|
.............القرار.............
|
خرج ابو خالد من الوكالة يقود الخادمة الفلبينية الجديدة التي يخيم عليها الصمت الجليل والتوجس إلى البيت حيث ينتظره ضفدع كبير..منذ أن تزوجها قبل عشر سنوات وأنجب منها طفليه خالد وريم ظلت تمارس نقيق لا يطاق وترهقه بالمطالب التي لا تنتهي ، وتغيير الخادمة في السنة مرتين ، أحياناً بسبب الغيرة وأحياناً روح التسلط والاستبداد،فقد كان يسكنها طاغية من العهد الأموي.. دلفا إلى داخل المنزل،اندفع الطفلين لتحية الخادمة الجديدة وخرجت أم خالد ورمقتها شذراً في ازدراء ، كأنها تنظر إلى صرصار..وتمتمت في نفسها"لا باس...إنها عاطلة عن الجمال..وليس فيها ما يجعلها منافس حقيقي ليها وهي التي تملك المال وكل مستحضرات التجميل في العالم"...
*****
استمرت الحياة عادية ورتيبة لدرجة الملل في البيت ،الخادمة في صمتها الجليل ،تعد أجود الطعام، الأطفال السعداء يلعبون معها دون أي ضجر...يتم نظافة البيت بصورة راتبة مع ابتكارات جديدة في كل موسم...وأحياناً يتجاذب معها أبو خالد بعد أطراف الحديث ،حين تضع الأطباق أو ترفعها من المائدة... - كيف هم اهلك في الفلبين؟! - نحن سبع بنات وولد وحيد يدرس الطب - ما شاء الله..يدرس الطب - نعم..وكلنا نعمل من اجل ان يتخرج طبيب ويعيلنا...أبي باع كليته وأسقمه المرض من اجلنا وتوفت أمي منذ سنوات..فاضحي يعاقر الخمر.. ثم يخيم عليها الحزن النبيل ..وينهض أبو خالد الذي كان يتعامل معها بسخاء وهو يقدر الإنسانية بحكم دراسته في بريطانيا ورؤيته لعالم آخر..وكان يسعده أن يأخذها نهاية كل شهر إلى الو سترن يونيون..عندما تريد تحويل أموالها..و يسعده انه يراها سعيدة فقط في ذلك اليوم...عندما تحول مصاريف أهلها .. ***** عندما يخرجون معها للسفر في العطلة السنوية يدور بعض لحديث في السيارة - ماذا كنت تعملين من قبل؟ - كنت مدرسة لغة انجليزية،ثم ذهبت إلى وكالة التخديم ،قاموا بتعليمي اللغة العربية وفنون الطبخ الشرقي..ورعاية الأطفال والديكور وأحرزت المرتبة الأولى... - نعم أنت كذلك...تتمتعين بروح عمل وتفان عالية وتقدمين طعام جيد يؤهلك للعمل في فنادق خمس نجوم.. يحمر وجهها خجلا..وتلوذ بالصمت.. ضاعف لها راتبها بعد أن صارت تعلم ابنيه الذكيين أيضا اللغة الانجليزية،وأصبحا يتقدمان في المدرسة ويحصدان الجوائز..التي لا تعبأ بها ام خالد ويبدو إنها تفضل أن تعيش في عالمها الخاص مع النسوة في الجوار والتسوق في المدينة، يحتفي بنجاحهما الأب والخادمة الفلبينية..ومضت السنين ودارت الأيام.. حضر إلى البيت محملا بالأكياس يتضور جوعا وينضح بشرا بعد أن وقع لهم العطاء في مقاولات كبيرة..سره أن يكون ضفدعه الكبير يغط في النوم..قامت ماريان بإعداد الطعام ، جلس أبو خالد خلف الطاولة...يحدق فيها وهي تتنقل بين المطبخ والطاولة - ماريان...سيتخرج أخيك من الكلية هذا العام أليس كذلك؟ - نعم بابا.. - هذا أمر مبهج قد نسافر نحن والأولاد إلى الفيليبين معك هذا العام ارتبكت ولم تقوى على الإجابة ودخلت المطبخ..وعادت تحمل إبريق الشاي والكبابي،أردف أبو خالد - ماريان...هل تتزوجيني؟؟
- ..............
