|
وما أدراك ما الجالوص ..!! زهير السراج
|
مناظير الثلاثاء 3 سبتمبر، 2013 زهير السراج [email protected] www.facebook.com/zoheir.alsaraj
* لم يزعجنى قرار ولاية الخرطوم بمنع استخدام (الجالوص) فى البناء، فمن الطبيعى ان تبحث الولاية عن متهم تعلق على رقبته الجرس فى حولية الخريف فلم تجد سوى (الجالوص) البرئ، كما انها بالتأكيد تجهل ميزات (الجالوص) فى تشييد المبانى التى تجعل كل العالم يشجع على استخدامه بينما تستعر منه ولاية الخرطوم وهى معذورة، فمن اين لها ان تعرف ذلك مع كيمان أهل الولاء الذين تكتظ بهم مؤسسات الدولة !!
* فالجالوص يا (أهل الولاء) مادة بناء مهمة ويُستعاض بها فى كل العالم عن المواد الخرصانية عالية التكلفة خاصة فى المناطق الحارة، وذلك لخاصيته فى التبريد مما يغنى عن استخدام وسائل مكلفة للتهوية، كما ان المناطق الحجرية لا تحتاج الى تسليح او خرصانة لتشييد (حتى) المبانى متعددة الطوابق، وهو علم قديم جدا يُدرّس فى كليات الهندسة وله علماء مشهورون جدا مثل العالم المصرى الذى حظى بشهرة عالمية فى هذا المجال البروفيسور حسن فتحى (رحمه الله) الذى استنبط طرق بناء اشتهر بها من الطرق التقليدية فى الريف المصرى التى يستخدم فيها (الطوب اللبن) أو (الجالوص)، ولقد شيد قرية سياحية كاملة بكل مرافقها هى قرية (القرنة) بمدينة الأقصر عام 1946 باستخدام (الجالوص) صارت ولا تزال مزار السائحين والدارسين، ومن أقوله المشهورة " ان الله قد خلق فى كل بيئة ما يقاوم مشكلاتها من مواد، وذكاء المعمارى هو فى التعامل مع المواد الموجودة تحت أقدامه لانها المواد التى تقاوم قسوة بيئة المكان". هذا اولا.
* ثانيا، إن اتهام الجالوص بهدم المبانى اتهام جائر، فالذى دمر وهدم هو الحكومة لانها وزعت الخطط الإسكانية خاصة فى سنوات الانقاذ الاولى وسمحت بتشييد المبانى فى مجارى السيول، كما انها المسؤولة الاولى عن عدم مطابقة المبانى للمواصفات الصحيحة لانها هى التى تحدد المواصفات وتعطى تصاريح البناء وتراقب ما صرحت ببنائه سواء كان بـ(جالوص) او بغيره، وإلا فلماذا هذا الجيش الجرار من أهل الولاء والثقة الذى يسيحون فى دواوين الحكومة كل يوم؟!
* بل ان الحكومة نفسها تقوم بتشييد المدارس والمراكز الصحية إلخ، فى مناطق جريان السيول، ومن الطبيعى ان تجرف السيول كل ما يقف فى طريقها او تنحرف الى أقرب منحدر، حسب قانون الطبيعة، وتدمر ما تجده أمامها إذا أمكنها ذلك أو تغرقه، وأشك كثيرا ان الحكومة تعرف ذلك وإلا لما فعلت ذلك .. أليس كذلك ؟!
* حقيقى، لا يزعجنى سلوك الحكومة ( فهى معذورة كما أسلفت، او باللغة التى تعرفها .. مرفوع عنها القلم)، ولكن ما يزعجنى هو لماذا لم يتصد المختصون لهذا القرار الساذج، والى متى يظل المجتمع يعانى من سلبية (أو) ترفع المختصين فى كل مجالات الحياة من طب او علوم او هندسة أو حتى الدين ..إلخ، عن المشاركة فى الهم العام الأمر الذى خلق فراغا كبيرا شغله الجهلاء وأعشار المتعلمين فصار الكل يفتى فى ما لا يفقه فيه وتحولنا الى أمة تسودها الخرافات ويتصدرها أصحاب اللحى المزيفة والصحف الصفراء والفيلل المشيدة من وجع الشعب .. !!
صحيفة (الجريدة) اليومية السياسية www.aljareeda-sd.net/en/day/
|
|
|
|
|
|