|
|
 مآلات الإنفصال هل تعيد وحــدة السودان من جديد؟
|
مآلات الإنفصال هل تعيد وحــدة السودان من جديد؟
بقلم: السر جميل
عندما أجري استفتاء تَقرير المصير في 9 يناير 2011 والتى جاءت لصالح الانفصال بنسبة 98.83%، لم يكن مستبعداً إنفصال الجنوب بعدما قدم النظام في الخرطوم هذا الخيار للجنوبيين على طبق من ذهب، ولكن كانت النتيجة مخيبة لقطاعات واسعة من سكان الشمال الذين يودون وحــدة البلاد مهما كان الأسباب الداعية لإنفصال أجزائها، ومع إدراكهم صعوبة تحقيق هذا التوزان في تلبية جميع تطلعات وآمال السودانيين في التنمية المتوازنة وعدالة تقسيم السلطة والثروة إلا إن هذا لم يكن مستحيلاً.
والمحزن قد افضى هذا الاستفتاء إلى إنفصال الجنوب عن الشمال واصبح جنوب السودان دولة مستقلة في 9 يوليو 2011، وكانت فرحــة الجنوبيين غامرة ولها ما يبررها بهذا الإستقلال أو يسمونه بالإنعتاق من عبودية الشماليين ومن المعاملة كمواطنين درجة ثانية والنظرة الدونية إليهم في المجتمع الرافض لإنصهارهم فيه بالزواج أو التداخل الأسري بسبب الدين والعرق، ربما هذه الأسباب وغيرها واقعية وبررت هذه النسبة الكبيرة لصالح الإنفصال، ولكن لا يمكن تعميمها على كل السودانيين في الشمال.
صحيح كان هناك تمييز بسبب الإنتماء القبلي والديني كان سببه الرئيسي هو النظام الحاكم ولم يستثني حتي الشماليين من هذا التمييز حتي بسبب الإنتماء المذهبي، ونعت هذا النظام الشعب السوداني بأسوء العبارات وأقبح الألفاظ في السر والعلن، بل كان سياساته مبنية على التمييز وأقصاء الأخر والتهميش، ولم يكن للجنوبيين وحدهم هم الذين أكتوي بنيران هذه السياسة، ولكن إضافة لهم ذاكرة التاريخ الرق والإستعباد في زمن أيضاً ليس للشماليين الحالين فيه ناقة ولا جمل، وأصبح المواطنين هنا وهناك ضحايا سياسات وأسري للتاريخ.
كما لايمكن الحكم على أفراد أمثال الطيب مصطفي ومنبر السلام "الظالم" عندما كانت هتافاتهم مع مجموعة من شماسه الفن الهابط يجبون شوراع العاصمة ويجلجل صوتهم فى السماء فرحاً بإنفصال الجنوب، وهي أم الخطايا والجريمة التى لا تغتفر لهذا المدعو الطيب وأتباعه، وربما هو ينظم تلك الأفراح بالوكالة عن النظام، وهي بلا شك كانت آخر رسالة تؤكد للجنوبيين إنهم ليسوا كانوا مهمشين فحسب وإنما كانوا حملاً ثقيلاً على الطيب مصطفي والنظام حتي يطبق شرع الله او كما قال البشير.
الآمال الكبيرة التي كانت معقودة على إستقلال الجنوب بالنهوض بإنسان هذا البلد وإنهاء حقبة من الصراعات المترسخة مع الشمال، والتمتع بالحرية والأمن والإستقرار والحصول على عمل لائق ومنتظم كابسط حقوق المواطنة ولكن كلها ظلت آماني لا تتعدي حبرها المكتوب بها، وعلى جانب النظام في الخرطوم وبعد التخلص من الجنوبيين وعد البشير الشماليين بمرحلة جديدة من التغيير والحكم الإسلامي والرخاء والأمن والإستقرار، ولكن واقع الحال يشير بمعكوس الكلمات، لا تسأل عن الأسعار أو الإستقرار أو عدالة الحكم !!!
وبعيداً عن الصراع القبلي الدائر الآن في الجنوب يعيش الشعب السوداني بعد الإنفصال في شطري هاتين الدولتين معيشة ضنكا في ظل أرتفاع جنوني للأسعار لم يشهد له مثيل، بالإضافة إلي عدم الإستقرار السياسي في الدولتين إنشقاقات في حزب البشير وأخري في حزب سلفاكير كادت أن تفضي بتغير نظامها المتهالك إقتصدياً، بالإضافة إلي التوترات العسكرية على الحدود وقضية أبيي وأتساع نطاق الحرب الأهلية وظهور ميلاد الجبهة الثورة، مما ينذر بمستقبل مظلم للشعب السوداني الذي لم يهنأ بالإستقلال الحقيقي حتي الآن فكيف ينعم به وهو تحت التمزيق والحروب الأهلية والقبلية ؟
إن حوجة الشمال للجنوب مثل حاجة الطفل الرضيع لأمــه والعكس صحيح، لذا نرجو من الشعب السوداني وليس من حكامه وقادته ، إعادة التفكير في الوحدة الشعبية رغم أنوف الأنظمة الحاكمة وقادة الحروب المتصارعة، فليكن السودان لنا جميعاً شعب واحد وطن واحد وليذهب دعاة الإنفصال والتمييز العنصري إلي مزابل التاريخ أو الحجيم حتي .
|
|
 
|
|
|
|
السر جميل
فيس بوك
تويتر
انستقرام
يوتيوب
بنتيريست