|
قصيدة بك أستجير ومن يجير سواك للشاعر السودانى ابراهيم على بديوى
|
بسم الله الرحمن الرحيم في عام 1908 ولد الشيخ الشاعر الإيماني "ابراهيم علي بديوي" في محافظة البحيرة بمصر، وحصل على الدكتوراة من كلية اللغة العربية عام 1935م، ودرّس في المعاهد الدينية، ثم صار رئيس "جمعية الشبان المسلمين"،ودواوينه كلها تفيض بالعاطفة الدينية الفوارة ، هذا وإن الشاعرتفاجأ في عصره بموجة الإلحاد التي قادها بعض المفتونين بثورة العلوم والتكنولوجيا،فكتب قصيدة إيمانية حزينة طويلة، ثم توفي رحمه الله عام 1983م عن عمر يناهز الخامسة والسبعين، وقد تداول هذه القصيدة الخطباء والوعاظ، والكثير من الناس يرددون أبياتها ولا يعرفون أنها لهذا الشاعر العظيم، رحمه الله وغفر له، ورفع الله درجته .
قصيدة الشاعر السوداني: إبراهيم علي بديوي رحمه الله
بك أستجير ومـن يجير سواكـا * * * فأجرْ ضعيفـاً يحتمي بحماكـا إني ضعيف أستعين علـى قِوى * * * ذنبي ومعصيتي ببعـض قِواكـا أذنبت يـا ربي وآذتنـي ذنـوبٌ * * * مالهـا مـن غافـر إلاكــا دنيـاي غرَّتني وعفـوك غرَّنـي * * * ما حيلتـي في هـذه أو ذاكـا يـا مدْرك الأبصار والأبصـار لا * * * تـدري لـه ولكُنْهِـه إدراكـا إنْ لم تكن عيني تـراك فإننـي * * * في كل شيء أستبين عُلاكـا
يـا مُنبِت الأزهـار عاطرةَ الشذا * * * هذا الشذا الفواحُ نفحُ شذاكـا رباه ها أنا ذا خلصت مـن الهوى * * * واستقبل القلب الخليُّ هواكـا وتركـت أُنسي بالحيـاة ولهوهـا * * * ولقيتُ كـلَّ الأنس في نجواكـا ونسيت حبي واعتزلـت أحـبتي * * * ونسيت نفسي خوفَ أنْ أنساكا أنا كنتُ يـا ربي أسير غشـاوة * * * رانتْ علـى قلبـي فضلَّ سناكـا واليوم يـا ربي مسحتُ غشاوتي * * * وبـدأت بالقلب البصيـر أراكـا
يا غـافر الذنب العظيم وقابـلاً * * * للتـوب قلـباً تائـبـاً ناجاكـا يا رب جئتك ثاوياً أبكـي علـى * * * مـا قدمتْـه يـداي لا أتبـاكـى أخشى من العْرض الرهيب عليك يا * * * ربـي وأخشى منـك إذ ألقاكـا يا رب عـدت إلى رحابك تائبـاً * * * مستسلماً مستمسكـاً بعُـراكـا
مـالي ومـا للأغنيـاء وأنـت يـا * * * ربـي الغنيُّ ولا يُحـدُّ غنـاكـا مالي ومـا للأقويـاء وأنـت يـا * * * ربي عظيـم الشـأن مـا أقواكـا إني أويتُ لكل مأوى في الحيـا * * * ة فمـا رأيت أعـزَّ مِـن مأواكـا وتلمستْ نفسي السبيلَ إلى النجا * * * ة فلم تجد منجـى سـوى منجاكـا وبحثت عن سر السعـادة جاهـداً * * * فوجدت هذا السرَّ فـي تقواكـا فليرضَ عني الناسُ أو فليسخطـوا * * * أنا لم أعُد أسعـى لغيـر رضاكـا أدعـوك ياربـي لتغفـرحوبتـي * * * وتعينـني وتمـدّنـي بهـداكـا فاقبلْ دعائـي واستجبْ لرجاوتـي * * * ما خاب يوماً من دعـا ورَجاكـا
