وعاث في القرى والمدن قتلا وتشريد , وأغلق المساجد , ومنع بيوت الله أن يذكر فيها اسمه , بل كان عبد الإله يقوم بانقلاب عسكري دموي ويشترك في عملية مسلحة بأسلحة فتاكة لا يعرف لها السودان مثيلا من قبل على دولة قائمة ترتل القرآن ترتيلا وتحتفل به كل سنة مثلما ما قاموا به مرة أخرى في 1989 . وربما كان الذين قتلوا في الجنوب غدرا أو حقا من فتية الجامعات أفضل درجة منه وأكبر مقاما في معايير الأخلاق والإنسانية والدين لأنهم كانوا يخوضون معركة معلنة في أرض قتال سالت فيها الكثير من الدماء من قبل , بينما جاء المرحوم عبد الإله مغررا به بليل متلصصا ليشارك داخل الخرطوم في قتل أبرياء كثيرين وظلوا لمدة ثلاثة أيام يطلقون القذائف العشوائية وعندما جاعوا وعطشوا لعدم التنسيق بينهم , تفرقوا في أنحاء العاصمة يقتلون وينهبون ويقتحمون البيوت الآمنة وبعضهم استسلم ليواجه الموت مدبرا لا مقبلا . ولم يقتل المرحوم عبد الإله الفتى الغر المخدوع الحالم بأن يكون ( جيفارا ) السودان و الذي لم يتفتح وعيه على الحياة والسياسة واللعب بالحبال بما يكفي , وهو يبشر بالإسلام , أو هو يرفع المصحف في أرض الدعوة والتبشير , ولم يقتل أعزل وهو معتكف في مسجد يتعبد ويقرأ القرآن , أو هو راكع أو ساجد , بل قتل وهو يحتل أرضا ( حكومية ) تابعة لجيش قومي ووطن موحد بعد أن دحرها و دمرها وأحرقها بما ومن فيها , فهل المرحوم يمكن أن يعد شهيدا كآل ياسر الذين عذبوا طويلا في مكة حتى الموت , أو شهيدا كحمزة بن عبد ا لمطلب سيد الشهداء الذي قتله كفار مكة ؟ قال تعالى في سورة ا لنساء , آية 74 ( فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة ومن يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب فسوف نؤتيه أجرا عظيما )

    ولم يكن عبد الإله يقاتل في سبيل الله لأن من كان يواجههم بسلاح الكلاشنكوف لم يكونوا كفارا في دولة غير دولته بل كان الرئيس البشير نفسه من ضمن ذاك الجيش وكان يمكن أن يكون قتيلا بسلاح من يشترك معهم عبد الإله في ذلك اليوم من صبيحة 2 يوليو 1976 . شهداء الدنيا ليس لهم عند الله من ( خلاق ) , فهم شهداء النفاق , أولئك الذين يموتون دفاعا عن عقيدة سياسية أو حزبية أو زعامة أو أسرة أو مطلب شخصي , ومن هؤلاء كان عبد الإله الذي غررت به وحوش الجبهة التي لا تتألم ولا تجش بالبكاء , ذاك الذي يفخر برفاته وبشهادته حسين خوجلي , ويشنف به الآذان , ويفرضه على التاريخ . ولكن لماذا لا يذكر حسين خوجلى قتلانا في دار الهاتف وفي القيادة العامة وفي الإذاعة والتلفزيون وفي الشوارع من المارة الذين لا يعرفون ماذا يحدث , أولئك الذين قتلهم عبد الإله خوجلي ومن معه دون أن يرف لهم جفن وبوحشية بالغة ودون وخزة ضمير في ذاك الصباح اليتيم من السبعينات ؟ وهو عندما يذكره يتحسر على شبابه , وعلى تعليمه الذي لم يكمله في كلية الطب , ويكاد وهو ( يتعبر ) ويختنق أمام الشاشة أن يجهش بالبكاء دون أن يتذكر لحظة واحدة أن الأربعين سنة الماضية التي مرت بها حركة غزو المرتزقة للسودان شهدت موت الملايين من المغلوبين السودانيين و كلهم تنطبق عليهم صفات الشهادة الفقهية وموت الكثيرين من المقيدين والموثقين الذين عذبوا حتى الموت في بيوت أشباح عبد الإله خوجلي والكثيرين الذين أطلقت عليهم زخات الرصاص في معسكرات التدريب المختلقة والجبرية وفي الجامعات وفي المظاهرات التي تطالب بتحسين الأوضاع داخليا وخارجيا وهم لا يحلمون سلاحا ولا يبيتون نية للقتل والتدمير . إن عبد الإله خوجلي الذي يحاول أخوه بما أمتلك من أجهزة إعلامية خلق أسطورة حوله وأنه مات جائعا ومعلقا في شجرة , وليس ذلك بصحيح , وإنما هي أساطير الإخوان المتنفذين والباحثين عن مكانة ومنصب وثغرة في المال العام , وكذلك لا تطبق عليه أخص صفات الإسلام في الشهادة وهي أن يكون المقتول ( مقبلا غير مدبر ) وحسن خوجلي يعترف أن أخاه استسلم وألقي عليه القبض وٍ لم يكن مصابا وأنه مات بعد انجلاء المعارك , وهذا فقهيا ليس بشهيد , ولا يصنف كذلك بطالب شهادة , لأنه استسلم لجهاز الأمن ولم يقاتل حتى أخر طلقة , وسلاحه الذي سلمه طائعا مختارا كان محشوا بما يجعله يقاتل لمدة ساعات ثم يستشهد وهو في يده , ولهذه الحقائق الدامغة ولمعرفة حسين الخوجلي الفقهية بأن أخاه ليس شهيدا بهذا المعنى وهو الموت في أرض ا لمعركة وأنه من المستسلمين والطالبين للحياة لصغر سنه , اخترع اسطورة موته صبرا معلقا على شجرة جائعا وظمئا , والحقيقة غير ذلك وهي أنه اعتقل وأعدم فيما بعد كما أعدم غيره ورأيناهم يجلسون في صفوف كثيرة في تلفزيون ذلك الوقت ثم دفنوا في الشجرة . ودفن معهم عبد الإله كذلك للجرائم الفظيعة التي ارتكبوها في تلك ا لأيام .

