|
الطيب م الطيب عن ال########ة الهايصة عبد الله علي إبراهيم
|
لم أكن أتوقع أن النادرة التي وراء العبارة "جبَّانة هايصة" ستشرطني ضحكاً. وكلما تذكرتها منذ قرأتها في كتاب المرحوم الطب محمد الطيب "بيت البكا" (من أعماله الكاملة من منشورات مجلة الخرطوم الجديدة" وأنا أخفي ضحكي في كمي ممن حولي خشية الظنون. ورواها الطيب كالتالي: أحد المكابرين . . . كان يكذب إذا تحدث في كل أمر. ولما داهمه الموت نٌقل رفاته إلى ########ة بالقاهرة. وتقول القصة إنه بعد أن انصرف المشيعون جاء منكر ونكير، ملكا السؤال . . . وايقظاه من موته وسألاه عن اسمه ودينه وربه ورسوله. فقال لهم بلهجة الصعايدة المصريين: "دلوكيت جاني هنا ملكين من أملاك السؤال". فدهش منكر ونكير وقالا له: "لا أحد غيرنا يسأل الموتى". فرد عليهما: "هادا اللي حصل. جوني قبلكم وقت لهم على كل حاجة". فصفعه نكير بآلة حديدية ثقيلة فغطس إلى الأرض السابعة ولما خرج استعد له منكر وقال: "مين الجاك أبلِنا؟" فرد الرجل "الغلط مش عليكم. الغلط على أهلي اللي دفنوني في ########ة هايصة ملهاش ضابط ولا رابط. إسالوا زي ما أنتو عايزين وبلاش دوشة". أنا أحب لغة الصعايدة ومنطقهم جداً. والفيلم المصري الذي لا يشمل الصعايدة لا يستحق مشاهدتي. حكيت مرة لمجمع اكاديمي عن رجلين من الصعايدة ظلا يقدم واحدهما الآخر لركوب قاطرة. وسبقهما القطر إلى الرحيل وهم ما زالا في يتعازمان الركوب.أحدهم: أهو فات الأطر يا عويس. فقال عويس: يفوت الأطر يا حسنين ولا تفوتش الإصول. وشرط الضحك الأكاديميين وبلَّغتهم نقطتي. ربما يرجع ولعي بالصعايدة إلى أفلام باكرة شاهدتها لعبد الرحيم بيه كبير الرحيمية وافر الشنب (محمد التابعي) وابنه السمين السيد بدير. وكانا متعتي من الفيلم ما ظلا في الكادر. بل وجدت الطيب نفسه يحسن السمر بنوادر الصعايدة ويزيد عليها نوادر الرشايدة الذين عرفهم من صداقة ربطت أسرته بأسرة منهم بمقرن عطبرة. وكانت نوادره تجارب شخصية معهم لا قول قائل. يحكيها بطريقته الفذة التي يتحكم فيها بصوته علواً وانخفاضاً. وفيه مشابه في الحكي بابن الدامر الآخر البروفسير عبد الله الطيب الذي يفغر فاه لدي الحكي بصورة آسرة. لا أذكر من نوادره عن الرشايدة حتى تلك التي أمتعتني عن وصفهم لفم البندقية ب "العفن". وكذلك يحب الصديق تاج السر الريح نوادر الرشايدة. وحكى لي عن كيف حوّل الرشايدي بيت الأغنية "البعيد الليهو سنة" ل "البعير الليهو سنام" يطرب له خطأ ويشنف به الآذان. أما نادرة الصعيدي التي أذكرها عن الطيب فهي عن واحد منهم هو أبو حسنين عاش بينهم في مقرن عطبرة. قال ابو حسنين للطيب: -والله يا مقارنة بتحيروني. بتحيروني بالجد كده. الطيب: ليه يا أبو حسنين؟ أبو حسنين: حد ياخد فراخ زي اللوز لسوق عطبرة يبيعها ويشتري بقروشها الهباب ده. . . الطيب: هباب أيه ياعمي؟ أبو حسنين: ما هي النشارة دي يا طيب. الطيب: نشارة أيه واللا أيه! أبو حسنين: الويكه الناشفه بتاعتكو دي. إيه المخ الزنخ دا يا مقارنة. أسال نفسي: هل سيضحك القاريء لنادرة ال########ة الهايصة مثل افتتاني بها. ربما لا. ولكن وجدتها مطابقة لحالي يوم ترشحت للإنتخابات محسناً الظن بزملائي من الكتاب حسبتهم يعنون بالفعل ما يدعون له من تغيير . . . أو يدَّعون. فما ترشحت حتى كان "الغلط عليهم مش على الإنقاذ". فقد دفنوني في ########ة هايصة. إسالوا بقى وبلاش دوشة. .
|
|
|
|
|
|