|
ميدان الاهلية .. نضال لا ينقطع ..!! د. زهير السراج
|
[email protected] www.facebook.com/zoheir.alsaraj
* توردت خدود ميدان المدرسة الأهلية با مدرمان وعادت اليه الروح أمسية السبت الماضى، حيث احتشد الالاف لحضور الليلة السياسية للحزب الشيوعى السودانى بعد سنوات طويلة من الجفاف والبؤس وسيف القطع المعلق على رقاب الميادين العامة وعلى رأسها ميدان الأهلية ذى التاريخ الطويل فى مقاومة الظلم والظالمين، والذى نجا بفضل الله ومواطنى حى الملازمين وكل الذين ثابروا واجتهدوا فى حمايته .. من مؤامرات الحكومة لاعدامه ..!!
* هذا الميدان العريق الذى اشتراه عدد من رجال الحركة الوطنية وأفاضل أهل السودان فى عام 1927 من حر مالهم وشيدوا فى جانب منه المدرسة الأهلية الوسطى، وجعلوهما معا وقفا لتعليم ابناء الشعب السودانى وغرس روح الوطنية فيهم ومقاومة سياسات الاستعمار البريطانى التى كانت تكرس التعليم لخدمة اهدافه ومراميه.
* محاولات عديدة جرت بواسطة بعض مسؤولى الانقاذ طيلة فترة حكمها لاغتيال ميدان الأهلية وتحويله الى سوق الى موقف مواصلات تارة، أو لكتل خرصانية تارة اخرى يُثرى من ورائها البعض ويتحقق الهدف الأساسى باعدام الميدان التاريخى وعدم استخدامه فى المستقبل كرأس حربة للخلاص من النظام الذى جثم على النفوس طيلة ربع قرن من الزمان وعاث فى الأرض فسادا ودمر مشاريع البلاد الكبرى وحوّل السودان الى دولة فاشلة بائسة تمزقها الحرب الأهلية ويقتلها الجوع والفقر والظمأ .. و(الخير فوق ظهورها محمول) ..!!
* بدأت هذه المحاولات منذ وقت مبكر بعد اغتصاب الانقاذ للسلطة، حيث أُغلق الميدان امام اى نوع من التجمعات بما فيها ممارسة الرياضة، ثم تحويله الى سوق، كما أُغلقت المدرسة الأهلية نفسها فى فترة من الفترات (وحدث نفس الشئ لمدرسة ام دمان الأهلية الثانوية وعدد من المدارس الثانوية الأخرى بالعاصمة والأقاليم) .. وأعطيت مبانيها لاحدى المؤسسات الاخوانية تحت لافتة ممارسة العمل الخيرى الذى اتضح فيما بعد انه ليس سوى مأكلة كغيرها من المآكل، فكان من الطبيعى ان يفلس ويموت ويُدفن بكل فضائحه كما حدث لكثير من المؤسسات الحزبية التى التى مُولت من مال الشعب.
* ثم جرت بعد ذلك، وتحت إشراف هيئة تخطيط العاصمة القومية ووزراة التخطيط العمرانى، محاولة اقتطاع مساحة كبيرة من المدرسة والميدان لتكون جزءا مما أطلق عليه زورا وبهتانا اسم (طريق ام درمان الدائرى) .. ولقد كان من الغريب ان يقام مثل ذلك الطريق وسط احياء سكنية مكتظة بالسكان وتُدمر من أجله آلاف الميادين والحدائق العامة ومساكن المواطنين والمدارس والمستشفيات والاسواق والمنشئات العامة، وعندما إتضح عدم جدوى المشروع فضلا عن المقاومة الشرسة التى أبداها مواطنو المنطقة ماتت المحاولة قبل ان تولد ..!!
* غير ان الانقاذ ظلت مصرة على اغتيال الميدان، فظهرت الى السطح فى عام 2008 فكرة تحويل الميدان الى موقف مواصلات، واجتهد معتمد ام درمان آنذاك لتحويل الفكرة الى واقع حتى يصفق له القادة ويمنحوه الوسام الزائف الذى أطلقوا عليه (وسام الإعجاز والانقاذ) ... ولكن مرة ثالثة أو رابعة وقف مواطنو حى الملازمين وحى الزعيم الأزهرى وحى الشهداء (ألف أحمر) أمام المحاولة، واصطفوا نساءا ورجالا وأطفالا امام البلدوزرات الضخمة عندما جاءت لهدم المدرسة وتسوية الميدان، فلم يجد المعتمد ومن كان يحرضه من وراء ستار حلا الا إلغاء الفكرة تحت ضغط وعزيمة اهل المنطقة واستعدادهم لتقديم ارواحهم رخيصة من أجل استمرار الميدان رمزا للنضال وعنوانا للوطنية والعمل الجليل الذى أسسه رجال مخلصون وطنيون لتحرير وتعليم ابناء السودان.
* واستمرت المحاولات ونجحت إحداها ولكن بشكل محدود وذلك عندما سمحت معتمدية ام درمان لبعض التجار بإقامة معارض سيارات فى جزء من الميدان، وهنا تبدت حكمة أهل الحى واللجنة التى كانت مكلفة بمتابعة موضوع الميدان والمدرسة والاهلية فى عدم الاعتراض على اقامة المعارض باعتبار انها تُشكّل، بصورة أو بأخرى، حماية للميدان من المؤامرات التى لا تتوقف لإعدامه ..!!
* وبالفعل لم تتوقف المحاولات، فقد ظهر فيما بعد من يزعم ملكية الميدان والمدرسة وأظهر مستندات مزورة، ونجح فى تحويل سجل الميدان لاسمه بل تصرف ببيع جزء منه، وكانت خطة المشترى ان يقيم عليه مبان تجارية، وحدث كل ذلك بسرية كاملة .. ولولا تسرب بعض المعلومات عن هذه المؤامرة والتحرك السريع من اللجنة والمواطنين للتأكد منها ثم اجهاضها لضاع الميدان الى الابد، ولكن عناية الله كانت حاضرة فبعد مجهود مضن وجلسات طويلة فى المحاكم مثّل فيها المحامى الكبير المرحوم محمد أحمد بكرى الحق العام، استطاعت اللجنة الحصول على حكم قضائى بإلغاء السجل المزور واعادة السجل القديم مرة اخرى باسم مجلس امناء المدرسة الأهلية.
* وهكذا ظل الميدان حاضرا فى سجل النضال السودانى الذى لا يموت ولا ينقطع، وشهد مؤخرا العرس السياسى الذى أقامه الحزب الشيوعى وشاركت فيه القوى الوطنية، كخطوة أخرى ضمن الخطوات الكثيرة، السابقة واللاحقة، لازاحة نظام الظلم والخراب وتأسيس مجتمع ديمقراطى سليم ودولة قائمة على العدل والمساواة، قريبا ان شاء الله.
|
|
|
|
|
|