    (9) استغلت الحركة ( الإسلامية ) قصص أولئك القتلى في 76 , وصنعت من حولهم هالات خرافية , وجمعت بتلك القصص الكوادر الطلابية العنيفة التي انتشت من العنف والتطرف والمعارك لانقلابها القادم في 89 مثلما صنعوا في مصر من سجن الإخوان وإعداماتهم و لكن لم يشتهر من قتلى الحركة ( الإسلامية ) في غزو 76 وهم حسن عوض من كلية العلوم وحسن سليمان من كلية الهندسة وعبد الرحمن محمد امليس من كلية الزراعة وعبد الإله خوجلي من كلية الطب وعبد الله ميرغني من كلية البيطرة - وهو كما أعتقد شقيق الكاتب الصحفي المقروء عثمان ميرغني ولم أقرأ له شيئا عنه وهو لا يأتي بذكره – إدريس همت من كلية التربية وختم احمد عبد الكريم من كلية الآداب وعبد الفضيل إبراهيم من كلية الآداب وحافظ جمعة سهل من كلية التربية , وربما موتهم كما حدث لأخوتهم فيما بعد في ا لجنوب من أجل خلق ميراثي جهادي للحركة وأنهم ماتوا غدرا وتغريرا وخطة مدبرة , ولم يشتهر غير المرحوم عبد الإله خوجلي لأهداف مالية وتوسع لأملاك أخيه الإعلامية في أجواء الصراع داخل الإنقاذ من شعبي ووطني وأجواء ضيق ا لخناق من الثورة الشعبية التي تنضج وتتحرك في كل يوم . فهو اليوم على كل لسان مع أنه مات في منتصف السبعينات ولا يأتي أحد على ذكر أولئك الفتية الصغار الذين كانوا يريدون الجهاد في العلم والمعرفة لولا أن التقطتهم حركة الإخوان المسلمين ووحوشها الشرسة , فأرسلتهم للموت دون شهادة .
    (10) اللهم أغفر لشهداء الشعب السوداني في معارك الكرامة والشرف وأغفر لأولئك الذين دافعوا عن حدود الوطن وعن وحدته وعن المظلومين المغلوبين في مدنه وقراه .


    [email protected]
                  

03-30-2014, 08:31 AM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال جدير بالقراءة - صناعة الشهداء (Re: ALWALEED ALSHEIKH)

    المقال منشور في صحيفة الراكوبة الاليكترونية
                  

04-23-2014, 06:43 AM

ALWALEED ALSHEIKH
<aALWALEED ALSHEIKH
تاريخ التسجيل: 01-11-2013
مجموع المشاركات: 884

للتواصل معنا

FaceBook
تويتر Twitter
YouTube

20 عاما من العطاء و الصمود
مكتبة سودانيزاونلاين
Re: مقال جدير بالقراءة - صناعة الشهداء (Re: ALWALEED ALSHEIKH)

    مواقف كثيرة تكتنف أحداث يوليو 76 و لكن أبرزها تخاذل بعض قيادات الإخوان بالداخل في إيواء المقاتلين بعد فشل العملية.
                  


[رد على الموضوع] صفحة 1 „‰ 1:   <<  1  >>




احدث عناوين سودانيز اون لاين الان
اراء حرة و مقالات
Latest Posts in English Forum
Articles and Views
اخر المواضيع فى المنبر العام
News and Press Releases
اخبار و بيانات



فيس بوك تويتر انستقرام يوتيوب بنتيريست
الرسائل والمقالات و الآراء المنشورة في المنتدى بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل بالضرورة الرأي الرسمي لصاحب الموقع أو سودانيز اون لاين بل تمثل وجهة نظر كاتبها
لا يمكنك نقل أو اقتباس اى مواد أعلامية من هذا الموقع الا بعد الحصول على اذن من الادارة
About Us
Contact Us
About Sudanese Online
اخبار و بيانات
اراء حرة و مقالات
صور سودانيزاونلاين
فيديوهات سودانيزاونلاين
ويكيبيديا سودانيز اون لاين
منتديات سودانيزاونلاين
News and Press Releases
Articles and Views
SudaneseOnline Images
Sudanese Online Videos
Sudanese Online Wikipedia
Sudanese Online Forums
If you're looking to submit News,Video,a Press Release or or Article please feel free to send it to [email protected]

© 2014 SudaneseOnline.com

Software Version 1.3.0 © 2N-com.de