|
الإظلام الإعلامى : مأزق أشغل أعدائى بأنفسهم ! /فيصل الباقر
|
يبدو أن عبقرية دولة وحكومة الإنقاذ قد وصلت إلى فهم معنى ومغزى القول الشائع " أشغل أعدائى بأنفسهم " ، فقرّرت شغل عدوّها الأوّل والإستراتيجى ( الصحافة ) بنفسها ، وذلك عبر إستخدام تاكتيكات وسيناريوهات وأساليب مُعّدة خصّيصاً وحصريّاً للوصول للغاية المرجوّة ، إذ آثرت مُحاصرة الصحافة والصحفيين من كُل الإتجاهات ، تارة عبر الإيقاف الأمنى المُباشر ، بعد الرقابة القبليّة والبعديّة بما فى ذلك المُصادرة بعد الطبع ، وأُخرى عبر النيابات بقرارات حظر النشر ، ومرّاتٍ أُخر عبر أسلحة التهديد والوعيد من أعلى قمّة الجهاز الرئاسى والتنفيذى، والتلويح بسيوف المحاكم المختصّة سريعة العقوبات والتنفيذ، ومرّات كثيرة عبر القضاء المُنحاز للدولة والمؤتمِر بأمرها ، سواء بعدم البت العاجل فى شكاوى الصحافة ضد قرارات السلطة التنفيذيّة ، أو الحُكم الجائر والمنحاز لمصلحة الحكومة. وبهذا التكتيك ، تسعى الحكومة لأن تكون الصحافة ويكون الصحفيون والصحفيات فى حالة ( إنشغال – تام - بأنفسهم ) ، فيكرّسون جُلّ وقتهم وجهدهم وأحبارهم للكتابة عن ظلم الحكومة لهم ، وبهذه الكتابة ، تخصم الصحافة من رصيد الكتابة فى نشر مظالم الناس ، وبخاصّة ما يقع فى دارفور والنيل الأزرق وجنوب كردفان ، حيث تقصف طائرات الحكومة مواطنيها الأبرياء هناك، دون رحمة ، بعيداً عن أعيُن الصحافة والصحفيين ، ودون ان تجد الصحافة - وقتاً - للكتابة بتركيز عن مايدور هناك من قتل وتشريد وإنتهاكات حقوق إنسان جسيمة ، تقوم بها قوّات الحكومة ، بالأصالة ، أو بالوكالة ، عبر مليشيات ترعاها الحكومة وجهاز امنها وتنفق عليها ، من المال العام ، خصماً على ميزانيات التعليم والصحة والتنمية المتوازية فى تلك الأصقاع المنسيّة . ولكى لا نقع فى مطبّات وفخاج المُساهمة فى إنجاح سياسة الحكومة فى فرض ( الإظلام الإعلامى ) ، فى قضايا بعينها ، سنظل نكتب بكل ما أوتينا من قُوّة ،عن إنتهاكات حقوق الإنسان فى كُل بقاع السودان، بما فى ذلك قضايا الفساد فى المركز والاقاليم، وقضايا عُنف الدولة ومؤسساتها القمعيّة ومليشياتها ،وقضايا العنف ضد النساء ، ومحاولات إقصائهن من المشهد العام ، وسنظل نطالب بتمكين المرأة ، و بتحقيق العدالة والإنصاف وجبر الضرر للمظلومين كافّةً ، دون أن نقض الطرف - حتماً - عن مُحاولات وتاكتيكات قمع الحكومة للصحافة ، وندعو زملاءنا وزميلاتنا الصحفيين والصحفيات إلى مواصلة الكتابة عن المظالم الأخرى فى كل الجبهات ، بما فى ذلك جبهة الإعتداء على حرية الصحافة والتعبير والنشر، وفى ذات الوقت التركيز على الكتابة عن أوجاع وآلام الناس فى طول وعرض البلاد فى ( السودان الفضل ) ، لأنّ التقصير فى نشر ما يدور من فظائع وإنتهاكات جسيمة فى البلاد بأكملها ، وبخاصّة مناطق النزاع المُسلّح ، ومناطق الأزمة المنسيّة ( شرق السودان ) أمر جلل ، يجب تداركه ، والإنتباه لآثاره الخطيرة و المُدمّرة ، فهناك تُرتكب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانيّة، والواجب المهنى والأخلاقى ، يُحتّم أن لا تصمت عنها الصحافة ، مهما كانت الأسباب والمُبرّرات ، فتقصير الصحافة المهنيّة والحُرّة والمُستقلّة فى هذا الواجب - بالذات- لن يغفره لها التاريخ ، كون الصحافة مفروض عليها هذا القمع والتنكيل الرهيب، فحياة الصحافة ، ونمائها و إستقرارها، من حياة الناس وإستقرارهم ونمائهم ، وكرامتها من كرامة الناس أجمعين .. فلتنتبه ، لذلك ، كُل الأقلام الشريفة والنزيهة ، التى تربط مصيرها المهنى ، بمصير الإنسان – أينما كان – و بحقّه فى الحياة والنمو والتطور والسلام والعدل والإنصاف....تُرى هل تنتبه صحافتنا المهنيّة – بحق - لهذا المازق الخطير، أم ستسقط فى إمتحان الأولويّات ؟.
|
|
|
|
|
|