يا ربُّ هذا العصر ألحـد عندمـا * * * سخَّرتَ يا ربـي لـه دنيـاكـا ما كان يطلـق للعـلا صاروخَـه * * * حتـى أشـاح بوجهـه وقلاكـا أو مـا درى الإنسـان أن جميع مـا * * * وصلت إليه يـداه مـن نُعماكـا يا أيهـا الإنسـان مهـلاً واتئـد * * * واشكر لربك فضْلَ مـا أولاكـا أفـإن هـداك بعلمـه لعجيبـةٌ * * * تـزورُّ عنـه وينثنـي عِطفاكـا
قـل للطبيب تخطَّفته يـد الـردى * * * يا شافـي الأمراض من أرداكـا ؟ قـل للمريض نجا وعـوفي بعدمـا * * * عجزتْ فنونُ الطب ، من عافاكا ؟ قـل للصحيح يموت لا مـن علـةٍ * * * مَن بالمنايا يا صحيـح دهاكـا ؟ قـل للجنين يعيـش معـزولاً بـلا * * * راع ٍ ومرعى ما الذي يرعاكـا ؟ قـل للوليد بكى وأجهـش بالبكـا * * * عند الولادة ما الـذي أبكاكـا ؟
وإذا تـرى الثعبـان ينفـث سمَّـه * * * فاسأله من ذا بالسموم حشاكـا؟ واسـأله كيـف تعيش يا ثعبـانُ أو * * * تحيا وهذا السـمُّ يمـلأ فاكـا؟ واسـأل بطونَ النحل كيف تقاطرتْ * * * شهداً وقل للشهد مـن حلاكـا؟ بل سـائل اللـبنَ المصفـى كان بيـ * * * ـن دم وفرث مـن الـذي صفاكا؟
وإذا رأيـت الحـيَّ يخرج من ثنايـ* * * ـا ميِّت فاسألـه مـن أحيـاكـا؟ قـل للهواء تحسُّه الأيدي ويخفـى * * * عن عيون الناس مـن أخفاكـا؟ وإذا رأيـت البدر يسـري ناشـراً * * * أنواره فاسألـه مـن أسراكـا؟ وإذا رأيـت النخل مشقوقَ النـوى * * * فاسأله من يا نخل شقَّ نواكـا؟
وإذا رأيـتَ النـارَ شـبّ لهيبُهـا * * * فاسأل لهيبَ النار من أوراكـا؟ وإذا تـرى الجبـل الأشم مناطحـاً * * * قممَ السحاب فسلْه من أرساكا؟ وإذا تـرى صخراً تفجَّـر بالميـاه * * * فسله من بالماء شـقَّ صفاكـا؟ وإذا رأيـتَ النهر بالعـذب الزلال * * * جرى فسله من الـذي أجراكـا؟ وإذا رأيـت البحر بالملح الأُجـاج * * * طغى فسله مـن الـذي أطغاكا؟ وإذا رأيت الليـلَ يغشـى داجيـاً * * * فاسأله من يا ليل حـاك دُجاكا؟ وإذا رأيت الصبـحَ يسفر ضاحيـا * * * فاسأله من يا صبح صاغ ضُحاكا؟
هذي العجائـبُ طالما أخـذَتْ بهـا * * * عينـاك وانفتحـت بهـا أذناكا والله فـي كـل العجائـب مبـدِع * * * إن لم تكن لتـراه فهـو يراكـا يا أيهـا الإنسـان مهـلاً مـالذي * * * بالله جل جـلالـه أغـراكـا؟ فـاسجـد لمـولاك القديـر فإنمـا * * * لابـدَّ يوماً تنتـهـي دنيـاكا وتكـون في يـوم القيامـة ماثـلاً * * * تجزى بما قـد قدمتْـه يداكـا
قصيدة الشاعر السوداني: إبراهيم علي بديوي رحمه الله
|
|
|
|
|
|