صعقتها المفاجئة وأفلتت عدة الشاي بكاملها فسقطت على الأرض واحدث ذلك دوي هائل ،افسد الشاي الحار السجاد الفاخر...هبت ام خالد مذعورة وجاءت مندفعة ولطمت ماريان التي ولت هاربة وباكية إلى المطبخ،أسفاً على تلف السجاد الثمين..نظر الطفلين إلى أمهما في ازدراء وقد أربكهما سلوكها المشين واندفعا إلى غرفتيهما باكيين على الهوان الذي حاق بمدرستهما المحبوبة ...أما ابو خالد فقد انفجر كامل البركان الذي كان يغلي في داخله طيلة العشر سنوات العجاف ..وهب كالملسوع زاعقاُ فيها:- - ان طالق...ولا مكان لك في هذا البيت بعد اليوم..!!! ثم حمل كل ما في الطاولة من أواني وزجاجيات وقذفها في أرجاء الغرفة..واستدارت ام خالد وولت ترجف رعبا ودخلت غرفتها وعادت تحمل حقائبها وتنادي ولديها... خرجوا إلى الطريق وأوقفوا سيارة ليموزين في طريقها إلى بيت أهلها في الضاحية البعيدة من المدينة... ***** سافر أبو خالد إلى الفلبين مع ولديه... وأنجز ما وعد...وبقيت أم خالد تضرب أخماس في أسداس في بيت أبيها...بعد أن عرفت تماما المثل العربي القديم"اقرب طريق إلى قلب الرجل معدته"...وإنها ارتضت أن تكون مجرد"ثقب" أو آلة لإنجاب الأطفال... ولم يسمع منها زوجها الرائع يوما كلمة واحدة...تحسسه بأنه إنسان....وليس صرافة ترتدي شماخ ونظارة طبية مصقولة تشع خلفها عينان غاية في الطيبة والذكاء والحنان ايضا... **** *كاتب سوداني مستقيل من" قطيع المثقفين" لأسباب تتعلق بموت الروائي السوداني بهنس في شوارع القاهرة بردا وجوعا...
|
|
|
|
|
|
|
|
Re: .............القرار............. (Re: adil amin)
|
يعلم الله يا استاذ عادل الامين روعة ماشة بي كرعينة وحقيقة انما يرحم الله من عباده الرحماء
Quote: *كاتب سوداني مستقيل من" قطيع المثقفين" لأسباب تتعلق بموت الروائي السوداني بهنس في شوارع القاهرة بردا وجوعا... |
يستحيل يا استاذ انو دة يكون قطيع مثقفين ياخي دة من المهرة عديل كدة ورحم الله بهنس وغفر له لا عليك يا عادل دايما الجمال محسود
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .............القرار............. (Re: adil amin)
|
أعجبني السرد وكيفية إدارته أعجبني القرار أعجبتني المقاصد المخبأة باقتدارٍ في ثنايا القصة لا وأعجبتني (الاستقالة) أيضاً وهل يعقل أنك تستقيل والمثقف هو مؤسسة وحده وقطيع وحده وأمة وحده وووووو حتى وأنت وحدك منفرداً فإنك كل ذلك وأكثر
رحم الله بهنس وغفر له ولنا وأسكنه فسيح جناته
تحياتي، محبتي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .............القرار............. (Re: adil amin)
|
صدرت المجموعة القصصية الأولى للكاتب السوداني عادل الأمين بعنوان (حفيف الأجنحة) عن دار سندباد للنشر والتوزيع بالقاهرة يوليو 2013، والغلاف للفنان السوداني سليمان إبراهيم سعيد، وجاء الكتاب في 80 صفحة من القطع المتوسط، وقدم الناشر الكتاب بكلمة نقدية على الغلاف الأخير قائلا: مجموعة قصصية مكثفة تشي بعمق التجربة الإنسانية عند الكاتب في لغة مؤطرة مكثفة وهذا ما تشي به وتؤكده التجربة الإنسانية؛ لقد نجح الكاتب أن يلملم ذاته المتشظية عبر تجاربه الإنسانية والحياتية وصوغها في لوحات قصصية، تشي بها المشاهد البصرية المتجاورة التي تؤكد تلك العلاقة التصادمية بين الصدق الفني والجدية والسخرية المأساوية حين تواجه الذات الراوية واقعنا المعاصر وإشكالياته، تلك الإشكاليات التي تجعل الذات مشتبكة في معارك يومية حياتية؛ لكن يبقى الهدف الأسمى عند رصد التجربة ومواجهة زيف المجتمع والإلحاح الدائم لكشف أستار الحجب حتى نتعرى تماما ـ أمام أنفسنا ـ ساعتها يتحتم علينا أن نتأمل ذاتنا وبكثير من المصداقية. هكذا تشكل وعى الكاتب بالزمان والمكان في رصد هذه التجارب الحياتية في مشاهد بصرية تكشف لنا زيف الواقع الذي نعيشه ليلًا نهارًا، والكاتب ينتمي إلى جيل التحولات الكبرى السياسية والاجتماعية والاقتصادية وشاهد اغتيال أحلامه، ربما كان ذلك دافعا للتمرد، بل السعي إلى تكريس الاغتراب واجترارًا آلامه تمامًا، مثل تحليق الفراشات حول النار. الجدير بالذكر أن الكاتب عادل الأمين مواليد مدينة عطبرة في السودان سنة 1961، تنقل في مدن السودان المختلفة مع والده الذي كان يعمل مدرسًا في وزارة التربية السودانية، وتلقي تعليمه الجامعي في جامعة الخرطوم بكلية العلوم وتخرج منها سنة 1987، ثم عمل في وزارة التربية السودانية معلمًا لمدة ثلاث سنوات، وسافر إلى اليمن للعمل في وزارة التربية اليمنية سنة 1991، وانتقل للعمل في قسم الكيمياء الحيوية في كلية الطب جامعة صنعاء سنة 2002 حيث يعمل بها حتى الآن مديرًا للمعمل، وهو يكتب الرواية والقصة القصيرة والمقال الفكري والسياسي، وقد نشر الكثير من قصصه ومقالاته بشبكة الإنترنت.
*كاتب وروائي مصري
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .............القرار............. (Re: adil amin)
|
Quote: منضدة بها كتبه في فقه السنة وابن تيمية وابن كثير والطبري.. |
Quote: لم يقتنع أبي بان ليس هناك قرن ثور يحمل الأرض |
لعله من نافلة القول الإشارة إلى لذاذة السرد قيمته ...الخ
لكني توقفت عند الجملتين أعلاه أخي وهي مما يقال فيها أنها تنقض بعضها بعضا فتهدم البناء!
...
تحياتي، محبتي واحترامي
| |
|
|
|
|
|
|
Re: .............القرار............. (Re: بله محمد الفاضل)
|
Quote: لعله من نافلة القول الإشارة إلى لذاذة السرد قيمته ...الخ
لكني توقفت عند الجملتين أعلاه أخي وهي مما يقال فيها أنها تنقض بعضها بعضا فتهدم البناء!
...
|
شكرا يا بله على المرور رؤية الاب في بلد القصة هي قائمة على كتب الفقه التي تقول الارض على قرن ثور وحتى كنا نسمع في الاذاعة زمان ذلك رؤية الابن المستنير تنفي هذه الرؤية وتعتمد العلوم الحديثة والبناء السردي للقصة العام هدفه الفرق بين وعي هذا البلد القائم على ابن تيمية ووعي السودانيين القائم على ابن عربي والصوفية وان نظرة بعض العرب للسودانيين الساذجة وهم اعمق منهم... انا امجد السودان والسودانيين واعرف بالسودان وقيم السودان في مجتمعات ثقافيا لا تعرف شيئا عن السودان رغم ملايين السودانيين القاعدين فيها-دول الخليج نموذجا وشكرا لانك بتمر وتعلق
| |
|
|
|
|
|
|
|